منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14 - 03 - 2014, 04:20 PM   رقم المشاركة : ( 171 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

جمعوا عليه كل الكتيبة

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"جمعوا عليه كل الكتيبة" (مت27: 27)

بعد أن أصدر بيلاطس الحكم على السيد المسيح بالصلب بالرغم من إعلانه لبراءته، وبعد أن كان قد جلده جلدًا رومانيًا قاسيًا، "أخذ عسكر الوالي يسوع إلى دار الولاية وجمعوا عليه كل الكتيبة" (مت27: 27).
لم يتخلف جندي واحد في الكتيبة عن الاستهزاء بالسيد المسيح. وكأنهم يحتفلون بهذه الشخصية الفريدة وبهذه الذبيحة النادرة.
كان المعتاد أن يرافق المحكوم عليه أربعة من العسكر لحراسته، وتتغير الوردية كل ست ساعات، بحيث تتناوب أربعة أرابع من العسكر على هذه الحراسة الهامة.
ولكن العسكر أقاموا احتفالًا للكتيبة كلها.. لأن المحكوم عليه هو المدعو "ملك اليهود"، الذي رفضه شعبه وأسلموه إلى قضاء الموت. وكأن العالم كله قد قام على السيد المسيح..
صار السيد المسيح منظرًا للكثيرين، يشاهدونه في آلامه ومعاناته لأجلنا،وهذا يذكرنا بحال شمشون حينما جمع عليه الوثنيون جمعًا هائلًا وهم يحتفلون بعيد إلههم داجون في معبده الكبير، وصاروا يستهزئون به وبإلهه، ولكن شمشون كان قد أخطأ ثم تاب. أما السيد المسيح فلم يفعل شيئًا ليس في محله، ولكنه حمل خطايا كثيرين وشفع في المذنبين.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:21 PM   رقم المشاركة : ( 172 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

عروه من ثيابه

بعد أن أخذ عسكر الوالي يسوع إلى دار الولاية وجمعوا عليه كل الكتيبة، "عروه وألبسوه رداءً قرمزيًا. وضفروا إكليلًا من شوك ووضعوه على رأسه، وقصبة في يمينه. وكانوا يجثون قدامه ويستهزئون به قائلين: السلام يا ملك اليهود. وبصقوا عليه، وأخذوا القصبة وضربوه على رأسه. وبعدما استهزأوا به نزعوا عنه الرداء وألبسوه ثيابه، ومضوا به للصلب" (مت27: 28-30).
حينما خلق الله الإنسان، لم يكن يلبس ثيابًا، لأنه كان مكتسيًا بثوب البر، بثياب النعمة، ولم يكن يشعر أنه عريان لأنه لم يكن عريانًا من النعمة.
ولكن بعد السقوط شعر آدم وحواء بالعرى و"انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان" (تك3: 7). وقال آدم للرب: "سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت" (تك3: 10). وسأله الرب: "من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟" (تك3: 11).
الخطية جعلت الإنسان يشعر بالعرى، لأنه تعرى من البر الذي في المسيح، وانفتحت عيناه وعرف أنه عريان، بعد أن فقد براءته وبساطته الأولى، تلك التي اختبرها قبل معرفة الخير والشر.
وصار الإنسان -في إحساسه بالعرى- يبحث عن وسيلة يستر بها عريه "فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر" (تك3: 7). ولكن أوراق التين لا تلبث أن تذبل وتكشف عريهما مرة أخرى.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما" (تك3: 21). ليستر عريهما بطريقة سليمة. وكان ذلك إشارة إلى عناية الرب في الفداء بتقديم جسد يسوع كذبيحة. لأن ورق التين من الشجر، أما أقمصة الجلد فمن جلد الذبيحة.
كان الإحساس بالعرى هو نتيجة الخطية.. وهكذا صنع البشر الخطاة بالسيد المسيح، حينما عروه من ثيابه للهزء والسخرية من ملك اليهود وقد قَبِلَ السيد المسيح هذا العرى من يد البشر، ليؤكد أن الذي يحمل الخطية لابد أن يتعرى. ولكن السيد المسيح لم يكن عريانًا من البر على الإطلاق.. بل هو ملك البر الذي كهنوته على رتبة ملكي صادق. "لأن ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلى.. المترجم أولًا ملك البر ثم أيضًا ملك ساليم أي ملك السلام" (عب7: 1، 2)،وكان ملكي صادق هذا رمزًا للسيد المسيح ملك البر الحقيقي. وقد قيل أن السيد المسيح قد تعرى من ثيابه، ليلبسنا ثوب بره، لأنه أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له..
لقد جهل هؤلاء العسكر الخطاة أن الذي قاموا بتعريته من ثيابه، هو نفسه الذي ستر عرى آدم ببره الكامل، وبذبيحته المقدسة، التي تمت بواسطتها المصالحة بين الله والإنسان "متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله" (رو3: 24، 25).
لقد حمل السيد المسيح عار خطايانا، وكلما رأيناه معلقًا على الصليب بعد أن قاموا بتعريته من ثيابه للمرة الثالثة (المرة الأولى عند الجلد، والمرة الثانية عند إلباسه الرداء القرمزي وإكليل الشوك (انظرمت27: 28) والمرة الثالثة عند الصليب. فكما تعرى آدم من شركة الحياة مع الثالوث القدوس هكذا تعرى السيد المسيح ثلاث مرات وألبسنا ثوب بره بثلاث غطسات في المعمودية على اسم الثالوث القدوس)، نتذكر في خجل وانسحاق ذلك العرى الذي لحق بنا بسبب الخطية.. ولسان حال كل منا يقول للسيد المصلوب:
كلما طافت بك العين انزوت نفسي الخجلى يغطيها بكاها
(من الشعر الروحي لقداسة البابا شنودة الثالث)
هكذا في اتضاع عجيب احتمل السيد المسيح المحقرة والمذلة، ليخلّص شعبه من خطاياهم. وقد تنبأ إشعياء النبي عن احتقار الناس للسيد المسيح في وقت آلامه فقال: "محتقر ومخذول من الناس. رجل أوجاع ومختبر الحزن. وكمستّر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به" (إش53: 3).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:22 PM   رقم المشاركة : ( 173 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

