منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 07 - 2014, 02:52 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,610

كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
مقدمة الطبعة الأولى

كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
بعد أن نشرنا سير آباء البرية القديسين رأينا أن نجول جولة في فردوس هؤلاء الآباء، نلتقط من أفواه البعض منهم دورًا غالية القيمة وأحجارًا كريمة لبناء حياتنا الروحية، نلتقط اختبارات الآباء من بطون المخطوطات القديمة نحو سر له أهميته ألا وهو سر التوبة الذي فيه أعطى الله الكاهن سلطان الحل والربط (مت16: 19، 18: 18؛ ويو 22: 23)، وما أحوجنا إلى أن نتعرف على النواحي المختلفة لهذه الاختبارات والاسترشاد بها حيال التجارب والضيقات التي تعترض حياتنا لكي نتشجع ويتقوى رجاؤنا ونتذكر قول الكتاب القائل: الرب يحفظك من كل سوء، الرب يحفظ نفسك، الرب يحفظ دخولك وخروجك، وان نلتمس دوما قوة الله التي شقت البحر الأحمر وأغرقت فرعون وجنوده.
هكذا نثق وهكذا نؤمن أن الرب يسوع ينعم لنا بمغفرة خطايانا ويهبنا النصرة على الشر إن ثبتنا في التوبة الحقيقية حسب قول الكتاب ".. ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُم. وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ" (يوئيل 2: 12، 13)، وقوله "أحم كُلِّ لَيْلَةٍ سَرِيرِي وبِدُمُوعِي أبل فِرَاشِي." (مز 6)، وقوله "إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ." (1يو8: 9)، وعلينا أن نصنع أثمارًا تليق بالتوبة ونضاعف هذه الأثمار كما فعل زكا العشار،وهكذا بانسحاقنا الدائم نستطيع أن نرضى الرب في توبتنا أكثر مما يرضيه القديسون في حياتهم كما شهد تاريخ الكنيسة عن القديسة مريم التائبة أنها أرضت الرب في توبتها أكثر مما أرضته في حياتها الأولى.
كتبنا سير بعض آباء البرية ونقدم هنا خلاصة أثمار شهية من أثمار فردوس الآباء -هي اختبارات بعض الشيوخ الرهبان الممتازين في المعرفة الروحية عن الاعتراف عن مخطوطات قديمة منها المخطوط رقم 376 لاهوت (قديم) بالمتحف القبطي الذي لَخَّصناه ووضعنا له بعض العناوين بعد تنقيح وتصحيح كثير، وبعد الرجوع لكتاب بستان الرهبان وغيره، وليساعدنا الرب لنستفيد من هذه الاختبارات النافعة لنصل إلى ميناء الخلاص بسلام - آمين.
طبعة ثانية: سنة 1967.
طبعة ثالثة: سنة 1969.
رد مع اقتباس
قديم 12 - 07 - 2014, 02:54 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,610

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب

الوصايا لا يمكن حفظها إلا بالتلمذة لمعلم مرشد


الراعي الصالح هو الذي يسهر على سلامة الخراف - كذلك أنت أيها الكاهن ثبت أبناءك في كل وقت بكلام التعليم وبحسن تدبير سيرتك وشجعهم بالرجاء الثابت وألبسهم خوذة الإيمان المستقيم والاتكال على الله وأخذهم باستعداد إنجيل السلام، واربط أحقاءهم بكلام العفة، وضع بأيديهم سيف الحرب مقابل آلام الشهوة، أرهم مخافة الدينونة المزمعة وإذا غلبوا فشجعهم وأمدحهم لآن المديح ينشط الذي يغلب فيجاهد بالأكثر لكي لا يسقط، وان سقط أحد منهم اشفه مثل طبيب يداوى ابنه ويشفق عليه بالأكثر ولو كان قريبًا من الموت، أعط ابنك الشفاء باستخدام الصلاة والوداعة والصبر وطول الروح والمحبة مع الاتضاع، الذين يخرجون من مصر (1) عن طريق البرية (2). قوهم بالرجاء وسر بهم حتى يبلغوا ارض الموعد وهناك يبقون بلا ألم ويأخذون أجر أعمالهم الحياة الأبدية من مخلصنا يسوع المسيح.
إنه جهاد عظيم وتعب شديد يلقاه المتقدمون في البداية فشجعهم حتى يصلوا إلى الفرح الذي لا ينطق به، وما دام للمعترف الاشتياق الشديد والعزم الصادق للتوبة ويريد أن يتقدم إلى المسيح فلا تغلق أمامه الباب لأن السيد يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون، وهو ينتظره وقد أرسله إليك فاستقبله ببشاشة وفرح لنستحق نوال الفرح الأبدي مع الأربعة والعشرين قسيسًا المتسربلين بالثياب البيض في ذلك اليوم المخوف المملوء مجدًا.
إن وصايا السيد المسيح لا يمكن حفظها (3). بلا تلمذة وتعليم، ولا تعطى نعمة روح قدسه إلا لمن يحفظ وصاياه، وقد قال السيد المسيح في إنجيل يوحنا: "إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ،رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ" (يو14: 15-17)، وقال أيضًا: "اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي" (يو14: 21)، وقال ".. إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلًا. اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي" (يو14: 23-24) - وقد حقق بهذا أن الذي يحفظ وصاياه فهو في الحقيقة لا يحبه.
وقد قال السيد المسيح أيضاُ: "كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي.إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ" (يو15: 9،10)، وقال أيضًا: "إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ" (يو8: 31، 32)، والقديس يوحنا الرسول يقول في رسالته الأولى: "وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. مَنْ قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُهُ» وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ" (1يو2: 3-5).
كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
المعمودية هي بدء التلمذة

