رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأقباط وردة فى جبين مصر هناك قطاع كبير من الشعب المصرى ومن بينهم الأقباط كان عندهم هلع شديد من نجاح الإخوان فى انتخابات الرئاسة، وأنا أقول للجميع مسلمين وأقباطاً إننا فى مركب واحد وإذا غرقنا سنغرق معاً وإذا نجونا سننجو معاً. الأقباط هم أبناء الأرض الطيبة وملح التربة المصرية، هم أبناء الحضارة الفرعونية العظيمة التى أدى انهيارها إلى احتلال مصر بجيوش مختلفة كان أشدها بطشاً حكم الرومان، ثم جاء عمرو بن العاص بجيشه إلى مصر، وتغيرت لغة أهلها إلى العربية وتغير دين الأغلبية إلى الإسلام. وبالتدريج أصبح الأقباط أقلية وعانوا فى مراحل لاحقة من الاضطهاد العنيف فى العصر العثمانى وعصر المماليك، وكانت ثورة 1919 العظيمة وزعماء حزب الوفد القديم الوطنيون هم الذين أفسحوا المجال للمساواة بين المصريين جميعاً فى الحقوق والواجبات، وتاريخ مكرم عبيد ثم إبراهيم فرج كثانى شخصية فى الحزب يؤكد الطفرة التى قام بها الوفد. وكانت الفترة الليبرالية 1923/1952 هى أكثر الفترات ازدهاراً فى تحقيق المساواة والتجانس. وجاءت الفترة الناصرية 1954/1970 لتؤكد مدنية الدولة والمساواة، لكنها أغفلت إشراكاً حقيقياً ومؤثراً للأقباط فى الحياة السياسية، وتأثر الأقباط بالقوانين الاشتراكية والتأميم، لأن نسبة المشتغلين منهم فى التجارة والصناعة كانت كبيرة، وبالرغم من كل ذلك كانت المواطنة شعاراً حقيقياً فى مصر. وعندما جاء السادات 1970/1981 تغير وجه مصر حين أطلق الرئيس الجماعات الإسلامية المختلفة لمحاربة التيارات اليسارية القوية آنذاك، وصاحب ذلك ذهاب ملايين المصريين إلى الخليج وعادوا بأفكار مختلفة أهمها تحولهم من الإسلام المصرى الوسطى المتسامح والراقى الذى استمد أفكاره وتفاسيره من حضارة وادى النيل إلى الإسلام الوهابى الصحراوى القاسى، وأدى ذلك عبر عقدين من الزمان إلى تغيير ملابس المصريين وطريقة تفكيرهم وصاحب ذلك تغيير فى طريقة معاملة الأقباط، وبالتدريج اختفى التسامح والحب، الذى كان يجمع كل المصريين رغم اختلاف دينهم، وبدأ تمييز واضح وصريح ضد الأقباط، وانتهى باعتداءات على الكنائس، ووصل إلى ذروته حين سيطرت الجماعة الإسلامية على بعض المناطق فى الصعيد وفرضت الجزية على أغنياء الأقباط إلى أن أعادت الدولة السيطرة، عليها بعد معارك كبيرة. خلال هذه الفترة من حكم مبارك الديكتاتورى استمر عدم المساواة فى تولى الوظائف العامة، وزاد انقسام الشارع بين مسلمين وأقباط، واستمر الاعتداء على الكنائس، وشهدت مصر موجات كبيرة من الهجرة إلى أمريكا وأستراليا، وكانت الغالبية العظمى منها من الأقباط، وكان الدافع هو البحث عن مستقبل اقتصادى أفضل، والبحث عن الأمان لأجيال جديدة، وتسبب ذلك القهر فى احتماء الأقباط بالكنائس التى أصبحت هى الراعية للجانب الدينى والروحى وأيضاً الجانب السياسى، وساعد على ذلك وجود البابا شنودة الذى كانت له كاريزما كبيرة وتاريخ ارتبط فيه بالشعب والوطن قبل الرهبنة عن طريق عمله كصحفى وتأديته الخدمة العسكرية كضابط احتياط، وظهر ثنائى الدولة ممثلين فى القصر الرئاسى وأمن الدولة من ناحية والبابا شنودة والكنيسة من ناحية أخرى، وأصبحت مشاكل الأقباط حتى الصغيرة والبسيطة فى أصغر قرية فى الصعيد تحل عن طريق العلاقة بين القسيس ومأمور المركز. وقبل الثورة بدأت إرهاصات اشتراك بعض شباب الأقباط إيجابياً فى الحركات الاجتماعية ضد النظام الديكتاتورى، وأثناء الثورة شارك الأقباط بقوة كبيرة، وأسماء شهداء الثورة شاهدة على ذلك، وبدأ التغيير الإيجابى الكبير فى الشخصية القبطية التى بدأت تمارس العمل السياسى بعيداً عن الكنيسة، وأدى ذلك إلى مشاركة واسعة من الأقباط فى الأحزاب السياسية، التى خرجت من رحم الثورة، وأصبح لهم دور قيادى كبير فيها ذكرنا بأيام الوفد فى عهد النحاس باشا، وكذلك إنشاء جماعات شبابية سياسية مثل شباب ماسبيرو، وهى مجموعة شديدة الوطنية والحب لمصر، ثم ظهور أهمية الصوت القبطى فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية والنقابية بعد ابتعاد كامل عن المشاركة السياسية لعقود طويلة، وبعد أن أصبحت الأغلبية فى البرلمان للإسلاميين، وفوز الإخوان بمنصب الرئيس أصاب ذلك قطاعاً من المصريين بالخوف الشديد، وكان الخوف القبطى كبيراً وقد شاهدته بنفسى فى عيون مجموعة كبيرة من صديقات ابنتى د. منى من الأقباط، ورأيتها هى وصديقاتها فى حالة حزن وفزع حقيقى، لأن تاريخ الإسلام السياسى فى الاضطهاد والتمييز ضد الأقباط والتدخل فى الحريات الشخصية ومصادرة الفن والأدب معروف، وبدأ الكثيرون منهم يفكرون فى الهجرة، وأنا أريد أن أقول لهم إن مصر ملك للأقباط كما هى ملك للمسلمين. أصدقائى الأقباط لا تخافوا نحن جميعاً فى «الهوا سوا». إرهاصات اتحاد القوى الوطنية فى تيار مدنى كبير بدأت باجتماعات صغيرة وانتقلت إلى فندقين فى أسبوع واحد، ويلزمها التنسيق وتحَمُل بعضنا البعض، فإن اتحاد واتفاق القوى المدنية أصعب بكثير من وحدة القوى الشمولية، سواء كانت إسلامية أو ماركسية. إن المصريين بطبعهم وسطيون وإن عدم مشاركة الشعب المصرى كله فى العمل السياسى المنظم ترك الساحة فارغة للإسلام السياسى. يا أقباط مصر أنتم مكون أساسى أصيل ومهم من هذا الوطن وفى تاريخه، وأنا أجلكم وأحترمكم وسوف تبقون معنا وسوف نبقى معكم فى هذا الوطن، ندافع عن ترابه وعن تاريخه، الشعب هو الوحيد القادر على الحفاظ على مصر الوسطية ومستقبلها. إن لكم فى قلوبنا مكانة كبيرة وحباً وتقديراً، فأنتم جزء منا ونحن جزء منكم، فلا تخافوا وحاربوا معنا فى سبيل بلدنا وبلد أجدادنا. المصري اليوم |
|