منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16 - 05 - 2014, 04:14 PM   رقم المشاركة : ( 51 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

وثائق تاريخية عن عصر وأعمال الشهداء | أنواع العذابات التي احتملوها


كتب لنا مُؤرِخو الكنيسة والثُقاة، عن أنواع العذابات والميتات التي اجتازها الشُهداء أحِباء المسيح الذين عُذِبوا ولم يقبلوا النجاة من أجل قيامة أفضل مع المسيح في الدهر الآتي والحياة الأبدية.
ولأنَّ الموت كان يُوافي الشُهداء والمُعترفين بعد سلسلة من الآلام والتعذيب الجسدي والنفسي والمعنوي، لذلك حفظ لنا تقليد الكنيسة (التاريخ الكنسي) أنواع العذابات الكثيرة التي احتملها الشُهداء ومنها:

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

St-Takla.org Image: Saint Justin Martyr, Yostinos, Youstinous el Modafea
صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس الشهيد يوستينوس المدافع
(1) قطع الرأس بالسيف.
(2) الحرق.
(3) الصلب.
(4) الإلقاء للوحوش المُفترِسة.
(5) الاستعباد.
(6) النفي.
(7) الجَلْد بالسِياط.
(8) الضرب بالعصي.
(9) الإلقاء في النيران.
(10) الحبس في السجون.
(11) الإلقاء في بُحيرات جليدية.
(12) السلخ.
(13) نشر الجسم.
(14) صب القار المغلي.
(15) بتر الأعضاء.
(16) الشنق.
(17) مرور العجلات المُسنَّنة فوق جسم المُعترِف.
(18) السحل.
(19) العصر بالهنبازين.
(20) تشويه الأجساد.
(21) دفن الإنسان حيًا.
(22) العذابات المُخجِلة.
(23) بقر بطون الحوامِل.
(24) شطر المسيحي نصفين بشجرتين مُتقابلتين.
لقد قال الفيلسوف المسيحي يوستين الشهيد ”لا تكونوا غير عادلين حتى تحكموا علينا دون أن تسمعونا“، وبنفس المعنى قال لهم أثيناغوراس المُدافِع الأثيني ”أنتم تُنزِلون بنا العِقاب لمجرد كوننا مسيحيين“، ولكن بقدر وحشية العذابات ودمويتها بقدر الأمجاد والتعزيات والأكاليل التي التحف بها عبيد الرب.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:17 PM   رقم المشاركة : ( 52 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

نهاية المُضطهدين

احتفظ التاريخ بوثائِق تتضمن أحداث نهايِة مُضطهدي الكنيسة فقد كتب لكتانتيوس Lactantius المُدافِع المسيحي كتابًا أسماه ”نهايِة المُضطهدين De Martilus Persecutorum“ وكان هدفه من هذا الكتاب أن يُثبِت نهايِة الوثنية وصحة المسيحية التي جعلته يتنصَّر بعد أن كان وثنيًا.. وكتب كِتابه هذا لتمجيد اسم الله الذي لا يدع عصا الأشرار تستقِر على نصيب الصِّدِّيقين، وليبرُز الغضب الإلهي الذي وقع على مُضطهدي الكنيسة عروس الحَمَلْ، وكيف أنَّ الكنيسة التي اضُطهِدت قبلًا، نُهِضَت ثانيةً، بعد أن وضع الله نهاية لكل مكايِد الأشرار وجفَّف دموع الكنيسة، والذين جدِّفوا على الإلهيات طرحهم إلى أسفل، والذين عذَّبوا الأبرار ماتوا وسط الضربات الإلهية.
نيرون
إنتحر في الثانية والثلاثين من عُمره، ولم يعرف أحد أين قبره.
دوميتيان
قُتِل وهو على عرشه، بعد أن سلِّمه الله ليد أعدائِهِ، وشُهِّر به بعد أن مُحِيَ اسمه.
ديسيوس
ذُبِح هو وابنه وأعداد غفيرة من جيشه، ونهشت الوحوش جسده.
ڤالريان
أُخِذَ في الأسر ، وقضى بقية أيام حياته عبدًا أسيرًا.
أورليان
ذُبِح بيد أقرب المُقربين إليه.
دقلديانوس
أُصِيب بلوثة عقلية، فعُزِل بعد أن تجنَّن.
مكسيميانوس
شنق نفسه مُنتحِرًا.
جالريوس
ضُرِب بالقروح البَشِعة، وأخذ الدود يأكل جسمه.
يوليانوس
مات مقتولًا برُمح في جنبه.
أين هؤلاء؟ إنهم ماتوا جميعًا شر ميتة، أمَّا هؤلاء، أحباء المسيح فقد ماتوا ميتة يُمجِّدون بها عريسهم السماوي...
الذين اضطهدوا، ذُلُّوا وسقطوا فماتوا... أمَّا الذين اضُطِهدوا، فتمجَّدوا وتكلَّلوا ليحيوا مع الحي إلى أبد الآبدين...
ويشهد المُؤرِخ شاف Schaff ”نحن لا نعرِف دِيانة أخرى استطاعت أن تصمُد هذا الزمان وتنتصِر على أعداء كثيرين بالقوَّة الروحية وحدها دون اللجوء إلى الوسائِل المادية“.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:20 PM   رقم المشاركة : ( 53 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

علم المارتيرولوجي Martyrology

للاستشهاد في المسيحية فلسفة روحية عميقة، تستنِد إلى حياة روحيَّة إنجيليَّة، وقد عالج آباء الكنيسة تلك الفلسفة التي تعلَّق بها المسيحيون من جميع الطبقات والثقافات والأجناس والأعمار..
ويضُم عِلْم المارتيرولوچي دوافِع الاستشهاد وفلسفته الروحية العميقة، لا كفكرة طارِئة ساذِجة اعتنقها بُسطاء المسيحيين، لكن كقصة الكرازة بالمسيحية..
إنه العِلْم الذي يفوح منه رائِحة مِسْك هؤلاء الشُهداء وعِطْر آلامهم، فيتناول سِيَر الشُّهداء وأعمال شهادتهم وأقوالهم وأدعيتهم وعذاباتهم وفِئاتهم، وموقِف الكنيسة من الاضطهاد، وسلوك المسيحيين في الكنيسة الأولى..

