رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرعاية (19) الكاهن الروحي بعيد عن الغضب والنرفزة بقلم : قداسة البابا شنودة الثالث كلمة (النرفزة) مأخوذة من كلمة Nerves أي أعصاب.والذي يتنرفز هو الذي تشتعل أعصابه في غضبه.وهذه خطية منفرة. لا ينتظرها الشعب من الكاهن الذي يتصف بالوداعة (مت11:29) ولا من الكاهن الذي هو صورة الله ومثاله (تك1:27). وكما أن خطية النرفزة منفرة.هي أيضا خطية مكشوفة. إذا قصر الكاهن في صلواته الخاصة وفي قراءاته,فهذا لا ينكشف للناس.وكذلك إذا أخطأ بالفكر أو بالقلب أو بالنية.أما في النرفزة,فإنه يكشف ضعفا فيه:عجز فيه عن الاحتمال,وفقد فيه الهدوء.ولم يقدر أن يضبط نفسه. وبالنرفزة ينفر الناس منه,وربما من الكنيسة أيضا. فالشعب يحب أن يري الكاهن بشوشا,يشع منه السلام. والسلام الذي فيه يشيع السلام في كل من يراه أو يسمعه.وهكذا -في كل معاملاته- ينتظرون منه روح الأبوة,والابتسامة الرقيقة,وعبارات الحنو والتشجيع.ومقابلة أخطائهم بهدوء عميق,كما لو كانت قطعة من الطين ألقيت في أعماق المحيط,يأخذها البحر الكبير ويذيبها داخله,ويقدم علي سطحه ماء رائقا.هكذا الكاهن في هدوئه... أما إن تعكرت نفوس الناس حينما تصطدم بغضبه,فإنهم يصابون بإحباط شديد,وبعثرة من جهة المثالية والدين. وبخاصة إن كانت تلك النرفزة في معاملة الأطفال الذين تخيفهم ملامحه ونبرة صوته أثناء غضبه,ولا يرون فيه صورة المسيح,ولا حنو الآباء.وتظل صورة النرفزة لاصقة بأذهانهم,وقد تبعدهم عن الكنيسة. أما الكبار فيعثرون من جهة إمكانية التنفيذ العملي لوصايا الله,إن كان رجال الدين أنفسهم لا ينفذونها في حياتهم. الكاهن الغضوب لا يستطيع الناس أن يستفيدوا من وعظه,ولا من صلاته,ولا يستريحون إلي الاعتراف عليه. فهو إن كان لم ينتصر في حياته الروحية,ولم يقدر أن يقاوم الغضب,ولم يستطع أن يدرب نفسه علي احتمال ضعفات الآخرين وعلي فضائل الرقة واللطف,فكيف يمكنه إذن قيادة غيره روحيا,وإرشاده في اكتساب أمثال هذه الفضائل وغيرها؟!. وكيف يقول للشعب في صلواته:السلام لجميعكم,بينما لم يحتفظ هو بالسلام في معاملاته.إن فاقد الشئ لا يعطيه!! العجيب أن الكاهن الغضوب,يحاول أن يبرر غضبه ويفلسفه! ويبحث له عن آيات من الكتاب المقدس تدعو إليه! كأن يتمسك جدا بقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف:عظ,وبخ,انتهر (2تي4:2).أو بقوله في الرسالة إلي العبرانيين:أي ابن لا يؤدبه أبوه؟! (عب12:7). وهنا نقول إن التأديب أو الانتهار يكون في حالات معينة لها أهميتها,ولا يكون طبعا ثابتا في الكاهن يستخدمه باستمرار! كذلك هناك فارق كبير بين الحزم والنرفزة. يمكن أن يكون الكاهن حازما,في بعض المواقف التي تستدعي منه الحزم,دون أن يقع في النرفزة التي هي عدم ضبط للأعصاب. وفي حالة الحزم,يضع كل شئ في موضعه السليم بهدوء وبغير ضجيج,بقوة الإقناع,وليس بحدة الصوت وارتفاعه! والإقناع أكثر ثباتا وأعمق أثرا,وهو أسلوب روحي,وإن كان يحتاج إلي بعض الجهد وإلي الحكمة في التصرف.