![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 61 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأنبا أغسطينوس شفيع التائبين والاستشهاد ![]() ثم نأتي إلى القديس أُغسطينوس أسقف هيبو وشفيع التائبين ابن الدموع (354 – 430 م)، الذي كتب عن الاستشهاد وعن المسيح الناطِق في الشُهداء قائِلًا: ”من هم الشُهداء؟ أليسوا شُهود المسيح، الذين يحمِلون الشهادة للحق؟ فحينما ينطِق هؤلاء الشُهداء بالشهادة، يكون المسيح هو الذي يشهد لنفسه فيهم، إنه يحِل في الشُهداء ليجعلهم قادرين على حَمْل الشهادة للحق. إنه برهان المسيح المُتكلِّم في الشُهداء (2كو 13: 3)، فعندما يشهد يوحنا المعمدان، يكون المسيح الحال فيه هو الذي يشهد لنفسه وإذا شهد يطرُس أو بولس أو أي شهيد أو أي رسول أو إستفانوس فإنما المسيح فيهم جميعًا يشهد لنفسه، فهو بدونهم إله، أمَّا هم بدونه لا شيء“. وأفاض القديس أُغسطينوس في التعليم عن قُوَّة الشهادة للمسيح، فقال: ”محبة الله التي تنسكِب في قلوبكم بالروح القدس الذي سيُعطَى لكم (رو 5: 5) سوف تمنحكم الجراءة الكافية لمِثل هذه الشهادة، تلك المحبة التي كانت تعوِز بطرُس عندما ارتعب أمام سؤال جارية، فقبل آلام الرب كُشِف عن خوف العبودية الذي كان عند بطرُس بواسطة عبدة جارية، وبعد قيامة الرب استُعلِنت محبته الحرة بواسطة رب الحرية نفسه (يو 1: 15).“ ففي مناسبة ملأهُ الرعب وفي أخرى شملهُ السلام، هناك أنكر الواحِد الذي أحبَّهُ، وهنا أحب الواحد الذي أنكره، وهكذا إذ شملهُ الروح القدس بمِلء النعمة ألهب قلبه الذي كان قبلًا بارِدًا خائِفًا محصورًا، حتى حَمَل تلك الشهادة للمسيح (أع 2: 5)، بعد أن تحوَّل من التهيُّب إلى الجراءة والقُوَّة، من الخوف إلى شجاعِة الأحرار، كل ذلك بعمل الروح القدس وتلك مواهبه الخاصة العُظمى والعجيبة إنها شهادِة الروح القدس نفسه مُؤازِرًا هذه الشهادة بشجاعة لا تُقهر فجرَّد أحِباء المسيح من خوفِهِم وحوَّل بُغضة أعدائِهِم إلى محبة وقبول. وضَّح القديس أُغسطينوس كيف يُحارِب عنَّا الله، فقال: ”لن نصنع بأسًا بالسيف إذ هو ليس بأسًا خارِجيًا، بل هو قُوَّة داخلية، بالله نصنع بأسًا.. لقد سُحِقَ الشُهداء في آلام وصعوبات حتى النهاية، ولكن بالله صنعوا بأسًا، وهكذا داس الله أعداءِهِم“. كشف القديس عن أعماق روحية مُذهِلة في الشُهداء، فاعتبر المسيح قائِد الشُهداء وهم جُنوده الذين يقتفون آثاره، واعتبر أنَّ كلمة ”نشهد“ معناها أننا نصير شُهداء نحتمِل العذابات بسبب شهادتنا.. وأشار إلى ديمومة الاستشهاد لكنيسة كل العصور، وإلى أنَّ الشُهداء في شَرِكَة مع القديسين، وقد أقر ذلك مُسبقًا بقوله: ”كل الأرض قد احمرت من دِماء الشُهداء، والسماء قد أزهرت من أكاليلهُم، والكنائِس قد تزينت برُفاتهِم، والفصول قد تميَّزت بأعيادِهِم، وصحة النَّفْس والجسد قد تشدَّدت بقُوَّتِهِم“. |
||||
