13 - 07 - 2016, 05:04 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
الانعكاس الثّاني: الشّخصانيّة كموهبة من الرّوح القدس إنّ مواهب الرّوح القدس في العنصرة، وهي ألسنة المحبّة الإلهيّة، هي أدواتُ تَواصُلِنا بعضِنا مع بعضنا الآخر. هذه كلُّها تَرمي إلى صَقل شخصيّتنا بحيث يصير “أخونا هو حياتنا”، وفق تعبير القدّيس سلوان. يقول القدّيس بولس لأهل كورنثوس: “إنّ المواهب على أنواع وأمّا الرّوح فهو هو… كلّ واحد يتلقّى ما يُظهِر الرّوح (لا) لأجل (خيرنا نحن بل لأجل) الخير العامّ. فأحدهم يتلقّى من الرّوح كلام حكمة، وآخر وفقًا للرّوح نفسه كلام معرفة”…(1كو12: 1-14). هذه المواهب كلّها أُعطِيَت للنّاس، لا لتحفز اهتمامنا بذواتنا، وانشغالنا بأنفسنا. فالرّوح القدس خادم متواضع ومواهبه دائمًا في خدمة الآخرين. وهو يوقظ فينا خدمة المحبّة لأخينا. فحيث الرّوح القدس، هناك خدمة الآخَر، وحيث خدمة الآخَر، هناك الرّوح القدس. هذا ما يستنتجُه القدّيس سلوان قائلاً: “حيث المحبّة، فهناك الرّوح القدُس”. “الله محبّة، فالرّوح القدس الّذي في القدّيسين محبّة هو“. إذا أنعمنا النّظر في طريقة تعداد الرّسول بولس لمواهب الرّوح القدس، نجده يسوق بضعة أمثلةٍ على الخَدَمات الّتي تعبّر عن تلك المواهب، ولا يُعطينا لائحة وافية. فإنّ الرّوح الواحد نفسه يعمل هذه كلّها، فيوزّع لكلّ واحدٍ وِفقَ ما يشاء. وأرى أنّ هذه المواهب لا عدّ لها، فلكلّ أحدٍ موهبتهُ الخاصّة، وشخصُهُ الخاصّ، وخدمته الرّوحيّة الخاصّة للبشَر عامَّةً. هكذا ندرك أنّ شخصانيّتنا هي موهبة الرّوح القدس لنا. فهو الّذي يفعّل طاقة خدمة المحبّة الّتي في داخالنا، في كلّ واحد منّا، تفعيلاً فريدًا خاصًّا بنا, حتى إنّ معنى حياتنا يكمن في هذه الخدمة عينها. |
||||
13 - 07 - 2016, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
يقول القدّيس سلوان في كتاباته: “لكلٍّ في هذا العالم وظيفةٌ يتمّمها، سَواءٌ هو مَلِك أم بطريرك أم طبّاخ، أم حدّاد، أم معلّم، ولكنّ الرّب… سوف يعطي المكافأة العظمى للذي يحبّ الله محبّة عظمى”. فلنسأل أنفسنا إذًا: هل لي من موهبة؟ ما هي؟ كيف تظهر فيّ؟ فإذا قرأنا القدّيس سلوان، يسهل علينا الجواب: كلّ عمل محبّة وخدمة لأخينا هو نوعًا ما إظهار لموهبتنا الخاصّة بالرّوح القدس. هذا ما نراه في الرّسالة إلى أهل رومية 12، 8: ” الواعظ فبوعظه، والمعطي فبسخاء، والمدبّر فباجتهاد، والرّاحم، فببشاشة“. الوعظ، والسّخاء، والجدّيّة، والبشاشة، كلّها أيضًا خدمات. يقول القدّيس سلوان:“كثيرًا ما يحدث أنّ تحيّة واحدة لطيفة تولّد تغييرًا إيجابيًّا في النّفوس، فيما، على العكس من ذلك، نظرة واحدة عدائيّة تسبّب هروب نعمة الله ومحبّته