منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 07 - 10 - 2023, 05:16 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

مزمور 118 | حمد شخصي




حمد شخصي

بعد الصوت الجماعي المفرح الذي يدعو كهنة الله وقديسيه للتسبيح [1-4]، يبدأ التسبيح بصوتٍ منفردٍ، ربما يقوم به الملك كما في العدد 28، أو رئيس الكهنة أو شخص متميز، حتى تتفاعل الجماعة مع الفرد. ويشعر الكل أن التسبحة يلزم أن تكون جماعية وشخصية في نفس الوقت. فالجماعة لا تُفقد العلاقة السرية بين الإنسان والله. والعلاقة الشخصية للمؤمن لا تغنيه عن العمل الجماعي.




مِنَ الضِّيقِ دَعَوْتُ الرَّبَّ،
فَأَجَابَنِي مِنَ الرُّحْبِ [5].
إن كان المرتل تحول من صيغة الجمع إلى صيغة المفرد، فإن المرتل حين يسبح، إنما يعبد الرب باسم الجماعة كلها، لأنه يحملها في قلبه. وحين تتعبد الجماعة بالروح والحق، إنما تقدم لله كل إنسان بشخصه، لأنها أم لجميع البشرية، وتشتهي ألا يهلك أحد.
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم، إنه هنا يظهر صلاح الله وحنوه، فهو لا ينقذ من الضيق لأجل استحقاقنا، ولا من أجل أعمالٍ صالحةٍ فعلناها، وإنما من أجل الضيقة نفسها. فعندما أنقذ شعبه قال: "إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر، وسمعت صراخهم" (خر 3: 7). لم يقل رأيت فضيلة شعبي وتقدمهم، بل رأيت مذلتهم، وسمعت صراخهم. فهو أب رءوف يتحرك لخلاصهم من أجل الضيقة ذاتها. أما قول المرتل: "وأخرجني إلى السعة" أو "إلى الرحب"، فيكشف عن السبب الذي لأجله يسمح الله بالضيق: [الآن سمح بضيقتهم، لكي يجعل المتضايقين في حال أفضل وأسمى.]
* كتب الرسول: نحن نفتخر بالأحزان، عالمين أن الحزن ينشئ صبرًا، والصبر امتحانًا، والامتحان رجاءً، والرجاء لا يخزى، لأن محبة الله انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا (رو 5: 5). وكما أن المصارع لا يسأل زوال الجهاد، بل يلتمس القوة والمعونة ومؤازرة عروضه، كذلك الصديق لا يطلب رفع الشدة عنه، لئلا يعدم الثواب، بل يسأل الرب الصبر.
الأب أنسيمُس الأورشليمي


الرَّبُّ لِي فَلاَ أَخَافُ.
مَاذَا يَصْنَعُ بِي الإِنْسَانُ؟ [6]
لا يخاف خائف الرب إنسانًا ما، حتى إن اجتمعت كل البشرية كجيشٍ ضده، فإن حضرة الله في أعماقه تملأ حياته بتعزيات الروح وفرح السماء. نعمة الله تهبه منظورًا مستقبليًا مفرحًا.
* يقولون: لماذا لا تسندكم (العناية الإلهيّة) حين تُضطهدون...؟ أي شر يصيبنا مادمنا نتطلع إلى الموت كانطلاق، به نذهب إلى الرب، وكأنما هو تغيير في الحياة، نخرج من حياة إلى حياة أخرى...؟!
يقول كل منّا بثقة: "الرب لي معين فلا أخاف، ماذا يفعل بي الإنسان؟" (مز 118: 6). "فإن نفوس الأبرار في يد الرب لا يمسها أذى" (حك 3: 1)... إنهم يضطهدوننا ليس لأنّنا فعلة شر، لكنهم يظنون إنّنا كمسيحيين نخطئ ضدّ الحياة، وإنّنا نعمل ضدّ أنفسنا .
القديس إكليمنضس السكندري

* لم يقل: "سوف لا أتألم إنما "لا أخاف، ماذا يصنع بي الإنسان"، بمعنى إن كنت أتألم إلا إني لا أخاف، وكما قال بولس أيضًا: "إن كان الله معنا، فمن علينا؟" (رو 8: 31). في الواقع كانت أمور بلا حصر ضده، لكنه لم يستخدمها بطريقة خاطئة... كان أسمى وأعلى فوق كل المخاوف...
الله يحبكم يا أعزائي، لهذا فهو يجتذبكم بعيدًا من كل شيء ولا يربطكم به. إنه يتلف كل شيء ويسحبكم إليه.
القديس يوحنا الذهبي الفم

* سأل أخ أنبا موسى: "ماذا يفعل الإنسان في التجربة التي تأتي عليه والفكر الذي من العدو؟" فأجابه الشيخ عليه أن يبكي أمام نعمة الله لكي يُعينه، وبسرعة سيجد راحةً إذا قدّم توسلاته بمعرفةٍ، لأنه مكتوب: "الرب معينٌ لي، فلا أخاف، ماذا يصنع بي الإنسان؟!" (مز 118: 6؛ عب 13: 6)"
فردوس الآباء



