منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 27 - 04 - 2017, 06:05 PM
الصورة الرمزية walaa farouk
 
walaa farouk Female
..::| الإدارة العامة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  walaa farouk غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122664
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 367,741

واقعية الحياة الجديدة وخبرة التواجد في حضرة الله

كل من يعرف نفسه في أصل طبيعة جوهرها، فأنه تلقائياً بلا هوادة يشتاق أن يعود لهذا الأصل، ويدخل في معرفة خالقة التي كانت غائبة عنه تماماً، لأن كل معرفتنا بالله معرفة انفصاليه، هو في السماء ونحن على الأرض، فمعرفتنا به لا تتعدى ما سمعناه من خلال تربيتنا من أبوينا أو أسرتنا، أو قرأناه في الكتب سواء المقدسة أو الكتب الروحية أو سمعناه في عظات جعلنا ندخل في حالة من التخمة من كثرة التعريفات والمصطلحات الكثيرة، بعضها معقد وبعضها بسيط، حتى أن عقلنا أُصيب بسمنة مفرطة، ولكننا في هذا كله لم نختبر ولم نتذوق حلاوة الوجود في الحضرة الإلهية، فلم نسمعه ولم نراه ولم تلمسه أيدينا من جهة كلمة الحياة الخارجة من فمه لتمس حياتنا لمسة قوية ذات سلطان تُقيمنا من قبور جمود قلبنا من نحوه وتفك القيود التي تمنعنا عنه، ويرفع ذلك الثقل الذي يشدنا لأسفل نازعاً عنا كل ما يجعلنا نجلس في التراب ونهتم بالفانيات.

ففي واقع إعلان الحق في الكتاب المقدس، نجد تعريف بسيط للإنسان هو: إنسان الحضرة الإلهية، وهذا المُصطلح ليس تعريف فكري فلسفي مُستنتج، أو مجرد مصطلح تعبيري ليجذب الناس لتقرأ الموضوع، أو لكي يتوهموا أن لهم مكانة خاصة عند الله بكثرة ترداد هذا التعبير لكي يتصور في فكرهم ويخط في خيالهم فينشأ عندهم إحساس نفسي بأن حياتهم خاصه بالله، بل هو – في الحقيقة والواقع – تعريف يُعبِّر عن وضع الإنسان الطبيعي حسب قصد الله وتدبير مشيئته منذ الخلق، وهذا هو محور حديث الإصحاحات الأولى من سفر التكوين.

فالإنسان في بداية وجوده أول ما عاين ورأى هو إشراق وجه نور الله الحي الذي لم يعرف غيره في ذلك الوقت قبل السقوط، لأن الله خلق الإنسان على صورته في محضره الخاص، فأول انفتاح للإنسان – كطفل بسيط في طبيعته – كان على المجد الإلهي الفائق وعظمة نور وجهه المُريح للنفس، لأن أول منظر وأول مشاهدة للإنسان انفتحت عينه عليه هو الله نفسه وبشخصه، فصار لهُ النور والحياة والراحة الحقيقية التي لا يعرف غيرها على وجه الإطلاق.

وعلينا أن ننتبه ونلاحظ: أن هذا كله حدث وتم قبل أن يُعطى أي وصية للإنسان، وقبل أن يتعرَّف على الخليقة من حوله أو حتى يتعامل معها من الأساس، لذلك حياة الإنسان الطبيعية هي في الجو الإلهي الخاص، أي في حضرة الله ومعيته والتطلُّع والنظر لنور وجهه، وخارج هذه الحضرة الإلهية، وبعيداً عن هذه الرؤية والمُشاهدة، يظل الإنسان في قلق واضطراب عظيم جداً وعدم راحة أو سلام، مثل طفل تائه فقد حضن أمه ولم يعد يراها أمام عينيه، لأنه خرج خارج مكانه الطبيعي وابتعد عن موضع أمانه وراحته، أي أنه خرج من الحضن الدافئ المُريح، خرج من موضعه الشخصي ووضعه الطبيعي، خرج من بيته الذي هو منزله الخاص، لأن من المستحيل أن يرتاح المثيل إلا على مثيله، والإنسان في الأصل هو صورة الله ومثاله قبل أي شيء وحتى قبل الوصية المعطاة لهُ لتحفظ حياته على وضعه الأول، وبعد السقوط ضاع المثال وتشوهت الصورة وتغير الوضع واختلف تمام الاختلاف، إذ قد تغرَّب تائهاً بعيداً عن مكانه الطبيعي وجوه الخاص، وصار في جو آخر غريب عنه كُلياً، أي أنه هبط من مستوى المجد الرفيع وغاب عنه نور الحياة الحقيقي ودخل في حالة الظلمة وعدم الراحة، لأن الله – في الأساس – لم يخلق ظلمة ولا شرّ أو فساد أو حتى سمح للإنسان أن يُخطئ أو يخرج من حضرته، بل الإنسان هو الذي اختار – مخدوعاً – ما هو ضد الوصية المُعطاة له لتحفظه من الفساد، ولكن بالرغم من هذا التدني المُريع، ظلت هناك ملامح من تلك الصورة مدفونة عميقاً في الإنسان مع وجود أنين اشتياق دائم مُلح إلحاحاً للعودة لبيته ومكانه الطبيعي، لأن الملامح الإلهية المزروعة فيه لم تضيع نهائياً، لذلك يظل الإنسان على مدى حياته كلها، يفتش تلقائياً بلهفة عن الراحة المفقودة التي في الله مقرّ سكناه ومصدر حياته ووجوده، لذلك يظل هناك حنين قوي ذات سلطان على النفس، مع وجود شوق وطوق عظيم للغاية إلى الحضرة الإلهية، وهذا يُعَبَّر عنه بالعطش الحقيقي إلى الله الحي.
+ عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي، متى أجيء وأتراءى قدام الله؛ يا الله إلهي أنت، إليك أُبكر، عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء. (مزمور 42: 2؛ 63: 1)
فكل من يدرك هذه الحقيقة الغائبة عن كثيرين، يعلم يقيناً أن المسيح الرب أتى في ملء الزمان كالتدبير، لا لكي يجعلنا نعيش بمجرد حالة من الأخلاق السامية والتربية الرفيعة، أو يجعلنا نقوم بقليل أو كثير من الأعمال الصالحة أو ليحصرنا في شكل واجب طقسي حينما نمارسه نرتاح لأننا نعلم أنه راضي عنا بسبب ممارستنا.

