رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
السعودية تحذر ترامب بانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، تدخل حرب تخفيض أسعار النفط، التي بدأتها السعودية قبل عامين مرحلة جديدة، ليس فقط كمتغير اقتصادي دأب ترامب على تأكيده إبان حملته الانتخابية بوقف استيراد أميركا للنفط، والاكتفاء الذاتي الداخلي منه عبر اكتشافات جديدة في الولايات المتحدة والمحيط الهادئ، وكذا صناعة النفط الصخري، وهو ما يعني خسارة مالية كبيرة للمملكة، التي تعاني أصلاً من ضائقة اقتصادية هي الأولى من نوعها في تاريخها القصير، هذا بالإضافة إلى التوجس السعودي من سياسات ترامب، الذي بدا وأنه معادياً لكثير من التوجهات السياسية الحاكمة للعلاقات الأميركية –السعودية، ومدى تغلغل نفوذ الرياض في واشنطن، وتأثير المال السياسي السعودي في دوائر الحكم وصناعة القرار الأميركية، أضف لذلك مسألة تورط الرياض في هاجمات سبتمبر وقانون «جاستا» مؤخراً، ناهيك عن أن الحد الأدنى لمستقبل العلاقات بين البلدين هو سقف القطيعة التي نتجت عن توجهات إدارة أوباما، المتمثلة في الفصل بين السياسات الأميركية وأهدافها وتحقيقها في المنطقة حتى وإن كان هناك خلاف مع “الحلفاء” في الخليج وعلى رأسهم السعودية، سواء كان خلاف على السياسات نفسها أو طريقة تنفيذها، فما الحال في مع إدارة أميركية جديدة تحت قيادة ترامب، الذي بنى معظم خطابه السياسي الخارجي الخاص بالمنطقة إبان الحملة الانتخابية، على الهجوم على السعودية وانتقاد منافسته الخاسرة، هيلاري كلينتون، من ثغرة علاقاتها بآل سعود. فيما يخص النفط تحديداً، نجد أن سياسة ترامب النفطية القائمة على الاكتفاء الذاتي بديلاً عن النفط السعودي الرخيص، تفاقم من أزمة الرياض المستفحلة منذ عامين، والمتمثلة في تخفيض سعر النفط بشكل متعمد ليهوي من سقف 100 دولار ويزيد للبرميل لأقل من 40 دولار للبرميل، وهو ما كانت السعودية تبتغي من هذا التخفيض أمرين؛ الأول سياسي وهو ضغط على الأسواق الإيرانية والروسية لمسائل لها علاقة بالملف السوري والملف النووي الإيراني، وهو ما أخفق بسبب توقيع الاتفاق النووي وزيادة الطلب على النفط الإيراني بعد رفع العقوبات من عليه، وثانياً كبح موسكو لجماح المخطط السعودي واضطرار الرياض لفتح مفاوضات لمحاولة ضبط سعر النفط بعيداً حتى عن منظمة «أوبك»، والثاني والأهم هو ضرب صناعة النفط الصخري الأميركية، والتي دخلت إلى مرحلة الجدوى الاقتصادية بتكلفة استخراج البرميل إلى ما دون 80 دولار، وبالتالي بيعه ب100 دولار يحقق هامش ربحي يجعل من الصناعة جدوى اقتصادية ذات إمكانية توسعية، وهو ما تخشاه المملكة فعمدت إلى تخفيض سعر النفط، ولكن هذا الأمر ارتد عليها بشكل سلبي، فالسبب الأول تجاوزته كل من موسكو وطهران على النحو السابق ذكره، أما السبب الثاني والأهم هو نجاح شركات النفط الصخري في الوصول إلى طريقة خفضت تكاليف استخراج البرميل الواحد إلى ما دون ال40 دولاراً، وبالتالي فأنه حتى مع انخفاض سعره سيكون مُجدي اقتصادياً، وأضف إلى السابق كله عزم الرئيس الأميركي الجديد على التحول في إستراتيجية الطاقة لأكبر اقتصاد عالمي بحجم الاقتصاد الأميركي. وجدير بالذكر هنا لاستيضاح صورة كاملة أن السعودية تعاني في الآونة الأخيرة من تعثر اقتصادي وصل لدرجة العجز في الموازنة العامة والاستدانة من الخارج، في وقت انخفضت فيه أسعار النفط، وكذا ارتفعت فاتورة حروب المملكة في اليمن وسوريا وفاتورة السلاح، وهو ما جعل المملكة تغير في