رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تكلَّم النبيُّ داود، كثيراً عن حاجتِنا لمعرفةِ طريقِِ البر الذي أسَّسه الله. كتب داود يقول: ‘‘ الجميع زاغوا وفسدوا. ليس من يعملُ صلاحاً ليس ولا واحد’’ (مز 1:14،3 ؛ رو 10:3،12). لذلك كتب داود هذه الصلاةَ في المزامير قائلاً: ‘‘طرقك يا رب عرِّفني ، سبلك علِّمني ، درِّبني في حقك وعلِّمني (أي خذ بيدي وقدني) ’’ (مز 4:25 ،5). إن لم يقدْنا الربُّ إلهُنا في طريق الحق، فلن نستطيعَ أن نعرفَ طريق البر. إذ سنشبه عندئذٍ، طفلاً تاه في بلدٍ مزدحم، أو شاةً ضلَّت في الصحراء. ولكن كلمةَ الله تخبرُنا أن ‘‘الله لا يشاء أن يهلك إنسانٌ، بل يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون.’’ (2بط 9:3 ؛ 1تي 4:2) أصدقائي .. ليس هناك ما هو أهم من أن تتأكدوا أنكم في طريق الحق الذي يقود إلى لله. وسوف ندرس معاً الكتب المقدسة بترتيبها الزمني، متتبعين قصصَ أنبياءِ الله واحداً فواحداً، من البداية إلى النهاية. فإن لكلمةِ الله بدايةً ونهاية. ومن ثمَّ، فإن خطتَنا هي تتبُّع قصص الكتب المقدسة، ابتداءً من حيث يبدأ الله نفسُه، أي من البدايةِ تماماً. سنتعلم أشياءً عديدةً هامة عن الله والأنبياء. وسنرى أنه بالرغم من أن أنبياءً عديدةً قد كتبوا ، إلا أن مؤلفاً واحداً هو الذي ألهمهم ماذا يكتبون. فبالرغم من أن كتب الأنبياء تحتوي على قصصٍ كثيرة، إلا أنها لا تحتوي إلا على رسالةٍ واحدة، وهي الأخبارُ السارة المختصَّة بالطريقة التي يمكن للإنسان بها أن يصير باراً أمام الله. ومن ثمَّ ، نسألكم ـ أصدقائي ـ أن تقرأوا وبإخلاصٍ لكل كلمة في ( طريق الله الواحد ). إذ يخبرنا الله في كلمته أنه ‘‘يجازي الذين يطلبونه’’ (عب 6:11). ولمن يطلب الله من كل قلبه، يعطيه الله هذا الوعد: ‘‘وتطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلبكم’’ (إر 13:29). وفي ‘‘ طريق الله الواحد .. طريق البر’’ ـ سنستزيد من معرفتِنا بالله وبكلمتِه. هل تعرف ما هي صورة الله وطبيعته؟ أو من أين جاء الشيطان؟ هل تعرف لماذا خلق الله الإنسان؟ أو كيف دخلت الخطية إلى العالم الجميل الذي خلقه الله؟ هل قرأت عمرك القصة العجيبة التي تتكلَّم عن نبي الله نوح، والطوفان؟ هل تعرف حقيقةَ ما كتبه أنبياء الله؟ هل تعرف لماذا دُعيَ إبراهيم ‘‘خليل الله’’؟ وهل تستطيع أن تشرحَ رسالةِ الأنبياءِ بوضوح لأطفالك أو لأصدقائك؟ من آلاف السنين مضت ، سأل النبي أيوب سؤاله : ‘‘كيف يتبرر الإنسان عند الله؟’’ (أيوب 2:9) هل تعرف ماذا كانت إجابة الله على سؤال أيوب؟ وهل تعرف كيف يمكنك أن تكونَ باراً عند الله؟ إن كنت تريدُ أن تعرفَ إجابةَ الله على هذا السؤال وعلى أسئلة أخرى عديدة ، أدعوك لقراءة .. ‘‘ طريق الله الواحد طريق البر’’. حقاً، إن كلمةَ الله عميقةٌ وعجيبة، وحيةٌ وقوية. وهناك شيءٌ أخر عن كلمة الله، وهي أنها لا تخفي أي شيء. فهي تكشفُ لنا الإنسانَ على حقيقتِه فعلاً. وهكذا، نجد الكتاب يقول: ‘‘ليست خليقة غير ظاهرة قدامه، بل كل شيء عريانٌ ومكشوفٌ لعيني ذاك الذي معه أمرُنا .’’ (عب 13:4) دعونا نفهم حقيقةً هامةً جداً، ينبغي علينا أن نستوعبها تماماً. هذه الحقيقة هي أن الله قد تكلم! الله العليّ قد تكلم! لقد تكلم الله للإنسان، ولكل البشرية، وهو يريد أن يتكلم إليك! فإن تلقيت خطاباً من ملكٍ قويٍّ في أرضٍ بعيدة، ألا تقرأه؟ ألا تفكِّرُ فيما كتبه لك في هذا الخطاب؟ ألا تعطي انتباهاً لكلماتِ الملك؟ فكم بالأحرى ينبغي أن تعطي كل الانتباه، عندما يكون الله العلي هو الذي يتكلم إلينا ! ولكن ، كيف كلَّم الله الإنسان؟ يقول الكتاب: ‘‘الله كلَّم الآباءَ بالأنبياءِ قديماً بأنواعٍ وطرقٍ كثيرة ..’’ (عب 1:1) نعم، أن واحدةً من الطرقِ العديدة التي تكلم بها الله للإنسان، كانت على فم الأنبياء. ففي القديم، عيَّنَ اللهُ أناساً محددين ليعلنوا كلمتَه، ويدوِّنوها في كتبٍ (أو لفائفٍ من البردي وقتئذٍ). تقولُ كلمةُ الله: ‘‘عالمين هذا أولاً أن كلَّ نبوةِ الكتاب ليست من تفسيرٍ خاص. لأنه لم تأتِ نبوةٌ قط بمشيئةِ إنسانٍ، بل تكلَّم أناسُ اللهِ القديسون مسوقين من الروحِ القدس’’ (2بط 20:1 ،21). لقد كان في وسعِ الله أن يكتبَ الكتابَ المقدَّسَ بنفسِه، أو يستخدمُ ملائكتَه لكتابتِه. ولكن الله لم يفعل ذلك. لقد اختار الله أناساً عاديين لهذا الغرض، وهم ما نسميهم بـ‘‘الأنبياء’’. لقد كان أنبياءُ الله أشبهَ بالسكرتارية. إذ وضع الله في أذهانِهم الأفكارَ التي عليهم أن يكتبوها، وقاموا هم بكتابتِها له. إلا أن اللهَ ترك كلَّ نبيٍّ يكتب كتابَه بأسلوبِه وتعبيرِه الشخصي. لقد ألهمهم الله كلَّ كلمةٍ، إلا أنه لم يهملْ الشخصيةَ الفردية لكلِ نبي. إن كتابَ اللهِ لا يحتوي فقط على كلامِ اللهِ المباشر، بل يحتوي أيضاً على أفكار وصلوات ومشاكلَ أناسٍ مثلِك ومثلي. ومن خلالِ قصصِ تعاملاتِ اللهِ مع الناس، يريدَ اللهُ أن يرينا طبيعتَه وشخصيتَه، وكيف يمكنُنا أن نقتربَ منه. ولكن، لماذا ألهم اللهُ الأنبياءَ ليكتبوا الكتابَ المقدَّس؟ والإجابة هي أنه ألهمهم ذلك؛ كي ما يستطيع الناسُ في كل جيل أن يعرفوا ما يريدهم الله أن يعرفوه. لقد تكلم اللهُ إلى الأنبياءِ؛ لأنه يريدُ أن يتكلمَ إليك وإليَّ عن طريق ما كتبوه! إن كل ما تكلم به الله من خلالهم هو مفيدٌ لنا نحن، يا من نعيشُ اليوم. إن الله يتوقع أن يعرفَ كلَّ واحدٍ منَّا رسالةَ الأنبياء. ربما يقولُ البعض: ‘‘إنني لا أحتاجُ أن أعرفَ ما كتبَه الأنبياءُ الأوائل. فما كتبوه ليس مهماً بالنسبة لي. فكل نبيٍّ كان له مهمتُه التي عليه أن ينجزَها. وهكذا ، جاء نبيٌّ وأنجز مهمتَه وذهب. وجاء آخر وأنجز مهمته وذهب .. وهلمَّ جرَّى. ونحن ، يا من نعيشُ اليوم ، لا نحتاج أن نعرف ما قاله الأنبياء الأوائل.’’ فهل هذه هي أفكارك أيضاً ؟ صديقي، اعلم إن أفكار الله لا تتفق مع هذه الأفكار! إقرأ ما يقوله الله: ‘‘ فإنِّي الحق أقول لكم، إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ من كلمةِ الله حتى يكونُ الكل. فمن نقضَ إحدى هذه الوصايا الصغرى، وعلَّمَ الناسَ هكذا، يُدعى أصغرَ في ملكوتِ السموات.’’ (متى 18:5ـ19) وأيضاً، ‘‘كلُّ الكتابِ هو موحىً به من الله، ونافعٌ للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر.’’ (2تي 16:3) حقاً، إن كل ما كتبه الأنبياء له قيمةٌ عظيمةٌ، لأنهم كتبوه حتى يعرفَ الناسُ في كلِّ جيلٍ ودهر، طريقَ الخلاصِ الذي أسسه وصنعه الله. أتعرف ما كتبه أنبياء الله ؟ إن الله يريدنا أن نعرف كلمته، ونؤمن بها ونطيعها ! يقول الكتاب: ‘‘عندنا الكلمةُ النبويةُ وهي أثبت، التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها، كما إلى سراجٍ منيرٍ في موضعٍ مظلم.’’ (2بط 19:1) نعم، إننا أحياناً نسمع هؤلاء الذين يحاربون كلمة الله قائلين: ‘‘لا أحد يمكنه أن يثقَ فيها، إنها مليئةٌ بالأخطاء .. لقد تحرَّفت!’’ إلا أن من يحارب كلمة الله، إنما يحارب الله نفسه. هناك حكمةٌ تقول: ‘‘إن البيضة ينبغي ألا تصارع مع الصخرة!’’ والصخرة هي كلمةُ الله، والبيضة هي الإنسان! فالإنسان لا يستطيع أن يغيِّر كلمةَ اللهِ الحقيقية، ولكن كلمة الله الحقيقية تستطيع أن تغيِّر الإنسان! إن اللهَ عظيمٌ، وهو يستطيعُ أن يحمي كلمتَه الأبدية. هذا هو ما قاله الله نفسه في الإنجيل، فقد قال: ‘‘ السماءُ والأرضُ تزولان ولكن كلامي لا يزول.’’ (متى 35:24) إن الكثير من الناس يحاولون محاربةَ كلمةِ الله؛ وذلك لأنها تكشفُ حالةَ قلوبِهم الحقيقية. استمع لما يقوله الرب عن كلمته: ‘‘لأن كلمةَ اللهِ حيَّةٌ وفعَّالةٌ، وأمضى من كل سيفٍ ذي حدَّين، وخارقةٌ إلى مفرقِ النفسِ والروحِ والمفاصلِ والمخاخ، ومميزةٌ أفكارَ القلبِ ونيَّاتِه’’ (عب 12:4). نعم، إن كلمةَ الله حيَّة وفعَّالة .. إنها تتحدَّث إلى القلب. إن الكتاب المقدس هو أقدمُ مجموعةٍ من الكتابات في العالم، ومع ذلك، فهو ما زال مناسباً لكل إنسانٍ اليوم. فلا شيء أهم من كلمة الله. إن كلمةَ الله مثل وجبةٍ شهيةٍ. كلنا نتفقُ أنها لذيذةُ الطعم، ونافعةُ للجسم. ولكن إن لم نأكلها، فما هو نفعُها؟ ومن ثمَّ، ينبغي أن نأكل كلمة الله التي تغذِّي القلب؛ إن كنا نريد أن ننتفع منها. لذلك يقول الله: ‘‘ليس بالخبزِ وحدَه يحيا الإنسان، بل بكلِ كلمةٍ تخرجُ من فمِ الله.’’ (مت 4:4) فإن ‘‘الجياع والعطاش إلى البر’’ وحسب، هم الذين ‘سيُشبَعون’ (مت 6:5). فهل تشعر بالجوع إلى كلمةِ الله ؟ إنها غذاءٌ .. بل غذاءٌ لذيذ. ليس غذاءٌ يغذِّي جسدَك، بل غذاءٌ يغذِّي قلبَك ونفسَك. نسألك صديقي .. وقبل أن نتركك اليوم ، نريد أن نوضحَ لك شيئاً آخر. وهو أنه في هذه السلسلة ( طريق الله والواحد ) ، لن نعتمدَ على أيِّ شيءٍ، أو على أيِّ إنسانٍ، بل فقط على ما هو مكتوب في كلمة الله. فنحن لا نعرف أي شيء عن الحق الإلهي، إلا من خلال ما أعلنه الله بنفسه في الكتاب المقدس. فما أعلنه النبي يوحنا ابن زكريا في الإنجيل هو حقيقي، إذ قال: ‘‘لا يقدرُ إنسانٌ أن يأخذَ شيئاً ، إن لم يكن قد أُعطِيَ من السماء’’ (يوحنا 27:3). فنحن لا نجرؤ أن نعتمد على معرفتنا الشخصية ، بل نعتمد فقط على كلمة الله. ورغبتُنا هي أن نعرِّفك ما أعلنه اللهُ في كلمتِه من خلال الأنبياء. فهل تعرف ما قاله الله ؟ هل أنت ضمنُ هؤلاءِ الجياعِ والعطاشِ لكلمةِ الله، وللبر الحقيقي؟ لقد أعلن الله نفسَه في كلمتِه المقدسة، كما أعلن عن طريقه البار للخلاص. إننا ندعوك أن تبحثَ معنا هنا في الكتابِ المقدس عن طريقِِ البر؛ كي ما تفهم ما قاله الله. إن كلمة الله تخبرنا أن ‘‘ كل ما سبق فكُتِبَ، كُتِبَ لأجل تعليمنا، حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب، يكون لنا رجاء.’’ (رو 4:15) لعلنا جميعاً نكون متأكدين من هذه الحقيقة: .. ‘‘أن الله قد تكلم، وهو يريد من كلِّ واحدٍٍ أن يسمعَ ويحيا ! كباراً وصغار .. رجالا ونساء .. أغنياءً وفقراء.’’ إن الله يقول لكل واحدٍ منكم اليوم: ‘‘استمعوا لي استماعاً .. أميلوا آذانكم وهلموا إليَّ .. اسمعوا فتحيا نفوسكم ! ’’ (اشعياء 3:55). |
29 - 05 - 2015, 09:16 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
طريق الله الواحد ( 1 ).. ما هي طبيعة الله في الجزء السابق، ناقشنا كتبَ الأنبياء. وتعلَّمنا أن هناك العديدَ من الأنبياء الذين كتبوا أسفارَ الكتاب المقدس، إلا أن هناك مؤلفاً واحداً وحسب. هذا المؤلفُ هو الله. في درسِنا السابق، تركنا لك فكرةً هامة. هذه الفكرة هي أن الله قد تكلم! الله قد كلَّم البشرَ عن طريق الأنبياء، وهو يريدُ أن الجميعَ يستمعون إليه. الله يريدُ أن يكلِّمَنا من خلال كتبِ الأنبياء. والله لا يتغير أبداً، ولا كلمتُه أيضاً. في كلِّ جيلٍ، كان اللهُ يحمي كلمتَه؛ لأنه ‘‘لا يمكن أن يُنقَض المكتوب’’ (يوحنا 35:10) ، ‘‘ فالعالم يمضي .. وأما كلمةُ الربِ فتثبتُ إلى الأبد’’ (1يوحنا 17:2 ؛ 1بط 25:1). هذا هو ما يقوله الكتابُ المقدس. واليوم ، سنبحث أولَ جزءٍ في الكتابِ المقدس، وهو ‘‘التوراة’’. لقد بثَّ الله هذا الكتابَ في ذهنِ رجلٍ يُدعى ‘‘موسى’’، وأخبره بما يمكن أن يُكتَب، ثم كَتبَه موسى. ومر حوالي 3500 سنة من وقتِ موسى حتى الآن. وتتكون التوراةُ من خمسةِ أسفارٍ أو خمسةِ أجزاء. وأولُ سفرٍ هو سفرُ ‘‘التكوين’’. وهو يحوي خمسين فصلاً. ويسمَّي هذا السفر سفر ‘‘التكوين’’، أي ‘‘بداية’’، لأنه يخبرُنا عمَّا حدثَ في البداية .. بدايةِ كلِّ شيء. ومن المهم لنا أن نعرفَ السفرَ الأوَّل من التوراة معرفةً جيدةً جداً؛ لأنه هو الأساس الذي وضعه الله، كي ما نفهم ما قاله في أسفارِ الأنبياءِ الأخرى التي تتبعه. وفيما ندرسُ هذا الكتاب، ستتعمق معرفتُنا بحقائقَ هامةٍ كثيرة: .. سنتعلم عن اللهِ وعن طبيعتِه. .. وسندرسُ عن الشيطانِ والملائكة، وعن السماءِ والأرض، وعن الحيواناتِ والإنسان. .. وسنرى كيف دخلت الخطيةُ العالم، وجلبت معها الحزنَ والخرابَ العظيم. إلا أننا سنبحثُ بدقةٍ طريقَ الخلاصِ الذي دبَّره الله؛ كي ما يستطيعَ الخطاةُ الرجوعَ إلى الله . وفي القصةِ الأولى، .. سنرى أولَ ناسٍ، وأولَ خطيةٍ، وأولَ قاتل. .. سنقرأ عن أولِ الدياناتِ المزيَّفة، وأولِ الأنبياء، وأولِ الأمم. .. سنتأمل في قصةِ آدمَ وحواء، وقايين وهابيل، ونوحَ والطوفان، ونبيِّ الله إبراهيم، ولماذا دُعِيَ ‘خليل الله’. .. سنرى إسماعيلَ واسحق، وعيسو ويعقوب، ويوسفَ واخوته الأشرار. .. حقاً، إن السفرَ الأولَ من التوراة يحتوي على كلِّ هذا وأكثر. والآن ـ نبدأ دراستَنا التاريخية لكتبِ الأنبياء. في السفرِ الأولِ من التوراة، والفصلِ الأول، والعددِ الأول، يقول الكتاب: ‘‘ في البدءِ خلق الله السمواتِ والأرض ’’ (تكوين 1:1). وهذه هي النقطةُ التي ينبغي أن نبدأَ من عندِها درسَنا في الكتابِ المقدس، لأن من هذه النقطة يبدأُ اللهُ نفسُه كتابَه: ‘‘ في البدءِ خلقَ اللهُ السمواتِ والأرض ’’. وهناك شيءٌ في هذا العدد ينبغي أن نأخذَه في الاعتبار، وهو ما الذي كان موجوداً قبلَ أن يَخلِقَ اللهُ السماءَ والأرض؟ ما الذي كان هناك قبل أن يُوجد العالم ؟ توضِّحُ لنا كلمةُ الله أنه لم يكن هناك أيُّ شيءٍ موجودٍ، فيما عدا الله. ولذلك يقول الكتاب : ‘‘ في البدءِ .. الله’’. فكلُّ شيءٍ نراه ونلمَسه له بداية. وبالتالي ففي قديم قديم الزمان، .. كان هناك وقتٌ حيث لم يكن هناك أيُّ سماءٍ أو أرضٍ، أو محيطٍ أو بحر. .. في البداية، قبل أن يخلقَ الله السماءَ والأرض، لم يكن هناك شمسٌ أو قمرٌ أو نجوم. .. في البداية، لم يكن هناك بشرٌ أو ملائكة. .. لقد كان وقتٌ حيث لم يكن هناك أيُّ شيءٍ على الإطلاق مما نراه أو نعرفه اليوم ..