تتوالى الاجيال والانسان يبحث عن الحرية الحقيقية ويتوق الى امتلاكها ويتفق الجميع على انه لا يمكن ان يكون للحياة طعم بدونها.
والبعض يرى ان الحرية تتحقق عن طريق المال فاذا كنت ذا ثروة تمكنت من ان تفعل ما تريد وتمتع نفسك، وفضل الاخرون العلم واعتقدوا انه عن طريقه يمكن لصاحبه ان يتحدث بحرية، والبعض الاخر يركض وراء الشهوة وكأنها الحرية.
وما زال الانسان بعد آلاف السنين يجرب امورا متنوعة عله يجد ضالته المنشودة فيهدأ عند ينابع الحرية الا ان الاقتناع المشترك لدى الجميع ان الحرية ما زالت حلما وطموحا يتمناها كل انسان.
ما هي الحرية اذا؟
هل الحرية ان تفعل ما تشاء وتتكلم بما تريد وتفكر بما تهوى دون قيود او حدود؟
ام الحرية ان تكون مستقلا عن الاخرين غير ملتزم بشيء؟
وهل تتحقق بطرح عرض الحائط كل ما ورثناه عن اباءنا وعدم الالتزام بأي مبدأ او فكرة؟
وهل الحرية تعني الابتعاد عن كل من وما لا يعجبني والتقوقع في عالمي الخاص وان لا اسمح لآخر بالتدخل بأموري الخاصة؟
وهل تعني ان يجرب الفرد اي شيء فيجرب التدخين ومالخدرات مثلا ليعرف اضرارها بنفسه؟
الطبيعة تعلم:
للاجابة على هذه التساؤلات نأخذ امثلة حية من الطبيعة حولنا. فالطبيعة افضل معلم.
لو ان ملايين النجوم والكواكب سارت بشكل عشوائي او ان الشمس والقمر تنقلا كما يحلو لكل منهما دون اي نظام محدد او نواميس طبيعية وضعها الخالق، لكانت النتيجة حطام وكوارث لا نهاية لها وفي النهاية فناء هذا الكون. ولو لم يسر النهر الجميل في مساره المحدد له، لما بقي نهرا بل تبعثرت مياهه وتلاشى وجوده واختفت هويته.
ولو ان السيارات والطائرات والسفن سارت كما يحلو لها ولم تسر في مسار معين او نحو هدف مقصود، الجواب واضح طبعا. ولو اعطي الاولاد حرية الاختيار في ان يذهبوا الى المدارس ام لا او في ان يسمعوا لوالديهم ام لا لنتجت فوضى عارمة. اي مجتمع ينتج لو ان كل فرد عمل ما يحلو له فهل تكون هذه حرية.
نستنبط مما سبق ذكره ان فعل الانسان لما يحلو له دون قيود او حدود هو ليس حرية بل فوضى لان للحرية الحقيقية مسارا ولها حدود وقيود ونواميس طبيعية لا يمكننا تجاهلها لذلك ذكر الانجيل التعبير "ناموس الحرية".
فمن يتكلم ويفعل ويفكر بما يحلو له ليس حرا، ومن يعيش مستقلا ومنفصلا عن الاخرين ليس حرا ومن يسمح لاولاده بان يتصرفوا على هواهم لا يفهم معنى الحرية ومن يتجاهل رأي الاخرين ولا يبالي بأصول الفضائل الروحية والاجتماعية الصحيحة لن يتذوق طعم الحرية..
من جهة اخرى يمكن ان تتحقق الحرية ويمكن ان لا تبقى حلما واشواقا بل واقعا وحقيقة....