أهمية اتخاذ القرار
♥◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘♥
* الإنسان كائن حر:
خلق الله الإنسان كائنا حرا مريدًا، وأعطاه فرصة دائمة لاتخاذ القرار، دون إلغاء لمشيئته، بل في حرية كاملة، كان الله قادرًا" أن يسلبها منه وما يزال. لكن إلهنا المحب لا يريد أن يكون أولاده وسكان ملكوته الأبدي، مجرد دمى أو قطع شطرنج، بل يريدهم أحرارًا" في قراراتهم، صادقين في اختياراتهم، جاءوا إلى شركته عن اقتناع دون ضغط أو إرغام، وسلموا إرادتهم له في حي ورضى كامل. لهذا دعيت مشيئة الله " مرضية "، أي مقبولة بفرح كامل من جانب الإنسان.
* هل نلغى مشيئتنا؟
والإنسان في هذا المجال، لا يلغى مشيئته، أو يقرها أو حتى يتحايل عليها ليصنع مشيئة الله عن خوف، ولكنه -بالعكس تمامًا- يجعل مشيئته ومشيئة الله شيئًا واحدًا، في رضى وقناعة وحب. إنها ليست "استقالة إنسانية" ولكنها "تسليم واثق"... فهو لا يتنازل عن مشيئته وتفكيره وكل قدراته البشرية في روح المستسلم المقهور أو في روح المستقيل المرغم، ولكنه بالعكس، يوجد مشيئته بمشيئة الله، وفكره بفكر المسيح " أما نحن فلنا فكر المسيح " (1كو2: 16). "مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2كو10: 5). حيث أسر الأفكار البشرية هنا، يعنى الاقتناع بأنها كثيرا ما تنحرف "اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟" (سفر إرميا 17: 9)، وكثيرًا ما تكون خادعة "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت " (أم14: 12) (اقرأ نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا)، وكثيرا ما تكون ناقصة " لا تكون حكيما في عيني نفسك " (أم3: 7)، " غريب أنا في الأرض، فلا تخفي عنك وصاياك " (مز119: 19).
وهكذا يحس الإنسان بفرحة غامرة إذ يجعل مشيئته تتوافق مع مشيئة الله، الكلى الحكمة، والقدرة: "ما أبعد أحكامه عن الفحص، وطرقه عن الاستقصاء، لان من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرًا... يا لعمق غنى الله، وحكمته، وعلمه!" (رو11: 33، 34). لهذا قال الرسول: "إن كان أحد يظن انه حكيم بينكم في هذا الدهر، فليصر جاهلا لكي يصير حكيما " (1كو3: 18). أي لابد أن يتخلى الإنسان عن حكمته البشرية المحدودة، ليقتنى حكمة الرب الإلهية غير المحدودة.