05 - 09 - 2020, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
و. سالك في طريق الله الضيّق:
"من أجل كلام شفتيك أنا حفظت طُرقًا صعبة. ثبت خطواتي في سبلك لئلا تزل قدماي" [4-5]. تحدث داود النبي عن قلبه الصالح ثم عن لسانه وأخيرًا عن أعماله. فمن جهة أعماله حفظ نفسه من الطرق الشريرة ليسلك طريق الله، أي ليعيش حسب مشيئته الإلهية؛ لم يتحقق هذا بقدرته الشخصية وإنما بارشاد الله ومعونته حتى لا تزل قدميه. في هذا المزمور يكشف المرتل عن كلام الأشرار وكلام الأبرار وأيضًا كلام الله. فشفتا الأشرار تُصدران افتراءات واتهامات باطلة ضد أولاد الله، لهذا يلجأ المرتل إلى الله كي يبرره فيها. وشفتا المرتل (الأبرار) تتحفظان من أعمال الناس لكي لا يوجد فيهما غش بل يحملان صدقًا وإخلاصًا وإنسجامًا مع صدق القلب والعمل. أما شفتا الله فتحفظان أولاده، إذ تقدمان كلامه روحًا وحياة؛ تقودانهم إلى الطرق الإلهية التي تبدو صعبة لكن بلا زلّة أو سقوط. شفتاه ترشداننا وتهبانا قوة وثباتًا في الطريق. كلمات شفتيه إنما هي ميثاق الله ووعوده لنا القادرة أن تثبتنا فيه أبديًا. * "ثبت خطواتي في طرقك" حتى تبلغ الكنيسة كمال الرحمة خلال الطرق الضيقة التي تقود إلى راحتك. "لئلا تزل قدمي"، حتى تصير آثار رحلاتي مطبوعة كآثار الأقدام في الأسرار وفي كتابات الرسل، فلا تمحى أبدًا، بل تصير ظاهرة يلاحظها كل الذين يتبعونني. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). أو ربما تعني أن قدميَّ قد سلكتا تلك الطرق الوعرة وكملت السعي في طرقك الضيقة لكي أسكن أبديًا في الحياة الأبدية. القديس أغسطينوس |
||||
05 - 09 - 2020, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
طريق الله ضيق ووعر لكنه مستقيم، إن زلت قدماي فبسبب ضعفي وخطيتي، إذ كثيرون يتعثرون في وصية الله كما يتعثرون في التجارب، لهذا فإنني في حاجة إلى العون الإلهي ليس فقط لأدخل الطريق وإنما لكي اثبت فيه حتى النهاية، هو الذي يبدأ وهو الذي يكمل وهو الذي يبلغ بي إلى النهاية. هذا ما دفع المرتل أن يصرخ إلى الله الذي ينتظر سؤالنا لكي يستجيب! |
||||
05 - 09 - 2020, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
2. طلبة من أجل الرحمة: يثق المرتل في رحمة الله كعون إلهي له: أ. نزول الله إلينا: "أنا صرخت إليك لأنك سمعتني يا الله. أمِل أذنيك يارب، واستمع كلامي" [6]. صرخة داود النبي تنبع عن خبراته القديمة مع الله أنه يشتاق أن يستمع ليستجيب. ماذا يطلب المرتل في صرخته؟ أن يُميل الله أذنيه؟ أذن الآب التي تميل إليّ إنما هو ابن الله المتجسد، الذي نزل إليّ ليسمع صوتي ويستجيب. في خطايانا نيأس ولا نقدر على الصلاة، لكن ربنا الذي يمثلنا لدى الآب يصرخ عنا (1 كو 1: 30؛ رو 8: 34)، فيستجيب الآب؛ وهكذا تنفتح أبواب الرجاء أمامنا! السيد المسيح هو أذن الآب خلاله يسمع صوتي، فيدخل الصوت مُبررًا، مقبولاً لدى الآب، موضع سروره! هو ينزل إليً لأن صوتي وحده عاجز عن أن يرتفع إلى الآب. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
ب. إعلان خلاصه ومراحمه للذين عن يمينه:
"عجب مراحمك يا مخلص المتكلين عليه من الذين يقاومون يمينك" [7]. إذ ينزل مسيحنا إلينا يعلن مراحم الله العجيبة خلال دمه الثمين، واهب الخلاص للذين يؤمنون به ويتكلون عليه في حياتهم العملية اليومية. بالمسيح يسوع صرنا عن يمين الآب، نحمل قوته... الأمر الذي يثير عدو الخير فيقاومنا بشدة، وهنا يظهر عجب مراحم الله التي تحوّل المقاومة إلى نصرة! تمتعنا بيمين الله لا ينزع الحرب عنا بل يثيرها بالأكثر، وفي الحرب نطلب نعمة الله بالأكثر لننال الغلبة ونكلل أبديًا! |