ألبسوه رداء قرمزيًا

"ألبسوه رداء قرمزيًا" (مت27: 28).

بعد أن خلع العسكر ثياب السيد المسيح في دار الولاية "ألبسوه رداءً قرمزيًا. وضفروا إكليلًا من شوك ووضعوه على رأسه، وقصبة في يمينه" (مت27: 28، 29).
كان الرداء القرمزي هو لباس الملوك. وأراد عسكر الوالي أن يسخروا من السيد المسيح، فألبسوه لبس الملوك "وكانوا يجثون قدامه ويستهزئون به قائلين السلام يا ملك اليهود" (مت27: 29).
الرداء القرمزي كان رمزًا لملابس الملوك المعتادة، وإكليل الشوك كان رمزًا لتاج المملكة، والقصبة في يمينه كانت رمزًا لقضيب الملك.
بالفعل كان اللباس الذي يليق بالسيد المسيح هو الرداء القرمزي، باعتبار أنه هو الذي ملك بدمه المسفوك ذي اللون الأحمر القرمزي..

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
أي ملك آخر يلبس الرداء القرمزي، فليس لملابسه معنى يخصه.. أما السيد المسيح فهو الملك الوحيد الذي يجب أن يتزيا بلون الدم، لأنه اشترى شعبه بدمه، وخلّصهم من براثن الموت الأبدي..
لو استخدم أحد الملوك اللون القرمزي لملابسه، لكان هذا فقط تشبهًا بالمسيح الملك الحقيقي، الذي لن يزول ملكه إلى الأبد،وعلامة ملكه هي الدم المسفوك.
وكيف لا؟ وعروس النشيد تتغنى وتقول "حبيبي أبيض وأحمر، مُعلم بين ربوة" (نش5: 10).
أراد العسكر أن يستهزئوا بالسيد المسيح، ولكنهم أكملوا ما هو مكتوب عنه دون أن يدروا.. لننظر ماذا قال إشعياء النبي بروح النبوة، في حواره مع المسيح الملك في (إش63: 1-3):
س: "من ذا الآتي من أدوم بثياب حمر، من بُصرة، هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته؟".
ج: "أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص".
س: "ما بال لباسك محمر، وثيابك كدائس المعصرة؟".
ج: "قد دُست المعصرة وحدي، ومن الشعوب لم يكن معي أحد".
لقد أبرز إشعياء النبي في هذه النبوة كيف لبس المخلّص الثياب الحمراء، كدائس معصرة العنب، إشارة إلى سفك دمه، وإشارة إلى ملكه الفريد حينما دفع ثمن خطايا البشر جميعًا، ولم يشاركه أحد في دفع هذا الثمن.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:23 PM   رقم المشاركة : ( 174 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