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"
كما يتناول هذا العِلْم الآبائي تطور مفهوم الشهادة، وموقِف المسيحيين وسط العالم في حُقبة الاضطهاد، وكيف أعدَّت الكنيسة أولادها للاستشهاد،.. وبالجملة كل ما يخُص الأدب الاستشهادي..
لقد كان الاستشهاد شرارة مُنيرة، أُلقِيَت في أعماق نِفوس الآباء الداخلية، فاشتعل الحب فيهم، وصار العِشق الإلهي لهيبًا، يجتذِبهم إلى جماله غير المنطوق به، ليجعلهم شُهودًا وشُهداء، فحملت كنيستنا أمام العالم سِمَة التَّعدُّد والتنوع، ووقفت أمام العالم كابنة الملك المُلتحِفة بثِياب مزركشة، تُقدِّم شهادِة الدم التي كتب عنها آباء الكنيسة ومُعلِميها، لتلمس أوتار كثيرة لقلوب الكثيرين، بعد أن جاءت أعمال الشُهداء أمثلة حيَّة في الدفاع عن الإيمان المسيحي بكل مجاهرة، وكتب لنا عنها مُعلِّمو البيعة المُقدسة...
فكما تقدَّم كثير من المسيحيين من كل الفِئات والأعمار والثقافات للاستشهاد بفرح، كذلك انبرى آباء الكنيسة في الدفاع عن الإيمان، هؤلاء الآباء دُعوا بالمُدافعين The Apologists، ليردوُّا على الاتهامات ويكشفوا ضلال الوثنية وجمال روحانية المسيحية...
ويعتبِر القديس كوادراتِس Quadratus أقدم المُدافِعين المسيحيين، الذي قدَّم دِفاعه للإمبراطور هادريان، وأرستيدس Aristides من رجال القرن الثاني، وأرِسطون Ariston الذي دافع عن المسيحية ضد اليهود، والشهيد يوستين Justin الذي كتب دفاعين وحوار مع اليهودي تريڤو Tryho وغيرهم من المُدافعين..
كتب الفيلسوف يوستين عن تأثُّره العميق الذي انطبع في نفسه من رؤيِة الشُهداء المسيحيين فقال: ”في الوقت الذي كنت أستمتِع فيه بمبادِئ أفلاطون، وفي الوقت الذي كنت أستمِع فيه إلى المتاعِب التي يتكبدها المسيحيون، قلت لنفسي: حيث أني رأيتهم لا يرهبون الموت حتى وسط الأخطار التي يعتبِرها العالم مُرعِبة، فمن المُستحيل أن يكونوا أُناسًا يعيشون في الشهوة والجرائِم“.
وقال عن نفسه: ”لقد طرحت جانِبًا كل الرغبات البشرية الباطِلة ومجدي الآن في أن أكون مسيحيًا، ولا شئ أشتهيه أكثر من أن أواجِه العالم كمسيحي“.
لقد فنَّد يوستينوس كل ادعاءات اليهود وافتراءاتِهِم، وبيَّن أنَّ اليهودية لم تكن سوى مُقدمة للمسيحية، وأنَّ اليهود وِفقًا للعهد القديم عليهم أن يُؤمِنوا بالمسيح.
ويقول يوسابيوس القيصري عن استشهاد يوستين في مدة حكم أوريليوس سنة 161 – سنة 169 م أنَّ في ذلك اليوم كان معه ستة آخرون، ولما اقتُيدوا للوالي الروماني روستيكوس Rusticus:
قال يوستين: ”نحن لا يمكن أن نُلام أو نُدان لطاعِتنا وصايا مُخلِّصنا يسوع المسيحلقد جاهدت أن أُحيط بكل العقائِد، ولكني آمنت بالعقيدة الحقيقية، أي تلك التي للمسيحيين، حتى لو كان يرفُضها الذين لديهم اعتقادات باطِلة... نعم أنا مسيحي وأرجو أن أنال هِبات الله إذا تحمَّلت هذه الآلام، إني مُتيقِن من هذا... لقد صلَّينا أن نتألم من أجل ربنا يسوع المسيح، لكي بهذا نخلُص، إنَّ هذا سيمنحنا ثقة وتأكيد لخلاصنا، عندما نقِف أمام منبر ربنا ومُخلِّصنا“... عندئذٍ ذهب الشُهداء القديسون إلى المكان المُعَد لهم وهم يُمجِّدون الله، حيث قُطِعَت رُؤوسِهِم.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:23 PM   رقم المشاركة : ( 54 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

