رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العولمة مرة أخرى، ومناقشة تأثيراتها
نتابع ما ذكرناه في المقال السابق فنقول: * من أهم عناصر العولمة: الحضارة وانتقالها من بلد إلى بلد: وكلمة الحضارة واسعة جدًا في معناها, فهي تشمل الثقافة والرقى وسائر القيم والعادات السائدة. أما عن الثقافة, فلا ننسى مطلقًا فضل العولمة في نشر العلم والمعرفة, مع الوضع في الاعتبار بعض أنواع المعرفة المبنية على الشك كالفلسفات الملحدة وكالأفكار الاقتصادية التي تميل إلى الشيوعية أو إلى التطرف بوجه عام. أما من جهة العادات والطباع والقيم, وأمثال ذلك مما يسمونه في الغرب Culture, فإن فيه اختلافًا كثيرًا بيننا وبينهم. ونحن نلاحظ أن الذين يقيمون فترة طويلة في بلاد الغرب متغربين عن أوطانهم, يعودون بشخصيات وعادات مختلفة عما كان لهم من قبل, بل حتى لكنة ولهجة صوتهم تتغير, وكذلك طريقة تفكيرهم أيضًا... * كذلك للعولمة تأثيرها من جهة المجتمع والأسرة والمرأة: * وهنا نسأل ماذا يكون وضع المرأة الشرقية في ظل العولمة, حيث وصلت المرأة في بعض بلاد الغرب إلى منصب رئيس الوزراء, وتنافس على منصب رئيس الدولة أيضًا. ونحن نشكر الله أن بلادنا مصر قد أفسحت المجال السياسي والإداري والاجتماعي أمام المرأة. فيوجد لدينا أكثر من وزيرة, وكذلك وكيلة مجلس الشعب امرأة. وعدد كبير من النساء في رتبة وكيل وزارة, ورتبة مدير عام. كما تم تعيين ثلاثين امرأة في القضاء... ولكن هل ستقبل بلاد الشرق العربي أن تصل المرأة إلى هذا المستوى أو أكثر؟ بينما في بعض البلدان العربية تجاهد النساء لكي يكون لهن مجرد حق الانتخاب في بعض المجالس! * ثم في ظل انتشار العولمة ستعود مناقشة موضوع الحجاب والنقاب بالنسبة إلى المرأة. وكذلك ربما تظهر مشكلة الزواج المشترك ما بين طرفين مختلفين في المذهب. * تدخل مشكلة أخرى في محيط الأسرة وهى مدى احترام وطاعة الوالدين والكبار عمومًا. فنحن في الشرق نوقّر الكبار غاية التوقير, ونطلب رضى وبركة الوالدين, بينما في الغرب توجد الاستقلالية في الشخصية كلما وصل السن إلى مرحلة الشباب, ولا يجد الأبوان الفرصة الكافية لتأديب أبنائهم. ويمكن للابن أن يطلب تدخل الشرطة رسميًا للحد من سلطان أبيه أو تدخله في شئونه الخاصة...! وعلى الرغم من اعترافنا بفضل العولمة في انتشار العلوم ورقيها, إلا إننا نجد بعض نواحي العلم- وبخاصة في موضوع الإنجاب- قد سارت في تيار لا يتفق كثيرًا مع قيمنا ومع بعض مبادئنا الدينية: * من ذلك وجود بنوك البويضات المخصبة...حيث يمكن للمرأة أن تختار النوع الذي تريد أن يُولد به ابن لها: من جهة طوله أو لون بشرته أو لون شعره أو درجة ذكائه. وتختار البويضة المخصبة التي تناسب طلبها, بغض النظر عن كيف أخصبت, وما شرعية ذلك, وما مدى تحكم علماء تلك البنوك في الجينات البشرية وتوفيقها بأسلوب خاص لتأتى بالنتيجة المطلوبة... * يضاف إلى هذا التطور الواسع في موضوع الاستنساخ, الذي بدأ بتطبيقه على الحيوانات, ثم تطور إلى مجال البشر أيضًا. نحن لا نقف ضد العلم, ولكن من المفروض أيضًا أن تكون للعلم حدود لا يتعداها إلى الدخول في المشيئة الإلهية! نحن لا ندعى إطلاقًا بتدخل العلماء في القدرة على الخلق, وهم لا يدّعون ذلك, لأن الخلق هو الإيجاد من العدم, وهذا خارج نطاق العلم, ولكن تصرفهم في الخليقة حسب هواهم أو فكرهم الخاص هو موضوع من المفروض أن تكون له ضوابط وحدود. * نقطة أخرى وهى استئجار الأرحام, حيث يمكن نقل بويضة لأم معينة إلى رحم امرأة أخرى. ثم يُولد طفل له أم طبيعية وأم استأجروها ليولد منها!! وإلى أيهما ينتسب؟! العولمة أيضًا لها تأثيرها في محيط التجارة والصناعة: إذ توجد بلاد يمكن أن تقدم صناعات بسعر أقل, وتسوّقها في بلاد أخرى, فتؤثر على ميزانها الاقتصادي, وعلى صناعتها المحلية, وبالتالي على وضع العمالة فيها. وربما هذا الأمر يوجد جوًا من التنافس في مجال الإنتاج ووفرته وجودته وسعره. ولكن ليست كل الدول تقدر على مثل هذا التنافس.. وكمثال واضح اختبرناه في مصر, انتشار الصناعة الصينية في نواح متعددة, وبأسعار أقل من السوق. بل عن طريق العولمة انتشرت صناعاتها أيضًا في بلاد أخرى غربًا وشرقًا. لا ننسى أيضًا تأثير العولمة على اللغة. ويظهر هذا واضحًا في كثير من العلوم. فنحن نستعمل العديد من الألفاظ اليونانية, مثل كلمات: فلسفة, جغرافيا, جيولوجيا, إستراتيجية, تليفون, تلغراف تكنولوجيا. ونستخدم أيضًا عبارات في الطب والدواء ليست عربية مثل الكوليسترول, والفيتامينات. وعمومًا فإن تعريب الطب غير ممكن من جهة, وضار من جهة أخرى, إذ يوقف الصلة بالبحوث العلمية, والمؤتمرات العلمية, والمجلات والكتب التي عن الطب والصيدلة. وغالبيتها بلغات أجنبية. إننا تعودنا أن نستخدم عبارات ليست عربية مثل درجة الماجستير وهى كلمة لاتينية, ومثل كلمة (مايسترو) عن معلم الموسيقى, وهى كلمة إيطالية, ومثل كلمة كيمياء وهى هيروغليفية الأصل أو قبطية. بل أن كلمة (لغة) نفسها ليست عربية, وإنما أصلها يوناني. أما في العربية فنستخدم عبارة (لسانًا عربيًا فصيحًا). ومن أقدم وأشهر القواميس في العربية كتاب لسان العرب لابن منظور وليس لغة العرب. ختامًا, لا خوف من العولمة على ثوابتنا العقيدية, فهي أعمق من العولمة, أما الحضارة والثقافة فهي ملك الجميع. |
08 - 12 - 2021, 11:24 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العولمة ( 2 )
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
08 - 12 - 2021, 03:51 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: العولمة ( 2 )
مرور جميل جدا وراائع الرب يباركك |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
موسي النبي في زمن العولمة |
العولمة وتحدياتها في الخدمة المسيحية |
العولمة ( 1 ) |
الأقباط والإصلاح الكنسي في زمن العولمة 1 |
العولمة: فوائدها وتأثيرها وأضرارها |