|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول تابع معنى الكلمة، ترابط المعنى الداخلي للكلمة الجزء الخامس إيماننا الحي - إعادة فحص مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس + الثقة - בָטָח - Πιστεύω +
تابع 1 – معنى الكلمة: [bâṭach – בּטַח] (ب) ترابط المعنى الداخلي للكلمة والآن علينا أن نلاحظ بدقة أن معنى الكلمة مترابط داخلياً، أي أنها تحمل معنيين ممتزجين مترابطين، فالاتكال مرتبط بالثقة ارتباط وثيق ومن الصعوبة التامة فصل المعنيين عن بعضهما البعض، لذلك نجد في المزامير أن لغة الاتكال التي تتكلم بها مرتبطة على الدوام بلغة الثقة في الحماية الإلهية والإنقاذ أو النجاة والخلاص: + عَلَيْكَ اتَّكَلَ آبَاؤُنَا اتَّكَلُوا (وَبِكَ وَثِقُوا) فَنَجَّيْتَهُمْ (خلصتهم). إِلَيْكَ صَرَخُوا فَنَجُوا. عَلَيْكَ اتَّكَلُوا فَلَمْ يَخْزُوا؛ إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي، يَا إِلَهِي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ فَلاَ تَدَعْنِي أَخْزَى، لاَ تَشْمَتْ بِي أَعْدَائِي؛ الرَّبُّ عِزِّي وَتُرْسِي، عَلَيْهِ اتَّكَلَ قَلْبِي فَانْتَصَرْتُ (نصرني)؛ أَمَّا أَنَا فَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ يَا رَبُّ. قُلْتُ: إِلَهِي أَنْتَ. فِي يَدِكَ آجَالِي (ساعات عمري أو أيامي). نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَعْدَائِي وَمِنَ الَّذِينَ يَطْرُدُونَنِي، لِيُشْرِقْ وَجْهُكَ عَلَى عَبْدِكَ وَخَلِّصْنِي بِرَحْمَتِكَ؛ احْفَظْ نَفْسِي لأَنِّي تَقِيٌّ. يَا إِلَهِي خَلِّصْ أَنْتَ عَبْدَكَ الْمُتَّكِلَ عَلَيْك (الواثق بك)، ارْحَمْنِي يَا رَبُّ لأَنِّي إِلَيْكَ أَصْرُخُ الْيَوْمَ كُلَّهُ. (مزمور 22: 4 – 5؛ 25: 1 – 2؛ 28: 7؛ 31: 14 – 16؛ مزمور 86: 2 – 3)وعلينا أن نلاحظ هنا أن الكلمة تمتد لموضوع الخلاص، أي أن هناك ارتباط وثيق واضح بشدة بين الاتكال والثقة وبين الخلاص، لأن عادة الاتكال والثقة في الله يقودوا الإنسان لحالة الخلاص، فصوت الإنسان الصارخ لله: "خلصني برحمتك"، وهذه تعتبر صلاة من أجل النجاة التي لا يقدر أن يُحققها الإنسان بقدراته الشخصية ولا بسلطانه الخاص ولا بأي عمل يستطيع أن يعمله، لذلك يقول: "عليك توكلت يا رب، يا إلهي خلص أنت عبدك"، وهو ينطق بهذه الكلمات في الصلاة هنا ليؤكد على ثقته واتكاله على الرب القدير المُخلِّص وحده، وهذا الإيمان لا بُد من أن يقود للخلاص ليتحقق عملياً – بقوة الله – على أرض الواقع، وطبعاً هذا يتضح في العهد الجديد في قول الرب: + فقال لها يا ابنة إيمانك قد شفاكِ اذهبي بسلام وكوني صحيحة من دائك؛ فقال له يسوع اذهب إيمانك قد شفاك فللوقت أبصر وتبع يسوع في الطريق. (مرقس 5: 34؛ 10: 52)طبعاً لم يُحدد كاتب المزامير أسلوب الخلاص وبأي شكل أو كيفية يكون الإنقاذ الذي يُنقذ به الرب الأتقياء المتكلين عليه بثقة شديدة، لذلك لا نستطيع ان نُحدد هنا الشكل أو الطريقة التي سيتخذها الله مع الطالب النجاة في المزامير كأمر مُسلَّم به ويحدث بطريقة آلية مُحددة لا يخرج خارج إطارها، لذلك فأننا نجد على مستوى العهد القديم تدخل الله في أشكال مختلفة متنوعة لينقذ ويُخلِّص ليُظهر عمل قدرته ليقوي إيمان شعبه الخاص، وهذه الأشكال والطرق المتنوعة تتوقف – بالطبع – على موقف واحتياجات السائلين، ومع ذلك كلها واضحة من جهة الصلة اللاهوتية الحميمية بين الاتكال والثقة وبين الانقاذ أو النجاة والخلاص. لذلك لكي نفهم المعنى عملياً علينا أن نراجع أحداث العهد القديم التاريخية كلها ونغوص فيها ونتمعنها باستنارة وبإحساس الشعب قديماً في حالة طفولته الروحية التي كان يعيشها، لأن