رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَنا الكَرْمَة وأَنتُمُ الأغْصَان. فمَن ثَبَتَ فيَّ وثَبَتُّ فيه فَذاكَ الَّذي يُثمِرُ ثَمَرًا كثيرًا لأَنَّكُم، بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئًا" "كثير" فلا تأتي من كميَّة العمل أو وفرة وسائل العمل، إنَّما من الاتِّحاد بالمسيح. وعليه يتوجب على التَّلاميذ الذين اتَّحدوا بالكَرْمَة، أن يثمروا ثمرًا صالحًا، كما اختبر ذلك بولس الرَّسول: " أَستَطيعُ كُلَّ شيَءٍ بِذاكَ الَّذي يُقوِّيني" (فيلبي 4: 3). أمَّا عبارة " بِمَعزِلٍ عَنِّي (بدوني) لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئًا" فتشير إلى كل مجهود بشري الذي ينطلق من المسيح، ويصل إلى المسيح يبقى باطلاً، إن لم نستعن بقوة المسيح الخلاصيَّة، لانَّ يسوع مصدر كلِّ شيء وغاية كلِّ شيء (يوحنا 1: 3)؛ وكلُّ الجُهود ستضل غير مُجدية في نظر الأبدية، ومن هنا لا يُنكر يسوع واقع المشاريع البشريَّة وقيمتها الخاصة، ولكن لا بُدَّ من الاعتراف بأنَّها تصب آخر الأمر في فراغ إن لم يكن المُقْدِمون عليها ثابتين في المسيح، فإنَّه وحده يستطيع أن يُضفي على حياتهم وجهودهم قيمة الأبدية ، كما جاء في مقدَّمة إنجيل يوحنا: "بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان"(يوحنا 1: 3). لأنَّ العمل لا يأتي من كميَّة العمل أو وفرة وسائل العمل، إنَّما يأتي من الاتَّحاد بالمسيح ويُعلق القديس يوحنا الذَّهبي الفم "بدون قوة السّيد المسيح لا يمكن أن يعمل التَّلاميذ شيئًا، وأنَّهم على هذا المثال يحتاجون أن يتَّحدوا به كاتِّحاد الغُصن بالكَرْمَة ". نحن نثبت فيه، وهو يثبت فينا، نقيم معه ونتعلق بشخصه وهو يثبت فينا بعطايا خلاصه. فنحن، بغير صلة بالمسيح، لا نستطيع أن نؤتي تمارًا من الأعمال الصَّالحة. بدونه لا نعمة، ولا قوة ولا حياة. فمعزل عن المسيح نصبح كالكرَّامين الذين تحوَّلوا عن هدف رسالتهم، وعن مهمتهم كخدَّام وكعبيد لسيدهم، ونسوا أنفسهم وظنُّوا أنَّهم هم أصحاب الأمر والنَّهى، ونسوا أنهم وكلاء (متى 21: 33-44). كيف نستطيع أن نثابر على طريق الإيمان وعلاقتنا مع الرَّبّ؟ ومن هنا ينصحنا القدّيس فرنسيس كسفاريوس "ضعوا قوّتكم كلّها في الله". |
|