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 62 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() سيكلوجية الشهداء | صلواتهم وأدعيتهم لحظة استشهادهم لقد احتفظت لنا الكنيسة في ذاكِرتها بأعمال الشُهداء وأقوالِهِم وبطولاتِهِم واعترافِهِم حتى سفكوا دمائِهِم بفرح، ومن هذه الصلوات والأقوال نتعرَّف على روحهم ومعنوياتهم وسيكولوچياتهم، تلك التي كانوا يعيشونها لحظات تعذيبهم وقبيل ذبحهُم في ميادين الاستشهاد وساحاته، إنَّ هذه الصلوات والأدعية تفصِح عن غِنَى وعُمق النَّفْس الداخلية بتعبيرات تفوق كل أدب وبيان إنشائي.. إنها تكشِف لنا عن معدن هؤلاء البواسِل المُجاهدين، وتربيتهُم وسيكولوچياتهُم، وإيمانهم وسلامِة نياتهُم، وثبات مقصِدهم في تلك الساعة الحاسِمة.. إنها أدعية وصلوات قصيرة سهميَّة مُوجهة إلى الثالوث القدوس، لأنَّ الشهيد، بينما يُعذَّب، كان يُصلِّي ويتضرع ويشكُر ويُناجي الرب الذي عشقه ومن أجله تألَّم، طالِبًا المعونة الإلهية والثبات، طالِبًا الصفح والغُفران، بروح خشوعية تشعُر بعدم الاستحقاق، وكذا الصلاة من أجل المُعذبين، كما فعل إستفانوس رئيس الشمامِسة العظيم أوِّل الشُّهداء مُتمثِلًا أيضًا بدوره بالرب.. ولا يغيب عن بالنا أنَّ سِيَر الشُّهداء منذ العصور المُبكرة للكنيسة قد دخلت ضِمن العبادة الليتورچية، فلا يمكن أن نحتفِل بعيد شهيد إلاَّ من خلال القداس الإلهي. ![]() وهذه الصلوات والأدعية التي ردَّدها شُهداء الكنيسة وهم في القيود والسلاسل مُحاطين بالنيران والأُسود الضارية، والسيوف المسنونة والوحوش الجائِعة، والجنود والحرَّاس مع الغوغاء والسوقة من الجموع الهائِجة الثائِرة إنما هي ترجمة تعبيرية حياتية عن خبرة واختبار طالما عاشوه ومارسوه وتذوقوه ثم أتوا لكي يُختم عليه بالبركة الإلهية، بنوال نعمة إكليل الشهادة.. إنها أدعية تلقائية، وهي أول شهادة على الصلاة الشخصية النابِعة من صميم الحياة الباطنية الأصيلة والمُعبِرة بأقصى ما يمكن من الوضوح عن روح الشهيد المعنوية ونفسيته وهو في طريق الشهادة. وامتزجت هذه الصلوات بالاعتراف بالإيمان في لحظات العذاب والألم وقبل الموت مباشرةً، ولا شئ يمتحِن النَّفْس ويختبِرها أكثر من الموت والعذاب، ولا شيء أعظم من الاستشهاد الذي تنبُع عظمته من الدم والنار والعذاب، والذين سجَّلوا لنا هذه الصلوات كانوا من الشهود الذين عاينوا الأحداث نفسها، وتُعد هذه النصوص من أقدم الصلوات، التي دوَّنها أُناس كانوا قريبين من النار والسيف ثم أسلموا أرواحهم لله. ولم تترُك الكنيسة هؤلاء في السجون بدون زيارة بل حتى في ساحات الاستشهاد وميادين العذابات كانت تقِف لتُشجِع الذين يُلقون في النيران والذين يُصلبون والذين يُلقون للوحوش والذين تتقطَّع أعضاءهم أو رِقابهم بالسيف، ومع فظاعِة العذاب كان المُشجِعون من الكنيسة في سلام تام، وكان المؤمنون يقِفون حول مواقِع التعذيب بعضهم يُصلِّي وبعضهم يُرتِل وبعضهم يكتُب ما تفوَّه به هؤلاء الأبطال من رجال ونِساء، ولعلَّ هذه الصلوات هي أصل