رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإرادة والخلاص
هناك سؤال مهم للغاية أتي من أحد الأحباء قائلاً: هل الإرادة توصل لنوال الخلاص واستمرار الحياة الحقيقية مع الله !!! مع العلم إني حينما أحاول أن أبدأ الحياة بكل إرادتي مع الله أفشل وارتد لحياتي القديمة مرة أخرى، وكل ما أحاول أصوم أو أقرأ كلمة الله تهيج عليا الخطايا القديمة دفعة واحدة وتضغطني بقوة حتى أنغلب واعود أسوأ مما كنت !!! وهكذا حياتي اصبحت محصورة بين رغبتي أن اعيش مع الله وبين انغلاب إرادتي والعودة لحياتي القديمة !!! * الإجابة:+ المشكلة الحقيقية في أن الخطية مالكة وساكنة في القلب، والنفس لم تتحرر بعد، لأن لكي تتحرر لازم تخرج من تحت سلطان الخطية التي ملكت بالموت، وهنا الإرادة لا تستطيع ان تفعل شيئاً مهما ما كانت حسنة، لأن الإرادة عادةً تكون حاضرة بسبب الاستعداد لصنع الصلاح حسب وصية الله، لكن حينما تحاول أن تُتمم الوصية تنهزم هزيمة ساحقة، لأنها مثل العبد الواقع تحت سلطان سيده الذي يقسو عليه، وبكونه عبد عنده لا يقدر أن يُتمم إرادته الشخصية، بل إرادة سيدة، فلابُدَّ من أن العبد يتحرر من سلطان هذا السيد الذي يملكه أولاً. فكم من إنسان يُريد أن يعيش حُراً، يحيا في حرية مجد أولاد الله، لا يتسلط عليه شيء ولا يغلبه أحد، أو تغلبه شهوة ردية، بل يُريد أن ينفك من كل شيء ويُطيع الله من كل قلبه، لأن كل إنسان فينا بكل لهفة وشغف يبحث ويفتش عن الله الحي، وبكل رغبة قلبه مشتاق إليه ويُريد أن يكون قدساً للرب وحده، ويحيا الوصية بكل سهولة ويُسر، ويحيا في القداسة ونقاوة القلب، ويرتفع فوق كل العالم والاحتياجات الأرضية ليلتقي بالله الحي ويحيا في شركة القديسين في النور غير متسلطاً عليه شيء يشده لأسفل أو يعزله عن الله قط، لأن طبيعة خلقته هو في الحرية، وكل خطية هي حالة عبودية لا تُرضي النفس ولا تُعطيها سلام أو راحة، بل تُسبب قلق واضطراب عظيم مع بكاء القلب الداخلي وحزن دفين، وقد يصل الإنسان لحالة من اليأس تجعله يا اما يستمر في الخطية مهما ما كانت النتائج، أو يحيا في حالة أكتآب نفسي قد يؤدي به لفكرة الانتحار. ++ عموماً المشكلة الحقيقية في حالة الوعظ والكلام الذي يُقال عن فعل الإرادة وغصب النفس قبل أن ينال الإنسان نعمة الله، لأن الإنسان الواقع تحت العبودية لا يقدر أن يغصب نفسه أو يعتمد على إرادته لكي يحيا الحياة الروحية، لأنه حتماً سيفشل، وهذه خبرتنا العملية كلنا على مستوى الحياة الشخصية لكل واحد فينا، لأن حتى لو نجح أحد في تتميم المطاليب الروحية فهو لن يعرف الله ولن يتذوق النعمة ولا الحرية بل سيصير عبد تحت وصاية الناموس، لأنه سيصير تحت سلطان افعل ولا تفعل، كل ولا تأكل.. الخ، يعني يحيا مُقيد كعبد تحت الناموس وكلام الناس: + [ إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس، بل بإيمان يسوع المسيح، آمنا نحن أيضاً بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس، لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما. لست أبطل نعمة الله لأنه أن كان بالناموس برّ فالمسيح إذاً مات بلا سبب ] (غلاطية 2: 16، 21)+++ وطبعاً الخطأ ليس في الناموس ولا الوصية، بل فيَّ أنا لأني إنسان جسداني من جهة إنسانيتي الساقطة، لأني انا في إنسانتي اتبعت كعبد للخطية، فصرت إنسان بالي، مثل الطعام الفاسد الذي لن ينصلح إلا لو اتصنع من جديد، لأن الفاسد لن يصير في عدم فساد، لأن الميت الذي أنتن مهما ما وضعت عليه أغلى الحنوط وأجمل الروائح لن تُحييه، بل سيظل ميت ولن يمنعه من العودة للتراب، أنا هنا فقط بحافظ على جسم ميت بلا حياة، حتى لو وضع في أغلى التوابيت وكانت من ذهب وحجارة كريمة، ولفوا جسده بأغلى الأقمشة، فسيظل ميت، فمهما ما كانت الإرادة قوية وحاضرة، ومهما ما فعل الإنسان من أعمال صالحة وهو لازال في إنسانيته الساقطة الميتة، سيظل ميت عن الحياة لن يقدر أن يفعل الحُسنى التي حسب مسرة مشيئة الله التي تتناسب مع الحياة الأبدية.. * فمثلاً لو أحضرنا عصفور وأردنا انه يحيا تحت الماء، فأننا بذلك قد حكمنا عليه بالموت المؤكد لأنه سيغرق بكونه لن يستطيع أن يتكيف مع هذه البيئة لأن طبيعة تكوينه تمنعه أن يحيا وفق هذه البيئة، كما أن الأسماك حينما نُخرجها من الماء ونصنع لها عشاً جميلاً فوق الأشجار فأنها ايضاً تموت، لكن لو العصفور نفسه اتغير تكوينه وصار هو نفسه سمكه، فأنه طبيعياً سيحيا في الماء لأنها صارت بيئته الجديدة، وأيضاً السمكة ان تحولت لطائر فـأنها طبيعياً ستحيا فوق الأشجار، وهكذا الإنسان حينما يتغير ويصير آخر جديد فأنه طبيعياً سيحيا في البيئة الجديدة التي تتناسب مع طبيعته التي تغير إليها، لذلك مكتوب: [ إذاً أن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً ] (2كورنثوس 5: 17) ++++ ولنصغي للقديس بولس الرسول لأنه شرح الموضوع بتدقيق قائلاً: [ فأننا نعلم أن الناموس روحي وأما انا فجسدي مبيع تحت الخطية. لأني لست أعرف ما أنا أفعله إذ لستُ أفعل ما أُريده بل ما أبغضه فإياه أفعل (بمعنى أني لست حُراً). فأن كنت أفعل ما لست أُريده فإني أُصادق الناموس أنه حسن.