عجائب القديسين كيروس ويوحنا(1)
1- المعجزة التي تمت لإيسيذوروس الذي كان يعاني من مرض بالرئة
سنروي عن إيسيذوروس ومرضه وشفائه العجيب منه . كان إيسيذوروس من بلدة بالإسكندرية , حيث أقام فيها عندما كانت جزيرة فارو . وكان إيسيذوروس في حالة سيئة ، إذ أن رئتيه كان تؤلمه بشدة ، وكان الموت يتوعده ، كراحة من المرض الذي اعتلاه . لأنه كان يخرج من رئتيه قليلاً قليلاً بصاق ممزوج بدم ، وبسبب ذلك كان ينتظر المصير المحتم في أغلب الأحوال بالأخص لمثل تلك الحالة التي بالرئة . وإذ رأى نفسه في هذا الحال ومتيقناً أنه لم يتبقى له رجاء في خلاصه من قِبل الناس ، ولكن كان له إيمان بالقديسين الشهيدين كير ويوحنا ، الذين ينقلون الجبال إلى البحار , ويقيمون الأموات من القبور (بالقوة التي وهبها لهم المخلص بمكافأته لهم بهذه الطريقة لأجل محبتهم له) ، فتوجه لهؤلاء الأطباء القادرين من المدينة التي فيها . وقد قبل الشهيدين حضوره لهم بإيمان ، وظهروا له لا في الحلم بل في اليقظة ، ولم يأمروه أن يفعل هذا أو ذاك ، ولكن أوصوه أن يأخذ جزء من لارنج ويأكله . أما إيسيذوروس فقد أخذ هذا من الحاضرين المتواجدين بالبيعة معتبراً إياه كعطية من الشهداء ، وبفرح أخذه وبدأ يأكله . وإذ كان لا يزال أخر جزء من اللارنج في فمه شعر بغثيان ، وإذ كان يتقيأ أخرج مع الطعام الدودة التي كامنة في الرئة . وإذ قد قذفها ، قذف معها المرض ، ونال الشفاء في الحال بنعمة الشهيدين.
2- المعجزة التي حدثت مع مينا مشرف الملجأ الذي أصيب بانسداد معوي
حان الوقت الآن من بعد إيسيذوروس والمعجزة التي حدثت له أن نسرد قصة مينا أيضاً المحب للمساكين , والذي كان مشرف لملجأ القديس أندريا الذي في بيروني .
فقد مرض محب المساكين ذاك بمرض شديد وأصيب بحمى شديدة ، وكانت الحمى في ارتفاع وازدياد مستمر ، حيث أدت إلى فقدان كل السوائل تقريباً من أحشائه ، وبسبب شدة الجفاف الذي حدث أصيب بانسداد معوي . وحاول الأطباء أن يذيبوا هذا الانسداد سريعاً غير مكترثين بالحمى إذ حسبوها أقل ضرراً ، فاستخدموا سوائل كثيرة ودهانات متعددة ، ومعطين إياه أدوية عن طريق الفم وطعام لفك الانسداد للمعدة . وإذ كانوا يحاولون بكل هذه ، توقفوا أخيراً لأنه لم يفيده أي شيء فعلوه معه ، بل على النقيض أضره بدرجة أكبر . لأن ما قد دخل بطنه بقى كما هو ولم يخرج فكان الرجل في حالة خطيرة , ورويداً رويداً كان ينتفخ , وبطنه ترتفع كثيراً . و لم يجدوا أي أمل لمرضه الذي كان يؤلمه ويميته . وأما هو فقد احتمل الخطر لمدة 14 يوم , وإذ لم يستطع أن يحتمل أكثر من هذا ذهب إلى كير ويوحنا الشهيدين , تاركاً في يديهما حياته أو موته . وجاء إليهما , لا على رجليه , ولا على حصان , ولا على كرسي جالس (حيث كانت العادة أن يجلس عليه المرضى ويحمله به الممرضين ) . لأنه لم يكن يقدر أن يجلس بسبب انتفاخ بطنه , حتى أصبح شكله عجيباً , ولكن كان على سرير راقداً , محمولاً من 16 شخص يبدلون فيما بينهم .
وعندما أتى ذاك إلى الشهيدين , أشفقوا عليه ، وبمحبة ظهروا له في ذات الليلة ، وأمروه أن يأكل تينة يابسة كانت معهم ، لأن بها سيشفى من المرض ويُنقذ من الموت . أما هو فعندما استيقظ ( لأن ما حدث كان في حلم ) ، ظن أنه يمسك في يده التينة اليابسة ، وعندما لم يجدها في يده حزن لأنه ظن أنه هكذا ستنتهي حياته . ولكنه دعا زوجته ، وروى لها الحلم ، وأمرها أن تحضر له مثل هذه الثمرة . أما هي إذ كانت تسمع له ، وهو لا يزال يروي لها عن حلمه ، وقع نظرها على فراش زوجها ، فرأت عليه مثل هذه النبتة , فاختطفته بسرعة ، وأظهرته له . أما هو فإذ قد أخذ النبتة منها ، أقر أنه هو ما رآه بالضبط في حلمه ، امتلئ حالاً بنفس الفرح الذي شعر به من قبل ، وبعدما أكل تلك التينة التي قد أعطاها له الشهيدين لأجل شفائه ، تعافى نهائياً . لأنه إذ كان يأكل منها ويمضغها في فمه انتهى الانسداد .
وهكذا إذ حُل مما قيد بطنه ، أراد الذهاب إلى المرحاض ، وإذ وصل هناك أخرج كل ما كان قد خزنه في بطنه بسبب الانسداد ، وبعدها مباشرة رجع نحيفاً كما كان قبل إصابته بالانسداد المعوي ، وبنواله الشفاء كاملاً أعترف بالشكر لنعمة القديسين .
وهكذا حمل سريره الذي كان محمولاً عليه فوق أكتافه , وبقوة كان يركض في الإسكندرية , يعلن عمل الله لقطيع المرضى الذين ما زالوا مطروحين ، كالمريض الذي كان عند البركة وشفاه المسيح بعد 38 سنة وأمره أن يقوم ، فكان يصرخ بصوت عظيم مخبراً عن قدرة القديسين التي لا توصف ، والتي بواسطتهم تم هذا العمل العجيب .
“ترجمة: يؤانس فورتوناي وإيريني مفروذي
من المجلد رقم 78، الباترولوجيا”