رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المصرى اليوم | تعداد الأقباط بقلم حلمى النمنم صدر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أنهم لا يرصدون أعداد المواطنين الأقباط، أى لا يرصدون المصريين إحصائياً وفق الديانة، ولو صح هذا القول فإنه يعد قصوراً علمياً فى عمل الجهاز ودوره، فضلاً عن أنه ينطوى على خطأ فادح فى حق المصريين بالمعرفة. وأنا أميل إلى الشك فى أن الجهاز ليس لديه رصد لأعداد المسلمين والمسيحيين فى مصر، ومنذ سنوات بعيدة لاحظت أن الكتاب السنوى الذى يصدره الجهاز يرصد كل كبيرة وصغيرة، لكنه يتجاهل المسألة الدينية والمذهبية، فسألت رئيس الجهاز وقتها، كنا فى عام ١٩٩٩، فقال لى إنهم كانوا يرصدون أعداد المصريين وفق الديانة، وفى سنوات العكننة بين قداسة الأنبا شنودة الثالث- رحمه الله- والدولة المصرية، غضب البابا من تعداد الأقباط واعتبر الجهاز يتعمد تقليل عدد الأقباط للتقليل من شأن الأقباط، ومن ثم قرر الجهاز أن يريح ويستريح فلم يعد «يعلن» هذا الرقم، وفهمت أن هناك إحصاء لكن لا يتم تسريبه لنا كمواطنين، الجديد الذى نسمعه الآن هو أن ذلك الإحصاء لا يوجد بالمرة منذ سنة ١٩٨٦. الكتاب الإحصائى الذى يصدره الجهاز سنوياً يهتم بأدق التفاصيل، مثل عدد المواطنين الذين يمتلكون شقة من غرفة واحدة ثم من غرفتين وهكذا.. وكذلك من يمتلكون أكثر من شقة، ومن لديهم زوجة واحدة ومن لديهم أكثر من زوجة ومن لم يتزوجوا.. ثم يتطرق الإحصاء كذلك إلى عدد المرات التى يذهب فيها المواطنون سنوياً إلى المسرح وإلى السينما وهكذا، وبعد ذلك يتم تماماً تجاهل الجانب الدينى فى المجتمع.. والبداية أعداد المسلمين والمسيحيين، ونحن نتطلع إلى ما هو أكثر من ذلك، مثل عدد المسلمين السنة وعدد الشيعة، حتى لو كانوا مائة فرد، وإذا كان هناك من يعتنق مذهباً آخر، أو فرقة من الفرق الإسلامية العديدة، وفى الجانب المسيحى لابد أن نعرف أعداد الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت فضلاً عن المذاهب الأخرى الجديدة مثل المرمون وأتباع مكسيموس وغيرهم، ومن المفترض أن يتطرق الإحصاء إلى أصحاب الديانات الأخرى أيا كانت مثل البهائيين ومثل من يطلق عليهم أمنياً عبدة الشيطان وغيره مما تسمى ديانات. وطبقاً لعمل الجهاز، وهو عمل علمى بالأساس، أتوقع أن يكون هناك رصد وإحصاء بعدد المرات التى يتردد فيها كل مواطن على دار العبادة، وكم عدد الأيام التى يصومها طوال السنة وعدد مرات الحج والعمرة، وكذلك من يترددون على مقامات أولياء الله الصالحين وغير ذلك من أوجه الممارسة الدينية. والواقع أن غياب هذا البعد الإحصائى فى الجانب الدينى لدى المصريين يوقعنا فى حالة من العماء العلمى، بعضنا يهول والآخر يهون، نحن نتحدث بثقة عن أننا شعب متدين بالفطرة، ونلاحظ أن المساجد تكتظ بالمصلين يوم الجمعة، ولكنها تبقى شبه خالية بقية الأيام، وتقول لنا بعض الإحصائيات الدولية إننا من أعلى الدول والمجتمعات اتجاراً بالبشر، وإن معدلات الدعارة بمختلف أشكالها ومسمياتها فى ازدياد.. كيف يجتمع هذا وذاك؟ لو أن لدينا إحصاء دقيقاً فى الجانب الدينى لأمكن لنا الانتباه إلى كثير من الأزمات، ليس فى مجال القيم والأخلاق العامة فقط، بل كذلك فى مجال التوتر الطائفى، الذى يقفز بين حين وآخر وأرجح أنه سوف يزداد ويتسع نطاقه فى السنوات القادمة. ويدهش المرء وهو يطالع كتاب «وصف مصر» المجلد الخاص السكان، حيث نجد علماء حملة بونابرت يضعون إحصاءً تقريبياً بعدد سكان مصر وتصنيفهم الدينى والمذهبى، وندهش أكثر حين نكتشف أنه من السهل على من يتابع تاريخ مصر فى العصور «الإسلامى والمملوكى والعثمانى» التوصل إلى تعداد المصريين وفق دياناتهم عبر مبالغ الضرائب التى كانت تحصل من الأهالى، واليوم لا يكون تعاملنا فى ذلك بشكل علمى وشفاف. ربما يتخوف مسؤولو الإحصاء والتعداد من أن إعلان نسبة السكان دينياً قد يؤجج الملف الطائفى، ولكنه يمكن أن يكون البداية لصياغة علاقات متوازنة فى المجتمع، وفى كل الأحوال هذا شأن السياسيين ورئاسة الدولة وليس شأن الإحصائيين، لأن عملهم علمى وفنى بالأساس، وغياب هذا البعد فتح الباب لمزايدات، بعض الوهابيين المصريين يقولون إن عدد الأقباط فى مصر أقل من ٤ ملايين نسمة، وبعض المتأقبطين يردون بأنهم تجاوزوا ٣٥ مليون نسمة، صحيح أن قلة العدد لا تسقط الحقوق أبداً وكثرتها لا يجب أن تكون سبباً فى الطغيان على الآخرين، لكن لابد، من حسم هذا الملف إحصائياً وتلك هى البداية لبناء الدولة المدنية الحديثة التى أعلن الرئيس مرسى فى الولايات المتحدة أننا نسعى إليها.المصدر : المصرى اليوم |
|