رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة مخافة الله (4) فوائد كثيرة جدا لمخافة الله بقلم قداسة البابا شنودة الثالث 1- مخافة الله توصل إلي التوبة وتنفيذ الوصايا. إنها تمنع من فعل الخطية قبل ارتكابها. أما إن ارتكب الإنسان الخطية, فإنها تعطيه رعبا من نتائج الخطية ومن عقوبة الله. وهكذا تقوده إلي التوبة والرجوع إلي الله.. مخافة الله إذن تحفظنا من السقوط. وإن حدث وسقطنا, تعطينا مشاعر التوبة.. 2- مخافة الله هي بداية الطريق. وهي سياج للحياة الروحية حتي لا تعثر ولا تنحرف. بها نضع الله أمامنا.. ونقول مع يوسف الصديق: كيف أفعل هذا الشر العظيم, وأخطئ إلي الله (تك39:9). لذلك فالذي يخاف الله لا يخطئ, لأنه يخاف من الله العادل, الذي وضع مبدأ أجرة الخطية هي موت (رو6:23). كذلك يخاف الله العالم بكل شئ, الذي يقول: أنا عارف أعمالك (رؤ30:1, 15). يخاف أيضا من إنذارات الله وعقوباته. لذلك يمتنع عن الخطية, وينفذ الوصايا. وتكون مخافة الله في قلبه حصنا حصينا يمنعه من السقوط. 3- الذي يخاف الله, يطيع الله. أما الذي لا يطيعه, فهو شاهد علي نفسه إنه لا يخاف الله.. إنه يطيع الله, ويفعل ما يوافق مشيئته الإلهية. فقد قال الرب في سفر إرميا النبي: ويكونون لي شعبا.. وأنا أكون لهم إلها.. وأعطيهم قلبا واحدا وطريقا واحدا, ليخافوني كل الأيام لخيرهم.. وأجعل مخافتي في قلوبهم (إر32:40-38). 4- مخافة الله تعلم الإنسان حياة الحرص والتدقيق. فالإنسان الذي يخاف الله يكون مدققا في كل ما يعمله, وحريصا في كل ما ينوي أن يفعله. لأنه يخاف لئلا يسقط ويغضب الله. بينما يحذرنا الرسول قائلا: من يظن أنه قائم, فلينظر لئلا يسقط (1كو10:12).. ويقول أيضا: لا تستكبر بل خف (رو11:20). صدقوني, إن المخافة وإن كان البعض يتعب منها نفسيا, إلا أنها تفيده روحيا لكي يحترس. ولكي يفكر كثيرا كلما وقفت أمامه عثرة, ويبذل جهده لئلا يسقط.. أما إذا لم توجد مخافة الله في القلب, فما أسهل أن ينطبق عليه المثل إذا لم تستح, فافعل ما تشاء!!. 5- كثيرون من الذين تركوا المخافة, تحولوا إلي الاستهتار.. وتحولوا إلي اللامبالاة. يقولون: لنعش في المحبة. حسنا, وهل المحبة تمنع الحرص والتدقيق في الحياة الروحية؟!.. وغالبية هؤلاء -في فقدان المخافة وصلوا إلي كبرياء القلب, وإلي قساوة القلب, وفقدوا أيضا المحبة التي يدعونها.. 6- الذي يتدرب علي المخافة, يصل أيضا إلي الأدب في مخاطبة الله.. لأن الذين يدعون إنهم يحيون في محبة الله, دون أن يعبروا علي مخافة الله. كثيرا ما يعاتبون الله في صلواتهم بأسلوب خال من الأدب اللائق بمخاطبة الله. وباسم الدالة يخطئون في غير مخافة!! هوذا أبونا إبراهيم -علي الرغم من الدالة الكبيرة التي بينه وبين الله, يقول أثناء تشفعه في سادوم, شرعت أن أكلم المولي, وأنا تراب ورماد (تك18:27). هوذا الله يقول في سفر ملاخي النبي: الابن يكرم أباه, والعبد يكرم سيده. فإن كنت أنا أبا, فأين كرامتي. وإن كنت سيدا, فأين هيبتي؟! (ملا1:6). 