|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
31 - 03 - 2014, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام -
مكابيين أول 10 - تفسير سفر المكابيين الأول الملوك السولقيون يتنافسون على التحالف مع المكابيينتبدلَت الأوضاع وأصبح يوناتان المكابى قائدًا عسكريا وزعيمًا سياسيا، وأصبحت اليهودية من ثمّ كيانا، يؤخذ من جديد في الاعتبار يتفاوض بشأنه الملوك، فقد سعى الحكام السلوقيون خلال صراعاتهم: على ضمّ اليهود إلى جانبهم، وأصبح اليهود - في المقابل - في وضع يسمح لهم باختيار الحليف الأفضل والذي يمنحهم مزيدًا من الحريات. رئاسة الكهنوت تتحول إلى المكابيين 1وفي السنة المئة والستين، صعد الإسكندر إبيفانيوس ابن أنطيوخس، وفتح بطلمايس فقبلوه فملك هناك. 2فسمع ديمتريوس الملك، فجمع جيوشا كثيرة جدًا وخرج لملاقاته في الحرب. 3وأرسل ديمتريوس إلى يوناتان كتبا في كلام سلم واعدا إياه بتعظيم شأنه. 4لأنه قال في نفسه: "لنسرع إلى عقد الصلح مع هؤلاء الناس قبل أن يعقدوه مع الإسكندر علينا، 5فإن يوناتان سيذكر كل ما أنزلنا به وبإخوته وأمته من المساوئ". 6وأذن له أن يجمع جيوشا ويصنع أسلحة ويقول إنه حليفه، وأمر أن ترد له الرهائن التي في القلعة. 7فجاء يوناتان إلى أورشليم وتلا الكتب على مسامع الشعب كله وأهل القلعة. 8فلما سمعوا أن الملك أذن له في جمع الجيوش، خافوا خوفا شديدًا. 9ورد أهل القلعة الرهائن إلى يوناتان، فردهم إلى ذوى قرابتهم. 10وأقام يوناتان في أورشليم وشرع في بناء المدينة وتجديدها. 11وأمر متعهدي الأعمال أن يبنوا الأسوار ويحيطوا جبل صهيون بحجارة منحوتة لتحصينه، ففعلوا. 12فهرب الغرباء الذين في الحصون التي بناها بكيديس، 13وترك كل واحد مكانه وعاد إلى أرضه. 14غير أنهم تركوا في بيت صور قوما من المرتدين عن الشريعة والفرائض، فإنها كانت ملجأ لهم. 15وسمع الإسكندر الملك بالوعود التي أرسلها ديمتريوس إلى يوناتان، وحدثوه أيضًا بما قام به هو وإخوته من الحروب وأعمال البأس وما كابدوه من المشقات، 16فقال: "أنجد رجلا يماثله؟ فلنتخذه صديقا وحليفا". 17وكتب كتبا وبعث إليه بها في هذا المعنى قائلًا: 18"من الملك الإسكندر إلى أخيه يوناتان سلام 19لقد بلغنا عنك أنك محارب باسل وجدير بأن تكون لنا صديقا. 20فنحن نقيمك اليوم عظيم كهنة في أمتك، ونسميك صديق الملك (وأرسل إليه أرجوانا وتاجا من ذهب) لكي تتبنى قضيتنا وتحفظ لنا صداقتك".21فلبس يوناتان الحلة المقدسة في الشهر السابع من السنة المئة والستين، في عيد الأكواخ، وجمع الجيوش وصنع أسلحة كثيرة. قضية الإسكندر إبيفانيوس: كان أعداء ديمتريوس الأول سوتير أكثر من مؤيديه، فقد وصل إلى الملك رغم معارضة مجلس الشورى الروماني، فعندما تزلّف إلى الرومان لتثبيته في المُلك هادنوه، ثم عاد وأرسل الهدايا والوعود بالخضوع التام وتسليمهم أولئك الذين قتلوا سفيرهم، فأقروه عند ذلك ملكًا على أنطاكية غير أنهم كانوا يضمرون الكراهية له، وقد تم ذلك من خلال صديقه "طيباريوس جراكاس" في سنة 160 سلوقية (وهى السنة التي تدور أحداثها من 20/12/153 إلى9/10/152ق.م) وعلى الرغم من ذلك فقد كان ديمتريوس شديد البأس استطاع في البداية أن يمسك بزمام الأمور في الإمبراطورية السلوقية المتصدعة، وتقويمها، وقد أرسلت له روما رسالة باردة اللهجة مفادها أنهم قد يمنون عليه بالمعاملة الطيبة شريطة أن يتصرف بما يتفق مع رغبات الشورى(1). ولكنه ما أن هدأت الحروب والصراعات قليلًا، حتى انصرف هو إلى اللهو والعبث والمجون، فبنى له قصرًا منيفًا في ضواحى أنطاكية وزوده بأربعة أبراج، وكان يصرف أكثر يومه في الملاذ والخمر، وأهمل بالتالي شئون البلاد وتجاهل مصالح الرعية فكرهوه. واستغل ذلك ثلاثة من الملوك كانوا يمقتونه، وهم: بطليموس فيلوماتور ملك مصر (بسبب الخلاف على قبرس) وأتالس الثاني ملك برغامس، وأرياراطس ملك الكبادوك(2)، ولما كان ديمتريوس قد تخلص من كل مناهضيه من نسل الأسرة، وأراد أولئك الملوك التخلص منه كانت المشكلة تتمثل فيمن يخلفه على العرش. عند ذلك قام أتالس بالكشف عن شخص في مقتبل العمر من عامة الشعب يدعى "الإسكندر بالاس" وهو من مواليد أزمير (أورودس) ويرى المؤرخ يوستينوس أن اسمه الأصلي هو "بالاس Balas " ولكن الأرجح أنه الاسم أعطى للاسكندر كلقب بعد توليه السلطة، ربما بسبب العلاقة بين الاسم واسم الاله الفنيقى بال " al ’ Ba". كما أن الترجمة الآرامية تعطيه اسم (بعلا). وحينئذ كلفوا سياسي قديم يدعى "هركليد" أو هيراكليدس (كان خازن الملك انطيوخس أبيفانيوس، وكان ديمتريوس هذا قد نفاه)، بأن يؤكد للناس أن الإسكندر بالاس هو ابن أنطيوخس أبيفانيوس، كما طلبوا من "لاوذيقة" أو "لاوديس" وهي ابنه حقيقية لأنطيوخس أبيفانيوس أن تدّعي أن الإسكندر هو شقيقها بالفعل. ويرى بعض المؤرخين أنه ابن أنطيوخس بالفعل، مثل يوسيفوس واسترابون، بينما يرى البعض الآخر أنه ابن احدى محظياته. ورغم الشكوك حول نسبة الإسكندر بالاس إلى العائلة السلوقية فإن الملوك الثلاثة الأعداء لم يكونوا بحاجة ماسة إلى شخص من سلالة السلوقيين للمطالبة بالعرش. وقد مضى هركليد ومعه لاوذيقة والإسكندر بالاس مع وفد من الوجهاء إلى روما، حيث عرضوا قضيتهم يؤيدهم في ذلك الملوك الثلاثة المذكورين، وقد اقتنع مجلس الشيوخ وأقر حق الإسكندر في استرداد العرش، وذلك في مطلع سنة 152 ق.م، وبذلك وجدت روما الفرصة لكي تحرم ديمتريوس من العرش الذي استولى عليه رغمًا عنها في سنة 162 ق.م. رغم ما أظهرته له من رضى مؤخرًا كما مر. وعاد الإسكندر بالاس إلى بلاده، حيث ساعده خطاب تزكية الرومان على حشد الجيوش، وقد استولى أولًا على بطولمايس (عكا) والتي قبلته ملكا،ً مؤثرة إياه على ديمتريوس، وذلك في صيف أو ربيع سنة 152 ق.م. ثم نادى بنفسه: "الإسكندر أبيفانيوس ملك سوريا" فانضم عندئذ إليه كثيرين من معارضى ديمتريوس. أقدم عملة عرفت للإسكندر كانت في سنة 162 سلوقية (من 28 سبتمبر 151 ق.م. إلى 17 أكتوبر 150 سنة). بطلمايس (عكا): Ptolemaisالاسم الذي أطلقه بطليموس الثاني المصري على عكا سنة 261 ق.م، وكانت تسمى فيما مضى "عكو" ومعناها "الرمل الساخن" وكانت عكا ثغرا فلسطينيا، وتقع على ساحل البحر المتوسط على مسافة 44 كم شمالي صور. وجعلها البطالمة المركز الرئيسى لحكامهم حيث كانت مدينة قوية سهلة التحصين، وكان لها ميناء يضاهى ميناء الإسكندرية، وبالتالي فقد كان من السهل على الإسكندر بالاس أن يقطع الطريق على ديمتريوس ويمنع عنه أية معونة، ولما حاول ديمتريوس اخراجه من هناك فشل بسبب كراهية جنوده له، ومن هنا يظهر لنا لماذا سعى في طلب ود يوناتان المكابى. انظر خريطة رقم (12). وتسمى عكا أيضًا "جوف سوريا" وهي التي حوّلها كلوديوس قيصر فيما بعد إلى مستعمرة رومانية ليقيم فيها قدامى المحاربين السوريين، ونظرا لموقعها الاستراتيجى فقد كانت مطمعًا للمستعمرين على الدوام. قد عرف عن سكانها في عصر المكابيين كراهيتهم الشديدة لليهود (2مكا 6: 8) فقد حرّضوا عليهم بقية الوثنيين مرارًا، وعندما أبرم أنطيوخس الخامس معاهدة صلح مع اليهود سنة 148 ق.