كلمنت السكندري ومفاهيم استشهادية

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"
وفي سنة 211 م.، كتب أكليمنضُس الأسكندري نُصحًا لليونانيين Protrepticus ليوضح لهم خِسَّة الوثنية فيقبلوا الإيمان المسيحي والاستنارة الروحية الفعَّالة... ولُقِب القديس أكليمنضُس الإنسان الحقيقي الذي له شَرِكَة اتحاد مع الله ”شهيدًا“، لأنَّ الاستشهاد في نظره ليس من بطولة الشهيد بل في الشهادة للحق المسيحي، الذي يجعل الشهيد يحتمِل بشجاعة آلامًا تفوق ما تحتمِله الطبيعة البشرية..
واعتبر القديس أكليمنضُس السكندري أنَّ المسيحي الحقيقي لا يضطرب من شيءٍ ما.. لا يخشى الموت ولا يخافه، لأنَّ له الضمير الصالِح الذي يهيَّأه لمُعاينة القوات السمائية.
وركِّز القديس على أنَّ الاستشهاد أمر أساسي في حياة كل مُؤمِن، لأنَّ الاستشهاد ليس مجرد سفك دم، ولا مجرد اعتراف شفوي بالمسيح لكنه مُمارسة كمال العِشق الإلهي..
واعتبر القديس أنَّ الجميع مدعوون للاستشهاد ولنوال الإكليل، نساءً ورجالًا عبيدًا وأحرارًا.
وقنَّن القديس أكليمنضُس الشهادة رافِضًا التقدُّم لها باندفاع وتهور، واعتبر أنَّ الاستشهاد كأس نشربه من أجل الكنيسة، لابد أن نُطيعه بسهولة، بعد أن نتحرر من الآلام مُقدمًا، ونروض المُضطهد ونُقنِعه بحب بلا مُقاومة..
تحدَّث القديس من واقِع خبرته الخاصة التي عاشها في عصر الاستشهاد ولمس ثمرته الحيَّة في حياة الكنيسة، فأكَّد على حتمية الاستشهاد واعتباره كمال المحبة وقانونية الشهادة العملية، مُعتبِرًا أنَّ الاستشهاد كمال teleiotes لأنَّ فيه يظهر كمال عمل المحبة، وأنَّ كل نَفْس تعيش في معرفة الله ومخافته تشهد بحياتها كما بالكلام..
والاستشهاد عند القديس أكليمنضُس خِبرة حياة يومية تُعاش وتُختبر حتى تبلُغ قمة العمل (عند الدم)، مُعتبرًا أنَّ الاستشهاد تنفيذ لوصايا الرب من خلال الحب، في كل عمل يُمارس طاعة لإرادِة المُخلِّص..
وبالجملة نجد أنه رأى في الاستشهاد إعلان لعمل التوبة اليومية، مُؤكِدًا على الحُب نحو الله في حياة وعمل الشهيد، مُعتبِرًا أنَّ من يقوم بإثارِة المُضطهدين يُحسب مُجرِمًا لأنه يُثير وحوش كاسِرة.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:24 PM   رقم المشاركة : ( 55 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

أوريجانوس العلامة ونفسية الاستشهاد

ثم جاء العلاَّمة أوريجانوس، الذي عاش في بيت له نفسية الاستشهاد، فقد أُلقِيَ القبض على لاونديوس أبيه ووُضِع في السجن، أمَّا ابنه أوريجانوس فكان يتوق أن ينال إكليل الاستشهاد مع والده، فمنعته أُمُّه من تحقيق رغبته بإخفاء ملابِسه.. فأرسل إلى أبيه يحثُّه على الاستشهاد قائِلًا له:
”إحذر أن تغيَّر قلبك بسببنا“
قُبِض على أوريجانوس سنة 250 م. في زمان الاضطهاد الذي أثاره ديسيوس، وأُلقِيَ في السجن ونالته عذابات شديدة، لكنه لم يستشهِد بل أُفرِجَ عنه، بعد أن وُضِع في طوق حديدي ثقيل ورُبِط بمقطرة أيامًا كثيرة.

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"
كتب العلاَّمة أوريجانوس سنة 235 م. كِتابه ”الحث على الاستشهاد“، وقد أفرغ فيه خُلاصة اشتياقاته وخِبراته، وأرسله إلى صديقيهِ الحميمين أمبروسيوس وبروتوكيتس كاهن قيصرية، اللَّذينِ قُبِضَ عليهما، وطُرِحا في السجن، فوجَّه لهم مقاله Exhortatio Martyrium حث فيه على الاستشهاد وحذَّر من عبادِة الأوثان وقدَّم أمثلة للاستشهاد وتحدَّث عن وجوب الاستشهاد وأنواعه..
تكلَّم العلاَّمة أوريجانوس عن المُجازاة والجعالة المُعدَّة في السماء للمُضطهدين لأجل البِّر، وأشرك الطبيعة في فرحِة الشهادة لاسم الله، فوصف ابتهاج الملائِكة وتصفيق الأنهار بالأيادي وترنُّم الجِبال وتصفيق شجر الحقل بالأغصان من أجل الدفاع عن المسيحية...
اعتبر العلاَّمة أوريجانوس أنَّ الاستشهاد الكامِل ليس فقط علانية بل في الخفاء أيضًا كشهادة ضمير وإماتة من أجل الله..
دخل العلاَّمة أوريجانوس إلى مُشاركة الشُهداء أتعابهم، وتلمذ كثيرين فصاروا شُهداء، إذ يقول: وُجِدَ وقت كان فيه الناس مُؤمنين بحق، حيث كان الاستشهاد هو عقوبة حتى لمن يدخل الكنيسة.. ووقفت الكنيسة كلها دون أن تتزعزع، وكان الموعوظون يتلقون التعليم الإيماني وسط الاستشهاد، ونظر العلاَّمة أوريجانوس للاستشهاد على أنه أحد البراهين على صحة الحق المسيحي واستمرار لعمل الخلاص...
رأى العلاَّمة أوريجانوس أنَّ غُفران الخطايا يستحيل بدون العِمَاد، لكنه أُعطِيَ للُمعمدين معمودية الدم. وكتب عن الأمجاد التي كلَّلت الكنيسة وسط الضيق، واصِفًا غلبة الشُهداء للعذابات واعترافهم بغير خوف بالله الحي، والأعمال البطولية العجيبة التي كانت للمؤمنين القليلي العدد، لأنهم بحق مُؤمنين يتقدمون في الطريق المُؤدي للحياة، موضحًا أنه لابد أن يكون استشهادهم بحسب مشيئة الله وبتبصُّر وصحو ورزانة، فالرب يُعلِّمنا أنه ليس بعدم بصيرة يذهب أحد إلى ساحِة الاستشهاد...
تطلَّع إلى الاستشهاد كواجِب كل مسيحي يرغب في الاتحاد بالله، ويشتاق للساعة، حتى أنه قال في محاورته مع هيراقليدس: ”أحضروا الوحوش، أحضروا صُلبانًا، أحضروا نارًا، أحضروا عذابات، لنستريح مع المسيح“، ورأى العلاَّمة أوريجانوس أنَّ الاستشهاد مُؤسس على النموذج الأمثل للحياة كما حدَّدها الإنجيل.
ربط العلاَّمة أوريجانوس بين الاستشهاد وذبيحة الصليب، على اعتبار أنَّ ذبيحة الحَمَل لها انعكاسها في بذل دم الشُهداء الذين يبذلون دماءهم واعترافهم وغيرتهم على الصَّلاح، فالموت يُصبِح ثمينًا، ليس الموت العقيم غير المُثمِر في السماوات، بل ذلك الموت المُقدس من أجل الإيمان المسيحي.
رأى العلاَّمة أوريجانس ارتباط الشُهداء بالمسيح نفسه، وفي استشهادهم ضرورة للخلاص، وأنَّ كل من يبغى الخلاص ليسترِد روحه أفضل، يُقدم للموت، فكل من يحمِل شهادة يرتبِط مع من يشهد له ويصير واحدًا معه كالعريس والعروس، فالاستشهاد ذبيحة حُب مُرتبطة بذبيحة الصليب، لأنها ذبيحة غير مُنفصِلة عن ذبيحة المسيح نفسه..
وعن بركات الاستشهاد والاشتياق له يقول:
”من أجل المُكافأة أتمنى -لو كنت شهيدًا- أن أترُك ورائي أطفالًا وحقولًا وبيوتًا حتى يُمكنني أن أكون أبًا لأضعاف مُضاعفة من الأطفال القديسين، وأتمتع بهذه الأُبوَّة في حضرِة الله الآب“.
ويصِف العلاَّمة أوريجانوس نفوس الذين ماتوا على الإيمان بالمسيح، وهي في انطلاقها، كيف تسحق قُوى الشياطين وتُحبِط كل مكائِدهم ضد الناس، ويُؤكِد قائِلًا: أنَّ قُوى الشر تُعاني الانكسار بموت الشُهداء القديسين وكأنما صبرهم وحُسْن اعترافهم حتى الموت وغيرتهم على التقوى قد غلبت نِضال قُوى الشر المُتآمرة على الشهيد، وأنهت قُوَّتهم وأضاعتها، وكثيرون ممن أسقطوهم وألقوهم أرضًا كانوا يرفعون هاماتهم حرة مُتحررة من وطأة قُوى الشر التي جثمت على صدورهم وآذانِهِم...طالما انتفع الكثيرون من موت الشُهداء بقُوَّة لا يمكن التعبير عنها.
وفي عام 250 م. بدأ الاضطهاد في حبريِة البابا ديونيسيوس بابا الأسكندرية الذي قدَّم لمسات سريعة لشُهداء الإسكندرية في ذلك الوقت وكتب رسالته إلى دومثيوس وديديموس، ورسالته إلى فابيوس أسقف أنطاكية.
استبقاه الله ليُشدِّد الشعب أثناء الاضطهاد وفي المجاعات والأوبئة، وبالرغم من القبض عليه، إلاَّ أنَّ شعبه حمله من يديه ورِجله ودفعوه دفعًا داخل البطريركية.
وفي نهايِة كل اضطهاد كان يضُم المُرتدين، بعد أن كتب دِفاعات ورسائِل كثيرة، وهو الذي رأى أنَّ الاستشهاد في الدفاع عن وحدة الكنيسة لأفضل من الاستشهاد لأجل الامتناع عن عبادة الأوثان، ففي هذا مُحافظة على خلاص نفس واحدة وفي تلك مُحافظة على خلاص الكنيسة كلها..
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:25 PM   رقم المشاركة : ( 56 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