ثبت من قول الرب في إنجيل متى أن حفظ الوصايا يحتاج إلى التلمذة لمعلم يتلمذ الإنسان تلمذة الأدب ويعلمه حفظ الوصايا، ذلك لأن الشيطان يجتذب الإنسان إلى شهوات الجسد ويميل قلبه إلى لذاته وينسيه أمجاد الدهر الآتي ويوم الدينونة الرهيب المخوف المملوء مجدًا الذي رسمه الرب للمجازاة والذي سيجازى فيه كل واحد حسب أعماله فدبر للإنسان تدبير التلمذة (بالمعمودية المقدسة) ذلك أن الطفل المعمد ليست له خطية يعترف بها سوى عبودية الشيطان بسبب معصية آدم وان إشبينه يعترف عنه بعبودية الشيطان ويعلن انه يرفض الشيطان وكل أعماله، ويقبل السيد المسيح وكل نواميسه الإنجيلية وبعد ذلك يعمد، وعندما يكبر الطفل ينفذ ما قد عجز عنه وقت العماد فيكون كلما أخطأ يسرع إلى الكاهن يعترف له بخطاياه سواء أكانت كبيرة أم صغيرة ويتعلم حياة حفظ الوصايا عن طريق معلمه ومرشده -لذلك أمر يسوع تلاميذه قائلًا: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ" (متى28: 19-20).
كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
المعمودية عتق من عبودية إبليس


كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
الذي يخطئ ببيع نفسه للشيطان ساعة الخطية كما فعل آدم في الفردوس، وللوقت يملأ الشيطان عقله ويجتذبه إلى كراهية الأعمال الصالحة والرغبة في محبة شهوات الجسد كما قال السيد المسيح في إنجيل يوحنا: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ.وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا." (يو8: 34 -36)، وحقق بهذا أن الذي يخطئ يتسلط عليه إبليس الذي هو الخطية ويصير له عبدًا ينفذ أوامره - وإذا ثبت كذلك فليس له ثبوت مع ابن الله في البيت إلى الأبد، لكن إذا جاء إلى الابن يلتمس العتق يعتقه فيصير حرًا، يأتي إلى الابن على يد الكاهن الذي قد أعطاه سر الكهنوت ليعتق الخطاة من عبودية إبليس، وعندما يأتون إليه معترفين بالخطية للوقت يعتقهم ابن الله ويعينهم على عمل وصاياه.. لأن الخطية إذا غفرت صار الإنسان معتوقا من سلطان إبليس لأن إبليس بالخطية يملك الإنسان فإذا غفرت الخطية عتق من تملك إبليس، وان الابن أعطى الكهنة سلطان مغفرة الخطية بروح قدسه، فإذا اعترف للكاهن بخطاياه غفرت للوقت بسلطان الكاهن الممنوح من الله فيصير حرًا ويأكل من شجرة الحياة التي هي جسد ودم المسيح، كما يشهد الإنجيل المقدس أن الرب قال لتلاميذه: "كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا.وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ.مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ" (يو 20: 21، 22)، فقوله أنا أرسلكم أي كما أرسلني أبي لتلمذكم وأخلصكم وأعلمكم حفظ وصايا أبي، فلذلك أنا أرسلكم أيضًا لتتلمذوا جميع الأمم وتعتقوهم من عبودية إبليس كما عتقتكم وتعلموهم حفظ جميع ما أوصيتكم به، ومن تلمذتموه وعمدتموه وغفرتم له خطاياه غفرتها أنا أيضًا له، ومن لا تتلمذوه وتغفروا له خطاياه فهي ممسوكة عليه وغير مغفورة، قوله هذا حقق وأوضح أن الاعتراف بالخطية على يد الكاهن هو معمودية دائمة غافرة للخطايا.
كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
المعمودية لا تتكرر

المعمودية واحدة لا تفرغ أبدًا ما دام الإنسان حيا كما قد أمرنا الروح القدس بتعليم المائة والخمسين المجتمعين بالقسطنطينية أن نعترف بها كل يوم قائلين نعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا.. هكذا نعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا ونترجى قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي، لأن المعترف بخطاياه دائما الحافظ الوصايا هو المترجي قيامة الأموات وحياة ذلك الدهر لأنه لو لم يترجاها ويؤمن بها لا يعمل العمل الذي به يصل إليها.
إن كانت المعمودية لا تتكرر فكيف نخلص إذا أخطأنا؟
كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
التوبة تجديد المعمودية