م. غضبوا لذلك (2مكا 13: 23) وقد عمل بعض رجالها كجنود مرتزقة في جيش طيموتاؤس العمونى والذي قاوم اليهود كثيرًا (1 مكا 5: 15) ولكن اليهود هزموه وطاردوه إلى هناك في عكا (5: 21، 55). وفيما بعد تقابل الإسكندر بالاس فيها مع بطليموس السادس حين أعطاه الأخير ابنته زوجة، إلى هناك ذهب يوناتان المكاابى مهنّئًا ومقدمًا الهدايا (آيات 27 - 60). وبعد ذلك انتزعها ديمتريوس الثاني مع عرش سوريا (11: 22 - 24) وهناك ُاسر يوناتان قبل أن يُقتل على يد تريفون، وهكذا ظلت تتأرجح بطلمايس (عكا) بين البطالمة والسلوقيين إلى أن احتلها الرومان. والعجيب أن يُوهب ديمتريوس الأول هذه المدينة " بطليمايس" ليوناتان هنا، في حين أنها ليست خاضعة له وانّما لغريمه الإسكندر، ولقد كان من شأن موافقة يوناتان على ذلك: نشوب أزمة بينه وبين الإسكندر، وهكذا وبينما يعرض ديمتريوس تخصيص جزية المدينة وما يخص الملك منها، هدية إلى الهيكل، يتشكك اليهود في العرض كما سنرى. رسالة وديّة من ديمتريوس إلى يوناتان (آيات 3 - 7) أفاق ديمتريوس من غفلته على الكارثة المحيقة به، فقد وجد نفسه وملكه مهددًا بعصيان مدني، وبينما كان يعد العدة لمواجهة الإسكندر بالاس، فطن إلى ضرورة تأمين منطقة اليهودية، إذ كان نيره قد ثقل على اليهود، فعلى الرغم من فترة الهدوء التي نعموا بها، إلاّ أنه كان يدرك جيدًا أنهم مُرّى النفس منه ومن قواده الذين دمروا مدنهم وقتلوا الكثيرين، ولم يجد ديمتريوس مناصّا من الاعتراف بيوناتان كقائد مستقل. وقد شمل العرض المقدم منه ليوناتان سحب الحاميات السلوقية من اليهودية، وهى التي تركها بكيديس بعد الاستيلاء على كثير من الحصون بعد تقويتها، باستثناء القلعة التي في أورشليم وأن كان سيطلق سراح اليهود المحتجزين فيها، ثم التصريح بتكوين الجيوش وصنع الأسلحة وهو الأمر الذي لم يكن مسموحًا به من قبل، ولكنه وفيما ظن ديمتريوس أنه بذلك قد ضمن يوناتان كحليف له، كان الأخير في المقابل أكبر مستفيد من تلك الصراعات، والتي عرضت عليه المزيد من الامتيازات ليختار أفضلها، كما سنرى. وأغلب الظن أن رسالة ديمتريوس لم تكن وثيقة رسمية موجهة إلى يوناتان شخصيا،ً بل ربما كانت موجهة إلى الأمة لأن يوناتان حتى ذلك الوقت لم يكن قائدًا معترفًا به لدى الملك، وأن كان سيعترف بذلك ضمنا في الرسالة، ليتأكد مركز يوناتان لدى كل من الشعب والخونة (اليهود المتأغرقين) والأجانب (سكان القلعة). فقد جاءت الرسالة مُرهبة لكل هؤلاء. النتائج (آيات 7-14): عندما قرأ يوناتان كتاب ديمتريوس على مسمع من الشعب ومن السلوقيين الساكنيين في القلعة: عمّ الفرح بين الشعب بينما انتاب الحراس في القلعة الخوف فأطلقوا سراح المعتقلين لديهم، والذين أُعيدوا أدراجهم إلى ذويهم في البلاد، وثبت يوناتان نفسه كحاكم في أورشليم، بعد أن كان مقر إقامته في مكماش، كما مر. ثم أعاد التحصينات لاسيما في جبل صهيون ويتضح من النص أن بعضها قد هدم أو أصابته الأضرار من مجانيق السلوقيين، بعد أن كان يهوذا المكابى قد أقامها عقب تطهير الهيكل، وتدل عبارة (متعهدى " البناء" الأعمال) على نشاط قومى وحركة ازدهار تذكّرنا بما تم في عهد نحميا فيما يشبه (إعادة التعمير) وتعنى الحجارة المنحوتة: فخامة البناء وزينته حيث تحتاج إلى وقت ومال. ويذكرنا ذلك أيضًا بأعمال البناء الواسعة التي قام بها داود النبي حين قرر الاقامة في حصن مدينة داود، وكيف كان الرب معه (صموئيل ثان 5: 9،10) وكذلك ما فعله يوشيا الملك الصالح والذي استخدم أيضًا الحجارة الثمينة المنحوتة لترميم ما قد تهدم (أخبار أيام ثان 34: 11). وبتحصين يوناتان لجبل الهيكل والأسوار: أمّن البلاد مخاطر السلوقيين وجنود القلعة واليهود المتأغرقين. أما أصعب جانب في البناء في جبل الهيكل فهو الواجهة الشرقية الشديدة الانحدار، بل أن هيردوس نفسه فيما بعد لم يستطع أن يعمل أكثر مما عمله رجال يوناتان. هنا وقد اتاح مغادرة الجنود السلوقيين للحصون في البلاد، عودة تلك الحصون للسيطرة اليهودية، تصلح كوسائل دفاع وهجوم معًا، مما يعد في حد ذاته مكسبًا عسكريًا هامًا، وأما بقاء بيت صور تحت السيطرة السلوقية فيرجع إلى كونها ملجئا لليهود المتأغرقين، حماية لهم من انتقام الشعب. وهكذا ُلقب يوناتان بـ" المخلص محرر الرهائن". الإسكندر يقدم عرضًا أفضل (آيات 15-20): من جانبه سعى الإسكندر إلى ضم اليهود إلى جانبه، ومن هنا بدأت المزايدات فيما بينه وبين خصمه ديمتريوس، وكان غرضه حرمان ديمتريوس من ذلك التحالف بينه وبين اليهود، ثم الاستفادة من اليهود لاسيما بعد سماعه بمعاناتهم والحروب التي خاضوها وشدة بأسهم، لذا فقد قرر الإسكندر ونتيجة لانبهاره بيوناتان، اتخاذه نصيرًا وحليفًا وصديقًا، وهو يعرض عليه هنا شرف لقب "صديق الملك" (والذي سبق شرح قيمته) بل سنقرأ لاحقًا كيف زاد في تكريمه له بتقديم "عروة الذهب" والتي تساوي أعلى وسام ملكي (آية 88). ويقال أن امتياز "صديق الملك" كان يسمح بحق الحكم الذاتي لبعض أقاليم المملكة، وبالتالي فإن يوناتان كحليف للاسكندر يمكنه أن يحكم اليهودية، كما يشير لقب "أخيه" إلى لقب هيلينى يقتصر خلعه على عظماء المملكة الكبار، واللقب هنا هو لون من الملاطفة ليوناتان. وأما "الأرجوان" فهو الزى الرسمي لأصدقاء الملك، في حين أن ثوب رئيس الكهنة في العصر الهيليني يصنع من الاسمانجونى مع صدرة من الذهب. ولعل قبول اليهود عرض الإسكندر وقرارهم التحالف معه، جاء ليس فقط بسبب تفوق عرضه عن عرض الآخر، وانما بسبب لهجة ديمتريوس المتعجرفة، سواء في عرضه السابق أو القادم. وهكذا وبينما كان مغرورا، كان الإسكندر كريما لطيفًا. الكهنوت يتحول إلى أسرة المكابيين: <SPAN lang=ar-sa> كان يوناتان من أسرة كهنوتية تنتمي إلى سلالة يوياريب رئيس إحدى الفرق الكهنوتية (2: 1،51) ومع ذلك فقد درج اليهود على اختيار رئيس الكهنة من عائلة حونيا (أونيا)، وظل الأمر هكذا إلى أن قتل أونيا وأعقب قتله تعيين ثلاثة من |
||||
31 - 03 - 2014, 05:54 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام -
مكابيين أول 11 - تفسير سفر المكابيين الأول صراع اليهود مع ديمتريوس الثاني نكانورعاد الصراع من جديد بين اليهود والوريث الجديد لعرش سورية "ديمتريوس الثاني" فقد تمكّن بطليموس السادس فيلوماتور ملك مصر من مناصرته ضد الاسكندر بالاس صهره لخلافات بينهما، مما أضر بالمصالح اليهودية إلى حين. غير أن المكابيين في نهاية المطاف حققوا مكاسبًا في تلك الفترة تفوق ما حققوه قبلًا. بطليموس يعضّد ديمتريوس ويفقد حياته 1وجمع ملك مصر جيوشا كثيرة كالرمل الذي على ساحل البحر وسفنا كثيرة، وحاول الاستيلاء على مملكة الإسكندر بالمكر وإلحاقها بمملكته. 2فقدم سورية متظاهرا بالسلم، ففتح له أهل المدن ولا قوة، إذ كان الإسكندر الملك قد أمر بلقائه لأنه صهره. 3وكان بطليمس عند دخوله المدن يبقى في كل مدينة حرسا من الجند. 4ولما وصل إلى أشدود، أروه هيكل داجون الُمحرَق وأشدود وضواحيها المهدومة والجثث المطروحة، ورفات الذين كان يوناتان قد أحرقهم في الحرب، وكانوا قد جعلوها كوما على طريقه. 5وحدثوا الملك بما فعل يوناتان لكي يلومه، ولكن الملك بقى صامتا. 