منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 11 - 2016, 06:27 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,632

إيماننا الحي ولاهوت السر
إيماننا الحي ولاهوت السر ّ


في واقع إيماننا الحي فنحن لا نصدق كل شيء من الناس ولا نبني على الأفكار الإنسانية عقيدتنا، بل نحن نصدق فقط كل ما هو من الله الذي يُعلن ويكشف عن ذاته بنفسه لكل قلب مشتاق إليه، لذلك فأننا لا نعرف اللاهوت النظري الفكري بحسب فلسفة الناس ورأيهم الخاص، بل أن إيماننا يتميز "بلاهوت السرّ" أي ذاك الذي لا نعرفه إلا بالوحي والإلهام بإعلان مِن قِبل الله بنفسه وشخصه، لأن حينما نلتقيه ونسمع دعوته الموجهة لنا على نحو شخصي ونؤمن به ونراه نور مشرق علينا فنصدقه ونلبي دعوته فللتو يصير حضوره لنا مُحيي وناقل من الظلمة للنور ومن الفساد والعبودية لحرية مجد أولاد الله، وبذلك تبدأ شركتنا معه على مستوى اللمس الدائم من جهة كلمة الحياة، وهذا عكس ما نبلغه من معرفة بالتفكير الدماغي الأكاديمي الجاف الذي يقرأ المعلومات ويحفظها من الكتب منحصراً في الحروف المكتوبة بحبر على ورق تاركاً العنان لخياله لكي يكتشف شخصية الله، وذلك بدون أن يلتقي بشخص حقيقي حي يعلن ويشهد لنفسه نور للذين في الظلمة وحياة أبدية مضمونة لا تزول.
فسمو الله يُظهر أنه لا يوجد مجال إلى معرفته من بعيد أو من الخارج، وأنه من المستحيل السعي إليه إلا انطلاقاً منه بمعنى أنه هو الذي يجذبنا ويشدنا إليه، فلا شركة حقيقية ومعرفة واقعية لشخصه القدوس الحي إلا من خلال الوجود فيه ومن تحسس قربه الدائم منّا والتصاقنا به، وبقدْر ما تمسنا قُدراته المؤلهة "شركاء الطبيعة الإلهية.." (2بطرس 1: 4) ليرفعنا لعلوه الخاص لنرى ما لا يُرى فنطلب ما فوق وليس ما على الأرض فنغتني بالغنى السماوي وتسري فينا الحياة الأبدية فننتصر على الموت بسهولة وينطرد منا الفساد بعيداً فنصير بالفعل والحق قديسين أنقياء القلب بغرس كلمة إنجيل الحياة فينا فنعاين الله ببساطة وفرح: لذلك اطرحوا كل نجاسة وكثرة شرّ فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تُخلِّص نفوسكم. (يعقوب 1: 21)
وعلى ضوء معرفتنا بطبيعة الله أي اللاهوت، فأننا نتبين الناحية العملية الفعالة للإيمان الحي وهي الصلاة الخاصة أو الصلاة القلبية التي تنعكس بالتالي على شركة أعضاء الجسد الواحد أي شركة القديسين في النور، لأن الجسد الواحد أعضاءه كلها تشترك فيه بتلقائية وحسب وضعها ومكانتها ودور كل عضو، لذلك فأن كل حركة للجسد تُحرك الأعضاء كلها معاً بدون عناء الاضطراب أو القلق أو الانقسام، لأن كل انقسام يدل على أن الأعضاء غريبة عن الجسد.

