رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تعامل السيد المسيح مع المرأة بطريقة تحدّى بها عصره . دُهِشَ التلاميذ إذ رآوه يتحدّث مع السامرية علانية (يو 4: 27). ولم يبالِ السيد المسيح بأن تلمسه نازفة الدم التي كانت حسب الشريعة تُحسَبُ دنسة (مت 9: 20-22) وسمح للمرأة الزانية أن تقترب منه في بيت سمعان الفريسي (لو : 7-37). كما سامح الزانية التي كانوا يريدون رجمها (يو 8: 11). إنه لم يتردد في التخلي عن حرفية الناموس الموسوي ليؤكد المساواة بين الرجل والمرأة في حقوقهما وواجباتهما بخصوص الرباط الزوجي (مر 10: 2-11، متى 19: 3-9). لم يكن في صحبته الإثنا عشر تلميذاً فقط ، وإنما جماعة من النسوة (ل 8: 2-3) على خلاف العقلية اليهودية في ذلك الحين . قدّم للمرأة امتيازاً أن تكون أول من يشهد لقيامته لدى تلاميذه (مر 28: 7-10، لو 24: 9-10، يو 11: 20-18). هذا وقد رفع من شأن المرأة باختياره امرأة لتكون أُمَّاً له، يتجسد في أحشائها وتلتصق في حياته، تفوق كل البشر وتسمو على السماويين. كثيراً ما كرَّم المرأة في أحاديثه وأمثاله ، فَشَبَّهَ ملكوت الله بخمس عذارى حكيمات (مت 25: 1) كما شَبَّهَهُ بامرأة أخذت خميرة ووضعته في ثلاثة أكيال دقيق (لو 13: 21). وتحدث عن المرأة التي فرحت بوجود الدرهم المفقود (لو 15: 9). كما أشار إلى ملكة سباً التي بحكمتها جاءت تسمع حكمة سليمان (مت 12: 42). وإلى امرأتين تطحنان وجاء عليهما يوم الرب العظيم (لو 17: 52). قَلَّمَا يمتنع الرب عن الحديث مع امرأة، لكن كعادته مَنَحَ حبه لجميع البشرية، وهو اعتنى أن يُظهر بهذه الحادثة أنه طالما يوجد خالق واحد فيتحتَّم أن لا يكون وقفاً على الرجل فقط حتى ينال الحياة بالإيمان. (القديس كيرلس الإسكندري). ونجد في إنجيل القديس لوقا أنّه يسرد روايات متوازية تَخِصُّ رجلاً وامرأةً معاً، لكي يؤكد على وجودهما معاً وأنهما متساويان أمام الله بالنِعَمِ والعطايا والواجبات، فعلى سبيل المثال: زكريا وأليصابات (1: 5)، سمعان وحنة (2: 25-28)، أرملة صيدا ونعمان السرياني (4: 25-28)، شفاء الممسوس وحماة بطرس (4: 31-39) ، سمعان الفريسي والمرأة الخاطئة (7: 36-50)، الإنسان وحبة الخردل وخميرة المرأة (3: 18-21) ، السامري الصالح ومريم ومرثا (10: 29-42)، الإنسان والمائة خروف والمرأة والعشرة دراهم (15: 1-10) ، القاضي الظالم والأرملة (14: 1-18)، النساء عند القبر وتلميذا عمواس (24: 1-23، 55-11، 24: 1-32). وهكذا نجد في حياة المسيح إلى جانب العذراء مريم يقدم لنا الإنجيل مجموعة كبيرة من التلميذات والمُحبَّات اِلْتَفَفّْنَ حول الرب وخُلِدَّتْ أسماؤهنَّ ... من بينهنَّ مريم زوجة كلوبا وسالومي أم يعقوب ويوحنا ومريم ومرثا ومريم المجدلية والمرأة الخاطئة التي غسلت قدمَيّ الرب يسوع بدموع توبتها ومسحتهما بشعر رأسها... يضاف إليهنَّ بعض النساء النبيلات خدمنَ ابن البشر بعواطفهنَّ وأموالهنَ مدة حياته في الجسد التي عاشها في فقر على الأرض (أنظر مت 27: 55، مر 15: 41، لو 8: 3) واجتمعن أخيراً حول الصليب وكنَّ أول من ولجنَ قبره فجر القيامة (لو 24: 1-10). وقد تَغَنَّى الكثير من الآباء بفضائل تلميذات الرب ومنهم المجدلية التي قيل فيها: (مريم المجدلية) هذه التي كانت قبلاً خادمة للموت قد تحررت الآن... بخدمة صوت الملائكة القديسيين وبكونها أول كارز بالأخبار الخاصة بسرّ القيامة المُبهج. (إكليمندس الإسكندري). لقد فاق حب المجدلية محبة النساء الأخريات. كانت أول من رأى القبر، ويبدو كذلك أنها طافت بالبستان وبحثت حول القبر عن الجسد، لأنها ظنت أن الرب اُخِذَ بعيداً.. ما أعظم الكرامة والمجد الأبدي اللذَين نالتهما مريم، لأن المخلص يطلب منها أن تقوم بواجب البشارة لإخوته حاملةً لهم هذا الخبر السار.. (كيرلس الإسكندري). وبهذا صارت المجدلية مبشرةً الإثني عشر وكما يقول القديس هيبوليتس في شرحه لنشيد الأنشاد (رسولة الإثني عشر). وبعد القيامة المجيدة جاءت إليه التلميذات اللواتي تَبِعنَهُ من البداية فقال لهنَّ (سلامٌ لكُنَّ)، وعن هذه الكلمة التي قيلت بعد القيامة للنسوة يقول القديس كيرلس: إنها صادرة عن نفس الإله الذي أصدر الحكم باللعنة، وهي كلمة تعني أن الجنس النسائي قد نال البراءة من العار وكذلك بَطُلَتْ اللعنة (كيرلس الإسكندري). المرأة التي خدمت الموت في القديم هي أُعتِقَتْ الآن من ذنبها بالخدمة التي وصلت بصوت الملائكة القديسين، وكذلك لأنها صارت الأولى لأنها أولاً علمت، وثانياً لأنها أخبرت بسر القيامة المجيد، لذلك فإن الجنس النسائي قد نال البراءة من العار وكذلك بَطُلَتْ اللعنة وذلك لأن الذي قال للمرأة في القديم "بالوجع تلدين أولادا"ً (تك 3: 16) هو الذي خلصها من البليّة بأن قابلها في البستان وقال لها: سلام.. (مت 28: 9) (كيرلس الإسكندري). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|