11 - 02 - 2016, 11:31 AM
|
|
|
..::| العضوية الذهبية |::..
|
|
|
|
|
|
الخطيـــة
نعيم... محاسب متميز... شاب طول بعرض... تزوج من خمس سنين وله طفلة جميلة... كان قديماً طفلاً متديناً... ففي طفولته كان مواظب علي مدارس الأحد والإعتراف والتناول... ومع سنوات الجامعة... إبتعد وإنشغل وسافر للخارج بضع سنوات... حصل فيها علي شهادات كثيرة... وأصبح مركزه كبير في شركة أجنبية... وقليلون من في سنه وصلوا إلي ما وصل إليه من نجاح عالمي.
وكان شغل نعيم أغلبه علي الكمبيوتر... ومع بعده عن الكنيسة والأسرار... دخل عدو الخير عن طريق الـ Net وبدأ نعيم يقع في براثم الـ pornography ... فكان يرجع بيته منهكاً... يأكل ويرتاح ساعة... ويصحوا ليجلس أمام الكمبيوتر... وكانت زوجته تظن إنه -يا عيني- شغله كثير قوي.
أما هو فكان يقضي من أربعة إلي سته ساعات يومياً أمام الصور والأفلام الدنسة... وكان يدخل لينام بصعوبة حوالي الساعة الثالثة بعد نصف الليل، وبالتالي كان يصحو بصعوبة أكبر لكي يذهب إلي عمله.
تعرض نعيم لأكثر من حادثه بالسيارة... وحاولت زوجته إقناعه إن هذا بسبب السهر الشديد... لكنه كان عنيداً ويدّعي دائماً "الشغل يا ماما ملهوش آخر"!!!.
أما زوجته دينا... فكانت بنت الكنيسة... طيبة... وديعة... تحب زوجها... وتحب بيتها جداً... وكانت تجاهد دائماً مع نفسها... لتلتمس الأعذار لزوجها... ونادراً ما فقدت صبرها ولامته علي تركه إيّاها وبُعده عنها، وعدم إهتمامه بها وبإبنتهما... ولم تجد من الحوار إلا التهكم واتهامها بعدم التقدير. ولم تجد حل إلا الصلاة والدموع.
وبمرور الأيام تفاقم الوضع... لدرجة إن نعيم... كان يختلس النظر إلي هذه الأمور حتي في مكتبه وعمله... وإفتضح أمره أمام أحد الزملاء، فما كان منه إلا الكذب والإنكار والإدعاءات... وصدّقه زميله لإحترامه له ولنجاحه الملحوظ.
ويوماً... احتاجت دينا أن ترسل رسالة بالـ e-mail، والذي كانت نادرا ما تحتاجه، ويا لهول ما رأت.. وبكت.. وبكت ولم تصدق نفسها... ولم تستطع أن تنظر طويلاً إلي هذه الخلاعات، وعاتبته بشدة... فما كان منه إلا الصراخ والإهانة والتطاول عليها "إزاي تفتحي الكمبيوتر من غير إذن؟!!!
- هي دي المشغولية والشغل يا نعيم.......؟
- ما جتش من منظر في دقائق....
- ربنا يسامحك... وأنا اللي دائماً أقول مشغول... ربنا يعينه...
وإشتكت دينا لأب إعترافها... الذي كان أب إعتراف نعيم أيضاً... فجلس إليه وإعترف نعيم بعد أكثر من سنه بالتدهور في حياته في كل شيء، في البيت... في الشغل... في الصحة... في التركيز... في العلاقات... في الأخلاق...
وفجأة قال له أبونا مقاطعاً "تحب تخدم يا نعيم؟، إنت كان نفسك زمان تخدم... ومدخلتش إعداد خدام...".
"يا أبونا ... بعد اللي قلته؟".
- "يا إبني أنا عاوزك جوه الكنيسة... علشان تبعد عن الحاجات دي، أنت مش هتعلّم... لكن هتشتغل معانا بمشاكل الفقراء والمحتاجين".