عموماً وحدة الصلاة على مستوى المخدع ومستوى شركة القديسين معاً في صلاة جماعية تُعبر عن الإيمان الحي، لذلك يقول الآباء المختبرين: ((إذا كُنت حقاً مصلياً، فأنت لاهوتي، وإذا كُنت لاهوتياً فستكون مصلياً حقاً))، لأن الإنسان اللاهوتي هو الذي يُحسن الصلاة لا من جهة تركيب الألفاظ أو دقة التعبيرات السليمة، إنما من جهة ثقة الإيمان الحي الذي يرفعه لعرش النعمة فعلياً ويقوي الجسد كله معهُ، لأن هذا فقط هو الذي يُظهر حقيقة الإيمان اليقيني بتدبير الخلاص:
+ فإذ لنا رئيس كهنة عظيم (أو ما دام لنا رئيس كهنتنا العظيم) قد اجتاز السماوات (وهو) يسوع ابن الله، فلنتمسك بالإقرار (الاعتراف به – أي إقرار الإيمان الحسن). لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا (أو ليس عاجزاً عن تَفَهُّمِ ضَعَفَاتِنَا) بل مجرب (تعرض للتجارب) في كل شيء مثلنا، بلا خطية (إلا أنه بلا خطية). فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه (أو ونجد نعمة تُعيننا عند الحاجة). (عبرانيين 4: 16)
فاللاهوت – من الناحية الاختبارية الذي نتذوقها في الصلاة – هوَّ طريق سري يقود إلى الوحدة مع الله أي الاتحاد الحقيقي والفعلي به عملياً وبالتالي مع أعضاء الكنيسة جسد المسيح الرب الممتد عبر العصور.
ومن هنا نستطيع ان نعي ونعرف ما هي دعوة الخدمة، لأن الخدمة ليست خدمة إنسان ولا مجرد أنشطة تختص بالجسد أو ما يخص كلام الحكمة الإنسانية المقنع ولا حتى تدبير الإنسان للخدمة حسب حكمته، لذلك فأن الله وحده هوَّ من يدعو ويختار ويُعين للخدمة من يشاء إذ لا يُمكن أن يُعرِّف الله للآخرين إلا من علَّمه الله، ولا سبيل لمعرفة الله إلا بالحياة فيه، وهذا ما أظهره لنا سفر أعمال الرسل: وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعملالذي دعوتهما إليه (أعمال 13: 2)، فالدعوة للخدمة دعوة صريحة من الله بإعلان روحه الخاص، فلا يوجد فيها مجال لأية ظنون إنسانية أو تخمينات أو أي شك أو ريبة أو الاعتماد على الذكاء أو اختيارات الناس، لأنها دعوة تظهر اثناء خدمة الصلاة على مستويين، المستوى الشخصي في المخدع ومستوى أعضاء الجسد في الكنيسة واجتماعهم للصلاة، وبدون الصلاة – على هذا المستوى – هيهات أن عرف الإنسان دعوته أو استطاعت الكنيسة ان تحيا بتدبير حسن وأن تختار خدام حسب قصد الله يبنوا الكنيسة ويقووا أعضاءها.
وعلى ضوء هذا المفهوم الذي أكده سفر أعمال الرسل، ينبغي أن نعلم أن الكلام عن الله شيء عظيم جداً، إلا أن تنقية ذواتنا لأجل تخصيصها لله شيء أعظم أكثر جداً – بما لا يُقاس – من الكلام عنه، وذلك لكي يصير هو فينا ونحن نكون قائمين فيه، لذلك يقول بعض الآباء المختبرين عن صليب المسيح أنه ظهر ميزان عدل بين اللصين، فهبط واحد إلى الجحيم بثقل التجديف، وارتفع الآخر من آثامه إلى معرفة اللاهوت بخفة ثقة الإيمان في شخص الرب.
فاللص الذي آمن لاهوتي بالدرجة الأولى لأنه تحدث مع الله مباشرةً وعرفه وارتفع إليه بصلاة متكلاً عليه بثقة إيمان حي نقله من حكم الموت – حسب استحقاق أعماله – إلى الحياة، وذلك ببساطة تامة وهدوء عجيب، وهذا هو طريق اللاهوت الصحيح والذي يتجاوز العلم الموسوعي ليدخل الإنسان لخبرة معرفة الله بالتذوق والاختبار: ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب، طوبى للرجل المتوكل عليه. (مزمور 34: 8).
فيا إخوتي أيُريد أحد منكم يعرف ما هي الصلاة اللاهوتية التي تنقل من الإثم للبر ومن الموت للحياة، لينظر للص الذي آمن وقال للرب اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك، وهل تريدون أن تعرفوا الخدمة القائمة على يقين الإيمان الحسن لأنها شهادة خبرة عملية لتدبير الخلاص، انظروا للسامرية التي تركت جرتها ونادت للجميع انساناً قال لي كل ما فعلت.
فالدعوة الحقيقية إلى اللاهوت تحثنا على تجاوز محدودية العلم المحصور في الكتب والموسوعات وذلك بالإيمان، لأن اللاهوت ليس علماً يعتمد على العقل الطبيعي وإنما جذوره متأصلة في نور إشراق شخص ربنا يسوع [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)، لذلك فأن الآباء في تعليمهم، يبرزون إخلاء الذات والوداعة وتواضع القلب كمدخل إلى علم اللاهوت الاختباري، ويبرزون الصلاة واقع يعيشه الفهم وينفتح على الوحي الباهر الذي يفيض به الله فيتقبله المصلى خاشعاً، ويعوزنا الوقت والورق لنكتب عن خبرات الآباء وأقوالهم في هذا الاختبار الرائع، والذي على يقين أن بعضاً أو كثيراً من قراء الموضوع عندهم هذه الخبرة، أو على الأقل راوا في صلاتهم ملامح منها.

