رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النعمة والسلام
النعمة والسلام لِتُكْثَرْ لَكُمُ ٱلنِّعْمَةُ وَٱلسَّلاَم (1بطرس 1: 2) هذه أثمن تحية رسولية وأجمل دعاء وأعظم وصية. وما أحوجنا الى أن نتخذها شعاراً لحياتتنا لندرك البركات المذخرة لنا. فنحن لا نحتاج الى مزيد من المعارف وفلسفة الكلام، لانها وأمثالها قد تملأ عقولنا ولكن قلوبنا تبقى جائعة عطشة ولا يشبعها إلا ملء النعمة ولا يرويها إلا فيض السلام. في حياتنا اليومية نرسل المزيد من التحيات الحارة نحو أصدقائنا ونبعث الكثير من التمنيات الى كل من نحب. ولكن قلما نفكر في الخير الذي لنا من الله والذي يحقق سعادتنا وهذا الخير في أن تكثر لنا النعمة والسلام وفيها ثلاث نقاط: النقطة الاولى: أهمية النعمة في حياتنا فكثيرون منا درجوا على تقدير الخيرات الزمنية الى درجة انهم جعلوها الغرض الاهم لحياتهم. حتى انهم حين يعبرون عن اعجابهم بانسان ما يقولون: لقد انعم الرب عليه غنى وجاها ومركزا مهما. ولكن هذه الامتيازات ليست سوى قشور النعمة. فقد يكون أغنى الناس ماديا وأوسعهم جاها وأرفعهم مركزا أشقاهم روحيا. وقديما قال المسيح: «مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟» (متّى 16: 26) النعمة الحقيقية هي قبل كل شيء نعمة الخلاص بالايمان كما هو مكتوب: «لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ» (أفسس 2: 8). فالخلاص هو من عمل النعمة، وهو يبدأ بالنعمة، ويسير بالنعمة ويتوج بالنعمة. هكذا صارت مسرة الاب السماوي ان يعد الخلاص بالفداء تمشيا مع محبته، وما على الإنسان إلا أن يقبل ما أعده الله. هذه الحقيقة قررها المسيح حين قال على الصليب «قَدْ أُكْمِلَ». وكم يجب ان نشكر الله لان نعمته المخلصة قد ظهرت لجميع الناس وأكملت على الصليب. وهي مجانية يستطيع كل طالب الله أن ينالها بالإيمان، ليظهر في الدهور الآتية غنى نعمة الله الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع. وهناك نعمة الامتلاء، والوصية تقول لنا «امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ،» هذه هي البركة التي وعد بها الرب يسوع لما قال: «مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ» (يوحنا 7: 38). هذه البركة حلت على تلاميذ الرب في يوم الخمسين وهم يصلون. وأنت يا أخي صل لكي تمتلئ من الروح القدس المبارك قل له: تعال أيها الروح القدوس يا حمامة السلام، واشعل المحبة السماوية في قلبي هذا البارد. وتأكد ان الروح المبارك لم يغادر الارض منذ يوم الخمسين. انه في كنيسة المسيح، وفي قلب كل مؤمن مولود من الله. قال يسوع: «وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ ...، ورُوحُ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ ٱلْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ» (يوحنا 15: 26 و14: 17). ان العالم الذي نعيش فيه مظلم ومعقد جدا بحيث نضل الطريق اذا ما تركنا لأنفسنا. ولكن شكراً لله بربنا يسوع المسيح لأّنه لم يتركنا يتامى، بل أرسل لنا الروح القدس لكي يرشدنا الى جميع الحق، ويعلمنا طريق الحق ويذكرنا بكل ما قاله المسيح لنا. انه يقودنا بالنعمة، كما يقود الربان الماهر السفينة الى الميناء. انه يرشدنا دوما الى جميع الحق لتصير معرفتنا بالمسيح معرفة اختيارية. فنتأثر بروحانية المسيح، ويكون في قلوبنا فرح المسيح وفي حياتنا رائحة المسيح وفي أعمالنا قوة المسيح. وهناك نعمة القناعة، التي كانت أهم ما تعلمه بولس في مدرسة الله. قال : « فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ . أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي.» ( فيلبي 4: 11-13 ) فواعجبا!!! من أين جاءته هذه القناعة بعد ان كان شاول المضطهِد الذي لا يشبع، بل كان ينفث تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب. بلا شك انها جاءته من فيض النعمة الملخصة التي غيرت مجرى حياته. آه،! لو تعلم الناس درس القناعة هذا، اذاً لأدركوا سر السعادة. لأن القناعة مع التقوى تجارة رابحة. النقطة الثانية: أهمية السلام. السلام هذه الكلمة العذبة التي ترهف اليها آذان الناس في العالم حيث يسيطر شبح الحرب في بلدان كثيرة... آه ! لو عرف الناس مصدر السلام وتطلع الكل الى رئيس السلام. اذن لاستطاع العالم ان يحقق ما جاء في انشودة