6ولاقى يوناتان الملك في يافا بإجلال، وسلم أحدهما على الآخر وناما هناك. 7ثم شيع يوناتان الملك إلى النهر الذي يقال له ألوتارس، ورجع إلى أورشليم. 8فاستولى الملك بطليمس على مدن الساحل إلى سلوقية الساحلية، وكان مضمرا للإسكندر سوءا. 9ثم أنفذ رسلا إلى ديمتريوس الملك قائلا: "هلم فنعقد عهدا بيني وبينك، وأهب لك بنتي التي عند الإسكندر، وتملك ملك أبيك. 10فإني قد ندمت على إعطائي ابنتي له، لأنه أراد قتلى". 11وكان يلومه على هذا طمعا في ملكه. 12ثم استرد ابنته وأعطاها لديمتريوس، وانقلب على الإسكندر، وظهرت عداوتهما. 13ودخل بطليمس إنطاكية ووضع على رأسه تاجين، تاج آسية وتاج مصر. 14وكان الإسكندر الملك إذ ذاك في قيليقية، لأن أهل تلك البلاد قد تمردوا. 15فلما سمع الإسكندر قدم لمقاتلته، فتحرك بطليمس ولاقاه بجيش شديد فهزمه. 16فهرب الإسكندر إلى ديار العرب مستجيرًا بهم، وعظيم شأن بطليمس الملك. 17فقطع زبديئيل العربي رأس الإسكندر وبعث به إلى بطليمس. 18وفي اليوم الثالث مات بطليمس الملك، وأما حراس حصونه فقتلهم أهل تلك الحصون. 19وملك ديمتريوس في السنة المئة والسابعة والستين. في تلك الأثناء كان بطليموس يراقب عن كثب، التطورات في مملكة الاسكندر زوج ابنته، فلما رأى أن المملكة ستؤول إلى الوريث الجديد - ديمتريوس الثاني - أقحم ذاته في الأحداث متظاهرًا بأنه يبغي خير البلاد، ومن ثم صعد بجيش كبير على سواحل فينيقية، بعد انتصار يوناتان في أشدود بقليل، ورغم تباين فهم سكان تلك المناطق نيّة الملك المصري، فقد رحبوا به، لاسيما وقد كانت وصية الملك في إنطاكية أن يستقبلوه حسنًا. فقد رأى البعض أنه حليف بالطبع لصهره، بينما رأى آخرون أنه قد يضم فينيقية إلى مملكته المصرية وقد أسعدهم ذلك نظرًا لاستقرار حكم البطالمة في ذلك الوقت. مغزى أمر الاسكندر إلى رعاياه باستقبال بطليموس: الفعل "أمر" الوارد في (آية2) Order هو ترجمة للكلمة اليونانية "entole” وهو مصطلح فني يعنى " نشرة " موجهة إلى أكثر من مستلم، والمقصود هنا: أنه قد ُوزع ما يشبه " البيان"، على جميع القادة والمسئولين في المدن. وقد رأى فيه المعاصرين للأحداث خيانة من الاسكندر ضد بطليموس.! أما بطليموس نفسه فقد سلك وكأنه ملك البلاد حيث استمع إلى شكاوى سكان أشدود والذين حاولوا إثارته ضد يوناتان، ولكن الملك الذي كان مشغولًا بتدبير آخر، لم يلق بالًا إلى ذلك، وإنما عمد إلى ترك حامية من جنوده في كل من البلاد التي مر بها هناك، فقد كان بطليموس يأمل من التحالف والتصاهر الحصول على "جوف سوريا" والذي كان تحت السيطرة البطلمية من قبل، فلما لم يفعل الاسكندر ذلك استاء بطليموس وانقلب عليه. وفي إنطاكية سمع " أمونيوس" الموكل من قبل الاسكندر على مصالح البلاد بما يفعله بطليموس فخشي على عرش سيده، وبالتالي فقد دبر مكيدة لقتل بطليموس بالسم، ولكن الأخير والذي تسربت إليه أخبار المكيدة طلب من الاسكندر تسليم أمونيوس، ورفض الاسكندر مدافعًا عن وزيره، ومن هنا اعتبر بطليموس أن الاسكندر ذاته وراء محاولة اغتياله ومن هنا نشب الخلاف بينهما علانية، وخشي أهل إنطاكية من الفتنة فقاموا بالقبض على أمونيوس والذي كان قد حاول الهرب في زي إمراة!، وقتلوه، لاسيما وقد كانوا يبغضونه (1). ولكن ذلك لم يٌقنع بطليموس والذي انقلب جهارا على صهره، في حين أن الاسكندر ذاته لم يكن يفكر في خيانة حميه والذي أعانه قبلًا في الحصول على العرش. أما بطليموس فقد قبل تحالف يوناتان معه، بل وأكرمه ولم يبكته بخصوص شكوى سكان أشدود، كان بطليموس في ضيافته في يافا حتى اليوم التالي حيث ودعه يوناتان حتى نهر ألوتارس(1)، ومع أن بطليموس كان مناصرًا لليونانيين والحضارة الهيلينية، وكان من المنتظر أن يتعاطف مع ضحايا يوناتان (اليونانيين واليهود المتأغرقين) وخصومه من الإكليروس، إذ كان قد أوقف استمرار الكهنوت داخل العائلة الحونية (نسل حونيا الكاهن) من رئاسة الكهنوت. ولكن بطليموس أظهر التقدير له. نهر ألوتارس Eleutherus: وفي اليونانية Eleuqeroj وهو نهر كبير ينبع من أسفل جبل لبنان شمال طرابلس، ويجرى حتى البحر المتوسط، ويعرف حاليًا باسم " النهر الكبير" (جاءت في العبرية "كبير" أي الكبير)(2) ويصل طوله 30 كم حيث يفصل بين لبنان وسوريا، ويعتبر الحد الشمالي لإقليم " بقاع سورية وفينيقية " وهو النهر الذي عبره جنود ديمتريوس الثاني، هربًا من جيش يوناتان (12: 30). انظر خريطة رقم (12). هذا وقد استولى بطليموس على جميع مدن الساحل حتى مرفأ سلوقية (السويدية الآن) على مصب نهر العاصى، وهو يكشف بذلك عن نيته الحقيقية، وأن لم تكن تلك هي خطته في البداية، بل جاءت لاحقًا. بطليموس يراسل ديمتريوس الثاني: وفي هذا الإطار قام بطليموس بنشاط دبلوماسى مع الحليف المرتقب ديمتريوس الثاني، وعند ذاك لم يعد خافيًا الشر الذي أضمره لصهره الاسكندر، وبالرغم من العداء الذي كان يكنه لأبوه ديمتريوس الأول، فها هو يعرض عليه تمكينه من عرش سوريا بل ويهبه كليوباترا زوجة، وهو يعلل ذلك بأن الاسكندر رام قتله، وبحسب المؤرخين فإن بطليموس قد اشترط على ديمتريوس - وهو ما يزال خارج أنطاكية - اعادة جوف سوريا إلى السيادة البطلمية، الشرط الذي وافق عليه الآخر من فوره، إذ لم يكن بامكانه أستعادة عرش أبيه بتلك السهولة. وكان بطليموس يعتبر "جوف سوريا" هدية له من أمه كليوباترا، في الأصل، بينما ترك هو انطاكية بارادته لديمتريوس الثاني. بطليموس يلبس تاجيّ مصر وسوريا: وبدأ بطليموس في إثارة أهالي أنط\اكية على الاسكندر لخلعه من الملك، وكان الأهالي يرون أنه لا خير - في الحقيقة - لا في الاسكندر ولا في ديمتريوس سواء السابق أو الآتي! وذلك بسبب الشرور التي ألحقها بهم الاثنين السابقين، وما زال بطليموس في مسعاه، حتى خرج الاسكندر مرغمًا ليذهب إلى قيليقية. وبينما هو هناك يعانى القلق والجزع من مصيره ومصير مملكته - والتي كانت ما تزال حديثة بالنسبة له - قامت ثورة عليه في قيليقية نفسها وبينما هو يحاول إخمادها، كان بطليموس قد دخل أنطاكية وجلس على عرشها، فما كان من تريفون (ديودوتس) والوزير الآخر المسمى "هيراكس" واللذين كانا مناصرين للاسكندر ويتوليان شئون البلاد - بعد أمونيوس الذي قتل كما سبق - إلاّ أن سلما تاج سوريا (ويسمى أيضًا تاج آسيا) إليه اعترافًا به ملكًا عليها، بل أيدهما الشعب في ذلك. فلبس بطليموس التاجين: تاج مصر وتاج سوريا، دليلًا على احكامه السيطرة على تلك المنطقة الشاسعة بكاملها، ثم يظهر بعد ذلك وكأنه وهب ديمتريوس الثاني: أنطاكية.(1) لقد هتف أهالي أنطاكية لبطليموس معترفين به ملكًا، وبهذا تحققت رغبة قديمة لأنطيوخس الرابع أبيفانيوس في توحيد مصر وسوريا تحت تاج واحد، غير أنها تحققت بطريقة عكسية، إذ لبس ملك مصر هذا التاج..! ولكن وخشية أن يثير غضب روما فقد أعلن للأنطاكيين أنه سيكتفي بعرش مصر، مراقبًا مملكتهم وصهره الجديد فيها. ولكن أين كان الاسكندر اثناء هذه الاتصالات؟ الأرجح أن ديمتريوس الثاني كان في قيليقية يطالب بعرشه، بينما كان الاسكندر في أنطاكية (10: 68) مما يسهل على بطليموس المصري نزع المملكة من الاسكندر واهداءها إلى ديمتريوس. بل أن يوسيفوس يشير إلى قيام قواد جيش الاسكندر بإثارة الشعب في انطاكية ليقوموا بثورة ضد الاسكندر الميئوس من قضيته، وكان قد غادر أنطاكية مما سهّل أيضا حضور زوجته كليوباترا لملاقاة والدها بطليموس، وبالتالي أخذها وتسليمها من قبله إلى زوجها الجديد. هكذا دخل بطليموس إلى أنطاكية دون معارضة وفي غير وجود الاسكندر الذي كان من البديهي أن يختفي ويخفي مكان وجوده عن الآخرين. واجتمعت إلى ديمتريوس الثاني الكثير من الجنود الذين كان الاسكندر قد سرّحهم، وانضم إليهم جيش تابع لبطليموس كان قد تركه في جوف سوريا، والتحمت الجيوش: جيوش ديمتريوس وبطليموس من ناحية وجيش الاسكندر من ناحية أخرى، وذلك عند شاطئ نهر أونوباراس Onoparas أحد روافد نهر الأرنت (العاصى) والذي يصب في البحيرة التي في جنوب شرق انطاكية حيث هزم الاسكندر، بينما أصيب بطليموس بجرح في رأسه أفقده الوعى لأربعة أيام قبل أن يفارق الحياة أثناء جراحة ُأجريت له(1). وكان ذلك في أغسطس/سبتمبر عام 145 ق.م. وها هو التاريخ يعيد نفسه، فقد عمل انطيوخس الرابع مع بطليموس السادس الشيء ذاته، حيث توج نفسه في ممفيس، ثم عين بطليموس ملكًا وكأنه تابع له، هكذا قام بطليموس بتتويج نفسه على مصر وسلوقية ثم عين ديمتريوس الثاني وكأنه تابع له، وكما تعين بطليموس السادس ليس كسليل البطالمة هكذا تعين ديمتريوس ليس كسليل السلوقيين! وفي حين فشل انطيوخس في مواجهة روما بل خضع لسفرائها في الاسكندرية، فإن بطليموس لو عاش لاستطاع تكوين جيش قوى يعتمد عليه في عدم الخضوع لروما، لاسيما وأنها في ذلك الوقت كانت قد أُنهكت بسبب الحربين " البونية والاخائية". كان الاسكندر قد سار من أنطاكية إلى كيليكية وقد دار حول جبال "الأمانوس" الوعرة بدلًا من تخطيها، ويرد في تاريخ يوستين أن جيش الاسكندر قد فر من أمام ديمتريوس ولكنه من غير الواضح إن كان قد فر قبل المعركة أو اثناءها. أما الاسكندر فقد هرب بصحبة خمسمائة فارس إلى مكان يدعى "عبّاى" في منطقة العربية (2)، عند: "زبديئيل العربي" والذي بدلًا من حمايته ونجدته قام بقطع رأسه ليرسلها إلى بطليموس والذي أفاق أثناء غيبوته ليراها ويشعر بالارتياح لنجاح مسعاه، قبيل موته. ويقول ديودورس المؤرخ أن "هيلياس وكاسيوس" وهما قائدان في جيش الاسكندر، قاما بإبرام اتفاق مع ديمتريوس يقتلان بموجبه الاسكندر، حتى يضمنا نجاتهما، وربما كان أحد هذين القائدين عربيًا باسم زبدئييل. زبديئيل Zabdiel: وهو اسم عبري معناه " الله أعطى" ويسميه ديودورس باسمه اليوناني " ديوكليس" وهو أمير إحدى القبائل العربية في جنوب حلب قرب بلدة "خلقيس" وهو أبو " إيملكوئيل العربي" (آية 16 - 18) بينما يسميه يوسيفوس " زابيلوس بن ملخوس" وفي موضع آخر: " dunasthj"، كما جاء في نقش تدمري من سنة 155 ق.م: " زبدئيل وهو زبد الله"(2). ويذكر ديودورس أيضًا أن الاسكندر كان قد أودعه ابنه أنطيوخس (آية 39) وقد ُعثر على نقش في منطقة " بالميرا " يرجع إلى سنة 155 ق.م. ويحمل اسم زبديئيل. فإذا صحّ كلام ديودورس فسيكون زبديئيل قد عمل كقائد عسكري لحساب الاسكندر أولًا. وهكذا مات الاثنان لتؤول مملكتيهما إلى آخرين، فقد فقد الاسكندر العرش الذي انتزعه من ديمتريوس الأول، بينما لم يهنأ بطليموس بجوف سوريا، الذي قام برحلته المضنية سعيًا لضمّه إلى مملكته. تحالف يوناتان المكابي مع ديمتريوس الثاني 20في تلك الأيام، جمع يوناتان رجال اليهودية لفتح القلعة التي في أورشليم، ونصب عليها مجانيق كثيرة. 21فذهب قوم من مبغضي أمتهم، من الرجال الأثمة، إلى الملك وأخبروه بأن يوناتان يحاصر القلعة. 22فلما سمع غضب غضبا شديدًا وسار من ساعته قاصدًا بطلمايس، وكتب إلى يوناتان أن يكف عن محاصرة القلعة وأن يبادر إلى ملاقاته في بطلمايس للتداول. 23فلما بلغ ذلك يوناتان، أمر بأن يواصلوا الحصار، واختار بعضا من شيوخ إسرائيل والكهنة، وخاطر بنفسه. 24وأخذ من الفضة والذهب والحلل وسائر الهدايا شيئًا كثيرا، وذهب إلى الملك في بطلمايس، فنال حظوة لديه. 25ووشى به قوم من الأمة من أهل الإثم، 26إلا أن الملك عامله كما كان أسلافه يعاملونه، وعظمه لدى أصدقائه جميعًا. 27وأقره في الكهنوت الأعظم وفي كل ما كان له من الامتيازات، وجعله من أول أصدقائه. 28وسأل يوناتان الملك أن يعفي اليهودية والأقضية الثلاثة وأرض السامرة من كل جزية، ووعد بثلاث مئة قنطار. يبدو أن يوناتان انتهز فرصة ما يدور من صراعات وحروب في إنطاكية وحولها: ليحسم موضوع القلعة في أورشليم، غير أن العملاء والجواسيس والذين أفسدوا من قبل العلاقات بين المملكة السلوقية واليهود، وشوا به من جديد لدى ديمتريوس الثاني (بعدما استتب له المُلك في إنطاكية بعد موت الاسكندر وبطليموس). ومع أن ديمتريوس الأول كان قد وعد من قبل بتسليم القلعة إلى يوناتان (10: 32) إلاّ أن ذلك لم يدخل حيز التنفيذ، وعند ذلك قام بعض اليهود المناوئين للمكابيين بالوشاية لدى ديمتريوس والذي كان ما يزال صدره مُوغر من جهة اليهود بسبب مناصرة يوناتان للإسكندر غريمه السابق، ولذلك فقد ثار ثورة عارمة مرسلًا إلى يوناتان أن يكف عن حصار القلعة ثم يأتي إليه للتفاوض بشأنها. هذا وُيوصف أولئك اليهود المعارضين للحشمونيين ب"مخالفي الناموس" سواء أكان ذلك في النص العبري "بنى بليعال" أو في اليوناني "أندريس بارانومى" آي " مخالفو الناموس" فهم يرفضون الاعتراف بأن سلطة الحشمونيين هي من الله، راجع (5: 55 - 62 و 7: 6،7). وبينما علق يوناتان الهجوم على القلعة، أوصى جنوده بمواصلة الحصار، ريثما يتضح ما يسفر عنه ذلك اللقاء، وقد استطاع يوناتان أن يبهر الملك بموكبه وهداياه، تمامًا كما سلك من قبل أمام بطليموس والاسكندر بالاس، ولقد كانت مغامرة منه أن يذهب بنفسه إلى الملك، غير عابىء بالأخطار، إذ قد ُيصبح فريسة سهلة للقتل أو الأسر. غير أنه وجد نعمة في عينيه. وعادت الجالية اليهودية في بطلمايس من جديد إلى محاولة تشويش صورة يوناتان، كما فعلوا من قبل ولكن الملك لم يسمح لهم أيضًا بل ثبته في مكانه وفي كهنوته ورتبته: "صديق الملك". كما انتهز يوناتان الفرصة لكي يؤكد اعفاء اليهودية والمدن الثلاث المذكورة في (10: 30) على أن تستبدل جزية رئيس الكهنة المتوجبة عليه سنويا منذ زمن بعيد، ومقدارها 300 قنطار، وذلك بالضريبة العقارية المتوجّبة على تلك المناطق، وهو ما قد وعد به أبوه ديمتريوس الأول سابقًا. ووافق الملك إذ رأى في ذلك تحالفًا مع اليهود يضمن به تأمين المنطقة اليهودية لصالحه، وكذلك لضمان عدم انضمامها إلى البطالمة أو إلى أعدائه متى تعرّض لأي ُمطالب جديد بالعرش، شأن تلك الأيام التي شهدت تقلبات سياسية سريعة. معاهدة سلام بين اليهود وديمتريوس الثاني 29فرضى الملك وكتب ليوناتان كتبا في ذلك كله، وهذه صورتها: 30من ديمتريوس الملك إلى يوناتان أخيه وأمة اليهود سلام. 31نسخة الكتاب الذي كتبناه في شأنكم إلى لسطانيس قريبنا، كتبنا بها إليكم أيضا لتقفوا على مضمونها: 32من ديمتريوس الملك إلى لسطانيس أبيه سلام. 33لقد رأينا أن نحسن إلى أمة اليهود أصدقائنا المحافظين على ما يحق لنا وفاء بما سبق من برهم لنا. 34فنقر لهم أراضى اليهودية والأقضية الثلاثة، وهي أفيرمة ولدة والرامتائيم التي ألحقت باليهودية من أرض السامرة، وجميع توابعها، فتكون لجميع الذين يذبحون في أورشليم، بدل الضرائب الملكية التي كان الملك يستخرجها منهم قبلا في كل سنة من محصولات الأرض وثمار الأشجار. 