ولكن بعض الكهنة بفضلون أن يريحوا أنفسهم من هذا الجهد,مكتفين بأسلوب الأمر والسلطة والحدة!! وهذا الأسلوب له مظهره غير الروحي.كما أن له نتائجه السيئة وردود فعله... فمن مشاكل النرفزة,أنها تحوي داخلها خطايا أخري. فهي أولا ليست قدوة صالحة للناس,لا تعطيهم نموذجا طيبا في التعامل.وفي النرفزة فقدانا للإتضاع,كما قال القديس دوروثيئوس:إن المتواضع لا يغضب أحدا,ولا يغضب من أحد. والنرفزة ضد البشاشة واللطف,وضد الوداعة والاحتمال.وهي تكون أحيانا ضد المحبة,لأن المحبة لا تحتد (1كو13:5). وأستطيع أن أقول أيضا إن النرفزة ضد الحكمة.فالحكيم يختار في معاملاته أسلوبا أفضل,لا يقع فيه في كل الأخطاء السابقة... وطبعا كل تلك الأخطاء لا تليق إطلاقا بالأب الكاهن. أما إن كان الدافع إلي غضب الكاهن هو رغبته في تنفيذ مشيئته,اعتدادا برأيه مهما كان الرأي الآخر علي صواب,فحينئذ يكون غضبه خطية مزدوجة أو مركبة,وتكون عثرته أعمق. وهنا تدخل في غضبه أيضا محبة السلطة,إذ يشعر أن من يعارضه إنما يعتدي علي سلطته أو كرامته,أو يتدخل في شئ من اختصاصاته,أو يشاركه في الهيمنة علي الكنيسة,لذلك فهو ينفعل بهذا السبب ويغضب,وقد يثور! وقد يدخل في موضوع السلطة,إذا تم شئ دون استشارته أو دون علمه,مهما كان سليما! فهو يريد أن يكون ضابطا للكل في كل أمور الكنيسة,ومرجعا لكل التصرفات والإجراءات سواء كانت روحية أو اجتماعية أو إدارية! وبقبضته علي كل السلطة,يمنع العاملين في الكنيسة من حرية الحركة. وإن تحركوا في حرية,يغضب عليهم ويتنرفز.وبغضبه هذا يجعلهم يغضبون منه,شاعرين أنهم في عملهم داخل الكنيسة يكونون مقيدين كثيرا بقيود السلطة,ومهددين بغضب قد يتعب ضمائر البعض منهم.وقد يري البعض أن يبعد عن الخدمة في هذه الكنيسة بسبب غضب كاهنها,ليحتفظ بسلامه القلبي...! وترن في آذانهم عبارة الأب الكاهن المخالف حاله تالف فيأخذ الواحد منهم لقب مخالف وتالف,ليس لأنه خالف أمرا,إنما لأنه لم يستشر في كل أمر! ولم يدخل تحت عباءة السلطة! بالنرفزة يبدو أمام الناس وكأنه رئيس وليس أبا. ويا ليته يكون بذلك رئيسا عاديا,وإنما رئيس عنيف. ما أسهل أن يكون أبا حنونا رقيقا,وفي نفس الوقت لا ينكر أحد رئاسته في الكنيسة.ولكنه -للأسف الشديد- في تمسكه بعنف الرئاسة,يفقد حنان الأبوة.ويفقد طيبة القلب,ويعكر نفوس الآخرين.ويصبح عثرة,وتزداد عثرته إن قلده البعض في أسلوبه. ويثبت بغضبه أنه لا يقبل الرأي الآخر,ولا يحتمل النقاش. بل قد يقول لمن يناقشه,ولمن يخالفه في الرأي:هل وصلت بك الجرأة أن تناقش وتخالف أبيك؟!. وهنا شعر أو لم يشعر,تبدأ أن تدخل إليه مشاعر العصمة! فرأيه معصوم من الخطأ.وشيئا فشيئا يحاول أن يسحق معارضيه,أو أن يذلهم! والذي يعمل معه,لابد له أن يفقد شخصيته,ولا يعرف سوي الطاعة بلا نقاش,أو ما يسمونها الطاعة العمياء!...وإلا تنفتح فوهة البركان وتصب نارا...! أحيانا يسمي الكاهن غضبه,بأنه غضب لأجل الحق! إن كنت تغضب أيها الأب لأجل الحق,فاسأل نفسك أولا:هل من الحق أن تغضب؟ ثم ما هو أسلوب الغضب المقدس؟ هل الغضب المقدس أسلوب الصوت العالي,والصوت الحاد؟! انظر إذن كيف كلم الله إيليا,وهو هارب من إيزابل: إذا ريح عظيمة وشديدة,شقت الجبال وكسرت الصخور,ولم يكن الرب في الريح.وبعد الريح زلزلة,ولم يكن الرب في الزلزلة.وبعد الزلزلة نار,ولم يكن الرب في النار... وأخيرا:إذ بصوت منخفض خفيف يقول:مالك ههنا يا إيليا؟ (1مل19:12,11). ليتك تدرب نفسك علي هذا الصوت المنخفض الخفيف الذي كلم به الرب عبده إيليا. أما إن وجدت صوتك يرتفع.فقل لنفسك:ربما قلبي هو الذي ارتفع,فارتفع معه صوتي...وحينئذ خف واتضع. واحذر من أن يتدرج صوتك في الارتفاع,ويتحول إلي ضجيج! ولن تستطيع أن تقول وقتذاك إنه ضجيج مقدس! ولا تجعل علاقة الناس بك تتلخص في كلمتين:الأمر والطاعة...الأمر من جهتك,والطاعة من جهتهم... فقد يطيعك إنسان عن خوف,وليس عن رضي.وقد يطيع وهو يتذمر في داخله.وقد يصل تذمره إلي غيره فيشاركه فيه. أما إن اقنعته,فإنه يستفيد منك درسا جديدا.وتكون طاعته لك نابعة من قلبه,ويمكنه أن يوصل اقتناعه إلي غيره. أيضا من الأمور الصعبة أن يغضب الكاهن بسبب أمور مادية. أو بسبب أمور شخصية,أو لإصراره علي أخذ اختصاصات يقوم بها غيره.وبهذا الغضب يكشف عن مشاعر أو صفات في أعماق نفسيته لا تتفق مع المثالية التي ينتظرها الشعب منه. وقد يتدخل الشعب حينئذ في مصالحة الكاهن أو إصلاحه!! الكاهن والغضب لا يجوز أن يكون الكاهن غضوبا,فإن غضبه ينفر الناس,ليس من الكاهن فقط,بل أيضا من الكنيسة كلها... وبغضبه لا يعطي مثالا لأولاده عن حياة الوداعة والهدوء,ولا عن الاحتمال,ولا عن التواضع... وربما في غضبه يقع في أخطاء أخري.والغضب خطية مكشوفة,تجعل الناس يعثرون فيه. الكاهن الغضوب إنسان يستخدم السلطة وليس الحب... والناس لا يتوقعون من رجل الدين أن يكون هكذا.إنما ينتظرون منه أن يكون أمثولة في المحبة,وفي الرقة والعطف,وفي احتمال ضعفات الأخرين,كما احتمل المسيح خطايانا... الشعب يحب الكاهن أن يكون بشوشا...وأن يكون له روح الأبوة,والابتسامة الرقيقة,وعبارات الحنو والتشجيع.يشيع في نفوسهم السلام والطمأنينة.ذلك إن تعكرت نفوسهم عند لقائه -عن طريق غضبه- يصابون بإحباط نفسي شديد... حتي إن ظن الكاهن أنه يغضب غضبا مقدسا لأجل الحق,يجب أن يكون ذلك بغير نرفزة,بغير عصبية... يضع كل شئ في موضعه السليم,في حزم وليس في ضجيج,بقوة الإقناع وليس بحدة الصوت وارتفاعه... والإقناع أكثر ثباتا,وإن كان يحتاج إلي بعض الجهد.ولكن بعض الكهنة يفضلون أن يريحوا أنفسهم من هذا الجهد,مكتفين بالأمر والسلطة والحدة...! |
16 - 05 - 2012, 01:31 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
ميرسى كتير ربنا يباركك
|
||||
24 - 08 - 2016, 11:34 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الرعاية (19) الكاهن الروحي بعيد عن الغضب والنرفزة
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الغضب هو الخطوة الأولي للخطية |
الرعاية (21) |
الرعاية (20) طريقة اختيار الكاهن الجديد |
الرعاية اللطف وليس العنف |
أقوال الآباء عن القيامة |