18 - 10 - 2017, 09:55 AM | رقم المشاركة : ( 61 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
قيل عنه إنه كان يَحرِصُ على إتمامِ كلِّ الوصايا، ولما كان يعبُرُ النهرَ كان يُمسِكُ المجدافَ بنفسِه. وإذا رافق أخاً كان يهيئُ بنفسِه المائدةَ لأنه كان مملوءاً حلاوةً ومحبةً ونشاطاً. حدث مرةً أن مضى إلى المدينةِ ليبيعَ عملَ يديه، فوجد إنساناً مجذوماً على الطريقِ، فقال له المجذومُ: «إلى أين تذهبُ»؟ قال له: «إلى المدينةِ». فقال له المجذومُ: «اصنع معي رحمةً وخذني معك». فحمله وأتي به إلى المدينةِ. ثم قال له المجذومُ: «خذني إلى حيث تبيعُ عملَ يديك»، فأخذه. ولما باع عملَ يديه سأله المجذومُ: «بكم بعتَ»؟ فقال: «بكذا وكذا». فقال له المجذومُ: «اشترِ لي شبكةً». فاشترى له. ومضى وباع ثم عاد وقال له المجذومُ: «بكم بعتَ»؟ فقال: «بكذا وكذا». فقال له المجذومُ: «خذ لي كذا وكذا من الأطعمةِ»، فأخذ له. ولما أراد المُضي إلى قلايتهِ قال له المجذومُ: «خذني إلى الموضعِ الذي وجدتني فيه أولاً». فحمله وردَّه إليه. فقال له الرجلُ: «مباركٌ أنت من الربِ إلهِنا الذي خلق السماءَ والأرضَ». فرفع أنبا أغاثون عينيه فلم يره لأنه كان ملاكَ الربِّ أُرسِل إليه ليجربَه. وقيل عنه: إنه كان إذا تصرّف في أمرٍ وأخذ فكرُه يلومُه، فكان يخاطبُ نفسَه قائلاً: «يا أغاثون، لا تفعل أنت هكذا مرةً أخرى»، وبذلك كان يُسكِّن قلبَه. وقال أيضاً:«إن كان أحدٌ يحبني وأنا أحبه للغايةِ، وعلمتُ أنه قد لحقني نقيصةٌ بسببِ محبتهِ فإني أقطعه منى وأنقطع منه بالكليةِ». |
||||
18 - 10 - 2017, 09:56 AM | رقم المشاركة : ( 62 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقيل أيضاً: لما كان الأب أغاثون عتيداً أن ينطلقَ إلى الربِّ، مكث ثلاثةَ أيامٍ وعيناه مفتوحتان لا يتحرك. فأقامه الإخوةُ وقالوا له: «يا أبانا أنبا أغاثون: أين أنت»؟ فقال: «أمام مجلسِ قضاءِ الله أنا واقفٌ». فقالوا له: «أتفزع أنت أيضاً»؟ فأجابهم قائلاً: «على قدرِ طاقتي حفظتُ وصايا الله. إلا إنني إنسانٌ، من أين أعلمُ إن كان عملي أرضى اللهَ». فقالوا له: «ألستَ واثقاً بأن عملَك مرضيٌ أمام الله»؟ فقال الشيخُ: «لن أثقَ دونَ أن ألقى الله، لأن حكمَ الناسِ شيءٌ وحكمَ اللهِ شيءٌ آخر». فطلبوا منه أن يكلِّمهم كلمةً تنفعهم. فقال لهم: «اصنعوا محبةً، ولا تكلموني لأني مشغولٌ في هذه الساعة». وللوقت تنيح. فأبصروا وجهَه كمن يُقَبِّل حبيبَه. فهذا القديس كان متحفِّظاً جداً إذ كان يقول: «بغيرِ تحفظٍ كثيرٍ لا يقدرُ أحدٌ أن يصلَ إلى الفضيلةِ». يتبع |
||||
18 - 10 - 2017, 09:56 AM | رقم المشاركة : ( 63 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
