رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ذهاب رئيس الملائكة إلى غابيلوس [1- 6] عندئذ ٍ دعا طوبيا رافائيل، وقال له: [1] "يا أخي عزريا، خذ معك غلامًا وجملين واذهب إلى بيت غابيلوس في راجيس بميديا. أحضر لي الفضة وأحضره إلى وليمة العُرْسِ [2]. فقد أقسم رعوئيل ألا يطلقني [3]. لكن أبي يُعدّ الأيام، فإذا ما أبطأت كثيرًا يحزن جدًا [4]. عندئذ مضى رافائيل وقضى الليل مع غابيلوس، وأعطاه الصك. بهذا أحضر غابيلوس أكياسًا صغيرة مختومة وقدَّمها له [5]. استيقظ الاثنان في الصباح المبكر ومضيا إلى وليمة العُرْسِ. وبارك طوبيا وزوجته [6]. يُلاحَظ في هذا النص الآتي: أولاً: استغلالًا للوقت، طلب طوبيا من الملاك (عزريا) أن يذهب هو بالصك إلى راجيس المدينة التي يُقِيم فيها غابيلوس لاسترداد قيمة الصك، وذلك حتى يستطيع أن يقضي أطول وقت ممكن مع سارة وعائلتها. ثانيًا: قضى رئيس الملائكة ليلة مع غابيلوس [5]. لم يُشِر السفر إلى أية أحاديث بينهما، إنما بلا شكٍ كانت ليلة فريدة في حياة غابيلوس، شعر أن هذا الضيف رفع قلبه وفكره كما إلى السماء، وتلامس مع الحضرة الإلهية. ثالثًا: في (طوبيت 7:3) قيل إن رعوئيل كان في راجيس، وفي هذا الأصحاح قيل إن غابيلوس في راجيس فكيف يرسل طوبيا الذي في راجيس الملاك ليستوفي قيمة الصك ويقول له انطلق إلى راجيس؟! يرى البعض أن اسم المقاطعة راجيس ربما على اسم المدينة التي يسكنها غابيلوس، أما رعوئيل فكان يسكن في أحد أطراف مقاطعة راجيس وتُسمَّى أحمتا أو اكباتانا. يقول نيافة الأنبا مكاريوس إن هذه المدينة -أي مدينة راجيس- خُرِّبت في زمن الإسكندر الاكبر ثم أعيد بنائها على يد سلوقس نيكاتور نحو سنة 300 قبل الميلاد، وربما تكون هي أطلال بالقرب من قرية شاه عبد العزيز، التي يربطها بمدينة طهران خط السكك الحديدية الإيرانية، وتبعد عنها بنحو ثمانية كيلومترات إلى الجنوب الشرقي منها - أي من طهران. رابعًا: لا يستطيع طوبيا أن يستخفّ بقَسًم رَعوئيل [3]، حيث كان اليهود يخشون ذلك جدًا، فإنه التزام أدبي من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب الخشية من غضب الله الذي نهى عن الحنث بالقَسَم، وشق الذبيحة قديمًا عند العهد قد يكون معناه أن يشطر هكذا، كل من حنث بالعهد، ولعل منها قد جاءت لفظة قَسَمِ في العبرية. اهتم سفر اللاويين بتقديم ذبيحة إثم لمن يحنث بقَسَمِه، إذ جاء فيه: "أو إذا حلف أحد مفترطًا بشفتيه للإساءة أو للإحسان من جميع ما يفترط به الإنسان في اليمين وأخفي عنه ثم علم فهو مذنب في شيءٍ من ذلك. فإن كان يذنب في شيءٍ من هذه يقر بما قد أخطأ به. ويأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه عن خطيته التي أخطأ بها أنثى من الأغنام نعجة أو عنزًا من المعز ذبيحة خطية، فيكفر عنه الكاهن من خطيته. وإن لم تنل يده