ضفروا إكليلًا من الشوك

في القديم قال الرب لآدم بعدما أخطأ "ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكًا وحسكًا تنبت لك" (تك3: 17، 18).
كان آدم حينما خلقه الرب هو سيد الخليقة التي على الأرض، كما هو مكتوب عنه "بالمجد والكرامة توَّجْتَه، وعلى أعمال يديك أقمته. كل شيء أخضعت تحت قدميه" (مز8: 5، 6).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ولكنه بعد السقوط لم يعد يجنى من الأرض الراحة بل التعب. ولهذا فقد حمل السيد المسيح على رأسه المقدس إكليلًا من شوك الأرض وحمل نتيجة اللعنة.
كان الشوك المغروس في الرأس، إشارة إلى ما ملأ رأس الإنسان من أفكار لا ترضى الله، وهى السبب في تنغيص حياة الإنسان.
الآن ننظر السيد المسيح وقد تعرى من ثيابه، وحمل على رأسه إكليلًا من شوك، ألا يذكِّرنا هذا المشهد العجيب بآدم عند سقوطه في الخطية، وآثار الخطية بادية عليه، إذ شعر بأنه عريان، وصارت الأرض بسببه تنبت له شوكًا وحسكًا..
أليس المسيح هو آدم الثاني كما هو مكتوب "صار آدم الإنسان الأول نفسًا حية، وآدم الأخير روحًا محييًا.. الإنسان الأول من الأرض ترابي. الإنسان الثاني الرب من السماء" (1كو15: 45، 47).
إن الرب لم يفعل بآدم عند خروجه من الفردوس، ما فعلته البشرية بالمسيح عند خروجه إلى الصليب!!
فقد ستر الرب برفق عرى آدم بقميص من جلد، وأبقى الرب في الأرض شيئًا من خيراته لطعام الإنسان.
أما البشر فقد نزعوا في قسوة ملابس السيد المسيح وجلدوه، ثم نزعوا ثيابه ثانية وكللوه بالشوك، ثم نزعوا ثيابه مرة ثالثة وصلبوه بلا شفقة، وفي عطشه سقوه خلًا، واستمروا في تعذيبه إلى أن حكموا عليه بالموت، وهو غير مستوجب الموت.
وبالرغم من كل هذا الظلم، فقد استمر الرب في محبته للإنسان، ساعيًا لخلاصه بصبر واتضاع عجيبين إذ حمل لعنة خطايانا وكل أوجاعها، لكي ينقلنا من الموت إلى الحياة.
هذا هو الملك الذي تُوِّج بإكليل من شوك، لأن مُلكه هو في آلامه.. وبالفعل ملك بمحبته الباذلة وأعاد إلى آدم كرامته الأولى.
وحول هذا المعنى تنبأ سفر نشيد الأناشيد عن الملك المسيح "اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه" (نش3: 11).
عجيب هو هذا العرس الذي وضع فيه إكليلًا من الأشواك على رأس العريس،ولكن كان هذا هو المهر أو الثمن الذي دفعه العريس ليشترى عروسه الكنيسة مخلِّصًا إياها.. وصار بهذا مثلًا لكل عريس حقيقي. كقول معلمنا بولس الرسول: "أيها الرجال أحبوا نساءكم، كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها" (أف5: 25، 26).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:24 PM   رقم المشاركة : ( 175 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

قصبة في يمينه
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

يقول المزمور عن السيد المسيح "كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب استقامة هو قضيب ملكك" (مز44: 6، عب1: 8).
في هذا المشهد العجيب: المسيح الملك يلبس الرداء الأحمر القرمزي، وإكليل الشوك يتوج رأسه المقدس، وقضيب الاستقامة الخاص بملكه هو قصبة في يمينه.
كانت هذه القصبة رمزًا إلى قضيب الملك، كما كانت رمزًا لعصا الراعي. وها هو المسيح الملك الراعي.. الراعي الحقيقي الذي بنى مُلكه على رعايته الباذلة.. وأسس عرشه على الحق "العدل والحق قاعدة كرسيه" (مز97: 2)
لم يكن قضيب ملكه مصنوعًا من الذهب الثمين، بل مصنوعًا من البر والحق (dikaiosu,nh "ذيكيؤسينى" باللغة اليونانية).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 176 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