الأنبا إيسيذوروس قس الإسقيط قيل عن الأبِ الكبير إيسيذوروس قس الإسقيط: إنّ كلَّ من كان عنده أخاً صغيرَ النفسِ أو شتَّاماً أو عليلاً ويطرده من عندِه، كان القس إيسيذوروس يأخذُه إلى عندِه ويطيلُ روحَه عليه ويخلِّص نفسَه. سأله الإخوةُ مرةً قائلين: «لماذا تفزع منك الشياطين»؟ فقال لهم: «لأني منذ أن صرتُ راهباً حتى الآن لم أَدَع الغضبَ يجوزُ حلقي إلى فوق». وقال أيضاً:«ها أنا لي أربعون سنة، كنتُ إذا أحسستُ بعقلي بالخطيةِ خلالها، لا أخضع لها قط حتى ولا للغضبِ». وقيل عنه أيضاً: إذا أوعزت إليه الأفكارُ بأنه إنسانٌ عظيمٌ، كان يجيبُها قائلاً: «ألعلي مثل أنبا أنطونيوس أو أصبحتُ مثل أنبا بموا»؟ وإذ كان يقولُ ذلك يستريحُ فكرُه. وإذا قالت له الشياطين: «إنك ستمضي إلى العذابِ». فكان يجيبُهم: «إن مضيْتُ إلى العذابِ فسوف تكونون تحتي». وكان يقول: «هكذا يجبُ أن يكونَ فهمُ القديسين أن يعرفَ الإنسانُ مشيئةَ اللهِ وأن يكونَ بكليتِهِ سامعاً للحقِّ خاضعاً له، لأنه في صورةِ اللهِ ومثالِهِ، وأن من أشرِّ الأعمالِ كلِّها أن يطيعَ الإنسانُ إرادَتَه ويخالفَ إرادةَ اللهِ، وأن يكون له هوىً في شيءٍ وفي غيرهِ هوىً آخر. فأما الذي يجدُ طريقَ القديسين ويمشي فيها فإنه يُسَرُّ بالأحزانِ، لأن سبيلَ الخلاصِ مملوءٌ أحزاناً». توجّه الأنبا إيسيذوروس مرةً إلى البابا ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية، ولما رجع سأله الإخوةُ عن حالِ مدينة الإسكندرية. فقال لهم: «إني لم أبصر فيها إنساناً إلا البطريرك وحدَه». فتعجبوا وقالوا له: «أتريدُ أن تقولَ إن مدينةَ الإسكندرية خاليةٌ من الناسِ». قال: «كلا، لكني لم أسمح لعقلي أن يفكرَ في رؤيةِ أي إنسانٍ». يتبع |
||||
18 - 10 - 2017, 09:56 AM | رقم المشاركة : ( 64 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقال: إن السيرةَ الصالحةَ بدونِ كلامٍ نافعةٌ، أما الكلامُ بغيرِ عملٍ فهو باطلٌ. لأن أحدَهما بسكوتِه ينفعُ والآخرَ بكثرةِ كلامهِ يُقلِقُ. فإذا استقام القولُ مع العملِ كَمُلَت فلسفتُه. وقال أيضاً: إن الشرَ أزاغ الناسَ عن معرفةِ اللهِ. وفرَّق الناسَ بعضهم عن بعضٍ. فلنبغض إذاً الشرَ ولنطلب السلامةَ لبعضِنا البعضِ وبذلك تكمُل فلسفةُ الفضيلةِ. وقال أيضاً: إن شرفَ التواضعِ عظيمٌ وسقوطَ المتعاظمِ فظيعٌ جداً، وإني أُشير عليكم بأن تلزموا التواضعَ فلن تسقطوا أبداً. وقال أيضاً: إن محبةَ المقتنياتِ متعبةٌ جداً تؤدي إلى نهايةٍ مريرةٍ لأنها تسببُ اضطراباً شديداً جداً للنفسِ. فسبيلُنا أن نطردَها منذُ البدءِ، لأنها إن أزمَنَت فينا صار اقتلاعُها صعباً. وقيل عنه: اتفق أن دعاه أحدُ الإخوةِ إلى تناولِ الطعامِ، فرفض الشيخُ قائلاً: «إن آدمَ بالطعامِ خُدع فصار خارج الفردوس بأكلةٍ واحدةٍ». فقال له الأخُ: «أبهذا المقدارِ تخشى الخروجَ خارج القلايةِ»؟ قال له الشيخُ: «وكيف لا أخشى يا ولدي، والشيطانُ يزأرُ مثلَ سبعٍ ملتمساً من يبتلعه». يتبع |
||||
