21 - 05 - 2014, 03:25 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
المعمودية عرض لكتاب " المعمودية " "نحن السمك الصغير نتبع مثال سمكتنا (أخثوس IXΘҮΣ) يسوع المسيح، ونولد في الماء ولا نخلص إلا فيه". تحدث ترتليان في كتابه عن المعمودية عن سبب استخدام المياه كمادة لتتميم السر، وهو يرى أن الإنسان يجب أن يوقر المياه أولاً بسبب عمرها وقدمها، وثانياً بسبب كرامتها لأنها كانت كرسي لروح الله دوناً عن كل العناصر الموجودة آنذال، وكانت المياه تمثل نوعاً من القوى المنظمة للخليقة التي تمم بها الله ترتيب العالم، لأن جلد السماء صار بانفصال المياه: "قال الله ليكن جلد في وسط المياه، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه" (تك 1: 6) واليابسة أيضاً ظهرت باجتماع المياه في مكان واحد: "وقال اله لتجتمع المياه من تحت السماء إلى مكان واحد" (تك 1:9). وبعد أن رتب الله العالم وعناصره، كانت المياه أول من أخذ وصية بإخراج خليقة حية: "وقال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية"، فكانت المياه أول من أثمر خليقة حية لكي لا يكون أمراً عجيباً في المعمودية أن المياه تعرف كيف تهب الحياة. وكما في البدء كان روح الله يرف على المياه، كذلك سيستمر يرف على مياه المعمودية ويقدسها، ومنه تأخذ المياه قوة التقديس، فبعد الصلاة على المياه المعمودية تأخذ قدرة التقديس السرائرية لأن الروح القدس ينزل ويستقر على هذه المياه مقدساً إياها، وعندما تتقدس، تنال هي نفسها القدرة على تقديس الآخرين. كان من المعتاد قبلاً أن ينزل ويحرك مياه بركة حسدًا، وكان المرضى ينالون من هذا الماء الشفاء، ولكن هذا الشفاء الجسدي كان رمزاً للشفاء الروحي، بحسب القاعدة التي تقول أن الأشياء الجسدية لابد أن تسبق دوماً الأمور الروحية، لتكون رمزاً لها، وهكذا عندما ازدادت نعوة الله بين الناس، أصبح الذين كانوا ينالون قبلاً شفاء من أمراض جسدية، ينالون الآن شفاء لأرواحهم، وبعد أن كانت المياه تهب شفاء زمنياً، صارت تهب شفاء أبدياً، وعندما تغسل خطية الإنسان وجريمته في المعمودية، تلغى العقوبة أيضاً، فيستعيد الإنسان صورة وشبه الله بسكنى روح الله القدوس فيه. ويشهد ترتليان على استخدام الصيغة الثالوثية في المعمودية فيقول أن المعتمد يغسل ويختم إيمانه باسم الآب والابن والروح القدس، لأنه على فم ثلاثة شهود تقوم الكلمة (تث 19: 15 + مت 18: 16 + 2 كو 13:1) وبعد ذكر الآب والابن والروح القدس لابد من ذكر الكنيسة لأنه "حيثما يوجد الثالوث توجد الكنيسة". كما تطرق ترتليان إلى الحديث عن سر المسحة المقدسة، فيقول "عندما نخرج من الجرن نمسح كلياً بالمسحة المقدسة" وهذا طقس قديم عندما كان الكاهن يمسح بزيت منذ أن مسح موسى هارون ودعى "مسيح" من كلمة "مسحة"، وهكذا نحن نمسح جسدياً لكن الفاعلية روحية، بنفس الطريقة كما أن فعل التعميد نفسه جسدي لكن الفاعلية روحية بغسلنا من خطايانا. ورأى ترتليان في رف روح الله على المياه رمزاً للمعمودية، كما رأى في الحمامة التي أرسلها نوح من الفلك بعد الطوفان رمزاً للروح القدس الذي يحل على الإنسان بعد خروجه من الماء: "كما أنه بعد الطوفان الذي به تنقى العالم القديم، أي بعد معمودية هذا العالم، أعلنت الحمامة -التي أرسلت من الفلك وعادت معها غصن زيتون- أن السلام قد صار على الأرض، كذلك على المستوية الروحي، تنزل حمامة الروح القدس على الأرض أي جسدنا عندما يخرج من جرن المعمودية متطهراً من خطاياه العتيقة، لكي تأتى بسلام الله من أعلى السموات إلى حيث الكنيسة التي كان الفلك رمزاً لها". كذلك اعتبر ترتليان أن عبور بنى إسرائيل للبحر الأحمر كان رمزاً للمعمودية، فكما كان اليهود تحت عبودية فرعون الوثني وتحرروا منه وخلصوا بهلاكه في مياه البحر الأحمر،كذلك الموعوظ يظل تحت عبودية الشيطان حتى يتحرر بهلاكه في مياه المعمودية: "عندما خلص الشعب من قوة ملك مصر بعبورهم المياه وتركهم مصر بإرادتهم، أهلكت المياه الملك وكل جيشه، فأي رمز للمعمودية يمكن أن يكون أوضح من ذلك؟ فالشعب خلص من العالم بالماء، والشيطان الذي كان يستبعدهم حتى ذاك الحين تركوه خلفهم هالكاً في الماء". وأيضاً تحولت المياه من المرارة إلى الحلاوة بعصا موسى، وبحسب ترتليان هذه العصا كانت المسيح شجرة الحياة الذي استعاد ما قد تمرر وتسمم إلى مياه المعمودية، كذلك رأى أن المياه التي نبعت لشعب إسرائيل من الصخرة كانت رمزاً للمعمودية لأن الصخرة كانت المسيح. كما شرح ترتليان كيف أكد مخلصنا على أهمية الماء، فقد اعتمد في الماء، وأول معجزاته في قانا الجليل كانت بالماء، وهو يدعو العطاش إلى الماء الحي، وفي حديثه عن المحبة يتحدث عن كأس الماء، وسار على المياه وعبر البحر، بل وفي آلامه يجد ترتليان شهادة للمعمودية، ففي تسليمه نجد الماء، تشهد على ذلك يدي بيلاطس، وفي جراحاته نجد الماء الذي خرج من جنبه، تشهد على ذلك حربة الجندي. ورداً على من يقولون أن المعمودية غير ضرورية للخلاص، بحجة أن إبراهيم آمن فقط بالله فحسب له براً، يجيب ترتليان قائلًا انه قبل تتميم الفداء كان الخلاص بالإيمان فقط، لكن بعد الفداء، لا بد للإيمان بميلاد الرب وآلامه وقيامته أن ينال الختم السرائري، وقد وضع الرب قانون المعمودية وضروريتها إذ يقول "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت 28: 19) وأيضاً " إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 3: 5) وهذا القول يربط بين الإيمان والمعمودية ويجعلها حتمية للخلاص، ولذلك بولس أيضاً بعد أن آمن اعتمد، وهذا هو معنى الوصية التي قالها له الرب عندما فقد بصره " قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل" (أع 9: 6). وبجانب جرن المعمودية المقدسة، يعلم ترتليان بأن هناك جرن ثان من الدم قال عنه الرب "لي صبغة اصطبغها" بينما كان قد اعتمد فعلا، لأنه قد أتى" بماء ودم" (1 يو 5: 6) كما كتب يوحنا الحبيب، كي يعتمد بالماء ويتمجد بالدم، وقد خرجت هاتان المعموديان من جنبه الجريح، كي هؤلاء الذين يؤمنون بدمه يغتسلون بالماء، هؤلاء الذين اغتسلوا فعلا بالماء يشربون دمه، فمعمودية الاستشهاد تحل محل حميم ماء المعمودية عندما لا يكون الإنسان قد نالها بعد. وينصح ترتليان أنه يجب أل تتم المعمودية بتعجل بل بتأني، لأنه قيل "لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا درركم أمام الخنازير" (مت 7: 6) وأيضاً "لا تضع يداً على أحد بالعجلة ولا تشترك في خطايا الآخرين" (1 تيمو 5: 22). ولابد لمن يستعدون لنوال نعمة المعمودية المقدسة أن تكون لهم قوانين صلوات وأصوام وأسهار، ولابد أن يعترفوا بكل خطاياهم السابقة استعداداً لنوال هذا السر. وينصح الموعوظين انه كما خرج ربنا بعد معموديته ليجرب، كذلك هم أيضاً بعد أن يخرجوا من جرن المعمودية يجب أن يرفعوا أياديهم للصلاة في بيت أمهم الكنيسة ويطلبوا مع أخواتهم من الله الآب أن يمنحهم عطاياه. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العلامة ترتليان - من آباء افريقيا - القمص أثناسيوس فهمي جورج |
العلامة ترتليان (ترتليانوس) |
كتاباته: الأعمال الدفاعية العلامة ترتليان |
سيرة العلامة ترتليان |
ترتليان العلامة والاستشهاد |