رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس
مقدّمة: الجهاد للجميع لماذا يتحدّثُ إليكُم راهب، وقد خرج من ديره، بخلاف المعهود أنّ الرّهبان يلازمون أديارهُم؟ كانَ وقتٌ غيرُ بعيدٍ منّا، ظنَّ فيه الناس أنّ الحياة الرّهبانيّة أمسَت غير نافعة في الكنيسة، وهي تنتمي إلى زمَنٍ غابِرٍ، ويجبُ ابتكار أنماط أخرى من التّكريس لله. كلُّ مَن ظنَّ هكذا يَجهَل أنّ الحياة الرُّهبانيّة ليست في الأساس سوى الدَّعوة الرَّسوليّة. الرّاهبُ رسولٌ من حيثُ إنّه عَرَفَ أن يُلَبّي دَعوةَ المسيح لَهُ بِلا شُروط (أنظر مر16: 17). إنّه يَشهَدُ أمام العالَم بحياتِهِ، لا بكلامِه، أنّ وُعودَ الإنجيل يُمكِنُ تحقيقُها منذُ الآن، وفي أيِّ الظُّروف، وأنَّ ملكوتَ السَّموات، الّذي افتَتَحَهُ المسيحُ بمجيئِه إلى العالم، أضحى في مُتناوَلِنا. في الوقتِ ذاتِهِ، يَبدو الراهبُ شخصيّةً نَبَويّة، حيثُ إنَّ سيرَتَهُ الخارجَة عن أُطُرِ المألوف في الحياة العاديّة والاجتماعيّة تُناقِضُ مسيحيّةً عَهِدناها راغبَةً في التَّأَقْلُمِ وَمُقتَضَيات الحياة في عالَمِ الموت هذا. تمامًا كما فَعَلََ الأنبياءُ القدماءُ في إسرائيل، ومن بعدهم النّبيُّ يوحنّا سابق المسيح، يأتي الراهبُ ليُذكِّرَ الناسَ بحُقوق الله، حتى في لباسِه، وبأنَّ الله يتطلَّبُ منّا تكريسًا كاملاً له. فبخِلافِ الظَّنِّ الغالبِ عندَ الناس، ليس هدَفُ الرُّهبان أن ينعزلوا عن العالَم وعن المجتَمَع، بل أن يصيروا أشخاصًا يخدِمون التواصُل والله des êtres de communion، ومن خلالِ اللهِ التواصل والآخرين، بوساطة الصّلاة. يَكفي للمَرءِ أنْ يَزورَ أحدَ الأديار ليشهَدَ عيشَ الشَّرِكَة الأخويّة، بالأحرى من القطيعة مع العالَم. لهذا فالشّركة الرّهبانيّة هي أُسرة روحيّة، كنيسةٌ مصغَّرة حيث يَختبر الإنسان الشَّرِكةَ مع المسيح يومًا فيومًا. لهذا يُعرِّفُ أحدُ النّصوص الرهبانيّة حياة الدّير بأنّها “انتظار الله في التسبيح”. |
|