18 - 10 - 2017, 09:57 AM | رقم المشاركة : ( 65 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وكثيراً ما كان يقول:«من يُذلُّ نفسَه لشربِ الخمرِ لا يمكنه أن يخلصَ من شرِ الأفكارِ وقُبحِ الأعمالِ. فإن لوطاً لما امتلأ من السُكرِ وقع في مجامعةٍ مغايرةٍ للناموس الطبيعي». وقال أيضاً: «إن كنتَ مشتاقاً إلى مُلك السماءِ، فاترك غنى العالم. وإن آثرتَ النياحَ هناك، فالزم التعبَ ها هنا، وإن أردتَ الفرحَ هناك، لا تكف عن البكاءِ ها هنا». وقال أيضاً: لا يمكنك أن تحيا حياةً إلهيةً ما دمتَ محبّاً للَّذاتِ. وكان إذا مضى إليه إنسانٌ فإنه يدخلُ إلى القلايةِ الداخليةِ ويكلِّمه من داخلِ البابِ. فقال له الإخوةُ: «لماذا تفعلُ هكذا»؟ فقال لهم: «إن الوحوشَ إذا أبصرت من يُخيفها هربت إلى جحورِها ونجت». وقال أنبا بيمين: إن أنبا إيسيذوروس كان يُضَفِّرُ في كلِّ ليلةٍ حزمةَ خوصٍ. فسأله الإخوة قائلين: «أيها الأب، أَرِح نفسَك لأنك قد شختَ». فأجابهم: «لو أحرقوا إيسيذوروس بالنارِ وذرُّوا رمادَه، فلن يكون لي فضلٌ، لأن ابنَ اللهِ من أجلي نزل إلى الأرض». يتبع |
||||
18 - 10 - 2017, 09:58 AM | رقم المشاركة : ( 66 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
الأنبا موسى الأسود
قيلإن الأب الكبير أنبا موسى الأسود قوتل بالزنا قتالاً شديداً في بعضِ الأوقاتِ. فقام ومضى إلى أنبا إيسيذوروس وشكا له حالَه، فقال له: «ارجع إلى قلايتِك». فقال أنبا موسى: «إني لا أستطيعُ يا معلم». فصعد به إلى سطحِ الكنيسةِ وقال له: «انظر إلى الغربِ»، فنظر ورأى شياطين كثيرين يتحفَّزون للحربِ والقتالِ. ثم قال له: «انظر إلى الشرقِ»، فنظر ورأى ملائكةً كثيرين يمجِّدون الله. فقال له: «أولئك الذين رأيتَهم في الغربِ هم محاربونا، أما الذين رأيتَهم في الشرقِ فإنهم معاونونا. ألا نتشجع ونتقوى إذاً ما دام ملائكةُ الله يحاربون عنا»؟ فلما رآهم أنبا موسى فرح وسبَّح الله ورجع إلى قلايتِهِ بدونِ جزعٍ. وقيل عنه: إنه لما رُسم قساً ألبسوه ثوبَ الخدمةِ الأبيض. فقال له أحدُ الأساقفةِ: «ها أنت قد صرتَ كلَّك أبيضَ يا أنبا موسى». فقال: «أيها الأب، ليت ذلك يكون من داخلٍ كما من خارجٍ». وأراد رئيسُ الأساقفة أن يمتحِنَه فقال للكهنةِ: «إذا جاء أنبا موسى إلى المذبحِ اطردوه لنسمعَ ماذا يقول». فلما دخل انتهروه وطردوه قائلين له: «اخرج يا حبشي إلى خارج الكنيسةِ». فخرج أنبا موسى وهو يقول: «حسناً فعلوا بك يا رُمادي اللون يا أسودَ الجلدِ. وحيثُ أنك لستَ بإنسانٍ فلماذا تحضرُ مع الناسِ»؟ قيل: أضاف أنبا موسى أخاً فطلب منه كلمةً. فقال له: «امضِ واجلس في قلايتِك والقلايةُ سوف تعلِّمك كلَّ شيءٍ». |
||||
18 - 10 - 2017, 09:58 AM | رقم المشاركة : ( 67 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقيل: أخطأ أخٌ في الإسقيط يوماً، فانعقد بسببهِ مجلسٌ لإدانتهِ، وأرسلوا في طلبِ أنبا موسى ليحضرَ. فأبى وامتنع من الحضورِ. فأتاه قسُ المنطقةِ وقال: «إن الآباءَ كلَّهم ينتظرونك». فقام وأخذ كيساً مثقوباً وملأه رملاً وحمله وراء ظهرِهِ وجاء إلى المجلسِ. فلما رآه الآباءُ هكذا قالوا له: «ما هذا أيها الأب»؟ فقال: «هذه خطاياي وراء ظهري تجري دون أن أُبصرَها، وقد جئتُ اليومَ لإدانةِ غيري عن خطاياه». فلما سمعوا ذلك غفروا للأخِ ولم يُحزنوه في شيءٍ. ومرة أخرى انعقد مجلسٌ وأرادوا أن يمتحنوا أنبا موسى، فنهروه قائلين: «لماذا يأتي هذا النوبي هكذا ويجلس في وسطنِا»؟ فلما سمع ذلك الكلام سكت. وعند انصرافِ المجلس قالوا له: «يا أبانا، لماذا لم تضطرب»؟ فأجابهم قائلاً: «الحق إني اضطربتُ، ولكني لم أتكلم شيئاً». |