الاستشهاد من الأسرار الكنسية | الأنبا بطرس الأول

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"
واعتبر البابا ديونيسيوس الكبير الاستشهاد سِر كَنَسِي لذلك قال: ”الشُهداء القديسون الذين هم الآن جُلساء المسيح وشُركاء ملكوته ومُشترِكون معه في الدينونة والقضاء هم وحدهم الذين خلصوا بدون معمودية“.
وعندما انتشر الطاعون في الإسكندرية، خرج المسيحيون من المخابِئ ومن السراديب، وهبُّوا عائدين إلى المدينة غير هيابين اضطهاد داكيوس وغالوس وفاليريان، ليقوموا بالعِناية بالمرضى من الوثنيين، يواسون العائِلات، ويُشدِّدون الذين على شفا الموت ويُغمِضون عيون الأموات ويحملونهم على سواعِدهم ليدفنوهم، وهم يعلمون أنهم بسبب العدوى سيُلاقون نفس المصير.. لذلك قال البابا ديونيسيوس الكبير: ”وكثيرون من الذين طبَّبوا المرضى سقطوا صرعى بنفس المرض، أنَّ المسيحيين كانوا أول من رقد بسبب شهامِة الحُب غير الهيَّاب للموت، وكان منهم قسوس وشمامِسة.. فهذا الموت مع الإيمان الذي صاحبه لن يكون أقل مجدًا من الاستشهاد“.
ونأتي بعد ذلك إلى عام 302 م.، حيث البابا بطرُس الأول الذي خدم وسط عواصِف الاضطهاد ومذابِح الاستشهاد العنيفة، فقد حلَّت الضيقات في الكنيسة، واستُشهِد فيها كثيرون وهرب البعض إلى الصحاري وسُجِن كثير من الأساقفة، وتهدمت الكنائِس.. حتى انتهت حياة البابا بطرُس شهيدًا وخاتِمًا للشُّهداء..
وضع الطوباوي بطرُس خاتِم الشُّهداء، بعض القوانين الخاصة بالذين جحدوا الإيمان، وقد جاءت هذه القوانين ضِمن رسالة فِصحية (Canonical Epistle (، وقد جاءت قوانينه الفِصحية الخاصة بالجاحدين للإيمان الراجعين بالتوبة تحمِل مفاهيم الكنيسة عن الاستشهاد، نذكُر منها أنَّ الاستشهاد لا يُغتصب بالإثارة، فالمسيحي الذي يُشعِل نار الاضطهاد بإثارته للمُقاومين إنما يدخل بإرادته في التجارُب..
كان القديس بطرُس مُحِبًا للاستشهاد، لكنه صلَّى ليتوقف الاضطهاد لئلا يخور الضُعفاء.. وحسب البابا بطرُس نفسه غير مُستحِق أن يكون شهيدًا للرب، ولا أساقفته مُستحقين لهذه النعمة.
ولعلَّ أروع معنى للاستشهاد قد سجَّله في شهادته عندما انسكب على الأرض فَرِحًا يشكر ويُسبِّح الله من أجل نعمة الاستشهاد التي أنعم بها الرب على الأساقفة.
لقد صلَّى من أجل المُعترفين إذ خشى أن يضعف أحدهم فيعثُر المُؤمنين... صلَّى حتى تسنِدهم نعمة الله ليصيروا شُهود حق للإيمان بالمسيح...
كتب كثيرًا عن العذابات والقبض والسجون والضربات غير المُحتملة والأوجاع المُرعِبة واعتبرها علامات يسوع في أجسادنا، وحذَّر الذين حرموا أنفسهم من أن يتألموا على اسم المسيح...
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:26 PM   رقم المشاركة : ( 57 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