الرَّبُّ لِي بَيْنَ مُعِينِيَّ،
وَأَنَا سَأَرَى بِأَعْدَائِي [7].
ما يشغل قلب المرتل أن الله هو معينه، لا يطلب الانتقام من أعدائه، أي الشياطين والخطايا، إنما يترك أمرهم في يدي الله.
يحارب المؤمن في جهاده الروحي ضد إبليس والخطية، تحت قيادة رب المجد نفسه الذي جنده، "رئيس (قائد) خلاصنا" (عب ٢: ١٠)، القائد الذي غلب إبليس على الصليب، ولا يزال يغلبه خلالنا (رؤ ٨: ٣٧).
* يصوب الشيطان سهامًا ضدي، لكن أنا معي سيف.
هو معه قوس، أما أنا فجندي أحمل سلاحًا ثقيلًا...
إنه حامل قوسٍ لكنه لا يجسر أن يقترب إليّ، إذ يلقى بسهامه من بعيد .
* لا ندع اليأس يتملكنا، إذ لنا حوافز كثيرة في رجاء صالح، حتى وإن أخطأنا كل يوم، فلنتقرب إليه، متوسلين ومتضرعين، طالبين المغفرة من خطايانا، لأنه هكذا نبتعد عن الخطية أكثر، كلما حان الوقت العتيد الآتي، وهكذا نطرد الشيطان، ونستدعي محبة ورأفات الله، وننال بركات الدهر الآتي بنعمة ربنا يسوع المسيح ومحبته للإنسان .
القديس يوحنا الذهبي الفم

* تضر الشيّاطين فقط الذين يخافون منها، الذين لا تحميهم يد الله القويّة العالية؛ الذين لم يتلقّنوا سرّ الحق. لكن الشيّاطين تخشى الأبرار.
لاكتانتيوس

* في إحدى الليالي اتخذ الشيطان شكل امرأةٍ، وقلَّد كل حركاتها، لإغواء أنطونيوس، أما هو إذ امتلأ عقله بالمسيح، وإذ فكَّر في روحانية النفس، أطفأ جمر خداع العدو.
حاول العدو أن يجذبه بنشوة الملذات، أما هو فإذ امتلأ غضبًا وحزنًا، حوَّل تفكيره إلى تهديد الله (للإنسان) بالنار والدود الذي لا يموت، فجاز التجربة دون أن يُمسَّ بأذى.
كل هذا أخزى عدوَّه، لأنه إذ كان يعتبر نفسه كإله هزأ به شابٌ.
ذاك الذي افتخر على اللحم والدم اضطر أن يهرب أمام إنسان في الجسد، لأن الرب كان يعمل مع أنطونيوس. الرب الذي من أجلنا أخذ جسدًا، يهب الجسد نُصرةً على إبليس حتى يستطيع كل من يحارب بإخلاصٍ أن يقول: "لستُ أنا، بل نعمة الله التي معي" (1 كو 15: 10).
وأخيرًا لما عجز التنين عن غلبة أنطونيوس، ووجد نفسه أنه قد طُرد تمامًا من قلبه، صرَّ على أسنانه، كما هو مكتوبٌ، وخرج عن شكله وظهر لأنطونيوس كولدٍٍ قبيحٍ في شكلٍ منظور يتفق مع عقله. وإذ تظاهر بالتذلُّل أمامه لم يشأ أن يُلحّ عليه بأفكار فيما بعد، لأنه لما تنكَّر هُزِم أمامه.
وأخيرًا، تكلم بصوتٍ بشريٍّ، وقال: "لقد خدعتُ كثيرين، وطرحتُ كثيرين، ولكنني برهنتُ على ضعفي، إذ هاجمتُك وهاجمتُ كل جهودك وأتعابك كما هاجمتُ كثيرين غيرك".
فسأله أنطونيوس: "مَنْ أنت يا من تتكلم هكذا معي؟"
أجاب بصوتٍ أسيفٍ: "أنا صديق الزنا، وقد التحفتُ بالإغراءات التي تدفع الشبان إلى الزنا، وأنا أُدعى روح الشهوة.
كم خدعتُ كثيرين ممن أرادوا أن يعيشوا بالاحتشام!
وما أكثر أهل العفة الذين أقنعتهم بإغراءاتي!؟
أنا الذي من أجلي يوبِّخ النبي أولئك الذين سقطوا قائلًا: "روح الزنا قد أضّلكم" (هو 4: 12)، لأنهم بي قد أُعثِروا.
أنا الذي ضايقتك كثيرًا، وغُلِبتُ منك كثيرًا!"
أما أنطونيوس، فإذ قدَّم الشكر للرب، قال له بكل شجاعةٍ: "إذًا فأنت حقيرٌ جدًا، لأنك مظلم القلب، وضعيف كطفلٍ، ومن الآن لن أجزع منك، لأنّ "الرب معيني، وأنا سأرى بأعدائي" (مز 118: 7)".
وإذ سمع هذا هرب في الحال مرتجفًا من الكلام، ولم يجسر حتى على الاقتراب إلى الرجل.
* إنه لأمرٌ عجيبٌ أنّ شخصًا وحيدًا في بريّةٍ كهذه لم يخشَ الشياطين التي هاجمته، ولا وحشية الوحوش والزحافات، لأنها كانت كثيرة جدًا، ولكنه حقًا كما هو مكتوب: "توكل على الرب مثل جبل صهيون" (مز 125: 1)، بإيمانٍ لا يتزعزع ولا يضطرب، حتى هربت الشياطين منه، ووحوش البرية سالمته كما هو مكتوب (أي 5: 23).
بستان الرهبان


الاِحْتِمَاءُ بِالرَّبِّ،
خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى إِنْسَانٍ [8].
وسط الاحتفالات بالعيد، إذ يتلامس المؤمن بحب الله الفائق وعمله الخلاصي، يعترف بثقته في الرب التي ترفعه تمامًا فوق كل اتكال على ذراعٍ بشريٍّ، حتى على ذراعه هو وقدراته وحكمته وخبرته ومعرفته.
* ليس شيء أكثر وهنًا من هذا الرجاء. إنه أضعف من نسيج العنكبوت. أو بالحري ليس فقط ضعيفًا بل ومحفوف بالمخاطر. الذين لهم هذه العادة الخاصة بالثقة في الناس يتحققون من هذا، فإنهم يسحبون على الأرض بواسطة نفس هؤلاء الناس.
أما الرجاء في الرب فعلى العكس ليس فقط قويًا بل وفيه أمان، غير معرض للتغير. لذلك قال بولس: "الرجاء لا يخزى" (رو 5: 5). ويقول حكيم آخر: "انظروا الأجيال القديمة، انظروا هل ترجى أحد الرب وخزي" (سي 2: 10)... إن خزيتم، فلأنكم لم تترجوا كما ينبغي.
القديس يوحنا الذهبي الفم