تكتيكات مالها السياسي، والنموذج الأبرز هو الحالة المصرية، حيث بدأت السعودية منذ 2015 تقليص مساعداتها الاقتصادية لمصر، التي بحسب الرؤية السعودية، لم توفي شروط وطلبات المملكة بشكل كامل، وبالتالي تم تقليص المساعدات ثم قطعها، وقياساً مع فارق فأن المملكة مالت إلى استخدام سلاح المال السياسي بشكل رادع؛ فمثلاً في حالة «جاستا» توجهت الرياض إلى التهديد بسحب أرصدتها الإستراتيجية وأصولها في الولايات المتحدة، وحالياً وبعد فوز ترامب، الذي يستهدف وقف استيراد النفط من المملكة ومن الخارج عموما، عادت الرياض إلى التلويح بمالها السياسي مرة أخرى وفي أفق جديدة وصلت إلى حد التهديد العلني المزمع تنفيذه، خاصة مع تصاعد توقعات في دوائر سياسية وبحثية وأمنية أميركية عن انهيار وشيك للدولة السعودية. في هذا السياق، أبرزت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، في تقرير لها قبل أيام، تصريحات وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في السعودية، ورئيس شركة آرامكو، خالد الفالح، والتي قال فيها أن السعودية حذرت الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، من مغبة ورد فعل ناتج عن سياسة وقف استيراد النفط من الخارج، وأن اقتصاد الولايات المتحدة سيتضرر إذا أقبل ترامب على تنفيذ وعوده الانتخابية والخاصة بوقف استيراد النفط ومشتقاته، وأنه في مقابل استيراد الولايات المتحدة للنفط من الخارج فإنها أيضاً قامت بتصدير ما قيمته مئات المليارات من الدولارات في إلى السعودية وغيرها من الدول، وبالتالي فإن وقف استيراد النفط قد يعني وقف تصدير واشنطن لصفقات متنوعة بمئات المليارات للسعودية، وهو ما يضر مبدأ “التجارة الحرة” على حد تعبيره. واستعرضت الصحيفة تصريحات سابقة لترامب إبان حملته الانتخابية، وخاصة المتعلقة بمسألة النفط، فأبرزت تصريحاً له وصف فيه السعودية بـ”أعدائنا من عصابات النفط”، في وصف لسياسة الطاقة الأميركية الحالية التي سيستبدلها بسياسات تستهدف “استقلال تام وكامل للطاقة الأميركية”. ودعا الفالح في تصريحاته للصحيفة البريطانية بأن يتم تقديم المشورة لترامب من جانب مستشاريه والكونجرس بأن لا يقدم على مثل هذه السياسة لمصلحة الاقتصاد الأميركي، ومبدأ حرية التجارة. مضيفاً في ذات الوقت أن المملكة تعطي الإدارة الجديدة الكثير من الوقت لهضم جميع القضايا المشتركة بين البلدين بما فيها سياسات الطاقة والنفط. وربط الفالح في تصريحاته مسألة استيراد النفط السعودي من جانب واشنطن بعدة أمور أخرى، أهمها اتفاقية «باريس-فيدا» الخاصة بمكافحة التغير المناخي والاحتباس الحراري، قائلاً أن تصريحات ترامب الانتخابية حول هذه الأمور يعبر عن حاجة الإدارة الجديدة لمزيد من الوقت لتفهم أن ما يقال في الحملة الانتخابية يعاد تقييمه بعدها وخاصة إذا نجح صاحبها في الانتخابات. وبشكل عام، فإن مبعث القلق السعودي من التحول المزمع الذي وعد به ترامب ناخبيه يكمن في عدم وضوح سياسات الأخير المستقبلية، التي لم تكن محددة وإنما عبارة في مجملها عن شعارات ولافتات ووعود دون تفاصيل أو برنامج، ولذلك فإن الرياض تعوّل حالياً على مراجعة تصريحات ترامب “النفطية” إبان حملته الانتخابية، وإحباط أن تتحول هذه الشعارات والتصريحات إلى سياسات عامة إستراتيجية، وهذا الأمر نفسه ينطبق على أكثر من ملف وقضية تتماس فيها المصالح الأميركية مع السعودية أو تتضاد، ولكن كلها رهن ما ستؤول إليه سياسات ترامب بعد دخوله البيت الأبيض. هذا الخبر منقول من : البديل |
|