18 - 10 - 2017, 09:51 AM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
مار إسحــــق من قول مار إسحق: مثلُ المصوِّر الذي يصوِّر الماءَ في الحائطِ، ولا يقدرُ ذلك الماءُ المرسوم أن يبرِّد عطشَه، وكمثلِ المرءِ الذي ينظرُ الأحلامَ، كذلك الإنسانُ الذي يتكلمُ من غيرِ عملٍ. أما الذي من اختباراتهِ يتكلمُ عن الفضائلِ فيكون مثل ذلك الذي من بضاعةِ تجارتهِ يُلقي كلمتَه لسامعيه، ومن الشيءِ الذي اقتناه في نفسِه يزرعُ التعليمَ في آذانِ السامعين، ويفتحُ فَمَه بدالةٍ مع بنيه الروحانيين. وذلك كموقفِ يعقوب الشيخ مع يوسف العفيف إذ قال له: هو ذا قد أعطيتُك نصيباً فاضلاً عن إخوتك وهو ما اكتسبتُه من الأموريين بسيفي وقوسي. كلُّ إنسانٍ تدبيرُه رديءٌ، حياةُ هذا العالمِ عنده شهيةٌ. ويَلي ذلك قليلُ المعرفةِ. حقاً لقد قيل إن مخافةَ الموتِ ترُعب الرجلَ الناقصَ، أما الذي له في نفسِه شهادةٌ صالحةٌ فإنه يشتهي الموتَ كالحياةِ. لا يُعتبر عندك حكيماً ذاك الذي من أجلِ حياةِ هذا العالمِ يستعبدُه فكرُه للأرضيات. كلُّ الملذاتِ والشرور التي تعرضُ للجسدِ لتكن عندك شبهَ الأحلامِ، لأنه ليس بموتِ الجسدِ فقط تنحلُّ منها بل كثيراً ما يمكنك رفضها والهروب منها قبل الموتِ. فإن كان لك منها شيءٌ مشتركٌ في نفسِك فاعلم أنه مكنوزٌ لك إلى الأبدِ. لأنها تذهبُ معك إلى العالمِ العتيد. فإن كان ما اكتنزتَه من الطالحاتِ الرديئاتِ فاحزن وتنهد واطلب الابتعادَ عنها ما دمتَ في الجسدِ. ليكن معلوماً عندك أن كلَّ خيرٍ لن يكونَ مقبولاً إلا إذا عُمل في الخفاءِ. بالحقيقةِ إن المعموديةَ والإيمانَ هما أساسُ كلِّ خيرٍ، فبهما دُعيتَ ليسوعَ المسيحِ بالأعمالِ الصالحةِ. شُكر الذي يأخذُ يحرِّكُ الذي يعطي إلى بذلِ العطايا التي هي أعظمُ من الأوائل. مَن لا يشكرُ على القليلِ فهو كاذبٌ وظالمٌ إن قال إنه يشكرُ على الكثيرِ. المريضُ الذي يعترفُ بمرضِهِ شفاؤه هين. كذلك الذي يُقرُّ بأوجاعِه فهو قريبٌ من البَرْءِ. أما القلبُ القاسي فتكثُر أوجاعُه. والمريضُ الذي يُخالفُ الطبيبَ يَزيدُ عذابُه. ليست خطيةٌ بلا مغفرةٍ إلا التي بلا توبة. وليست موهبةٌ بلا نموٍ وازديادٍ إلا التي ينقصها الشكرُ. الجاهلُ جزاؤه دائماً في عينيه صغيرٌ. تذكَّر الذين هم أعلى منك في الصلاحِ كي ما تَحسب نفسَك ناقصاً بالنسبةِ لهم. تأمَّل دائماً في البلايا الصعبةِ وفي الذين هم في شدةٍ ومذلَّةٍ، وبهذا التأمُّل يمكنك أن تقدمَ الشكرَ إزاء البلايا الصغيرةِ التي تنتابُك، وحينئذ تستطيع أن تصبرَ عليها بفرحٍ. في الوقتِ الذي تكون مغلوباً مقهوراً وفي مللٍ وكسلٍ، وقد قيَّدك عدوك بسماجةِ فعلِ الخطيةِ، اذكر الأوقات القديمة التي فيها تنشطَّت، وكيف كنتَ مهتماً حتى بصغائرِ الأمورِ، وكيف كنتَ تتحرك بالغيرةِ على الذين يعوِّقون مصيرَك. وتنهَّد على أقلِ شيءٍ فاتك من عملِ الفضائلِ. وكذلك اذكر كيف كنتَ تحظى بإكليلِ الغلبةِ على الأعداءِ. فبمثل هذه التذكارات تتيقَّظ نفسُك كمثلِ مَن في نومٍ عميقٍ وتلبس حرارةَ الغيرةِ. وكمثل مَن في الموتِ تقومُ النفسُ من سقطتِها وتصلب ذاتَها كي تعودَ إلى طقسِها الأول بالجهادِ الحارِ قبالةِ الشيطانِ والخطيةِ. اذكر كيف سقطَ الأقوياءُ لكي ما تتَّضع بصلاحِك. اذكر عِظمَ خطايا القدماءِ الذين سقطوا ثم تابوا ومقدار الشرف والكرامة اللذين نالوهما من التوبةِ بعد ذلك لكي ما تتعزى في توبتِك. كن مضيِّقاً على نفسِك ومحزناً لها لكي ما يُطرد العدو من أمامِك. اصطلح أنت مع نفسِك فتصطلح معك السماءُ والأرضُ. يتبع |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بستان الرهبان كامل مسموع |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
تحميل كتاب بستان الرهبان كامل مسموع |
كتاب بستان الرهبان لبيلاديوس |
كتاب بستان الرهبان |