بصقوا عليه
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

بعد الجلد احتقر عسكر الوالي الروماني السيد المسيح "وبصقوا عليه" (مت27: 30)، ولطّخوا وجهه المقدس بهذا البصاق الذي يقزز النفس، وذلك ليتم ما قيل بإشعياء النبي القائل "بذلت ظهري للضاربين وخدي للناتفين. وجهي لم أستر عن العار والبصق" (إش50: 6).
من كان يستحق خزي البصاق إلا الإنسان الذي أخطأ..!! ولكن هكذا في اتضاع عجيب حمل السيد المسيح عار خطايانا. كقول القداس الغريغوري (لأجلى يا سيدي لم ترد وجهك عن خزي البصاق).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:30 PM   رقم المشاركة : ( 177 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

ضربوه على رأسه
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

"ضربوه على رأسه" (مت27: 30)

"أخذوا القصبة، وضربوه على رأسه" (مت27: 30). هذه القصبة التي وضعوها في يمينه كانت ترمز إلى قصبة ملكه.
وكان قضيب ملكه هو قضيب الاستقامة والعدل. ولأن السيد المسيح قد أوفى العدل الإلهي حقه، لهذا ضُرب بهذا القضيب على رأسه أي ضرب بقضيب العدل الإلهي.
والرأس إذ هي مركز القيادة في كيان الإنسان.. وآدم قد قادته رأسه إلى العصيان ومخالفة الوصية.. لهذا ضُرب السيد المسيح على رأسه.. وكان ذلك ليتم ما قيل بإشعياء النبي: "أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي" (إش53: 8).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:33 PM   رقم المشاركة : ( 178 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

ثم خرجوا به ليصلبوه

"ثم خرجوا به ليصلبوه" (مر15: 20)