لا شيءٍ على الإطلاق، فيما عدا .. الله ! ولهذا نقرأ في أولِ عددٍ من أولِ سفرٍ في الكتابِ المقدس: ‘‘ في البداية .. الله خلق السموات والأرض’’. إن الكتابَ لا يقولُ : ‘‘ في البدءِ .. اللهُ والملائكة ..’’، أو ‘‘ في البدءِ .. اللهُ والبشر’’. ولكنه يقول: ‘‘في البدءِ .. الله’’. ففي البدءِ ، عندما لم يكن بعدُ شيءٌ قد وُجِد، وقبل أن تُوجدَ الملائكةُ أو البشر .. كان هناك واحدٌ فقط حيٌّ وموجود. هذا الواحد .. كان الله. وفي عالمِنا هذا، يقولُ البعض: ‘‘ إني لا أستطيع أن أرى الله ، وبالتالي فالله غيرُ موجودٍ’’. ولهؤلاء ـ الذين ينكرون وجودَ الله ـ نقول لهم: ‘‘دعونا نسألكم بعض الأسئلة.’’ هل عمرك رأيتَ الذرة؟ أو الأكسجين الذي تتنفسه؟ هل عمرك رأيتَ الريح؟ إنك لا تستطيعٌ أن ترى الريح، ومع ذلك فإنك تعرفٌ أنها موجودة؛ لأنك تستطيعُ أن ترى تأثيرَها. فأنت تستطيعُ أن ترى الأشجارَ وهي تتحرك بفعلِ الريح، ولكن لا أحد يستطيعُ أن يرى الريح. إنك لا تستطيع أن تمسكَ الريحَ في يدِك، ولكنك تستطيع أن تشعرَ بنسيمِها العليل. .. وهذا هو الحالُ مع الله. فنحن لا نستطيعُ أن نرى الله؛ لأنه لا يُرى بالعينِ البشرية. ومع ذلك، فإننا نعرفُ أن اللهَ موجود؛ لأننا نرى خليقتَه. يقولُ الكتابُ: ‘‘ لأن أمورَه غير المنظورة تُرى منذُ خلقِِ العالم ، مدركةً بالمصنوعاتِ قدرتَه السرمدية ولاهوتَه، حتى أنهم بلا عذر.’’ (رو 20:1) هناك شيءٌ آخر يمكننا أن نتعلمَه من العددِ الأول من التوراة، ألا وهو أن اللهَ ليس له بداية. فالله لم يُخلَق في البداية ؛ لأنه هو ربُ الأزل. كل ما نراه ونعرفه هنا في العالم، له بداية؛ أما الله فليس له بداية. ليس له مصدرٌ، وليس له نظير، ولم يكن غيرُه في البداية. لم يلدْه أحد، ولم يخلقْه أحد، ولم يخلقْ نفسَه. ولهذا نقرأُ في الكتابِ المقدس: ‘‘في البداية .. الله ..’’. الله فقط هو الذي ليس له بداية. هو الوحيدُ الموجودُ دائماً، والحيُّ إلى الأبد. ‘‘الربُ الأزليُّ الأبدي’’ هو اسمه. وما هو عليه اليوم، هو ما كان عليه بالأمس. وما كان عليه بالأمس، هو ما سيكون عليه للأبد. لأن الله لا يتغير أبداً. وهناك شيءٌ آخر يمكن أن نتعلمَه من العدد الذي يقول: ‘‘ في البدءِ خلق اللهُ السمواتِ والأرض’’، وهو عظمة الرب. الله الذي خلق كلَّ شيءٍ هو أعظمُ من كلِّ شيءٍ ومن كلِّ إنسان. هو ربُّ الخليقة. حقاً ، يمكننا أن نعلنَ من كل قلوبِنا أن الرب أعظم من أيِّ شيءٍ في العالم: المحيط، والرياح، والشمس، والنجوم! هو أحكمُ وأقوى من كلِّ الأرواحِ والبشر. هو مستحقٌ المجد إلى الأبد! تماماً، كما أن باني البيتِ أعظمُ من البيتِ نفسِه، هكذا اللهُ أيضاً، هو أعظمُ من كلِّ شيءٍ؛ لأنه هو الذي خلقَ كلَّ شيء. وهو يحيا بقوَّتِه الذاتية، ولا يعتمد على أي شيءٍ آخر، ولا على أي شخصٍ آخر. الرب أعظمُ وأكبر من أي شيء، ولا يحتاج إلى شيءٍ ولا إلى إنسان. هو الواحدُ العظيم! نحن البشرُ لدينا احتياجاتٌ كثيرة. فكل يوم، نحتاج أن نتنفس وننام، ونأكل ونشرب. نحتاج إلى الشمس والمطر، والطعام والماء، والملبس والمأوى، وإلى الأب والأم، والأصدقاء والمال .. بل ونحتاج إلى ما هو أكثر بكثير من ذلك. حقاً ، ما أكثر احتياجاتنا نحن البشر! لكن الله .. الرب الذي خلقَ كلَّ الأشياء، لا يحتاج إلى شيء! فهو لا يجوع، ولا يعطش، ولا يتعبُ أبداً! ليس له جسمٌ كالإنسان. ليس له حدود، وليس له نهاية. فهو اللهُ الأبدي. هو الإلهُ الكلِّي القوة والقدرة .. الإلهُ القادرُ على كلِّ شيء. والآن، نأتي إلى سؤالٍ هام. وهو إن كان اللهُ ليس كالإنسان ، وليس له جسمٌ مثلنا، فما هي طبيعته ؟ إن الكتابَ المقدس يعطينا إجابةً واضحةً على هذا السؤال. فهو يقول: ‘‘إن اللهَ روح ، والذين يسجدون له فبالروحِ والحق ينبغي أن يسجدوا’’ (يو 24:4). إذاً، ما هي طبيعةُ الله ؟ الله روح. الإنسان جسدٌ وروح، ولكن اللهَ روحٌ فقط. وروحُ الله ليس له حدود؛ فهو في كلِّ مكان. اللهُ فوق كلِّ شيء، وفوق كلِّ إنسان. فهو يملأ كلَّ شيء، ويرى كلَّ شيء. الليلُ مثل النهار عند الله. فإن اختبأتَ في حجرتِك، فالله هناك، وهو يراك. اللهُ يعرفُ كلَّ شيء. يعرفُ أفكارَك، ونوايا قلبِك. فالله عظيم! في الدروسِ القادمة .. سنتعرَّفُ أكثر على طبيعةِ الله وشخصيتِه. ففي الكتابِ المقدس، نجدُ لله المئاتِ من الأسماء. فهو الربُّ، والعليُّ، والقادر على كلِّ شيء، والخالقُ، ومبدعُ الحياة، والنور، والبار، والقدُّوس، والرحيم، وهو الله .. إلهُ المحبة . هو الله الحيّ الحقيقيّ . وفي الحقيقة، فإن الله، الذي خلق السمواتِ والارض في البداية، هو اللهُ العظيم. وهو الذي يقولُ عنه الكتاب : ‘‘ يا لعمقَ غنى الله وحكمتِه وعلمِه. ما أبعدَ أحكامِه عن الفحص ، وطرقِه عن الاستقصاء .. لأن منه وبه وله كلَّ الأشياء’’ (رومية 33:11 ،26). ‘‘الله ، المباركُ العزيزُ الوحيد، ملكُ الملوكِ وربُ الأرباب، الذي وحدُه له عدمُ الموت، ساكناً في نورٍ لا يُدنى منه، الذي لم يره أحدٌ من الناس، ولا يقدر أن يراه أحد، الذي له الكرامةُ والقدرةُ الأبدية. آمين ’’ (1تي 15:6 ،16). وفي فصلٍ آخر ، نجد نبيَّ الله موسى، وهو يسبِّح الله بتسبحةٍ جميلةٍ، يقول فيها: ‘‘عظيمةٌ وعجيبةٌ هي أعمالُك أيُّها الربَّ الإلهَ القادرَ على كلِّ شيء. عادلةٌ وحقٌّ هي طرقُك يا ملكَ القديسين. من لا يخافُك يا رب ويمجِّدُ اسمَك؟ لأن وحدَك قدُّوس ..’’ (رؤ 3:15 ،4). إن الله عظيمٌ عظمةً لا نهائية! هذا هو ما يعلِّمه لنا العددُ الأولُ من كلمةِ الله، الذي يقول ‘‘في البدءِ .. الله ..’’. وهكذا، أصدقائي، فلنحتفظ في أذهانِنا بالحقيقةِ التي عرفناها اليوم: ‘‘ في البدء .. الله ..’’. .. فالله فقط هو الذي كان موجوداً في البداية. .. وبالتالي، فإن اللهَ وحدَه هو الذي يستطيع أن يكشفَ لنا حقيقةَ ما حدث في البداية. .. واللهُ وحدُه هو الذي يستطيع أن يكشفَ لنا حقيقةَ نفسِه. أصدقائي .. هذا هو ما سنتوقف عنده اليوم .. نشكرُكم على وجودِكم معنا اليوم .. والجزء القادم سوف نبحثُ موضوعاً شيِّقاً للغاية، وهو: ‘‘ الملائكةُ والشيطان ’’. هل تعرفُ القصةَ الحقيقية التي تتكلم عن أصلِهم ونشأتِهم ؟ ليباركُكم الرب ـ وأنتم تتأملون في هذه الآيةِ من الكتاب المقدس : ‘‘ اللهُ روح ، والذين يسجدون له فبالروحِ والحق ينبغي أن يسجدوا ’’. |
||||
29 - 05 - 2015, 09:17 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
طريق الله الواحد ( 2 ).. الشيطان والملائكة اشعياء 14 ؛ حزقيال 28 في الجزء السابق، قرأنا أول عدد من الكتاب المقدس، والذي يقول: ‘‘ في البدء خلق الله السموات والأرض’’ (تك1:1). ورأينا أن كل شيء كان له بداية إلا الله. ففي البدء عندما لم يكن هناك أي شيء، كان هناك واحدٌ فقط موجود، وهذا الواحد كان .. الله. الله فقط هو الذي كان موجوداً في البداية. الله هو رب الأزل. الله عظيم وليس له نظير .. ليس له بداية ولا نهاية. ليس له احتياجات .. غير محدود. الله روح، ويستطيع أن يتواجد في كل مكان في نفس الوقت. هو فوق كل شيء، وكل إنسان. يملأ كل مكان .. ويرى كل شيء .. ويعرف كل شيء. هو فريدٌ ومتفرِّد .. وهو عظيم! لذلك يقول الكتاب: ‘‘هو وحده له عدم الموت، ساكناً في نور لا يُدنَى منه، الذي لم يره أحدٌ من الناس، ولا يقدر أن يراه، الذي له الكرامة والقدرة الأبدية. آمين!’’ (1تي 16:6). دعونا نبدأ اليوم ونبحث معاً ما تُعلِّمنا إياه كلمة الله عن ‘‘الملائكة والشيطان’’. هل تعرف من أين جاءت الملائكة ؟ أو من أين جاء الشيطان إبليس والشياطين ؟ لم يكن ممكناً أن نعرف عن مثل هذه الأشياء، لو لم يكن الله قد أخبرنا عنها بنفسه. ولكن الله أخبرنا عنها في كلمته. لذلك، دعونا نفحص الكتاب المقدَّس؛ كي ما نعرف حقيقة الملائكة والشيطان. إن كلمة الله تخبرنا بالكثير عن الملائكة. وسوف نحاول اليوم أن نلخِّص أهم الحقائق التي تخص هذه الكائنات المخلوقة. تخبرنا كلمة الله، أنه منذ زمن طويل جداً، الله ـ الذي هو روح ـ خلق أرواحاً أخرى كثيرة، تسمَّى الملائكة. ويقول الكتاب أن ‘‘الملائكة جميعهم هم أرواح ..’’ (عب14:1) ، وأن الله صنع ‘‘ملائكته رياحاً وخدامه لهيب نار’’ (عب 7:1). وهكذا ، يعلِّمنا الكتاب أن الملائكة أرواحٌ في طبيعتهم مثل الله. وأن صورتهم تشبه الريح والنار. فنحن لا نستطيع أن نرى الريح .. ولا أن نلمس النار. وهذا هو الحال عينه مع ملائكة الله. فالله لم يخلق لهم أجساداً وأرواحاً مثلنا. ولكن الملائكة هم أرواحٌ فقط. ولهذا لا نستطيع أن نراهم. ولكن ، ما هو عدد الملائكة التي خلقها الله ؟ وما الذي يقوله الكتاب عن ذلك ؟ يقول الكتاب أن الله خلق أرواحاً كثيرة جداً .. أكثر من أن تُعد. ففي السماء، حيث محضر الله، يُوجد ‘‘ملائكة كثيرون، عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف’’ (رؤ 11:5). إن الله إلهنا عظيم ! الله، الذي ليس له حدود، خلق لنفسه الآلاف والآلاف من الملائكة الجميلة الصالحة الحكيمة. ويخبرنا الكتاب أن ملائكة الله لها قوة عظيمة. فهم أقوى منا، ولكنهم مع ذلك لهم حدودهم، شأنهم في ذلك شأن أي مخلوقاتٍ أخرى. إنهم ليسوا كليّي القدرة والقوة مثل الله. فهم لا يستطيعون أن يكونوا في كل مكان في آن واحد مثل الله، ولا أن يعرفوا كل شيء مثله. فهم مجرد مخلوقات. ولكن هناك واحداً فقط غير محدود، ألا وهو .. الله. هناك شيءٌ آخر ينبغي أن نفهمه عن الملائكة، وهو أنهم عندما خلقهم الله، كانوا مخلوقاتٍ مقدَّسة. كل الملائكة، كانوا مخلوقاتٍ مقدَّسة. ففي البداية، لم يكن هناك ملائكةٌ أشرار. في البداية، لم يكن هناك إبليس بعد، ولم يكن هناك أرواح شريرة. الله لم يخلق أي ملائكة أشرار. لابد لنا أن نعي هذه الحقيقة، ونضعها في أذهاننا: أن الله يستطيع أن يفعل كل شيء إلا شيءٍ واحد ، وهو أن يصنع الشر. دعونا لا ننسى هذا: .. الله لا يستطيع أن يخلق الشر؛ لأن الله صالح. .. الله لا يستطيع أن يرتكب أخطاء؛ لأنه كامل. .. الله لا تصدر منه الخطية؛ لأنه طاهر وقدوس. فكل ما يفكِّر فيه الله، وكل ما يصنعه، هو صالح وكامل. ولهذا يقول الكتاب: ‘‘الله غير مجرَّب بالشرور ، وهو لا يجرِّب أحداً’’ (يع 13:1). إذن، من أين جاء الشر ؟ سنعرف الإجابة على هذا السؤال حالاً. إلا أن أولاً، هناك شيء آخر ينبغي علينا أن نعرفه عن الملائكة، وهو : لماذا خلق الله الملائكة ؟ يعلمنا الكتاب أن الله خلقهم؛ ليكونوا معه ويحبوه ويسبحوه ويخدموه إلى الأبد وسط كل فرح السماء. فهُم ملكٌ لله، كلهم؛ لأنه خلقهم. فكلهم يسكنون في بيت الله في الأعالي، في السماء، أبعد بكثير من القمر والشمس والنجوم. هل تعرف أنه هناك مكاناً خاصاً يسكن فيه الله ؟ حقاً، لقد تعلمنا في درسنا السابق أن الله موجود في كل مكان. إلا أن الكتاب المقدس يعلمنا عن مكانٍ عجيبٍ موجودٍ في الكون، مكانٍ مقدسٍ مليء بالنور والجمال، حيث يسكن الله، ويظهر كل مجدُه .. سماء السموات هذا هو المكان .. والفردوس هو مكان انتظار الإبرار الراقدين كما جاء في أوشية الراقدين .. هناك شيءٌ آخر نحتاج أن نعرفه عن الملائكة وهو : أن الملائكة يختلفون عن بعضهم البعض. .. فبعض الملائكة .. أجمل وأحكم من البعض الآخر. .. بعض الملائكة .. يحيط بعرش الله في السماء. .. والبعض الآخر .. يساعد الناس ويحميهم. .. والبعض الثالث .. مثل جبرائيل وميخائيل .. يقفون في محضر الله ، ويُرسَلون للقيام بمهام خاصة على الأرض. .. وبعض الملائكة يرأس البعض الآخر. هل سمعت عمرك عن اسم ‘‘لوسيفر’’؟ تخبرنا كلمة الله عن وقتٍ كان فيه ‘‘لوسيفر’’ هذا رئيساً لكل الملائكة. ولو عرفت قصة ‘‘لوسيفر’’، لفهمت من أين جاء الشيطان. يخبرنا الكتاب أنه عندما خلق الله الملائكة في البداية، كان ‘لوسيفر’ أجملهم وأقواهم وأحكمهم على الإطلاق. وكلمة ‘لوسيفر’ تعني ‘المُشرِق’ أو ‘المضيء’ أو ‘اللامع’. فقد كان لوسيفر يفوق كل الملائكة في المعرفة والحكمة والقوة والسلطة. إذ أعطاه الله جمالاً وذكاءً بلا حدود. وكان من المتوقَّع أن يعبد لوسيفر الله ويحبه ويطيعه إلى الأبد، لأن الله خلقه وباركه بركةُ عظيمة. إلا أننا من الأنبياء أن لوسيفر في وقتٍ ما احتقر الله، وامتلأ قلبه بالكبرياء. وقال لوسيفر في قلبه: ‘‘أصعد إلى السموات ، أرفع كرسيَّ فوق كواكب الله ، وأجلس متوجاً .. أصعد فوق مرتفعات السحاب ، أصير مثل العليّ’’ (إش 13:14، 14). يا له من شيء عجيب! لوسيفر، الذي لم يكن له أكثر مما أعطاه الله، أراد أن يسلب مجد الله العليّ! ولم يتمرد لوسيفر وحده ضد الله، بل أغرى ثلث الملائكة الذين كانوا في السماء، فاختاروا أن يولُّوا ظهورهم لله، وأن يتبعوا لوسيفر في خطيته. (رؤ 4:12). إلا أن الله هو الله، وقد عرف كل ما كان لوسيفر وملائكته ينوون عمله. فكما تعلمنا مسبقاً في درسنا السابق، أن لا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً في السر أمام الله؛ لأن الله يعرف كل شيء حتى قبل أن يحدث! لقد رأى الله الخطية التي كانت في قلب لوسيفر وقلوب الملائكة الذين تبعوه. ولكن، ماذا حدث بعد ذلك يا ترى ؟ وما الذي فعله الله ؟ هل سمح الله للوسيفر الذي تمرد ضده أن يأخذ مكانه ؟ هل يمكن لله أن يتغاضى عن الخطية ؟ هل يستطيع الله أن يتعايش مع خطية الكبرياء والتمرد ؟ بالطبع مستحيل! فكتب الأنبياء تعلِّمنا أن الله إلهنا قدوس، وعيناه لا تستطيعان أن تنظرا الشر. الله لا يقدر أن يتحمل الخطية. وهو لن يعطي مجده لآخر. فالله متفرِّد ، ولا يقدر أحد أن ياخذ مكانه! وهكذا، يقول الكتاب أن الله طرد لوسيفر وملائكته الأشرار من محضره المقدس. وهكذا، أصبح لوسيفر ومن تبعوه من الملائكة غير قادرين على السكنى في السماء في بيت الله؛ وذلك لأنهم أخطأوا برغبتهم في أن يحلوا محل الله. ولذلك، طرد الله لوسيفر وملائكته الأشرار. فالله القدوس لابد وأن يدين ويعاقب كل من يتمرد ضده. وبعد ما أخطأ لوسيفر، تغيَّر اسمه. ولم يعد اسمه لوسيفر المتألق، المشرق، المضيء، بل أصبح اسمه ‘‘الشيطان’’. والشيطان ، كلمة تعني ‘الخصم’ أو ‘العدو’. لقد أصبح لوسيفر عدو الله. والشيطان وملائكته ـ كما تعرفون ـ مازالوا يرفضون الله، ويرفضون كل ما هو صالح. فهم يرفضون كلمة الله وينكرونها. فالشيطان يحارب الله، ويحاول أن يفسد كل خططه ويعطلها. إلا أن الله هو القاضي العظيم، ولا أحد يستطيع أن يتفوق عليه! ‘‘فالبيضة ينبغي ألا تصارع الصخرة’’ كما يقول المثل. ويقول الكتاب المقدس أنه بعد أن طرد الله الشيطان وملائكته، خلق الله لهم ‘‘نار جهنم’’ التي لا تنطفئ إلى الأبد. وسيأتي اليوم الذي يطرح فيه الشيطان وملائكته وكل من يتبعهم، في النار. وهكذا، كما يقول الكتاب: ‘‘سيُعذَّبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين’’ (رؤ 10:20). إلا أن الكتاب المقدس يعلِّمنا أن الشيطان ليس بعد في نار جهنم. إذ تقول كلمة الله أن الشيطان في العالم، وهو يحارب الله. فهو المدمٍّر والمخرِّب. إذ يريد أن يدمِّر كل عمل الله، ويريد أن يهلك البشر الذين خلقهم الله، وأن يذهبوا إلى جهنم. تقول كلمة الله أن معظم الناس هم تحت سيطرة الشيطان، ولكنهم لا يدركون ذلك. وذلك لأن الشيطان خدَّاع. إذ تقول كلمة الله : ‘‘الشيطان نفسه يغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور.’’ (2كو14:11) فهو يحاول أن يخدع الناس حتى لا يعطوا انتباهاً إلى كلمة الله. لذلك كتب واحد من أنبياء الله يقول: ‘‘ اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو’’ (1بط 8:5). فاصحوا أنتم إذاً واسهروا! إبليس يريد أن يهلككم ويدمركم للأبد! ولكن مجداً لله الذي أعطانا كلمته؛ كي نقدر أن نهرب من قوة الشيطان. يقول الكتاب : ‘‘ وتعرفون الحق والحق يحرركم’’ (يو32:8). فهل تعرفون الحق الذي يستطيع أن يحرركم من مكايد إبليس الرهيبة ؟ دعونا لا ننسى هذه الحقائق: إن الشيطان أحكم منا .. لكن الله أحكم من الشيطان. إن الشيطان أقوى منا .. ولكن الله أقوى من الشيطان. أخي .. هل تعرف الحق الذي يستطيع أن يحررك من قوة الشيطان ؟ إن الكثير من الناس لا يحبون أن يسمعوا الحق الإلهي. ولماذا يرفض الناس أن يسمعوا للحق ؟ ذلك لأن إبليس خدعهم! فهو يشجعهم أن يصدِّقوا الضلال، أي يصدِّقوا ما هو ليس حق. فتأكَّد أن الحق ليس دائماً لطيفاً وحلواً للآذان. ‘‘فالحق يلسع كالشطة’’، كما يقول مثلٌ من الأمثال. إلا إنك إذا سمعت الحق وصدَّقته، فلسوف تتحرر من قوة الشيطان. إن حق الله يحررك من أكاذيب الشيطان. ولكن هذا بشرط أن تعرف الحق وتصدَّقه! اسمع لما تقوله كلمة الله : ‘‘أيها الأحباء ، لا تصدِّقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح : هل هي من الله ؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم’’ (1يو 1:4). وأيضاً تقول كلمة الله : ‘‘لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسَّكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر’’ (1تس 20:5ـ22). إخوتي .. أشكركم على حسن متابعتكم والجزء القادم .. سندرس معاً .. كيف خلق الله العالم. ليبارككم الرب وأنتم تتأملون في وعده العجيب الذي أعطاه لنا في كلمته ‘‘وتعرفون الحق ، والحق يحرركم’’ (يو 32:8) |
||||
29 - 05 - 2015, 09:17 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
( 3 ) كيف خلق الله العالم؟؟ في الجزء السابق ، قرأنا ما قد كتبه أنبياء الله عن الملائكة والشيطان. وتعلمنا أن الله، في البدء، خلق الأرواح، ودعاهم ‘‘ملائكة’’. ومن بين هؤلاء الملائكة، كان هناك ملاكٌ أكثر ذكاءً وجمالاً من بقية الملائكة. وكان اسم هذا الملاك ‘‘لوسيفر’’. إلا أنه جاء يومٌ، فيه أعطى لوسيفر المجد لنفسه في قلبه، وأظهر الاحتقار لله، وأراد أن يحتل مكانه. وأيضاً، اختار الكثير من الملائكة أن يتبعوا لوسيفر في خطيته. وهكذا، الله ـ طرد لوسيفر والملائكة الأشرار من محضره المقدس. ومن هنا، تغيَّر اسم لوسيفر إلى ‘‘الشيطان’’ ـ الذي يعني ‘‘الخصم’’ أو ‘‘العدو’’. وبعد ما طرد الله الشيطان وملائكته، أعد لهم نار جهنم التي لا تنطفئ. وسوف يأتي اليوم الذي يطرح فيه الله الشيطان وكل من تبعوه، في هذه النار. إلا أن الشيطان لم يُطرَح بعد في النار. فهو في العالم، يسعى لخداع كل من يستطيع أن يخدعه. وفي هذا الجزء ، نأتي إلى درسنا الرابع. وفي كتاب ‘‘التكوين’’ـ الذي هو الكتاب الأول من التوراة، وفي الفصل الأول منه، وفي أول عددين، يقول الكتاب: ‘‘في البدء خلق الله السموات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة’’ (تكوين 1:1،2). في البدء، عندما خلق الله أولاً السموات والأرض، لم يكن هناك شيء حي على الأرض. كان كل شيء خرب ومظلم. لم يكن هناك غير الشيطان و ملائكته. إلا أن الله خطط لخلق الإنسان، ليكون له القدرة أن يعرف الله، ويحبه ويطيعه إلى الأبد . إلا أنه قبل أن يخلق الله الإنسان، خطط الله لخلق عالمٍ جميلٍ حيث يستطيع الإنسان أن يعيش في رفاهية حقيقية. ومن ثمَّ، سنرى اليوم كيف خلق الله العالم، وأعده للإنسان الذي خطط لخلقه. والآن، دعونا نبحث فيما يقوله الكتاب المقدس عن الكيفية التي خلق بها الله هذا العالم. يقول الكتاب: ‘‘في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها’’ (خروج 11:12). تعالوا معاً لنفحص الفصل الأول من التوراة؛ لنرى ما الذي خلقه الله في الستة أيام هذه: اليوم الأول، يقول الكتاب: ‘‘وكان روح الله يرفُّ على وجه المياه. وقال الله ليكن نور فكان نور. ورأى الله النور أنه حسن وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهاراً، والظلمة دعاها ليلاً. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يوماً واحداً.’’ (تكوين2:1ـ5) وهكذا، نرى أنه في اليوم الأول، أمر الله قائلاً: ‘‘ليكن نور في وسط الظلمة’’. أمر الله الأرض، التي هي مثل كرة كبيرة وعظيمة في السموات، لتدور مرة حول نفسها كل أربعٍ وعشرين ساعة. وذلك، هو السبب في أنه لدينا حوالي اثنتي عشرة ساعة من النهار، ومثلها من الليل. يا له من شيء عظيم صنعه الله في اليوم الأول، بفصله النور عن الظلمة. اليوم الثاني، يقول الكتاب : ‘‘وقال الله ليكن جَلَدٌ في وسط المياه. وليكن فاصلاً بين مياه ومياه. فعمل الله الجَلَد، وفصل بين المياه التي تحت الجَلَد، وبين المياه التي فوق الجَلَد. وكان كذلك. ودعا الله الجَلَد سماءً. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يوماً ثانياً’’ وهكذا، خلق الله في اليوم الثاني، السماء التي حول الأرض، والتي ندعوها ‘‘الأتموسفير’’ أو ‘‘الغلاف الجوي’’. وهذا الغلاف هو السماء التي تحيط بالأرض، وتحتوي على الهواء الذي نتنفسه. هذا الغلاف الجوي نفسه، هو الذي يحمي كل إنسان وكل شيء من حرارة الشمس، ومن كوارث أخرى كثيرة. وبدون هذه السماء الخاصة، التي خلقها الله في اليوم الثاني، لما استطاع الإنسان أن يعيش على الأرض. اليوم الثالث، خلق الله المحيطات واليابسة والنباتات. استمع لما يقوله الكتاب : ‘‘وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد، ولتظهر اليابسة. وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضاً، ومجتمع المياه دعاه بحاراً. ورأى الله ذلك أنه حسن. وقال الله لتنبت الأرض عشباً، وبقلاَ يبزر بزراً، وشجراً ذا ثمر يعمل ثمراً كجنسه بزره فيه على الأرض. وكان كذلك. ورأى الله ذلك أنه حسنٌ. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يوماً ثالثاً’’ (تكوين 9:1ـ11،13). وهكذا، نرى أنه في اليوم الثالث، خلق الله المصمم العظيم، البحار والأنهار، ومعها الآلاف من أنواع الأشجار والنباتات، كلٍّ بثمارها وبذورها. ويا لها من أنواع لذيذة من الطعام، تلك التي خلقها الله، فقد خلق لنا: المانجو، والموز، وجوز الهند، والبطيخ، والطماطم، والكرنب، والجزر، والأرز، والفول السوداني .. وغيرها وغيرها .. آلاف من أنواع الطعام! وقال الله عن كل ما خلقه ‘‘أنه حسن!’’ فكل ما يصنعه ويعمله الله هو حسنٌ ومدهشٌ وكامل! ربما يسأل البعض قائلين: ..‘‘إن كان الله صالحاً حقاً، فلماذا نرى العالم مليئاً بالشر والحروب؟ .. أو لماذا لم يُنتج حقلي إنتاجاً وفيراً هذه السنة؟ .. أو لماذا ابني مريض؟ .. وإن كان الله صالحاً فعلاً، لماذا يخرج الشر من الإنسان؟’’ حقاً، إن كل هذه الأسئلة هامةٌ فعلاً، والكتاب المقدس يعطينا إجاباتٍ مقنعةً لها. وهو الشيء الذي سنتعرض له في الدروس القادمة. أما بالنسبة لدرس اليوم، فدعونا نضع في أذهاننا هذه الحقيقة الهامة: أن الله صالح، وكنتيجة لذلك، كل شيء خلقه الله هو أيضاً صالح. أصدقائي.. دعونا نتأمل للحظة في صلاح الله. لقد سمعنا للتو كيف خلق الله الأشجار في اليوم الثالث. فهل تعرف لماذا خلق الله الأشجار بكل ثمارها؟ وهل كان الله يحتاج إليها؟ وهل خلقها الله مليئة بثمارها الجميلة ليشبع بها جوعه مثلاً؟ لا طبعاً! فالله الخالق لا يجوع أبداً، ولا يحتاج إلى أي شيء! فلماذا إذاً خلق الله الشجر؟ يوضِّح لنا الكتاب المقدس أن الله في صلاحه خلق كل شيء من أجل الإنسان، الذي كان يخطط لخلقه في اليوم السادس. .. فهل تدرك صلاح الله؟ .. هل تستطيع أن تتذوق ثمرة من المانجو بنكهتها الجميلة، أو تشم زهرة برائحتها الذكية، دون أن تدرك صلاح الله؟ .. هل تستطيع أن ترى شجرة، ولا تشكر ذاك الذي خلقها من أجلك؟ إن الحياة بلا شجر تصبح فظيعة! فلولا الشجر لما كان لدينا خشب للتدفئة، ولا خشب لصناعة القوارب أو بناء البيوت. بدون الأشجار لما كان لدينا ظلٌّ نستريح فيه من وطأة حرارة النهار، أو أوراق للشاي أو الدواء. بدون الأشجار لأصبحت الحياة مستحيلة. وما الأشجار التي خلقها الله إلا واحدة من آلاف الأشياء الصالحة التي صنعها الله من أجل سعادتنا. إن الله يريدنا أن ندرك صلاحه. هذا هو ما كتبه النبي داود في المزامير قائلاً : .. ‘‘ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب’’ (مز 8:34). اليوم الرابع، قال الله: ‘‘لتكن أنوار في جَلَد السماء لتفصل بين النهار والليل. وتكونُ لآياتٍ وأوقاتٍ وأيامٍ وسنينٍ’’ (تك14:1). ولم يفعل الله أكثر من أنه أعطى أمره ، فوجدت الشمس والقمر والنجوم في السماء. وقال الله كلمة أخرى، وبعدها بدأت الأرض في الدوران حول الشمس. وقال الله كلمة ثالثة، وبعدها بدأ القمر يدور حول الأرض. ما الذي استخدمه الله ليخلق كل شيء في العالم؟ ما الذي يقوله الكتاب؟ يقول الكتاب: ‘‘إن العالمين أُتقِنَت (أي كُوِّنَت أو خُلِقَت) بكلمة الله، حتى لم يتكون ما يُرى مما هو ظاهر.’’ (عب 4:11) ويقول أيضاً: ‘‘في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان.’’ (يو 1:1ـ3) لقد قرأنا سابقاً أن كل ما فعله الله في اليوم الأول هو أنه تكلم ببساطة، وقال: ‘‘ليكن نور’’، وكان نور. وفي اليوم الثاني، تكلم الله وقال: ‘‘ليكن جَلَد’’، فكان جَلَد. وفي اليوم الثالث ، تكلم الله مرةً أخرى ، وما قاله أتى إلى الوجود .. وهكذا! وبالتالي الآن، ما الذي استخدمه الله ليخلق كل ما في العالم؟ الإجابة هي: لم يستخدم الله أي شيء إلا .. كلمته ! كل ما فعله هو أنه .. تكلم ، وما تكلمه حدث ، ودخل إلى حيِّز الوجود. لقد خلق الله كل شيء بكلمته. ويعلمنا الكتاب أن الله لم يخلق فقط كل شيء بكلمته، بل أنه أيضاً يصون ما خلقه ويحميه ويبقيه في نظامه وطبيعته بكلمة قدرته (أي كلمته القادرة القوية). فإنه بكلمة الله القوية يبقى القمر والنجوم في أماكنهم المعيَّنة في السماء. وبأمر الله تشرق الشمس وتغرب في مواقيتها. فقط، تخيل كيف تكون حياتنا صعبة إذا كنا لا نستطيع أن نعرف هل ستشرق الشمس غداً أم لا! يقول الكتاب: ‘‘الله أمين’’ (1كو 9:1)، ويمكن الاتكال والاعتماد عليه. فهو لا يرجع في كلمته، ولا ينقضها. ‘‘كلمة الرب تثبت إلى الأبد.’’ ((ابط 25:1) اليوم الخامس، خلق الله الآلاف والآلاف من أنواع الأسماك والطيور. يقول الكتاب: ‘‘ وقال الله لتفِض المياه زحافات ذات نفسٍ حية، وليطر طيرٌ فوق الأرض على وجه جَلَد السماء. فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحيَّة الدبَّابة التي فاضت بها المياه كأجناسها، وكل طائر ذي جناح كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن. وباركها الله قائلاً: ‘‘أثمري واكثري واملإي المياه في البحار، وليكثر الطير على الأرض. وكان مساءٌ، وكان صباحٌ يوماً خامساً’’ (تك 20:1ـ23). أما عن اليوم السادس، فيخبرنا الكتاب المقدَّس أن الله خلق فيه الحيوانات والإنسان. ولكن في الجزء القادم ، سنبحث بدقَّة ما قاله الكتاب المقدَّس عن كيفية خلق الله للإنسان الأول، ولماذا خلقه. عزيزي .. تأملنا اليوم في صلاح الله، وقرأنا ما كتبه نبي الله داود قائلاً: ‘‘ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب !’’ فهل ذقت حقاً صلاح الله ؟ فكل يوم، نذوق ونأكل أطعمة مختلفة مما خلقه الله لنا، ولكن هل ذقنا حقاً صلاح الله وأدركناه؟ إن كنت تريد حقاً أن تذوق صلاح الله فعليك أن تنصت إلى كلمة الله وتصدِّقها. يقول الكتاب المقدَّس: ‘‘ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله.’’ (متى 4:4) في درسنا القادم، سنكتشف أن الإنسان ليس مجرَّد جسد، بل له أيضاً نفس. ولابد لنفوسنا أن تتغذَّى على كلمات الله. إن كلمة الله صالحة جداً وعجيبة، ولا تقارن بغيرها ، ولكن ينبغي أن يكون لدينا جوعٌ لها. هل تجوع نفسك لمعرفة الله وكلمته الأبدية، كجوع معدتك إلى الطعام؟ إن كنت تجوع إلى كلمة الله بهذه الصورة، فستكتشف الحق الذي يمكنه أن يعطيك السلام الكامل مع الله هنا على الأرض، ويعطيك ميراثاً لا يفسد في السماء! نحن نعلم أن هذا حقيقي، لأن الله نفسه يعد به، عندما يقول: ‘‘طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم سيُشبَعون’’ (مت 6:5) ..آمين. أصدقائي .. أشكركم على حسن متابعتكم. كونوا معنا في الجزء القادم . كي ما نرى كيف خلق الله أول إنسان، والأهم هو أن نرى لماذا خلقه .. ‘‘ذوقوا وانظروا .. ما أطيب الرب’’ (مز 8:34) |
