ما هي اضطراب الطبيعة لصلب خالقها؟
كانت دقات المسامير فى يدىّ وقدمىّ السيد المسيح مثل معاول تهدم فى مملكة إبليس.. لأن اليد التى سُمرّت هى تلك اليد المتحدة باللاهوت.. هى يد الله التى قدّمت الخير، كل الخير للخليقة، وهى اليد التى جبلت آدم وحواء كقول المزمور “يداك صنعتانى وجبلتانى” (مز118: 73).
كانت طرقات المطرقة تدوى فوق الجلجثة أثناء تسمير السيد المسيح فوق الصليب، وكانت أيضاً معاول هدم حصون إبليس تدوى فى أسماع الملائكة الذين وقفوا مبهورين من محبة الله الباذلة إلى المنتهى.
لقد ارتبكت الخليقة، واضطربت الأرض، وكأنها قد اقشعرت من القساوة التى عومل بها الله الكلمة المتجسد. ولهذا فقد تزلزلت الأرض والجبال وتشققت الصخور لأن دقات المسامير أفزعتها. وغضبت الطبيعة مما فعله الخطاة بخالق الطبيعة ومبدعها.
وحينما تعرّى الابن الوحيد من ثيابه: أخفت الشمس أشعتها وكأنها تشعر بالخجل من تعرية خالقها الذى ألبس المسكونة جمالاً وبهاءً، حتى زنابق الحقل ولا سليمان فى كل مجده كان يلبس كواحدة منها.
لقد سمح الرب للخليقة غير العاقلة أن تبدو فى اضطراب ليبكّت قساوة الإنسان. فالصخور بدت وكأنها كانت أكثر إحساساً وشعوراً من تلك القلوب القاسية التى صارت أقسى من الصخر لسبب الخطايا والشرور التى أعمت بصيرتها.
وهكذا أرعدت الطبيعة لكى يستفيق قلب الإنسان ويدرك مقدار من هو ذبيح فوق الصليب.. إنه الله الكلمة نفسه الذى تجسد وافتدانا من اللعنة والموت. فما أعجب محبتك غير الموصوفة يا ربنا القدوس؟!!..