7- مخافة الله تقود أيضا إلي الجدية في الحياة الروحية: بينما هناك أشخاص باسم المحبة! لا توجد في حياتهم ضوابط علي الإطلاق. حياتهم تسيب, بلا جدية!! لا يحرصون علي شئ, ولا يهتمون بشئ, ولا ينفذون شيئا. ويظنون أن الارتباط بالجدية في تنفيذ الوصية, نوعا من الناموس!! ويقولون إننا لسنا تحت ناموس!! وبهذا يصلون إلي التسيب, وعدم الالتزام بشئ! أما الإنسان الروحي الذي يخاف اله, فإنه يكون ملتزما ويكون أيضا إنسانا جادا, وأمينا في القليل.. ذلك لأن مخافة الله علي الدوام أمام عينيه. أما الذي لا يخاف الله, فإنه لا يكون ملتزما ولا جادا. وللأسف نجد هذا أحيانا في محيط الخدام! فربما يدعي أحدهم إلي اجتماع هام للشباب, ويعد ولا يحضر. ويقدم اعتذارا بعد فوات الفرصة. أما الذي يخاف الله, فإنه يكون ملتزما في مواعيده. ويقول في قلبه إن الله سيحاسبني عن كل نفس أهملتها في الاجتماع. وتجده مدققا وحريصا وملتزما في خدمته وأمينا, ذلك لأن مخافة الله أمام عينيه.. 8- مخافة الله تقود أيضا إلي الاتضاع وانسحاق القلب.. وبالاتضاع, يقول: من أنا التراب حتي أتحدي الله وأكسر وصاياه؟! وحتي إن وقف يصلي, يقول: من أنا حتي أقف أمام الله؟! ومن أنا حتي أتكلم مع الله؟! وأمامنا في هذا المجال قصة الفريسي والعشار: إن العشار -في مخافته لله- عندما دخل إلي الهيكل, وقف من بعيد, لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء. بل قرع علي صدره قائلا: اللهم ارحمني أنا الخاطئ. ذلك لأنه كان واقفا في مخافة الله. وأوصلته المخافة إلي انسحاق القلب. لذلك خرج مبررا دون ذلك الفريسي الذي -في غير مخافة- وقف أمام الله مفتخرا بصومه. وعشوره, بل وقف يدين العشار, ويقول إنه أفضل من سائر الناس الخاطئين الزناة لو18:14-10). 9- المخافة تلد الخشوع. والخشوع يلد الدموع. الإنسان الذي يخاف الله, يكون خاشعا في صلاته, وفي كل عبادته. إنه يأخذ حرارة في قلبه من مخافته لله. وقد تمتلئ صلاته بالدموع, نابعة من انسحاق قلبه.. وهكذا كان آباؤنا القديسون, علي الرغم من القمم الروحية العالية التي وصلوا إليها, لم تفارقهم مخافة الله, ولا انسحاق القلب, ولا الخشوع ولا الدموع. والأمثلة علي ذلك كثيرة في سير القديسين.. * القديس العظيم الأنبا أرسانيوس, لما وافته ساعة الوفاة, ارتعب وخاف. فقال له تلاميذه: أحتي أنت يا أبانا تخاف من هذه الساعة؟!.. فأجابهم القديس العظيم وقال لهم: إن رعب هذه الساعة ملازم لي منذ دخلت إلي الرهبنة.. هكذا كانت مخافة الله ملازمة له حتي ساعة الموت.. * وكذلك القديس الأنبا سيصوي (الأنبا شيشوي) لما أتته ساعة الموت, خاف. فقال له تلاميذه: وأنت يضا يا أبانا تخاف؟!. فقال لهم: علي قدر طاقتي أطعت وصايا الله. ولكن حكم الناس شئ, وحكم