منّا”. نحن لا ندرك مدى تأثير البذار الصالحة الّتي قد نبذرها بأعمالنا القليلة غير المهمّة، كإسداء كلمة تعزية صالحة للمتألّم، أو نصيحة مفيدة، او مجرّد معاملة الآخر بلطف. لقد لفتَني أنّه، في إنكلترا، إذا توتّرت الأجواء بين النّاس، كثيرًا ما يقترح أحدهم قائلا: “ما رأيكم بفنجان من الشّاي”، فيزول التّوتّر حالاً. لَعَمري إنّ المسيح لم يذكر فنجان الشّاي، ولكنّه ذكر كوب الماء البارد. “ومن سقى أحد هؤلاء الصّغار ولو كأس ماء بارد… فالحقّ أقول لكم إنّ أجره لا يضيع “(متى 10: 42). كوب الماء البارد هذا قد يصبح عمل خدمتك، عمل إظهار موهبة الرّوح القدس الّتي فيك. |
||||
13 - 07 - 2016, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
بالتّالي، وبحسب تعليم القدّيس سلوان، إنّه لأمر بالغ الأهمّيّة أن تُصقَل شخصيّتنا وأخلاقنا بمواهب الخدمة هذه ، وبعلاقتنا مع الآخر. فمن خلال أعمال المحبّة والخدمة هذه، ينمو “الشّخص” فينا (Persona). وكلٌّ من هؤلاء “الأشخاص” مختلف عن الآخر تمام الاختلاف، ويعبّر عن محبّته بطريقة مختلفة تمامًا (لكلٍّ منّا شخصيّة فريدة، وطباع فريدة تحدّدنا كأشخاص[6]). ولو فكّرتُم في الجوهر العميق لموهبة الرّوح القدس، وفي غايتها القصوى، ستَخلُصون إلى ما اعتاد الأب صفروني أن يسمّيه “نشيدي المفضَّل”، أي مبدأ الإنسان كشخص. ولو تسألون: “ترى، ما هي خدمتي”؟ قد يجيبكم القدّيس سلوان، على الأرجح قائلاً: “يكفي أن تكونوا أنفسكم كما في محبّتكم للآخرين: فهذه خدمتكم”. أحيانًا، قد تقتصر الخدمة الموكَلة إلينا على حضورنا الصّامت. والأب صفروني خير مثال على ذلك. ففي آخر حياته، أثقلَت الشّيخوخة كاهلَِه. صار لا يستطيع أنّ يتحدّث إلى النّاس. ولكنّ حضوره، ولو صامتًا، بدا خدمةً مهمّة لديرنا، وكذلك للعالم بأسره. لم يجد الشّرّ مجالاً له، لأنّ حضور الأب حامى عن الدّير، وعن كلّ واحدٍ منّا. هذه كانت خدمة شخصانيّته بامتياز. وأنا أعرف ديرًا يعطي فيه الرّئيس مثالاً صامتًا للرّهبان. هذه خدمة شخصانيّته، وهي أقوى من أيّة تعليمات خارجيّة وأحاديث لا تنتهي. هذه الخدمة لها مفعولٌ كونيٌّ. أسوق مثلاً آخر: أخبرَني أحدُ الرّهبان[7] أنّه أخذ يتململ ذات يوم بسبب عدم فائدته في الدّير، قائلاً: “آه، لم اعُدْ أحتمل! إنّي أحيا في التّواني حيال الله والناس. أنا راهبٌ فاشل”! فأجابه أحد الزّائرين قائلاً: “من جهتي، يكفيني أن أعرف أنّكم هنا في الدّير، أيّها الآباء، وهذا يدفعني إلى الحياة، ويقوّيني لأستمرّ فيها”. |
||||
13 - 07 - 2016, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