لما كان إبليس لا يفتر عن خداع الإنسان وجب أن يكون للإنسان معلم دائم -هو الكاهن أب الاعتراف- يعترف له بكل خطية لكي يصير حرًا منها.. كما يوضح القديس يوحنا ذهبى الفم في تفسير رسالة رومية قول الرسول: ".. تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ" (رو12:2)، أي لا تيأس ولا تبقى مطروحًا بل انهض أيضًا وجدد نفسك بالتوبة والدموع والاعتراف بخطاياك.
لقد أمرنا الله أن نلزم حفظ قلوبنا من كل فكر الخطية الذي يبذره إبليس في قلوبنا، أمرنا أن نكون دائنًا مستيقظين ناظرين إلى قلوبنا، فمتى رأينا فكر خطية قد بذره فينا إبليس دفعناه بعيدًا عنا بالصلاة والتضرع إلى الرب ولا نمكن القلب من أن يتلذذ بذلك الفكر أو - بترديده..: وإذا رأينا أن ذلك الفكر لا يطرد عنا أسرعنا بكشفه لأب الاعتراف وإشهاره بين يديه فنستريح منه.
من أجل هذا يلزمنا أن ننفى أفكارنا من البداية ولا يمكننا تنقيتها إلا بالاعتراف لمن نستحي منه ونفتضح بين يديه عندما نعترف له بها فنتعلم الاتضاع الذي قال عنه القديس الأنبا يحنس انه باب الله ومنه يدخل الآباء إلى الملكوت.
أما الذي يخطئ بعد المعمودية ولا يتوب ويعترف فهذا يلقى في الدينونة في الجحيم إلى الأبد لأن من يموت وهو خاطئ لا يقدر على التوبة كما يقول داود النبي من الذي يعترف لك يا رب في الجحيم؟ فليس بعد الموت توبة ولا اعتراف ولا خلاص بل خلود في الجحيم إلى الأبد لمن مات وهو خاطئ.
وقد قال القديس مار اسحق السرياني: "المعمودية هي الولادة الأولى من الله والتوبة هي الولادة الثانية كذلك.. التوبة باب إلى الحياة لأن الكل أخطأوا كما قال الرسول، وبالنعمة نتبرر مجانًا، فالتوبة إذن هي النعمة الثانية وهى تتولد في القلب من الإيمان والمخافة".
كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
من لا يحفظ وصايا المسيح فقد أنكر الإيمان

ذكر في البستان أن القديس مكاريوس الكبير قال هكذا، أن الذي يعرف الله ولا يعمل مشيئته هو أشر من الكفار لكونه جحد الذي عرفه، كما قال الرب أيضًا في فصل العشر عذارى أنه يقول الجاهلات أني ما أعرفكن، فقد جحد معرفتهن مع كونهن عذارى مؤمنات متعبدات له لما لم يكملوا ما وجب عليهن من حفظ وصاياه وجعلهن جاحدات - وقد أعلمنا بهذا أن الذي يقصر فيما يجب عليه من حفظ الوصايا هو له جاحد، والذي لا يقبل كلامه فهو جاحد أيضًا كقوله "الذي يجحدني ولا يقبل كلامي له من يدينه".
والقديس كيرلس الكبير يشبه ذلك الإنسان بيهوذا الإسخريوطي -وكل الذين يلبسون ثياب العرس هو يهوذا الإسخريوطي- وكل الذين يلبسون ثياب النصرانية ولا يعملون الأعمال الصالحة، أولئك تربط أيديهم وأرجلهم ويلقون في الظلمة البرانية حيث البكاء وصرير الأسنان،وقد أوضح القديس بولس الرسول ذلك صراحة حيث قال "من لا يعتني بخاصته فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمن" (1تيموثاوس 5: 8).
كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
من لا يحفظ وصايا المسيح لا يستحق النظر إليه

القديس اكليمنضس يفسر قول الرب عن الأمانة به وحفظ وصاياه في إنجيل يوحنا فيقول أن نظر الله هو الطهارة الحقيقية، وليس النظر إلى يسوع بالجسد هو نظر الله لأن كثيرين من اليهود القليلي الأمانة قد نظروه جسديًا ولم يؤمنوا به ولم يصنعوا وصاياه، بل الذي يلزم نفسه حفظ وصاياه قد استحق النظر إلى الله بالحقيقة.
وبمثل هذا يشهد القديس باخوميوس حين سأله تلميذه تادرس: "ماذا نصنع حتى ننظر الله، قال له بالحقيقة إن أردت أن تراه فاجتهد قدر قوتك في عمل جميع الأوامر المكتوبة في الإنجيل وذلك أنه يقول "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله"، فإذا ورد إلى قلبك ضمير نجس أو بغضاء أو فكر شرير أو احتقار لأخيك أو مجد فارغ.. تذكر في هذه الساعة قائلا إذا أنا سررت بهذي الأفكار لن أر الله، فتخف عنك الأفكار ولا تقوى عليك.
إذن قد تحقق مما سبق إن من لا يحفظ وصايا المسيح ليس هو مؤمنا ولا عارف بالله ولا يستحق النظر إليه.
إن من يتقدم ليسير بمرضاة الله، عليه أولا أن يطهر نيته فإن النية تركها الرب في جميع الناس، كذا المشيئة المخيرة والإفراز الحسن والمعرفة لأن فعل الروح القدس يبكت الإنسان على الخطية ويحثه على التوبة، أما من لا يطيع إرشاد الروح القدس ويقاومه فلأنه يستمر في خطيته وتبقى خطيته بلا مغفرة ويخلد في العقاب إلى الأبد، ولا تكون له بعد رحمة لأن الرحمة لا تكون أبدًا إلا بحفظ وصايا المسيح، وان وصايا المسيح لا يمكن حفظها إلا بمعلم يؤدب ذلك التلميذ كالطفل مع المعلم لا يكتم عنه شيئًا -لا من أفعاله ولا من أفكاره- ويتدبر برأي معلمه في الله، فمن صار مثل الصبي واتضع اتضاعه ينال ملكوت السموات، كما يقول الرب في الإنجيل المقدس: "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات، ومن اتضع مثل هذا الصبي فهو العظيم في ملكوت السموات، وقد حقق الآباء معلمو الكنيسة أن الاعتراف والتلمذة هما الاتضاع والصبوة التي قال عنها ربنا يسوع المسيح.
_____
الحواشي والمراجع:
(1) ترمز إلى عبودية الشيطان.
(2) رمز إلى الجهاد ضد أباطيل العالم.
(3) المقصود بحفظ الوصايا هو أن نسمع ونطيع أوامر الرب المقدسة ونعترف بها ونسلك ونعمل بمقتضاها، سواء أوامره التي ترى أنها صعبة التنفيذ أو أوامره الخفيفة لأن الله لا بأمرنا بشيء يستحيل تنفيذه، وقد قال بولس الرسول استطيع كل شيء في المسيح يسوع الذي يقويني.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 07 - 2014, 02:56 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,610

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب

الاعتراف هو الاتضاع

يشهد جميع الآباء أن الاعتراف هو الاتضاع ويحقق ذلك القديس كاسيان (1) في الميمر الذي وضعه على الإفراز (التمييز في الروحيات) حيث يقول أنه بغير إفراز لا يمكن لأحد الخلاص، وسأله سائل عن الإفراز الحقيقي فقال هو أن نكشف للآباء أفكارنا وأعمالنا، ولا نثق البتة بأعمالنا ولا برأينا، لكن في كل شيء من أعمالنا وتدبيراتنا نستشير الشيوخ ونعمل برأيهم ما يشيرون به علينا أن كان ما يتراءى لنا جيدًا أو رديئًا، حينئذ نسلم من جميع مكائد العدو وحيله (من الممكن أن نستشير أحد المرشدين الروحيين ممن نثق أنهم على جانب كبير من الخبرة الروحية وذلك إلى جانب أب الاعتراف، وقال في ذلك الأنبا أشعياء: لا نكشف أسرارك لكل احد لئلا تسبب عثرة لقريبك، اكشف أفكارك لآبائك الشيوخ لتجد معونة بمشورتهم)، وقال أيضًا.. لا تنظر إلى كبير السن بل اعتمد على من له علم وعمل وتجربة ومعرفة روحانية لئلا يزيدك سقما بدلًا من أن يهبك شفاء.
قال أحد الشيوخ: "إن الإفراز الحقيقي لا يكون إلا من الاتضاع والاتضاع هو أن نكشف لأب الاعتراف أفكارنا وأعمالنا، ولا نثق برأينا بل نستشير الشيوخ المجربين الذين نالوا نعمة الإفراز، ونعمل بكل ما يشيرون به علينا، فالذي يكشف أفكاره الرديئة لآبائه فإنها تخف عنه، وكما أن الحية إذا خرجت من موضع مظلم إلى ضوء تهرب بسرعة كذلك الأفكار الرديئة إذا كشفت نبطل من أجل فضيلة الاتضاع، وإذا كانت الصناعات التي نبصرها بعيوننا ونسمعها بأذننا ونعملها بأيدينا لا نقدر أن نمارسها بذواتنا إن لم نتعلمها أولا من معلميها - أفليست إذن جهالة وحماقة من يريد أن يمارس الصناعة الروحية الغير المرئية بغير معلم؟ مع العلم بأنها أكثر خفاء من جميع الصنائع والخطأ فيها أعظم خسارة من كل ما عداها.."
وقال الأب اوغريس Evagrius، لا تنسى انك أخطأت ولو تبت بل اجعل النوح وتذكار الخطية اتضاعًا لك لكي بالاتضاع نشفى الكبرياء".
وقال القديس مكاريوس الكبير كما أن الماء إذا سلط على النار يطفئها ويغسل كل ما أكلته، كذلك أيضا التوبة التي وهبها لنا الرب يسوع تغسل جميع الخطايا والأوجاع والشهوات التي للنفس والجسد معًا"، وكان القديس أرسينيوس مثالًا للاتضاع، لذلك كان دوامًا يَكشِف أفكاره. وقد ذُكِرَ عنه أنه كان يسأل أحد الشيوخ المصريين عن أفكاره، فرآه شيخ آخر وقال له: "يا أبى أرسينيوس: كيف وأنت المتأدب بالرومية واليونانية تحتاج إلى أن تسأل هذا المصري الأمي عن أفكارك؟!" أجابه أنبا ارسينيوس قائلًا: "أما الأدب الرومي واليوناني فأني عارفٌ بهما جيدًا، أما ألفا فيطا التي قد أحسنها هذا المصري فإني إلى الآن لم أتعلمها". وكان يقصد طريق الفضيلة.
كما ذكر عنه انه كان يكشف أفكاره لمرشده الروحي وكان يكتبها في حال جلوسه في القلاية ليكشفها قبل التناول.
لا ينبغي لأحد أن يصنع شيئًا برأي نفسه دون مشورة معلم لأن كثيرين أرادوا أن يعلموا أعمالًا مرضية لله ولم يتواضعوا ولم يستشيروا فضلوا عن الطريق الصحيح إن من يستشير في عمل البر ولا يعمله إلا بمشورة هو المتضع، ومن يفعل ذلك بغير مشورة فهو ضال ومتكبر، وبهذا نعلم ونتحقق أن الاعتراف هو الاتضاع الحقيقي كما ذكرنا، وبغير اتضاع حقيقي لا يمكن خلاص، كما يقول القديس انطونيوس (إني رأيت فخاخ الشيطان منصوبة على الأرض فهمت وقلت من الذي يخلص من هذه كلها)؟! فسمعت صوتًا يقول (الاتضاع هو الذي يخلص من هذه كلها) فالقديس انطونيوس وسائر الآباء متفقون على أن التلمذة والمشورة والاعتراف ضرورية للخلاص وأما من يسير في عبادة الله برأي نفسه وحده دون مشورة معلم فلا تثبت له عادته كما ابتدأ بها.
ويقول أحد الآباء: "الذي يصنع أعمالا بغير مشورة فإن الشياطين يرفعونه بالأكثر، وهكذا يسقطونه إلى أسف سريعًا فالذي يقوم بما يفوق قدرته يقتل جسده وحينئذ ينكسر كالقوس زاده توتره أكثر من اللازم.
ورد في سيرة القديس أنبا موسى الأسود أنه كان يتزايد جدًا في نسكه وفي جهاده - لكن رغم ذلك كانت المحاربات تزداد وقد نبهه مرشده القديس الأنبا ايسيذورس أن يعتدل في كل شيء حتى في أعمال الحياة النسكية، وعليه الانسحاق والمداومة على الاتضاع وان يعتمد على رحمة الله ويتقدم للتناول ولما فعل ذلك خف عنه القتال.
إن كثيرين يندفعون في طريق إذلال الجسد دون إفراز ودون سماع نصائح المرشد منساقين في هذا التيار فيسقطون في تعييرات وفخ إبليس.
ويذكر البستان قصصا كثيرة محزنه عن رهبان تركوا آباءهم في الرب قائلين: (إننا نتوحد ونصوم ونهرب من الناس، فانخدعوا بذلك من الشيطان ولم يصنعوا لا وحدة ولا صومًا ولا هروبًا من الناس - بل تنقلوا بين الأديرة والمدن والقرى وفرح بهم الشيطان وهزأ بهم لأنهم قبلوا خداعة وعملوا مشيئته الخاصة).
ويشهد كتاب الفردوس أن واحدًا - سأل أنبا تادرس ما هو القول الذي قيل في أمثال سليمان الحكيم أن الذين لهم مدبرون يسقطون مثل الورق والخلاص هو بالمشورة الكثيرة؟ فأجاب الشيح القديس وقال: إن الورق في ابتدائه حسن وأخضر وبعد ذلك ييبس ويقع، كذلك الذي له مدبر يستشيره فإنه في بدء سيرته يكون له حرارة في الصوم والصلاة والسهر والسكون ثم بعد ذلك يبتدئ قليلا تبرد تلك الحرارة فيقع مثل الورق، وما أشبهه في ذلك بشجرة مورقة وبأثمارها مخصبة هزتها ريح شديدة فسقطت بغته وتَعَرَّت من أوراقها وأثمارها وبقيت يابسة، وهذا ما يلحق بمن يتدبر برأي نفسه ولا يسمع مشورة الحكماء..

كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
وقوله: "إن الخلاص بمشورة كثيرة" يعنى أن يكون لكل إنسان الأب الروحي وهو الكاهن الذي يثق به ويستشيره في جميع أموره ولا يكتمه شيئًا من خطاياه وأوجاعه لان الإنسان إذا لم يظهر أموره كلها ويكشفها ربما وجد فيه الشيطان خطية واحدة مكتومة فيه فيطرحه بها.. وقد لا يظن ذلك الإنسان أن هذا الفعل خطية -لكن إذا كشف الإنسان أسراره كلها وعمل بما أشير به عليه فلا يقوى عليه الشيطان في شيء أصلا.
ويقول أحد الآباء في ذلك: "لست اعرف للإنسان سقطة إلا إذا صنع هواه، فإذا أبصرت واحدًا وقع فأعلم أنه إنما وقع لأنه كان يقنع برأي نفسه(2).
وجاء في كتاب البستان أن أخا سأل أنبا بيسيرس ماذا أصنع؟ إن نفسي ليس لها دموع ولا تنهد ولا تخاف الله!؟
فقال له الشيخ "اذهب واجلس مع إنسان يخاف الله فهو يعلمك خوف الله".
والقديس برصنوفيوس هو أيضًا يقول. "الذي يريد أن يعرف الطريق إذا لم يسر مع مَنْ يرشده في الطريق من أوله إلى آخره فلن يبلغ البتة إلى المدينة، فاترك هواك خلفك واخضع في كل شيء وأنت تخلص.
وقد حقق بهذا أن التلمذة والطاعة والمشورة هي الاتضاع الحقيقي. وفي موضع آخر يقول في المشورة "اصنع كل شيء بمشورة، وبلا مشورة لا تصنع شيئا، لأنه لا يوجد من لا يحتاج إلى المشورة إلا الله وحده الذي خلق الحكمة".
فالذي يظن انه في غنى عن المشورة فقد شبه نفسه بالله خالق الحكمة، وهذه هي الكبرياء التي سقط بها آدم من الحياة وخرج من الفردوس لكونه أراد التشبه بالله في معرفة الخير والشر.
كذلك من يظن انه يعرف الجيد من الرديء ولا يحتاج إلى مشورة غيره فقد تكبر تلك الكبرياء عينها.
إن كتب الله تعلمنا أن العدو الشرير له استطاعة أن يحسن للإنسان ما ليس هو حسن ويجعله يظن انه حسن ويقبح عنده ما ليس بقبيح ويجعله يظن انه قبيح، ومن اجل هذا وجب على كل واحد منا أن لا يثق برأيه فيما يراه انه حسن أو قبيح بل في كل شيء يستشير أب اعترافه الذي قد اتخذه له في الرب ويؤمن أن كل كلمة يسمعها من فمه ليست من فم المخلوق.. بل من فم الله الخالق الحكيم إذا قبلها بالإيمان بالذي وعدنا لأنه سيكون معنا جميع الأيام إذا كنا نتتلمذ لمن يعلمنا حفظ وصاياه لأنه هكذا قال "تلمذوهم وعلموهم حفظ جميع ما أوصيتكم به وهأنذا معكم جميع الأيام والى انقضاء الدهر".
وواضح انه لا يكفى الاعتراف بالخطية وبالضيقات للآب الكاهن دون طاعة إرشاده ولو كان مخالفًا لهوى قلوبنا، ويجب بالأكثر أن نطيع ونتضع لئلا نسقط فإن الشياطين بالعظمة والمعصية سقطوا وهلكوا.
ونورد هنا الخبر الآتي عن الطاعة:
قيل أن أحد الشيوخ أبصر أربعة مراتب مرتفعة إلى السماء.
الأولى - مريض صابر شاكر الله،
الثانية - صحيح يضيف الغرباء ويُنَيِّح الضعفاء،
الثالثة - منفرد بالبرية مجتهد،
الرابعة -تلميذ ملازم لطاعة أبيه من أجل الله، ووجد أن مرتبة التلميذ أسمى من المراتب الثلاثة الأخرى- وزعم أنه سأل الذي أراه ذلك قائلًا: كيف صار هذا هكذا وهو أصغرهم فأصبح أكبرهم مرتبة؟ فقال "إن كل واحد منهم يعمل الخير بهواه أما هذا فقد قطع هواه لله وأطاع معلمه لأجل الله أفضل الفضائل".
_____
الحواشي والمراجع:
(1) راجع سيرته في كتابنا "تعاليم القس دانيال".
(2) الأوجاع غير الخطايا، فالخطايا هي عمل الأوجاع بالفعل، والأوجاع هي سبب الخطايا، فقد يوجد إنسان فيه الأوجاع كالغضب الضار وشهوة الشر ولا يستعملها - ص 110 البستان، الجزء الثاني
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 07 - 2014, 02:57 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,610