الله شئ آخر.. وقيل عنه إنه في ساعة وفاته, كان يطلب فرصة لكي يتوب!! هذا القديس المتكامل في الفضيلة, السامي والعالي في مستواه, كان يطلب فرصة لكي يتوب!!.. فماذا ترانا نفعل نحن؟!. أما الإنسان الذي يدعي أنه وصل إلي المحبة, ويسلك بالدالة مع الله علي طول الخط: فمن الجائز أن يصل إلي اللامبالاة, ويفقد كذلك روح الانسحاق. وما أسهل أن هذا التدلل يوصله إلي عدم الاهتمام بكل ما يوصله إلي الله!.. وبعد ذلك يشرب الخطية كالماء.. ويغطي علي سقوطه بقوله: إن الله يعرف ضعف البشرية, وهو حنون غفور!. أما الذي يسلك في مخافة الله, فإذ يضع خطاياه أمام عينيه كل حين, تمتلئ عيناه بالدموع, وقلبه بالخشوع. 10- الذي يعيش في مخافة الله, دائما يحاسب نفسه: ولا يحاسب نفسه فقط علي أعماله, وإنما حتي علي الأفكار والنيات, ويحاسب نفسه علي عدم النمو.. يحاسب نفسه علي كل صغيرة وكبيرة. ويشعر كما لو أنه واقف أمام جهاز تسجيل يسجل عليه كل شئ. يسجل مشاعره وعواطفه, وأفكاره ونياته, وأخطاء اللسان, وأخطاء الحواس.. وفي الواقع أن هذا صحيح. فكل تفاصيل حياتنا مسجلة علينا. وهذا المسجل علينا, سيذاع في اليوم الأخير.. أمام الملائكة, وأمام البشر, جميعا.. ولكن ثقوا أنكم إن خفتم من هذا, وتبتم عن جميع خطاياكم, فكل ما تتوبون عنه, يمحوه الله من جهاز التسجيل, ولا يعود يحسب عليكم. كما قال الكتاب: طوبي للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم. طوبي للإنسان الذي لا يحسب له الرب خطية (رو4:7, (مز32:1, 2). 11- وهكذا فإن مخافة الله, ليست فقط تقود إلي محاسبة النفس, وإنما أيضا إلي لوم النفس, والندم والتوبة.. والإنسان الذي يخاف الله يستمع إلي قول القديس مقاريوس الكبير أحكم يا أخي علي نفسك, قبل أن يحكموا عليك. وبالتالي يبكت نفسه علي كل ما فعلته, وما تنوي أن تفعله, ويبعد عن كل فكر ردئ. وكما قال القديس باخوميوس الكبير إن خوف الله يحرق الأفكار الرديئة, ويطرد كل رذيلة من الإنسان.. لذلك فإن مخافة الله توصل إلي نقاوة القلب. كيف؟ 12- مخافة الله تدفع الإنسان إلي الجهاد والتعب من أجل الله, ومن أجل الوصول إلي مرضاته.. مثال ذلك طالب في الجامعة, وأمامه مقرر طويل.. ألف صفحة مثلا, لم يذاكر منها سوي عشرين صفحة فقط! لذلك يملكه الخوف الذي يدفعه إلي مضاعفة جهده لكي يصل مهما تعب في سبيل ذلك. ونحن مقررنا الروحي هو القداسة التي بدونها لا يعاين أحد الرب قال: كونوا قديسين, لأني أنا قدوس. بل مقررنا الروحي هو الكمال, حسب قول الرب: كونوا أنتم كاملين, كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل (مت5:48). ألا نخاف إذن, والطريق طويل بيننا وبين القداسة والكمال.. أولا يدفعنا الخوف إلي الجهاد والتعب, وإلي السهر علي خلاص أنفسنا لئلا يأتي بغتة فيجدنا نياما (مر13:36). وكلما سرنا في الطريق, ووجدنا الكمال لا يزال بعيدا, نصغي