نستخلص من فكر القدّيس سلوان هذا أنّ حضوركلّ إنسان من حولنا له غاية معيّنة… قد لا نعي ذلك، ولكنّ حضور كلّ واحد منّا إلى جانب الآخر يسدي له خدمة، تمامًا كما يؤكّد علم الفلَك الحديث أنّ وجود كوكب الأرض يوجِب وجود المجَرّات البعيدة كلّها، والنّجوم، والكواكب. فهي، بطريقة لا نعلمها، تحفظ توازن الكون الّذي محوره الأرض (من مبدأ إنسانويّ). إنّ الإيمان الرّاسخ أحد النّاس الّذي يوقد شعلة الإيمان في الآخرين يجلب لهم السّلام. هذا ما يُحسَب خدمةَ إيقاظ الإيمان والرجاء بالله. وقد يُحسَب أيضًا خدمةَ صُنعِ السّلام، بمعنى قول القدّيس سيرافيم: “اقتنِ السلام، والآلاف من حولك سيجدون خلاصهم“. إنّما يكفي أحيانًا أن يحفظ الإنسان إيمانه وضميره المسيحيّ. حينئذٍ تضحي ثقتنا بالله سندًا عظيمًا للآخرين، ولو من غير كلام. ولعلّ حياة الإيمان هذه أقوى بشارة بالمسيح، سيّما في عصرنا هذا. فحياتنا في المسيح بحدّ ذاتها هي خدمتنا للعالم، وهي موهبة الرّوح القدس الّتي فينا. (…) خلاصة لقد رأينا ما لتعليم القدّيس سلوان في الرّوح القدس من الانعكاسات الكبيرة المهمّة في حياتنا اليوميّة، سواءٌ في الكنيسة، أم في البيت، أمّ في أيّ مجتمع بشريّ. فهي تثبّت لنا قاعدة من أعظم القواعد الحياتيّة لا يسعنا إلاّ أن نقارنها بتعليم المسيح: “كونوا كاملين كما أنّ أباكم السّماويّ كامل هو“. على ضوء هذا التّعليم، نحن الّذين نحاول أن نكون أرثوذكسيّين، ونحاول أن نقتدي بالقدّيس سلوان، نؤثِر أن ننظر إلى ضعفاتنا، كما فعل الأب صفروني دائمًا. فذات مرّة، وهو يتمشّى في درب حديقة ديرنا في إيسّيكس، دنا منه أحدُهم، وقال له: “يأ أبانا صفروني، لقد صرتُ أرثوذكسيًّا الأسبوع الفائت“. فنظر إليه الأب صفروني متحيّرًا، ثمّ ابتسمَ قائلاً: “أرثوذكسيًّا؟! لي من العمر سبعون سنة، وما زلتُ أحاول أن أصير أرثوذكسيًّا، ولكنّني لم أنجح بعد“! * * * |
||||
13 - 07 - 2016, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
(…) جاء في الكتاب المقدّس أنّ موسى لم يستطع أن يرى وجه الله – اللّفظة اليونانيّة (Prosopon) يمكن أن تُتَرجَم أيضًا بلفظة “شخص”.[8] في العهد القديم، عَرفنا ما هو الله، وفي العهد الجديد، عرفنا مَن هو الله. (…) أن نوجَد هو ألاّ نكون مَعنيّين أبدًا بما يُحيط بنا، وألاّ نقيم أيّ علاقة حقيقيّة مع ما هو حولَنا. أمّا الله، فهو عكس ذلك تمامًا. هو مَعنيٌّ بخليقته كلّيًّا، يتعهّدها تعهّدًا كاملاً. وهنا أجيب عن السّؤال بسؤال كثيرًا ما طُرِحَ عليّ: “الله حرٌّ، ولكن، هل يمكن لمَن يُحبّ أن يكون حرًّا”؟ عندئذٍ، أخبرُهم بما يلي: منذ أن خلق الله آدم، صار آدم حياة الله. والمسيح أظهر لنا ذلك على الصّليب. الكينونة إذًا، هي الدّخول في شركة مع الآخَر، ومن دون هذه الشَّرِكة، لا يبقى إلاّ الوجود البحت. فمن دون المشاركة والالتزام والتّواصل ليس من كينونة، بل وجود فحسب. وهذا ما نراه اليوم في عالمنا المعاصر، حيث النّاس باتوا مجرّد وجود، وأمسَوا مُنعَزِلين متفرّدين تمامًا، أي منفصلين إلى أقصى درجة أَحَدُهم عن الآخر. لهذا يتفاقَمُ الألم في العالَم المُعاصِر. يقول القديس سلوان إنّنا نتألّم لأنّنا لا نعرف أن نحبّ أخانا. |
