رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لك أيضًا الليل «لكَ النهار، ولك أيضًا الليل. أنتَ هيَّأتَ النور والشمس» ( مزمور 74: 16 ) ما أجمل النهار! في النهار نرى النور ونسمع تغريد الطيور، في النهار نحظى بالدفء، نقطف الثمار وأجمل الزهور. لكن ما أرهب الليل! فحينما يرخي سدوله، يُخيِّم ظلام الحيرة ويَسود الجمود بحلوله، بينما تستيقظ وحوش الهواجس لتحوم، وسماء الفكر قد تَسْوَدّ بغيوم الشكوك. في الليل تبرد القلوب وينقطع الغناء، وتعلو زفرات الأنين. لكن أَ ليس الذي أبدع النهار هو الذي صنع الليل أيضًا، وهو المُقتدر الذي يُدير الليل ويَسود عليه بحكمته! أ ليس هو – تبارك اسمه – الذي جاء في نعمته وعاش تحت الشمس، مُشاركًا خليقته، فاجتاز الليل ليُبطل رهبته، ليُضيء لنا في ظلمته، ويُخرج مِن جفائه حلاوة، ومن صمته شدوًا، وخلف غيومه ادَّخَرَ نعمًا؟! ما أهدأ وأهنأ الليل في ستره! وما أبهى إشراق وجهه وسط عتمة الليل الرهيب، إذ يرتسم ثغره البسَّام الذي يفيض بالحنان ويهمس بالإعلان، ويبث في القلوب فرحًا وسلام! أَ لم يأمر تلاميذه الأحباء أن يسبقوه إلى العَبر، وهو يعلم أنهم سوف يقضوا ليلة ليلاء ويذوقوا فيها مُرّ العناء، لكي في الأخير يُعلن لهم أنه الإله القدير الذي له الليل، هو الذي كساه بالظلام ودعا الرياح العاصفة، ورفع الأمواج الهائجة المتلاطمة، لكي يستعرض ـ في الهزيع الرابع ـ قدرته وسلطانه ويُظهر أيضًا رحمته وحنانه؟! عندما يميل النهار ليس لنا ملاذ إلا حضنه الرحيب والدافئ، فالليل صورة للأزمات التي قصد إلهنا الصالح والحكيم أن نجتاز في دروبها الوعـرة لكي نستند عليه ونلتمس معونته ونتذوَّق حنانه ورحمته. كما أنها فرصة نرى فيها يده القديرة التي ترفع المصائب وتصنع العجائب. الليل فرصة لنا أن نُضيء كأنوار فنشهد بالسلوك القويم، كما نشهد عن صلاح إلهنا بصبرنا وشكرنا في آلامنا. كما أن الليل فرصة أن نقوم ونحمد الرب الذي يجود ويعطي أحباءه وهم نائمين، كما أنه نبع الفرح الثمين الذي يؤتي الأغاني في الليل. في ظلمة الأجفانْ وشدة الأحزانْ كن مرشدي دع ظلمتي تكشف وأدمعي تنسف والوجه لايصرف عن سيدي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|