* يطابق هذا القول ما ورد في نبوة إرميا: "ملعون الرجل الذي يتكل على الإنسان، ويجعل البشر ذراعه، وعن الرب يحيد قلبه" (إر 17: 5)... ومبارك هو الرجل المتكل على الرب، ويكون مثل الشجرة المغروسة على المياه المتأصلة في الرطوبة، ولا تخاف الحر، وورقها أخضر، وفي وقت القحط لا تزال تثمر.
الأب أنسيمُس الأورشليمي



الاِحْتِمَاءُ بِالرَّبِّ،
خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى الرُّؤَسَاءِ [9].
ماذا يقصد هنا بالإنسان؟ إذ يتطلع المؤمن أثناء خروجه من عبودية فرعون، يدرك أن ما حدث ليس بقوة موسى النبي ولا هرون ولا غيرهما من القادة، إنما هو عمل إلهي سماوي فائق! يستخدم الله الرؤساء والقادة، لكنه هو العامل الحقيقي، الذي يبني البيت، ويحرس المدينة، ويهب النمو والثمر لكرمه.
* (إلى الكاهن نيبوتيان) تجنب التسلية مع أهل العالم، خاصة الذين بسبب كرامتهم ابتلعهم الكبرياء. أنت كاهن المسيح الفقير والمصلوب الذي عاش على خبز الغرباء. إنه لأمر مُخزٍ بك أن يقف أمام بابك القنصل والرجال اللكتور lectors (موظفون مهمتهم إفساح الطريق للحاكم الروماني في الاحتفالات العامة)، وإن كان حاكم الولاية يجد مأدبته عندك أفخم من تلك التي في قصره. إن قدمت عذرًا بأنك ترغب في التشفع في البائسين والمظلومين، فإن القاضي العالمي يختلف عن رجل الدين الذي ينكر ذاته، ولا يكون غنيًا، فإنه سيقدر قداستك أكثر من ثروتك.
القديس جيروم


كُلُّ الأُمَمِ أَحَاطُوا بِي.
بِاسْمِ الرَّبِّ أُبِيدُهُمْ [10].
لعل المرتل هنا هو الملك، وقد أحاطت به الأمم الوثنية التي لا تطيق عبادة الله الحي. إنها صورة رمزية كملكٍ روحيٍ لا يتوقف عدو الخير بكل قواته عن مقاومته.
* يدعو النبي (الله) من أجل أوجاع البشر المختلفة، وأيضًا القوات الشريرة، ومحاربي الإيمان بالمسيح، لأن هؤلاء جميعهم يحوطون بالصديق، ويجتهدون على سقوطه، لأن سيرته تخاصمهم وتوبخهم. لكنه بقوة المسيح يقهرهم ويطردهم مهما كانوا.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* علة الحسد هو سعادة الإنسان الذي وُضع في الفردوس، إذ لم يطق الشيطان الامتيازات التي نالها الإنسان. مع أنه تشكل من الطين اُختير ليقطن الفردوس.
بدأ الشيطان يتطلع إلى الإنسان كخليقة سفلية، إلا أنه كان له رجاء في الحياة الأبدية، بينما وهو من طبيعة أسمى منه سقط، وصار جزءً من الوجود السفلي .
القديس أمبروسيوس



أَحَاطُوا بِي وَاكْتَنَفُونِي.
بِاسْمِ الرَّبِّ أُبِيدُهُمْ [11].
تارة يصفه الكتاب المقدس كتنين رهيب أو أسد يزمجر أو تمساحٍ يفترس الخ، وأخرى كثعلب صغير لا قوة له. فإن واجه الإنسان عدو الخير بقدراته الذاتية يرتعب أمام هذا العدو العنيف، وإن اختفى في نعمة الله يراه حقيرًا. عاجزًا عن الإضرار به.
قيل عن إبليس في سفر أيوب: "أتلعب معه كالعصفور، أو تربطه لأجل فتياتك؟" (أي 41: 5). الطير الذي يُروض يمكن اللعب به لأجل التسلية والترفيه، لكن الأمر ليس هكذا بالنسبة للوياثان. لأجل التسلية تُصطاد الطيور، وتوضع في أقفاص، لتقف حولها الفتيات الصغيرات يتمتعن برؤيتها. في بعض البلاد غير المتقدمة يقوم الآباء بربط الطيور بخيط لكي ما يلهو به أطفالهم كنوعٍ من التسلية.
* جلس الشيطان وقوات الظلمة ورؤساؤها منذ تعدى آدم الوصية في قلبه وعقله وجسده كأنه عرشهم. لهذا جاء الرب وأخذ جسده من العذراء. لأنه لو شاء أن ينزل إلينا بلاهوته المكشوف بدون جسد، من كان يستطيع الإنسان أن يحتمل ذلك؟ لهذا تكلم مع الناس بواسطة الجسد كأداة. بهذه الوسيلة قضى على أرواح الشر التي كانت قد اتخذت لها كرسيًا في الجسد، أي عروش العقل والفكر التي سكنت فيها، فقام الرب بتطهير الضمير وجعل لنفسه عرش العقل والأفكار والجسد .
القديس مقاريوس الكبير