||||
29 - 05 - 2015, 09:18 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
( 4 ) لماذا خلق الله الإنسان؟؟ تكوين 1،2 في الجزء السابق ، قرأنا عن كيف خلق الله السموات والأرض والمحيطات وكل ما فيها. خلق الله كل شيء في ستة أيام، ولم يستخدم إلا كلمته. ورأينا أيضاً لماذا خلق الله العالم. لقد صنعه من أجل الإنسان الذي كان سيخلقه من أجل مجده. كم لطيفاً من الله أن يخلق مكاناً جميلاً وعجيباً، حيث يمكن للإنسان أن يعيش فيه في سعادة ورخاء! نريد اليوم أن نفحص الكتاب المقدس، ونفحص بدقة كيف خلق الله أول إنسان، سنحاول أيضاً أن نفهم لماذا خلق الله الإنسان. في التوراة، وفي سفر التكوين، وفي الفصل الأول والعدد السادس والعشرين بالتحديد، تقول كلمة الله : ‘‘وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا ، فيتسلطون على سمك البحر ، وعلى طير السماء ، وعلى كل الأرض ، وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض. فخلق الإنسان على صورته ، على صورة الله خلقه ؛ ذكراً وأنثى خلقهم’’ (تكوين 26:1،27). أمامنا الآن حقيقة عظيمة ومهيبة، يحتاج كل إنسان أن يفهمها فهماً جيداً، وهي: أن الله قد خلق أول رجل وامرأة على صورته ! فكِّر في هذه الحقيقة! لقد صنع الله الإنسان ليكون على صورته! حقاً، إن الإنسان هو أهم مخلوق وسط كل المخلوقات التي خلقها الله. إن الإنسان فقط هو ما خُلِق على صورة الله. الآن، دعونا نسأل أنفسنا: ما الذي تعنيه كلمة الله عندما تقول أن: ‘‘الله خلق الإنسان على صورته’’؟ في الفصل الثاني والعدد السابع، يقول الكتاب: ‘‘وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفساً حية ’’ (تك7:2). نلاحظ في هذا العدد، أنه عندما خلق الله الإنسان الأول، خلقه بعنصرين: جسدٍ ونفس. فالإنسان ليس مجرد كائنٍ مادي، بل له جسدٌ ونفس. لقد خلق الله الإنسان على مرحلتين أو خطوتين. أنظر لما يقوله الكتاب : المرحلة الأولى: ‘‘جبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض’’ أي شكَّله من تراب الأرض. والمرحلة الثانية: ‘‘نفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفساً حية’’. وبالتالي، فمن الكتاب المقدس نعرف أن الله عندما خلق الإنسان، قام أولاً بتشكيل جسمٍ له. إذن، لماذا صنع الله الجسد أولاً؟ لقد صنع الجسد أولاً ليكون مسكناً تسكن فيه نفس الإنسان. فهل تعلم أن جسدك هو مسكنك، أي ‘‘الخيمة’’ المؤقتة التي تسكن فيها نفسك الحقيقية وتعيش؟ هذا هو ما يعلِّمه الكتاب عندما يقول: ‘‘بيت خيمنا الأرضي’’ أو ‘‘الجسد الذي لنا على الأرض هو مثل الخيمة’’ (2كو1:5). لقد خلق الله جسم الإنسان ليكون مسكناً لنفس الإنسان. ولكن، بماذا خلق الله أول جسم إنساني؟ يقول الكتاب أن الله جبله أو شكَّله من تراب الأرض. وفي العصر الحديث الذي نعيش فيه، نعرف أن تراب الأرض يتكوَّن من حوالي عشرين عنصراً كيميائياً. ويخبرنا العلماء أن كل هذه العشرين عنصراً كيميائياً هي موجودة في جسم الإنسان. ولذلك ، كتب نبي الله داود في المزامير يقول: ‘‘لأن الله يعرف جبلتنا. يذكر أننا ترابٌ نحن’’ (مز 14:103). نعم ، إن الجسد مصنوع من تراب ، ولكن هذا لا يعني أنه لا قيمةَ له كالتراب. ففي جسم الإنسان يُوجد أكثر من سبعين ألف ألف ألف ألف (أي 70 تريليون) جزء يسمَّى ‘خلية’. وكل هذه الأجزاء منسوجة معاً ومصمَّمة، لتقوم بوظيفتها في انسجام رائع. حقاً، إن جسم الإنسان لمعجزة عظيمة. ففي جسمنا، وضع الله المخ، والقلب، والرئتين، والمعدة، والكبد، والأمعاء، والعظام، والعضلات، والجلد، والعينين، والأذنين، والأنف، والفم، وأجزاء أخرى مدهشة عديدة. وكلُّ جزءٍ يعرف دوره تمام المعرفة. حقاً، لا يمكن أن يقدر أحد على خلقه إلا الله. ولذلك، كتب النبي داود يقول: ‘‘أحمدك من أجل إني قد امتزت عجباً (أي صُنِعتُ صناعةً عجيبة). عجيبة هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلك يقيناً.’’ (مز 14:139) نعم، إن جسم الإنسان شيءٌ مدهشٌ، لا يصدقه عقل. ولكن، هل جسم الإنسان هو الشيء الذي خلقه الله على صورته؟ بالطبع لا، هذا مستحيل. لماذا؟ لأن الله روح. فالله لم يخلق الصورة الجسدية للإنسان على صورته هو. فماذا إذاً الذي يقصده الكتاب عندما يخبرنا أن ‘‘الله خلق الإنسان على صورته’’؟ إن هذا يعني أن الله خلق نفس الإنسان على صورته، وليس جسده. فقد لاحظنا آنفاً أنه عندما خلق الله أولاً جسد الإنسان من تراب الأرض، كان هذا الجسد بلا حياة. لقد كان مجردَ جثةٍ هامدة. لكن لماذا خلق الله أولاً جسد الإنسان قبل أن يضع النفس فيه؟ لماذا لم يخلق الله الإنسان في خطوةٍ واحدة كما فعل مع باقي المخلوقات؟ لماذا لم يفعل ذلك، وهو الإله القوي القادر على كل شيء ؟. ربما فعل الله ذلك؛ كي يعلِّم الإنسان درساً هاماً: وهو أن الإنسان في ذاته ليس له أي قوة على الحياة. فالإنسان لا يستطيع أن يهب نفسه الحياة، ولا يستطيع أن يخلق أي شيء له القدرة على الحياة. فالله هو رب الحياة، وفيه وحده تُوجَد الحياة. إن الحياة لا تأتي من الإنسان، بل هي هبة من الله. يقول الكتاب: ‘‘ونفخ الرب الإله في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفساً حيَّة’’. الجسد الذي خلقه الله بدأ يحيا. ولماذا بدأ يحيا؟ لأن الله، إله الحياة، أعطاه نفساً. لقد نفخ الله حياته في هذه الجثة الهامدة. فصارت حياة الله في الإنسان. وهكذا، صار الإنسان نفساً حية. وبالتالي ، ما الذي خلقه الله على صورته؟ إنه النفس. خلق الله نفس الإنسان على صورته. هل تعلم أن هناك خصائص معينة في روح الله، توجد أيضاً في روح الإنسان؟ قبل أن ننتهي ، نريد أن نتأمل في ثلاث خصائص أو سمات، تُوجَد في الله، وتُوجَد أيضاً في الإنسان. وفيما نتأمل في هذه الخصائص الثلاث التي نتشارك فيها مع الله، سنستطيع فهم الكتاب عندما يقول أن ‘‘الله خلق الإنسان على صورته’’. هذه الخصائص الثلاث التي وضعها الله في نفس الإنسان، هي كما يلي : أولاً : أعطى الله الإنسان عقلاً (روحاً)؛ كي ما يعرف الله. ثانياً : أعطى الله الإنسان قلباً (عواطف)؛ كي ما يحب الله. ثالثاً : أعطى الله الإنسان إرادة (حريَّة الاختيار)؛ كي ما يطيع الله. تماماً كما أن الله لديه عقل وقلب وإرادة، وضع الله أيضاً في الإنسان عقلاً وقلباً وإرادة. دعونا الآن نتأمل فيما يعنيه ذلك. أولاً : أعطى الله الإنسان عقلاً قادراً على معرفة الله، وعلى التفكير كما يفكِّر في الله. لقد خلق الله الإنسان بمثل هذا العقل القوي، لأنه خطط وقصد أن يكون للإنسان شركة حميمة معه. وعندما نقرأ عن حياة نبي الله إبراهيم، سنرى أنه دُعِيَ ‘‘خليل الله’’ أي ‘‘صديق الله’’. لقد عرف إبراهيم الله معرفةً شخصية، وكان له علاقة حميمة معه. إلا أن إبراهيم ليس هو الوحيد الذي مُنِح امتياز أن يكون صديقاً لله. نحن أيضاً يمكننا أن نكون ‘‘أصدقاء الله’’. فالله يريد أن يكون لنا علاقة حميمة معه. وهذا هو السبب الذي من أجله وضع الله في نفس الإنسان عقلاً (أي روحاً) ينسجم مع عقل (أي روح) الله. ربما نستطيع توضيح ما نقوله بسؤال وهو: ما الذي يميِّز الإنسان عن الحيوان؟ إنه العقل. إن عقل الإنسان وروحه يختلفان اختلافاً كبيراً عن عقل الحيوان. اصدقائي، لماذا أنتم قادرون على فهم ما نقوله؟ لأنكم تشتركون في أن لديكم نفس العقل ـ عقل الإنسان. وبطريقة مماثلة، نجد أن روح الإنسان مصمَّمة كي ما تنسجم مع روح الله، وتستجيب له، وتدخل في شركة معه. وبالطبع ، ينبغي ألا نعتقد بقولنا هذا أن عقولنا تتساوى مع عقل الله في الحكمة والمعرفة. مستحيل! فحكمة الله عميقة، ومعرفته تفوق حكمة ومعرفة الإنسان بما لا يُقاس. وما نحتاج أن نفهمه هو أن الله قد أعطى الإنسان روحاً لها إمكانية الاستمتاع بعلاقة ذات معنى مع الله الحي. فالله لا يريدك أن تكون مثل الحيوانات التي لا تستطيع أن تعرفه! .. إن الحيوان لديه مخ، ولكنه لا يستطيع أن يفكر في الله. .. الحيوان لديه فم، ولكنه لا يستطيع أن يشكر الله من أجل الطعام الذي يقدمه له الله كل يوم. .. الحيوان لديه عينان، ولكنه لا يستطيع أن يدرس الكتاب المقدس. .. الحيوان له إذنان، ولكنه لا يستطيع أن يستمع إلى كلمة الله. أما الإنسان، الذي خلقه الله على صورته، فهو يستطيع أن يعرف الرب الإله. نعم، أنت يا من تستمع اليوم، تستطيع أن تعرف الله! يمكنك أن يكون لك علاقة مدهشة وعجيبة مع خالقك، وذلك إن آمنت ونلت طريق الخلاص والبر الذي أعده الله. وسوف نشرح بوضوح طريق الله للخلاص في الدروس القادمة. ولكن ما ينبغي علينا أن نفهمه اليوم، هو أن الله قد أعطى الإنسان روحاً قادرة أن تعرف الله. أما الخاصية الثانية التي وضعها الله في الإنسان عندما خلقه على صورته، فهي القلب. لقد أعطى الله الإنسان قلباً كي ما يحب الله. ونحن هنا لا نتكلم عن القلب الذي يضخ الدم، بل نتكلم عمَّا تشعر به في نفسك .. عن مشاعرك .. وأفكارك. إننا نتكلم عن نوايا القلب بالذات. لقد أعطى الله الإنسان الأول أن يشعر بالعواطف التي يشعر بها الله ذاته. فالله يمكنه أن يحب ويكره ويفرح، ويمكنه أن يشعر بالحزن وبالحنو والشفقة. ومن ثمَّ، وضع الله في نفس الإنسان قلباً قادراً على أن يشعر بالعواطف المختلفة كالحب والكراهية. والله يريد الإنسان أن يحب ما يحبه الله، وأن يكره ما يكرهه الله. الله يريدنا أن نحبه من كل قلوبنا. ولهذا، خلق الله الإنسان على صورته، وأعطاه قلباً. أما الخاصية الثالثة التي وضعها الله في نفس الإنسان الذي خلقه على صورته، هي أن الله يسمح لكل شخص أن يختار طريقه. إن الله نفسه لديه سلطة الاختيار أن يفعل شيئاً ما أو لا يفعله. وهكذا، خلق الله الإنسان، وأعطاه الحق والمسئولية أن يصنع اختياراته بنفسه. فقد كان في مقدور الله أن يخلق الإنسان لينفِّذ إرادة الله تنفيذاَ آلياً، دون أن يكون للإنسان أي قول أو اختيار في أموره. إلا أن الله أعطى الإنسان إرادة حرة، وأعطاه معها المسئولية؛ كي يختار لنفسه أن يتبع الله أو لا يتبعه. لم يُرِد الله أن يخلق مجرد آلةً أو إنساناً آلياً. فلم يخلق الله الإنسان مثلاً على صورة الشمس التي تشرق كل يوم، وليس لها أي اختيار في أن تفعل ذلك. فالشمس تنفذ إرادة الله كل يوم تنفيذاً آلياً لا يد لها فيه. فليس هذا هو الحال مع الإنسان. الإنسان هو خليقةٌ خاصةٌ. لقد خلقنا الله لنفسه. الله يريدنا أن نختار، أن نحبه ونعبده. لقد أسند الله مسئولية عظيمة للإنسان! فالإنسان لا بد أن يختار لنفسه: إما أن يتبع الله أو الشيطان .. أن يتمتع بكلمة الله أو يحتقرها. فالله لن يجبر أي إنسان أن يصدِّق كلمته. ولن يجبرنا على حبه وطاعته. فالحب ليس حباً، إن كان جبراً. إن الله يسمح لكل منَّا أن يختار لنفسه الطريق الذي يتبعه. ولكن، في النهاية، سيدين الله كل من يرفض ملكوته، لأن الله خلق الإنسان لنفسه. هذا هو ما يقوله الكتاب. فنحن هنا في الأرض من أجله. نحن هنا لا من أجل أنفسنا، ولا من أجل المال، ولا من أجل أي شيء، أو أي إنسان آخر. لقد خلقنا الله لنفسه، للذته ولمجده. لقد خلقنا الله وأعطانا القدرة أن نعرفه ونحبه ونطيعه للأبد! نعم .. للأبد! الإله الأبدي أعطانا نفساً أبدية. إنها إرادة الله أن يكون لنا علاقة عميقة وعجيبة معه اليوم، وغداً، وللأبد. إنه لهذا السبب، خلق الله الإنسان على صورته. أعزائي .. دعونا نودِّعكم بهذه الآية الجميلة من الكتاب المقدس، والتي تذكِّرنا بغرض الله وقصده من نحو الإنسان. يقول الكتاب: ‘‘الرب إلهنا ربٌ واحدٌ. حب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك!’’ (مر 29:12،30). وليبارككم الله، وأنتم تتأملون في معنى وأهمية أعظم الوصايا التي قيلت على الإطلاق: ‘‘ حب الرب إلهك من كل قلبك ، ومن كل نفسك ، ومن كل قدرتك’’ (مر 30:12). |
||||
29 - 05 - 2015, 09:18 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