||||
18 - 10 - 2017, 09:58 AM | رقم المشاركة : ( 68 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وحدث مرة أخرى أن أُعلن في الإسقيط أن يُصام أسبوعٌ. وتصادف وقتئذ أن زار الأنبا موسى إخوةٌ مصريون. فأصلح لهم طبيخاً يسيراً. فلما أبصر القاطنون بجوارِه الدخانَ اشتكوا لخدامِ المذبحِ قائلين: «هو ذا موسى قد حلَّ الوصيةَ إذ أعدَّ طبيخاً». فطمأنهم أولئك قائلين: «بمشيئة الربِّ يوم السبت سوف نكلمُه». فلما كان السبتُ وعلموا السببَ قالوا لأنبا موسى أمام المجمعِ: «أيها الأب موسى، حقاً لقد ضحيْتَ بوصيةِ الناسِ في سبيلِ إتمام وصية اللهِ». |
||||
18 - 10 - 2017, 09:58 AM | رقم المشاركة : ( 69 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقيل أيضاً عن أنبا موسى: إنه لما عزم على الإقامةِ في الصخرةِ تعب ساهراً. فقال في نفسِهِ كيف يمكنني أن أجد مياهاً لحاجتي ها هنا. فجاءه صوتٌ يقول له: «ادخل ولا تهتم بشيءٍ»، فدخل. وفي أحدِ الأيام زاره قومٌ من الآباءِ، ولم يكن له وقتئذ سوى جرَّةِ ماءٍ فقط. فأعدَّ عدساً يسيراً، فلما نفذ الماءُ حزن الشيخُ وصار يخرجُ ويدخلُ ثم يخرجُ ويدخلُ وهكذا.. وهو يصلي إلى الله. وإذا بسحابةٍ ممطرةٍ قد جاءت فوق حيث كانت الصخرةُ. وسرعان ما تساقط المطرُ فامتلأت أوعيتُه من الماءِ. فقال له الآباءُ: «لماذا كنتَ تدخلُ وتخرج»؟ فأجابهم وقال: «كنتُ أصلي إلى اللهِ قائلاً: إنك أنت الذي جئتَ بي إلى هذا المكان وليس عندي ماء ليشربَ عبيدُك. وهكذا كنتُ أدخل وأخرج مصلياً لله حتى أرسل لنا الماءَ». |
||||
18 - 10 - 2017, 09:59 AM | رقم المشاركة : ( 70 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
سأل أحدُ الإخوةِ أنبا موسى قائلاً: «ماذا أصنع لكي أمنعَ أمراً يتراءى لي دائماً»؟ فقال له الشيخُ: «إنك إن لم تصبح مقبوراً كالميتِ فلن تستطيع أن تمنعَه، أعني الفكر». وقال أيضاً: «مكتوبٌ أنه لما قَتل الربُ أبكارَ المصريين لم يكن هناك بيتٌ خالٍ من ميتٍ». فسألوه قائلين: «ما معنى هذا»؟ فقال الشيخُ: «إذا علمنا أننا كلَّنا خطاةٌ فلنحذر من أن نتركَ خطايانا وندينَ خطايا القريب، لأنه من الجهلِ حقاً أن يكون لإنسانٍ في بيتِهِ ميتٌ فيتركه ويذهب ليبكي على ميت جارهِ. فانظر إلى خطاياك أولاً. واقطع اهتمامَك بكلِّ إنسانٍ، ولا تحتكَّ بإنسانٍ، ولا تفكر بشرٍّ على إنسانٍ، ولا تمشِ مع النمام ولا تصدق كلامَ نميمةٍ بخصوص إنسانٍ». وقال أيضاً: «من يحتمل ظُلماً من أجل الربِّ يُعتبر شهيداً. ومن يتمسكن من أجل الربِّ يعوله الربُّ. ومن يَصِر جاهلاً من أجلِ الربِّ يُحَكِّمه الربُّ». |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بستان الرهبان كامل مسموع |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
تحميل كتاب بستان الرهبان كامل مسموع |
كتاب بستان الرهبان لبيلاديوس |
كتاب بستان الرهبان |