35وأما سائر ما يحق لنا من العشور والضرائب ووهاد الملح والأكاليل، فقد أعفيناهم منه جميعا. 36ومن الآن لا يلغى شيء من هذا الإنعام ما طال الزمان 37فاعتنوا الآن باستنساخ هذا الكتاب، ولتسلم النسخة إلى يوناتان ولتوضع في الجبل المقدس في مكان مشهود". لعل هذه هي الوثيقة الوحيدة الباقية الموجهة للزعيم الحشموني والذي أصبح رئيسًا للكهنة وإلى أمة اليهود في ذات الوقت. هذا وتعد هذه المعاهدة صورة مصغرة أو عودة جزئية للمعاهدة السابقة التي أبرمها أبوه مع اليهود، وهي المعاهدة التي رفضها يوناتان وأمته، مؤثرين عليها التحالف مع خصمه الاسكندر بالاس، ولكننا نلاحظ هنا كيف تخضع المنطقة كلها لمتغيرات سياسية وجغرافية، فلم يكن هناك من مانع في أن يتحالف حاكم مع الآخر ثم ينقلب ليتحالف مع خصمه، ثم يتحول إلى ثالث وهكذا. ولكنه بخصوص اليهود - وفيما يُتهم يوناتان المكابي بتكرار الخيانة - فإن الأمر بالنسبة له يتعلق بمصالح أمة ومستقبلها وليس المكاسب الشخصية فقط كما هو الحال مع الحكام السلوقيون. ولو خُيّر الحاكم العادل والعاقل، لاختار الحياة بهدوء داخل حدود بلاده دون صراعات، في حين تنشأ الصراعات وُتسفك الدماء نتيجة الميول الاستعمارية والتوسعية للحكام الآخرين..ويشير لقب " يوناتان أخيه" هنا إلى منح يوناتان رتبة " نسيب الملك" وهي أعلى من رتبة "صديق الملك"، وكان الإسكندر قد سبق فوهبه الرتبتان الواحدة تلو الأخرى وكان المتبع في الإمبراطوريات الهيلينية، أنه إن أراد الملك خلع امتياز على أحد ما - وكان ذلك من خلال إعلام وكيل ملكي - أن يمنح متلقي هذا الامتياز نسخة من الرسالة الموجهة للوكيل الملكى، تقوم مقام الشهادة بالمنحة. راجع (2 مكا 11: 22 - 26). وبموت الاسكندر أصبح يوناتان عضوا في بلاط ديمتريوس الثاني، وفي مقابل شك البعض في شرعية الإسكندر، فإن يوناتان في المقابل تقلد رئاسة الكهنوت من قبل الملك السلوقى - غير المشكوك فيه- ديمتريوس الثاني، على الرغم من أن الامتيازات التي منحها ديمتريوس له أقل من تلك التي منحه إياها الاسكندر، إذ أن لقب صديق من الدرجة الأولى لا يرقى إلى مستوى رتبة " ُمقرّب"(1مكا10: 89) وقد منحته هذه الامتيازات حق حشد الجيوش وتصنيع الأسلحة (10: 6) إضافه إلى منصبي: " القائد والشريك Strategos and meridarches" (10: 65) وكذلك حيازة مدينة عقرون (10: 89). ولكن من هو لسطانيس هذا الذي يطلب إليه الملك ابلاغ المعاهدة في أنحاء المملكة؟ لسطانيس Lasthenes: هو لسطانيس الكريتي حاكم سورية وأحد المقربين من ديمتريوس الثاني، وكان مسئولًا عن تجنيد المرتزقة في الجيوش، وطبقًا لما يورده يوسيفوس، فإنه كان عريق الحسب والنسب، وأنه هو الذي قام بقيادة جيوش الملك عند نزوله أولًا إلى الساحل آتيا من روما، كما ساعده أيضًا في الاستيلاء على عرش الاسكندر، ويبدو لسطانيس هنا كرئيس لوزراء ديمتريوس ومن كبار رجاله، وأماّ عن دعوته إياه ب"أبيه" فهو لقب توددي، قد يشير أيضًا لخدمات قدمها له في حداثته. وأماّ الأقضية (المقاطعات) الثلاثة، فهي - تابعة للسامرة وهي: أفيرمة Aphairema: من الاسم إفرايم وهو عبري معناه "الثمار المتكاثرة"وبالآرامية "عفاريم" وباليونانية " Afairemaأو Aferema "(1) وهي أراضى إفرائيم أو (أورفا) وتقع على مسافة عشرين كيلومترا شمال شرق أورشليم، ومسافة أحد عشر كيلو مترا شمال بيت إيل. هذا وتسمّى أفيرمة أيضًا "غزة إفرائيم" كما تدعى "الطيّبة" راجع (يشوع 18: 23) كما ُسميت قبلًا " لود" راجع (عزرا 2: 33). كانت تتبع السامرة في الأساس (صموئيل الثاني 13: 43 وأخبار الأيام الثاني 13: 19 و يوحنا 11: 54) غير أن يهوذا المكابي كان قد استولى عليها وضمّها إلى اليهودية بسبب ما كانت تسببه من مضايقات لليهود، وقد كانت هذه المقاطعة مع المقاطعتين الأخريين (لدة والرمتائيم) ورقة مساومة هامة في المحادثات العديدة التي دارت بين اليهود والسلوقيين على مدار سنوات طويلة، فقد وافق السلوقيون في البداية نتيجة مباحثاتهم في عهد ديمتريوس الأول، على ضمها إلى اليهودية شريطة أن يؤدوا عنها جزية تتمثل في ثلث غلال الأرض ونصف أثمار الشجر، في حين تعفي مع اليهودية من الضرائب، كبادرة حسن نية، بل وأكد الملك في حينه، سلطة اليهود عليها. أما ديمتريوس الثاني هنا فانه يعفيها مع اليهودية من أية ضرائب عينية أو مادية، مكتفيًا بضريبة رئيس الكهنة والتي تؤدى سنويا، ولكن الملك سريعًا ما نقض هذه الاتفاقات. لدة Lydda: وهي "اللّد" على مسافة ثمانية عشر كيلو مترا، شمال شرق يافا ويمنيا وعقرون، وتقع في سهل شارون، وكانت تتبع أولًا سبط بنيامين، عند تقاطع طريقين رئيسيين وهما: طريق "مصر وبابل" وطريق " أورشليم ويافا " مما جعل لها شهرة وأهمية تجارية وعسكرية واسعة، وكانت تتبع السامرة، شأنها شأن المدينتين الأخريين حتى سنة 153 ق.م. قبل أن تلحق باليهودية، وبحسب يوسيفوس فقد كانت " لدة " ضمن أحد عشر قسمًا، قسمت اليهودية إليها ذات وقت(1). ولكونها تقع بالقرب من يافا فقد وهبها يوليوس قيصر إلى يوحنا هركانوس، ولكن بعد موت القيصر بيع سكانها مع سكان مدن أخرى حولها، عن طريقّ كاسيوس" وذلك لعجزهم عن دفع الجزية المتوجبة عليهم، ولكنه أعفي عنهم لاحقًا عن طريق مرقس أنطونيوس، غير أن سكانها عانوا أيضًا كثيرا تحت حكم " كاسيتوس جالينوس" والذي أحرق المدينة سنة 66 ق.م. بينما كان أهلها يحتفلون بعيد المظال في أورشليم، ولما جاء فاسبسيان أسكن فيها الوثنيون، وبعد خراب الهيكل سنة 70م. صارت مركزًا للتعليم، وفي سنة 200م. أصبحت مقاطعة رومانية سميت "ديوسبوليس" حيث أصبحت مركزا تجاريًا هامًا للرومان. وقد صارت لدة أسقفية لها أسقف خاص، ومنها خرجت بدعة بيلاجيوس سنة 415م. وتحت الحكم الاسلامي كانت عاصمة محلية، وقد أنشأ بها الصليبيون كاتدرائية كبيرة، وذلك مكان الكنيسة التي دمرها المسلمون هناك وكانت تسمى لمدة طويلة "سان جورج" حيث استشهد فيها الشهيد مارجرجس سنة 303م. وفي سنة 1191م. هدم صلاح الدين الكاتدرائية، ثم أكمل المغول بعد ذلك هدمها سنة 1271م. أما العرب فقد أعادوا تسمية المدينة "لود" وتقع الآن على مسافة 18 كم شرق تل أبيب ملاصقة لمطار إسرائيل الدولي. الرمتائيم Ramathaim: وهي "الرامة" موطن ألقانة وحنة (صموئيل أول 1: 19 و2: 11) وسميت أيضا " رمتائيم صوفيم" (الرامة/ صموئيل أول 1: 1) وتأتي في اليونانية (Ramaqen) ووردت في يوسيفوس: (Ramaqa)، وفي السريانية " راماتيم " . وتقع في جبل أفرايم على مقربة من شيلوه، وفيما بعد جعلها صموئيل مركزًا له، ويؤكد يوسابيوس أنها كانت تقع بالقرب من لدة، وهي التي ينتسب إليها يوسف الرامي والذي صار له شرف دفن المسيح في قبره الخاص. ويظن العلماء أنها الآن إما أن تكون "بيت ريما" على مسافة واحد وعشرون كم شمال شرق لدة، ومسافة تسعة عشر كيلومترا شمال غرب بيت إيل أو "رام الله". وعلى مسافة ثلاثة عشر كيلومترا جنوب غرب لدة في سهل شارون. ويرى البعض أنها الآن قرية (النبي صموئيل) وربما (بيت ريما) بين اللد وشكيم أو رامتيس Remtisبعد ذلك إلى الغرب. وكانت