بكل اهتمام إلي نصيحة القديس بولس الرسول اركضوا لكي تنالوا ومن يجاهد يضبط نفسه في كل شئ (1كو9:24, 25). وهكذا فإن الذي يخاف الله, تجده في الطريق الروحي, دائم الجهاد والركض لا يتوقف. وماذا أيضا. 13- مخافة الله تقود إلي النمو الروحي.. وفي كل يوم يتقدم, لأنه يري طريق الكمال طويلا, ويخاف أن يدركه الموت قبل أن يصل. أحد الرهبان كان يقرأ كتاب الدرجي. ووجد فيه ثلاثين درجة في سلم الفضائل, وأولها الغربة والموت عن العالم. فوضع أمامه لافتة كتب فيها لسة بدري عليك.. وجاهد لكي ينمو صاعدا في هذا السلم الروحاني. إن الذي يخاف الله, يجاهد باستمرار لينمو صاعدا, بينما الذي ليست فيه مخافة الله, قد ينحدر إلي أسفل وأسوأ. 14- الذي في قلبه مخافة الله, لا يخاف فقط علي نفسه, بل علي غيره أيضا فيسعي لنشر الملكوت. يهمه أيضا مصير كل من يعرفهم, وأبديتهم. بخاف عليهم, كما كان أيوب الصديق يخاف علي أولاده ويقدم عنهم محرقات (أي1:5). وهكذا يخاف علي خلاص الآخرين, فيجاهد في الخدمة لأجلهم, وينمو في الخدمة ومحبة الملكوت. كما قال القديس بولس الرسول: كنت أود لو أكون أنا نفسي محروما من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد (رو9:3). 15- كل هذا يجعل مخافة الله تقود إلي الصلاة.. فالإنسان يجاهد, ولكنه يري جهاده ليس كافيا. فيلجأ إلي الصلاة المستمرة, طالبا من الرب معونة ونعمة, له ولغيره. إن الخوف علي خلاص النفس, لا يكفيه مجرد الجهاد البشري. فالرب يقول: بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا(يو15:5). وهكذا فإن المخافة تقود إلي الاتجاه إلي الله. مثلما خاف بطرس من الغرق وهو يمشي علي الماء, فصرخ إلي الرب الذي أمسك بيده (مت14:30, 31).. المخافة تدعوك أن تحترس وتدقق. وفي نفس الوقت تقول للرب: اسندني فأخلص. 16- مخافة الله أيضا تدعوك إلي المعرفة, حتي لا تسقط عن جهل. وهذا يدعوك إلي القراءة وإلي المشورة.. وهكذا تلهج في كلام الله نهاراوليلا, لكي تستنير نفسك بوصاياه. وإن وجدت ما يحتاج إلي استرشاد, تلجأ إلي الآباء الروحيين لكي يشرحوا لك الطريق, متذكرا قول الكتاب: وعلي فهمك لا تعتمد (أم3:5). 17- وخافة الله تدعوك إلي حسن التعامل مع الآخرين.. إذ تخاف من قول الرب: ومن قال لأخيه يا أحمق, يكون مستوجبا نار جهنم (مت5:22). وهكذا فإن الذي يخاف الله, لا يجرح شعور أحد. ولا يدين أحدا, خوفا من أنه بالدينونة التي بها يدين, يدان (مت7:2). بل يرحم الكل لكي يستحق الرحمة, كقول الرب: طوبي للرحماء فإنهم يرحمون (مت5:7). هنا وأحب أن أقف, فالصفحة ما عادت تحتمل. وإلي اللقاء في مقال آخر لمتابعة هذه السلسلة إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلسلة مخافة الله (13) |
سلسلة مخافة الله (8) |
سلسلة مخافة الله (7) |
سلسلة مخافة الله-6 يمكنك الحصول علي مخافة الله |
سلسلة مخافة الله (9) |