رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل رموز ومحسوسات العبادة، ليست معاصرة؟ وكثيراً ما يُقال بأن الرموز والمحسوسات المستخدمة في عبادتنا التقليدية، ولمسة الجمال التي تُصوِّرها؛ أصبحت وقد عفا عليها الزمن، ولم تَعُد مناسبة لعالمنا المعاصر. وكما يدَّعي أصحاب هذا الادِّعاء أن هذه الرموز والمحسوسات مقتبسة من نمط الحياة في البيئة الزراعية الريفية التي كانت سائدة قديماً، ولم تَعُدْ من جوانب كثيرة صالحة للبيئة الصناعية المعاصرة. ويتساءلون: لماذا يجب أن نعبد الله وفي يدنا شمعة أو مبخرة (شورية)، وليس في يدنا مثلاً سمَّاعة طبيب أو إزميل نجَّار!! وهما غير مناسبَيْن للعبادة. ولهؤلاء نردُّ أن الأفعال والرموز التي نستخدمها في عبادتنا لها مغزى عام لا يتغيَّر بالضرورة مع تغيُّر الأزمان. فبالرغم من أن الليتورجية الإلهية (القداس) قد ترتَّبت بحسب التقاليد الغنية التي كانت سائدة في عصر معيَّن، ولكنها في جوهرها الداخلي تتجاوز هذه الحدود، وتُخاطب الوضع والجوهر الداخلي للإنسان، سواء قديماً أو حديثاً، شرقاً أو غرباً. فالكنيسة الأرثوذكسية تستخدم في صلواتها المواد الأولية التي يستخدمها الإنسان على مر العصور. فالخبز والماء والزيت والنور والنار يستخدمها الناس قديماً وحديثاً، ولا يُغيِّرونها بتوالي الأزمنة. فإن لم يجد الناس في بيئة متحضِّرة تكنولوجية معنىً لهذه المواد، أفليس يعني هذا بأن أصابع الاتهام يجب أن توجَّه للمدنية المعاصرة الموصومة بالتزييف وعدم الواقعية؟ إن ما يحتاج إليه هؤلاء، ليس تغيير هذه الرموز، بل تغيير أنفسهم هم وتنظيف مداخل أذهانهم! + وفي هذا السياق، نجد بادرة أمل وتشجيع من التقدير الذي يُقدِّمه الغرب الآن للأيقونات الكنسية. فهناك أعداد كبيرة مثيرة للدهشة، من مؤيِّدي الحداثة والعصرية، رجالاً ونساءً، الذين بالرغم من عدم انضمامهم لعضوية أي كنيسة في بلادهم؛ أصبحوا مهتمين ومنجذبين بشدة للأيقونات الأرثوذكسية عندنا في الكنيسة القبطية وسائر الكنائس الأرثوذكسية. فلا نتسرَّع ونتهم مثل هؤلاء بأن تقديرهم هذا عاطفي ومصطنع. ألسنا نجد في تصرُّفهم، ونحن في عصر التكنولوجيا والترويج للعلمانية secularism شيئاً من التضاد، إذ كيف يحسُّون بالانجذاب لهذا النوع من الفن الذي هو بلا شك فن روحي ولاهوتي بآنٍ واحد؟ وهل كانوا ينجذبون لو أن فن الأيقونة كان مُعاصراً ومتجدِّداً بحسب مدارس الفن الحديث؟ |
|