||||
13 - 07 - 2016, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
(…) كثيرًا ما استوقفتني عبارة في الإصحاح 6 من سفر التكوين يقول الله فيها: ” لا يُجاهد روحي في الإنسان“[9]. فالرّوح القدس في جهاد دائم حتّى يجد مكانًا، أو مبرِّرًا، ليحلّ فينا. ولكنّنا أحيانًا نَوصدُ في وَجهِهِ الأبوابَ كلّها، لأنّنا نتصرّف تصرّفًا لا يمكن للرّوح القدس من أن يرافقه، والعكس صحيح. عندما نتصرّف بما يوافق الرّوح القدس، يَنزل علينا بقوّة. إليكم مَثَلَ القدّيس سلوان: متى افتقدته النّعمة؟ إنّه يَصِفُ ثلاثَ حالات، كلّها ناتجة عن عمل محبّة تجاه القريب. مرّةً، كان يخدم الإخوة على المائدة، فأصابه الدّهش من ذلك العمل: أن يخدم الآخرين. فانتهز الرّوح القدس الفرصة فورًا، ليختم بختمه لحظةَ محبّة الآخرين في قلب القدّيس. مرّة أخرى، تحنّن على صبيّ صغير، وأعطاه بيضة الفصح، ومرّة ثالثة، أعطى بيضةً لأحد العمّال، وفي الحالتَيْن شعرَ بالعطف على الشّخص الآخر. في اللّحظة ذاتها، جاءَ الرّوح القدس، وملأَ كيانه. إذًا، بسلوكنا نفقد الرّوح القدس، وبسلوكنا نجتذبه، فيعود إلينا. ولكن كيف للرّوح القدس أن يجد مكانًا في قلب بعض الأشخاص، الّذين يظنّون أنّ “الآخر هو الجحيم”[10]، أمثال الفلاسفة الوُجوديّين؟ القدّيس سلوان يقول نقيض ذلك: “الآخَر هو حياتي”. أخي هو حياتي”. لهذا وجد الرّوح القدس مَدخلاً سهلاً إلى القدّيس سلوان. كذلك، يتكلّم الأب صفروني عن النّعمة الإلهيّة الّتي تتوارى عن الإنسان. ولكنّ هذه خبرة مختلفة. ما يعلّمه القدّيس سلوان بشكل رئيس هو أنّ الرّوح القدس يدخل القلب من خلال عمل المحبّة. |
||||
13 - 07 - 2016, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
(…) لم يَرُقْ للقدّيس سلوان أن يدخل في مجادلات نظريّة مجرّدة، قائلاً إنّ الكاملين لا يتكلّمون من فكرهم الخاصّ. في كلّ الأحوال، ينبغي طلب الجواب في الصّلاة. لهذا لا أحبّ أن أتكلّم أو أن أدخل في أيّ حوار من غير معونة الله. في العادة، عندما يهبنا الله خدمة ما، يعطينا معها الموهبة لإتمامها، والحكمة اللاّزمة لذلك، كما في الحوار بين الأديان مثلاً. أرى أنّ أفضل طريقة للحوار مع الشّعوب الأخرى هي في الشّهادة للمسيح من خلال طريقة حياتنا، وتصرّفنا، وفرح الرّوح القدس المنبعث من قلبنا. فماذا يمكننا أن نقول عن المسيحيّة، عندما يرون حياتنا مُضجِرة، كلّها دُنيَويّة، لا روحَ إلهام فيها؟ فالرُّسُل ألهَبوا الكون كلّه بفرح محبّتهم للمسيح. ومن يقتنِ هذه المحبّة يأتِه الكلام أثناء الحوار بشكل طبيعيّ. لا يسعني أن أعطيك في الوقت الحاضر “وصفة” للجواب عن هذا السّؤال، لأنّني لا أعرف الشّخص المَعنيّ. هنا يكمن الفنّ عند الأب صفروني: لقد عرف أن يجد المفتاح الشّخصيّ للحوار مع كلّ إنسان، أعني مفتاح قلبه. هذه هي موهبة التّكلّم بالألسنة: أن نجد اللُّغة المناسبة للوصول إلى قلب كلّ إنسان. |
||||
13 - 07 - 2016, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
(…) تُرى ماذا يعني أن يكون المرء أرثوذكسيًّا؟ إنّ الكنيسة في لطفها الجميل، زوّدَتنا بسائر الأفكار الّتي ينبغي أن تحضر في ذهننا للجواب عن هذا السّؤال. هذه الأفكار تُعَبِّر عنها النّصوص المستخدَمة في طُقوسِنا (الخِدَم الليتورجيّة)، وهي نصوص رائعة، مشرقة بالنور، فيّاضة بالإلهام المفيد لخلاصنا. ماذا تقول نُصوصُنا الطّقسيّة بشأن روسيّا واليونان وسواها من البلدان؟ ماذا تقول في المسيح الدّجّال، أو في مفهوم الوطن الأمّ؟ لا شيء إطلاقًا. فمَن يريد أن يكون أرثوذوكسيًّا، خيرٌ له أن يتّبع تعليم الكنيسة؟ بالنّسبة إليّ، ما لا يَرِدُ في إطار حياة الكنيسة الأرثوذكسيّة وتعليمها ليس أرثوذكسيًّا، ولا هو مُلهَم من الرّوح القدس، ولا يجلبُ لنا الخلاص. فلو قارَنْتُم بين تعاليم القدّيس سلوان، وطقوس عيد العنصرة كلّها، لوجدتُم تناغمًا كلِّيًّا، وكأنّ هذا الكتاب استمرار لتلك الطّقوس، وتوسُّع فيها. ولو قرأتُم كتُب الأب صفروني، لوجدتُم فيها كلِّها تعليقًا على كتاب “المعزّي”، موضوعُه خلاص البشَر. هذه هي الأرثوذكسيّة، هذا هو الإلهام، إلهام الرّوح القدس. فلا أريد أن أضيَّع الوقت المعطى لي لأعمل على خلاص نفسي في الانهماك بما ليس أرثوذكسيًّا، أعني بالعصبيّة القوميّة. أنا شخصيًّا أمرُّ بمأساة، كلّما ظهرَ لي الوجه الشّيطانيّ للعصبيّة القوميّة، ذلك الوجه القاتم الأسود. الأسبوع الفائت، تعيّن عليّ أن أقيم قدّاسًا إلهيًّا في كنيسة جاورجيّة، ولا تخفى عليكم الأزمة السّياسيّة بين روسيّا وجاورجيا. ثمّ إنّي لا أستطيع احتمال الفكرة أن ننظر إلى الآخر كما إلى عدوّ يجب قتلُه. ولكنّ كلّ كنيسة قوميّة من الطّرفَين تبارك القتل في سبيل حماية الوطن. أمّا الأب صفروني فيكتفي بترداد ما قالَه المسيح: إنّ مَن يولَد بالمسيح لا يستطيع أن يقتُل. |
||||
13 - 07 - 2016, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