"وبعدما استهزأوا به. نزعوا عنه الأرجوان، وألبسوه ثيابه، ثم خرجوا به ليصلبوه" (مر20:15).
"فخرج وهو حامل صليبه" (يو19: 17).
خرج السيد المسيح من أورشليم وهو حامل أداة موته وهو الصليب، حاملًا عار خطايانا..
لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "فإن الحيوانات التي يُدخل بدمها عن الخطية إلى الأقداس بيد رئيس الكهنة، تُحرق أجسامها خارج المحلة. لذلك يسوع أيضًا لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب. فلنخرج إذًا إليه خارج المحلة حاملين عاره" (عب13: 11-13).
وحينما ظهر موسى وإيليا يتكلمان مع السيد المسيح على جبل التجلي "تكلما عن خروجه الذي كان عتيدًا أن يكمله في أورشليم" (لو9: 31).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وحينما طرد الإنسان من الفردوس بسبب الخطية، ومُنع من الأكل من شجرة الحياة. فإنه قد واجه الموت، والمصير المظلم في الجحيم. وبقى منتظرًا الفداء والخلاص من الخطية ومن الموت.. وحينما جاء السيد المسيح، وحمل خطايانا في جسده. فإنه قد تألم خارج الباب.. خارج المحلة.. كما خرج آدم من الفردوس "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية- خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21). أي أن الرب قد "وضع عليه إثم جميعنا" (إش53: 6).. فكما خرج آدم من الفردوس لسبب الخطية، هكذا خرج السيد المسيح من مدينة الله أورشليم حاملًا صليب خطايانا..
بعد خروج آدم أقام الرب شرقي الفردوس "الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" (تك3: 24).
كان لهب هذا السيف المتقلب رمزًا للعدل الإلهي الذي ينبغي أن يوفيه الإنسان، قبل أن يصل إلى شجرة الحياة ويأكل منها. وهيهات أن يوفى الإنسان العدل الإلهي حقه بدون موت القدوس البار الذي بلا خطية وحده، الذي تجسد وتأنس لأجل خلاصنا. مقدمًا فداءً غير محدود بذبيحته المقدسة على الصليب..
هكذا اجتاز السيد المسيح نار العدل الإلهي، واحتمل آلام الصليب، لكي يصل بنا إلى أفراح القيامة، وإلى شجرة الحياة الأبدية التي حرمنا منها بسبب خطايانا.
وكما خرج السيد المسيح من أورشليم حاملًا الصليب، هكذا عاد ودخلها بعد القيامة بمجد، وظهر لتلاميذه في العلية حيث كانوا مجتمعين. وكان ذلك بعد أن صنع الخلاص، ورد آدم وبنيه إلى الفردوس.
كانت أورشليم - مدينه الله، ترمز إلى كورة الأحياء.. ترمز إلى الفردوس، وترمز إلى أورشليم السمائية.. وترمز إلى حياة الشركة مع الله.
فى أسبوع الآلام تترك الكنيسة(كجماعة) الهيكل، والخورس الأول الخاص بالمتناولين، وتجتمع خارج الباب (أي خارج الخورس الأول)، في صحن مبنى الكنيسة. لكي نتذكر مع آلام السيد المسيح، أن الخطية قد أخرجتنا من الفردوس وحياة الشركة مع الله، اللذين تعيشهما الكنيسة على الأرض في الهيكل المقدس، والخورس الأول.
وبعد صلاة الساعة الحادية عشر من يوم الجمعة العظيمة، تدخل الكنيسة إلى الهيكل، لنتذكر أن الفداء قد تم على الصليب بموت السيد المسيح، وأن العداوة القديمة قد زالت بذلك بين الله والإنسان.
وحتى القديسون الذين كانوا قد رقدوا، وكانت أجسامهم تُدفن خارج المحلة، أي خارج أورشليم، قاموا ودخلوا إلى المدينة احتفالًا بعودتهم إلى الفردوس، واحتفالًا بقيامة السيد المسيح.
وقد سجّل القديس متى الإنجيلي هذه الواقعة الفريدة في إنجيله فقال: "قام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين" (مت27: 52، 53).
وقد أجمل القديس يوحنا في رؤياه كثيرًا من معاني الخلاص والفداء التي ذكرناها، وطبيعة مُلك السيد المسيح الفادي المنتصر فقال: "ثم رأيت السماء مفتوحة، وإذا فرس أبيض، والجالس عليه يدعى أمينًا وصادقًا، وبالعدل يحكم ويحارب. وعيناه كلهيب نار، وعلى رأسه تيجان كثيرة، وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو،وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويُدعى اسمه كلمة الله. والأجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزًا أبيض ونقيًا. ومن فمه يخرج سيف ماضٍ لكي يضرب به الأمم. وهو سيرعاهم بعصًا من حديد. وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء. وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب" (رؤ19: 11-16).
في ليلة السبت الكبير تعيش الكنيسة مع أحداث الخلاص العظيم، حينما كان السيد المسيح بجسده المقدس في القبر، وكانت روحه تعمل عملًا هائلًا بقدرته الإلهية في تخليص أرواح الذين رقدوا على الرجاء ونقلها من الجحيم إلى الفردوس، وذلك بعد أن فتح الفردوس باستحقاقات دمه الذي سفك على الصليب.
وحسنًا تقرأ الكنيسة المقدسة سفر الرؤيا بكامله في هذه الليلة.. وهو السفر الذي يتحدث عن الأبدية والعالم الآخر، أو عن علم الآخرة (إسخاطولوجي).. الكنيسة كعروس للمسيح؛ تتأمل في عمله الخلاصي وتنتظر مجيئه من السماء.. تحتفل بموته وتحتفل بقيامته.. تحتفل بصعوده وتنتظر مجيئه.. تعيش بالإيمان وتعيش بالرجاء.. تعيش العبور وتنطلق بقوته المتجددة نحو أمجاد الأبدية.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:34 PM   رقم المشاركة : ( 179 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