يا إخوتي انتبهوا جداً، لأن كل ما نظنه أنه يرضي الله تعمله كافة الشعوب وتمارسه في ديانتها، الرب لم يأتي لأجل هذا قط، بل ليدخلنا فيه لحضن الآب، لأنه أتى ليُصحح وضعنا، لأن وضعنا خاطئ بسبب السقوط والعزلة التي حدثت بيننا وبين الله الحي، وفقدنا وأعوزنا مجده الخاص الذي كان كاسياً لطبعنا الإنساني، فهو أتى ليغيرنا فعلاً ويجدد طبعنا البالي، ليُعيدنا للحضرة الإلهية ويكون هو الضامن بنفسه بحيث أن أي ضعف إنساني لا يكون عائقاً ليفصلنا عن الله مرة أخرى أو يجعلنا نخرج من حضرته، لذلك أعطانا ذاته زياً خاصاً نرتديه لندخل باستحقاقه هو للحضرة الإلهية لا باستحقاقات فينا ولا حتى بسبب أي عمل عملناه أو نعمله، لكن بسبب بره هو وحده، لذلك كل من يتمسك به في قلبه لن يخزى قط لأن به صار لنا قدوماً إلى الآب إذ حق لنا أن ندخل للأقداس العليا بدمه الطاهر وحده.
ومن هنا فقط نستطيع أن نُدرك معنى الصلاة الحقيقية التي فيها نشعر برضا الله وسلامه الفائق ونمتلئ من كل بركة إلهية، لأن الصلاة الحقيقية ليست تمتمة بعض الكلمات الجميلة والرومانسية أو شوية طلبات روحية ولا حتى جسدية، بل هي دخول للحضرة الإلهية ورؤية وجه النور، لأن الكتاب المقدس وضع أمام أعيننا شكل الصلاة وطبيعة عملها لأنه مكتوب:
+ يا راعي إسرائيل اصغِ، يا قائد يوسف كالضأن يا جالساً على الكروبيم أشرق؛ نظروا إليه واستناروا ووجوههم لم تخجل؛ أما أنا فبالبر انظر وجهك أشبع إذا استيقظت بشبهك؛ من طول الأيام أُشبعه وأُريه خلاصي. (مزمور 80: 1؛ 34: 5؛ 17: 15؛ 91: 16)
فنحن في الصلاة ننظر وجه يسوع: لأن الله الذي قال ان يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح (2كورثوس 4: 6)، وحينما ننظر لوجهة المُنير نستنير بفعل إضاءة نوره علينا: الرب هو الله وقد أنار لنا؛ من صهيون كمال الجمال الله أشرق؛ نور أشرق في الظلمة للمستقيمين هو حنان ورحيم وصديق (مزمور 118: 27؛ 50: 2؛ 112: 4)

ومن هذا الوعي، ومعرفة حقيقية الصلاة نستطيع أن ندخل للحضرة الإلهية ونستمتع براحته الخاصة فيغمر سلامه قلبنا ويقوى إيماننا ونحيا في طمأنينة ولا نرتاع أو نخاف من شيء لأن الله معنا، لا كلاماً إنما حالة نراها بالإيمان الحي، لأننا نلنا منه لمسات شفاء حقيقية ونحن نحيا في حضوره الخاص مستترين بزي إنسان جديد يتغير كل يوم حسب صورة خالقه، وكلمته صارت هي حياتنا الخاصة لأنها تحمل حياته هو، وحينما ندخل إليها قارعين بابها الرفيع تسكب في قلبنا ناره الخاصة وتغيرنا إليه وتشفي علة قلبنا الخفي.
هذه هي حياتنا الحقيقية في المسيح، وهذه هي الخبرة الحقيقية التي ينبغي أن نحياها فعلياً، فلنطلب ملكوت الله وبره أولاً وقبل كل شيء حتى ندخل في تلك الراحة في شركة القديسين في النور فنفرح ونبتهج ونتغنى كل يوم لأنه صار لنا عيداً لأن الله معنا وفينا ونحن مستترين في حضنه الخاص بطريقة نتعجب لها لكننا لا نستطيع أن نفحص أبعادها ونشرحها كما هي لأنها للخبرة وليست للكلام.
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يعد الله داود وكل التائبين بأن يعلمه طريق الحياة معه حتى يسلك في الحياة الجديدة
المكافأة الممنوحة لهم فهي التواجد في حضرة الله وحلوله فوقهم
القديسة يهوديت وخبرة الحياة السماوية
أرض اللاهوت وفلاحة الله – واقعية الحياة المسيحية
ما بين الفكر المقنع وخبرة الحياة وإفراز المحبة وبرهان الروح والقوة


الساعة الآن 08:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024