أَحَاطُوا بِي مِثْلَ النَّحْلِ.
انْطَفَأُوا كَنَارِ الشَّوْكِ.
بِاسْمِ الرَّبِّ أُبِيدُهُمْ [12].
يرى الأب أنسيمُس الأورشليمي أن كنيسة المسيح هي النحلة الحكيمة التي مع صغرها تنتج عسلًا وشمعًا. أما الهراطقة، فإنهم يحاولون التشبه بالكنيسة لكي يبثوا عقائدهم الخاطئة. إنهم ليسوا نحلًا، وإنما "مثل النحل".
* إن النحلة بصيغة المفرد التي كُتب عنها في سفر الأمثال هي كنيسة المسيح، لأنها تنتج عسلًا وشمعًا، وينتفع بها الملوك والعامة. تعاليمها لذيذة ومعتقداتها الإلهية مستقيمة. وقد شُبهت بالنحلة، لأن النحلة مُكرمة بسبب حكمتها، وهي صغيرة الحجم، لكنها قوية بشوكتها التي تلدغ بها من يهجم لإتلاف عسلها. كذلك كنيسة المسيح قبلت الحكمة وأكرمتها... ويُظن أنها صغيرة لعدم استعمالها العلم العالمي (الفلسفة)، لكنها بكلمة الحق تشق وتُمزق كلمة الهراطقة الذين يهاجمونها لإفساد تعليمها.
هذه النحلة واحدة وفريدة، أما الهراطقة فكثيرون، ولم يدعُهم النبي نحلًا، بل مثل النحل، لأنهم زنابير يشبهون النحل وليسوا نحلًا. إنهم لا ينتجون عسلًا ولا شمعًا يُنتفع به، بل يفسدون عمل الخير، ويجتهدون على إتلاف ما كان جيدًا.
وأيضًا دعاهم مثل النحل، لأن بكلامهم المموه يلذذون السماع، ويصنعون عسلًا ينقط من شفتي الزانية كما قال الحكيم. وعندما يلدغون بشوكتهم يهلكون أنفسهم ويبادون. فأقوال هؤلاء تترضض مثل الشوك؛ وتنسحق تحت مداس الأقوياء بالمسيح، ويحترقون بها في نار لا تُطفأ.
إنهم يهجمون على النفس بالشهوة والغضب بشدة، ويوقدوا حريقهم السريع كالنار في أشواكهم، لكن الصديق يقهرهم بقوة الرب الإله.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* "حينئذ جاءوا وألقوا الأيدي على يسوع وأمسكوه"، فتم القول النبوي: "أحاطوا بي مثل النحل بالشهد، وتوقدوا كالنار في الأشواك" (مز 118: 11)، وأيضًا: "قد أحاطت بي كلاب كثيرة، ثيران سمينة أحدقت بي" (مز 23: 12). فيا للصبرٍ الذي يليق بالمخلص وحده! في السماء الكاروبيم والسيرافيم لا يجسرون على التحديق بمجده الذي لا يُحد، بل يسترون وجوههم بأجنحتهم كأنما بأيديهم، بينما على الأرض تقبض على جسده أيدٍ متعدية على الناموس، وكان هو صابرًا! هل رأيتم عظمة طول أناة السيد، ومحبة ذاك الذي أنتم عبيده؟
القديس يوحنا الذهبي الفم


دَحَرْتَنِي دُحُورًا لأَسْقُطَ.
أَمَّا الرَّبُّ فَعَضَدَنِي [13].
* عندما تبلغ الأمور إلى درجة اليأس من الرجاء البشري يقوم الله بالمساعدة من جانبه. حدث هذا في حالة جليات (1 صم 17)، وأيضًا بنفس الطريقة مع الرسل. لذلك قال بولس: "لكن كان لنا في أنفسنا حكم الموت، لكي لا نكون متكلين على أنفسنا، بل على الله الذي يقيم الأموات" (2 كو 1: 9).
القديس يوحنا الذهبي الفم




* ينبغي علينا أن نصلي في كل حين، قائلين مع داود: "تَمَسَّكَتْ خطواتي بآثارك، فما زلَّت قدمايَ" (مز 5:17)، "وأقام علي صخرةٍ رجليَّ. ثبَّت خطواتي" (مز 2:40). الله هو المدبر لقلوبنا غير المنظورة، والذي يقدر أن يوجه رغباتنا نحو الفضيلة، لأن لديها الاستعداد للانحراف نحو الرذيلة، إما بسبب نقص معرفتها للخير أو للذتها بالهوى. ويظهر ذلك بوضوح في قول النبي: "دحرْتني دحورًا لأسقط"، معلنًا ضعف إرادتنا الحرة. ثم يقول: "وأما الرب فعضدني" (مز 13:118)، معلنًا عون الله لإرادتنا .
الأنبا بفنوتيوس



قُوَّتِي وَتَرَنُّمِي الرَّبُّ،
وَقَدْ صَارَ لِي خَلاَصًا [14].
هذه التسبحة الرائعة: "قوتي وتسبحتي (ترنمي) هو الرب، وقد صار لي خلاصًا"، تسبحة النصرة التي كثيرًا ما كان يرددها الأنبياء (خر 15: 2؛ إش 12: 2) وتنشدها الكنيسة، خاصة في يوم الجمعة العظيمة.
يعلق الأب أنسيمُس الأورشليمي على كلمة "صار"، قائلًا بأن ابن الله كان وكائن ولم يزل كائنًا، أي هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد، لكنه "صار" بالنسبة لنا. وذلك كقول الرسول بولس: "صار لنا حكمة من الله وبرًّا وقداسة وفداء" (1 كو 1: 30). فعندما نصير حكماء به، ونتبرر من خطايانا، ونتطهر ونخلص من عبودية الخطية، يُقال عنه إنه صار لنا حكمة وبرًا الخ. هكذا أيضًا يقال إن الله الآب صيره مسيحًا وربًا، لا يعني أنه لم يكن مسيحًا ولا ربًا، ثم صار هكذا. وإنما عندما خضعنا له بالإيمان صار لنا ربًا، أي عرفناه أنه رب وملك على الكل. بهذا المعنى يقول المرتل: "قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار لي خلاصًا. أي إني عرفت بأن الخلاص منه وأيضًا القوة، فأسبحه.
* "قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار لي خلاصًا". وكأنه يقول: "هو قوتي وعوني". الآن ما هي قوة قوله "تسبحتي"؟ مجدي وتسبحتي وزينتي وسموي! إنه ليس فقط يحرر من الخطر، وإنما يجعل الإنسان ساميًا ومشهورًا. في كل موضع يمكنكم أن تروا الخلاص مرتبطًا بالمجد.
إنه يلمح إلى شيء مثل هذا... يقول: "بالنسبة لي هذه هي أغنيتي الدائمة، وصراخي المستمر، والتسبحة التي أقدمها له، هذا هو دوري أن أسبحه باستمرار.
ليت أولئك الذين فسدوا بالأغاني الشيطانية يدركون الضرر المخيف الذي يخضعون له، مقدمين العذر بأنهم يجدون في أغاني الشيطان مرحًا، بينما يمجد المرتل المخلص باستمرار.
القديس يوحنا الذهبي الفم

* أخيرًا فإن مصدر خلاصنا يعلمنا ليس فقط ما ينبغي علينا أن نفكر فيه، لكن أيضًا أن نعرف في كل شيءٍ ما ينبغي أن نعمله. إنه يقول: "لا أستطيع من ذاتي أن أعمل شيئًا، ولكن أبي الحال فيَّ هو يعمل الأعمال" (يو 30:5؛ يو 10:14).
يقول بحسب الطبيعة البشرية التي أخذها إنه لا يستطيع عمل أي شيءٍ من نفسه، بينما نحن التراب والرماد نظن أننا لسنا في حاجة إلى معونة الله في ما يتعلق بخلاصنا. هكذا لنتعلم في كل شيءٍ أن نشعر بضعفنا الطبيعي، وفي نفس الوقت ندرك معونته، فنقول مع القديسين: "دحرتني دحورًا لأسقط، أما الرب فعضدني. قوتي وتسبحتي الرب، وقد صار لي خلاصًا" (مز 13:118-14)، "لولا أن الرب معيني لسكنت نفسي سريعًا أرض السكوت، إذ قلت قد زلّت قدماي، فرحمتك يا رب تعضدني" (مز 17:94-19). ناظرين أيضًا أن قلوبنا تتقوى في مخافة الرب وفي الصبر، فنقول: "وكان الرب سندي، أخرجني إلى الرحب" (مز 18: 18-19).
وإذ نعلم أن المعرفة تنمو بالتقدم في العمل، نقول: "لأنك تضيء مصباحي أيها الرب، يا إلهي أنر ظلمتي، لأن بك أخلص من التجربة، وبك أتحصن". حينئذ نشعر نحن أنفسنا بالانتماء إلى الشجاعة والصبر، ونسير في طريق الفضيلة مباشرة وبسهولة عظيمة وبغير جهد، فنقول: "إنه الله الذي يمنطقني بالقوة، ويجعل طرقي كاملة، الذي يجعل قدميّ كقدميّ الإيل، ويجلسني في الأعالي، ويعلم يديّ الحرب" .
القديس يوحنا كاسيان


صَوْتُ تَرَنُّمٍ وَخَلاَصٍ فِي خِيَامِ الصِّدِّيقِينَ.
يَمِينُ الرَّبِّ صَانِعَةٌ بِبَأْسٍ [15].
جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "صوت التهليل والخلاص في مساكن الأبرار".
كان خورس المسبحين يرددون عددي 15، 16 بكونهما القرار.
* لم تكن مساكن الأبرار مزخرفة ومزينة بفرشٍ ووسائدٍ، بل كانت مزينة بالصدقة والرحمة وضيافة الغرباء مثل خيمة إبراهيم وأمثاله. فكل من يجعل مسكنه بريئًا من الظلم والاغتصاب، يكون فيه صوت الابتهاج والخلاص.
أيضًا مساكن الأبرار في هذه الحياة هي هياكل الله، وفي الدهر العتيد هي المنازل المُعدة لهم في ملكوته. وفي كليهما يوجد صوت الابتهاج مع التمجيد على الخلاص. وأما مساكن الأشرار، ففيها صراخ وقتال وشتائم، أجارنا الله منها.
أما ثيؤدورس فقال إن غذاء الأبرار في الدهر العتيد فهو الابتهاج مع التمجيد لله.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* لا تسمع شكوى ولا نحيب، حديثهم بعيد عن هذه المشتقات والصيحات. يموتون ولهم نفس الشعور... لأن الموت في نظرهم ليس موتًا. يرافقون الموتى بالتسابيح، ويسمون هذه الشعائر توصيلًا (لموضع الراحة) وليس جنازات .
القديس يوحنا الذهبي الفم