ترتليان العلامة والاستشهاد

ومن الفكر السكندري المستيكي mystic ننتقِل إلى العلاَّمة الأفريقي ترتليان (من القرن الثاني المسيحي)، الذي كتب كتابات دِفاعية كثيرة، وكتب أيضًا في الحث على الاستشهاد، ورسالة دعاها ترياق العقرب Scorpiace وحض على الاستشهاد في الرسالة التي دعاها Ad Martyras، وكتب أيضًا رسالته في الإكليل De Corona وتفرَّع عن رسالِة الإكليل رسالة أخرى في الفرار من الاضطهاد De Fuje in Persecutione أجاب ترتليانوس فيها عن السؤال: أيجوز للمسيحي أن يفِر ويختبِئ في أثناء الاضطهاد؟
وكذلك كتب ترتليان ضد اليهود Adversus Judoeos والاتهامات التي وُجِهَت للمسيحيين.
وفي رسالة للمُدافِع ترتليان، كان قد وجَّهها للمسجونين لأجل الإيمان يقول:

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"
”لا تجعلوا انفصالكم عن العالم في السجن يرعبكم، لأنَّ العالم هو السجن الحقيقي، فأنتم لم تدخلوا سِجنًا بل عُتِقتُم من السجن الحقيقي، وإن كان السجن مُفعمًا بالظلام، لكنكم أنتم أنفُسكم نور، في السجن قيود لكن الله قد حرَّركم، فيه رائِحة كريهة، لكن أنتم أنفُسكم رائِحة زكية، تنتظِرون المُحاكمة لا على فم قاضي بل على فم الله، لأنكم ستدينون القُضاة أنفُسهم“.
واستطرد العلاَّمة ترتليان في مقاله ليصِف السجن بالبرية للنبي واعتبره مكانًا للخلوة، فيه الجسم محبوس لكن الروح طليق..
أفاض العلاَّمة في الكلام عن بركات الاستشهاد وكيف أنه معركة شرف، فيها الله رقيب، والروح القدس مدرب والجزاء إكليل أبدي وحق المواطنة السماوية..
ندَّد ترتليان بالوثنيين في دِفاعه عن المسيحية، لاعتبار اضطهاد المسيحيين فقط معركة اسم، ولأنَّ المسيحيين وحدهم هم المحظور عليهم أن يتكلموا لتبرِئة ذواتهم، دِفاعًا عن الحق..
وعن التعذيب يقول ”في حالِة المُتهمين الآخرين الذين يُنكِرون، تلجأون إلى التعذيب حتى ما يعترِفوا، أمَّا المسيحيون فهم وحدهم الذين يُعذبون حتى ما يُنكِروا...“.
ووصف العلاَّمة ترتليان السجن بأنه مسكن إبليس وجنوده، لكن عندما يدخُل فيه المُعترِفون يطرحوا الشر تحت أقدامِهِم.
لقد حث العلاَّمة ترتليان على الاستشهاد وكتب مقالاته ليهديها إلى الموعوظين الذين في طريقهم إليه، وحتى الغنوسيين الذين استهانوا بالاستشهاد وفضَّلوا الهرب منه كتب لهم ترياق العقرب، ليوضح لهم أنَّ الاستشهاد ميلاد جديد تربح فيه النَّفْس حياتها الأبدية.
اعتبر العلاَّمة ترتليان أنَّ دِماء الشُهداء بِذار الإيمان، ووجَّه كلامه إلى الحُكام الوثنيين قائِلًا: استمروا في تعذيبنا، اطحنونا إلى مسحوق، فإنَّ أعدادنا تزيد بقدر ما تحصدوننا! إنَّ دِماء المسيحيين لهي بِذار محصولهم، إنَّ عِنادكم هو في حد ذاته مُعلِّم لأنه من ذا الذي لا يتحرك بالتأمُّل فيما تعملونه ليستعلِم عن حقيقة الأمور، ومن ذا الذي بعد انضمامه إلينا لا يشتاق إلى التألُّم..
كتب العلاَّمة الأفريقي دِفاعًا مُطولًا عن المسيحية، مُوجِهًا إلى الوثنيين قائِلًا: ”إننا جسم واحد مُتماسِك بمقتضى سلوكنا التَّقوي المُشترك ورجائنا المُشترك إننا نُصلِّي من أجل الأباطِرة ومن أجل وزرائِهِم، ولأجل كل الذين في منصِب، وصندوق الخزانة تُجمع فيه التبرعات، التي يضعها كل واحد بسرور.. هذه العطايا مُخصصة لأعمال الرحمة، لا تُصرف على الولائِم والحانات، بل لمعونة الفُقراء ودفنهم ولسد أعواز المُعدمين... وبالإجمال كل الذين يُعانون من انكسار سفينة حياتهم، أو المُضطهدون لا لشئ إلاَّ لأجل إخلاصهم لكنيسة الله، فنعتني بهم كعنايِة الأُم برضيعها لأجل مُجاهرتهم بالإيمان“.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:26 PM   رقم المشاركة : ( 58 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