الملائكة في يوم الميلاد السعيد «وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ،». هذا السلام ليس بالسلام الهزيل الذي يعطيه العالم وليس هو الطمأنينة الكاذبة التي يتشدق بها ساسة هذا العالم. بل هو السلام الذي يعطيه رئيس السلام، ربنا ومخلصنا يسوع الذي بررنا تجاوبا مع الايمان به، الذي أشار اليه بولس بقوله «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (رومية 5: 1). هذا السلام ينشئ الفرح في وقت الضيق ويشيع الرجاء في وقت اليأس. انه من نوع سلام استفانوس الشهيد وهو يُرجم حتى الموت. انه من نوع سلام بولس وسيلا وهما في السجن وأرجلهما مضبوطة بالمقطرة انه من نوع سلام الفتيان الثلاثة وهم في أتون النار انه من نوع سلام دانيال وهو في جب الأسود. انه سلام الله الذي يفوق كل عقل. انه السلام الذي يغير حياة المرء ويصيره في المسيح إنساناً جديداً صانعاً سلاماً. قال أحدهم: قبل ان أعرف المسيح رئيس السلام كنت أنهض صباحا لأتشاجر مع امرأتي وعند المساء كنا ننام متخاصمين. ولكن لما عرفت المسيح ولى الشجار والخصام وتحول بيتنا الى سماء على الأرض. هل تريد أن تكون صانع سلام؟ هذا ممكن شرط ان تكف عن مخاصمة الله أولا، وتسلم له أمورك ولا تفر من الاشرار. عندئذ ترى الامور سهلة، لانك تنظر اليها بعين يسوع وتفحصها بالنية الحسنة. النقطة الثالثة: كيف تكثر لنا النعمة والسلام؟ الجواب بالمسيح الذي قال الانبياء: انسكبت النعمة على شفتيه. وقال الإنجيل: انه الوحيد من الآب مملوؤا نعمة وحقا. وانه لمن دواعي شكرنا وتعبدنا لشخصه انه يعطينا من ملئه ونعمة فوق نعمة. وعندما يعطي يقول خذ، هذه عربون بسيط وسأعطيك وأعطيك الى ان تمتلئ الى كل ملء الله. وانه لمن دواعي غبطتنا ان يسوع حبيبنا هو رئيس السلام. وهو الذي قال «سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا» (يوحنا 14: 27). ومن أمتيازات النعمة انها ظهرت مخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية، ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر. فلنعش بالتعقل وكأولاد الطاعة لا نشاكل شهواتنا السابقة هذا هو واجب الانسان نحو نفسه. ولنعش في البر هذا هو اجب الإنسان نحو الآخرين. ولنعش بالتقوى هذا هو واجب الإنسان نحو الله. هل ترغب في أن تحقق لك طلبة الرسول فتكثر لك النعمة والسلام؟ هذا متاح لك من الله ان تبعت الخطوات التالية: + كن دائما شكوراً محتملاً ممتلئاً من الروح القدس. + كن ثابتاً غير متقلقل بسبب ما عليك من ضيقات. ولكي يكثر لك السلام كن قريبا من رئيس السلام. تعلم منه الوداعة واللطف ووضع النفس فتمتلئ بسلامه. واذكر ان السلام هو رسالة الله في المسيح لكل قلب. فهو سلامنا وقد صالحنا مع الله بموته، فصار لنا سلام. «لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ» (1بطرس 1: 2) قال الرسول. ويقينا اية قيمة لحياة انسان بدون النعمة والسلام؟ والحق لو فارقتنا كل مسرات هذا العالم، وبقيت لنا نعمة الله وسلامه لكان لنا كل شيء. لذلك قال الله لبولس في ظروفه القاسية: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ» (2كورنثوس 12: 9). أيها الأحباء ان من أروع الطلبات التي تقدم بها بولس من أجل الغلاطيين قوله: «نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَة» (غلاطية 6: 18). وتماثلها طلبته من اجل الفيلبيين اذ قال: «وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (فيلبي 4. 7). فشكرا لله بربنا يسوع المسيح، لأنه عندما تكثر البلايا التي تربكنا وتبعدنا عن مصدر النعمة نسمع ذلك الصوت المطمئن: نعمة لكم. وعندما يكثر الاضطراب وتزداد المخاوف يرن في آذاننا ذلك القول: لا تضطرب قلوبكم سلام لكم. من أجل ذلك لنلق رجاءنا على النعمة. ومن أجل ذلك لنلق رجاءنا على رئيس السلام فتكثر لنا النعمة والسلام. أشكرك أحبك كثيراً الرب يسوع المسيح يحبكم جميعاً فتعال...هو ينتظرك * * * * والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح دائماً.. وأبداً.. آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
النعمة والسلام مُقدمان من الله الآب والرب يسوع المسيح |
النعمة والسلام |
إرسالية النعمة والسلام |
رسالة إلى المتغربين "لتكثر لكم النعمة والسلام" ١بط: ١-٢ |
"بدم المسيح لكم النعمة والسلام" من رسالة بطرس الأولى |