التقليد
يشتمل " التقليد" عند العلامة ترتليان على كل ما اعتادت الكنيسة ممارسته على مدى الأجيال الطويلة، من ممارسات روحية وليتورﭼيات، مثل التغطيس ثلاث مرات في جرن المعمودية، وعدم السجود في أيام الآحاد والخمسين المقدسة، وصلاة القداس الإلهي في الصباح الباكر، ورشم علامة الصليب، فكل ذلك يمكن أن يوصف بأنه "تقاليد"، والتقليد الرسولي الإنجيلي هو الإيمان المسلم من الرسل.
لم يضع ترتليان التقليد في مقابلة مع الكتاب المقدس أو في مقارنة معه، بل على العكس أكد على أن التقليد محفوظ في الكتاب المقدس، لأن الرسل كتبوا تعليمهم الشفاهي في الرسائل، لذا كان للكتاب المقدس سلطة ومصدقيه تامة، وكل تعاليمه هي بالضرورة حقيقية وصحيحة، والويل لمن يقبل عقائد ليست موجودة فيه.
ولا يقتصر التقليد الرسولي عند ترتليان على العهد الجديد فقط، فالعهد القديم موجود في العقيدة التي تكرز بها الكنائس، ووجد العلامة الأفريقي -مثل القديس إيريناؤس أسقف ليون- أن أضمن حارس لصحة ومصداقية هذه العقائد هو أن مؤسسي الكنائس هم الآباء الرسل الذين رعوها وخدموها وارتبطت بهم دوماً ككنائس رسولية فيقول: "يسوع المسيح ربنا، بينما كان يعيش على الأرض، أعلن عن ذاته، معلناً مشيئة الآب التي جاء ليتممها ومقاصده التي أكملها من أجل الإنسان.
وقد أعلن هذا كله، إما جهاراً أمام الناس أو لخاصته من التلاميذ الذين اختارهم وأقامهم ليكونوا مكرمين مقربين إليه لقيادة العمل الكرازي في المسكونة كلها،و أولئك الرسل حملوا أولاً شهادة الإيمان بيسوع المسيح في اليهودية وأسسوا الكنائس هناك، ثم خرجوا إلى العالم ليكرزوا وسط الأمم بنفس التعليم ونفس الإيمان،فأسسوا الكنائس في كل مدينة دخلوها، ومن هذه استمدت الكنائس الأخرى أغصان الإيمان وبذار التعليم يوماً فيوماً، فهي ثمار الكنائس الرسولية، وعلى الرغم من تعددها، إلا أنها تمثل الكنيسة الأولى كنيسة الرسل، فهي واحدة ووحدانيتها تظهر في السلام الذي تنعم به الإخوة المتأصلة بين مؤمنيها برابطة الحب الأخوي.
ومن ثم فإن القاعدة التي تأصلت هي أنه منذ أن أرسل ربنا يسوع المسيح الرسل للكرازة لم يعتبر أحد كارزاً إلا الذين عينهم هو.. وكان أساس كرازتهم هو استعلان المسيح لهم، فصارت تعاليمهم ركيزة الإيمان ودعامة الحق لأن الكنائس استلمت من الرسل، والرسل من المسيح، والمسيح من الله الآب.. وإن كنتم تهتمون بأمر خلاصكم، عودوا إلى الكنائس الرسولية حيث الكراسي الرسولية وحيث تقرأ كتابات الرسل المتقنة الأصلية".