الرب يسوع لم يظهر في ملء الزمان بعد وينقل الإنسان من مستوى عهد الحرف والمعاملات التي حسب الجسد للحياة بحسب الروح، وبذلك نستطيع أن نجد الارتباط الواضح بين الاتكال بثقة وبين الخلاص والنجاة بطريقة معينة تُناسب احتياجات الظروف الحاضرة التي يمر بها الشعب، فمثلاً في وقت الاضطراب والتهديد المُمثل بسقوط أورشليم في يد بابل، قدَّم أرميا النبي رسالة من الله إلى عبد ملك الكوشي (الأثيوبي) الذي كان مستعداً أن يخاطر بنفسه من أجل مساعدة إرميا: وصارت كلمة الرب إلى إرميا إذ كان محبوساً في دار السجن قائلة أذهب وكلِّم عبد ملك الكوشي قائلاً: هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل، هانذا جالب كلامي على هذه المدينة للشرّ لا للخير فيحدث أمامك في ذلك اليوم، لكنني انقذك في ذلك اليوم يقول الرب، فلا تسلَّم ليد الناس الذين أنت خائف منهم، بل انما أُنجيك نجاة فلا تسقط بالسيف بل تكون لك نفسك غنيمة لأنك قد توكلت عليَّ يقول الرب. (إرميا 39: 17 – 18) وكمثال آخر يظهر فيه الصلة بين الاتكال البشري وبين الإنقاذ الإلهي هو في قصة حزقيا التي فيها تظهر أحداث حصار أشور لأورشليم، وهذه الأحداث تنبع أهميتها بتكرارها الفريد في (2ملوك 18: 19؛ أشعياء 36 – 37، كما أنها ذكرت بأكثر تفصيل في 2 أخبار 32)، ولو قرأنها بتمعن شديد نجد أن هذا الجزء في العهد القديم كله يتميز بكثرة ترداد كلمة الاتكال عن أي مكان آخر، وفي خُلاصة الرواية التاريخية عن حزقيا قيل أنه: على الرب إله إسرائيل اتكل، وبعده لم يكن مثله في جميع ملوك يهوذا ولا في الذين كانوا قبله (2ملوك 18: 5)ولو راجعنا الأحداث وتهديدات الآشوريين التي نطق بها ربشاقي مع باقي رسل سنحاريب ملك آشور، سنجده انه يستهزأ بحزقيا واتكاله على مصر، بل ووصل به الحال أنه تحدى حزقيا أن إلهه يستطيع أن يقف أمام ملك آشور لينجيه إذ قال: مَنْ مِنْ كل آلهة الأراضي (الَّتِي اسْتَوْلَيْتُ عَلَيْهَا) أنقذ أرضهم من يدي حتى ينقذ الرب (يهوه) أورشليم من يدي. (2ملوك 18: 35) فعيِّر يهوه بأنه لا يستطيع ان يُخلِّص إسرائيل من يد جيش آشور، لأن كلام رسول الملك على يهوه في كلمة تكررت في (2 ملوك 19: 4، 16، 22، 23) هي كلمة לחרף وأصلها חרף (khaw-raf') وهي تحمل معنى (التهكم – التجديف – السخرية – الازدراء – الاستهزاء – اللعن – التعيير – الشتيمة)، وهنا يظهر التكبر والتعالي (من جهة رسل آشور) في الموقف الساخر الذي أظهر فيه التحدي السافر على يهوه، والذي بدروه أبرز وأظهر مدى الاتكال ووضع الثقة في يهوه (من جهة حزقيال) الظاهر في صلاته التي صلى بها أمام الرب حتى يُخلِّص وينقذ.بالطبع توجد احداث أخرى كثيرة للغاية في العهد القديم تظهر مدى الاتكال على يهوه بالرغم من عدم ذكر الكلمة احياناً كثيرة ولكنها تظهر (بمعناها القوي) في الأحداث بشكل بارز (كمعنى راسخ) للغاية بدون ذكرها كلفظة مُحددة، لكنها تُفهم من سياق الأحداث ويتم تمييزها بسهولة شديدة كما في حالة حياة إبراهيم أب الإيمان، وايضاً في حياة داود النبي.. وغيرهما بالطبع. ولكن أهم حدث ينبغي علينا أن نلاحظ فيه أمر في منتهى الأهمية وهو في موضوع الثلاثة فتية عند الحكم عليهم بإلقائهم في نار الأتون المتقد، فقد قالوا للملك: • فأجاب شدرخ وميشخ وعبد نغو وقالوا للملك: يا نَبُوخَذْنَصَّرُ لا يلزمنا أن نُجيبك عن هذا الأمر. هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده يستطيع أن يُنجينا (يُخلصنا) من أتون النار المتقدة وأن ينقذنا (يُخلصنا) من يدك أيها الملك. وإلا (وَحَتَّى إِنْ لَمْ يُنْقِذْنَا) فليكن معلوماً لك أيها الملك اننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذي نصبته. (دانيال 3: 