يَمِينُ الرَّبِّ مُرْتَفِعَةٌ.
يَمِينُ الرَّبِّ صَانِعَةٌ بِبَأْسٍ [16].
جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "يمين الرب صنعت قوة. يمين الرب رفعتني. يمين الرب صنعت قوة" [15-16].
* يمين الرب هو ابن الله، وأيضًا أعماله وقدرته التي بها يقوي شعبه وخاصته في مواجهة الذين يضطهدونهم، ويرفعهم، ويقهر أعداءهم.
أما تثليث كلمة "يمين" فتدل على أن الله المثلث الأقانيم صنع بالإنسان ثلاثة أنواع من إحسانه:
أولًا: يمين الله صنعت قوة، عندما أخذ ترابًا وجبل الإنسان على صورته ومثاله.
ثانيًا: عندما أخذ أقنوم ابنه الطبيعة البشرية، ورفعها إلى فوق أعلى السماوات بصعوده، ومجدّها بمفاخر فائقة.
ثالثًا: صنعت قوة عندما قدمت للإنسان مواهب الروح القدس التي هي شفاء الأمراض وصنع الآيات وأجناس الألسنة، وما شاكل هذا.
وكما قال بولس الرسول: "أستطيع كل شيء في المسيح يسوع الذي يقويني".
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* يجب أن تُفهم يد (الله) بطرقٍ كثيرة. فهي إما القوة التي تعاقب أو تخدم العقاب؛ عادة يُشار إليها في الكتاب المقدس كأداة للسخط (رو 9: 22)، أو قوة للحماية والحراسة. جاء في الكتاب المقدس: "لا يقدر أن يخطفها أحد من يدي" (راجع يو 10: 28).
القديس ديديموس الضرير




لاَ أَمُوتُ بَلْ أَحْيَا،
وَأُحَدِّثُ بِأَعْمَالِ الرَّبِّ [17].
يمين الرب تعطي قوة لمن كانت معتقداته يمينية (مستقيمة)، وأعماله توجب له الوقوف عن يمين الديان العادل، وترفعه، وتبلغ به إلى عدم الموت الحاصل من الخطية، حتى يقول: "فلن أموت بعد، بل أحيا وأحدث بأعمال الرب" [17]. وإحساناته. أيضًا تنجيه من مصارعة معيشة الأشرار الجابلة للموت.
* يقول: "لا أموت" الموت الآخر الذي أشار إليه المسيح بقوله: "من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيًا وآمن بي، فلن يموت إلى الأبد" (يو 11: 25-26) .
القديس يوحنا الذهبي الفم



تَأْدِيبًا أَدَّبَنِي الرَّبُّ،
وَإِلَى الْمَوْتِ لَمْ يُسْلِمْنِي [18].
* "تأديبًا أدبني الرب، وإلى الموت لم يسلمني"... لا يشكر المرتل لأنه يتحرر (من الضيق)، وإنما يدرك أيضًا النعمة العظيمة التي نزل فيها، فأشار إلى فائدة التجربة. ما هي؟ يقول: "تأديبًا أدبني الرب". هذه هي قيمة المخاطر، فإنها تجعل الإنسان في حالة أفضل.
القديس يوحنا الذهبي الفم

* التأديب (أو التوبيخ) هو دليل على الرعاية المُحبَّة، وهو يقود إلى الفهم.
يظهر المعلِّم هذا التوبيخ حين يقول في الكتاب: "كم مرَّة أردتُ أن أجمع أولادك، كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا" (مت 23: 37). ويقول الكتاب أيضًا: "زنوا وراء الأصنام والحجر، وقرَّبوا محرقاتهم للبعل". إنه لدليل عظيم على حبِّه، فمع أنه يعرف خزي الذين رفضوه، وأنهم جروا بعيدًا عنه، مع ذلك يحثَّهم على التوبة. ويقول بحزقيال: "أما أنت يا ابن آدم، لا تخف أن تكلِّمهم، فربَّما يسمعون" (راجع حز 2: 6). ويقول لموسى: "اذهب وقل لفرعون أن يُطلق شعبي. ولكن أنا أعلم أنه لن يطلقهم." هنا يظهر كلا الأمرين: أُلوهيَّته، التي تظهر من سابق علمه بالذي سوف يحدث، وحبُّه، بإتاحته الفرصة لهم أن يختاروا التوبة لأنفسهم.
وباهتمامه بالشعب وبَّخهم في إشعياء قائلًا: "هذا الشعب أكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمُبتعد عنِّي" (إش 29: 13). ويقول أيضًا: "باطلًا يعبدونني، وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس" (مت 15: 9). هنا رعايته المُحبَّة تظهر خطاياهم والخلاص جنبًا إلى جنب .
القدِّيس إكليمنضس السكندري

* كل من يؤمن يقبله الرب، لكنه يؤدب كل ابن يقبله (عب 12: 6). وفي تأديبه له لا يسلمه للموت. لأنه مكتوب: "أدبًا أدبني الرب، وإلى الموت لم يسلمني" (مز 118: 18) .
القديس أمبروسيوس

* من يقبل تأديب الرب بنشاطٍ ينتفع منه، ويصلح رأيه وأعماله، ولا يُسلم للموت الذي يلحق ملازمي القبائح. لهذا يسمح الرب بسقوط أخصائه في شدائدٍ، ليكسبوا من المحن والتجارب البرء من موت الخطية. لأن الرسول يقول: "الذي يحبه الرب يؤدبه، ويجلد كل ابنٍ يقبله" (عب 12: 6). إن صبرتم على التأديب بأن الله يعاملكم كبنين، لأن من هو الابن الذي يؤدبه أبوه. وإن كنتم خالين من التأديب... فأنتم إذن نغول لا بنين.
الأب أنسيمُس الأورشليمي



