رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بعد وفاة نكتاريوس رئيس أساقفة القسطنطينية سنة 397م سارع الكثيرون لمحاولة ملء الكرسي الشاغر لكن صيت يوحنا الذي كان قد فاح في كل إرجاء الإمبراطورية وسبقه إلى القسطنطينية جعل العيون ترتقي إليه. هكذا اختطف بالحيلة من إنطاكية وتمت رسامته في القسطنطينية سنة 398م. ذاك الذي كان يكره أن يكون في موقع سلطة بات الآن في سدة السلطة الأولى. ذاك الذي كان يكره الترف وجد نفسه محاطا بمظاهر الفخامة وسكن قصرا. ذاك الذي كان نصير الفقراء وراعيهم وجد نفسه محاطا بالأغنياء وعلية القوم. فماذا كان يمكن أن تكون النتيجة؟ صراع مرير وسيرة واستشهاد. فهو ما لبث أن حمل على حياة البذخ والترف وتقوى الأغنياء المصطنعة المرائية. وقد التزم الفقر الإنجيلي وأخذ يزيل معالم الترف من المقر الأسقفي. باع ما كان داخله وحول الأموال لبناء المستشفيات ومضافات الغرباء ومآوٍ للفقراء. ولما كان الذهبي الفم رجل الله، وخادم المسيح بالحقيقة، وكان يفهم مهمته البطريركية جيدا، ولم ينحرف عن هذا الفهم متمثلا بسميه القديس يوحنا المعمدان الذي ظل طوال حياته أمينا لرسالته حريصا علي أن يقنع لنفسه بدور صديق العريس، ولم يطمع في أن يختار العروس لشخصه، لذلك كان على ذهبي الفم أن يختار الاختيار الصعب: أن يكون كَسَيِّدِهِ المسيح إلى جانب الفقير واليتيم والمظلوم وقد كلفه ذلك ثمناً باهظاً. فكان عليه أن يقف ضد الملك والإمبراطورة الطاغية الظالمة المستبدة، وكل أجهزة المملكة وسطوتها وقدرتها الساحقة... وهذه المواجهة لم تتأخر ومما سرع فيها تصرفاته وعظاته التي أدت إلى تباين المواقف بشأنه وكثر الحاسدون له والمنافقون ضده وخاصة بين صفوف الأغنياء وجماعة القصر الملكي. هذا أَثَّرَ كثيراً على علاقة يوحنا بهم وخاصة علاقته بالإمبراطورة أفدوكسيا التي في أول مرة وافقت على نفيه هز المدينة زلزالاً جعلها تشعر بأن الله غاضب عليها فأقنعت زوجها الإمبراطور باستعادة يوحنا. هذه العودة ليوحنا كانت قصيرة لأن الإمبراطورة أقامت لنفسها تمثالاً فضياً على عمود من الرخام مقابل كنيسة الحكمة المقدسة. هذا الأمر أثار حفيظة يوحنا الذي قال في عيد استشهاد القديس يوحنا المعمدان: ها هي هيروديا ترقص من جديد وتسخط من جديد، ومن جديد تطلب رأس يوحنا. أنا عارف أنه فور انتهائي من هذه الموعظة ستطلب سالوما (أفدوكسيا) رأس يوحنا، ليس المعمدان، بل يوحنا أسقف القسطنطينية. أما أنا فالموت لا أخافه، بعد هذه القصة عزمت الملكة على التخلص نهائيا من يوحنا الذي رغبة منه بعدم تحميل الشعب المؤمن نتائج غضب الملكة سلم نفسه إليها فنفته إلى قرية منعزلة اسمها كوماني في بلاد البنطس حيث عندما وصل إلى مشارفها أسلم الروح ناطقا بآخر كلماته: "المجد لله على كل شيء". |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |