رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات وقراءات فى شخصية القديس يوحنا المعمدان الجزء الخامس مقدمة الحقيقة لايقال فى أى وقت حل الروح القدس على زكريا وألهمه بهذا الكلام الجميل , ولكن المرجح كان وقت أختتان يوحنا , فزاد زكريا على كلام أليصابات ومريم . وموضوع تسبحته ونبوته فى نفس الوقت رحمة الله وتذكره عهده مع الآباء , فيذكر أحشاء رحمته , وهذا هو المنبع الذى تنبع منه كل البركات , وكل هذا يراه زكريا حاضرا فى مجىء السيد المسيح ويركز على ما هو الله فى ذاته وليس على ما فى الشعب , كل شىء يرى كما هو معطى من جانب الله , بأحشاء رحمة إلهنا التى بها أفتقدنا المشرق من العلاء ليضىء على الجالسين فى الظلمة وظلال الموت لكى يهدى أقدامنا لطريق السلام . قدوردت فى العهد القديم عبارات كثيرة عن المسيح ككوكب يبرز من يعقوب فى سفر العدد 24: 17 17أَرَاهُ وَلكِنْ ليْسَ الآنَ. أُبْصِرُهُ وَلكِنْ ليْسَ قَرِيباً. يَبْرُزُ كَوْكَبٌ مِنْ يَعْقُوبَ وَيَقُومُ قَضِيبٌ مِنْ إِسْرَائِيل فَيُحَطِّمُ طَرَفَيْ مُوآبَ وَيُهْلِكُ كُل بَنِي الوَغَى. وكنور الصباح فى صموئيل الثانى 23: 3- 4 3قَالَ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ. إِلَيَّ تَكَلَّمَ صَخْرَةُ إِسْرَائِيلَ. إِذَا تَسَلَّطَ عَلَى النَّاسِ بَارٌّ يَتَسَلَّطُ بِخَوْفِ اللَّهِ، 4وَكَنُورِ الصَّبَاحِ إِذَا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ. كَعُشْبٍ مِنَ الأَرْضِ فِي صَبَاحٍ صَحْوٍ مُضِيءٍ غِبَّ الْمَطَرِ. وشمس البركما فى ملاخى 4: 2 2«وَلَكُمْ أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ اسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا فَتَخْرُجُونَ وَتَنْشَأُونَ كَعُجُولِ الصِّيرَةِ. إلى خلاف ذلك... وكلام زكريا هنا يتضمن جميع البركات المتعلقة بشعبه ومختاريه . ويذكرها هنا كأنها قد حضرت لأن الله آخذا بتتميمها بحضور المسيح الذى تضمن فى شخصه جميع البركات المتنبأ عنها سابقا . لأنه مهما كانت مواعيد الله فهو فيه النعم وفيه الأمين لمجد الله بواسطتنا كما يقول بولس الرسول فى رسالته الثانية لكورونثوس 1: 20 20لأَنْ مَهْمَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ اللهِ فَهُوَ فِيهِ النَّعَمْ وَفِيهِ الآمِينُ، لِمَجْدِ اللهِ، بِوَاسِطَتِنَا.فجميع النبوات تنسب إليه له المجد , العتيد أن يعلن لأنه هو بذات شخصه المصدر الوحيد الذى ينبثق منه , وأبراهيم نفسه تهلل وفرح أن يرى يوم ظهور مجد المسيح , ونرى أن الوحى دائما إذا تكلم عن المسيح بإعتبار كونه موضوع النبوات لا يقتصر على تتميمها الجزئى بل يبلغ إلى وقت النهاية ويعبر عن ظهور المجد بتمامه ويعلله بالمسيح نفسه , ومن حيث أن المسيح مصدره يشير الوحى إلى المجد كأنه قد حضر بشخصه. ولكن يوجد هنا فرق بين كلام الأنبياء وكلام زكريا , بحيث أن هؤلاء سبقوا وأنبأوا بحوادث مستقبله وبالأفراح العتيدة أن تختلج فى قلوب الأتقياء حين يولد المسيح , فعرفوا أن ذلك لا يصير فى أيامهم ولو رحنا لرسالة معلمنا بطرس الرسول الأولى لعرفنا ذلك 1: 10- 12 10 الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ، 11 بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا. 12 الَّذِينَ أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي أُخْبِرْتُمْ بِهَا أَنْتُمُ الآنَ بِوَاسِطَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوكُمْ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُرْسَلِ مِنَ السَّمَاءِ. الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا.وأما زكريا فأشار إليه كحاضر , عبر عن الخلاص والبركة المختصين بشخصه , نحن نعلم أنه قد رفض من إسرائيل شعبه , فبالضرورة تأخر تتميم كلام زكريا فعلا , ثم أعلنت حقائق أخرى مجيدة تتم لنا وقت رفعه وجلوسه فى السماء ولكنه عند أرساله الروح القدس يأتى بالبركة والراحة للعالم كله . ها هو الرب يتمم رحمته التى وعد بها الآباء , وتذكر عهده المقدس وقسمه لأبراهيم . كان قد وعده فى سفر التكوين ( يتبارك فى نسلك جميع أمم الأرض) وأكده بقسم وإذ لم يكن له أعظم يقسم بيه , أقسم بذاته , هو الوحيد الذى له حق القسم , وهكذا فى مجىء ربنا يسوع المسيح تحقيق لوعد الله لإبراهيم ومنه تبعت البركة للجميع . وتحقق للكنيسة الآن ( أننا بلا خوف.... نعبده بقداسة وبر قدامه جميع أيام حياتنا ) . فمن بعد خلاصنا بمعموديتنا لنا فى شخصه الإنقاذ من أيدى أعدائنا الروحيين أى من الجسد والشيطان والعالم , ونعبده بقداسة ونخدمه ببر جميع أيام حياتنا . إن ما نحتاجه اليوم إنما هو الحكم على الذات , وهذا هو السبب الذى من أجله جاء يوحنا لكى يكون أمام الرب كنبى العلى , وتأثير خدمة يوحنا أنه يوجه الخطاة للحكم على الذات والتوبة , وعندما يصل الشخص إلى هذا الأمر , فلا يوجد شىء يمنع تحركات العلى نحوه فى نعمة فائقة , أما إذا كان هناك إمتلاء بالذات فلا ينتظر هذا الشخص شيئا من الرب فى طريق البركة , فتعالوا نكمل تسبحة زكريا. 76* 76وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى،لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. أبتدأ زكريا ينظر لأبنه ويتكلم عنه , أن الشخص الموعود هو أبن العلى لكن أنت نبى العلى تدعى ,أن دور يوحنا أنه يتقدم أمام المسيح علشان يهيىء الطريق أمام المسيح . 77* 77لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، أرجو أننا نتبه لهذه الآية لأن هنا أكتمل مظهر الخلاص فى العهد الجديد وكما قلنا أن الفكر اليهودى للخلاص كان مجرد خلاص من أيدين الأعداء والمبغضين لكن هنا بيعطينا المفهوم الجديد للخلاص وأن الخلاص يساوى مغفرة الخطايا ولأول مرة ينفتح العهد الجديد وتقدمه المسيحية أن الخلاص ليس مجرد الخلاص من الأعداء ولكن الخلاص الحقيقى هو غفران الخطية , ونرى المقابلة اللطيفة أن دى فعلا شغلانة يوحنا أنه كيف أعد الطريق أمام المسيح ؟ نجد الأجابة أنه جعل الناس تتوب فكان بيعمدهم معمودية التوبة لمغفرة الخطايا , وهنا أبتدأ المفهوم الجديد للخلاص يظهر أن الخلاص هو بغفران الخطية وأن مفيش حاجة تذل الإنسان ومفيش حاجة تكتف الإنسان ومفيش حاجة تضيع الإنسان إلا الخطية, مش من شوية ناس بيتآمروا أو مش من شوية ناس بيضايقوا أو من شوية تصرفات بتحصل فى حياة الإنسان . لكن الشىء الوحيد اللى بيتعب الإنسان والإنسان محتاج إلى خلاص منه هو الخطية , وإحنا للأسف لما كل واحد بيقعد يفكر فى حياته ويشوف الحاجات اللى بتنغص عليه عيشته ومتاعبه يقول آه من زوجته أومن زوجها أومن ناس معينين مستقصدينه فى الشغل أو من جيرانه أو من واحد ظالمه فى الميراث أو من خلافات أو من خناقات ويفتكر أن حياته مرة بسبب شوية الناس والمشاكل الموجودة فى حياته لكن فى واقع الأمر أن مرارة الحياة وأنت محتاج للخلاص مش من الناس ,أنت محتاج للخلاص من الخطية اللى موجوده جواك , يعنى مشكلتك ومشكلتى مش فى الناس لكن المشكلة فينا فى الخطية المتربصة جوانا فعلشان كده معنى التجسد أن المسيح تجسد لخلاصى وأنه جاء لأجل مغفرة خطاياى , وهو ده المفهوم الجديد اللى لازم تدركه ولازم تعيشه وإلا حايكون ميلاد المسيح بالنسبة لك لا يساوى أى شىء يعنى لو ذهبت للكنيسة وحضرت سبعة وأربعة! +(( أما كلمتى سبعة وأربعة وهى المعروفة بتسبحة كيهك وهى تبدأ من أول شهر كيهك , فهى تشير الى السبعة ثيؤطوكيات (تمجيد لوالدة الاله) والأربعة تشير الى الهوسات (التسبيح) والاربعة هوسات كلها تسبيح للعزة الالهية ونجد ان الهوس الاول:هو تسبحة النصرة بعد عبور موسى وبنى اسرائيل للبحر الاحمروالهوس الثانى:هو المزمور135 وفيه تقدم الكنيسة الشكر لله من اجل محبتة الفائقة للخليقة و الهوس الثالث:يشمل تسبحة الثلاث فتية القديسين الذين القوا فى أتون النار والهوس الرابع:يشمل شكر الخليقة على مراحم الرب )) ولوصمت صوم الميلاد ولو لبست ملابس جديدة فى العيد وجاملت الناس وأكلت وشربت وأتفسحت لكن ما زالت الخطية مسيطرة جوه يبقى ماعرفتش ميلاد المسيح , فهنا المفهوم الجديد للخلاص هو مغفرة خطاياهم وهذا ما سيتكلم عنه يوحنا وهذا ما سيحققه المسيح فى حياة البشر وهو الخلاص العظيم الذى سيقدمه المسيح فى سر الفداء . 78* 78بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلَهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ.ونأخذ بالنا من الربط الجميل أن هذا الخلاص لغفران الخطية سيتم بأحشاء رحمة إلهنا ! طيب هو ربنا له أحشاء !؟ وكلمة أحشاء تعنى الأعضاء الداخلية فى جسم الإنسان وهى القلب والرئتين والكليتين والطحال .... وبأستمرار فى العهد القديم الأحشاء التى بداخل الحيوان كانت من نصيب ربنا وكانت تحرق على المذبح , إذا كلمة أحشاء دى على طول تساوى ذبيحة وكأن مغفرة الخطايا والخلاص لمغفرة الخطايا مش حايتم إلا بذبيحة إلهنا , ومين هو أحشاء رحمة الله , طبعا هو المسيح , وعلشان كده هذا الخلاص بواسطة هذه الذبيحة التى تقدم وهى الذبيحة الإلهيه وليست الذبيحة الحيوانية , وبعدين بيقول التى بها أفتقدنا المشرق من العلاء ,وكما قلنا سابقا كلمة أفتقدنا تعنى أنه زارنا ونزل لحد عندنا وتجسد من أجلنا ذلك شمس البر الذى أشرق من العلاء , وعلشان كده بنجد دلائل كثيرة لميلاد المسيح أنه نجم ظهر فى المشرق كما تشرق الشمس من ناحية المشارق , المسيح هو النور الذى جاء ليضىء علينا كلنا علشان يقدم لنا هذا الخلاص . 79* 79لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ». ليضىء على الناس اللى عايشة فى الظلام واللى أحبت الظلمة واللى الظلمة أكتنفتها وغلبتها وجرتها وجرجرتها وحبستها لأن كل أنسان عايش فى الظلمة هو أنسان عايش فى الخطية , وهنا على طول نلاقى فى وحى روحى نبوى فزكريا يستلهم نبوات العهد القديم كلها ,أن المسيح حاييجى علشان ينور كنور حقيقى للناس اللى عاشت فى الظلمة وظلال الموت ,فالمسيح إذا بينير على حاجتين 1- ظلمة أو الناس اللى عايشة فى العالم فى الظلام 2- ظلال الموت وهم الناس اللى ماتوا ونزلوا فى الجحيم لأن الجحيم أيضا ظلمة فلو رحنا لسفر أشعياء 9: 1- 3 1 وَلَكِنْ لاَ يَكُونُ ظَلاَمٌ لِلَّتِي عَلَيْهَا ضِيقٌ. كَمَا أَهَانَ الزَّمَانُ الأَوَّلُ أَرْضَ زَبُولُونَ وَأَرْضَ نَفْتَالِي يُكْرِمُ الأَخِيرُ طَرِيقَ الْبَحْرِ عَبْرَ الأُرْدُنِّ جَلِيلَ الأُمَمِ. 2اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُوراً عَظِيماً. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ. بنشوف هنا النبوة الجميلة اللى لقطها زكريا وأتكلم فيها فنجد أن الشعب السالك وكلمة سالك تعنى عايش فى الظلمة جاله نور عظيم لما المسيح تجسد , وبعدين بيقول الجالسون فى أرض ظلال الموت وهم اللى ماتوا وأستقروا فى أعماق الجحيم وأشرق عليهم نورا , وأيضا لو رحنا لأشعياء 42: 6- 7 6أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ وَنُوراً لِلأُمَمِ 7لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ. وما هو بيت السجن ؟ هو الجحيم , فهنا أشرق النور العظيم المشرق من العلاء علشان يجدد هذه الظلمة , وبعدين بيقول لكى يهدى أقدامنا فى طريق السلام , يعنى الواحد اللى ماشى فى النور بيعرف هو بيضع رجليه فين , ولكن اللى ماشى فى الظلام مايعرفش رجليه بتوضع فين ويمكن يقع فى حفرة أو يقع فى المياه , علشان كده النور يعطى الإنسان سلام وسلامة وهنا المسيح النور المشرق من العلاء جاء علشان يقود الإنسان ويهدى خطوات الإنسان لطريق السلام وعلشان كده حانشوف أن أول كلمة أتقالت وأعلنت للبشرية عند ميلاد المسيح وهى المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة , يعنى السلام هنا تحقق فى العالم فقيادة النور لينا تقودنا فى مسيرة السلام . 80* 80أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ. يوحنا أتملى من بطن أمه بالروح وأتولد ماسك فى أيدين ربنا وعاش ينمو ولكنه كان ينمو بالروح أيضا , وكان فى برية الأردن إلى يوم ظهوره لإسرائيل وهنا لوقا بيدمغ قصة يوحنا وهى أن يوحنا أختفى عن الأنظار وراح برارى الأردن وظل لا أحد يعرف عنه حاجة لحد ما جاء فى سن الثلاثين يعنى ربنا كان بيهيئه فى الخفاء للخدمة الخطيرة المعينة وأبتدأ يظهر لإسرائيل , لكن موقعه فى البرارى شىء مهم جدا وبنشوف أن البرية بإستمرار كان ليها دور فى حياة الناس العظام , فموسى قبل ما يخرج الشعب من مصر عاش أربعين سنة فى البرية , والسيد المسيح قبل ما يبتدى خدمته صام أربعين يوم فى البرية , وإيليا النبى , ويوحنا المعمدان أيضا كانت حياته كلها فى البرية وعلشان كده يوحنا مرتبط بإيليا لأن كلاهما ممتلئين بالروح ,و كما عاش إيليا فى البرية فإن يوحنا أيضا عاش فى البرية ,وإيليا وقف أمام الظلم وكذلك يوحنا وقف أمام الظلم وإيليا توب الناس وأيضا يوحنا توب الناس ولذلك جاء يوحنا بروح إيليا . لكن أيه معنى البرية دى ؟ كما سيرسم لنا لوقا بعد كده أن يوحنا فى البرية كان طعامه بسيط جدا , جراد وعسل برى وكان لباسه وبر الإبل , يعنى حاجة بسيطة جدا حتة جلده متغطى بيها , بينما يوحنا هذا كان فى الواقع نصيبه وحظه أنه ما يكونش فى البرارى ويكون مكانه فى الهيكل من ضمن الكهنة , وكان اللاويين لسن العشرين يبتدوا يتعلموا خدمة الهيكل لحد ما ييجى سن الثلاثين لكى يمارس عمله ككاهن , لكن يوحنا ترك ثلاثة أشياء وهى 1- ترك المركز ككاهن .2- ترك الملبس والمأكل .3- عاش فى البرية , وبكده يكون تخلص من أكبر فخاخ الناس كلهم لأن الجنس البشرى دائما بيقع فى أحد هذه الفخاخ حتى الآن , فخ الكسوة وحانلبس أيه , وفخ القوت وحانأكل أيه ونشرب أيه , وفخ المركز أو مركزى أيه فى هذا الكون , وهى دى الثلاثة فخاخ اللى الأنسان بيضيع بسببهم , ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ وماذا نلبس؟ . الحقيقة الناس غارقين لفوق رأسهم فى اللبس وفى الأكل وفى الشرب وفى المركز , ولو شفنا مثلا اللبس وجنون الموضة والأزياء واللى بيتصرف عليها ومش من أجل أن الناس محتاجة لثياب تلبسها لكن هم بيغيروا الملابس كل سنة مش لأنهم محتاجينها ولكن للحاجة إلى التغيير أو للحاجة إلى الظهور علشان الإنسان يظهر فى رونق أجمل , وكم من مشاكل بتتجر وراء مثلا الموضة لدرجة أنه ممكن الإنسان يضحى بكل شىء علشان يقلد غيره لمجرد الرغبة فى تغيير الزى والمظهر , وهو جنون من غير دافع ومن غير رادع ومحدش قادر يوقفه وحتى كده بيسموه جنون الموضة لأن الإنسان وقع تحت هذا الفخ أو فخ الكسوة , فخ الأكل والشرب اللى قال عنهم بولس إلههم بطنهم ومجدهم فى خزيهم . وكم من حياة ناس كثيرة بتضيع بسبب الأكل والشرب وبسبب الملبس وعلشان كده السيد المسيح قال على فم بولس لتلميذه تيموثاوس فى الرسالة الأولى 6: 8 8فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. وده اللى عمله يوحنا نجا من فخ القوت والكسوة وأكتفى بيهم وأيضا نجح فى أنه ينجوا من فخ المركز لأنه رفض الكهنوت فى أيام حنان وقيافا وما أدراكم بهذا الكهنوت من منصب ومن مركز ومن سلطان ومن غنى ومن مجد , حتى أن الإنسان اللى بيتحرر من إرتباطاته اللى بيرتبط بيها أو بيبقى تحت سلطانها يستطيع أنه ينطلق زى ما يوحنا أنطلق وصار أعظم مواليد النساء لأن الناس فى مفهومها أن أعظم مواليد النساء هو اللى يأكل أحسن أكل ويلبس أحسن لبس واللى يأخذ أحسن مركز لكن ده مش فى نظر المسيح وعلشان كده عاش يوحنا فى البرارى عيشة البساطة وتحرر من كل إغراء وتحرر من كل خوف لأنه كان إنسان ممتلىء من الروح وليه علاقة بالروح القدس وبيقفل القديس لوقا هنا عن القديس يوحنا لحظة لكى ما يستكمل قصة ميلاد السيد المسيح وبعد كده يرجع مرة تانية ليوحنا. يجب أن نلاحظ أن الأصحاح الأول من بشارة معلمنا لوقا قد أقتصر أقتصارا مدققا على مواعيد الله لإسرائيل أى للآباء , ويذكر فيه الكهنة ويوحنا المعمدان والمسيح بإعتبار كونه خاصة لإسرائيل وذلك كله مبنى على عهد الله وقسمه , ولا نرى ذكرا للناموس بحصر معنى هذه اللفظه , لأنه لم يقدر أن يمنح بركة واحدة لإسرائيل مع أنهم أفتخروا به ! . فنراهم هنا فى حالة الذل , ويعبر عنها بحالة أمرأة عاقرا أو كالتى ليس لها رجل , فلا يوجد أقل أمر لهم إلا بقوة الله ونعمته , الناموس يسود على الإنسان ما دام حيا , فإنه يفترض وجود قوة فيه ويطلب منه أن يأتى بثمر الله لكى يحصل على البركة, ولكن المسيح لم يحضر إلى أسرائيل بموجب الشريعة أو على مبدأ ناموسى. فإن الله إنما أرسله مجانا من تلقاء محبته . ولكن ينبغى لإسرائيل ولنا أيضا أن نقبله بالإيمان . ولذلك نرى الأهمية العظمى فى هذا الإصحاح هى الإيمان . كان على زكريا أن يسلك فى خطوات أبراهيم أبيه , ولما عسر عليه ذلك كان الحكم عليه بالصمت . مع أن الله لم يتأخر عن إجراء عمله لأنه إنما أخذ يعمل فى نعمته بمقتضى مواعيده السابقة . فلذلك نرى أيضا أنه لم يعلن هذه الحوادث العجيبة إلا للذين فيهم إيمان . لأن إبنه العزيز وسابقه كلاهما دخلا إلى العالم وهم غير معروفين عند العالم, فتعالوا نتابع ماذا كتبت البشارات الأربعة عن تمهيد يوحنا المعمدان الطريق للسيد المسيح . يوحنا المعمدان يمهد الطريق أعلنت الأناجيل الأربعة عن مهمة القديس يوحنا المعمدان ووضع كل منها صورة جميلة سنتعرض لكل منها على حدى . أولا أنجيل متى ( يوحنا المعمدان يمهد الطريق) ففى أنجيل معلمنا متى فى الأصحاح الثالث من عدد 1- 12 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.3فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ القَائِل: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».4وَيُوحَنَّا هَذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَاداً وَعَسَلاً بَرِّيّاً.5حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ،6وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: «يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ.9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لِإِبْراهِيمَ. 10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلَكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ». 1* حتى 3* 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.3فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ القَائِل: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».