16 – 18)وهنا نلاحظ أمران في منتهى الأهمية القصوى: الأول هو ان اتكال الرجال هنا على الله مرتبط كالعادة بانتظار الإنقاذ الإلهي لهم كما فعل على مدى تاريخ شعب إسرائيل في جميع الأوقات الحرجة التي مروا بها وكان فيها إهلاكهم وفنائهم وشيك. والثاني والأهم هذه الكلمة الغير واضحة في الترجمة العربية: "وإلا = وحتى أن لم يفعل = והן לא = But if not" وهذا التعبير له معنى قوي عميق متسع للغاية لأنه يظهر قوة الثقة الشديدة ومدى الاتكال على الله الذي يثبت الإيمان حتى لو لم يتم انقاذ حياة الإنسان حسب الجسد، لأن هنا حفظ الوصية كان أهم من انقاذ الحياة نفسها، وهذا هو فعل قوة الإيمان الحقيقي وعمله، لأن الإيمان الحي يظهر وقت المواجهة الحاسمة، ويضع الإنسان بين أمرين كامتحان للإيمان، فيا اما عدم حفظ الوصية بأمانة وإخلاص كولاء لله المحبوب أو قبول الموت من أجلها وذلك من أجل إنقاذ الحياة حسب الجسد، إما يتم اختيار الموت عن رضا وفي حالة أمانة واتكال وتسليم تام هادئ لله والاعتماد الكلي علي شخصه القدوس، وذلك تتميماً لما هو مكتوب: حقق ما نطقت به وكن أميناً معه فتنال في كل حين بغيتك؛ كن أميناً إلى الموت فسأُعطيك إكليل الحياة (سيراخ 29: 3؛ رؤيا 2: 10) فيها إدراك روحي لاهوتي غير عادي، لأنه إدراك إيمان واعي، لأنهم أدركوا وإن كان الله مقتدر ويستطيع أن يفعل المستحيل وينقذ المتكلين عليه، ممكن ان لا يتم الإنقاذ الطبيعي لحفظ حياة الإنسان على الأرض لأسباب لم يخوضوا فيها أو كان شغلهم الشاغل أن يعرفوها، أو حتى اهتز إيمانهم أو فكروا في التراجع عن المواجهة والرضوخ لأمر الملك، وهذا بالطبع طبيعة المؤمن الحي بالله فعياً وواقعياً، فهو لا يبحث عن الأسباب ولا يتساءل لأن ثقته في الله وولاءه هو أكبر وأعظم من ان يفهم كل الأمور ويبحث في أسبابها كنوع من أنواع الشك ولو البسيط أو اهتزاز الثقة في من يعرفه واستودع حياته بين يديه كخالق أمين، فقد لا ينقذ الله شعبه بحسب الجسد، إلا أنهم يظلوا يتكلون عليه بكل قلبهم، وهذه الأحداث ستظل مثال رائع لشعب الله وقت الاضطهاد والآلام ومعوقات حفظ الوصية، وهنا يتجلى قمة معنى الاتكال في حالة الثقة التامة التي تظهر في قمة الولاء لله وحفظ الوصية بأمانة حتى الموت، وهذا هو معنى الإيمان عملياً في حياة الإنسان.فبكلمة (وإلا = إن لم يُنقذنا) (ج) الخلاصة وتوضيح المعنى الكامل للكلمةعلى العموم خُلاصة معنى الكلمة [bâṭach – בּטַח] يأتي في العبرية وتوضحه اليونانية كالآتي: ++ إن الإنسان يُسلِّم ويضع حياته بكاملها في يد خالقه لأنه متكل عليه في كل شيء، أي يضعها بثبات ورسوخ قوي لا يتزعزع أو يهتز في ملجأ وحيد آمن أمين، وعنده ثقة تامة كاملة في هذا الملجأ والمأمن الذي ائتمنه على حياته وكل أسراره الدفينة والتي لا يعرفها أحد لأنه تعرف عليه أنه صخر الدهور المُعلن لهُ ذاته إلهاً حياً وروحاً مُحيياً، وبالتالي يقدم له كل ولاء الطاعة بوضع رجاءه كُلياً فيه. وهذا الاتكال والثقة هيَّ التي تجعله يواجه القلق وكل المشاكل التي تواجهه بسلام وهدوء عميق في حالة من الراحة الداخلية والطمأنينة، فلا يشك أو يفشل في مسيرته الروحية، بل يظل ثابتاً ويزداد رسوخه وثباتة مع الأيام، ولا يفقد الرجاء – مطلقاً – في بلوغ هدفه بالرغم من الضعف الذي يجده في نفسه وبالرغم من كل الصعاب التي يُقابلها والمحن والمشقات والضيقات الشديدة التي يتواجه معها في العالم الحاضر الشرير، لأنه عالماً بمن آمن بكل يقين: لهذا السبب احتمل هذه الأمور أيضاً، لكنني لستُ أخجل لأنني عالم بمن آمنت، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم. (2تيموثاوس 1: 12) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|