08 - 02 - 2017, 06:46 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
من خبرته كلّم القديس أنطونيوس جماعة من الرهبان، مرة، قال: الكتاب المقدّس كاف للتعليم؛ لكن، حسناً أن يشدّد الواحد الآخر في الإيمان وأن نطيِّب النفس بالكلام الروحي. لا نفكِّرن في الرجوع إلى الحياة الدنيا بعد أن خرجنا منها. لا نقل إننا عتقنا في الحياة النسكية بل ليزد حماسنا وكأننا نبدأ كل يوم. كل ما في العالم نقايضه بشيء يساويه، أما وعد الحياة الأبدية فيُشرى بسعر بخس. إذا ما تركتم بيتاً أو ذهباً فلا تفتخروا ولا تكتئبوا. ما لم نكفر بكل شيء من أجل الفضيلة فسنتركه حتماً ساعة يأتي الموت، وعلى الأرجح لأناس لا نريدهم. لنثبت في نسكنا كل يوم عالمين أننا إن تهاونّا يوماً واحداً فلن يسامحنا الله بسبب ماضينا الحسن بل سيغضب علينا لتهاوننا. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:46 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
إذا ما عشنا وكأننا نموت كل يوم فلن نخطأ. لنجاهد ناظرين دائماً إلى يوم الدينونة لأن الخوف والصراع ضد التجارب يحبطان سهولة اللذّة وينهضان النفس الساقطة. لا تخافوا عندما تسمعون عن الفضيلة لأنها ليست ببعيدة عنا وليست خارج أنفسنا بل فينا. الفضيلة أمر سهل يكفي أن نريده. روحانية النفس من طبيعتها، أي أن تكون مستقيمة كما خُلقت. اكتساب الفضيلة صعب عندما نضطر للبحث عنها خارج أنفسنا. أما إذا كانت فينا فلنحفظ أنفسنا من الأفكار الدنسة. لنجاهد كي لا يطغى علينا الغضب ولا تتسلّط علينا الشهوة. أعداؤنا مرعبون وخدّاعون وصراعنا هو ضدّهم. جمهرتهم كثيرة في الجو وهي ليست بعيدة عنا وأنواعها متعدّدة. يريدون إعاقتنا عن الارتفاع إلى السماوات حسداً لأنهم من هناك سقطوا. نحتاج إلى الصلاة الكثيرة والنسك لنحصل من الروح القدس على موهبة تمييز الأرواح. يجب على كل واحد منا أن يصلح سواه وفق خبرته مع الشياطين. لا تخافوا من هجماتهم لأنهم يُهزمون حالاً بالصلوات والأصوام والإيمان بالرب. لكنهم لا يتوقّفون عن الهجوم. يقتربون بغش وخبث، بالشهوة الدنسة، بالخيالات. لا نرتعب من الخيالات. ليست هي بشيء وتختفي بسرعة. يكفي الإنسان أن يحمي نفسه بالإيمان وإشارة الصليب. الشياطين وقحون جداً. هكذا يظهر رئيس الشياطين: "عيناه كهدب الصباح. من فمه تخرج مصابيح مشتعلة. شرار نار يتطاير منه. من منخاريه يخرج دخاناً كما من قدر منفوخ أو من مرجل. نَفَسُه يشعل كالجمر واللهيب يخرج من فمه" (أيوب4). يرعب ويتكلم بفخر واعتزاز. علينا ألاّ نخاف من ظهوراته ولا نأبه لكلماته لأنه كاذب ولا يتكلّم بالصدق أبداً. والمخلّص قبض عليه بصنّارة ووضع الرسن في فكّه كالدابة وكهارب أوثق منخره وثقب شفتيه. أوثقه الرب حتى نسخر منه. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:46 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
والشياطين قادرة على أن تأخذ الشكل الذي تريده. فكثيراً ما تتظاهر، وهي مختفية، بأنها ترتّل أو تتلو أقوالاً من الكتاب المقدّس. أحياناً تردّد ما نقرأه وكأنها صدى. تارة تنهضنا للصلاة كي لا ننام. تفعل هذا باستمرار لتمنع عنا النوم. تتخذ أحياناً شكل الرهبان وتتكلّم بتقوى لتخدعنا. تجرّ الذين خدعتهم إلى حيث تريد. لذلك لا نصغينّ إليها حين تنهضنا للصلاة وحين تنصحنا بألا نأكل أبداً وتتهمنا وتوبُخنا في أمور وافقتنا فيها سابقاً. والشياطين تسعى لتقود المستقيمين إلى اليأس، مظهرة لهم إن الحياة النسكية غير نافعة. تثير فيهم الاشمئزاز وتجعلهم يظنون أن الحياة الرهبانية حمل ثقيل. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:46 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
ومع أن الشياطين اعترفت بالحقيقة للرب: "إنك أنت ابن الله" (لوقا4) فقد أغلق أفواهها وأعاقها عن الكلام خوفاً من أن تزرع الشر مع الحق، ومن أن نألفها ونصغي إليها، حتى ولو نطقت بالحق. فمن غير اللائق أن نتعلّم من الشيطان الذي لم يحافظ على مركزه. وبما أن الشياطين لا تقدر على شيء فإنها تلجأ إلى التهديد، إذ لو كانت ذات قوة لما تردّدت في ارتكاب الشر حالاً ولما تركت مسيحياًَ واحداً على قيد الحياة. السلاح الكبير ضد الشياطين هو حياة مستقيمة وإيمان بالله. فهي تخاف صوم النسّاك وسهرهم وصلواتهم ووداعتهم وسكينتهم وعدم محبّتهم للفضّة وكرههم للمجد الباطل واتضاعهم ومحبّتهم للفقراء وإحساناتهم وعدم غضبهم، وقبل كل شيء إيمانهم بالمسيح. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:46 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
وإذا ما تظاهرت الشياطين بالنبوءة فلا تبالوا بها. إنها لا تعرف الأمور التي لم تحدث. وحده الله يعرف كل شيء قبل حدوثه. للشياطين أجساد أكثر خفّة من أجساد الناس لذلك تسرع وتخبر بأشياء حدثت بالفعل. وهي لا تفعل هذا حباً بالناس بل لتقنعهم بأنها قادرة فيثقوا بها؛ ومتى ملكتهم انقضّت عليهم وأهلكتهم. وهي تقوى على التخمين ولا تقوى على المعرفة المسبقة. فلا نعجبنّ بها ولو تكلّمت بالصدق أحياناً. ثم ماذا ينتفع الذين يصغون إلى الشياطين إذا ما عرفوا المستقبل قبل أيام؟ المعرفة لا تصنع الفضيلة ولا هي علامة الخُلق الصالح. لا يدان أحد لأنه يجهل المستقبل ولا يُطوَّب لأنه يعرفه. بل سيحاكم المرء على صونه الإيمان وحفظه الوصايا. لا نتعبنّ للحصول على معرفة المستقبلات بل لإرضاء الله بسيرتنا. وأنا أؤمن أن النفس المتطهِّرة من الأفكار الشرّيرة والمحافظة على الطبيعة التي خلقها الرب فيها تقدر أن تكون رائية أكثر مما يرى الشيطان، لأنها تملك الرب الذي سيعلن لها كل شيء. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
أما كيف نفرِّق الأرواح الشرّيرة عن الأرواح الصالحة فالرب يعطينا قوة التمييز بينها. لا يكون ظهور الأرواح الصالحة مرعباً بل هادئاً. تخلق فرحاً في النفس وشجاعة. والأفكار التي تولّدها تبقي النفس غير متزعزعة إلى أن تنيرها من هذا الفرح فتعرف. والأرواح الصالحة تطرح الخوف بالمحبة التي تظهرها كما فعل الملاك الذي ظهر للنسوة عند قبر الرب وعندما ظهر للرعاة. أما هجوم الأرواح الشرّيرة وظهورها الخيالي فترافقه جلبة وضربات وأصوات وصراخ كهجوم الأولاد الأشرار واللصوص. ومتى ظهرت ساد الرعب واضطراب النفس وتشويش الفكر والتهجّم والتهامل والحزن وتذكّر الأقرباء وخوف الموت. وفوق ذلك نتجت رغبة في الشر وكسل في اكتساب الفضيلة واضطراب في الخُلق. إذا رأيتم روحاً واعتراكم الخوف أولاً ثم حلّ محل الخوف فرح لا يُعبّر عنه وحماس وشجاعة وإقدام ومحبّة لله فتشجّعوا وصلّوا للرب. أما إذا رأيتم أرواحاً أثارت فيكم اضطراباً وضربات خارجية وتخيّلات دنيوية وتهديداً بالموت فاعلموا أن هذا هجوم من الأرواح الشرّيرة. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
وتكلّم القديس أنطونيوس عن نفسه، قال: كم من مرة طوّبتني الشياطين وباسم الرب أبدتها! أتت مرّة في الظلام حاملة نوراً خيالياً وقالت: أتينا لننيرك يا أنطونيوس فأغلقت عينيّ وصلّيت فانطفأ نور الأشرار للحين. أتتني ترتّل وتتفوّه بآيات كتابية فكنت كأصمّ لا يسمع! ظهر لي مرة شيطان متعظّم طويل القامة جداً وتجرّأ على القول: أنا هو قوّة الله، أنا هو العناية الإلهية، ماذا تريد أن أعطيك!؟ أما أنا فذكرت اسم المسيح وبصقت عليه وأعتقد بأني لطمته. وحالما سمع اسم المسيح اختفى ومن معه. مرة كنت صائماً فأتاني الشيطان كراهب وفي يده خبز خيالي وقال لي: كلْ وكفّ عن العذابات الكثيرة. أنت إنسان وسوف تمرض! فأدركت حيلته ونهضت للصلاة فاختفى للحين. عندما تأتي الشياطين إلينا فإنها تعاملنا بحسب حالتنا النفسية مكيِّفة التخيلات التي تثيرها وفق أفكارنا وتفعل بمغالاة ما تجدنا مفكّرين فيه. فإذا وجدتنا خائفين أكثرت التخيّلات والتهديدات لتعذِّب النفس الشقيّة. وإذا وجدتنا فرحين بالرب، مفكِّرين في الصالحات ابتعدت عنا خازية. فلكي نزدري العدو علينا أن نتذكّر الإلهيات دائماً وأن تكون نفسنا فرحة. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
اضطهاد وبطولة وساد الكنيسة اضطهاد في زمن الإمبراطور الروماني مكسيميانوس. فترك القديس أنطونيوس منسكه وتبع الشهداء القدّيسين إلى الإسكندرية. حرّكه الشوق إلى موت الشهادة. لم يسلم نفسه بل خدم المعترفين بالإيمان في السجون والمناجم وشدّدهم أمام المحاكم. كان يقبِّل الشهداء ويرافقهم حتى يقضوا نحبهم. وقد عرّض نفسه للموت مراراً. كان يصلّي لكي يستشهد لكن الرب حفظه من أجل منفعتنا ومنفعة الآخرين. وعندما رأى الكثيرون أسلوب حياته رغبوا في الاقتداء به. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
إلى الصحراء الداخلية لما رأى القدّيس أنطونيوس أن الناس يقمعونه ولا يتركون له فرصة للخلود إلى النسك على هواه فكّر في الصعود إلى ثيبة العليا حيث لا يعرفه أحد، لكن صوتاً جاءه وقال له أن يدخل إلى الصحراء الداخلية. ولكي يتبيّن الطريق إلى هناك مرّت به جماعة من البدو رضيت أن يصحبها. فبعدما سار ثلاثة أيام وثلاث ليال أتى إلى جبل عال فيه مياه عذبة باردة وسهل يضمّ أشجاراً من النخيل. عاش أنطونيوس هناك وحيداً أوّل الأمر وكان البدو يمرّون به ويقدّمون له بعض الخبز. اكتفى بالخبز والبلح. ثم عرف تلامذته مكان وجوده فأخذوا يرسلون إليه الطعام. كما أتوه بمعول وفأس وبعض القمح فأخذ يفلح الأرض ويزرعها. قصده كان أن يأكل من تعبه ويخفّف عن الإخوة مشقة تزويده بما يحتاج إليه. كما زرع بض الخضار لأن قوماً كانوا يزورونه، فأحب أن تكون لهم الخضار عزاء. وكانت الوحوش تأتي وتشرب من الماء في بقعته، وكثيراً ما أتلفت مزروعاته. فأمسك وحشاً بلطف مرة وقال له: لماذا تسبّبون لي الأذى وأنا لا أصنع بكم شرّاً؟ باسم الرب يسوع ابتعدوا عن المكان! من ذلك الحين لم تعد الوحوش تقترب. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م)
من عجائبه اثنان من الرهبان كانا ذاهبين مرة إلى الدير فنفد ماؤهما في الطريق، وكانا على بعد يوم واحد فمات أحدهما وأشرف الثاني على الموت. في تلك الساعة استدعى القديس أنطونيوس في الجبل راهبين وقال لهما: خذا جرّة ماء واحملاها بسرعة إلى الطريق المؤدّي إلى مصر. هناك تجدان راهبين أحدهما مات والآخر ينتظر الموت ما لم تسعفوه. هذا ما أعلنه الله لي فيما كنت أصلّي. ولما وصل الراهبان إلى المكان وجدا كما قال لهما القدّيس فأعانا الحي فانتعش ودفنا الميت. ولعلّ سائلاً يسأل: لماذا لم يتكلّم أنطونيوس قبل موت الثاني؟ هذا قول في غير محلّه لأن حكم الموت لم يكن في يد القدّيس بل في يد الله الذي حكم على الواحد بالموت وأعلن عن الآخر للحياة. |
||||
|