+++ إذاً الموضوع ليس مسألة إرادة ولا تتميم الناموس الإلهي، بل المشكلة هي فقط في الخطية الساكنة فيَّ وبسببها أنا غير قادر أن أفعل الصلاح لأنها تغلبني دائماً، بل حينما أحاول أن أحيا بالصلاح فأن الخطية المالكة عليَّ تضغطني وتحارب ناموس ذهني فتقهرني وتغلبني وتعمل في أعضائي للموت لأني أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله وأحبه، ولكن بالجسد أخدم ناموس الخطية لأني واقع تحت سلطانها الذي أن أدركته أصرخ من داخلي: ويحي أنا الإنسان الشقي من يُنقذني من جسد هذا الموت. ++ طبعاً المُنقذ الوحيد هو المُخلِّص شخص ربنا يسوع، لأنه وحده شافي النفوس ومجدد طبيعتها، لأنه مكتوب: فإني أنا الرب شافيك (خروج 15: 26) + [ فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. ويعتق (يفك ويحرر) أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية ] (عبرانيين 2: 14 – 15)إذاً الحرية أولاً لابد من أن تأتي كفعل عمل نعمة إلهية في قلب الإنسان، وهو عمل تجديد داخلي يتم بقوة المسيح الرب بروحه، لأن الروح القدس يأخذ من المسيح الرب ويعطينا، إذاً لن تنفعنا إرادة ولا أعمال صالحة بدون عمل الرب أولاً بالعتق والحرية والفك من الأسر: [ لأنه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة (يعني لن ينفع أحد تتميم الناموس الطقسي ولا حتى ينفع انه يسلك كالأمم حسب الضمير بدون الناموس) بل الخليقة الجديدة ] (غلاطية 6: 15) ++ فبدون المسيح الرب لن ننفع في شيءٌ قط، لأنه هو من يجدد طبيعتنا، ويجعلنا جُدد نحيا وفق الحياة الجديدة فيه لذلك مكتوب: + إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد (ليس ساكن فيَّ، أي في جسدي، شيءٌ صالح) بل حسب الروح. لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني (فكني وحررني) من ناموس الخطية والموت. لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه في ما كان ضعيفا بالجسد فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد. لكي يتم حكم الناموس فينا (بالموت) نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. فأن الذين هم حسب الجسد (إنسانيتهم العتيقة) فبما للجسد يهتمون ولكن الذين حسب الروح (في الخليقة الجديدة) فبما للروح (يهتمون). لان اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام. لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله إذ ليس هو خاضعاً لناموس الله لأنه أيضاً لا يستطيع (مهما ما كانت إرادته قوية لأنه تحت سلطان الخطية التي ملكت على إنسانيته العتيقة). فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله. وأما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح أن كان روح الله ساكنا فيكم، ولكن أن كان أحد ليس له روح المسيح (القصد انه لا يملك عليه) فذلك ليس له. وأن كان المسيح فيكم، فالجسد (العتيق) ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة بسبب البر. وأن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم فالذي أقام المسيح من الأموات سيُحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم. فإذاً أيها الإخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد. لأنه أن عشتم حسب الجسد (إنسانيتكم العتيقة) فستموتون، ولكن أن كنتم بالروح (القدس الذي يعمل في إنسانيتكم الجديدة) تميتون أعمال الجسد فستحيون. لان كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم ابناء الله. إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب. الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا اننا أولاد الله. فأن كنا أولاداً فأننا ورثة أيضاً، ورثة الله، ووارثون مع المسيح. (رومية 8: 1 – 16)+ إذاً في النهاية ماذا عليَّ أن افعل: أولاً أهرب من الخطية كهروبي من الحية القاتلة، واتجه نحو الله مصلياً أن يُعطيني هذه الحرية وانتظر نعمته أن تملك على قلبي وفكري لكي أنال حرية مجد أولاد الله، وتتحرر إرادتي وتصير إرادة إنسان الله جديد، الذي يتجدد كل يوم حسب صورة خالقة في القداسة والطهارة، بمعنى أن أحيا حياة التجديد المستمر بعمل وفعل الروح القدس في داخلي، وفي تلك الساعة لن أُغلب من شيء لأني سأحيا حسب السلطان الممنوح من الله بصفتي ابناً لله في الابن الوحيد، اقدر بالقوة الممنوحة منه ليَّ أن أدوس على الحيات والعقارب وكل قوات العدو، لأني بالمسيح الرب فقط أنا غالب ومنتصر فيه وباسمه وحده فقط آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|