هذه الولايات الثلاث معروفة جيدًا لمطالعى رسالة ديمتريوس، وهذه الولايات وأن لم تكن قبلًا جزءا من اليهودية، إلاّ أنها كانت تحت سيطرة يهوذا، وربما كانت تحت ادارة يوناتان إذ يزعم اليهود حقهم التاريخى في المنطقة كلها مدعين أن الاسكندر الأكبر قد منحهم أياها، وهكذا يفهم من رسالة ديمتريوس إما أنه يعترف ضمنًا بمنحة الاسكندر الاكبر هذه أو الاعتراف بالوضع القائم (الأمر الواقع)، وربما كان ديمتريوس يود سحب هذه الولايات من السامرة إلى اليهودية لتصبح تحت حكم رئيس الكهنة الذي لم يتم اختياره بعد، لاسيما وقد كان هناك من اليهود من يكره يوناتان. انظر خريطة رقم (13). وكانت كلمة "ولاية nomos" في اللغة اليونانية تطلق على أقاليم مصر، ولذلك فاستخدام كل من ديمتريوس الأول والثاني لها قد يكون بتأثير حكم البطالمة لها، في حين كان المصطلح السلوقى هو " أقاليم toparchies" وهكذا ظهر ديمتريوس كمن يشتهي أن يترك لليهود كل فلسطين غرب الأردن بل وعبر الأردن أيضا. يقول الملك في تلك الوثيقة أن دخل هذه المدن يخصص للذين يذبحون في أورشليم، وقد ظن البعض أن المقصود هو الكهنة واللاويون وخدام الهيكل، ولكن المقصود هو اليهود الوطنيين المحافظين الارثوذكس وليس اليهود المتأغرقين الساكنين خارج أورشليم، ويذكرنا ذلك بسؤال المرأة السامرية للسيد المسيح "آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون أن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يُسجد فيه (يوحنا 4: 20) وتقصد مكان العبادة الحقيقية حيث نظر إلى الذين يذبحون في هيكل جزريم بالسامرة باعتبارهم ليسوا يهودا حقيقيين. ورغم قائمة الاعفاءات هذه فقد بقيت الضرائب الموضوعة على الغلال تحق للملك، رغم ما طلبه يوناتان بخصوصها، كما بقيت كذلك جزية الـ300 قنطار الخاصة برئيس الكهنة، وهكذا ومع أن عرض ديمتريوس الثاني جاء أقل في قيمته من عرض ديمتريوس الأول، حيث لم يرد فيه أيضًا ردّ القلعة، ولا هبات مالية تدفع لأعمال البناء ونفقات العبادة. إلاّ أنه كان أكثر صدقًا من الأول. وفي النهاية يطلب أن تعدّ من المعاهدة عدة نسخ توضع في أنحاء المملكة، واحدة منها تسلم ليوناتان لوضعها في مكان عام بجبل الهيكل. وكان الإجراء المتبع في النظام الهيلينى: اعطاء متلقى الانعام نسخة من الانعامات، منقوشة في الغالب على الحجر أو المعدن راجع (8: 22). أهمية الوثيقة: هذه الوثيقة ُتعدّ أقدم وثيقة حكومية باقية فيها إشارة إلى الدور السياسي لرئيس الكهنة كقائد للأمة، ومنذ ذلك الحين بدأ ت تظهر في العملات اليهودية الإشارة إلى الزعيم الحشمونى والأمة اليهودية. هذا وكان منصب رئيس الكهنة في فترة الهيكل الثاني هامًا، إذ عمل كقائد للأمة من قبل الحكام الذين يحكمون المنطقة، ونقرأ في التاريخ أن يهود مستعمرة "الفنتين" (في أسوان بمصر) عندما احتاجوا إلى المساعدة راسلوا يوحنا رئيس الكهنة واتباعه من الكهنة في أورشليم، وكذلك "أوستانيس Ostanes" شقيق "حنانى" وكذلك نبلاء اليهود. هذا وقد منحت السلطات السلوقية صلاحيات هائلة لكل من حونيا الثالث ثم ياسون ومنلاوس وألكيمس وأن كان هؤلاء قد لاقوا أيضًا صعوبات كثيرة من المعارضين اليهود، راجع (2 مكا3: 1،4 و 4 1 - 50 و 5: 23 و1مكا 9: 23-27،54-57) ومع كل ذلك فقد كان من الممكن سحب هذه الصلاحيات ومنحها لأي شخص آخر علمانى. موت يهوذا في معركة بئروت 38ورأى ديمتريوس الملك أن الأرض قد استراحت أمامه، لا ينازعه منازع، فسرح جميع جيوشه، كل واحد إلى بيته، ما خلا الجنود الغرباء الذين جاء بهم من جزر الأمم. فمقته جيوش آبائه كلهم. 39وكان تريفون من أنصار الإسكندر قبلًا، فلما رأى أن الجيوش جميعا تتذمر على ديمتريوس، ذهب إلى أيملكوثيل العربي، وكان يربى أنطيوخس بن الإسكندر. 40فألح عليه أن يسلم الولد إليه لكي يملك مكان أبيه، واخبره بكل ما أمر به ديمتريوس وبما تكنه له الجيوش من البغض ومكث هناك أياما كثيرة.41وأرسل يوناتان إلى ديمتريوس الملك أن يخرج الجنود الذين في القلعة من أورشليم والذين في سائر الحصون، لأنهم كانوا يحاربون إسرائيل. 42فأرسل ديمتريوس إلى يوناتان قائلًا: "سأفعل ذلك لك ولأمتك، بل سأعظمك أنت وأمتك تعظيما متى سنحت لي فرصة. 43والآن فإنك تحسن عملا إذا أرسلت إلى رجالا يكونون في نجدتى، فقد خذلتنى جيوشى كلها". 44فوجه يوناتان ثلاثة آلاف محارب بسلاء إلى أنطاكية، فوافوا الملك ففرح الملك بقدومهم. 45واجتمع أهل المدينة في وسط المدينة، وكانوا مئة وعشرين ألف رجل يحاولون قتل الملك. 46فهرب الملك إلى داره، فاستولى أهل المدينة على شوارع المدينة وشرعوا في القتال. 47فدعا الملك اليهود لنجدته، فاجتمعوا إليه كلهم، ثم تفرقوا بجملتهم في المدينة، فقتلوا في المدينة في ذلك اليوم مئة ألف رجل. 48وأحرقوا المدينة وأخذوا غنائم كثيرة في ذلك اليوم وخلصوا الملك، 49فلما رأى أهل المدينة أن اليهود قد استولوا على المدينة يفعلون ما شاءوا، خارت عزائمهم وصرخوا إلى الملك متضرعين وقالوا: 50"مد لنا يمناك، وليكف اليهود عن محاربتنا وعن محاربة المدينة" 51فألقوا السلاح وعقدوا الصلح. فعظم أمر اليهود عند الملك وعند جميع أهل مملكته. ثم رجعوا إلى أورشليم بغنائم كثيرة. 52وجلس ديمتريوس الملك على عرش ملكه، وهدأت البلاد في قيادته. 53ولكنه أخلف في كل ما وعد، وانقلب على يوناتان، وكافأه بخلاف ما صنع إليه من المعروف، وضيق عليه كثيرًا. سياسة ديمتريوس غير الحكيمة: ما أن هدأت الأمور وشعر ديمتريوس باستتاب الملك، حتى انصرف هو الآخر بدوره إلى حياة الترف والمجون موكلًا أمور البلاد إلى شخص يدعى "لستانيس" المشار اليه في (آية 30) وهو كريتى عاون ديمتريوس أثناء حربه مع الاسكندر، فلما استولى على العرش قرّبه إليه وقام لستانيس بتجنيد الكثير من الكريتين كمرتزقة (حيث يقصد بجزر الأمم " آية 38 " جزيرة كريت) وهو الذي أوعز إلى ديمتريوس بقتل الحراس الذين تركهم بطليموس في المدن كحاميات مصرية، وهو الأمر الذي أغضب الجنود المصريين الذين كانوا يمثلون قسمًا من جيش ديمتريوس وقفلوا عائدين إلى مصر، ثم أردف الملك ومعاونه ذلك، بقتل كل من خالفه، كما قام بتسريح أغلب جنوده ولم يبق إلاّ على المرتزقة الكريتين مما أوغر صدور رعيته ضده. جدير بالذكر أن النظام العسكري في العصر الهيلينى كان يهتم كثيرًا بالجنود المسرّحين والمتقاعدين (قدامى المحاربين) حيث توهب لهم امتيازات خاصة، بل تم تخصيص بعض المدن لهم للسكنى والاستجمام، ولكنه كثيرًا ما كانت الحكومات تتقاعس عن منح مثل تلك الامتيازات مما كان يشكل خطرًا كبيرًا على الدولة من قبل هؤلاء الجنود. إيملكوئيل العربي Imalkue: اسم عبري معناه "الممسوح من الله ملكًا" وهو ابن زبدئيل المذكور في (آية 17) جاء في العبرية (يمّلكو) وباليونانية"Eimalkouaiأو Imalkoue" . وكان رئيس قبيلة عربية في خلقيس جنوب حلب ويُرجح أن يكون الصبى الملك قد اختبأ لدى ايملكوئيل في المنطقة ما بين "بالميرا Palmyra" و"إميساEmesa" حيث تقع الأولى على مسافة 140 كم من حدود شرق الثانية، وكان الطريق بين بالميرا وأنطاكية وعرًا طويلًا، ولكن البعض يحددون "اميسا" كمكان مرجح لاختباء الصبى هناك، ويدعوه يوسيفوس "ملخس" أي "ملك"(1) وكان أنطيوخس الصغير ابن الاسكندر بالاس في عهدته، فمضى إليه تريفون يقنعه بتسليم الصبى شارحًا له ما آلت إليه المملكة من السوء، ولم يرحب إيملكوئيل بالفكرة في بادىء الأمر، مما اضطر تريفون إلى البقاء هناك مدة طويلة حتى حقق رغبته وتسلّم الصبى، هناك ألبسه التاج ونادى به ملكًا. وبينما انتهز يوناتان الفرصة للضغط على ديمتريوس بسحب قواته السلوقية من القلعة، فإن ديمتريوس فعل الشيء ذاته، إذ انتهز الفرصة أيضًا فوعده بذلك على أن ينجده بارسال بعضًا من جيشه لاخماد الثورة في مملكته. وقد فوجىء جيش يوناتان والذي كان أشبه "بالقوات الخاصة" أنهم في مواجهة عصيان مدني كبير يضم مئة وعشرون ألفًا من الناس أغلبهم من عامة الشعب، وقد انتشروا يعيثون فسادًا على نطاق واسع. وبحسب يوسيفوس فإن مواطني أنطاكية تحركوا ضد ديمتريوس قبل أن يحشد المزيد من القوات، ولذلك فقد استنجد باليهود والمرتزقة معًا، وقد ثار المواطنين في البداية، ولكن الحال تبدل عندما صعد اليهود إلى أعلى القصر وأصلوا الثوار بقذائف من أعلى حيث ابعدوهم عن المنطقة المحيطة بالقصر، وبسبب اشتعال النيران جاهد الثوار لأنقاذ ما يمكن من أسراهم، ولكن كثيرون ماتوا قتلى بالسيف أو النار بينما استسلم الباقون، وقد قام ديمتريوس بنزع سلاح الثوار ثم أعدم الكثير منهم مع زوجاتهم وأولادهم، وينسب يوسيفوس احراق المدينة (آية 48) إلى ديمتريوس ذاته، وقد نتج عن ذلك أن تفرق الكثير من الثوار في انحاء سوريه حيث انضموا بعد ذلك إلى تريفون الثائر الذي مكّن الملك الصغير من عرش البلاد. وقد ينظر إلى عدد القتلى لأول وهلة باعتباره مبالغًا فيه، ولكن إذا عرفنا أنهم لم يكونوا جنودًا مدربين على القتال، وإنما من عامة الشعب فإنه يسهّل اصطيادهم من قبل جنود يوناتان والذين كانوا قد وعُدوا مسبقًا بالغنائم وأن يدفع ديمتريوس فاتورة نجاته بتلبية مطالب يوناتان. ولكن ديمتريوس ما أن استردّ أنفاسه وهدأت البلاد من جديد، حتى تراجع في وعوده، ويقول يوسيفوس في هذا الخصوص أن ديمتريوس الثاني طالب بدفع الجزية من جديد (ربما بعض الضرائب التي كان قد تنازل عنها سابقًا) ولم يسحب قواته من القلعة.. وعلى وجه العموم فإن اخلاف الملك في وعوده قد كلفه كثيرًا كما سنرى. 54وبعد ذلك رجع تريفون ومعه أنطيوخس وهو ولد صغير، فملك أنطيوخس ولبس التاج. 55فاجتمعت إليه جميع الجيوش التي سرحها ديمتريوس، وقاتلت ديمتريوس ففر منهزما. 56فاستولى تريفون على الأفيال، ثم فتح أنطاكية. 57وكتب أنطيوخس الصغير على يوناتان قائلًا: "إنى أقرك في الكهنوت الأعظم، وأقيمك على الأقضية الأربعة وأتخذك من أصدقاء الملك". 58وأرسل إليه آنية من الذهب وأدوات للمائدة، وأذن له أن يشرب في الذهب ويلبس الأرجوان وعروة الذهب. 59واقام سمعان أخاه قائدًا من عقبة صور إلى حدود مصر. 60وخرج يوناتان وطاف في شرق النهر وفي المدن. فجتمعت لمناصرته جميع جيوش سورية. وقدم اشقلون فلاقاه أهل المدينة باحتفال. 61وأنصرف من هناك إلى غزة، فأغلق أهل غزة الأبواب في وجهه، فحاصرها وأحرق ضواحيها بالنار ونهبها 62فسأل أهل غزة يوناتان، فمد لهم يمناه، ولكنه أخذ أبناء رؤسائهم رهائن وأرسلهم إلى أورشليم. ثم جال في البلاد إلى دمشق. 63وسمع يوناتان أن قواد ديمتريوس قد وصلوا إلى قادش الجليل في جيش جرار يريدون أن يعزلوه عن الولاية 64فزحف لملاقاتهم وترك سمعان أخاه في البلاد. 65فحاصر سمعان بيت صور وحاربها أياما كثيرة وطوقها. 66فسألوه الصلح فصالحهم وأخرجهم من هناك وفتح المدينة وأقام فيها حرسًا. 67وأما يوناثان وجيشه فعسكروا عند مياه جناسر، ووصلوا قبل الفجر إلى سهل حاصور. 68فإذا بجيش الغرباء يلاقيهم في السهل، وقد أقاموا كمينا في الجبال. فبينما هم يتقدمون تجاههم، 69خرج الكمين من مواضعه وشن القتال. 70ففر رجال يوناثان جميعًا، ولم يبق أحد إلاّ متتيا بن أبشالوم ويهوذا بن حلفي، قائدا الجيوش. 71فمزّق يوناتان ثيابه وحثا التراب على رأسه وصلّى. 72 ثم عاد إليهم يقاتلهم، فانهزموا وهربوا. 73ولما رأى ذلك الذين هربوا من رجاله، رجعوا وتعقّبوا العدو معه إلى قادش إلى معسكره، وعسكروا هناك. 74فسقط من الأجانب في ذلك اليوم ثلاثة آلاف رجل. ورجع يوناتان إلى أورشليم. I أنطيوخس: والمقصود هنا هو أنطيوخس السادس أبيفانيوس ديونيسيوس، ويلقب أحيانًا "ثيوّس" أى المؤله، وقد استمر في الملك شكليا خلال الفترة (145 - 142 ق.م.) وهو ابن الاسكندر وكليوباترا ثيا ابنة بطليموس فيلوماتور، فلما آلت الأمور إلى درجة كبيرة من السوء والخطورة في المملكة، قام تريفون وطالب بحق أنطيوخس الصغير في العرش، ورغم صغر سنه إلاّ أن هذه الخطوة قد نالت تأييد الأمة لاسيما بسبب ما عانته من ديمتريوس، عند ذلك ألبسوه التاج ونادوا به ملكًا سنة 145 ق.م. وفي ذلك الوقت كان الصبى لا يتجاوز سنه الخمس سنوات! إذ أن زواج أبيه قد تم سنة 150 ق.م. راجع (10: 57) فتوارى ديمتريوس بقسم من جيشه عن الأنظار، ريثما يظهر من جديد على مسرح الأحداث، واحتفظ بأجزاء شاسعة من المملكة. وخلال فترة ملك أنطيوخس كان تريفون هو الحاكم الفعلي للبلاد، ولما كان إعلان ُملك أنطيوخس في بطلمايس، فإن تريفون استولى على الأفيال الحربية وقاد الجنود الذين عادوا إلى الجيش وفتح بهم أنطاكية. ومن المحير كيف استطاع تريفون ومليكه الصغير استعادة الجنود المسرّحين وتوفير نفقاتهم، بينما فشل ديمتريوس وسلفه الاسكندر في ذلك، هل قام تريفون بابتزاز الشعب بالمزيد من الضرائب؟ علاقات يوناتان بالملك الجديد (آية 57،58): ثبت أنطيوخس السادس وعود الاسكندر أبيه (10: 89) وهو يقيم يوناتان هنا قائدا على بقاع سوريا، دون فينيقية (حيث اقتطع أتباع ديمتريوس أجزاءا منها) وأمّا المدينة الرابعة المشار إليها هنا فهي "أقربتين" (5: 3)(1). ويزيد على ذلك منح يوناتان امتياز " أن يشرب في الذهب" وهو اعتراف ضمني بكونه ملكًا. كما عين سمعان أخوه قائدًا على المنطقة البحرية (آية 59) وهي الوظيفة السياسية التي جعلت منه قائدًا للسهل السأحلى كله: من بعد صور إلى حدود مصر، بما في ذلك بطلمايس (عكا) والتي ظهرت بذلك منفصلة عن فينيقية(1). وهذه أول مسئولية يحصل عليها سمعان من الملك السلوقى. بهذا يجعل الملك كل من يوناتان وسمعان شريكان له في الملك، حيث نلاحظ أن جيوش سورية تعاونت معهما (آية 60) بما في ذلك "أشقالون" والتي يسكنها غالبية وثنية تبغض اليهود، إذ استقبلت يوناتان استقبالًا حسنًا. وقد تجوّل يوناتان في منطقة قول سوريا (سهل البقاع) وهي منطقة غرب الفرات (راجع 7: 8) في عمليات تأييد لأنطيوخس الصغير ضد ديمتريوس وأنصاره، إذ كان يدرك جيدًا أن اليهود سيفيدون كثيرًا من هذه التوسعات. انظر خريطة رقم (12). ولكن أهل غزة رفضوا استقباله مما اضطره إلى حصارها والتضييق عليها، حتى طلب أهلها الأمان فأمنهم شريطة أن يسلموه أبناء رؤساءهم كرهائن في أورشليم، وهو الأمر الذي تكرر ثانية مع سمعان بعد ذلك، حيث جعلها مركزا لحكمه بعد تطهيرها (13: 43 - 48). وقد كانت غزة في ذلك الوقت موالية لديمتريوس الثاني بشدة، وأن كانوا قد خذلوه بعد ذلك بانضمامهم إلى أنطيوخس السادس، ولكنه سواء برجوع رهائنها أم لا فانها كانت ستقوم بتمرد عند أول فرصة. غزة: هي أقصى المدن الفلسطينية الخمس جنوبًا وأقربها بالتالي إلى مصر (1صم 6: 17) بالقرب من البحر المتوسط مسافة خمسة كيلومترات إلى الشرق منه، ونظرًا لموقعها الاستراتيجى فقد كانت على الدوام هدفًا للمستعمرين، إذ كانت مخرجًا هامًا للبضائع الثمينة الآتية من الجنوب العربي، حيث أقام منها الفرس ميناءا وهو الذي أفاد منه اليونان جدًا، وفي العصر الهيليني كانت أول مدينة تسك عملة خاصة بها، وكانت مركزًا هيلينيًا شديد العداوة لليهود، حاصرها الاسكندر الأكبر لمدة شهرين، وقد نكّل بأهلها سنة 332 ق.