العريس في جنتهِ
دَخَلْتُ جَنَّتِي يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ. قَطَفْتُ مُرِّي مَعَ طِيبِي ...
كُلُوا أَيُّهَا الأَصْحَابُ. اشْرَبُوا.. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ
( نشيد 5: 1 )
في نهاية ص4 من سفر النشيد طلبت العروس من عريسها أن يأتي إلى جنتهِ (16:4 ) ويأكل ثمرَهُ النفيس. فأجابها فورًا ودخل.
(1) تعريف الجنَّة: الجنة هي قلب مُكرَّس للرب أو قُل قلب نقي لا يراعي إثمًا، علَّمَتهُ النعمة طويلاً وعميقًا وخلَّصته من أشواكه. كما غرست فيه من البركات الروحية كالمحبة الأخوية والبر والقداسة. وهذا القلب لا يتأخر الرب عن زيارته. وهو قلب للرب فيه الحرية المُطلَقة أن يُضيف مَن يشاء ويُطعِمهم على ما يشاء.
(2) العريس فى جنته: وبمجرَّد أن دخل العريس جنته ابتدأ يَشْتَمَّ الروائح العَطِرة الفوَّاحة. وأول ما فعله أن اقتطف «مُري مع طيبي». وإن كنا في المُرّ نرى الألم، ففي الطيب نرى الروائح الذكية التي تفوح من حياتنا نتيجة الألم. فلا داعي للرثاء لذواتنا أثناء آلامنا. فمهما كان سببها لو صاحبها تذلُّل بانكسار لتصَاعدت منها روائح سرور لإلهنا. فالمُرّ والطيب هما أعطر ما في الجنة.
ولم يكتفِ العريس بما اقتطفه لكنه أكل شهدُه مع عسله. وشرب خمره مع لبنه. وإن كنا في العسل نرى الطعام القوي الذي يُنير العينين كما حدث مع يوناثان ( 1صم 27: 14 ). وإذ إن كلمة الله تُشبَّه بالعسل وقطر الشهاد ( مز 10: 19 )، لهذا ففي العسل يمكن أن نرى المواعيد الثمينة من الكلمة التي تسندنا في إعيائنا، والتي حُفرت في قلوبنا، وها هي تُشبع العريس فى زيارته. وأما اختباراتنا البسيطة وتسبيحاتنا التلقائية الصباحية أو المسائية فتُشبَّه باللبن طعام الأطفال، والذين من أفواههم أسَّس تبارك اسمه حمدًا وتسبيحًا. وحتى هذه المقدسات ولو بَدَت بسيطة فهي تروي العريس وتلذِّذ نفسه.
(3) دعوة زوَّاره: وبعد أن شبع العريس أولاً، أعطى الأصحاب والأحباء ليأكلوا ويشربوا، ويشربوا كثيرًا. فالجنة غنَّاء، والقلب مُكرَّس تمامًا وعمران بالخير الكثير. ولكن لنلاحظ أن العطور نصيبه هو فقط، فمَن يقدِّرها مثله؟ فمَن يستطيع أن يقدِّر الألم (المُرّ)، ومَن يعرف أن يشتَّم رائحة الطيب (السجود) مثله؟!
وإن كنا في الأصحاب نرى البشرية كلها، ففي الأحباء نرى مفدي النعمة. وإن كنا في الأحباء نرى أقانيم اللاهوت والعريس يقاسمهم ثمار جنته، ففي الأصحاب نرى بقية العشائر السماوية.
يا من حوَّلت غابات قلوبنا جنَّات، اسمح وتعالَ إلى جنَّاتك واقطف منها ما تشاء لك ولأصحابك يا صاحب الجنَّات.