الشباب ..والكنيسة

[walaa farouk]

لماذا يغضب الشباب من الكنيسة ......
حين يغضب الشباب من الكنيسة يكون غضبه هذا دليل محبته للكنيسة وثقته بها وتوقعاته الكبيرة منها، في مجتمع تهتز فيه القيم كل يوم وتتلاشى الثوابت يتطلع الشباب الي الكنيسة ليجد القيم الإنجيلية الأصيلة والثوابت الروحية الراسخة، ليطمئن قلبه وتمتلئ نفسه بالرجاء وحياته بالسلام وعقله بالتحدي الروحي الجميل.

حين تمتلئ النفوس في العالم بالأنانية والانحسار في المصالح الشخصية، يتطلع الشباب إلي الكنيسة ليجد المحبة العميقة الحقيقية والأصيلة، يرتوي منها حتي الشبع الكياني الكامل، ليخرج من الكنيسة كل مرة يأتي إليها وقد صار هو نفسه ينبوع محبة متدفقاً لكل انسان، وهذا ما تؤكد عليه الكنيسة الحكيمة في كل مرة تودعنا خارج أسوارها قائلة:

"محبة الله الآب ... تكون معكم؛ إمضوا بسلام."

حين تمتلئ الأيام بالعنف والانتقام يتطلع الشباب إلي الكنيسة ليستريح في أبوتها ووداعتها وطول أناتها ويتخلص من شحنات القسوة التي يبثها العالم حوله كل يوم ليخرج منها جديداً هادئاً مستريحاً بل وقادراً علي الكرازة بالسلام والمحبة.

حين يعقد العالم جلسات المحاكمة والعقوبة والمحاسبة علي الكلمة والفعل والتصرف، يتطلع الشباب إلي الكنيسة بل ويسرع إليها كأمٍ حقيقية ترشد وتوجه وتُعَلِّم قبل أن توبخ وتؤدب في حنو ولطف وصلاح، لذلك ألزمت الكنيسة كل خادم فيها أن يكون "حَلِيمًا، غَيْرَ مُخَاصِمٍ" (١ تي ٣:٣) ووصيتها لنا جميعاً " أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ" (١ تس ١٤:٥).

حين يواجه الشباب في العالم الانقسام والتحزب ومحاباة الوجوه يسرع إلي الكنيسة، أمه "الواحدة المقدسة" ليشعر بغلاوته وقيمته ويختبر وحدة فكرها الذي للمسيح في فرح وقبول واتساع "افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ" (1 تس 16:5-18).

حين يتعب الشباب من قسوة السلطة والتسلط وسيادة قانون القوة يهرع إلي الكنيسة التي تستقبله منحنية تغسل أقدامه وتمسحها بالمنشفة التي تتزر بها (يو ٥:١٣) فيطمئن؛ حتي يهوذا نفسه، يطمئن أن يسلمها ليس فقط قدميه بل ويديه أيضاً ورأسه (يو ٩:١٣) لينقض عنه تراب العالم، ليخرج نقياً مستريحاً قادراً علي مواصلة السير.

حين يأتي الشباب إلي الكنيسة ولا يجد ذلك كله يغضب لأنه يعلم أنه لن يجده أبداً في أي مكان آخر!

أحبائي الشباب النقي والطاهر والغالي، غضبكم غالي علينا جداً ورضاكم وفرحكم يشغلنا جداً، فأنتم رصيد الكنيسة في القداسة والروحانية والكرازة بالإنجيل .

هل عرفتم يا إخوتي لماذا يغضب الشباب؟!