سمعان القيرواني

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
بعد الجلد الروماني العنيف، واستكمال المحاكمة، خرج السيد المسيح وهو حامل صليبه من قلب مدينة أورشليم، متجهًا إلى أعلى جبل الجلجثة خارجًا عن أورشليم.
وكان طريق الجلجثة طويلًا ومتصاعدًا، كما كان الصليب ثقيلًا ومتعامدًا.
وقد حمل الرب هذا الصليب الثقيل الذي هو نفسه أداة موته، كما حمل بإرادته خطايانا في جسده وهى سبب موته.
وقع السيد المسيح على الأرض تحت الصليب، وهو صاعد في طريق الجلجثة، وذلك لكي نفهم بوضوح أنه لم يستخدم قدرته الإلهية ليمنع الألم والمعاناة عن جسده. فبالرغم من اتحاد اللاهوت والناسوت معًا في طبيعة واحدة اتحادًا تامًا طبيعيًا وأقنوميًا يفوق العقل والإدراك، إلا أن اللاهوت لم يتغير بسبب الاتحاد من جهة كونه غير متألم، والناسوت لم يتغير بسبب الاتحاد من حيث كونه قابلًا للألم.. ولكن لأن جسد أقنوم الكلمة هو الذي تألم، لأجل هذا ننسب إليه آلام جسده الخاص. فنقول إن كلمة الله قد تألم لأجل خلاصنا.
ولأن جسده قد نزف كمية كبيرة من الدماء في الداخل والخارج.. في الداخل من جراء تمزق الشرايين المحيطة بالقفص الصدري نتيجة الجلد بكرباج من أعصاب البقر، تنتهي أطرافه بقطع معدنية أو أجزاء مدببة من عظام البقر. والكرباج تنغرس نهايته في داخل الجلد مع كل جلدة بسيوره الثلاثية، وتمزق في الداخل الشرايين المحيطة بضلوع القفص الصدري وتُحدِث نزيفًا داخليًا.
وفى الخارج كان الدم ينزف من رأسه المتوج بالشوك، ومن الجراحات السطحية الناتجة عن الجلد العنيف بأعصاب البقر على الطريقة الرومانية (كان الجلد عند الرومان قاصرًا على العبيد حسب القانون الروماني).
ومع هذا النزيف الذي استمر منذ وقت الجلد أثناء المحاكمة، بدأ السيد المسيح يشعر بالإعياء، وعدم القدرة على بذل المجهود المعتاد، فكم بالأولى حمل هذا الصليب الثقيل، وهو يزحف بثقله من خلفه على أرض غير مستوية وصاعدة، تلاحقه كرابيج من العسكر الرومان بغير شفقة ولا رحمة.
لهذه الأسباب إلى جوار الآلام النفسية الناشئة عن إحساسه بالجحود ونكران الجميل من البشرية التي أخطأت في حقه وهو يسعى لأجل خلاصها، ومن الأمة اليهودية التي طالبت بموته بيد الوثنيين، ومن تلميذه الخائن يهوذا الإسخريوطي الذي باعه مقابل ثلاثين من الفضة بعد أن عاش معه في صحبة طويلة، لهذا كله كان السيد المسيح يقع على الأرض، ومن فوقه صليبه الخشبي الثقيل الذي كان يرتطم بجسده المقدس، حتى شعر قائد المئة أنه لا فائدة من تكرار المحاولة للوصول إلى قمة الجلجثة على هذا الوضع.
ففكر قائد المئة في تسخير شخص كان عائدًا من الحقل "هو سمعان القيرواني أبو ألكسندرُس وروفس" (مر15: 21). ليحمل صليب الرب يسوع ويسير معه في موكب الصلب إلى أعلى الجلجثة.
طوباك أنت يا سمعان يا من استحققت أن تحمل صليب فاديك وتسير معه إلى الجلجثة..
يا من أوضحت بمثال مسيرة كل قديس يتبع السيد المسيح حاملًا الصليب، الذي ليس هو سوى صليب السيد المسيح نفسه. كقول معلمنا بولس الرسول: "لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهًا بموته" (فى3: 10).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إن من يتألم من أجل السيد المسيح فله الطوبى.. وهو لا يتشبه بالمسيح فقط، بل يشترك معه في حمل صليبه المحيى.
كثيرون يحملون الصليب للزينة على صدورهم، ولكن ليتهم يحملونه في قلوبهم.. ليتهم يعانقونه.. ليتهم يصعدون مع السيد المسيح إلى الجلجثة، مرددين قول معلمنا بولس الرسول: "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه" (رو8: 17).
قد تأتى علينا التجارب والآلام ونظن أن الرب قد تخلى عنا، ولكن هذه الآلام تكون هبة وعطية من الله كقول الكتاب: "لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضًا أن تتألموا لأجله" (فى1: 29).
لقد سخَّروا سمعان القيرواني ليحمل الصليب فأطاع، ونال هذه البركة،والسيد المسيح نفسه أوصانا قائلًا: "من سخرك ميلًا واحدًا، فاذهب معه اثنين" (مت5: 41). فهل نقبل أن نحمل الصليب الذي يسخرنا الرب نفسه لحمله؟ يا له من شرف عظيم، تغنى به بولس الرسول قائلًا: "كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضًا" (2كو1: 5).
إن صليبي الذي أحمله يا رب، هو نفسه صليبك أنت، الذي حملته لأجل خلاصي.. أنت حررتني من الهلاك الأبدي بموتك المحيى، وأنا لا يمكنني أن أدفع ثمن خلاصي، لأنه هو دمك الإلهي.. ولكنى على الأقل يمكنني أن أشارك طريق الصليب، وأن أحمل صليبك الذي هو ينبوع خلاصي وفدائي.
إنني حينما أحمل صليبك وأتبعك، فإنني بهذا أكون جزءًا من خطة الله لأجل خلاصي وخلاص الآخرين.. بحسب قول الآباء لي [إن الله الذي خلقك بدونك، لا يخلصك بدونك].
إن إيماني بك بصورة حية، هو أن أقبل صليبك في داخلي، مدفونًا معك بالمعمودية للموت، مسلّمًا إنساني العتيق ليصلب معك، حتى باتحادي بك بشبه موتك، أصير أيضًا بقيامتك. فأعطني يا رب أن أحسب نفسي ميتًا عن الخطية، مجاهدًا في ذلك لكي أحيا لله بك؛ أنت حياتي ومخلصي.
ما أعجب اتضاعك يا إلهي لأنك قبلت أن تقع تحت ثقل الصليب مُظهرًا ضعفًا خارجيًا، لكي تجتذبني إلى مشاركة آلامك، حتى لا تفوتني مشاركة قوة قيامتك.. هكذا يا رب باتضاعك غير الموصوف رسمت لنا طريق الحياة..!!
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:36 PM   رقم المشاركة : ( 180 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,275