اِفْتَحُوا لِي أَبْوَابَ الْبِرِّ.
أَدْخُلْ فِيهَا، وَأَحْمَدِ الرَّبَّ [19].
لم يكن يُسمح للاشتراك في موكب العيد سوى لأتقياء الرب الذين يدخلون من أبواب البرّ. "ارفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن، وارتفعن أيتها الأبواب الدهريات، فيدخل ملك المجد" (مز 24: 7).
* يتجاسر بعضكم فيفسر النبوة التي تقول: "ارتفعي أيتها الأبواب، وأنتم أيها الرؤساء، ارتفعن أيتها الأبواب الدهريات ليدخل ملك المجد" (مز 24: 7).
البعض يفسرها أنها تنطبق على حزقيا، وآخرون منكم أنها تعني سليمان. لكنها لا تخص الأخير ولا الأول، ولا أحد الملوك الآخرين. فإن كانت تشير إلى ملكٍ، فهي تشير إلى مسيحنا وحده. هذا الذي ظهر بلا جمالٍ ولا مجدٍ كقول إشعياء وداود، والكتاب المقدس كله.
إنه هو رب الجنود، الذي بإرادة الله (الآب) أسبغ عليه الكرامة، وقام أيضًا من الأموات وصعد إلى السماوات. وكما أعلن المزمور والكتاب المقدس أنه رب الجنود، ومن ثم يسهل عليكم أن تقتنعوا بالأحداث الماثلة أمام أعينكم .
* الفضائل العامة والجامعة هي أربع: البرّ (العدل) والفطنة والرجولة (النضوج) والعفة.
هذه الأربع لها أبواب للدخول فيها، وهي الأعمال الصالحة الجزئية.
هذه الأبواب، تُفتح لمن يقبل بنشاط تأديب الرب، والمهتم بخلاص نفسه. وتُغلق لمن لا يقبل تأديب الرب وللشرير.
وكما أن أبواب السوء التي هي المعاصي مفتوحة لمن يُريد الراحة الزمنية ولا يهتم بخلاص نفسه، ومغلقة بالنسبة للأبرار، فأبواب الفضائل تفتح أبواب السماوات لمن يقرع عليها. أما أبواب الرذائل فتفتح لمتبعيها أبواب الجحيم.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* إذ يصعد ربنا إلى الآب في نصرةٍ، يصدر أوامره للملائكة، قائلًا: "افتحوا لي أبواب البرّ، أدخل فيها وأحمد الرب" (مز 118: 19). هذه الأبواب التي يتحدث عنها الملائكة في المزمور الثالث والعشرين (24): "ارفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن، وارتفعن أيتها الأبواب الدهريات، فيدخل ملك المجد" (مز 24: 7، 9).
يليق بالأبواب أن تؤمر بأن ترفع مداخلها وذلك حسب تدبير وسرّ الجسد، وفي توافقِ مع نصرة الصليب.
إنه يعود فيدخل إلى السماء بأكثر قوة (حيث يدخل بكنيسته معه) عما كان عليه عند نزوله إلى الأرض.
القديس جيروم

* يقف المسيح بباب نفوسنا. اسمعوه يقول: "هأنذا واقف علي الباب أقرع، فإن فتح أحد لي، أدخل إليه، وأتعشَّ معه وهو معي" (رؤ 3: 20).
وتقول الكنيسة متحدثة عنه: "صوتُ أخي يطرق الباب".
يقف، لكن ليس وحده، إذ يُحضر أمامه الملائكة قائلين: "ارتفعي أيتها الأبواب، وأيها القوات". أية أبواب، تلك التي يترنم بها المرتل، وفي موضع آخر أيضًا: "افتحي لي يا أبواب البرّ" (مز 118: 19).
إذن افتحوا أبوابكم للمسيح، ليدخل إليكم.
افتحوا أبواب البرّ، أبواب العفة، أبواب الجرأة والحكمة.
آمنوا برسالة الملائكة، "ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية، ليدخل ملك المجد، رب الصباؤوت".
بابكم هو الاعتراف الجهوري عاليًا بصوتٍ مؤمنٍ: إنه باب الرب، الذي يشتاق الرسول أن ينفتح له، إذ يقول: "حتى يفتح لي (الرب) بابًا للكلام لأعلن (أجاهر) بسرّ المسيح" (كو 4: 3).
فلينفتح إذن بابكم للمسيح.
لا تفتحوه فقط، بل ارفعوه إن كان فعلًا بابًا دهريًا، وغير محكوم عليه بالهلاك، إذ هو مكتوب: "ارتفعي أيتها الأبواب الدهريات".
لقد ارتفعت قائمة باب إشعياء النبي، حينما لمس الساروف شفتيه، ورأى إشعياء رب الصاباؤوت (إش 6) .
القديس أمبروسيوس

* تُفتح أبواب (البرَّ) للذين تأدبوا، للذين نزعوا خطاياهم. الإنسان الذي يؤدب يمكنه أن يقول بثقة: "افتحوا لي أبواب البرّ".
تُفهم العبارة بالتأويل الرمزي، إنها أبواب السماء التي أُغلقت بالنسبة للأشرار، والتي يلزمكم أن تقرعوا عليها بالفضيلة والصدق والبرّ.
القديس يوحنا الذهبي الفم



