|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج مقدمة ومدخل إنَّ غاية التربية المسيحية في فِكْر الآباء الأوَّلين، أن نُقدِّم للرب تقدُمات مُقدسة وقُربان مُبارك، خلال المناهِج التعليمية والتلمذة. فهدف التربية الآبائيَّة هو أن نذوق وننظُر ما أطيب الرب ونعيش الوصيّة عمليًا، تلك التي صاغها آباء البريَّة النُّسَاك في منظومة تربوية تشتمِل على طُرُق تعليمية تستعمِل تارة التعليم اللفظي من وعظ وحوار وإرشاد ونُصح وتوبيخ وتأديب، وتارة أخرى تستعمِل الأمثال والتشبيهات الرمزية والأقوال، إلى جوار الوسائل التعليمية غير اللفظية من قدوة صامتة وتطبيقات عملية ومُمارسة الاعتراف وفحص الذات. لا شك في أنَّ اختبار الكنيسة التلقائي المُعاش وخصوصًا عند آباء البريَّة مملوء من نماذج المُرشدين الروحانيين الذين عرفوا جيدًا طاقات وقصور الطبيعة البشرية – أدركوا إمكانياتها وحدودها – فانتهجوا نهجًا تربويًا سابقًا لعصرهِم وجيلهم وكأني بهم يقرأون فِكْر المُعاصرين من التربويين في القرن العشرين. فجمعت نظريات الآباء في التربية بين الفِكْر المنهجي (النظرية) وبين التلمذة العملية والطُرُق التعليمية (المُمارسة)، وكانت خطَّتهم تستهدِف بُناء الكيان المسيحي... فهم يُعلِّمون ويُسلِّمون منهج حياة ويُدبرون ويقودون ويرشدون، كروُاد وكسبّاقين في الأُبوُّة والتربيَّة. وفي هذا البحث الذي استعنّا فيه بكتاب ”Early Church Fathers As Educators“ لمؤلِفه Elias Matsagoras، نتناول آباء البريَّة من منظور جديد، ذلك هو المنظور التربوي، لنرى كيف كانوا مُربيين حُكماء... وبالتأكيد لم يكُن للآباء موضِع في النظام التربوي في زمانهم بل أنَّ الناظر إليهم في نُسكهم وجهادهم يُخالُ إليه أنهم لا يُمكن أن يكونوا أبدًا مُربيين، إلاَّ أنَّ أقوالهم وكتاباتهم تُظهِر أنهم كانوا ولا زالوا مُربين حقًا. وهكذا نجد في ذلك مثالًا آخر للحقيقة المعروفة أنَّ الكنيسة بفكرها وخبرتها، لها دومًا إسهاماتها الخلاَّقة في مجالات الفِكْر والثقافة والتربية والفن... لقد انتهج الآباء نهجًا تربويًا مُتكاملًا عملًا وعِلْمًا،؟ مُمارسة وخبرة... بتنوُّع غني في المناهج التعليمية والطُرُق التربوية المُتدرِجة والمُتنوعة التي تتناسب مع القامات والنفسيات المُختلفة كلٍّ حسب استجابته وإمكانياته وقُدرته الشخصية على النمو. ويرى الكثير من عُلماء التربية المسيحية أنَّ النمط المدرسي في التربية المسيحية قد فشل في أن يصنع مسيحيين حقيقيين، لذا ذهب المُحدِثون إلى إعادة وإحياء الأُسُس التعليمية التي أرستها الكنيسة الأولى، بالتركيز على أُسلوب التلمذة والإقتداء بالمثال والسلوك، مع التأكيد على دور الوسط والبيئة في مجال التهذيب والتربيَّة. وتأتي هذه الدراسة المُتخصصة ضمن قصد سلسلة إخثوس ΙΧΘΥΣ في تعميق المعرفة الآبائيَّة قولًا وعملًا عند الخُدَّام والمُربيين وعند الدارسين بالمعاهِد اللاهوتية، وأيضًا للاستفادة بما جاء فيها في خدمة التربيَّة الكنسية... من أجل نمو مسيحيين كاملين يتربون تربية كنسية آبائيَّة، يقودنا فيها جميعًا آباء البريَّة، يقودونا إلى الأمام، يغذونا بالتعليم، يروُونا بالماء الحي، يُقيمونا من سقطاتنا، يُعلِّمونا الطريق ويُداومون على تنشئتنا جميعًا حتّى نُقدِّم أثمارًا، ثم يرشدونا إلى الراحة والأمان. وهذه الدراسة نافعة: 1) ينتفِع منها أي طالب يدرس تاريخ التربية، وهي حقًا تسِد فراغًا في الدراسات الموجودة. 2) هي مُقدمة نافعة لبعض الموضوعات الأساسية في تاريخ الكنيسة الأولى ومُقدمة لتاريخ الرهبنة واتجاهاتها. فهي تشتمِل على تاريخ النُسك وتاريخ التربية المسيحية، وتجمع بين طُرُق التعليم النُّسكي ونظام التربية الرهبانية، لذا تنطوي على الجمال الحي المُتمثِّل في سيرة أجيال الكنيسة الأولى، الذين تم غرسهم وبناءهم بطريقة سَوِيّة، ألوانًا وأزهارًا وأثمارًا. نُقدِّم هذا البحث ضمن سلسلة إخثوس ΙΧΘΥΣ، ونضعها في يد النِعمة لتأتي بثمر كثير في حقول الخدمة، راجين أن يقبلها المسيح سيدنا وإلهنا وملكنا، ويجعلها سبب بركة ومنفعة روحية لكلّ من يقرأ، بصلوات صاحب القداسة البابا شنوده الثَّالِث بابا المدينة العُظمى الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقُسية ألـ 117 أطال الله حياته. إننا نشكُر الله إلهنا الذي سمح لنا لنُقدِّم هذه الخدمة بحسب رحمته ونتضرَّع إلى عظمته أن يُبارِك كلّ الجهود التربوية التي تُقدِّمها التربية الكنسية والمعاهد اللاهوتية المُتخصصة ووحدة التربية بمجلس كنائس الشرق الأوسط، فتكون نهضة تربوية في بلادنا وكنائِسنا. يسوع المسيح ربنا وإلهنا المُربي والمُعلِّم الصَّالِح، يقود خدمتنا ويُهدي أقدامنا ويُعين ضعفاتنا ويشِد أنظارنا إلى أعالي السماء، فنفتح أعيُن قلوبنا على المجد الأبدي وتستضِئ أذهاننا بالنور السماوي ونتذوق معرفته الخالدة غير المائتة فنخدمه كما يليق بعظمته. وللثَّالوث القدوس المُبارك المجد والكرامة إخثوس ΙΧΘΥΣ 7 نوڤمبر 1995 م |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|