القديس يوحنا فم الذهب والاستشهاد

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"
وعندما نقترِب من فِكر القديس يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية عن الاستشهاد نجده يعتبِر أنَّ الاستعداد القلبي للاستشهاد يُحسب شهادة..
أكَّد القديس فم الذهب على الانتفاع من سِيَر الشُّهداء بقوله ”إنَّ شهادِة الشُهداء وسِيرتهم أمامنا هي في حد ذاتها عِظة للإنسان، وعون للكنيسة كلها، وتثبيت للإيمان المسيحي وغلبة لأوهام الموت، وعيِّنة للقيامة، وتوبيخ للشيطان، وتعليم للفلسفة الحقيقية، واحتقار أباطيل الدنيا، والدليل الأكيد للسمو بمطالِب النَّفْس، وراحة وعزاء للنَّفْس الحزينة، ومُحرِك للصلوات، ودخول في مجال القُوَّة، وباختصار أنَّ سيرِة الشُّهداء هي مُلهمة لكل الأمور الصالِحة“.
تطلَّع القديس إلى الشُهداء كقدوة ومِثال لنا فيقول: ”عندما تتصور كيف احتقر الشُهداء الموت، مهما كنت جبانًا أو كسلانًا، فلابد أن تُسلتهم أفكارًا عالية ومجيدة، وتحتقِر كل التوافِه ومسرات الأرض، وتشتاق أن يكون لك سيرة سماوية، ومهما كانت أوجاعك التي تحسها في جسدك إلاَّ أنَّ تصوُّر آلام الشُهداء سيدخل فيك إحساس قوي بالصبر والرضا، ومهما كان إحساسك بالفقر والعَوَز والضيقة، فبمجرد أن تتأمَّل في عذابات الشُهداء التي احتملوها، ستشعر بالعزاء والاكتفاء، وتكون لك آلامهم بمثابِة الدواء الشافي، من أجل ذلك فإني أشجع دائِمًا إقامِة تِذكارات الشُهداء، وقد أحببتهم جميعًا وكأني أحتضِنهم في صدري“.
وعن دالِّة الشُهداء يقول ”لنترجى الشُّهداء ونتوسل إليهم أن يشفعوا فينا إذ أنَّ لهم دالَّة كبيرة للشفاعة فينا، بل وقد صارت دالَّتهُم بعد الموت أعظم بكثير مما كانت من قبل“.
ربط القديس فم الذهب بين المحبَّة والاستشهاد، ففي مديح لشُهداء رومية يقول: ”ليست المحبة أقل قدرًا من الاستشهاد في شيء، فالمحبة هي رأس كل الصالِحات، لأنَّ المحبة بدون الاستشهاد تصنع تلاميذ للمسيح، لكن الاستشهاد خُلوًا من المحبة ما يقوى على صُنع تلاميذ“..ومن أقواله المأثورة ”أنَّ الذي لا يُحِب أخاه، حتى ولو نال الاستشهاد فما ينتفِع كثيرًا“.
وعن غلبِة الشهيد وقُوَّة الشِهادة يقول ”صفان من المُحاربين، صف الشُهداء وصف الطُّغاة، وبينما الطُّغاة يمتشِقون السلاح، يتجرد منه الشُّهداء، والانتصار معقود للمُتجردين وليس للمُمتشقين“.
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:27 PM   رقم المشاركة : ( 59 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

القديس كبريانوس والاستشهاد

وننتقِل لشمال أفريقيا، إلى قرطاچنة حيث تطور عِلْم المارتيرولوچي، على يد القديس كبريانوس الأسقف والشهيد الذي كتب مقالة مُعنونة ”الحث على الاستشهاد“ مُوجهة إلى فورتوناتوس Fortunatus، يقول فيها ”نحن الذين – بسلطان من الرب – منحنا المؤمنين العِمَاد الأوَّل، علينا أن نُعِد كلٍ منهم للعِمَاد الثاني بحثُّهم وتعليمهم أنَّ هذا العِمَاد أعظم في النعمة، وأسمى في القُوَّة وأرفع في الشرف.. بمعمودية الماء ننال غُفران الخطايا، وبمعموديِة الدم نظفر بإكليل الفضائِل، إننا على أبواب حرب قاسية وشديدة، وعلى جنود المسيح أن يُعدِّوا ذواتهم لها بإيمان حي وشجاعة قوية، واضعين في اعتبارِهِم أن يشربوا يوميًا كأس دم المسيح حتى يُمكنهم بذلك أن يسفُكوا دِمائهم لأجله“.
ويستطرِد الشهيد كبريانوس فيقول ”أنَّ العذابات في أزمنة ضد المسيح، تستلزِم أن نُعِد لها قلوبنا ونُشجِع نِفوس الأُخوة لكي نكون جميعًا مُستعدين للنِضال السماوي الروحاني، فليثبُت إيماننا ولنتسلَّح بكلمة الله، ومن واجبي أن أُعِد شعب الله الذي ائتمنني عليه ليكون كجيش في المُعسكر السمائي ليُواجهوا سِهام وأسلحة إبليس، ولا يمكن لمن لم يتمرن على القِتال أن يكون جُندِيًا صالِحًا للرب أو أن يفوز بإكليل الجِهاد، ها أنا أُرسِل لكم ثوب الأُرجوان الذي للحَمَل الحقيقي الذي فدانا وأحيانا، لكي تفصَّلوه لأنفُسكم فيصير ثوبًا خاصًا بكم، حتى يتغطَّى عُرينا القديم بثِياب المسيح: ثياب تقديس النعمة السمائية“.