عموماً لقد أدرك الآباء إن هُناك عجز نابع من مفارقة مدهشه وهيَّ الأزلي الأبدي (الله القدوس الحي) والمحدود الزمني (الإنسان). وليس الكلام هُنا عن ضعف الإنسان الطبيعي، وإنما على العمق الذي يعجز التعبير عنه تمام العجز، أي عمق الجوهر الإلهي الفائق الإدراك والذي أشرق لنا وأدركنا عظمته حينما اقترب منا وتجاوبنا معه وقد ألبسنا ذاته بسرّ عمله فينا. فالله غامض بالنسبة لنا، أي لا يُمكن إدراك كمال جوهر طبيعته واتساعها المُطلق وبالتالي التعبير التام عنها بدقة شديدة يكون درباً من المستحيل السير فيه، وهذا ما عبر عنه الآباء بتعبير الصلاة: [عظمتك مختبئة فيك].

فمن يُريد ان يتعرَّف على عظمة الله الفائقة المعرفة، يغلق كتبه ويفتح قلبه ويُصلي، وهو عازم أن يُلبي دعوة الله ويستجيب لندائه لهُ على نحو شخصي، أي بتلبية دعوته بالإيمان العامل بالمحبة:
+ وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى انساناً جالساً عند مكان الجباية اسمه متى، فقال له: "اتبعني"، فقام وتبعه. (متى 9: 9)
+ فنظر إليه يسوع وأحبه وقال لهُ: "يعوزك شيء واحد، اذهب بع كل ما لك واعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني حاملاً الصليب. (مرقس 10: 21)
+ الحق الحق أقول لك: "لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء، ولكن متى شخت فأنك تمد يديك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء"، قال هذا مُشيراً إلى اية ميتة كان مزمعاً أن يُمجد الله بها، ولما قال هذا، قال لهُ: "اتبعني". (يوحنا 21: 18، 19)
+ وقال للجميع أن أراد أحد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني (لوقا 9: 23)
+ أن كان أحد يخدمني فليتبعني، وحيث أكون أنا، هُناك أيضاً يكون خادمي، وأن كان أحد يخدمني يكرمه الآب. (يوحنا 12: 26)
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
صلاة إيماننا الأرثوذكسي الحي،
الأساس الحي القائم عليه إيماننا
إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول،ثقة الإيمان الحي ما بين التقوى والخوف الجزء الحادي عشر
إيماننا الحي
إيماننا الحي - إعادة فحص


الساعة الآن 01:14 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024