بينقلنا معلمنا متى لمنظر يوحنا المعمدان وهو فى البرية وكانت السن التى وصل ليها يوحنا المعمدان هو سن الثلاثون وهو السن اللى المفروض فيه أنه يأخذ الكهنوت ومعروف أن يوحنا هو أبن زكريا وزكريا أبوه كان كاهنا من سبط لاوى فكان المفروض أن يوحنا يطلع كاهنا مثل أبوه وكان المفروض أنه فى سن الثلاثون أنه يتقدم إلى الهيكل من أجل أنه يمارس وظائف كهنوته أو يأخذ مكانه فى فرقته لكن بنجد أن يوحنا بيروح لبرية اليهودية ويبتدى يعلن أعلان لكل الناس , والحقيقة شخصية يوحنا المعمدان شخصية عجيبة جدا بالرغم من أنه لم يقوم بعمل أى معجزة بعكس الأنبياء الآخرين لكن السيد المسيح قال عنه فى لوقا 7: 28 28لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ أَعْظَمُ مِنْهُ». بالرغم من أنه لم يقم بأى أعمال عجيبة جدا ! ولكن وكما سنرى الآن أن عظمة يوحنا كانت فى أنه عاش الكلام اللى بيقوله , ياما فى ناس كثيرة بتحاول تخلد نفسها أو تخلد أسمها بأعمال جبارة أو بتكون مهتمة بكيفية الحفاظ على أسمها ثابت وخالد عبر الأجيال يعنى بتتعب نفسها وتكون أسر وتكون مجد و تكون ثروات و تكون وظائف علشان يفضل أسمها مخلد والحقيقة أيضا فى الآخر بعد ده كله برده بتتنسى , لكن العجيب فى يوحنا أنه نسى نفسه ولذلك خلد أسمه ولم يهتم بنفسه لكنه أهتم برسالة هو نفسه كان شاعر أنه محتاج لها وأن هو جاء مخصوصا لهذه الرسالة وهى أن يعد الطريق أمام السيد المسيح وكان أعداد هذا الطريق من خلال المناداة بكلمتين وهى أنه بيقول ( توبوا لأنه أقترب ملكوت السموات) , يوحنا كان قدامه فرصة كبيرة أنه ينضم لسلك الكهنوت ولوتخيلنا قد أيه مكانة الكهنوت فى هذا الوقت اللى كان فيه حنان وقيافا وما أدراكم بهذين الأثنين كان الكهنوت له سلطة جبارة جدا وكان ليه مجد وكان ليه ثروة وكان الكهنة واخدين وضعهم بشكل جبار جدا فى اليهودية . 4*4وَيُوحَنَّا هَذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَاداً وَعَسَلاً بَرِّيّاً. لكن نشوف نجد يوحنا نسى نفسه ولم يجرى وراء الكهنوت أو وراء المنصب أو وراء المنظر الجميل وأيضا عاش بتولا ونسى نفسه ولم يرتبط بل أيضا أنه عاش متجرد من كل الثروات أو الخيرات أو المتع الدنيوية لدرجة أن الوحى بيوصفه أنه كان لباسه وبر الأبل وأكله جراد وعسل برى , يعنى يوحنا لم يهتم بذاته ولم يمكث فى التخطيط فى أيه اللى يعمله ويخلد بيه أسمه وكيف يتمتع لكن يوحنا دائما كان بيفكر فى كيف يعد الطريق أمام الله , وكان العجيب أن هذا الأنسان اللى نسى نفسه هو الوحيد اللى أستحق أن المسيح يقول عنه أنه أعظم مواليد النساء . والى اللقاء مع الجزء السادس تكملة يوحنا المعمدان يمهد الطريق من أنجيل معلمنا متى البشير. راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين. |
30 - 08 - 2012, 10:54 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: تأملات وقراءات فى شخصية القديس يوحنا المعمدان
شكرا للتأملات المميزه
|
||||
31 - 08 - 2012, 09:17 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات وقراءات فى شخصية القديس يوحنا المعمدان
شكرا على المرور |
||||
01 - 09 - 2012, 12:13 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: تأملات وقراءات فى شخصية القديس يوحنا المعمدان
شكراً على مشاركتك
ربنا يبارك حياتك |
||||
01 - 09 - 2012, 08:45 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات وقراءات فى شخصية القديس يوحنا المعمدان
شكرا على المرور |
||||
|