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب

الاعتراف يخلص من العادات الشريرة

كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
كان القديس الأنبا سرابيون يقول مرارًا كثيرة للذين كانوا يأتون إليه "لما كنت تلمذًا في الرهبنة كنت أخفى بعض المأكول وآكله سرًا من أبى، فلما فعلت لك مدة من الزمان صرت مغلوبا لا استطيع أن أتخلى عن هذه العادة وكان ضميري يوبخني وكنت استحى أن أخبر الشيخ، فبتدبير من الله الرحوم جاء إخوة إلى الشيخ لطلب منفعة للنفس وسأله من أجل أفكارهم - فأجاب الشيخ وقال لا يوجد أمر يفرح به الشيطان أكثر من أن تخفى أفكارنا عن آبائنا الروحانيين، ثم كلمهم أيضًا من أجل الصوم، فلما سمعت كلامه حزنت على ذاتي وندمت على سماجة فعلى وأخذني تخشع وصرت أبكي على نفسي وظننت أن الله قد أظهر للشيخ زلتي، فأخرجت ذلك الشيء الذي كنت أخفيه، وطرحت نفسي على الأرض وصرت أطلب منه المغفرة عما سبق من زلاتي وسألته الصلاة على، حينئذ قال لي الشيخ: "يا بنى من غير ما أصلى لك قد عتقك إقرارك وصرت حرًا.. وقد ذبحت الآن الشيطان الذي كان يستعبدك لما أعطيته السلطان عليك بسوء رأيك وانخداعك له.. لكنه من الآن لن يجد فيك موضعًا لمسرته إذ قد أقصيته عنك بإقرارك". فمع كلام الشيخ خرج فعل العدو عنى كمثل لهيب نار. وامتلأ البيت رائحة منتنة، فقال لي الشيخ: "هوذا بهذه العلامة التي ظهرت قد حقق الله كلامي وعتقك" وهكذا بإقراري عتقني الله من قتال الحنجرة (كثرة الأكل).خ:
تبين مما سبق أن الذي يستحى أن يقر بسوء رأيه وفعله وفكره يصير عبدًا لإبليس مقهورًا منه لفعل الخطية،وأنه إذا اقر بها فلساعته يعتق منها، واتضح إذن إن الاعتراف يعتق الإنسان من قبر الخطية، وهذا ما ذكره السيد المسيح: "إن الابن إذا عتقكم صرتم أحرارًا".
فإذا قد اتضح أن الاعتراف هو عتق الابن الذي به يعتق من قد استعبد نفسه للشيطان بالخطية فلا تشك بعد الآن في الاعتراف وأيقن بكل يقينك أنه هو المعمودية المعتقة من كل الخطايا والمحررة من عبودية إبليس.
علمنا من قول أنبا سرابيون أننا لن تنال "الإفراز" الحقيقي إذا لم تقبل رأى الآباء وتعليمهم، وعلما أيضًا أن الشيطان لا يقدر أن يسقط الإنسان في شباكه إذا لم يقنعه قبل كل شيء أن يرفض تعاليم الآباء وإرشاداتهم ويقنع برأي نفسه ويتدبر بهواه الشخصي.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 07 - 2014, 02:58 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,610