||||
05 - 09 - 2020, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
ج. حفظه إيانا مثل حدقة العين:
"احفظنى يارب مثل حدقة العين" [8]. لا يوجد جزء من جسم الإنسان يحتاج إلى رعاية وعناية مثل العين، وقد وضعها الله في مكان أمين، إذ هي مستريحة بين عظام بارزة كحصن لها، وكأنها بأورشليم التي تحوط بها الجبال من كل جانب، غايتها التمتع بالرؤيا الصادقة لتدير الجسم كله في الوضع السليم، تنذر الجسم بالمخاطر وتكشف له عن الطريق. هكذا يحفظ الله النفس كالعين، يحوطها بكلماته كعظام قوية، أو كجبال الله المقدسة، وإذ تتقدس النفس (البصيرة الداخلية) يسلك الإنسان في طريق الله بلا لوم. أحاط الله العين بغطاء الجفن وسياج الرموش، هكذا يسيج الرب بنعمته حولنا ويحمينا من زوابع البشر. يتصرف المرتل هنا كطفل يحمل مشاعر رقيقة نحو الله، إذ يرى نفسه كالعين المحبوبة يحتضنها الله ويرعاها بنفسه. تستطيع العين أن تُغمض عن شهوات العالم وملذاته الباطلة، فهى لا تحتمل أدنى الأتربة أو الغبار. هكذا يليق بالمسيحي أن يكره أقل دنس الخطية. حدقة العين هي التي توجه النظر، تمكننا من التمييز بين النور والظلمة. الخادم الحقيقي الذي يعمل بروح الرب يرى في شعب الله أنهم كحدقة عينه، كنور عينيه، لا يقدر أن يفقدهم. فلا نعجب أن سمعنا القديس يوحنا الذهبي الفم يقول: [ليس شيء أحب إليّ أكثر منكم؛ لا، ولا حتى النور! إني أود أن أقدم بكل سرور عينيَّ ربوات المرات وأكثر - إن أمكن - من أجل توبة نفوسكم! عزيز عليّ جدًا خلاصكم، أكثر من النور نفسه! لأنه ماذا تفيدني الشمس إن أظلم الحزن عيني بسببكم؟![348]]. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
د. ستره لنا تحت جناحيه:
"وبظل جناحيك استرني من وجه المنافقين الذين اضعفوني" [8]. المحبة والرحمة هما جناحا الله، وكما يقول القديس أغسطينوس: [لتحمني مجبتك ورحمتك واهبة النعم كدرع!] ظل جناحي الله هما تشبيه للطائر الأم (إش 49: 2؛ هو 14: 7؛ مرا 4: 20)، أو إشارة إلى جناحي الكاروبيم المظللين على تابوت العهد المقدس، للحضرة الإلهية مع شعبه (خر 25: 20-22)، حيث يظهر الله على الكاروبيم ويجلس على عرشه هناك. * كثيرًا ما سمعت في الكتاب المقدس نسبة الأجنحة لله (مز 17: 8؛ 91: 4؛ تث 32: 11؛ مت 23: 37). جناحا الله يمثلان قوة الله وبركاته وعدم فساده وما إلى ذلك. كل هذه الخصائص الإلهية وُجدت في الإنسان حينما كان يشبه الله في كل شيء، لكن انحرافنا إلى الشر سلبنا أجنحتنا، ومن ثم أُعلنت نعمة الله لنا وأنارتنا. برفضنا الفساد والشهوات العالمية ينمو فينا جناحا القداسة والبر من جديد القديس غريغوريوس أسقف نيصص |
||||
05 - 09 - 2020, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
ه. حمايته لنا من الأعداء الأشرار: "والآن أحاطوا بي. نصبوا أعينهم ليميلوا في الأرض أخذوني مثل الأسد المتهيء للصيد وكالأشبال التي تأوى في أماكن حفية" [10]. يرى داود النبي نفسه كمدينة تحوط بها الأعداء من كل جانب، لقد أغلقوا عليه كل منفذ ولم يطلبوا أقل من تحطيم حياته تمامًا؛ لم يكن أمامه إلا أن يرفع عينيه إلى فوق ليجد معونة من قِبل الله. يرى نفسه ومن معه أشبه بالفريسة التي يتعقب الصياد خطواتها لكي يصطادها؛ أو كفريسة يخطط الأسد لينقضّ عليها ويفترسها. بعدما تحدث النبي بصيغة الفرد عاد وتحدث بصيغة الجماعة، وكأنه كرمز للسيد المسيح يعلن أن العدو لا