رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انهيار بابل أمام فارس ومادي إن كان الله من أجل محبته لشعبه سمح بسبي المصريين بواسطة آشور حتى يرتجف بنو يهوذا المتكلين على فرعون وجيشه؛ فأنه من أجل محبته أيضًا يسمح بتأديب بابل التي تسبي شعبه، بواسطة فارس (ركاب حمير) ومادي (ركاب جمال) حتى تنهار بابل دون أن تتحرك أوثانها لإنقاذها. وهكذا يعمل الله وسط الأمم كما في البيدر لفرز الحنطة (المؤمنين) عن التبن، حارسًا أولاده من الأشرار. 1. انهيار بابل: 1 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَرِّيَّةِ الْبَحْرِ: كَزَوَابعَ فِي الْجَنُوبِ عَاصِفَةٍ، يَأْتِي مِنَ الْبَرِّيَّةِ مِنْ أَرْضٍ مَخُوفَةٍ. 2 قَدْ أُعْلِنَتْ لِي رُؤْيَا قَاسِيَةٌ: النَّاهِبُ نَاهِبًا وَالْمُخْرِبُ مُخْرِبًا. اِصْعَدِي يَا عِيلاَمُ. حَاصِرِي يَا مَادِي. قَدْ أَبْطَلْتُ كُلَّ أَنِينِهَا. 3 لِذلِكَ امْتَلأَتْ حَقْوَايَ وَجَعًا، وَأَخَذَنِي مَخَاضٌ كَمَخَاضِ الْوَالِدَةِ. تَلَوَّيْتُ حَتَّى لاَ أَسْمَعُ. اَنْدَهَشْتُ حَتَّى لاَ أَنْظُرُ. 4 تَاهَ قَلْبِي. بَغَتَنِي رُعْبٌ. لَيْلَةُ لَذَّتِي جَعَلَهَا لِي رِعْدَةً. 5 يُرَتِّبُونَ الْمَائِدَةَ، يَحْرُسُونَ الْحِرَاسَةَ، يَأْكُلُونَ. يَشْرَبُونَ - قُومُوا أَيُّهَا الرُّؤَسَاءُ امْسَحُوا الْمِجَنَّ! 6 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «اذْهَبْ أَقِمِ الْحَارِسَ. لِيُخْبِرْ بِمَا يَرَى». 7 فَرَأَى رُكَّابًا أَزْوَاجَ فُرْسَانٍ. رُكَّابَ حَمِيرٍ. رُكَّابَ جِمَال. فَأَصْغَى إِصْغَاءً شَدِيدًا، 8 ثُمَّ صَرَخَ كَأَسَدٍ: «أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَنَا قَائِمٌ عَلَى الْمَرْصَدِ دَائِمًا فِي النَّهَارِ، وَأَنَا وَاقِفٌ عَلَى الْمَحْرَسِ كُلَّ اللَّيَالِي. 9 وَهُوَذَا رُكَّابٌ مِنَ الرِّجَالِ. أَزْوَاجٌ مِنَ الْفُرْسَانِ». فَأَجَابَ وَقَالَ: «سَقَطَتْ، سَقَطَتْ بَابِلُ، وَجَمِيعُ تَمَاثِيلِ آلِهَتِهَا الْمَنْحُوتَةِ كَسَّرَهَا إِلَى الأَرْضِ». 10 يَا دِيَاسَتِي وَبَنِي بَيْدَرِي. مَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ. يشير إشعياء النبي إلى بابل باسم رمزي غريب: "وحي من جهة برية البحر" [1]. لقد دَعَى بابل المدينة الذهبية فخر الأمم برية من أجل شرها الذي حولها إلى حالة من القفر؛ كما دُعيت "برية البحر" من أجل موقعها على نهر الفرات، أو لكونها عاصمة أعظم من أمة بين الأمم، فالمياه تُشير إلى الشعوب الكثيرة، فصارت هي برية جافة وسط الشعوب. يعتقد اليهود أن الشياطين تسكن ثلاثة مناطق من العالم: البراري القاحلة، المياه، الهواء؛ لذا حارب السيد المسيح إبليس خلال تجربته على الجبل في البرية وغلب، وحاربه في مياه الأردن كما في عرينه وغلب، وأيضًا حاربه في الهواء حين ارتفع على الصليب وانتصر. أما بابل فُدعيت "برية البحر" لتأكيد أنها صارت موضع الشيطان الساكن في البرية وأيضًا في البحر. رآها القديس يوحنا اللاهوتي امرأة زانية جالسة على مياه كثيرة (رؤ 17: 1). رأى إشعياء النبي جيش كورش القادم لتحقيق خطة الله من جهة بابل أشبه بزوابع في الجنوب، كعاصفة قادمة من البرية من أرض مخوفة [1]. الزوابع أو الرياح العنيفة التي في الجنوب تعني أنها ساخنة، بعكس القادمة من الشمال فهي باردة؛ وكأن جيش كورش يشبه رياح ساخنة عنيفة تصاحبها عاصفة من البرية مشحونة بالرمال تردم الحقول وتفسد المحاصيل وتضر البيوت والطرق وتسبب أمراضًا خاصة للعيون. بمعنى آخر تُحطم إمكانيات الإنسان ومسكنه وبصيرته. هذا على عكس الرياح الجنوبية الساخنة والهادئة فأنها تسبب نضوجًا للمحاصيل، لهذا تقول العروس: "استيقظي يا ريح الشمال، وتعالي يا ريح الجنوب، هبّي على جنتي فتقطر أطيابها؛ ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس" (نش 4: 16). لم يحتمل النبي في رقته العجيبة حتى بالنسبة للأعداء أن يرى ما يحل بابل من خراب ونهب [2]، فيقول: "لذلك امتلأت حقواي وجعًا واخذني مخاض كمخاض الوالدة، تلويت حتى لا أسمع، اندهشت حتى لا أنظر، تاه قلبي، بغتني رعب، ليلة لذتي جعلها لي رعدة" [3-4]. يبدو أنه رأى هذه الرؤيا في الليل [4]، إذ تحولت ليلة لذته بالصلاة إلى رعدة... وربما يتحدث هنا باسم البابليين الذين تحولت ليلة الوليمة والفرح إلى رعدة بسبب اقتحام كورش العاصمة؛ فقد رأى المائدة الملوكية معدة والحراس يلهون في الأكل والشرب مع أنه كان يليق بالرؤساء أن يمسحوا المجن بالدهن لكي يقاتلوا كورش. لم يحتمل النبي أن يرى بابل برجالها العظماء تلهو في غير اكتراث ليقتحم العدو الأبواب التي صارت بلا حراسة فتاه قلب النبي وامتلأ رعبًا ووجعًا. أقول كيف لا نئن نحن أيضًا من أجل الخدام الذين ينشغلون عن الجهاد الروحي بالشكليات والرسميات والولائم ليتركوا كنيسة الله ورعيته كما بغير حراسة يقظة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|