قراءِة سِيَر الشُّهداء في الاحتفالات. وهذه الصلوات وإن كانت قد خرجت من قلوبِهِم غير مُرتبة وغير محفوظة إلاَّ أنها كانت تلقائية تُقدَّم لاسم يسوع الاسم الحُلو المملوء مجدًا، الاسم المُبارك والكريم الذي كل من يدعو به يخلُص.. ومن الناحية اللاهوتية هناك عبارات كثيرة تُعبِّر عن الإيمان بالثالوث وبآلام المسيح وفدائِهِ وعمله الخلاصي، مع الإشارة إلى فاعلية وبركات السرائِر المُقدسة. ومن الناحية الروحية هناك اهتمام بسلام الكنيسة وبطلب الغُفران للذين عذَّبوهم..يجتازون العذابات بلا شكوى ولا اعتراض، ومع كل ألم يذوقون مجد المسيح عيانًا برؤيا منظورة ومحسوسة، ويسمعون تشجيع سماوي من طغمات الشُهداء السابقين، بل والمسيح نفسه ترآى لكثيرين ليُعينهم ويسنِد بشريتهُم، لذلك تقدَّموا للشهادة بنفسية هادِئة مُتهلِلة، بعيدة عن التذمُر وروح الانتقام.. وكل الذين شهدوا موت الشُهداء عن قُرب، رأوا سيكولوچيات واثِقة شجاعة، ولمسوا معونة السماء، واطَّلعوا على جمال الأبدية والأصوات الملائكية ورائِحة عِطر دِماء الغالبين التي هي أجمل من رائِحة البخور، فكانت الروائِح السماوية تفوح منهم قبل وبعد الاستشهاد بحسب شهادِة يوسابيوس المُؤرِخ الشهير. لقد تعلَّم الشُهداء أنَّ بدايِة الصِراع مع التنين (الشيطان) هي في المعمودية، لأنَّ المسيح مُخلِّصنا صرع التنين، وكل صلوات المعمودية القديمة تحتوي على اقتباس من (مز 74: 13) ”أنت شققت البحر بقُوَّتك وكسرت رُؤوس التنانين على المياه“. ويتوقع الإنسان المسيحي ديمومة الحرب مع التنين (الشيطان) لكي ينتصِر المسيحي عليه بقُوَّة المسيح، وتُؤكِد هذه الصلوات وقِدَمِها على الأصالة والقُوَّة، في وصف سيكولوچية شُهداء الكنيسة الأمجاد. فعندما يبلُغ الشهيد لحظِة الاستشهاد، بعد العد التنازُلي، تأتي لحظِة الحُب المُشبَّع بالإيمان والرجاء الحي، فيتكلم الشهيد بما ليس من عنده، لأنَّ روح الله يُعطيه ما يتكلَّم به. لذلك كان المسيحيون يتقاطرون حول الشُهداء في لحظاتِهِم الأخيرة يتنسمون رائِحتهِم ويتلمسُّون بركَتِهِم ويتقبلُّون نصائِحهِم ويتزاحمون على لمس أجسادِهِم ويأخذون بَرَكِة دمائِهِم. قد يظن البعض أنَّ الشهيد حينما يُواجِه حكم الموت، يفقِد فلسفته في الحياة ودُعابتها المُقدسة، كأن يكتئِب ويتجهَّم مثلًا ويصِر بأسنانه ويضيق ذراعًا بمُضطهديه... لكن هذه الصلوات والطِلبات والزفرات الروحية إنما تكشِف عن فلسفة الموت عند شُهداء الكنيسة، ويذكُر الأدب الاستشهادي، نماذِج من صلوات أُولئِك الذين واجهوا الموت إكرامًا لاسم الفادي. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 63 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() روائع من صلوات الشهداء قبل استشهادهم
