رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في كلّ صباح ، وفي الطّريق الضيّق النازل على خدّ إحدى حارات الناصرة ، تمرّ فتاة جميلة كقلب الفجر ، تمرّ والخَفَر يملأ مُحيّاها ، والطّهارة تفيض من كيانها ، تحمل على رأسها المتلفّع بمنديل ليلكيّ، جرةً صغيرة ، لتملأها من العين . مشهد جميل أضحى جزءًا من المدينة الغافية على جبال الجليل. ومرّت الأيام ، ومرّ من تلك الحارّة ملاك الربّ جبرائيل ، يحمل رسالة للفتاة الأطهر والأجمل ؛ ابنة إبراهيم؛ مريم ، فقد اختارها السيّد لتكون أمّه في الجسد، ولتكون آية ًللبشر وليكون المُخلّص والفادي ، فرضخت لإرادة الله دون اعتراض ، على الرغم من العار الذي قد يلحق بها ، فقد تُعرّض خطوبتها وزواجها للفسخ من قبل يوسف النجّار. وسمعت المسكونة منذ تلك اللحيظات أجمل ترنيمة فاه بها البشر؛ ترنيمة تردّد صداها الأجيال والجبال والوديان مئات السنين: " تُعظِّم نفسي الربّ وتبتهج روحي بالله مخلّصي " مريم الاسم الذي يحمل بين طيّاته القداسة والطهارة والبراءة والجمال والطّيبة والإحساس المُرهف والذوق السّامي. مريم ؛ اختيار السماء للأمّ المثاليّة . مريم عنوان التواضع ورمز العطاء والتحمُّل ، التي تفطّر قلبها حزنًا على وحيدها - يسوع - وهو على خشبة الصّليب ، لنفرح نحن ونبتهج. مريم اللاجئة الأولى في التاريخ ، النازلة هربًا من ظلم هيرودس إلى ارض مصر والنيل والكرنك ، "من مصر دعوت ابني " مريم التاريخ المجيد الذي سُطِّر بماء الذهب على صفحات وشوارع وطرقات الجليل صعودا الى أورشليم وجبل الزيتون والهيكل طاعةُ للناموس والشريعة . مريم الأم المتباهية والتي وجدت فتاها يسوع وهو يجادل الشيوخ في الهيكل ويفحمهم ،فقد احترق قلبها عليه ، بعد ان عادت مسيرة ثلاثة ايام مع يوسف النجّار باحثة مُفتّشة ، فلامته للمرّة الأولى والأخيرة ، وقلبها يخفق حنانًا وتحنانًا : " يا بُنيّ لماذا فعلت بنا هكذا ، هوذا أبوك وأنا كنّا نطلبك مُعذَّبيْن "....ولم يتأخر الإعلان الإلهي ، إعلان السماء : " لماذا كنتما تطلباني ، ألم تعلما أنّه ينبغي أنْ أكون في ما لأبي " مريم التي حفظت هذه الأمور ، وأموراً أخرى كثيرة في قلبها . مريم التي قالت في عرس قانا الجليل للناس هناك وللبشرية كلّها وما زالت تقول : " مهما قال لكم فافعلوه " مريم المُعذّبة ، الأم الحزينة عند صليب الجلجثة ، تُفرِّح اليوم الدنيا وتتباهى بابنها ، ابن الإله وابن الإنسان ، وتصرخ بهمس : " إنّه الشفيع الوحيد بين الله والناس. " إنّه الطريق والحقّ والحياة ". إنّه المُخلِّص والدّيّان ، به كان كلّ شيء ، وبدونه لم يكن شيء ممّا كان. أمنّا مريم الأجيال كلّها تُطوّبك ، وتزهو بكِ ، وتُرنِّم معك : تعظّم نفسي الربّ... مريم أمّ البشرية أنتِ في كياننا وذاكرتنا ووجداننا حُلمًا جميلاً، وواقعًا أجمل وحقيقة تشِّع نورًا. مريم أمّ الدنيا ، أنت القصيدة التي اختارتها السماء لتغنّي بها الأرض والأمجاد ، وتُلوّن التاريخ ، وتُبهر العميان ، وتفتح آذان الصّم . مريم ....يكفيك فخرًا أنّكِ أمّ يسوع. مريم ، أمّ النور ، نُحبّكِ ونُحبّك وسنبقى نحبّك الى الأبد |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|