يطلب مسيح الرب وحده وإنما يريد أن يلتهم كل كنيسته. يرى بعض الآباء أن الأشرار هنا هم صالبوا ربنا يسوع المسيح الذين سمن قلبهم بالترف والطمع وقد انغلق عن معرفة الحق، لهم القلب السمين الضيق، أما أفواههم فتنطق بالكبرياء عوض تمجيد إسم الله. v هكذا انطلقت ألسنتهم باستهزاء وقح، قائلين: "السلام لك يا ملك اليهود" (مت 27: 29)... من مدينتهم طردوني، وها هم يحيطون بي وأنا على الصليب... "أخذوني مثل الأسد المتهيء للصيد" [12]. أحكموا الخناق عليّ مثل العدو المنقض على فريسته: "وكالأشبال التي تأوى في أماكن خفية" [12]. إنهم ذرية (إبليس) وهم بشر، قيل عنهم: "أنتم من أب هو إبليس" (يو 8: 44)؛ لهذا دبروا مؤامراتهم ليُباغتوا البار ويهلكوه. القديس أغسطينوس |
||||
05 - 09 - 2020, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
في اختصار، هؤلاء الأعداء الأشرار: أ. لا يهدفون إلى التمتع بنفع خاص بهم بل بالحري تدمير حياة الآخرين بلا سبب. ب. هم منغلقون داخل قلوبهم السمينة [12]؛ هذا تعبير يشير إلى الغرور والترف. لا همّ لهم إلا الحياة المدللة المرفهة، ضيقوا الأفق والقلب بسبب قساوتهم وافتقارهم إلى الحب. ج. متكبرون حتى في أحاديثهم، لأنه من فضلة قلوبهم القاسية تتكلم ألسنتهم. د. ينصبون فخاخًا لاصطياد الآخرين [11]. ه. المضطهدون وحوش مرعبة... وقد دعى القديس بولس نيرون أسدًا (2 تي 4: 17). و. عداوتهم وعنفهم ليس عن احتياج، لأن الله لا يحرم حتى الأشرار من عطاياه الأرضية. بل على العكس يعيشون في ترف، بطونهم مملؤة بخيرات الله، يتركون فضلاتهم لأطفالهم [14]. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
3. توسل ضد الأشرار: يقارن المرتل بين نصيب القديسين ونصيب الأشرار. نصيب القديسين هو الرب نفسه. يرونه وجهًا لوجه، يشبعون بلقائه ويصيرون مثله، إذ ينعمون بالشركة معه في قلوبهم كعربون للتمتع بالملكوت الأبدي. أما نصيب الأشرار فهو الانقسام في حياتهم: أ. الله نفسه هو الذي يحارب عن قديسيه: "قم يارب ادركهم وعرقلهم. نج نفسي من المنافق وسيفك من أعداء يديك" [13]. أحاط الأعداء بالمرتل كوحوش مفترسة، لكنه يدرك أن عون الإنسان باطل، ولا رجاء له ما لم يظهر الله نفسه. ب. سيف الله [13] هو كلمته التي تُستخدم كأداة للتأديب. ج. رؤية الله أو نظر وجهه هبة إلهية ننالها خلال بره الذي يصيّر مؤمنيه على مثاله. |
||||
05 - 09 - 2020, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 17 - التأديب يقود إلى رؤية الله
4. تمجيد لله: "وأنا بالبر أترآى لوجهك وأشبع عندما يظهر مجدك" [15]. تتحقق رؤية الله على الأرض بالإيمان، وفي السماء بالعيان وجهًا لوجه. نحن هنا نعاين مجد الرب كما في مرآة سميكة معتمة، كعربون لرؤيته في مجده خلال رؤى الخلود. * من يشترك في الإلهيات يعود إليها دائمًا جائعًا، والجائع ينال مواهب دون أن يخزى، وكما وعد الحكمة قائلاً: "لا يُجيع الرب نفس الصديق" (أم 10: 3)؛ ووعد في المزامير: "طعامها أبارك بركة، مساكنها أشبع خبزًا" (مز 132: 15). ونسمع صوت مخلصنا أيضًا: "طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون" (مت 5: 6) البابا أثناسيوس الرسولي هكذا يختم المرتل المزمور بالتمتع برؤية الله والشبع بمجده الإلهي، فإن هذا هو غاية إيماننا، أن نراه ونشترك في أمجاده... * التأمل في الله وجهًا لوجه قد وعد به لنا ليكون نهاية سعينا ومنتهى مسراتنا. القديس أغسطينوس * كل عقل حسب مقدار تدرجه يستنير بكمية محدودة من النور. مار اسحق السرياني |
||||
|