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 64 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() من صلوات القديس أغناطيوس الأنطاكي قبل استشهاده ![]() القديس أغناطيوس الأنطاكي: ”أحد الآباء الرسوليين سنة 107 م“ ”أنا حِنطة الله!! فلأضرِّس بأسنان الوحوش حتى أصير خُبزًا طاهِرًا للمسيح، مرحبًا بالنار والصليب والوحوش الضارِية، والتمزيق والتقطيع وخلع العِظَام وسحق الجسد كله، فلتقع عليَّ أشر الضربات المُبتكرة من إبليس، إذا كانت كل هذه من شأنها أن تُعدِّني لأن ألتقي بيسوع المسيح، هذا الذي أسعى إليه، ذاك الذي مات عنَّا، هذا هو من أُريده الذي قام لأجلِنا، إني أُحِس الآن بآلام المُخاض، ترفقوا بي يا إخوتي لا تحرموني من الحياة الحقيقية، لا تسعوا في تعطُّل موتي، اُترُكوني ألحق بالنور الحقيقي دعوني أقتدي بآلام إلهي“. هذه هي مشاعِر ونفسية شهيد كنيسة أنطاكية، وتلك هي كلماته القلبية التي سجَّلها لنا التاريخ، علاوة على رسائِله الفريدة من نوعها في الأدب المسيحي خلال العصور الأُولى، لأنها كُتِبَت وهو مُقيَّد بالسلاسِل، ومُحاط بعشرة جنود (شبَّههُم بالفُهود) يُشدِّدون الحراسة عليه، هذه الرسائِل تحتوي على تماجيد وأدعية موجَّهة للثالوث القدوس.. إنه يُصلِّي للآب بيسوع المسيح ابنه بعد أن امتلأ من الروح القدس، إنها صلوات سهميَّة تلقائيَّة تتضمن الشُّكر والاعتراف والشهادة.. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 65 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() من صلوات الشهيد بوليكاربوس قبل استشهاده الشهيد بوليكاربوس (الكثير الثِمار): ”أسقف سمِيرنا (167 م)“ كان يُناهِز السادسة والثمانين من عُمره لحظِة القبض عليه، وقيل عنه أنه اشتهى الآلام في موته كما في حياته فامتاز باستشهاده الرائِع. ![]() وعندما وصل الجنود المُكلفون بالقبض عليه، كان الطلب الوحيد الذي ترجاه منهم هو أن يسمحوا له بساعة زمن يصلي فيها، وفي صلاته ذكر كل من عرفه على الإطلاق وكل الكنيسة الجامِعة في كل المسكونة. أوثقوه وشدُّوه إلى قطعة من الخشب مُثبتة في الأرض ويداه وراء ظهره، وكأنه حَمَل مُختار مُفرز من بين قطيع كبير عظيم لكي يكون ذبيحة ومُحرقة مقبولة لدى الله، وعندئذٍ رفع عينيهِ إلى السماء وقال: ”أيها الرب الإله الضابِط الكل، أبا يسوع المسيح، ابنك المحبوب المُبارك، الذي به عرفناك يا إله الملائِكة والقُوَّات، يا إله كل خليقة، وكل جِنس الأبرار الذين يحيون في حضرِتك، أُبارِكك لأنك جعلتني أهلًا لهذا اليوم ولهذه الساعة، وأهلًا لأن أُحسب في عِدَاد شُهدائك، ولأن أُشارِك في كأس مسيحك، والقيامة في الحياة الأبدية لكل النَّفْس والجسد، والحياة بالروح القدس، الحياة التي لا تقبل الفساد... ليتني اليوم أكون مقبولًا معهم قُربانًا عزيزًا في عينيك حسب ما أعددتني لذلك مُسبقًا وأنبأتني، وها أنت قد أكملت وعدك، يا إله الأمانة والحق.. من أجل نِعمِتك ومن أجل كل شيء أُسبِّحك وأُبارِكك وأُمجِّدك، برئيس كهنِتنا الأبدي السمائي يسوع المسيح ابنك الحبيب الذي به يليق لك وللروح القدس المجد..