- مش معقول يا أبونا... أنا مستهلش أصلّي ولا أتناول... إزاي هأخدم؟
- إحنا نحاول يا نعيم... كله يمشي مع بعضه... بس أوعدني ما تدخلش علي المواقع الوحشة دي تاني
- يا أبونا مش قادر أوعدك... أنا أتعودت... أنا بقيت زي المدمنين... أنا أتعلمت الكذب والشرب وكل حاجه وحشه بسبب المصيبة دي
- كل شيء مستطاع عند الله... بس نبتدي
وتأثر نعيم بتشجيع أبونا وطول أناته وبدأ يصلي ويقرأ في الإنجيل، وتقدم للتناول بعدما أخذ الحِِل... وظل الشيطان يراوده... وكان أحياناً يسقط ثم يقوم ليعمل ميطانيات ويصارع مع الله
"ساعدني يا رب... إنقذني من نفسي... إرحمني يا رب".
وإنضم نعيم لإجتماع خدام أخوة الرب... وإنضم لفريق الخدمة... وأصبح مع مجموعة من الرجال مسئولين عن تنمية وخدمة إحدي القري الفقيرة.
لم يكن متحمساً في البداية... لكنه من صغره كان يحب أبوه الروحي ويخضع له... وكان يشتاق من قلبه أن يتخلص من هذه العادة الرديئة.
وذهب نعيم مع الأخوة للخدمة... ووجدهم كلهم أتقياء، بسطاء... فكان ينظر إليهم متحسراً علي نفسه وغير مصدق أن يكون هو - بما فيه - واحداً منهم.
ووصل الخدام لقرية... ووجد نعيم الفقر الذي لم يراه قبلاً... ووجد كنيسة بسيطة وكاهن تقي بسيط ونساء ورجال يعيشون تحت خط الفقر... لكن شاكرين وراضيين... ومن بيت إلي بيت... تأثر نعيم بمحبتهم وترحيبهم وكرمهم وبساطتهم. وظل نعيم صامتاً.
وفي إحدي العشش، وجد أرملة وحيدة وفقيرة شبه كفيفة وحاولت الأرملة أن تُقبّل يديه!، فسحب نعيم يده بشدة... وترقرقت الدموع في عينيه حين بدأت تصلي وتشكر الله علي نعمُه وإحساناته، وظلت تدعو لهم بالخير والصحة والبركة والنجاح للأولاد، ثم قالت لنعيم بعد الصلاة "يا إبني عاوزة أشوفك تاني... لازم تيجي لي". فقال نعيم "إدعي لي يا أمي وإدعي لمراتي وبنتي". فرفعت الأرملة وجهها الطيب إلي السماء ويديها وأخذت تدعو دقائق... "يا رب يفتحها عليك وينجيك من كل حاجة وحشة، ويبعد الأشرار من سكتك، ويصلح طريقك، ويفرّح قلبك، ويبارك بيتك، ويُكثر في نسلك، ويغنيِك".
بصعوبة تمالك نعيم نفسه وأحس أنه يري قديسة لم يقرأ عنها ولم يسمع بها... وإنحني وقبّل يديها بإصرار ونزلت دمعة علي يديها.. وأحس لحظتها إن قوة صلاة هذه الأرملة لابد ستشفيه من هذه الحرب العنيفة.
ورجع نعيم... قص علي دينا ما رآه... ولأول مرّة بعد سنين يحكي مع دينا لمدة ساعة بهدوء وفرح... ولأول مرّة يقفا ليصليا صلاة النوم، وبدأ نعيم ينتظم في القداس والتناول والإعتراف وأصبح نادراً ما يضعف... وظل يقاوم بشدة... ويتذكر دعوات الأرملة وكلمات أب إعترافه... والآيات التي بدأ يحفظها مع دينا من الإنجيل كل يوم...
ورجعت السعادة لهذا البيت وأحب نعيم الخدمة... وأصبح يعشق القرى الفقيرة... ولا يترك فرصة إلا ويزور هذه الأرملة البسيطة... التي كانت تقول له "ربنا يخليك لي يا إبني" أما هو فيقول بخجل...
"ربنا يخليكِ إنتِ وتصلي لنا دائما"ً
|