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب

الاعتراف يفضح حيل الشيطان فيهرب

كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
ورد في كتاب البستان خبر يقول فيه "أخبروا عن بعض الإخوة انه تأذى من قتال شيطان التجديف وإنكار الخالق فمضى إلى أنبا بيمين ليكشف له أفكاره، ولما وصل إليه انصرف ولم يقل شيئًا ثم نظر وإذا قتال الشيطان له بهذا الفكر قد زاد فعاد إلى الشيخ ليخبره واستحى أن يكشف له أمره فانصرف ثانية ولم يقل له شيئًا وفعل هذا مرارًا كثيرة، وكان الحياة يحمله على كتمان أفكاره، فعلم الشيخ أن الأخ عليه قتال من أفكاره وأنه يستحى أن يكشفها له، ولما جاءه ولم يقل له شيئًا كالعادة قال له أنبا بيمين ما بك أيها الأخ تجئ إلى وتنصرف ولا تقل لي شيئًا؟ قال له شيئا؟ قال له الأخ تجئ إلى وتنصرف ولا تقل لي شيئًا؟ قال له الأخ: "ما الذي يمكنني أن أقوله لك أيها الآب "فقال له الشيخ" كأني أراك مقاتلا من أفكارك ولا تريد أن تكشفها لي لأنك تخشى أن اخبر بها غيري، وحقا أول لك أنه كما أن الحائط لا يتكلم كذلك أنا ما اكشف لأحد أمرك، فوثق الأخ بهذا القول وقال للشيخ: "إني في شدة وأخشى أن أهلك من التجديف فأن الشيطان يضيق على الخناق ويريد أن يوقعني بأنه ليس إله، وهذا فكر لا يسوغ لأحد أن يتحدث عنه ولا يقره أحد ولا يفكر فيه، فقال له الشيخ "لا يغمك هذا الفكر يا بنى لأن القتالات الجسدانية إنما تأتي علينا من توانينا واسترخائنا، فأما هذا الفكر فلا يأتي من توان ولا من استرخاء لكن لمقاومة العدو لنا وحيله، فمتى خطر لك هذا الفكر فقم من ساعتك وصل وارشم نفسك بالصليب وقل في نفسك كأنك تخاطب الشيطان: ملعون أنت وملعونة أفكارك وملعون تجديفك، هذا الفكر يكون على رأسك أيها الشيطان، فأما أنا فأقر وأؤمن أن الله كائن وهو المعتنى بالخليقة كلها وهذا الفكر ليس هو منى بل منك يا عدو البشر - فإذا أنت فعلت هذا فثق أن الله يرفع عنك هذا الحزن "فانصرف الأخ من عند الشيخ وعمل مثل ما علمه، فلما رأى الشيطان أنه قد هزمه بتعليم الشيخ له انصرف عنه وعادت نعمة الله إليه.
وفى البستان أيضًا خبر آخر آن راهبًا كان حريصا فتأذى من شيطان التجديف سنين طويلة وأجهد نفسه بالصوم والسهر ولم يجد منفعة البتة، حينئذ أخذ قرطاسا وكتب هذا الوجع وانطلق إلى أبيه ودفع إليه القرطاس ووقع على وجهه قدام الشيخ ولم يكن يستطيع أن يرفع نظره إليه، فلما قرأ الشيخ الكتاب ابتسم وأقام الأخ وقال له على عنقي يا ابني هذه الخطية وكل ما كان منها لا تكترث به، ومن أجل هذا حقق الأخ أنه قبل أن يخرج من قلاية ذلك الشيخ ارتفع عنه القتال.
وذكر القديس برصونوفيوس في الغلبة على الشيطان والاتضاع قائلا: "إن نحن اتضعنا فإن الرب يطرد عنا الشيطان، لذلك يجب علينا أن نلوم أنفسنا في كل حين وفي كل أمر لأن هذه هي الغلبة.
وقال أحد الشيوخ: "إن الشياطين يخفون شرهم وراءهم ونورهم آخره ظلام فلا تعمل شيئًا بدون مشورة الآباء العارفين بقتالهم".
ذكر البستان أيضًا أن أخا من الرهبان قوتِل بالزنى فقام بالليل وذهب إلى الشيخ وكشف له سره وسأله أن يصلى ممن أجله فعزاه الشيخ وشجعه ولما رجع الأخ إلى قلايته اشتد عليه القتال فرجع ثانية إلى الشيخ وفعل ذلك مرارًا وكان الشيخ في كل مرة لا يحزنه ولكنه كان يكلمه بكلمة بما فيه منفعة نفسه قائلًا له: كلما قاتلك هذا الشيطان تعال واكشف أمره فإنه ليس شيء يبعد شيطان الزنى مثل أطهار أفكاره وأعماله وفضيحته، وليس شيء يفرحه غير كتمان ذلك، فتردد ذلك الأخ على الشيخ في تلك الليلة إحدى عشرة مرة وهو يكشف له أفكاره وأخيرًا قال: "قل لي يا أبى كلمة"، فقال له الشيخ: "ثق يا ابني لو أن الله سمح أن يقع فكرى وقتالي عليك لما احتملت ولكنت سقطت بالأكثر إلى أسفل، فلما قال الشيخ هذا الكلام باتضاع كف الله القتال عن الأخ.
هذه الأخبار من البستان يظهر منها أن الفكر لا يتنقى لا بصوم ولا بصلاة ول بسهر ولا بكل تعب الجسد ولا يتنقى القلب بشيء إلا بالاعتراف، لأن الاعتراف -هو الاتضاع- يزيل كل ذلك، لان المعترف اتضاعًا يتضع وباتضاعه يهرب من الشيطان كما يقول داود في المزمور "باتضاعنا ذكرنا الرب وخلصنا من أيدي أعدائنا".
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 07 - 2014, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,610