“. وعندما طُلِب من القديس بوليكاربوس الذي يعني اسمه ”المُزهر أو المُثمِر أو الكثير الثِمار“ أن يلعن المسيح مُخلِّصنا رد على مُضطهديه قائِلًا:- ”لقد خدمت المسيح ستة وثمانين عامًا، ولم يصنع بي شرًا، فكيف أُجدِّف على مَلِكي الذي خلَّصني؟! إنك تُهدِّد بالنار التي تحرِق إلى حين ثم تُخمد، لأنك تجهل نار العِقاب الأبدي المُعد للأشرار.. افعل ما تُريد ولا تتأخر..“. فصار جسده لا جسم يُحرق بل كخبز ينضُج وذهب وفضة يُنقَّى في فرن يُشتّم منه رائِحة العُطور. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 66 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شهداء ليون شُهداء ليون عام 177 م: ”The Martyrs of Lyons“ في صيف 177 م حدثت واحدة من أفظع الضيقات في تاريخ الكنيسة الأُولى، وقد حُفِظَت لنا هذه القصة، في التاريخ الكنسيليوسابيوس القيصري (الكِتاب الخامِس في الفصول من 1 – 3).. وهذه الضيقة بسبب ما تصِفه من بساطة وإخلاص وقبول عذابات مُرعِبة جزءًا لا يُضارع في تاريخ الكنيسة. وهذه رسالة كنيسة ليون التي تتحدث عن أعمال شُهدائها:- ![]() ”كانت تقودنا نعمة الله إلى ساحِة الجهاد والاستشهاد، وعندما تتحدث عن أحد شُهداء ليون الجديرين بالإعجاب يُدعى يونتيسيوس، نقول: أنه وصل إلى مِلء المحبة من نحو الله ومن نحو القريب، أي من نحو الآخرين أيَّا كانوا، لقد بلغ إلى كمال حقيقي في أسلوب حياته، حتى أنه، بالرغم من حداثته، قد حقَّق المثل الأعلى، يسير في كل طريق ووصايا الله وأوامره دائِمًا بلا لوم، مُبادِرًا بلا كلل إلى خدمة القريب، مُتقِدًا بالغيرة في بذل حياته كلها لله حارًا بالروح... وبقية الشُهداء ظلوا راسخين في الإيمان غير مُتزعزعين رغم شدة العذاب وتنوعه " هؤلاء، فإنَّ الذي خفَّف من وطأة الألم عليهم فرحِة الاستشهاد ورجاء المواعيد المُنتظِرة ومحبتهم للملك المسيح وللروح الباراقليط "“. وفي الواقِع لم يكن الشُهداء بلا افتقادات من النعمة الإلهية بل كان الروح القدس لهم مُشيرًا... حتى أنَّ أسقف طاعِن في السِن (بوثين) بالغ من العُمر تسعين سنة، كان جسده يدِب فيه الذُبول بسبب الشيخوخة، لكن السيِّد المسيح حفظ روحه قوية لينتصِر في حرارِة الروح ورغبة الاستشهاد... والعبدة الضعيفة الواهية بلاندينا أخمدت بشجاعة أولئِك الذين كانوا يتناوبون على تعذيبها بكل نوع من الصباح حتى المساء، حتى أنهم أنفُسهم أقرُّوا أنهم هُزِموا، لكن هذه المُطوبة وكأنها بطل شديد البأس، داومت على الجهر باعترافها بالإيمان مرة أخرى مُتشدِّدة بينبوع الماء السمائي المُحيي الخارِج من جنب المسيح.. وكان جسدها الجدير بالشفقة شهادة حيَّة لما حدث، ومع هذا كان المسيح الذي يتألَّم فيها يعمل الأعاجيب الكبيرة، مع أنها عبدة ضعيفة مُزدرى بها، إلاَّ أنها توشحت بالمُصارِع الذي لا يُقهر ربنا يسوع المسيح، فرحة مُتهلِلة كمدعُوة إلى حفلة عُرس وليس للإلقاء للوحوش في حديث مُتبادِل مع رب المجد، فصارت لإخوتها كعِظة صامتة.. ولا يمكن لمرور الزمان أن يحجِب مجد شُهداء ليون، بل