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"
استجيبوا لبوق الحرب، لقد أخذنا بتدبير الرب المعمودية الأولى، وليكُن كل واحد منا مُستعِد للمعمودية الثانية أيضًا، معموديِة الدم، أنَّ نِعمِتها أعمق وقُوَّتها أعظم وكرامِتها أثمن، التي يتمجد بها الله والمسيح، التي ننال بها إكليل كل الفضائِل، وقد صار المسيح رب المجد مِثال لنا في احتماله الآلام حتى الموت!!
فلا يوجد عُذر لإنسان يرفُض التَّألُم لأجله، وإن كان هو قد احتمل كل ذلك بسبب خطايانا فكم أحرى بنا جدًا أن نحتمِل بسبب خطايانا!!
الروح القدس يُعلِّمنا أنه لا ينبغي أن نخاف من جيش الشيطان، وأنَّ رجاءنا هو في إعلاننا الحرب ضده، لأننا بذلك ننال السُكنى الإلهية والخلاص الأبدي، ولا يوجد أعظم من وعد الرب لنا بالأمان والحِماية، فإن كنا نحيا بقلوب مُكرسة حقًا لله، فلنقبل أن ندخُل نفس امتحانات آلام الشُهداء، وجزاؤُنا يفوق بلا قياس آلامنا إذا قهرنا الشيطان ورجعنا إلى فردوسنا مُنتصرين نُقدِّم لله إيماننا، إيمان غير فاسِد غير مُتزعزِع وفضيلة واسعة راسِخة، وقلبًا مُقدسًا، فنجلِس ونصير شُركاء ميراث المسيح ونفرح بامتلاكنا للملكوت السمائي.. فالاضطهاد يُغلِق أمامنا الأرض ويفتح أمامنا السماء، ضد المسيح يُهدِّد ولكن المسيح يضُم ويحمِل ويسنِد.
كتب القديس تحية للشُّهداء يقول فيها ”أيها البواسِل المغبوطُون.. إنَّ الكنيسة أُمُّكم فخورة بكم.. أيها المُتسربِلون بالبأس، عظيمة هي قُوَّة عزيمتكم وثبات أمانتكم حتى نهايِة المجد، لم تخضعوا للعذابات بل العذابات هي التي خضعت لكم واستعجلتكُم لنِيل الأكاليل..إنَّ المُتفرجين بإعجاب على تلك المعركة الروحية التي كانت بمثابِة سِباق نحو المسيح كانوا يرون خُدَّامه يُصارِعون دون أن يُغلبوا أبدًا، مُعترفين بإيمانهم بصوتٍ عالٍ!! مُمتلئين بحيوية وشجاعة تفوق قُدرِة البشر، بلا سلاح من هذا الدهر، إنما مُتوشِحون بأسلحة الإيمان، والمُحتمِلون العذابات كانوا يرون قِيامًا أكثر قُوَّة من الذين يُعذِّبونهم، الأمشاط الحديدية انتهت من الضرب والتمزيق، إلاَّ أنَّ الأعضاء المضروبة والمُمزقة انتصرت عليها..
عزيز هو الموت الذي يشتري الأبدية مُقابِل الدم، كم كان المسيح فَرِحًا وكم كان يسُرُّه أن يُحارِب ويغلِب في شخص خُدَّامه المُخلصين ويُعطيهم ما يشتهون أن ينالوه!! لقد كان حاضرًا في تلك المُسابقة التي أُثيرت لأجل اسمه، وأعان وسَنَد وقوَّى وبعث الحيوية، والذي غلب مرة الموت لأجلِنا ما بَرِحَ ينتصِر فينا“.
كشف لنا القديس كبريانوس عن مفهوم الألم والاستشهاد في ضوء الحياة الأبدية والتعلُّق بالسماء حيث مجد إلهنا وحيث لا تقِف أمامه خليقة صامتة، فكتب مقالة عن الموت (الموت Mortality) عندما اجتاح البلاد وباء الطاعون، وهو الذي أدركته الضيقات وعاصر الاستشهاد حتى قَبِلَ الموت بقلبٍ راضِ واثِق، وأحنى رأسه للسيَّاف وهو يشكُر الله، فارتجف السيَّاف من شدة إيمانه..
ويرى الشهيد كبريانوس: ”إننا وُضِعنا في معسكرٍ قاسِ، على رجاء نوال المجد السمائي، وعلينا أن لا نرتعِب من عواصِف العالم، ولا نهتز منها، لأنَّ الرب سبق وكلَّمنا عن كل ما سيحدُث لنا، وأوصى كنيسته وهيَّئها وشدَّدها لتحتمِل كل ما سيأتي... هوذا السماويات تحتل مكان الأرضيات، والأمور العظيمة بدلًا من التفاهات، والأبديات عِوَض الفانيات، فما الداعي إذًا للقلق والجزع؟!!“.
من يرى هذا ويرتعِب في حزن إلاَّ الذي بلا رجاء ولا إيمان؟!! فلا يرهب الموت إلاَّ ذاك الذي لا يُريد الذهاب مع المسيح.
إننا بالموت نبلُغ وطننا السمائي، الراحة الأبدية.. هذا هو سلامُنا وراحتنا الأبدية، ومن منَّا لا يتوق بالإسراع لنوال الفرح الأبدي لنذهب إلى دعوة المسيح لنا مُتهللين بالخلاص الإلهي.
وينتقِل الشهيد ليُحدِّثنا عن الاشتياق للاستشهاد فيقول ”عبيد الله يشتاقون للاستشهاد، يُدرِّبون الفِكر على أمجاد الثبات بالتأمُّل فيه للاستعداد للإكليل“.
ويتكلم القديس على الاستشهاد كهِبة إلهية ”الاستشهاد ليس من سلطانك، بل هو عطية من الله، فليس لك أن تعترِض إن فقدت ما لستَ مُستحِقًا له... فالله الدَّيان يُتوِج خُدَّامه الذين تهيَّأت أفكارهم " حياتهم " للاعتراف والاستشهاد " ولو لم يستشهِدوا " لأنه لا يطلُب دمنا بل إيماننا“.
ويذكُر القديس أيضًا كيف يكون تكريم الشُهداء وقيمة الشهادة العملية للإيمان... فيقول ”ينبغي أن نحمِل الشهادة باجتهاد، كما حملها الذين تحرَّروا من هذا العالم بُناءً على دعوة من الرب، لأنهم سبقونا كمُسافرين، وكبحَّارة اعتادوا على الإبحار، فنشتاق إليهم بعد أن أخذوا معهم إلى هناك الثوب الأبيض... ليتنا نستعِد لقبول إرادة الله الكامِلة بعقل رزين وإيمان ثابِت وفضيلة نشِطة.. ولا نُقاوِم الرب بل نأتي إليه متى دعانا بنفسه...
لنتحرَّر من فِخَاخ العالم، ونعود إلى الفردوس والملكوت.. إننا نتطلَّع إلى الفردوس كبلدنا والآباء (البطارِكة) كآباء لنا، فلماذا لا نُسرِع بل ونجري، لكي ننظُر مدينتنا ونُحيِّي آبائنا، فإنَّ لنا أحِباء كثيرين ينتظروننا، فأي سعادة تغمُرنا وإياهم عندما نجتمِع سويًا!!
هناك الشَرِكَة المجيدة مع الرُّسُل، هناك خورس الأنبياء المُتهللين، هناك جموع الشُهداء غير المحصيين، هناك جموع البتوليين الفائزين، هناك الرُّحماء مُكللين.. هذا هو شوقِنا العظيم، وهدف ذهابنا وإيماننا..!!“.
وفي رسالِة القديس (أل 76) التي يُحيِّي فيها الشُهداء الذين فازوا بأكاليلهُم، ويشجع الذين مازالوا في السُّجون أو تحت التعذيب، وحُكِم عليهم بالعمل الشاق في المناجِم... كتب يقول:
”ها أنتم قد احتملتُم بصبر ضرب العصى، مُتهيئين بهذا التنكيل القاسي للاعتراف العَلَنِي بإيمانكم، صبرًا! فالعصاة الخشبية الصغيرة لن تُؤثِر بشئ على الجسد المسيحي، الذي وضع كل رجائه في الخشبة الكُبرى..
من سيندهِش أن يراكم، يا آنية الذهب والفضة، في المنجم، الذي هو مصدر الذهب والفضة؟ إلاَّ أنَّ الوضع هنا قد انقلب فبدل أن يُعطي المنجم الذهب والفضة نراه هنا قد تقبَّلهُما.
أقدامكم قد تقيدت بالأغلال، وأعضاؤكم المُباركة – يا هياكِل الله – تكبلت بالقيود، كما لو كان بتضييق الخِناق على الجسد يُمكنهم أن يُقيِّدوا الروح! أو كما لو أنَّ ذهبكم يمكن أن يعتريه الصدأ بملامسة حديد السلاسل!!
إنها أغلال مُباركة لن يفُكها حدَّاد بل الرب يسوع نفسه! إنها لقيود مُباركة فعلًا، تلك التي تجعلكم تسيرون قدمًا في الطريق المُستقيم المُؤدي إلى الفردوس! مرحبًا بكِ أيتها الأغلال العزيزة التي تُقيد لحظة في هذا العالم لتُحرِّر إلى الأبد في العالم الأبدي هناك عند الله، في المناجِم لا نجد الفِرَاش الذي ننعم فيه بقسط من الراحة، ويتعرَّض تنعُمنا وراحِتنا للعُري والبرد، لكن من قد لبس المسيح فقد تنعَّم بالكساء الكامل والوقاية الحصينة.. يا له من مجد وبهاء سيؤول“.
وأكَّد القديس كبريانوس في رسالته الشهيرة في وحدة الكنيسة (De Ecclesiae Unitate) على أنَّ الشِقاق والهرطقة من عمل الشيطان، وإنهما أشد خطرًا على وحدة المؤمنين من الاضطهاد..
وبعد أن كتب رسائِل كثيرة عن الاستشهاد، ذهب إلى ساحِة الاستشهاد وخلع ثياب الحبرية وأعطاها للشمامِسة وجثا على رُكبتيهِ مُصلِيًا، ثم طلب من أولاده إعطاء الجلاَّد 25 قطعة ذهبية... ووضع المؤمنون لفائِف ومناديل تحته ليتلقوا دمه الطاهر بركة لهم، ثم عصب عينيهِ بيديهِ وحاول أن يتعجَّل المُتباطِئ في تنفيذ الحكم، وانطلقت روحه إلى مسيحها لترِث نصيبها المُعَد لها مع الشُهداء..
  رد مع اقتباس
قديم 16 - 05 - 2014, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 60 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,322,558