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب

الاعتراف يخلص من الحزن



كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
ذكر عن القديس ذوريئؤس انه سأل مرة الشيخ أنبا يوحنا تلميذ أنبا برصونوفيوس وقال له: "أن الكتاب يقول انه بأحزان كثيرة ينبغي أن ندخل إلى ملكوت السموات وها أنا أرى انه ليس لي شيء من الحزن، فماذا ينبغي لي أن أعمل لئلا تهلك نفسي فإنه ليس لي حزن ولا هم، وإذ كان يأتيني فكر كنت آخذ لوحا وأكتبه واعلم الشيخ به. فمن قبل أن يفرغ الشيخ من قراءته كنت أحس بالمنفعة، ويمثل هذا كان لي عدم الاهتمام والراحة والسلام، وما كنت اعرف كيف تخف عنى الهموم والأفكار هكذا، ولما كنت اسمع انه بأحزان كثيرة ينبغي لنا أن ندخل ملكوت السموات كنت أفزع من أجل أنه ليس لي حزن، فلما كاشفت الشيخ بهذا الأمر أعلمني هكذا قائلاُ "لا تحزن لشيء لأن كل من سلم نفسه لطاعة معلمه والآباء فمثل هذا النياح وعدم الاهتمام يكون له بالرب وقال أحد الآباء:
إن الذي يقر بفكره الشرير يزيله منه الرب لوقته، ومن أحل هذه الفائدة أمر ربنا تلاميذه أن يكونوا للناس معلمين كما كان هو لهم المعلم الذي جاء إلى العالم، الذي حفظ تلاميذه من الشرير وكان إذا بذر الشيطان في قلب أحدهم فكرًا رديئًا كان من ساعته يبكتهم علية حيّ يعترفوا له، ويزيله من قلوبهم بتعليمه، كما فعل معهم حين تفكروا في قلوبهم من هو العظيم فيهم، وحين فكروا في السفينة انه ليس معهم خبز..
قال القديس مار اسحق:
"المريض الذي يعترف بمرضه شفاؤه هين كذلك الذي يقر بأوجاعه فهو قريب من البرء أما القلب القاسي فتكثر أوجاعه والمريض الذي يخالف الطبيب يزيد عذابه.
كتاب إرشادات في الاعتراف، لآباء البرية - المقدس يوسف حبيب
وذكر البستان القصة التالية:
وقع أخ في بلية ومع الحزن أتلف عمل رهبانيته(1)، وإذ أراد أن يبدأ بالعمل كان يستشفل ذلك ويقول "متى أبلغ إلى ما كنت فيه"؟ وكان يضجر وتصغر نفسه فلا يقدر أن يبدأ بعمل الرهبنة مرة أخرى وأخيرًا ذهب إلى أحد الشيخ،قص عليه أمره، فلما رأى الشيخ حزنه ضرب مثلا قائلا له "كان إنسان له بقيع(2) ومن توانيه امتلأ ذلك البقيع شوكًا، وأنه بعد ذلك أنبته له وأراد أن ينقي ذلك البقيع من الشوك، فقال لأبنه يا بنيّ اذهب إلى البقيع ونقه واقلع شوكه، فلما ذهب ابنه وأبصر كثرة الشوك سئم ومل ونام، وبعد أيام كثيرة أتاه أبوه لينظر ما عمل الغلام، فلما رآه لم يعمل شيئًا قال: "حتى الآن لم تُنَقِّ شيئًا؟ فقال أبوه: "لا يكون الأمر هكذا يا ابني، ولكن نق كل يوم قدر مفرشك فقط قليلًا قليلًا، ففعل الغلام كأمر أمر أبوه، ودَاوَم على ذلك حتى فرغ الشوك من ذلك البقيع. وأنت كذلك يا حبيبي أبدأ بالعمل شيئًا فشيئًا ولا تضجر، والله بطيبه ونعمته يردك إلى سيرتك الأولى، فذهب ذلك الأخ وعمل وصبر كما علمه الشيخ فوجد نياحًا وأفلح.
_____
الحواشي والمراجع:
(1) عمل راهب طبقًا للقوانين الكنيسة ينحصر في الصوم والصلاة والقراءة في الكتاب المقدس وفي سير القديسين مع العمل اليدوي.
(2) قطعة أرض.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
كتاب الأب آمون - المقدس يوسف حبيب
كتاب الأب يوسف أخو الأب بيمين، وقديسون آخرون باسم أنبا يوسف - المقدس يوسف حبيب
كتاب الثلاث مريمات القديسات - المقدس يوسف حبيب
153 كتاب للمتنيح الأرشدياكون المقدس يوسف حبيب


الساعة الآن 04:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024