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

العود الرطب

"العود الرطب" (لو23: 31)

في مسيرة السيد المسيح نحو الجلجثة شرح معلمنا لوقا الإنجيلي حوارًا هامًا حدث في الطريق بين السيد المسيح والنسوة اللواتي كن يلطمن وينحن عليه.
فبعدما توصّل رؤساء اليهود إلى غرضهم في إحراج الوالي واستصدار حكم ظالم ضد السيد المسيح إذ "كانوا يلجون بأصوات عظيمة طالبين أن يصلب. فقويت أصواتهم.. فحكم بيلاطس أن تكون طلبتهم.. وأسلم يسوع لمشيئتهم" (لو23: 23-25). بعد ذلك خرج يسوع وهو حامل صليبه بعدما علا صوت الباطل أمام الوالي.
"ولما مضوا به أمسكوا سمعان رجلًا قيروانيًا كان آتيًا من الحقل، ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع. وتبعه جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتي كن يلطمن أيضًا وينحن عليه. فالتفت إليهن يسوع وقال: يا بنات أورشليم لا تبكين علىّ، بل ابكين على أنفسكن وعلى أولادكن. لأنه هوذا أيام تأتى يقولون فيها طوبى للعواقر والبطون التي لم تلد، والثّدِي التي لم تُرضع. حينئذ يبتدئون يقولون للجبال اسقطي علينا وللآكام غطينا. لأنه إن كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا، فماذا يكون باليابس" (لو23: 26-31).
كان للسيد المسيح شعبية كبيرة سبق أن أزعجت رؤساء اليهود خاصة في يوم أحد الشعانين، حينما استقبلته الجموع في أورشليم كملك "فقال الفريسيون بعضهم لبعض انظروا إنكم لا تنفعون شيئًا. هوذا العالم قد ذهب وراءه" (يو12: 19). وقد امتلأ رؤساء اليهود حسدًا وغيرة، لسبب شعبية السيد المسيح الجارفة.
لذلك دبّروا المؤامرة وقبضوا عليه في الليل خلوًا من جمع، وأجروا المحاكمة اليهودية ليلًا. ثم سلّموه في الصباح الباكر إلى الوالي، وأخذوا معهم جمهورهم الخاص الذي كان يطالب بصلب السيد المسيح..
واستيقظت أورشليم في الصباح، لتجد أن الحكم قد صدر من قبل الحاكم الروماني وانتهى الأمر ولم يعد في استطاعة الجماهير التي أحبت السيد المسيح أن تفعل شيئًا، سوى أن تتبعه في طريق الجلجثة، كما أوضح معلمنا لوقا الإنجيلي "تبعه جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتي كن يلطمن أيضًا وينحن عليه" (لو23: 27).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كان من الطبيعي أن تبكى النسوة ويلطمن على السيد المسيح، الذي وقع عليه كل هذا الظلم وهو برئ. وكان من الطبيعي أن تنكسر قلوب الرجال وهم يبصرون ملك إسرائيل وهو يساق بهذه الصورة المهينة إلى موت الصليب؛ موت العبيد.. ومع رجلين من القتلة والسارقين المجرمين.
لو أتيحت لهم الفرصة أمام الوالي لدافعوا بشدة عن السيد المسيح. ولكن المؤامرة استبعدت الصوت الحقيقي للجماهير، وضخمت صوت الباطل، كما لو كان معبّرًا عن إرادة الجماهير وإرادة الأمة. لقد حشدوا جمهورًا محدودًا أمام الوالي يطالب بصلب السيد المسيح، وتجاهلوا مشيئة الجماهير العريضة من الناس وأرادوا أن يشككوا الشعب في صدق إرسالية السيد المسيح بتطبيق حكم الموت عليه عن طريق التعليق على الخشبة، ليؤكّدوا للشعب الذي أحبه أنه قد صار ملعونًا من الله،لأنه في سفر التثنية يقول إن "المعلّق ملعون من الله" (تث21: 23).