آدم وحواء في الجنة تكوين 2 أصدقائي .. نستمر معكم اليوم في دراسة ما حدث في البدء. وفي درس اليوم سنقابل آدم وحواء، وسنتعلم عن أول يوم لهما على الأرض. لقد قرأنا أنه: ‘‘ في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها’’ (خر 11:20). ورأينا أيضاً كيف خلق الله الإنسان الأول في اليوم السادس. خلق الله الإنسان بجسدٍ ونفس. لقد شكَّل جسد الإنسان من تراب الأرض، ثم وضع فيه نفساً أبدية. وخلق الله نفس الإنسان على صورته. .. وأعطى الله الإنسان أيضاً قلباً (أي عواطف)، يستطيع به أن يحب الله. .. وائتمنه أيضاً على إرادة (حرية اختيار)، كي ما يختار لنفسه إما أن يطيع الله، أو أن يعصاه. وبعد ما فرغ من خليقة الإنسان الأول، كان هناك أشياء أخرى عليه أن يعملها قبل أن يستريح من عمل خليقته. وأعمال خليقته هذه، هي ما نريد اليوم أن نتعلم عنه. دعونا نستمر في قراءتنا في الفصل الثاني من كتاب التكوين. ولنبدأ من عدد 7. يقول الكتاب : ‘‘وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفساً حية. وغرس الرب الإله جنةً جميلةً في عدن شرقاً، ووضع هناك آدم الذي جبله.’’ (تكوين 7:2،8) ويخبرنا الكتاب المقدس كيف جهَّز الله جنةً جميلةً للإنسان الذي خلقه. وكانت الجنة تُدعَى ‘‘عدن’’، ومعناها ‘‘بهجة أو جمال’’، أو جنة الفردوس. ويظن البعض أن هذه الجنة التي وضع الله فيها الإنسان الأول، كانت في السماء. إلا أن الكتاب يبين لنا أنها كانت موجودة هنا على الأرض، في الشرق، في عدن، ربما في موضع ‘‘العراق’’ اليوم. فكُتُب الأنبياء ، لا تخلط أبداً بين جنة الفردوس (أو جنة عدن) التي كانت على الأرض، وبين الفردوس السماوي الذي هو فوق، في محضر الله. وفي الأعداد التابعة، يقول الكتاب: ‘‘وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرةٍ شهيةٍ للنظر وجيدةٍ للأكل. وشجرة الحياة في وسط الجنة ، وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهرٌ يخرج من عدن ليسقي الجنة. ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس .. وأخذ الرب الإله آدم ، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها’’ (تك 9:2،10،15). وهكذا، نرى أن الله خلق أول إنسان، آدم، وخلق له مكاناً جميلاً يستطيع أن يعيش فيه في سعادةٍ حقيقية. ووضع الله آدم في جنةٍ جميلةٍ مليئةٍ بالأشجار التي تطرح أجمل الثمار؛ لكي ينظر إليها آدم، ويتمتع بجمالها وبلذة طعمها. في هذا المكان الساحر .. كان كل شيءٍ كاملاً ومدهشاً. كانت حواس آدم حية، وكانت عيناه ترى الجمال، وأذناه تسمع الألحان التي تصدح بها الطيور على الأشجار، وحواسه تلتقط الروائح الذكية للأزهار التي كانت تنتشر في كل الجنة. لقد أعطى الله آدم كل شيء لمتعته. ونقرأ أيضاً كيف أن الله، في كل صلاحه، أسند إلى آدم مهمةً مشبعةً، وهي أن يعتني بالجنة ويحافظ عليها؛ وذلك كي ما يشغله بعملٍ يسعده. وأعجب شيءٍ حدث في جنة عدن، هو أن الله نفسه كان يأتي إلى الجنة مع هبوب نسيم المساء؛ كي ما يتحدَّث مع الإنسان الذي خلقه على صورته (تك 8:3). لكن لماذا كان يأتي الله ليزور آدم؟ لقد كان الله يزور آدم؛ لأن الله ـ كما سبق وتعلَّمنا ـ خلق آدم ليكون في شركة معه. فقد كان قصد الله أن يدخل هو والبشر في شركةٍ معاً: يتكلمون معاً، ويفرحون معاً، ويقضون الأبدية معاً بعقولٍ وقلوبٍ واحدة. نعم، لقد أراد الله أن تحيا الناس معه في علاقةٍ عميقةٍ وعجيبةٍ للأبد. والآن ، هناك شيءٌ أخر نحتاج أن نعرفه عن الجنة التي وضع فيها الله الإنسان الأول. ففي وسط هذه الجنة، غرس الله شجرتين في غاية الأهمية. .. كان اسم الواحدة ‘‘شجرة الحياة’’، .. والأخرى ‘‘شجرة معرفة الخير والشر’’. غرس الله شجرة الحياة في الجنة، كي يذكِّر آدم أن كل قصده من جهة الإنسان هو أن يشارك الله حياته الأبدية. أما بالنسبة لشجرة معرفة الخير والشر، فقد غرسها الله في وسط الجنة كي يمتحن آدم. استمع لما يقوله الكتاب: ‘‘وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر لا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت.’’ (تك 16:2ـ17) ولكن، لماذا منع الله آدم من الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ هل الله بخيل؟ بالطبع لا، فهو ليس بخيلاً! ففي الحقيقة، فإن واحداً من أسماء الله هو ‘‘الكريم’’ ‘‘الذي يعطي بسخاء ولا يعيِّر’’ (يعقوب 5:1). لقد قال الله لآدم: ‘‘من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً .. ما عدا واحدة!’’ فهل كانت هذه وصية صعبة؟ بالطبع لا! فالله في نعمته قد أعطى آدم كل شيء يحتاجه ليكون سعيداً. لم يمنع عنه أي شيء جيِّد. إلا أن الله في خطته الكاملة، وضع أمام آدم اختباراً بسيطاً؛ كي ما يعطي لآدم الفرصة ليُظهِر لله أنه يحبه حباً يكفي لإطاعة وصيته. فقد قال الله في كلمته: ‘‘إن أحبني أحد يحفظ كلامي .. والذي لا يحبني لا يحفظ كلامي.’’ (يوحنا 23:14ـ24) لقد أراد الله أن يختبر حب آدم وولاءه، ليرى أين قلبه. لهذا أعطاه هذه الوصية البسيطة. إلا أن آدم لم يختَر بنفسه أن يحب الله ويطيعه. فلم يخلق الله إنساناً آلياً. لقد خلق إنساناً له عقل، وقلب، وإرادة حرة؛ كي يختار بنفسه أن يحب الله ويطيعه. ولكن، ما الذي قاله الله لآدم أنه سيحدث له إذا أكل من الشجرة الممنوعة؟ دعونا نقرأ الكتاب مرة أخرى. قال الله: ‘‘أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت.’’ وبالتالي، فإن الله أخطر آدم أن عصيانه للوصية، لن ينتج عنه إلا الموت. لقد أحب الله الإنسان الذي خلقه. ومن ثمَّ حذّره بكلمات واضحة قائلاً: ‘‘اسمع يا آدم، إن عصيتني ستموت لأن شريعتي المقدَّسة تطالب بالموت للنفس التي تخطئ (حزقيال 20:15). وربما يسأل أحدكم: ما هي الخطية؟ يقول الكتاب: ‘‘ الخطية هي التعدِّي’’ (1يوحنا 4:3)، ‘‘كلُّ إثمٍ هو خطيَّة’’ (1يوحنا 17:5)، وأيضاً ‘‘من يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية له’’ (يعقوب 17:4). فالخطية إذاً هي أن تسير في طريقك الخاص وليس طريق الله (إشعياء 6:23). الخطية هي أي شيء لا يتفق مع الله. ما الذي سيحدث لهؤلاء الذين سيخطئون ضد الله؟ تقول كلمة الله: ‘‘النفس التي تخطئ هي تموت !’’ (حزقيال 20:18) وفي آيةٍ أخرى يقول الكتاب: ‘‘أجرة الخطية موت’’ (رومية 23:6). ولكن ما هو الموت ؟ يعتقد البعض أن الموت هو انعدام الوجود؛ أن ينتهي كل شيء، ولا نعود نعرف أي شيء. ولكن، إن فحصنا كتب الأنبياء، سنرى أن ذلك ليس هو الموت. ففي الكتاب المقدس، وفي اللغة العبرية التي كُتِب بها، فإن الموت يعني ‘‘الانفصال’’. فالموت هو ‘‘الانفصال عن الحياة’’. عندما قال الله لآدم : ‘‘إن أكلت من شجرة معرفة الخير والشر، فإنك موتاً تموت’’، فكأن الله كان في الحقيقة يقول: ‘‘اسمع يا آدم، إن أكلت من الشجرة التي منعتك عنها، فإنك ستموت في هذا اليوم، أي أنك ستنفصل عنِّي. ‘‘ إن عصيتني فلن يكون لك أي شركة حميمة معي بعد ذلك. فإني قدوس، ولا أستطيع أن أحتمل الخطية، أو أن أحتمل هؤلاء الذين يرفضون طريقي. لقد طردت لوسيفر وملائكته من محضري عندما أخطأوا، وسوف أطردك أنت أيضاً إن أخطأت. ‘‘أيضاً ، إذا أكلت من الشجرة الممنوعة، سيبدأ جسدك في الشيخوخة، وفي النهاية ستموت، أي أن نفسك ستترك جسدك وتنفصل عنه. ‘‘وليس هذا هو كل شيء، فإنك إن عصيتني، فلن يموت جسدك وحسب، بل نفسك أيضاً سوف تذهب إلى مكان قد أُعِدَّ للشيطان وملائكته، وهناك سوف تكون منفصلاُ عنِّي إلى أبد الآبدين !’’ وهكذا، نرى أن الخطية هي ثلاثة أنواع شنيعة من الانفصال: الأول، هو انفصال نفسك عن الله هنا على الأرض، أي انعدام الشركة مع الله القدوس بسبب الخطية التي في القلب؛ والثاني، هو انفصال النفس عن الجسد يوم الموت، أي عندما يموت الجسد، وتقابل الروح الله للدينونة؛ والثالث، هو انفصال الجسد والروح عن الله للأبد في بحيرة النار. ولكن، إذا سألنا كلمة الله ـ بكل ما لها من سلطان ـ عن تعريف الموت، فستجد أن الموت باختصار، هو الانفصال عن الله إله الحياة. فالخطية تفصل الإنسان عن الله، مصدر الحياة الحقيقية. فالله قدوس، ولا يستطيع أن يتعايش مع الخطية. فالنفس التي تخطئ هي مثل فرع في شجرة، يُقطَع ويُطرَح بعيداً. وماذا يحدث عندما لا يعود الفرع جزءاً من الشجرة؟ فرعًٌ مقطوعٌ .. أيمكن أن يعيش؟ بالطبع لا .. فلابد أن يموت! نعم، إن أوراقه لا تجف فوراً، ولكنها تبدأ في الموت تدريجياً. هكذا، تماماً يصير الحال معنا، إن لم نقبل طريق غفران الخطايا الذي قدَّمه الله لنا. فربما تعتقد أنك حيّ، ولكن كتب الأنبياء تقول أننا جميعاً عند الله أموات بالذنوب والخطايا (أفسس 1:2)، ويقول الكتاب أيضاً: ‘‘آثامكم صارت فاصلةً بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم’’ (إشعياء 2:59). وأيضاً، إنكم مثل غصنٍ مطروح خارجاً .. ‘‘فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق’’ (يوحنا 6:15). إن الغصن الذي لم يعد في الشجرة، لا يستطيع أن يعطي ثمراً. هذا تماماً هو حال الخاطئ عند الله. فهو لا يستطيع أن ينتج أي شيء يُسِرُّ الله، لأن ليس له أي علاقة مع الله، الذي هو ‘‘الشجرة الحقيقية’، و‘‘مصدر الحياة الحقيقية’’. فالخطاة لا يمكنهم أن يتوقعوا إلا دينونة الله البارة. إلا أن الله أعلن في كتب الأنبياء، كيف يمكننا أن نتبرر أمامه، وأن نتأكد أن خطايانا قد انمحت ؟. وهذا هو ما سنناقشه في الجزء القادم. وقبل أن نختم هذا الجزء، دعونا نقرأ ما ورد في بقية الفصل الكتابي الذي نحن بصدده. إذ يخبرنا الكتاب فيه عن كيفية خلق الله لأول امرأة. إنظروا معي ما يقوله الكتاب: ‘‘وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده. فأصنع له معيناً نظيره. .. فأوقع الرب سباتاً على آدم، فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه، وملأ مكانها لحماً. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأةً، وأحضرها إلى آدم. فقال آدم: هذه الآن عظمً من عظامي ولحمً من لحمي. هذه تُدعَى ‘‘امرأة’’؛ لأنها من امرءٍ أُخِذَت. لذلك، يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكونان جسداً واحداً. وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته، وهما لا يخجلان.’’ (تكوين 18:2،21ـ25) وهكذا نكتشف، أن الزواج شيءٌ قد وضعه الله وصممه. خلق الله رجلاً واحداً وامرأةً واحدةً، كي ما يحب أحدهما الآخر، ويتشاركان حياتهما معاً، ويكون لهما حياةٌ سعيدةٌ تمجِّد الله . الله الذي أحب آدم، وأراد له السعادة الكاملة، أعطاه عطية مدهشة، أعطاه زوجة. أراد الله لآدم أن يحب امرأته ويدللها ويتعلق بها، ويتكفل بها، ويحبها كما يحب نفسه. والأهم حتى من ذلك، أن الله أراد أن يتمتع الرجل والمرأة بعلاقة عميقة معه، فيعرفانه، ويحبانه، ويطيعانه للأبد. (أفسس 21:5ـ33 ؛ 1:6ـ4) وهكذا ، انتهى الله من عمل خليقته .. إذ يقول الكتاب : ‘‘ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسنٌ جداً. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يوماً سادساً. فأُكمِلَت السموات والأرض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه. لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً.’’ (تك 31:1 ـ 3:2) ولكن، لماذا استراح الله في اليوم السابع؟ هل لأنه كان متعباً ومجهداً؟ بالطبع لا. فالله لا يتعب أبداً. إن الكتاب يقول أن الله استراح لأنه كان قد ‘‘أكمل العمل’’. كل شيء كان في غاية الكمال. وبالتالي، لم يتبقَّ أي عمل ليعمله الله. ولذلك استراح الله (أي توقَّف عن العمل) في اليوم السابع. وهذا هو السبب في وجود سبعة أيام في الأسبوع. أصدقائي.. أشكركم على متابعتكم وقراءتكم . وفي الجزء القادم ـ سنتعلم .. كيف دخلت الخطية إلى العالم ؟.. وليبارككم الرب ، وأنتم تتأملون في هذا الإعلان الواضح في كلمته، التي تقول : ‘‘أجرة الخطية موت .. أما هبة الله فحياة أبدية’’ (رومية 23:6). |
||||
29 - 05 - 2015, 09:19 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
كيف دخلت الخطية العالم ؟ تكوين 3 أصدقائي .. تعلمنا سابقاً كيف خلق الله أول رجل وامرأة على الأرض. يقول الكتاب: ‘‘خلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم’’ (تك27:1) ووضع الله في نفس كل من الرجل والمرأة، روحاً قادرة على معرفة الله، وقلباً قادراً على أن يحبه. وعَهِد الله أيضاً لهما بإرادة حرَّة، كي ما يختارا بأنفسهما أن يطيعا الله أو لا يطيعانه. ورأينا أيضاً كيف وضع الله الإنسان في الجنة، جنةٍ جميلةٍ أعدها الله في الأرض في مكان يسمى ‘‘عدن’’. وأعطى الله كل شيء للرجل الأول آدم، والمرأة الأولى حواء، كي ما يعيشا في سلام وسعادة حقيقية. لقد أراد الله أن يعرفه الناس ويحبوه ويعبدوه للأبد. ورأينا أن الله، في خطته الكاملة، وضع امتحاناً بسيطاً للإنسان الذي خلقه. إذ غرس في وسط الجنة شجرة معرفة الخير والشر، وأوصى الإنسان قائلاً: ‘‘من جميع شجرة الجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها، موتاً تموت.’’ (تكوين 16:2). ولكن، لماذا اختبر الله آدم بهذه الطريقة؟ لقد أراد الله أن يُظهِر حالة قلب آدم. فلم يختبر الله آدم كي يدفعه لارتكاب الخطية، بل ليباركه ويقوِّيه. لم يكن في الإنسان الذي خلقه الله عيبٌ، إلا أن هذا لم يعنِ أنه كان له حبٌ كامل أو شخصية ناضجة. وضع الله امتحاناً لآدم، ليمتحن حبَّه. ولو كان آدم قد نجح في هذا الامتحان، وأطاع الله، لأثبت أنه يحب الله حباً حقيقياً من القلب. أيضاً، لو كان آدم قد نجح في هذا الامتحان ورفض أن يخطئ، لكان قد تقوَّى به. يقول الكتاب أن: ‘‘الضيق ينشئ صبراً، والصبر تزكية’’ أو بمعنى آخر ‘‘أن الصبر في وقت التجربة ينشئ شخصية أكمل’’ (رومية 4:5). واليوم، نأتي إلى الفصل الثالث من سفر التكوين. هذا هو الفصل الكتابي الذي سيرينا كيف دخلت الخطية إلى العالم. فإن عرفنا التعليم الذي في هذا الفصل الكتابي، لعرفنا لماذا قلب الإنسان ملتوٍ وشرير، ولماذا يمتلئ العالم بالألم والمعاناة. رأينا من قبل، أنه في البدء، كان آدم وحواء في الجنة، حيث كانا يعيشان عيشةً مشبعةً كاملة، وكان لديهما كل شيء لتمتعهما. وأكثر ما تمتعا به هو أن الرب كان يأتي ليزورهما في الجنة كل يوم مع نسيم المساء؛ كي ما يتحدث مع آدم وحواء. لقد كان الله يزورهما؛ لأنه أراد أن يكون له علاقة عميقة وعجيبة وذات معنى معهما. إلا أن الكتاب يخبرنا أنه كان هناك شخصٌ آخر في الجنة أيضاً. هل تعرف من كان هذا الشخص؟ إنه الشيطان، عدو الله، إبليس. فعندما خلق الله العالم وكل ما فيه، كان الشيطان هناك، يراقب ما يحدث. وعندما أعطى الله آدم الوصية بأن لا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر، كان الشيطان هناك، يستمع. ولم يتوقف الشيطان عند حد المراقبة والاستماع، بل كان هناك ينسج خطته، ليفسد بها أعمال الله العظيمة. لقد كان الشيطان يخطط لإغراء الإنسان الذي خلقه الله؛ كي ما يعصى الله، ويرتكب الخطية، فينفصل عن الله، ويهلك. أما الله، فقد كان يعلم كل ما يخططه الشيطان، أما آدم وحواء فلم يعلما شيئاً البتة عن خططه. وفي يوم، أثناء ما كان آدم وحواء واقفين على مقربة من الشجرة المحرمة، جاء الشيطان كحيَّة، وبدأ يكلمهما. ويقول الكتاب: ‘‘وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟’’ (تك 1:3) دعونا نتوقف ونتساءل: لماذا ظهر الشيطان كحية؟ الكتاب يعطينا إجابة عندما يقول أن ‘‘الحية أحيل جميع الحيوانات البرية التي عملها الرب الإله.’’ الشيطان مجَرِّب، ولذا أظهر نفسه كحكيم جداً. لم يأتِ الشيطان إلى آدم وحواء في صورة تنين أحمر ضخم قائلاً لهما: ‘‘السلام عليكما، يا آدم ويا حواء. أنا هو الشيطان، عدو الله! لقد جئت اليوم لأغريكما كي ما تعصيا الله ، اله الحياة، كي ما تموتا إلى الأبد!’’ .. لم يتصرف الشيطان هكذا! فكيف ظهر لهما إذاً؟ ظهر لهما كمخلوقٍ جميلٍ وحكيم. لقد اختار أن يحدثهما من خلال حية؛ لأن في ذلك الوقت، وقبل دخول الخطية إلى العالم، كانت الحية أحيل جميع الحيوانات. ومازال الشيطان هكذا. فعادته هي أن يُظهِر ما يريد أن يقدمه كشيء صالح. ويقول الكتاب: ‘‘الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور.’’ (2كورنثوس14:11) وبالتالي يحذرنا الله في كلمته قائلاً: ‘‘احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة.’’ (مت 15:7) فالشيطان مخادع. ولذلك، ظهر لآدم وحواء كحيةٍ حكيمة. ولهذا أيضاً، فضَّل الشيطان أن يخاطب حواء بدلاً من آدم نفسه، لأنه كان يأمل أن يكون خداع حواء أسهل من خداع آدم. لقد عَلِم الشيطان أن الله قد أعطى الوصية بخصوص الشجرة لآدم، قبل أن يخلق حواء. لكن حواء أيضاً، كانت تعلم وصية الله. إن الشيطان ذكي جداً، وكان يعلم تماما ما يريد أن يحصل عليه. فقد اعتقد الشيطان أنه لو أمكن له إقناع المرأة أن تأكل من شجرة معرفة الخير والشر، فربما يتبعها آدم أيضاً في معصية الله. ولذا يقول الكتاب: ‘‘فقالت للمرأة: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟’’ (تك 1:3) هذا ما يقوله الشيطان لحواء؟ لقد قال: ‘‘أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟’’ هل ترى ما يحاول الشيطان أن يفعله؟ كان يحاول أن يزرع الشك في عقل حواء تجاه الثقة في كلمة الله. ولذا قال: ‘‘أحقاً قال الله ..؟’’ ومازال الشيطان يحاول أن يتبع الأسلوب نفسه. فهو يحاول أن يحارب كلمة الحق، لأنه يعلم أن كلمة الله لها القوة أن تجرِّده من سلاح أكاذيبه، وتُظهِر عدم صحتها. إن الشيطان يعلم أن الحق يبدد الأكاذيب، مثلما يبدد النور الظلمة. والآن، إلى باقي الحوار بين المرأة والشيطان. يقول الكتاب: ‘‘فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة تأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة، فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة: لن تموتا. بل الله عالمٌ أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشر.’’ (تك 2:3ـ5) إن هذا حقاً لمدهش! .. ما الذي قاله الله أنه سيحدث لآدم وحواء إذا ما أكلا من الشجرة المحرمة؟ لقد قال : ‘‘تموتا..!’’ ..وماذا قال الشيطان؟ لقد قال : ‘‘لن تموتا ..!’’ وبالتالي، فإن الشيطان لم يتوقف عند حد التشكيك في كلمة الله، بل تجرأ وأنكرها! فما رأيك أنت في ذلك؟ من منهما كان يقول الصدق: الله، أم الشيطان؟ إن الكتاب المقدس يقول أن الله هو ‘‘الحق’’، ‘‘الصادق’’ الذي لا يكذب. أما الشيطان، فلا يقول الحق أبداً، ‘‘لأنه ليس فيه حق. متى تكلَّم بالكذب، فإنما يتكلم مما له؛ لأنه كذَّاب وأبو الكذَّاب.’’ (يوحنا 44:8) والآن، قد جاءت اللحظة لآدم وحواء أن يختارا بين كلمة الله وكلمة الشيطان. وكان الاختيار أمامهما كذلك: هل يؤمنا بكلمة الله، أم بكلمة الشيطان؟ هل سيقبلان الحق، أم الكذب؟ هل سيتبعان رب النور، أم رب الظلمة؟ دعونا نستمر في القراءة لنرى الاختيار الذي صنعاه. يقول الكتاب : ‘‘فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بَهِجَة للعيون، وأن الشجرة شهيِّة للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل.’’ (تك 6:3) يا للعجب! لقد خلق الله الإنسان على صورته؛ لكي ما يعرفه ويحبه ويطيعه إلى الأبد. ولكن، ماذا فعل الإنسان؟ هل أحب الله حباً كافياً لإطاعة وصاياه؟ لا، بل اختار أن يعصى الله إله المحبة، ويتبع الشيطان عدو الله والإنسان! كم كان هذا يوماً حزيناً! لقد أدار أجدادنا آدم وحواء ظهريهما لله عندما أكلا من ثمر الشجرة التي حرَّمها. ويقول المثل: ‘‘لا ينحصر الوبأ في مصدره!’’ وبالمثل، تقول كلمة الله: ‘‘كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس. إذ أخطأ الجميع.’’ (رومية 12:5) فهذا هو الحال، سواءً كان يعجبنا أم لا! فكما يقول المثل: ‘‘فمن شابه أباه فما ظلم!’’ فأنا وأنت وجميع الناس، حالنا هو حال آدم. لقد وُلِدنا خطاة، ويجب أن نموت، لأننا جئنا من آدم. إن الإنسان الأول الذي خالف وصية الله هو جدٌ لنا، ونحن مثله تماماً. من منا يستطيع أن يقول أننا لم نخالف وصايا الله أبداً؟ بالطبع ولا واحدٌ منا! إذاً من أين ورثنا هذه الطبيعة التي تخالف وصايا الله؟ ورثناها من آدم! ومثل مرضٍ بشعٍ معدٍ، امتدت إلينا الخطية التي كانت في آدم. حقاً، إن الوبأ لا ينحصر في مصدره! ولكن، مجداً لله، فلم يُفقَد كل الأمل. إذ تقول كلمة الله: ‘‘فإذاً كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا ببر واحدٍ صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة.’’ (رومية 18:5) وفي دروسٍ مقبلة، سوف ندرس الطريق المستقيم للخلاص الذي أسسه الله، والذي به يعود إليه الخطاة. أصدقائي .. في الجزء القادم، سنكمل هذا الفصل المهم لنرى ماذا حدث بعدما ضل آدم وحواء عن طريق البر، وتبعا طريق الضلال. وليبارككم الله وأنتم تتذكرون أساس الحق كما تعلنه كلمة الله عندما تقول: ‘‘كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم ، وبالخطية الموت ، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس. إذ أخطأ الجميع.’’ (رومية 12:5) |
||||
29 - 05 - 2015, 09:19 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
( 8 ) نتيجة خطية آدم تكوين 3 تعلَّمنا من خلال دراستنا السابقة، أن الرب الإله خلق أول رجل وامرأة على صورته. وتعلمنا أيضاً، لماذا خلقهما. لقد أراد الله منهما أن يحباه بكل فكرهما، وقلبهما، وقوتهما. وكنتيجة لذلك، يستمتعان معه بعلاقة رائعة وعميقة إلى الأبد. ومن هنا، رأينا كيف أن الله وضع اختباراً بسيطاً أمام آدم، ليرى ما إذا كان آدم يحبه بقدرٍ كافٍ يجعله يطيعه أم لا. أوصى الله آدم، قبل خلق المرأة، قائلاً له: ‘‘من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها؛ لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت’’ (تكوين 16:2،17) وهكذا ، اختبر الله آدم، وحذره من أن عقاب المعصية سيكون هو الموت، والانفصال عنه. فقد أحب الله آدم، وأراده أن يستمتع بعلاقة معه إلى الأبد. ومع ذلك، قرأنا أن آدم وحواء أنصتا إلى إبليس، وعصيا الله، عندما أكلا من الشجرة التي حرَّمها. ومن ثمَّ، نريد اليوم أن نكمل دراستنا في الفصل الثالث من سفر التكوين، لنرى ماذا حدث بعد أن أخطأ آدم وحواء إلى الله. ويقول الكتاب في العدد السابع من هذا الفصل: ‘‘وعندئذٍ انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر.’’ (تك 7:3) والآن، ما هو أول شيء فعله آدم وحواء، بعد أن عصيا الله؟ لقد حاولا أن يخفيا عارهما وإثمهما! لقد تعلمنا سابقاً، أنه قبل أن أكل آدم وحواء من شجرة معرفة الخير والشر: ‘‘كانا كلاهما عريانين .. آدم وامرأته .. وهما لا يخجلان’’ (تك25:2). إلا أن الآن، قد تغيَّر فكرهما تجاه جسديهما. إذ قد بدأا يحسان بالذنب والعار أمام القدوس الذي ينبغي أن يدينهما. ولذا، كمحاولة لإخفاء عارهما، خاطا أوراق شجر التين، وغطَّيا عريهما. ومع ذلك، فتغطية جسديهما بأوراق الشجر لم تمحُ الشعور بالذنب من قلبيهما. ويقول الكتاب بعد ذلك: ‘‘وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة.’’ (تك 8:3) كم كانت الأشياء مختلفة بالنسبة لآدم وحواء بعد أن أخطأا! فقبل أن يعصيا الله، كانا يفرحان كلما أتى الرب الإله إلى الجنة ليتحدث معهما. أما الآن، فعندما سمعاه يقترب، ارتجفا من الخوف والخجل، وحاولا أن يختبئا منه بين أشجار الجنة. ولكن، لماذا خاف آدم واختبأ من الله؟ هذا ليس من الصعب استنتاجه. فإذا حاول شخصٌ ما سرقةَ حقلٍ، ماذا سيفعل هذا الشخص إذا ما سمع صوت مالك الحقل يقترب؟ بالطبع سيحاول أن يختبئ. وعلى نفس المنوال، فآدم، الذي كان قد أخذ ما حرمه الله، كان يحاول أن يختبئ. لقد علم آدم جيداً أنه قد تعدَّى على الله. هل كان يجب أن يخاف آدم بعد أن عصى وصية الله؟ بالطبع! لماذا؟ لأن الله كان قد قال له بوضوح: ‘‘في اليوم الذي ستأكل من شجرة معرفة الخير والشر فإنك موتاً تموت !’’ هل سينفذ الله كلمته؟ هل سيموت آدم حقاً؟ ماذا تعتقد أنت؟ هل سيعاقب الله فعلاً الرجل والمرأة اللذين خلقهما؟ يقول البعض أنه لا ينبغي أن نجيب سؤالاً بسؤالٍ آخر. إلا أن أحسن إجابة لهذا السؤال هي سؤالٍ آخر، ألا وهو: ماذا فعل الرب إذاً للوسيفر، الشيطان، بعد أن رفض سيادة الله عليه؟ هل برأ الله الشيطان، والملائكة الذين أخطأوا؟ لا، لم يبرئهم، بل طردهم الله من محضره المقدس. ليس هذا فقط، بل أيضاً خلق لهم النار الأبدية! وعلى مثال الشيطان، رفض آدم سلطة قانون الله عليه. هل كان في مقدور الله أن يقول: ‘‘إن هذا ليس بالأمر الخطير الذي يستدعي العقاب .. !!’’، ويجعل آدم يمضي حراً دون أن يدينه؟ بالطبع لا، هذا مستحيل. فالله قدوس، ولابد أن يدين الخطية. فقد قال ليوناردو دافينشي، وهو أحد أعظم الناس الذين عرفهم التاريخ : ‘‘إن من لا يعاقب الشر، كمن يوصي بفعله!’’ إن الله لا يستطيع أبداً أن يوافق على الشر، بل لابد أن يعاقبه. ويكتب حبقوق النبي في سفره: ‘‘يا رب إلهي يا قدوسي .. عيناك أطهر من أن تنظرا الشر، ولا تستطيع النظر إلى الجور.’’ (حبقوق 12:1،13) نعم، وأيضاً يقول: ‘‘ الرب يدين شعبه. مخيفٌ هو الوقوع في يدي الله الحي.’’ (عبرانيين 30:10،31) فإن طبيعة الله المقدسة تتطلب منه أن يدين ويعاقب كل خطية. ولذا كان من الضروري أن يدين الله آدم وحواء على خطيتهما. ولذا نقرأ في العدد التالي: ‘‘فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت؟’’ (تك 9:3) ماذا فعل الله بعد أن أخطأ آدم؟ لقد ذهب الله ليبحث عن آدم منادياُ إياه: ‘‘أين أنت؟’’ هل ذهب آدم ليبحث عن الله؟ لا، بل كان يحاول أن يختبئ من الله! ولماذا نادى الرب آدم؟ ألم يكن الله يعرف أين هو؟ الله الذي يرى ويعرف كل شيء كان قد عرف بالتحديد أين كان يختبئ آدم. لقد نادى الرب آدم، لأنه أراد أن يدرك آدم خطيته ويعترف بها أمامه. لقد كان الله لا يزال يحب آدم رغم أنه عصاه. بماذا أجاب آدم عندما سأله الله: ‘‘أين أنت؟’’ يقول الكتاب: ‘‘فقال آدم سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريانٌ، فاختبأت. فقال الله: من أعلمك أنك عريان (يا آدم)؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها. فقال آدم .. المرأة التي جعلتها معي، هي أعطتني من الشجرة، فأكلت !’’ (تك10:3ـ13) هل رأيت كيف أجاب آدم وحواء الله ؟ لقد راح كل منهما يلقي باللوم على الآخرين. اتهم آدم الله وحواء قائلاً: إنه ليس خطأي . إنه خطأ المرأة التي جعلتها أنت معي! أما حواء فراحت تلقي باللوم على الحية قائلة: لا تلومني .. لقد خدعتني الحية ! إلا أن الله الذي يعرف قلب الإنسان، عرف أن كليهما مذنبان. فالله، لم يجعلهما يأكلان من ثمر الشجرة. الشيطان أيضاً .. لم يجعلهما يأكلان منه. صحيح أن الشيطان يستطيع أن يجرب ويخدع الناس، ولكنه لا يستطيع إجبار أي شخص على الخطية. نعم، لقد أغوى الشيطان حواء. ولكن ما فعلته هي، هو الخطية أمام الله. وأما بالنسبة لآدم، فيقول لنا الكتاب أنه لم يُغوَ (1تي 14:2)، ولكنه اختار بكامل معرفته أن يسلك في طريقه الخاص. لقد علم آدم تماماً ما أمر به الله، ولكنه اختار أن يضل عن طريق البر، ويتبع طريق الضلال. ولم يتوقف آدم عند حد معصية الله، ولكنه أضاف خطيةً أخرى إلى خطيته بمحاولته وضع اللوم على الآخرين. ويحاول الناس، حتى هذا اليوم، أن يلوموا الآخرين على أخطائهم، ولكن الله يعلم الحق. يتكلم الله من خلال الكتاب المقدس قائلاً: أين أنت؟ أجبني! ماذا فعلتَ؟ لماذا ترفض أن تصدق كلمتي وتطيعها؟ لماذا تحتقر صلاحي؟ لماذا تحاول أن تلوم الآخرين على أخطائك أنت؟ ‘‘لأنه مكتوب: أنا حيٌّ يقول الرب إنه لي ستجثو كل ركبة، وكل لسان سيحمد الله. فإذاً كل واحد منا سيعطي عن نفسه حساباً لله.’’ (رومية 11:14،12) وعندما نستمر في قراءة هذا الفصل الكتابي، نرى كيف أن الله أصدر حكمه على الحية والشيطان وحواء وآدم. إذ يقول الكتاب: ‘‘فقال الرب الإله للحية لأنك فعلتِ هذا، ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتِك. وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنتِ تسحقين عقبه. وقال للمرأة: تكثيراً أكثِّر أتعاب حبلك، وبالوجع تلدين أولاداً. وإلى رَجلِك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك. وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتُك قائلاً لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك. وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخِذت منها. لأنك تراب وإلى التراب تعود.’’ (تك 14:3ـ19) هل ترى ما نتج عن خطيتهما؟ لقد نتج عنها الحزن والألم، والشوك والحسك، والتعب والعرق، والمرض .. والموت. نعم، ‘‘لأن أجرة الخطية هي موت.’’ (رومية 23:6) ماذا قال الله أنه سيحدث لآدم وحواء إذا أكلا من الشجرة المحرمة؟ لقد قال الله: ‘‘في اليوم الذي تأكلا من الشجرة موتاً تموتا.’’ فهل مات آدم وحواء موتاً جسدياً، ودُفنا؟ بالطبع لا. ولكن هل ماتا حقاً في هذا اليوم. نعم، لقد ماتا حقاً. ففي ذلك اليوم عينه، مات آدم وحواء في نفسيهما، لأن علاقتهما مع الله قد انقطعت. وكما تعلمنا سابقاً، أن الموت هو الانفصال عن الله. لقد فصل آدم وحواء نفسهما عن الله، مصدر الحياة، عندما خالفا الله ولم يطيعاه. عندما اختار آدم وحواء أن يصدقا الشيطان، وان يتبعاه، جازفا بصداقتهما مع الله، وخسراها، وخسرا معها نصيبهما في حياته. فقد أصبحا أعداء الله، لأنهما تحالفا مع الشيطان، عدو الله. وهكذا، ماتت علاقتهما مع الله. ولتوضيح ذلك، دعنا نفترض أن لك عدواً، وتحالف صديقك مع هذا العدو، ألا يكون من الحقيقي أن صديقك قد صار عدوك بهذا الشكل؟ هكذا، تموت العلاقة بينك وبين صديقك. فكما يقول المثل: ‘‘صديق عدوك هو عدوك.’’ وعلى نفس المثال، فكل من يطيع الشيطان هو عدو لله. وهكذا تفصل الخطية الإنسان عن الله. هناك حقيقة يجب أن نفهمها ونتذكرها، وهي أننا كلنا مولودون ‘‘أمواتاً بالذنوب والخطايا’’ (أفسس 1:2)، و‘‘مفصولين عن حياة الله’’ (أفسس 18:4). ربما لا يعجبنا هذا، ولكن هذا هو ما تقوله كلمة الله. ففي اليوم الذي خالف فيه آدم الله، أصبح آدم خاطئاً. آدم، الذي أخطأ، هو أبو الجنس البشري. وهكذا، وكنتيجة لخطية آدم، صار كل نسله خطاة. وكما يقول المثل: ‘‘من شابه أباه فما ظلم’’. وأيضاً أدَّت خطية آدم إلى انفصاله عن الله. فآدم الذي رفض سيادة الله عليه، هو أبو كل حيّ. والنتيجة أن كل نسل آدم يُولَد مفصولاً عن الله. وكما أن المثل يقول: ‘‘أن الوباء لا ينحصر في مصدره’’، هكذا تعلن كلمة الله، إذ تقول: ‘‘دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع.’’ (رومية 12:5) إن جدَّنا آدم، الذي فصل نفسه عن الله، هو مثل غصنٍ قُطِع من شجرة. وماذا يحدث للغصن عندما لا يصبح متصلاً بشجرته؟ إنه يذبل ويموت. وماذا يحدث للأغصان المتفرعة من الغصن المفصول؟ هل ستظل حية؟ بالطبع لا، فهي تموت أيضاً، لأنها تنتمي إلى هذا الغصن المقطوع اليابس. وعلى نفس المنوال، فكل أبناء آدم هم مثل تلك الأغصان الصغيرة المتفرعة من الغصن الذي قُطِع. فبسبب خطية آدم، فهو مثل الغصن اليابس، ونحن واحدٌ معه. إن خطية جدنا آدم أثّرت على جميعنا. فنحن جميعاً نشترك في طبيعته، والدينونة التي وقعت عليه. لقد كتب النبي داود في سفر المزامير قائلاً: ‘‘هاأنذا بالإثم صُوِّرت ، وبالخطية حبلت بي أمي’’ (مز 5:51) إن الخطية تشبه إلى حدٍ كبير مرض الإيدز ـ وهو مرضٌ مخيفٌ صار منتشراً في كل العالم. فعندما يدخل الإيدز جسم الإنسان، فإنه لا يفارقه أبداً. والشخص المصاب بالإيدز يستطيع أن ينقله لأطفاله. الإيدز مرضٌ قاتل، ولم يجد الإنسان أي علاجٍ له بعد. وكذلك هي الخطية، فهي كارثةٌ رهيبة انتشرت في كل الأرض. الخطية مميتة، وتؤدي إلى الهلاك الأبدي للإنسان. والإنسان نفسه لم يجد لها علاجاً. ولكن دعونا نشكر إلهنا اليوم بقلوب فرحة، لأن الله نفسه قد قدَّم علاجاً لينقذنا من عقوبة الخطية، ومن موتها. إلا إننا علينا أن نصدِّق علاج الله، ونقبله. وفي الجزء القادم ـ إن شاء الله ـ سنرى كيف أعطى الله آدم وحواء وكل نسلهما وعداً رائعاً بشأن مخلصٍ عظيمٍ سيأتي إلى العالم، ويخلِّص جميع الخطاة من خطاياهم، ومن الشيطان، والجحيم. أصدقائي .. ليبارككم الرب وأنتم تتأملون في الكلمات التي كتبها داود النبي: ‘‘هاأنذا بالإثم صُوِّرت ، وبالخطية حبلت بي أمي.’’ (مز 5:51) |
||||
29 - 05 - 2015, 09:20 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
( 9 ) الوعد العجيب تكوين 3 في الجزء السابق رأينا كيف أن آدم وحواء ضلَّا بعيداً عن طريق الله، عندما أكلا من ثمر الشجرة التي كان قد حرَّمها. وهكذا، اختار الإنسان ـ الذي خلقه الله على صورته ـ أن يتبع الشيطان، عدو الله. فقبل أن يخطئ آدم وحواء، كانا يفرحان عندما كان يأتي الله إلى الجنة، ليتحدث معهما. وأما الآن، فعندما سمعا صوت الله، شعرا بالخوف والخجل، وحاولا أن يختبئا منه بين أشجار الجنة! ومع ذلك، بحث الله عن آدم وحواء، وتكلَّم إليهما، وأعلن لهما عما ستأتي به الخطية إلى العالم: الضيق والمعاناة، والشوك والحسك، والمرض والموت. وبالتالي، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، يمسك ظل الموت بنسل آدم. إذ أن كل نسل آدم قد حُبِل به بالخطية، ووُلِد بطبيعة شريرة. وسواء قبلنا هذا أم لم نقبله، فكلنا نشترك في طبيعة جدنا آدم. ‘‘فمن شابه أباه فما ظلم.’’ فبسبب خطية آدم، وُلِدنا كلنا خطاة. حقاً، ‘‘إن الوباء لا ينحصر في مصدره’’، كما يقول المثل. وكما أن خطية آدم قد فصلته عن الله، فخطيتنا أيضاً قد فصلتنا عن الله. وهذا ما يقوله الكتاب: ‘‘من أجل ذلك كأنما بإنسان واحدٍ دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت. وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع’’ (رومية 12:5)، وأيضاً : ‘‘إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله’’ (رومية 23:3)، وأيضاً: ‘‘بل آثامكم صارت فاصلةً بينكم وبين إلهِكم، وخطاياكم سترت وجهه عنكم.’’ (إشعياء 2:59) إن هذه قطعاً ليست برسالة سارة للآذان، ولكن هذه هي الحقيقة. فالحقيقة مرَّة، وكما يقول المثل: ‘‘إن الحقيقة تلسع كالشطة.’’ وهكذا، نرى كيف أن خطية آدم الوحيدة فصلت البشرية كلها عن الله. ففي اليوم الذي عصى فيه آدم الله، آدم، ومعه جميع الجنس البشري الذي كان عتيداً أن يُولَد منه ـ هؤلاء كلهم ومعهم آدم، خرجوا من مملكة النور، ودخلوا مملكة الظلمة. لم يعد لهم نصيب في مملكة الله. فبسبب خطيتهم، صار نصيبهم مع الشيطان، الذي أخذهم كأسرى وعبيد. والآن، ليس لهم أن يأملوا في أي شيء في هذه الحياة سوى العبودية للخطية، والخوف من الموت؛ وفيما بعد، عقاب لا ينتهي في النار الأبدية. ولو كان الكتاب قد توقف عند هذه النقطة، لما كان في وسعنا غير أن نغلقه، ونبكي بكاءً مرَّاً مثل شخصٍ فٌقِد في البحر بلا أملٍ في النجاة. ولو لم يكن قد فتح الله طريقاً للخلاص ليخلِّص نسل آدم، لكنا قد هلكنا للأبد. ولكن مبارك الرب إلهنا، إذ لا تنتهي كتب الأنبياء بقصة خطية آدم. فالله، الذي هو عظيمٌ في رحمته، قد فتح لنسل آدم باباً للخلاص! هكذا تقول كلمة الله: ‘‘ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً.’’ (رومية20:5)، وأيضاً: ‘‘لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيم يكون لجميع الشعب.’’ (لوقا 10:2)، وأيضاً: ‘‘لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلِّصة لجميع الناس.’’ (تيطس 11:2) وكما تعلَّمنا سابقاً، فإن الله قدُّوس. ولذا، فلابد أن يدين الخطاة. فالله بار، ولا يستطيع أن ينسى الخطية وحسب. فهو لابد أن يعاقب الخطية. فأجرة الخطية هي موت، وانفصالٌ أبديٌّ عن الله. إن الله لا يتغيَّر أبداً، وأجرة الخطية أيضاً لا تتغيَّر أبداً. لذلك، سنعرف كيف أن الله، الإله القدوس، نسج خطة ليحرر الخطاة من عقوبة الخطية. وهكذا، سنتعلم أن الله ليس هو فقط .. ‘‘القدوس’’، بل هو أيضاً .. ‘‘الرحيم’’! فالله ‘‘دياننا’’، يريد أيضاً أن يصبح ‘‘فادينا’’ و‘‘مخلِّصنا’’! سنرى كيف أنه في اليوم الذي أخطأ فيه آدم وحواء، بدأ الله يعلن خطته العجيبة لخلاص الخطاة. ، وفي سفر التكوين؛ نقرأ في الفصل الثالث، أن الله قال للشيطان الذي في الحية: ‘‘وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة، وبين نسلكِ ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه.’’ تحتوي هذه الآية الصعبة على حقائق عميقة وهامة، والتي يشرحها أنبياء الله بالتفصيل فيما بعد. ويمكننا إيجاز هذه الآية كما يلي: إن الله قد بدأ في إعلان خطته في إدخال مخلِّص أو فادٍ إلى العالم ليفدي نسل آدم ويحرره من سلطان الشيطان. فهذه هي أول آية تَذكُر مجيء الفادي القدوس. وفي هذه الآية، دعونا نتأمل أربع حقائق تخصُّ المخلِّص أو الفادي الذي وعد الله أن يرسله. الحقيقة الأولى هي هذه: إن الله كان يعلن في هذه الآية كيف أن هذا المخلِّص كان سيولد من امرأة فقط، أي من عذراء. فكلٌّ منا لديه أبٌ وأم. إلا أن المخلِّص الموعود به كان سيأتي من امرأةٍ فقط بقوة الله، ولا سيكون له أبٌ أرضي. فلن يأتي مخلِّص العالم من آدم، لأن كل نسل آدم مصبوغين بالخطية. كان على مخلص الخطاة أن يكون بلا خطية. كان عليه أن يأتي مباشرة من الله، من السماء. ولذا، فأول شيء نتعلمه في هذه الآية هو: أن الله وعد بفادٍ قدوس، يكون من نسل امرأة، ولكن ليس من نسل رجل. أما الحقيقة الثانية التي أعلنها الله في اليوم الذي أخطأ فيه آدم وحواء، هو ما قاله الله للشيطان (أي الحية) بخصوص المخلص الموعود: ‘‘تسحقين عَقِبَه..’’ وهكذا، بدأ الله يعلن كيف أن الشيطان سيعذب هذا المخلِّص الذي سيرسله من السماء. وفي الجزء القادم، سنرى كيف تنبأ الأنبياء عن أن الشيطان سيحرِّض الناس ليضطهدوا هذا المخلص ويعذبوه ويقتلوه. وهكذا، كانت خطة الله تتضمن مخلِّصاً مسحوقاً ومضروباً. فمن أجل غرض إرجاعنا إلى الله كان على مخلِّص العالم أن يموت كذبيحة للخطية. ‘‘البار’’ يموت من أجلنا، نحن الخطاة، واضعاً بإرادته حياته ليدفع عقوبة الخطية، التي هي الموت. أما الحقيقة الثالثة بخصوص هذا المخلص هي أن الله قد أخبر الشيطان الذي في الحية إن هذا المخلص سوف يسحق رأسه (أي رأس الشيطان). وكان هذا خبراً سيئاً للشيطان. ولكنه كان خبراً مفرحاً لكل من يريد أن يُعتَق من قوة الشيطان والخطية والجحيم! وهكذا، بدأ الله يعلن أن هذا المخلِّص، في النهاية، سوف يَغلِب الشيطان ويحرر نسل آدم الذين قد أصبحوا عبيداً للخطية. أما الحقيقة الرابعة والأخيرة، فهي أن الله قد بدأ يعلن أنه سيكون هناك مجموعتان من الناس في العالم. مجموعة أتباع الشيطان، ومجموعة أتباع الله. .. أتباع الشيطان هم الذين يرفضون تصديق كلمة الله. .. أما أتباع الله، فهم هؤلاء الذين يصدقون كلمة الله، ويضعون كل ثقتهم في المخلِّص الموعود. وهكذا، ففي اليوم الذي أخطأ فيه آدم وحواء، بدأ الله يعلن خطته العجيبة لتخليص الخطاة. وفي الأجزاء القادمة، سنرى شيئاً فشيئاً كيف تكلَّم كل أنبياء الله معلنين مجيء مخلِّصٍ قدوس، ليحرر الخطاة من يد الشيطان. لا تنزعج عزيزي القارئ، إذا كان ما درسناه غير واضحٍ بالنسبة لك، لأنه عندما نتقدم تدريجياً في دراستنا المرتبة ترتيباً زمنياً، ستتضح لك الأمور شيئاً فشيئاً. إذ يقول الله في كلمته: ‘‘إن دعوت المعرفة ، ورفعت صوتك إلى الفهم. إن طلبتها كالفضة، وبحثت عنها كالكنوز. فحينئذٍ .. تجد معرفة الله.’’ (أمثال 4:2،5) والآن إذاً، دعونا نختم قراءة الفصل الثالث من الكتاب الأول في التوراة. يقول الكتاب: ‘‘وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصةٍ من جلد، وألبسهما. وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحدٍ منا عارفاً الخير والشر. والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة، ويأكل ويحيا إلى الأبد. فأخرجه الرب الإله من جنة عدن، ليعمل الأرض التي أُخذ منها. فطُرِد الإنسان، وأقام شرقيَّ جنة عدنٍ الكروبيم ولهيب سيفٍ متقلبٍ لحراسة طريق شجرة الحياة.’’ (تك 21:3ـ24) وهذا هو ما ينتهي به الفصل الثالث .. دعونا نتأمل بعض الحقاق الهامة التي احتوتها هذه الآيات. يقول الكتاب: ‘‘وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد، وألبسهما.’’ هل تذكر ما فعله آدم وحواء بعد أن أكلا من شجرة معرفة الخير والشر؟ لقد خاطا أوراق تين، وأحاطا بها خصريهما كمحاولة لإخفاء عارهما أمام الله. ولكن، هل قبل الله الملابس التي خاطاها لأنفسهما، تلك التي خاطاها من أوراق التين؟ لا، لم يقبلها. ولماذا لم يقبل الله الملابس التي صنعاها لأنفسهما؟ أتعرف لماذا؟ لأن الله أراد أن يعلِّم آدم وحواء أنه ‘‘كاملٌ’’، ولا يقبل أعمال الإنسان ‘‘غير الكاملة’’. وفي هذا الشأن، يقول الكتاب: ‘‘وقد صرنا كلنا كنَجَسٍ، وكثوب عُدَّةٍ كل أعمال برنا.’’ (أشعياء 6:64) فليس هناك ما يستطيع الإنسان عمله ليغطِّي خطاياه أمام الله. ومع ذلك، فقد فعل الله شيئاً للإنسان .. فقد ذبح الله بعض الحيوانات، ونزع جلدها. وصنع ملابس من الجلد لآدم وحواء. لقد أتى الله بأول ذبيحة حيوانية. يا له من منظرٍ مصدم لآدم وحواء، وهم يشاهدان الدم وهو يسيل من الحيوانات التي ذبحها الله. من خلال سفك دم الحيوانات، أراد الله أن يعلِّم آدم وحواء أن ‘‘أجرة الخطية موت’’ (رومية 23:6) ، ويعلمهما أيضاً أنه ‘‘بدون سفك دم لا تحصل مغفرة.’’ (عب 22:9) ولن نستطيع اليوم أن نشرح ذلك بالتفصيل، فيما عدا أن نقول أن قانون الله الأساسي للغفران ينص على أنه: ‘‘بدون سفك دم، لا تحصل مغفرة للخطية’’. فأجرة الخطية لابد وأن تُدفَع. وأجرة الخطية هي الموت. فالله لا يستطيع أن يغفر خطية ما لم يُدفَع ثمنها. ولابد من موت ضحية طاهرة بريئة بدلاً من الخاطئ المذنب. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها الله أن يغفر الخطية دون المساس ببره. وهكذا، أسس الله نظام الذبائح الحيوانية؛ ليذكِّر الخطاة أن أجرة الخطية هي موت. وترمز الذبيحة الحيوانية إلى المخلِّص القدوس، الفادي الذي سيأتي إلى العالم ليُسفَك دمه ثمناً للخطية. وسنتعلم المزيد عن هذا فيما بعد. ولكن دعونا اليوم، نتذكر أن الله سفك دماء حيوانات ليغطِّي عار آدم وحواء. وبعد هذا، طرد الله آدم وحواء من جنة الفردوس في عدن. وأقام ملاكاً ماسكاً لهيب سيفٍ متقلبٍ لحراسة شجرة الحياة. لقد اختار آدم وحواء طريق الموت، عندما أكلا من الثمرة التي حرمها الله. وهكذا، لم يَعُدا يستطيعان أن يتمتعا ببركات جنة الفردوس الرائعة. لقد رأينا من قبل كيف أن الله طرد من محضره لوسيفر، الذي هو الشيطان، وذلك بسبب خطيته. والآن، نرى كيف طرد آدم وحواء أيضاً بسبب خطاياهما. فالله هو القدوس، ولابد له أن يعاقب كل من هو غير قدوس. وهكذا، دعونا نحتفظ بفكرتين في ذهننا. الفكرة الأولى هي أن الله هو ‘‘البار’’. فالله لا يستطيع أن يحتمل الخطية، ولذلك أدان آدم وحواء، وطردهما من الجنة. والفكرة الثانية هي: أن الله هو ‘‘الرحيم’’. إن آدم وحواء لم يستحقا رحمة الله، ولم يستحقا إلا دينونته. إلا أن الله لا يريد أن يهلك الناس. ولهذا وعد الله بمخلِّص ينقذ الخطاة من ظلمة مملكة الشيطان، وينقلهم إلى نور ومجد مملكة الله. إن رحمة الله لا تتعارض أبدا مع برِّه. فهاتان الصفتان في الله لابد وأن يعملا معاً. وفي الدروس المقبلة سنرى بأكثر وضوح كيف أن الله يستطيع أن يظهر الرحمة للخطاة، دون أن يتعارض ذلك مع بره. أشكركم لحسن متابعتكم . وأدعوكم أن تكونوا معنا في الجزء القادم لتتعلموا بعض الدروس المهمة عن قايين وهابيل، أول أبناء لآدم وحواء. وليبارككم الله، وأنم تتأملون فيما يعلنه الكتاب عندما يقول : ‘‘ولكن حيث كثرت الخطية، ازدادت النعمة جداً.’’ (رومية 20:5) |
||||
29 - 05 - 2015, 09:21 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: طريق الله الواحد
( 10 ) الذبيحـة تكوين 4 في المرة السابقة، رأينا كيف أن الله، بعد أن أخطأ آدم وحواء، بدأ يعلن خطته بشأن إرسال مخلِّصٍ إلى العالم، ليخلِّص نسل آدم من قوة الشيطان والخطية والجحيم. ورأينا أيضاً، كيف أن الله رفض أن يقبل الملابس التي صنعها آدم وحواء لأنفسهما من أوراق التين. إذ أراد الله أن يعلِّمهما أن الخطاة ليس لديهم أي طريقة لتغطية عارهم أمام القدوس، الذي لا يستطيع إلا أن يدينهم. إن الله وحده هو الذي يستطيع أن يخلِّص الخطاة من دَيْنهم. ومن هنا، رأينا كيف أن الله نفسه ذبح بعض الحيوانات، وصنع ملابس من الجلد، ووضعها على آدم وحواء. وهكذا، عمل الله أول ذبيحة دموية. ونقرأ أيضاً، كيف أن الله أعلن أنه سيكون هناك مجموعتين من البشر على الأرض: هؤلاء الذين يرفضون تصديق كلمة الله، وأولئك الذين يصدقونها. و اليوم، سنقرأ عن أول ابنين لآدم وحواء. قايين، الذي رفض أن يصدِّق الله، وهابيل، الذي صدَّق الله. وهكذا رأينا، أن آدم وحواء صارا يعيشان الآن خارج فردوس جنة عدن. إذ طردهما الله بسبب معصيتهما. وبسبب خطيتهما، لم يعدا يستطيعان العيش في بركات جنة الفردوس. لقد أفسدت خطيتهما علاقتهما مع الله. ومع ذلك، كان الله لا يزال يحبهما ويهتم بهما. والآن، دعونا نقرأ التوراة، في الفصل الرابع من سفر التكوين. يقول الكتاب: ‘‘وعرف آدم حواءَ امرأته فحبلت وولدت قايين. وقالت اقتنيت رجلاً من عند الرب. ثم عادت فولدت أخاه هابيل. وكان هابيل راعياً للغنم، وكان قايين عاملاً في الأرض’’ (تك 22:4) لقد انجب آدم وحواء ابنين. وكانا من الخطاة مثل أبويهما. إذ امتدت خطية آدم إلى أبنائه مثل مرض معدي. فحبلا بقايين وهابيل بالخطية. هكذا يقول الكتاب: ‘‘وولد (آدم) ولداً على شبهه كصورته.’’ (تك 3:5). لقد وُلِد قايين وهابيل بطبيعة تميل إلى الخطية. ونما الولدان في الجسد، وازدادا في المعرفة. وأصبح قايين عاملاً في الأرض. وكان عاملاً جاداً، ولم يكن يخشى الأعمال الصعبة. أما هابيل فكان راعياً للغنم. وعرفا كلاهما عن الله. لقد علما أن الله موجود، وأنه قدوس، ويكره الخطية. ولكن، كان ينبغي أن يعرف كل منهما انه لكي يقتربا من الله، فإنهما يحتاجان أن يأتيا إليه عن طريق الذبيحة الدموية التي رسمها الله. وجاء يوم في حياة قايين وهابيل عندما قررا أن يعبدا الله، ويقدما له قرباناً. وهكذا، يقول الكتاب: ‘‘وحدث من بعد أيام، أن قايين قدم من ثمار الأرض قرباناً للرب. وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانِها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر. فأغتاظ قايين جداً، وسقط وجهه.’’ (تك 3:4ـ5) دعونا نتأمل فيما حدث .. اثنان أرادا أن يعبدا الله. وكلاهما قدم قرباناً لله. لكن الكتاب يقول: ‘‘فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر.’’ فلماذا إذاً قبل الله قربان هابيل، ورفض قربان قايين؟ وماذا كان الفرق بين هذين القربانين؟ حقاً، إن قربان قايين وقربان هابيل مختلفان. لقد أحضر هابيل إلى الله دم خروف بلا عيب. فغفر الله خطايا هابيل، ولكنه لم يغفر خطايا قايين. لماذا غفر الله خطايا هابيل، الذي أحضر دم الخروف، ولم يغفر خطايا قايين الذى أحضر الخضروات والفاكهة؟ هل لأن الله لا يحب الخضروات والفاكهة؟ لا، لم يكن هذا هو السبب! لماذا إذاً حكم الله على هابيل انه بار وترك قايين في خطيته؟ نعم، هذا هو السبب: لقد أحضر هابيل القربان الذي كان يتطلبه الله، ولكن قايين أحضر شيئاً آخر. ما هو الشيء الذي كان يتطلبه الله لكي يستطيع ان يغفر ذنوبهم دون المساس بكمال بره؟ لقد كان الله يتطلب الدم ـ أي الحياة ـ حياة بلا عيب. لقد آمن هابيل بالله، وأحضر ذبيحة دموية، تماماً كما طلب الله. وهكذا يقول الكتاب: ‘ ‘بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين. فبه شُهِد له انه بارٌ إذ شهِد الله لقرابينه.’’ (عبرانين4:11) لقد آمن هابيل بالله، أما قايين فلم يؤمن به. ماذا يعنى الإيمان بالله؟ الإيمان بالله هو الثقة فيه إلى حد إطاعة كلمته. إن الإيمان بالله هو أن نقبل كل ما يقوله الله كحقيقةٍ لا تقبل الشك. فإذا قلت: ‘‘أني أؤمن بالله’’، وأنت لا تؤمن بما يقوله الله في الكتاب المقدس، إذاً، فأنت لا تؤمن حقاً بالله. فالله وكلمته شيءٌ واحدٌ. فإذا كنت تؤمن بالله، فستؤمن بكلمته وتطيعها. وإذا كنت لا تؤمن بما يقوله الله، فإنك ترفض الله نفسه. لقد قبل الله هابيل؛ لأنه آمن بكلمته، وجاء بدم حمل كما أوصى الله. ولكن الله لم يقبل قايين؛ لأنه لم يؤمن بكلمة الله بإخلاص. لقد ادَّعى قايين انه يؤمن بالله، ولكن أفعاله كانت تنكر هذا؛ لأنه لم يقدم ذبيحة دموية كما أوصى الله. وربما يسأل سائل: ‘‘لماذا أمر الله بذبائح دموية؟ لماذا قال الله: بدون سفك دم لا تحصل مغفرة ؟’’ هذا هو السبب. تعلن شريعة الله المقدسة أن أجرة أو عقوبة الخطية هي الموت، ولذا وجب سفك الدم. فلم يقل الله: ‘‘أجرة الخطية تُدفَع بفواكه وخضروات’’، ولا قال أيضاً: ‘‘إن أجرة الخطية هي الصلاة والصوم وعمل الأعمال الحسنة.’’ لا، بل ما قاله الله في قداسته هو أن الثمن المطلوب للخطية هو .. الموت. يوضِّح لنا الله، في كتب الأنبياء أن كل شخص من نسل آدم قد أخطأ، وأن كل خاطئ عليه دينٌ عظيم لله القدوس. ولابد للخاطئ أن يموت، وأن يدفع دين الخطية هذا في الجحيم إلى الأبد. ودين الخطية هائل، ولا تستطيع أنت أن تأتي بما يكفي من الأعمال الحسنة لترد هذا الدين لله. فعقوبة الخطية هي الموت والجحيم. وهذا هو السبب في أن الأعمال الحسنة لا تستطيع أبداً أن تسدد هذا الدين! دعونا نحاول توضيح هذا .. تخيلوا معي أني مديونٌ لشخص ما بمبلغ ضخم من المال، وإني ذهبت إليه قائلاً: ‘‘أنا أعلم أني مديون لك بمبلغ ضخم. ولكني مفلس تماماً، ولا أستطيع دفع ديني بالمال، ولكني لديَّ خطة أخرى للدفع. وهذه هي خطتي: كل يوم، سأقوم بكنس فناء منزلك. وهكذا، سأعمل لك حتى أسدد ديني.’’ والآن، ماذا تظن سيكون رد فعل الدائن لهذا الاقتراح؟ ربما يغضب، وربما يضحك عليَّ، ولكن الشيء المؤكد هو أنه لن يتقبل هذه الفكرة! ولماذا لن يتقبلها؟ لأنه من المستحيل دفع ديني الهائل هذا بأعمالي الحسنة الزهيدة هذه. وبالمثل، لا يستطيع أحد أن يسدد دين الخطية بأعمال حسنة. فلا يُوجد إلا شيء واحد يمكن أن يسد ثمن الخطية. ليس المال .. ولا الأعمال الحسنة .. ولكنه الموت. فأجرة الخطية هي الموت والدينونة. وبالتالي، فلم يستطع الله أن يلغي دين خطية قايين وهابيل بناءً على أعمال أيديهما. لقد كانت خطة الله لإلغاء دينهما، هي عن طريق دم الذبيحة. فلابد أن يموت البريء بدلاً من المذنب. وهكذا، فإن غفران الخطايا لا يتأسس على خطة الإنسان، بل على خطة الله. فعلى أساس الذبيحة البدلية، فتح الله باباً للغفران والخلاص لأبناء آدم. ففي الأجيال الأولى، حكم الله أن كل خاطئ يجب أن يقدم حيوان بلا عيب ويذبحه. فالحيوان البرئ يموت كبديل عن الخاطئ. فبسبب دم مثل هذه الذبيحة، كان يمكن على الله أن يتأنى على نسل آدم، ويستر خطاياهم مؤقتاً. إلا أن دم الحيوان لم يستطع إلغاء دين خطية الإنسان؛ لأن قيمة الحيوان لا تساوي قيمة الإنسان. فلهذا يقول الكتاب أن الذبائح الحيوانية كانت هي مجرد ‘‘ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء .. لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا.’’ (عب 1:10ـ4) وهكذا، فأهم ما ينبغي أن نتذكره عن الذبائح الحيوانية هو أنها كانت مجرد رمزاً أو مثلاً توضيحياً يشير إلى عمل المخلِّص الذي سيأتي إلى العالم ليدفع دين خطية نسل آدم. إن هذا المخلص الذي وعد به الله، سيموت ‘‘مرةً واحدةً من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يقربنا إلى الله.’’ (1بط 18:3) وكما هو مكتوب في الإنجيل: ‘‘له (أي لهذا المخلص) يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا’’ (أع 43:10) ولكن إرادة الله في الأجيال الماضية تطلبت ذبائح حيوانية. إلا أن قايين تجاهل خطة الله. إذ تقدم قايين بنهجٍ آخر، بديانة من صنعه هو. لقد خلق قايين أول ديانة كاذبة. إذ أحضر إلى الله أعمال يديه هو. لقد قدَّم قرباناً مما زرعه، أي من نتاج الأرض التي لعنها الله، النتاج الذي ليس فيه دم. فهل قبل الله تلك الذبيحة غير الدموية؟ لا، إن الله لم يقبلها! أما بالنسبة لهابيل، فقد أحضر خروفاً بلا عيبٍ، وذبحه كي ما يسفك دمه. وبعد ذلك، حرقه. وبسبب تلك الذبيحة، كان لهابيل ضميرٌ خالصٌ أمام الله. فلقد كان هابيل يعرف في نفسه أنه مستحقٌ الموت، ولكن الحيوان البريء قد مات بدلاً عنه. وهكذا، عبَّر هابيل عن إيمانه بالمخلِّص العتيد أن يأتي إلى العالم؛ ليموت بدلاً من الخطاة، متحملاً عقاب خطاياهم. ونَوَد هنا أن نلخص قصة اليوم بأن نوجه إلى أنفسنا سؤالاً هاماً جداً: ‘‘لماذا لم يقبل الله قربان قايين؟ هل كان قايين أكثر خطية من هابيل؟’’ إن هذا ليس هو السبب. فكلٌ منهما كان خاطئاً في نظر الله، وكلٌ منهما قدم قرباناً لله. كان قايين شخصا متديناً. وهنا، ربما يمكننا أن نقول أن قربان قايين كان في ظاهره أكثر احتراماً من قربان هابيل. فلا شك أن الفاكهة والخضروات جميلة جداً في منظرها، أما الحمل المذبوح ودمه المسفوك ليس بمنظرٍ جميل. إلا أن الخطية هي شيءٌ كريهٌ جداً لله، وطريق الغفران الذي أسسه الله قد أعلن أن: ‘‘بدون سفك دم لا تحصل مغفرة.’’ ومن ثمَّ، رفض الله قايين وقربانه؛ لأن قايين لم يحترم طريق التبرير الذي صنعه الله للخلاص. لا يستطيع أحد أن يأتي إلى الله إلا إذا أتى بطريق البر الذي رسمه الله. فطريق الله طريقٌ كاملٌ ومحدد. فهو واضحٌ ومباشرٌ مثل المسألة الحسابية. فإن سأل معلم تلميذه في المدرسة: ‘‘ما هو حاصل جمع اثنين واثنين؟’’ فليس هناك إلا إجابةٌ واحدةٌ صحيحة لهذا السؤال. إن حاصل جمع اثنين واثنين هو أربعة. .. فإن أجاب التلميذ وقال ‘‘ثلاثة’’، فإن إجابته خاطئة. .. وإن قال ‘‘خمسة’’، فمازالت الإجابة خاطئة. .. وإن قال ‘‘أربعة ونصف’’، فهو أيضاً على خطأ. لماذا؟ لأن حاصل جمع اثنين واثنين لا يمكن أن يكون إلا أربعة. وهذا هو الواقع مع الطريق البار الذي أسسه الله للخلاص. فليس هناك إلا إله واحد، وليس هناك أيضاً إلا طريقاً واحداً للخطاة يمكنهم به أن يتصالحوا مع الله القدوس! إنه طريق الذبيحة الكاملة كمالاً مطلقاً. وأنت .. هل تعرف ما تقوله كلمة الله فيما يخص الذبيحة المقدسة التي قدمها الله ليلغي دين خطيتك إلى الأبد؟ هل تعرف أن الله نفسه قد أرسل إلى العالم مخلِّصاً عظيماً، لكي ما تٌغفر لك خطاياك، ويكون لك قلباً طاهراً أمام الله؟ في الدروس المقبلة، سنتعلم الكثير عن هذا المخلص العجيب. أما بخصوص هذا المخلص فيقول الكتاب: ‘‘ليس بأحدٍ غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص.’’ (أع 12:4) .. إلى هنا نأتي إلى ختام درس اليوم وفي الجزء القادم بمشيئة الله، سنستكمل دراستنا عن قايين وهابيل. فليبارككم الله، وأنتم تتأملون في شريعته الأساسية: ‘‘بدون سفك دم، لا تحصل مغفرة.’’ (عب 22:9) |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الله يخبر شعبه عن طريق الكاتب بكلامه عن طريق أمثال |
يبدأ الإنسان بمعرفة طريق الله، إما عن طريق القراءة |
طريق الصيد الناجح في التجمعات السمكية |
الله يصنع طريق حيثما لا يوجد طريق |
خريطة طريق الخادم الناجح |