شاول وعدم التعمق في الدين
لعله من أغرب الأشياء أن هذا الرجل الذي كان على رأس الأمة كان سطحياً إلى أبعد الحدود في الحياة الدينية، وليس أدل على ذلك من أنه لم يكن حتى ساعة الأتن الضائعة يعرف شخص صموئيل، وصموئيل -كما نعلم- كان في ذلك الوقت نبي الأمة وقاضيها ومحررها، وكان الإسرائيليون يذهبون إليه من كل مكان يتلمسون الحكمة والإرشاد والهداية والدين على يديه، ومن العجب أن شاول عندما ذهب إليه، لم يكن مدفوعاً برغبة دينية، بل لمعرفة الأتن الضالة!!.. كان في ذلك الوقت كما يعتقد البعض في الخامسة والأربعين عن عمره،.. ولكنه أشبه بمن يكون في هذه السن، وعقله في الخامسة أو العاشرة من العمر عند المتخلفين عقلياً، وما أكثر الذين لا تستطيع أن تجد توازناً أو تقابلاً بين أعمارهم، وحياتهم الدينية، أو مبادئهم الخلقية،.. ومن الغريب أن يكون شاول على رأس أمة دينية، وهو أبعد الناس عن العمق الروحي المطلوب،.. كانت هذه ضربته الأولى القاتلة،.. بل هي الأساس لكل الضربات الأخرى اللاحقة، لم يشرب هذا الرجل من النبع العميق الذي شرب منه موسى ويشوع وصموئيل وغيرهم، ولا نعرف له أغنية في حضرة الله، كما ترنم الملك الآتي بعده، أو كما رنم الكثيرون الذين عاشوا يلهجون في ناموس الرب ليلاً ونهاراً،... كان شجرة سامعة طويلة، لكن أصولها الداخلية توقفت بعيداً عن النهر، فعجزت عن أن تجد حياة الارتواء لملك عظيم على رأس أمة!!..