رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المحبة الجمعة 07 مارس 2014 القس بطرس سامي كاهن كنيسة مارمرقس بالمعادي "أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً لأن المحبة هى من الله...كل من يحب قد وُلد من الله و يعرف الله و من لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة" (1يو4: 7و8). يا أحبائى إن المسيحية بكل تعاليمها تقوم على المحبة، و فى الآيتين السابقتين يلخص لنا القديس يوحنا فى رسالته الأولى مفهوم المسيحية ، و أساسها، فالله محبة و نحن كأولاد الله يجب أن نكون مثله، خلقنا فى البدء على صورته و مثاله فالإنسان نفس و جسد و روح و الثلاثة هم فى واحد (1x1x1=1) مخلوق كإبن لله على صورته، الله الآب و الكلمة و الروح القدس و الثلاثة هم فى واحد (1x1x1=1) و بما أن الإنسان مخلوق منذ البدء على صورة الله كإبن له هكذا ينبغى أن يكون الإبن صورة من أبيه و لهذا فكل من يسلك بالمحبة هو إبن بالحق لله الذى هو هو محبة. و المحبة لها تعريف واحد فى الكتاب المقدس هى "رباط الكمال"(كولوسى 3 ) بحسب ما قال القديس بولس الرسول أى رباط كمال يربط ما بين طرفين رباطاً مقدساً له تطبيقات و ليست مجرد كلام، هذه التطبيقات شرحها القديس بولس الرسول فى رسالته الأولى لأهل كورينثوس أنها تتأنى و ترفق و لا تحسد و لا تتفاخر و لا تنتفخ و لا تُقبح و لا تطلب ما لنفسها و لا تحقد و لا تظن السوء، و لا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق و تحتمل كل شىء و تصدق كل شىء، و ترجو كل شىء و تصبر على كل شىء و لا تسقط أبداً (Never Fails) أى لا تفشل أبداً. هى السلاح الذى إذا استخدمه بنو البشر أدركوا أسمى معانى النجاح و السمو و الرفعة فالمحبة هى الله فمن يحياها يستحضر وجود الله الدائم فى حياته، و يعيش فى العالم كإبن حقيقى لله يمثل أباه و يحيا به و يكونله كل الفرح و النجاح و السعادة، يحيا كسفير عن المسيح بالحق رافعاً علم المحبة كما تقول عروس النشيد " علمه فوقى محبة" (نش2). إن الحياة الأبدية يا أحبائى ليست مكاناً سنذهب إليه و ليست مصيراً ننتظره عندما نموت و ليست ثواباً أو عقاباً على حياتنا التى نحياها بل هى حالة نتحول إليها الآن فى حياتنا هنا على الأرض عندما نسلك فى المحبة، لقد عرَّف المسيح الحياة الأبدية فى يو17: 3 أنها هى معرفة اللهالحقيقى و يسوع المسيح الذى أرسله لأجل خلاص البشرية، و بالتالى فهى حالة نحياها و نعيشها حتى و نحن مازلنا فى الجسد و على هذه الأرض المملؤة شقاءاً و بؤساً. و فى الآية المذكورة عاليه يوضح القديس يوحنا الحبيب أن من يسلك بالمحبة هو من يتصف بصفتين الأولى أنه قد وُلد من الله فهو يشابه أبيه و الثانية أنه يعرف الله أى بحسب تعريف المسيح أن معرفة الله الحقيقى و يسوع المسيح هى الحياة الأبدية أى نستطيع أن نؤكد هكذا أن الحياة الأبدية ينتقل إليها الإنسان عندما يسلك بالمحبة التى هى رباط الكمال و تنطبق حياته مع من حوله على التطبيقات التى ذكرها القديس بولس من إحتمال و صبر و رجاء و بذل من أجل من حولنا. و القديس يوحنا يؤكد أيضاً فى رسالته الأولى " نحن نعلم أننا قد إنتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الإخوة"(1يو3 :14) و أيضاً " من يحب أخاه يثبت فى النور (المسيح) و ليس فيه عثرة (1يو2 :10). و من هنا يتضح أنه بمجرد أن يسلك الإنسان بالمحبة الحقيقية و العطاء ينتقل الآن للحياة فى النور أى فى المسيح و أن هذا الإنتقال هو للحياة الأبدية من هنا على الأرض. كذلك أوضح المسيح فى إنجيل يوحنا إصحاح 14 "إن أحبنى أحد يحفظ كلامى (وصيتى التى هى المحبة) و يحبه أبى و إليه نأتى و عنده نصنع منزلاً (يو 14 :23) و كلمة منزلاً فى الترجمة الأصلية هى تعنى حلولاً أى أن الله يحل فى قلب الإنسان المملوء حباً للآخرين و الذى يحيا بالمحبة و يجاهد فى حفظها، كما قال الرسول بولس فى رسالة أفسس" ليحلالمسيح بالإيمان فى قلوبكم و أنتم متأصلون و متأسسون فى المحبة" أى أن جهادنا فى المحبة هو ما يحفظ و يضمن حلول المسيح و استقراره فى قلب الإنسان و هكذا يحيا الإنسان ليس هو بل المسيح الذى يحيا فى قلبه "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىَّ" (غل2 :20). فلنجاهد يا إخوتى فى المحبة و نحفظها فهى فقط ما تجعل الله يعيش فى قلوبنا و لنعلم أن هذه هى المسيحية و هذا هو الإيمان الحى الحقيقى أن يحيا الإنسان بالمحبة و تصير المحبة هى السلم السمائى الذى يصعده الإنسان لينمو به إيمانه و حياته مع المسيح، و لكن حذراى يا إخوتى أن تكون المحبة فى حياتنا مجرد شعارات أو كلمات بل ينبغى أن تكون فعلاً حقيقياً لكى ما نخلص بها كما يقول القديس يوحنا الحبيب "يا أولادى لا نحب بالكلام و لا باللسان بل بالعمل و الحق"(1يو 3). لهذا فلنطبق المحبة فى كل طرق حياتنا و جميع المحكات و التحديات التى نمر بها لكى ما نحافظ على حلول الله الدائم فى قلوبنا و نصير ملحاً حقيقياً للعالم و نوراً يعكس نور المسيح الحقيقى لمن حولنا فنتمتع بالأبدية و الملكوت داخل قلوبنا من الآن. |
|