هَذَا الْبَابُ لِلرَّبِّ.
الصِّدِّيقُونَ يَدْخُلُونَ فِيهِ [20].
يبدأ الدخول من أبواب البرّ بصيغة المفرد ثم الجمع، ولعله يشير إلى دخول المسيح الأول كبكر القائمين من الأموات الذي يسبقنا بصعوده إلى السماء، فيفتح أبوابها لمؤمنيه الذين منه يُحسبون صديقين.
كان للأبواب أو أقواس الزينة الخاصة بمناطق مقدسة أسماء ذات مدلولات معينة. كمثال عند جبل سيناء 4000 درجة تبلغ بالسائح أو الحاج إلى قمة الجبل، يعبر الإنسان إليها خلال "باب الاعتراف".
* الذي يدخل أبواب فضائل كثيرة ينتهي إلى بابٍ واحدٍ، ليس له ثانٍ، وهو ربنا يسوع المسيح، كقوله: "أنا هو باب الخراف، إن دخل بي أحد، فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى" (يو 10: 9).
هذا الباب لا يدخله أحد سوى الأبرار، لأنه يؤدي إلى معاينة الله، ولن يعاينه غير أنقياء القلب.
إلى هذا الباب الواحد تهدينا أبواب الفضائل وأبواب التعاليم.
أيضًا الشريعة والأنبياء طرقوا لنا منهجًا إلى المسيح المؤدي إلى حضن الله أبيه، وإلى ملكوت السماوات. هذا يبلغه السالكون الطريق الشاقة من الباب الضيق، لا الذين يحبون الراحة والسعة في هذا العالم.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* الآن يمكن فهم أبواب صهيون بصفتها مضادة لأبواب الموت. يوجد إذن باب واحد للموت والإثم، أما باب صهيون، فهو ضبط النفس. وهذا ما يقصده النبي القائل: "هذا باب الرب، والصديقون يدخلون فيه" (مز 20:118).
كما يوجد الجبن، وهو باب للموت؛ في حين الشجاعة هي باب صهيون.
نقص التعقل هو باب الموت، وعلى العكس التعقل هو باب صهيون.
وفي مقابل جميع أبواب "العلم الكاذب الاسم" (1 تي 20:6) يوجد باب واحد يجابهها، هو باب المعرفة المنزهة عن الكذب.
ولكن إذا وضعنا في الاعتبار أن "مصارعتنا ليست مع دمٍ ولحمٍ" (أف 12:6)، يمكن القول إن كل قوة ورئيس عالم هذه الظلمة، وكل واحدٍ من "أجناد الشر الروحية في السماويات" (أف 12:6)، هو باب للجحيم والموت.
العلامة أوريجينوس

* عندما صلَّى أبونا يعقوب أيضًا في بيت إيل رأى السماء قد انفتحت، وسُلَّم يصعد إلى أعلى (تك 28: 2). هذا الذي رآه يصعد هو رمز مخلِّصنا، وباب السماء هو المسيح. هذا يطابق قول السيِّد المسيح: "أنا هو الباب، إن دخل بي أحد فيخلُص" (يو 10: 9). وقال داود أيضًا: "هذا هو باب الرب، والصدِّيقون يدخلون فيه" (مز 118: 20).
السُلَّم الذي رآه يعقوب هو رمز مخلِّصنا، الذي بواسطته يصعد الصدِّيقون من المملكة السفلى إلى المملكة العُليا .
القديس أفراهاط الحكيم الفارسي

* لننطرح قدّام الرب ونسأله بدموعٍ أن يجعلنا رحومين، ويصالحنا معه، ويعيدنا إلى ممارسة الحب الأخوي الذي كان لنا، اللائق والمقدّس.
إنه باب البرّ الذي يفتح الطريق للحياة، كما هو مكتوب: "افتحوا لي أبواب البرّ، أدخل فيها، وأحمد الرب. هذا هو باب الرب، والصدّيقون يدخلون فيه" (مز ١١٨: ١٩-٢٠).
الحب يقود إلى أعالٍ لا يُخبر بها!
الحب يوحِّدنا مع الله، إذ "المحبّة تستر كثرة من الخطايا" (١ بط ٤: ٨؛ أم ١٠: ٢)...
بالحب يصير مختارو الله كاملين، وبدونه ليس شيء يرضي الله.
بالحب يأخذنا الرب إليه.
بالحب يحملنا يسوع المسيح الذي أراق دمه عنّا بإرادة الله، وأعطانا جسده عن جسدنا، ونفسه عن نفوسنا.
انظروا أيها الأحبّاء، كم هو عظيم - الحب - ومدهش! كماله لا يمكن وصفه...!
يجلس الكاملون في الحب بالنعمة الإلهيّة في مجالس القدّيسين، ويظهرون عند إعلان ملكوت المسيح.
القديس إكليمنضس الروماني

* توجد أبواب الموت، وأبواب الهلاك، كما توجد أبواب الحياة أبواب ضيقة وكرب... خلالها يدخل الذين يتأدبون، والذين هم مستقيمون. إنها ضيقة وكرب كما ترون... أما أبواب الهلاك فواسعة وفسيحة.
القديس يوحنا الذهبي الفم

* "هذا الباب للرب، الصديقون يدخلون فيه" (مز 118: 20). خلال هذا الباب، دخل بطرس وبولس وكل الرسل والشهداء، واليوم لا يزال القديسون يدخلون فيه. خلال هذا الباب، دخل اللص كأول واحدٍ مع الرب. ليكن لكم إيمان فتترجوا دخولكم فيه.
لم يقل المزمور إن الرسل والشهداء، بل الصديقون يدخلون فيه.
كل إنسانٍ يعيش في برّ ويتأهل أن يكون بين عبيد الرب المحبين يدخل منه، فإن الرب لا يطلب دم الذين يشهدون له، وإنما الإيمان الذي خلاله سفكوا الدم. إن كان إيماننا قويًا حتى الاستشهاد، فهذا يكون لحسابنا.
القديس جيروم



أَحْمَدُكَ لأَنَّكَ اسْتَجَبْتَ لِي،
وَصِرْتَ لِي خَلاَصًا [21].
كما تسبحه الجماعة هكذا يسبحه كل عضو في الجماعة شخصيًا. فالخلاص مُقدم للجميع كما هو عطية إلهية، تُقدم لكل عضوٍ في الجماعة.
* إنه يشكر، ليس من أجل ما وُهب له، وإنما من أجل ما تعلمه. هذا في الواقع السبب الذي سُمع له.
القديس يوحنا الذهبي الفم

* يعترف الصديقون للرب، ويستجيب لهم، ويصير لهم خلاصًا.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور 119 | ارتباطي بالوصية على مستوى شخصي
مزمور 102 | نحيب شخصي في الأرض
مزمور 102 | نحيب شخصي
مزمور 35 - التمتع بخلاص شخصي
التحرير أثناء خطاب الرئيس: سيسى يا سيسى.. عدلى هو رئيسى


الساعة الآن 10:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024