إلى هذه الدرجة حَبَكَ اليهود المؤامرة حتى أنهم قدموا دليلًا كتابيًا من خلال أحداث الصلب على أن السيد المسيح قد صار في حكم الملعون من الله. وبهذا اهتز وضع السيد المسيح في أنظار الذين لم يفطنوا إلى خطورة المؤامرة اليهودية.
حقيقة أن السيد المسيح قد حمل لعنة خطايانا على الصليب، ولكنه إذ أوفى العدل الإلهي حقه، فقد محا اللعنة إلى الأبد. وكان دليل قبول ذبيحته وزوال اللعنة، هو أن الله قد أقامه ناقضًا أوجاع الموت، إذ لم يكن للموت سلطان عليه، لأنه كان بلا خطية من جانبه شخصيًا.
وقد سبق إشعياء وتنبأ عن هذا الأمر وقال: "نحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولًا. وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحبره شفينا" (إش53: 4، 5).
دخل الشك إلى قلوب البعض.. ولكن ذوى القلوب الأمينة الواثقة لم تهزهم المؤامرة المحبوكة. بل بقيت ثقتهم في قداسة السيد المسيح كما هي، وثقتهم في قبول الرب لذبيحته الطاهرة كما هي..
ومن أمثلة هؤلاء الأشخاص الأمناء المريمات القديسات اللواتي أحضرن الطيب ليضعنه على جسده المبارك في فجر الأحد ووجدنه قد قام.
ومن أمثلتهم أيضًا يوسف الرامي ونيقوديموس، اللذان طلبا جسد الرب يسوع من الوالي ولفاه بأكفان غالية وأحاطاه بالحنوط، ووضعاه في قبر جديد، في بستان منحوت في صخرة لم يوضع فيه أحد قط من الناس. لقد قدّما للسيد المسيح بعدما أسلم الروح على الصليب، أغلى ما عندهما، واستحقا أن يسمعا تسابيح الملائكة، وهما يكفنان جسده المقدس وهى تقول: (قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت).
حينما أبصر السيد المسيح النسوة يلطمن وينحن عليه، أراد أن يوجه أنظارهن إلى الحقيقة الثمينة.. ألا وهى أن خطايا البشر هي السبب الحقيقي لآلامه. وأن مؤامرة اليهود وقساوة الرومان، ما هي إلا أدوات استخدمتها حكمة الله ومشورته، ليتحقق من خلالها إبراز حقيقة الصراع بين الخير والشر، والذي لابد أن ينتهي بانتصار الخير في النهاية.
وقال لهم: "إن كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا، فماذا يكون باليابس؟!" وقال هذا ليتذكر كل إنسان أن السيد المسيح وهو العود الرطب، قد تألم عوضًا عنا حينما حمل خطايانا في جسده، فما الذي يمكن أن يحدث للإنسان غير التائب حينما يتراءى أمام الله بخطاياه غير المغفورة وغير المغسولة بدم السيد المسيح؟.
إن السيد المسيح قد احتمل ظلم الأشرار، لكي يوبخ خطية الإنسان غير التائب. وسيظل صوته الإلهي يدوى في سمع البشرية "إن كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا، فماذا يكون باليابس..؟!"
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص


الساعة الآن 07:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025