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"

القديس أمبروسيوس الميلاني والاستشهاد

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"
وعن عِظَم الاستشهاد وكيف كان عبر إماتات الصليب، ويُعلِّمنا القديس أمبروسيوس أسقف ميلان (333 – 397 م) أنه:
”بموت الشُهداء تدعمت العقيدة وازداد الإيمان وتقوَّت الكنيسة، لقد انتصر الذين ماتوا أمَّا المُضطهِدون فقد غُلِبوا على أمرهم وهكذا فنحن نحتفِل بموت أولئِك الذين حياتهم غير معروفة لنا، وداود أيضًا فرح حينما تنبأ بانطلاق نفسه بقوله ”كريم أمام الرب موت قديسيه“ (مز 116: 15)، لقد حسب الموت أفضل من الحياة، وموت الشُهداء نفسه هو مُكافأة حياتهم، وبموتِهِم أيضًا، على اختلاف صُوَره، كفَّت الكراهية عن أن توجد بعد..“.
أكَّد القديس أمبروسيوس الميلاني على المعنى الواسِع للاستشهاد فيقول: ”هناك حروب أخرى أيضًا من الحروب التي على المسيحي أن يخوضها كل يوم، ونعني بها القِتال ضد الشهوات والصِراع ضد الرغبات، فأحيانًا الشهوة تُثير الأوجاع والخوف يُرعِب والغضب يُهيِّج والطموح يتحرك والشر يزيد، هذه القِتالات تُؤذي وتهِز كالزلزال النِفوس غير الثابِتة، ولكن الإنسان الشجاع يقول ”إن يُحاربني جيش فلن يخاف قلبي وإن قام عليَّ قِتال ففي هذا أنا مُطمئِن“ (مز 26: 3)، فالملوك يموتون والشُهداء يرِثون إلى الأبد كرامات ملكوت النعمة السمائية“.
لقد صمَّم القديس أمبروسيوس أن يكتُب وصيته بدفن جسده بجوار الشهيدين بروتاسيوس وجيرفاسيوس دليل على مدى ارتباط إيمان أمبروسيوس بقيمة الشُهداء وشفاعتهم..
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
تدعى الشهادات في اليونانية "مارتيريا" μαρτύρια،
إيليا " يردّ قلوب الآباء إلى البنين والبنين إلى الآباء "
مقتطفات من كتاب "مورينيو" الجديد.. ريال مدريد بدون "روح" وتفاجئ من تدريب بينيتيز "للمرينجي".. وبيريز
"مرسي" يبعث برسالة لـ"السيسي" عبر حراسه..ويتوعد المشير بـ"كتاب"
مفاجأة..رسالة من "الإرشاد" إلي تحالف "المعزول" داخل كتاب "الدرة المضيئة" تشمل مخططات "كارثية"


الساعة الآن 10:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025