تنصيبه بطريركًا يوم 14/11/1971
حقًا كان يومًا رائعًا مجيدًا في سجل التاريخ احتفلت به الكنائس جميعها في سائر أنحاء الكرازة داخل القطر وخارجه
اكتظت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية على كثرة سعتها بالآلاف من الصباح الباكر خلاف الألوف الذين شهدوا لحفل الذي عرض بالتليفزيون.
في تمام الساعة التاسعة والنصف حضر إلى الحفل كبار رجال الدولة ووفود الكنائس العالمية. وخرج الآباء والمطارنة والأساقفة والقسوس والشمامسة إلى المقر البابوي وأغلق باب الكاتدرائية، وسار من المقر البابوي أنبا شنودة في صحبة أنبا ثيؤفيلس أسقف دير السريان وأنبا أنطونيوس مطران سوهاج، وما أن اقترب أنبا شنودة من باب الكاتدرائية حتى سلم رئيس الشمامسة إليه المفتاح فتح الآب البطريرك الباب وهو يقول:
"افتحوا لي أبواب البر لكي أدخل واشكر الرب، لأن هذا هو باب الرب وفيه يدخل الأبرار. أشكرك يا رب لأنك استجبت لي وكنت لي منقذا ومخلصًا".
وأثناء ذلك كانت الأجراس ترسل دقات الفرح وبدىء في طقس تنصيب قداسة البابا المعظم الذي ينتهي بتلاوة فصل من إنجيل القديس يوحنا ص 10: 1 - 16، فصل الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف.
وقد رحب بالاختيار الإلهي ملايين الناس في مصر وفي بلاد الكرازة وغيرها كما رحبت به كافة الشعوب المسيحية في أنحاء العالم ورجال الدولة وأرباب المعرفة داخل البلاد وخارجها.
والذي شاهد كيف استقبله المهنئون يعلم بحق مدى محبة وإكرام الشعب المحب للمسيح له ومدى ابتهاجه بالاختيار الإلهي ومتى استعلن الحق فإن الله يبيد كل بلبلة، وحينئذ يعترف للرب كل رؤساء الأرض لأن الرب عال ويعاين المتواضعين.
حقًا هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ولنبتهج فيه.
لقد توجت بالمجد والكرامة، ألبسوك التاج البطريركي المقدس وتقلدت عصا الرعاية من المسيح نفسه لنحكم بالبر والاستقامة.
كما حضر ممثلو كنائس العالم الحفل، وقام عدد كبير من المراسلين الأجانب يمثلون صحافة وإذاعة وتليفزيون العالم بوصف الاحتفال وتسجيله بالكلمة والصوت والصورة.
وتولى نيافة الأنبا صموئيل تنظيم الاحتفال بالتنصيب واستقبال الوفود التي اشتركت في الصلاة فكان أروع احتفال واشترك الوفد الأثيوبي في الصلاة باللغة الأمهرية والوفد الأنطاكي باللغة السريانية، والوفد الأرمني باللغة الأرمنية.
وقد تحدث البطريرك الأنطاكي مهنئًا كما تحدث الممثل الشخصي للإمبراطور هيلاسلاسى، وقام بتقليد البابا وشاح سليمان الأكبر المهدي إليه من جلالة الإمبراطور هيلاسلاسى.
الاحتفالات باستقبال غبطته بالإسكندرية لأول مرة بعد تنصيبه في يوم الثلاثاء 23/11/1971 احتفلت الكاتدرائية المرقسية في المساء باستقبال قداسته وضاقت الكنيسة وازدحم فناؤها بالآلاف من المستقبلين حتى أنه شق طريقه إلى داخل الكنيسة بصعوبة بالغة ليؤدى صلاة الشكر.
وفي يوم الأربعاء 24/11/1971 قام بصلاة القداس الإلهي بالكنيسة المرقسية وانتهى حوالي الغروب وبعدئذ توجه إلى كنيسة مارمينا بفلمنج، وشهدت زحامًا لم ير له مثيل في تاريخ هذه الكنيسة فقد امتدت جموع المستقبلين حتى تجاوزت رصيف الشارع الذي تقع فيه الكنيسة.
وتوجه في صباح الخميس إلى كنيسة مارمينا بالمندرة حيث قام بصلاة القداس، وبعد الظهر أقام اجتماعًا لشباب إسكندرية بالكاتدرائية المرقسية.
كان الاجتماع قاصرًا على الشباب ورأينا كيف زحفت جموع الشباب المتزاحمة حتى وصلت إلى الباب الخارجي معلنة شدة ابتهاجها وسرورها بأبي الآباء ورئيس رؤساء الكهنة المحبوب.
وفي يوم الجمعة توجه إلى دير مارمينا بصحراء مريوط، وبعد كل ذلك عاد غلى القاهرة في نفس اليوم لإلقاء عظته كالمعتاد بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية.
وإنّا لنرجو أن يكون عهده الذهبي عهدًا زاهرًا لامعًا مضيئًا في سماء الكنيسة، كما نرجو من أعماق القلب من شعب الكرازة المحب للمسيح أن يكون حافظًا لعهده ثابتًا على مبادئه راسخًا في محبته كالمارد مرتفعًا عن الانحراف كالجبل الشامخ، فيلتقي دائمًا بقلبه مع الراعي الأكبر وتكون فرحة لقائه في كل الأوقات والظروف والمناسبات كفرحته بلقائه في اليوم الأول لتنصيبه، هي نفسها الفرحة الغامرة والمحبة المتدفقة المشتعلة التي لا تنطفئ أبدًا.
هذا ما يطلبه الرب منا أن يكون الراعي والرعية يدًا واحدة وقلبًا واحدًا،الكل يعمل للبنيان حسب قدرته ومواهبه في حقله وميدان عمله إكليروسًا وشعبًا في صدق وإخلاص لراعى رعاتنا المحبوب البطريرك المعظم أنبا شنودة.
يا أبانا القديس أنبا شنودة البطريرك الرب يحفظ حياتكم:
سنين كثيرة يا سيدنا
سنين كثيرة يا سيدنا
سنين كثيرة يا سيدنا