لكن، يا أبي، أنت تتكلم عن الصلاة وعن الصلاة وحدها. حدّثني عن الصالحات الأخرى المعمولة باسم المسيح.
أجل، بإمكانك أن تحصّل نعمة الروح القدس من خلال أعمال صالحة أخرى... الصوم... الإحسان... ولكن ليس معنى الحياة أن نستزيد من عدد الصالحات بل أن نجني منها أعظم النفع، أعني المواهب الفضلى للروح القدس. وأنت عليك أن تكون موزّعاً لهذه النعمة... فإن بركات النعمة الإلهية تزداد في من يوزّعها...
إنك لا تكفّ يا أبي عن ترداد أن نعمة الروح القدس هي غاية الحياة المسيحية. ولكن كيف وأين يمكنني أن أعاين مثل هذه النعمة؟ الأعمال الصالحة منظورة ولكن هل يمكن للروح القدس أن يكون منظوراً؟ كيف يمكنني أن أعرف ما إذا كان فيّ أم لا؟
في أيامنا، وبسبب فتور إيماننا ونقص اهتمامنا بتدخل الله في حياتنا، نجدنا غرباء بالكلية عن الحياة في المسيح... في الكتاب المقدس مقاطع كثيرة عن ظهور الله للناس. البعض اليوم يقول إن هذه مقاطع غير مفهومة. مردّ عدم الفهم هنا هو فقدان البساطة التي تمتّع بها المسيحيون الأوائل... إبراهيم ويعقوب عاينا الله وتحدّثا إليه، ويعقوب صارعه، وموسى تفرّس فيه، وكذلك الشعب كله، في عمود الغمام الذي لم يكن غير نعمة الروح القدس هادياً شعب إسرائيل في البرّية... لم يكن هذا حلماً ولا غيبوبة ولا في الخيال بل في الواقع والحق. ولكن لأننا صرنا لا مبالين بشأن خلاصنا، لم نعد ندرك معنى كلمات الله كما ينبغي. لم نعد نلتمس النعمة، ويحول كبرياؤنا دون تجذّر النعمة في نفوسنا. ولم يعد لنا نور السيّد الذي يهبه للذين يتوقون إليه بحميّة وجوع وعطش...