وتُعتبر بلاندينا Blandina من بطلات الاستشهاد في العالم كله، وكان الشُهداء يقبلون التعذيب الجسدي على أنه أمر طبيعي، سواء ألقوا بهم في حجرات السجن المُظلِمة القذِرة، أو أمام هدير صيحات الجمهور الغاضِب في المُدرجات الرومانية. ويروي أحد الناجين عن الشماس سانكتوس Sanctus، أنَّ أوصاله كانت تحترِق، ولكنه لم ينحنِ ولم يخضع لأنه كان يتقوى بالنبع السمائي، نبع ماء الحياة النابِع من جسد المسيح، وهكذا كان الأمر مع باقي الشُهداء. وتُعتبر رسالِة ليون من أشهر ما كُتِب في الأدب المسيحي، فقد جعلت للشُّهداء طغمة مُنفرِدة، وكان الموت فقط هو ما يجعل المسيحي شهيد كامِل Perfect Martyr، ورفض الشُهداء أن يُلقبوا بلقب ”شهيد“ قبل أن ينالوا إكليل الشهادة، وكانوا ينظُرون لأنفُسهم على أنهم مجرد مُعترِفين حقيرين Humble Confessors لأنهم لم يُكمِّلوا شهادتهم بعد، وقد أفصحت نهايِة الرسالة عن الوداعة والاتضاع والحب الذي تحلَّى به هؤلاء البَرَرَة: ”ولكن إذا ما دعاهم أحد "شُهداء" سواء في رسالة أو خُطبة كانوا يُوبخونه، لأنهم كانوا يُقدِّمون لقب الشهادة فقط للمسيح الشهيد الصادِق الأمين، الحقيقي وحده، البِكر من الأموات، رئيس الحياة وملك الدُّهور، وكانوا يُذكِّروننا دائِمًا بالشُهداء الذين أكملوا شهادتهم فعلًا، ويقولون: ”هؤلاء هم شُهداء فعلًا، الذين تعطَّف المسيح ومنحهم أن يضُمهم إليه عند اعترافهم، بعد أن خُتِموا ودمغوا شهادتهم بخِتم رحيلهم من العالم، لكننا نحن مُعترِفون ذليلون وحقيرون“.... وكان شُهداء ليون يترجون الأُخوة بدموع طالبين منهم أحر الصلوات من أجل تكريسهم ونذرهم وإتمام شهادتهم وكمالها، وقد أظهروا فعلًا قُوَّة الشهادة، وكانت شجاعتهم باسِلة أمام الوثنيين، مُعلِنين نُبلهُم وشجاعتهم بتحمُّلهم وعدم خوفهُم... ولكنهم في ذات الوقت كانوا يرفُضون لقب " شهيد " لأنهم كانوا مملوؤن من خوف الله“. والخشبة التي رُبِطت إليها بلاندينا في المُدرج شُبِّهت لعينيها بالصليب، ورأى المُعترِفون بأعينهم الخارجية في مشهد آلام بلاندينا، السيِّد الذي صُلِب من أجلهم... أمَّا بلاندينا فرأت مجد الفردوس عيانًا... |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 67 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() من صلوات الأسقف الشهيد فيلكس قبل استشهاده الأسقف فيلكس الشهيد: تفصح صلاة هذا الأسقف عن نفسية شُهداء الكنيسة وقت شهادتِهِم: ”أشكرك يا رب، كم أنت رحيم لأنكَ منحتني هذا الانعتاق، أشكرك يا الله، عِشت 56 سنة في العالم، حفظت أنت نفسي في البتولية، اتبعت وصايا الإنجيل، بشَّرت بالإيمان وكرزت للحق وحده، يا رب إله السماء والأرض – يا يسوع المسيح – أيها الطويل الأناة، أنا أحني رقبتي كذبيحة لك وحدك، المجد والعظمة لك دائِمًا في كل الدهور“. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 68 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() من صلوات شهداء أبيتين قبل استشهادهم ![]() شُهداء أبيتين Abitine (شمال أفريقيا) 304 م: قدَّم أحدهم نفسه بفرح إلى الاستشهاد، وإذ تمزَّق بالأمشاط الحديدية صاحَ قائِلًا ”Deo Gratsias نشكُر الله“، وبينما هو مُضرج في دمائِه صلَّى هذه الطِلبة طالِبًا الصفح عن مُعذِبيه: ”الشُّكر لك يا الله، ابن الله، بقوة اسمك خلِّص عبدك، يا الله ضابِط الكل لا تحسِب هذه الخطية عليهم، أمَّا أنتم فعليكم أن تُطيعوا وصايا الله، اغفِر لهم يا الله من أجل اسمك، أعطِهم القُوَّة ليتحمَّلوا ما أتحمله أنا، وخلِّص عبدك من السجن، سِجن هذا العالم، الشُّكر لك، بالحقيقة لا أستطيع أن أشكُرك بما فيه الكفاية، وبما يستحِق حُبك، إنَّ هذا الألم لمجد اسمك يا رب، أنا أشكرك عليه... أنت إله كل القُوَّات، أيها الرب يسوع المسيح، نحن مسيحيون، نحن عبيدك، وأنت رجاؤُنا ورجاء كل المسيحيين، يا الله الكُلي القداسة والكُلي العظمة والكُلي القُدرة والضابِط الكل نُسبِّحك ونُسبِّح اسمك، لا تجعل لي سبب يُؤدي بي إلى الخجل، أرجوك يا يسوع ارحمني، يا ابن الله ساعدني، اقبل تسبحتي، خلَّصني، لأجلك أتألَّم وكم أنا سعيد بذلك، أعطني القُوَّة لكي أحتمِل الآن وإني واثِق في أنكَ سوف تُعطيني الحياة“.. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 69 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() من صلوات كاربوس، بابيليوس، أجاثونيك قبل استشهادهم ![]() كان كاربوس أسقفًا وبابيليوس شماسًا أمَّا أچاثونيك فهي امرأة مُتزوجة وقد أُحرِقَ الجميع بالنار في برجامون بتركيا، ويُحدِّد العالِم الألماني Altaner تاريخ استشهادهُم خلال حكم أوريليوس أي ما بين (161 – 180)، ويقول شاهِد عيان: ”عندما رأى بابيليوس أكوام الخشب المُعدَّة للنار رفع عينيهِ إلى السماء وقال: (يا ربي يسوع المسيح اقبل روحي). وحالما دفعوه في النار نال إكليل الشهادة على الفور، أمَّا كاربوس الأسقف فقد ربطوه في العمود وعندما أشعلوا النار وبدأت ألسنة النار تحرقه صرخ بصوتٍ عظيم وقال: (البركة لك يا ربي يسوع المسيح ابن الله لأنكَ جعلتني مُستحِقًا أن أشترِك معك في هذا المصير، رغم أنني خاطِئ)، وبعد ذلك أسلم الروح، وعندما جاء دور أچاثونيك قالت: (يا رب، يا رب، يا رب أسرِع إلى معونتي لأنني ألتجِئ إليك كحِصني)“. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 70 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() من صلوات لوسيان، مرقيان قبل استشهادهم كلاهُما قُتِل بالسيف في نيقوميديا في اضطهاد ديسيوس سنة 250 م وقبل قتلِهِما صليا معًا ”نُقدِّم لك تسبيحنا الفقير الذي لا يليق بك يا ربي يسوع المسيح، لأنك دافعت عنَّا، اغفِر لنا نحن جُبلتك غير المُستحقين، أنت أتيت بنا من ظلام الوثنية، وبرحمتك أتيت بنا إلى هذه الآلام المجيدة، وهي شرف نناله لأجل اسمك، الشُّكر لك لأنكَ أعطيتنا نصيبًا في مجد قديسيك، في يديك نستودِع نفسينا وروحينا“. |
||||
![]() |
![]() |
|