عبدٌ ليسوع المسيح
بُولُسُ عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيح ( رو 1: 1 )
الحقيقة التي ترتكز عليها كل خدمة بولس وتكريس حياته هي كونه عبدًا ليسوع المسيح.
«عَبدٌ لِيسوع المسِيحِ» ... تعني أنه لا يحسب نفسه شيئًا، أو أن فيه شيءٌ يستوجب المديح أو الإكرام. «لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ» ( غل 2: 20 )، قالها وبرهنها عمليًا. كان ناكرًا لذاته وامتيازاته وإنجازاته.
وفي رسالته إلى القديسين في فيلبي والتي ساقه الروح القدس فيها أن يكتب فيها عن سَيِّده المجيد أنه أخذ صورة العبد، لم يجسر أن يضع لقبًا آخر له كما فعل في الرسائل الأخرى، بل وجد أن أليق ما يصف به نفسه هو أنه عبد لذلك السيد الذي ارتضى في اتضاعه أن يأخذ صورة العبد ( في 1: 1 ).
«عَبدٌ ليسوع المسيح» .. أي أنه لا يعمل شيئًا إلا ما يطلبه سَيِّده، وإلا ما يُرضي ويُمجد سَيِّده الوحيد. هذا هو مفتاح خدمة بولس، ذلك الخادم الذي أخلص لسَيِّده؛ لم تكن تحركه قوة الموهبة ولا شدة الاحتياج، بل المحرك الأول هو اعتبارات مجد المسيح. ما أتعس الخادم الذي يحاول أن يُرضي الناس والرب في آنٍ واحد، الأمر الذي كان يثير غيرة بولس «أَ فأستعطف الآن الناس أم الله؟ أم أطلب أن أُرضي الناس؟ فلو كنت بعد أُرضي الناس، لم أكن عبدًا للمسيح» ( غل 1: 10 ).
لم يكن فقط طائعًا وخاضعًا لكل ما كلَّفه به سَيِّده، بل كان قانعًا راضيًا. لقد قَبِلَ أن يحمل نير المسيح، ومحبته الشديدة لسَيِّده جعلت ذلك النير هينًا، فصارت الآلام من أجل المسيح هِبة وامتيازًا، فحمل عار المسيح بكل إعزاز، لم يستحِ بإنجيله، ولم يستعفِ عن حمل نيره طوال حياته.
«عَبدٌ لِيسوع المسِيحِ» ... لقد كان يفتخر بانتسابه لهذا السَيِّد العظيم. وهذا الأمر جعل بولس يتعب كثيرًا في خدمته، مستعدًا أن يتألم من أجله، لأنه يعلم أن تعبه ليس باطلاً. كان متيقنًا أن الرب العادل سيهَبه إكليل البر بعد إكمال سعيه. فبقدر عظمة وغنى السَيِّد الذي يخدمه، سينال إكرامه والمديح من فمه. فيا مَنْ تخدم ذات السَيِّد الجليل، ألا تدرك عظمة امتياز أن تكون خادمًا له؟ إن ربطت نفسك بالناس قد يخذلونك، وإن اتكلت على إخوتك قد تخيب توقعاتك، لكن إن سرت وراء الرب لن يخيب رجاؤك أبدًا.