(…) وهذا كُنهُ موهبة العنصرة: التنوّع في الوحدة. هذا يذكّرني بالمبدأ الإنسانيّ في علم الفلك ((“Principe anthropique”. تعلمون ما هو: فالعلماء يصرّون في أيّامنا على القول إنّ سائر المجرّات النّائية، وكلّ ما في الكون اللامتناهي، ضروريّ من أجل الحياة على الأرض. فالكون كلّه يحيا كجسم واحد، حتّى إنّ كلّ حجر فيه له أهمّيته. والأمر نفسه ينطبق على جسم الإنسانيّة جمعاء. كلّ شخص، وكلّ حضارة، وكلّ تعبيرِ كيانٍ لَهُ مساهمتُهُ في جسم الإنسانيّة جمعاء، وبه يزداد غنى المجموع. (…) هنا يكمن أساس المسيحيّة. مهما يكن شكل الحياة المسيحيّة الّتي تتّبعونها، فهي أبدًا مطبوعة بالمعادلة بين محبّة الله ومحبّة القريب. لا محبّة لله من غير محبّة القريب، والعكس صحيح. بالنّسبة إلى هيكليّة الحياة العائليّة، من الّلافت قول بولس الرسول إنّ الزّوج على صورة المسيح، والعلاقة به تعكس تقدّم الطّرف الآخر في محبّة الله. هذا يصحّ في كلّ علاقة بشريّة. كلّما نتقدّم في الوجوه المتعدِّدة لمحبّة الله، يظهر ذلك علاقاتنا بالنّاس. والمفارقة هي أنّ القدّيسين يحبّون أن يكونوا الأصغر. فكلّما تقدّمنا في خطوِنا نحو الله، وكلّما دَنَونا منه، ازداد فرحنا لرؤية الآخرين أقرب إليه منّا. والسبح لله دائمًا |
||||
13 - 07 - 2016, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تعليم القديس سلوان الآثوسي في الرّوح القدس
ترجمة راهبات دير السيّدة-كفتون بالتّعاون مع الآنسة سميرة خوري [1] محاضرة للأب نيقولا سَخاروف من دير القدّيس يوحنّا المَعمَدان- إسّيكْس-إنكلترا ألقيَت في اجتماع لجمعيّة القدّيس سلوان الآثوسيّ سنة 2011 [2] العظة 21:33. .PG35:1121 [3] الكلّيّات في الفلسفة العربيّة هي المفاهيم المجرّدة الشاملة ولذلك اعتمدنا هذه الصّفة لكلمة Total (المترجم) . [4] أنظر كتابات القدّيس سلوان في “القدّيس سلوان الاثوسيّ”، منشورات عائلة الثّالوث القدّوس- دير القدّيس يوحنا المعمدان، ترجمة الأمّ مريم زكّا (المترجم). [5] يمكن أن نتذكرّ هنا القولة الشّهيرة للفيلسوف الوجوديّ الملحِد جان بول سارتر: الجحيم هو الآخَرون” (المترجم). [6] لنقولا بيردياييف رأيٌ جميل: “كلّنا نشترك في الخلق، مثل الله الخالق. وما نخلقُهٌ هو علاقاتُنا بأشخاص الآخَرين، علاقاتٌ نصنعها من أعمال المحبّة، وهي ستقوم دائمًا في علاقتنا بذلك الشّخص الّذي صنعنا معه محبّة. هذه العلاقات هي أعمال خَلقِنا”. [7] هو الأب رفائيل. [8] في اليونانيّة يُشار إلى “الوجه” و “الشّخص” بلفظة واحدة: prosopon (المترجم). [9] تكوين 6: 3 [10] عبارة مشهورة لجان بول سارتر في مسرحيّة Huis-clos. 25نشرة رقم دير مار ميخائيل – بسكنتا |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تعليم الرّوح القدس الخاص هو يسوع المسيح |
القديس سلوان الآثوسي |
القديس سلوان الآثوسي |
مراثي آدم _ سلوان الآثوسي |
من اقوال القديس سلوان الآثوسي |