كفاية لشاة فيأتي بذبيحة لإثمه الذي أخطأ به يمامتين أو فرخي حمام إلى الرب أحدهما ذبيحة خطية والآخر مُحرَقة. يأتي بهما إلى الكاهن فيقرب الذي للخطية أولاً يحز رأسه من قفاه ولا يفصله" (لا 5: 4-8). "... أو وجد لقطة وجحدها وحلف كاذبًا على شيءٍ من كل ما يفعله الإنسان مخطئًا به. فإذا أخطأ وأذنب يرد المسلوب الذي سلبه أو المغتصب الذي اغتصبه أو الوديعة التي أُودعت عنده أو اللقطة التي وجدها. أو كل ما حلف عليه كاذبًا يعوضه برأسه ويزيد عليه خمسه إلى الذي هو له يدفعه يوم ذبيحة إثمه. ويأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه كبشا صحيحًا من الغنم بتقويمك ذبيحة إثم إلى الكاهن. فيكفر عنه الكاهن أمام الرب، فيصفح عنه في الشيء من كل ما فعله مذنبًا به." (لا 6: 3-7) خامسًا: حينما تقابل رافائيل مع غابيلوس دفع إليه صكه، واستوفى منه المال كله، ونلاحظ أن الشريعة كانت تسمح بالقروض بين اليهود بعضهم البعض، ولكن لم تسمح إطلاقًا بفائدة أو رِبا وتقول في ذلك: "إن أقرضت فضة لشعبي الفقير الذي عندك فلا تكن له كالرابي لا تضعوا عليه رِبا، إن ارتهنت ثوب صاحبك فإلى غروب الشمس تردّه له، لأنه وحده غطاؤه، هو ثوبه لجلده، في ماذا ينام؟" (خر 25:22-27)". وتؤكد ذلك في موقع آخر "وإذا افتقر أخوك وقصرت يده عندك فأعضده غريبًا أو مستوطنًا فيعيش معك، لا تأخذ منه رِبًا ولا مرابحة بل اخش إلهك فيعيش أخوك معك، فضتك لا تعطه بالرِبا وطعامك لا تُعطِ بالمرابحة" (لا 35:25-37). قال السيد المسيح له المجد: "من سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده (مت 42:5)". وقال يشوع بن سيراخ يقول: "الذي يصنع رحمة يقرض القريب والذي يمد إليه يد المساعدة يحفظ الوصايا. أقرض قريبك في وقت حاجته وسدِّد ما له عليك في حينه، أثبت على كلامك وكن مخلصًا له، فتنال بغيتك في كل حينٍ، كثيرون يحسبون القرض لقطة ويجلبون المتاعب للذين ساعدوهم. قبل أن يقبضوا يُقَبِّلون اليد وأمام أمواله يتكلمون بتواضع، فإذا آن الرد ما طالوا وردّوا كلمات كئيبة وشكوا صروف الدهر. إن كان الرد في طاقتهم يكاد المقرض لا ينال النصف ويحسب ذلك لقطة وإلا فيكونوا قد سلبوه أمواله ويكون قد زاد عدد أعدائه، بلا سببٍ يردون لعنًا وشتما وبدل الإكرام يكافئونه الإهانة. كثيرون عن غير خبثٍ يمسكون عن القرض مخافة أن يُسلبوا بلا سببٍ" (سيراخ 29: 1-7 ). وداود النبي يقول: "الشرير يستقرض ولا يفي، أما الصديق فيترأف ويعطي" (مز 21:37). لأن غابيلوس كان رجلًا بارًا، رد كل ما كان عليه دفعة واحدة. مع أن المبلغ كان كبيًرا. وعندما علم بخبر العُرْسِ، قام ومضى إلى العُرْسِ فرحًا ومهنئًا طوبيا بن طوبيت صديقه. والذي وقف جانبه حينما كان في احتياج فهو لم ينسَ من صنع معه المعروف[2]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|