رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
*********************************** تقول ماريا فالتورتا: " أرى أيضأ منزل الناصرة : الحجرة الصغيرة حيث تمكث مريم عادةً لوجبات الطعام. في هذه اللحظة، هي مهتمّة بشغلٍ من القماش الأبيض. تضع عملها لتذهب وتُضيء مصباحاً. الليل يهبط والنور المُخضرّ الذي يدخل عبر الباب المشقوق على البستان يصبح غير كافٍ. تُغلقه. أُدرِك أن حبلها متقدِّم جداً. لكنها لا تزال جميلة جداً. مشيتها سهلة، ورشيقٌ كلّ تصرُّفها. لا شيء من ذلك التثاقل الذي نلاحِظه عند المرأة التي ستلد طفلاً قريباً. وحده الوجه تغيّر. الآن، إنها 'المرأة'. أولاً، في زمن البشارة، كانت صبيّة تماماً، وجهها هادئ. إنما تجهل: وجهُ طفلةٍ بريئة. مذاك، في منزل أليصابات، وقت ولادة المعمداني، صفا وجهها أكثر، ونضج جمالها. الآن إنه الوجه الهادئ، إنما المطبوع بالجلال العذب للمرأة التي تبلغ كمالها في الأمومة. مريم أصبحت الآن 'المرأة' حقاً، المملوءة وقاراً ونعمة. حتى ابتسامتها تفتَّحَت عذوبةً جليلة. كم هي جميلة! يوسف يدخل. يبدو عائداً من البلد، لأنه يدخل من الباب الخارجي لا من باب المشغل. مريم ترفع رأسها وتبتسم له. ويوسف يبتسم لها أيضاً. لكنه يبدو مُتعباً، مشغول البال. مريم تُراقِبه، مُتسائلةً عمّا هناك. ثم تنهض، تتناول الرداء الذي يخلعه يوسف وتضعه على مقعدٍ مُنجَّد. يوسف يجلس قرب الطاولة. يسند إليها كوعه، رأسه على يدٍ فيما يداعب لحيته باليد الأخرى، مشغول البال. " بك همٌّ ما يُعذّبك؟" تسأل مريم. " أيمكنني تعزيتك؟" " أنتِ دوماً تعزيتي، يا مريم. إنما هو همٌّ جسيم، هذه المرة....لك." " لي، يا يوسف؟ ماذا هناك إذاً". " لقد علّقوا منشوراً على باب المعبد. إنه أمر تعداد كلّ الفلسطينيين. ينبغي الذهاب للقيد في مكان المنشأ. بالنسبة إلينا، علينا الذهاب إلى بيت لحم." " آه!" تُقاطِع مريم، واضِعةً يدها على بطنها. " ذاك يثير شعورك، أليس كذلك؟ الأمر صعب، أعلم ذلك." " لا، يا يوسف. ليس ذلك. إنني أفكر....أُفكِّر بالكتابات المقدسة: راحيل أم بنيامين وزوجة يعقوب، التي تولد منها النجمة: المخلص. راحيل المدفونة في بيت لحم التي قيل فيها : ' وأنتِ يا بيت لحم إفراتا، أنتِ أصغرُ ناحيةٍ من يهوذا، لكن منكِ سيخرج السيّد.' السيّد الموعودة به ذرِّيَّة داوود، سيُولَد هناك..." " تعتقدين...تعتقدين بأن الوقت حلّ؟ آه! كيف سنفعل؟" يوسف مُضطربٌ تماماً. ينظر إلى مريم نظرة شفقة. تتبيَّن ذلك. تبتسم. لنفسها تبتسم، أكثر منها له. إبتسامة تبدو قائلةً: " إنه إنسان ، بارّ، إنما إنسان. يرى الأمور إنساناً. يُفكِّر إنساناً. أشفقي عليه ، يا نفسي، وقوديه إلى الحكم على الأمور بالروح." لكن طيبتها تدفعها إلى طمأنته. إنها لا تكذب، بل تسعى إلى إلهائه عن حزنه." لا أدري، يا يوسف. الزمن قريب، إنما ألا يستطيع الربّ تأخيره ليرفع عنك هذا الهمّ؟ هو يستطيع كلّ شيء. لا تخَفْ." " لكن السفر؟...من يدري أيّ حشد! هل سنجد مأوى جيداً؟ هل سنملك الوقت للعودة؟ وإذا...إذا كان عليكِ أن تكوني أُمّاً، هناك، فكيف سنتصرّف؟ إننا لا نملك منزلاً...ما عدنا نعرف أحداً..." " لا تخَفْ، كلُّ شيءٍ سيجري على ما يُرام. ان الله يُوجِد ملاذاً للحيوان الذي عليه أن يلد صغيره. أَتُريد ألّا يُوجِده لمسيحِه؟ لنثق به. أليس كذلك؟ لنثق دوماً به. كلما كانت المحنة عظيمة كلما ينبغي أن نثق. هو يُرشِدنا. لنكن مُستسلِمين له تماماً. أُنظُر كيف قادنا بحبٍّ إلى هذا الحين. إن أباً، أفضل الآباء، ما كان استطاع أن يبذل لنا عنايةً إلى هذا الحدّ. لنكُن إبنَيه وخادِمَيه، لنُتمّ مشيئته. ما من شيءٍ مؤذٍ يمكنه أن يحدث لنا. حتى هذا المنشور هو مشيئته. من هو قيصر؟ أداة بين يدَيّ الله. منذ اللحظةِ التي قرّر فيها الله أن يغفر للإنسان ، حدّد مُسبَّقاً الأحداث ليولد مسيحه في بيت لحم. هي، أصغر مدن يهوذا، ما كانت موجودة بعدُ ومجدها أُعلِن. كان ينبغي أن يظهر هذا المجد، فكلمة الله لا يمكنها أن تكذب... آه! لا تخف، يا يوسف. إذا كانت الطرق غير آمنة، إذا جعل الحشدُ السفر صعباً ، فسوف يحمينا الملائكة ويواكِبوننا. لا نحن، بل ملكهم. إن لم نجد ملاذاً، فسوف يُخبِّئوننا تحت أجنحتهم. لا شيء مؤذياً سيحدث لنا. لا شيء يمكنه ان يحدث: إن الله معنا." يوسف ينظر إليها ويُنصِت إليها، نشواناً. تجاعيد جبهته تزول، إبتسامته تعود. يستوي بلا غمٍّ وبلا حزن. يبتسم. " أنتِ المُباركة، شمسُ نفسي! أنتِ المباركة، تُحسِنين رؤية كلّ شيءٍ في نور النعمة المملوءة بها! ألا لا نُضِع وقتاً، إذاً. ينبغي أن نرحل، في أسرع وقت و... أن نعود في أسرع وقت لأن كلَّ شيءٍ جاهز، هنا، جاهز ل...ل..." " لإبننا نحن، يا يوسف. هكذا يجب أن يبدو أمام أنظار العالم، تذكَّر ذلك. إن الآب أحاط بالسرِّ مجيئه ولا يعود إلينا نزعَ الحجابَ عنه. هو، يسوع، يفعل ذلك، حين ستحلّ الساعة..." جمال وجه مريم، نظرها، مُحيّاها، صوتها حين تقول:' يسوع' لا يمكن وصفه. إنها النشوة. وعلى هذه النشوة تتلاشى الرؤيا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مريم العذراء والسكن في الناصرة |
وُلدت هذه العذراء بمدينة الناصرة |
مريم العذراء هى عذراء من الناصرة |
كيف انتقل بيت العذراء مريم من الناصرة إلى لوريتو؟ |
مريم العذراء هى عذراء من الناصرة |