م. ومن بعده تصارع كل من البطالمة والسلوقيين عليها ويقال أن الاباحية كانت منتشرة فيها. وفي حوالي العام 100 ق.م. استولى عليها الاسكندر جنايوس، بعد حصار استمر عام كامل حيث أسلم المدينة للسلب والنهب والذبح، وقد نشبت معركة بسببها بينه وبين بطليموس المصري ُهزم فيها الأخير، كما ثارت حروب كثيرة بينه وبين قائدها "أبللودوتس" والذي تحالف معه أرتاس ملك العرب. وفي بداية العصر الروماني جعلها القائد بومباى تابعة لسوريا حيث قام قائد سوريا "جابينيوس" ببناء غزة جديدة بجوار القديمة (أعمال 8: 26) وأعطاها أوكتافيوس هدية لهيرودس بعد معركة أكتيوم، وبعد موته ضمتّها روما من جديد إلى سوريا، وازدهرت بعد ذلك جدًا، ويقول المؤرخ سوزومين أنها كانت ميناءا هامًا في عصر قسطنطين، حيث صارت أسقفية في وقت لاحق. وفي الحفريات التي جرت هناك سنة 1922م اكتشفت بقايا المعبد اليهودي الذي كان فيها، كما عثر فيها على رسم لداود النبي وهو يرتدى الزى البيزنطى الملكى يلعب على قيثارته بينما حوله بعض الحيوانات كما ُعثر على قطعة من مركب ربما يعود إلى سنة 420 م. وقد واصل يوناتان زحفه حتى وصل إلى دمشق شمالًا، على مسافة 234 كم شمال شرق أورشليم وهي أكبر المدن السلوقية. ديمتريوس الثاني يظهر من جديد: كان ديمتريوس أشبه ما يكون بالنمر الجريح، وقد استطاع بعد هروبه أن يجمع جيشًا كبيرًا، في محاولة لاسترداد العرش والانتقام من مؤيدى أنطيوخس خصمه، وقد شق عليه أن يصبح يوناتان قائدا لهذه الرقعة الضخمة من المملكة، وربما رأى أنه وإن كان من الصعب في الوقت الحالي استرداد العرش، إلًا أنه من الممكن الاستيلاء على منطقة نفوذ يوناتان، يتمركز فيها ليحارب أنطيوخس من خلالها. وقد وصل رجاله إلى منطقة الجليل واحتلّوها وكانوا يتمركزون عند قادش. قادش الجليل: قادش كلمة عبرية معناها "مقدس" وقادش الجليل هي قادش نفتالى، وهي التى قيل عنها "قادش في الجليل في جبل نفتالى" (يشوع 20: 7) وقد ذكرت على أنها إحدى مدن الملجأ الثلاث في الجليل (يشوع 21: 32 و أخبار الأيام الأول 1: 76). وهي مدينة قديمة جدًا في الجزء الغربي من سوريا، تقع على نهر العاصى على مسافة 24 كم جنوب غرب حمص الحالية، وقد دارت عندها المعركة الشهيرة بين المصريين والحيثيين سنة 1299 ق.م. ولعلها الآن قرية " قديس"، وقد ذكرها يوسيفوس باعتبارها خاضعة للسلوقيين تقع بين بلادهم والجليل، وأما يوسابيوس فيرى أنها تبعد عن صور بمسافة 35 كم بالقرب من بانياس. جناسر Gennesaret:كلمة عبرية معناها "حديقة الأمير" وهي أيضًا "بحر الجليل" (متى 4: 18) وبحيرة جنيسارت (لوقا 5: 1) وقد عرفت بعد ذلك ببحيرة طبرية" (يوحنا 6: 1) وذلك منذ بنى هيرودس على الشاطئ الغربي منها مدينة طبرية، تكريما لطيباريوس قيصر، وذلك فوق موضع كان ممتلئا بالقبور القديمة لمدينة مجهولة لعل اسمها "جناسر". كما يرى يوسيفوس أن اسمها هو "جنيسار"، ولها اسم آخر في العبرية هو "بحر كيرنيت". وهذه هي المرة الأولى في الكتاب المقدس التي يذكر فيها جنيسارت، وتتكون المنطقة المحيطة بها من حجر جيرى، وهي قريبة من "وادى الحمام" حيث تنتشر مغائر اللصوص وكذلك أطلال "أرابيلا" وكذلك قرون حطين والتي يظن البعض أنها "جبل التطويبات". حاصور Hazor: كلمة عبرية معناها "حظيرة" وهي عاصمة حاصور الكنعانية القديمة (يشوع 11: 10) في ذلك الوقت كانت قد أصبحت مجرد قلعة، على مسافة عشرة كيلومترات شمال "مياه جناسر" ورغم أن تفلث فلاسر قد سبى أهلها سنة 733 ق.م. إلاّ أنها استمرت عامرة حتى العصر الهيللينى، ويرى البعض أن موقعها الآن هو "تل القيدا" أو "تل وقاس" وتبعد مسافة سبعة كيلومترات جنوب غرب بحيرة الحولة، على مسافة 18 كم شمال بحر الجليل، كما أطلق بعض الُكتّاب على سهل حاصور "جبل الحضيرة". عند ماء جناسر استراح يوناتان المكابى بجيشه، ثم واصل المسير ليلًا حتى وصل قرب الصباح إلى سهل حاصور، ولكنهم فوجئوا بجيش ديمتريوس يطوّفهم مثل الكمين، مما أوقع الرعب في قلوبهم، ففر الجنود مذعورين تاركين يوناتان في نفر قليل معرضين إياهم لخطر جسيم، ولكن يوناتان - وكما أشرنا سابقًا - كان يجد نفسه في ساحة المعركة أكثر مما يجدها في الأرجوان الملكى. صلى بانسحاق إلى الله واستمد معونة منه فاستعاد شجاعته ثم هجم بالثلة الصغيرة من الجنود التي معه فاستطاع ايقاع الرعب في قلوب ديمتريوس وجنوده، مما شجع الجنود المرتدين من جيش اليهود إلى العودة من جديد، حيث استطاع الجيش ايقاع هزيمة مرة بجيوش ديمتريوس. ويحسب لكل من متثيا بن أبشالوم ويهوذا بن حلفى، شجاعتهما النادرة والتي كان لها الدور الفعال في انقاذ الجيش وبالتالي سمعة اليهود والذين كانوا قد أصبحوا أمة يُخشى بأسها، وقد يكون أبشالوم المذكور هنا (أبو متثيا) هو الدبلوماسى المرسل من قبل يهوذا المكابى في (2 مكا 14: 17). وأما سمعان: فقد حاصر مدينة بيت صور باعتبارها في آخر حدود المنطقة التي وُلّى عليها من قبل أنطيوخس السادس، حيث اضطر أهلها إلى الاستسلام فأمّنهم بعد أن افتتحها. (1)هذا ما يرويه كل من يوسيفوس وديودورس. ولا يعرف كيف استطاع استرداد ابنته كليوباترا، والتي كان من الممكن أن تصبح رهينة لدى الاسكندر، يساوم بها ويفاوض حميه ويضغط عليه، لقد أعطاها بطليموس فيما بعد زوجة لديمتريوس الثاني (كما مر بنا في الأصحاح السابق). (1)كان يوناتان موجودا في يافا رغم عدم استحواذه عليها حتى ذلك الوقت. (2)راجع سترابون (16: فصل 2: 12). (1)حسبما يروى المؤرخ ديودورس. (1)موسوعة مصر القديمة. سليم حسن/ج 16 . ص/280. (2)كان اصطلاح "العربية" يقصد به الصحارى الشمالية هناك. (2) Cooke NSI,272. (1)راجع حروب اليهود ليوسيفوس (4 فصل 9:9) وقد رد ذكرها في كثير من الكتابات اليهودية القديمة، على سبيل المثال (المشنا / مناحوت 8: 1). (1)حروب اليهود ( كتاب 2 فصل 20: 4 ) (1)حدث ذلك بسبب خطأ في قراءة الأسم (إيميلكو / أيميلخو / ملكوئيل / ملخوئيل..) لمزيد من التفاصيل عن الالتباس الذي حدث في قراءة الأسم. راجع: Jonathon, 1 Macc, P. 437 (1)يقترح الكاتب: "م. آفي يونا" أن الولاية الرابعة هي أرض طوب في عبر الأردن، انظر: يوناثان جولدشتاين / ص 439. (1)وفي ظل الاضطرابات المتعاقبة تمتعت عكا بدرجة كبيرة من الاستقلال سمحت لها بصك عملات خاصة بها. |
||||
31 - 03 - 2014, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام -
مكابيين أول 14 - تفسير سفر المكابيين الأول تكريم المكابيين في شخص سمعان المكابيبعد صراع طويل مع الأعداء في الداخل والخارج، ما بين مخالفى الشريعة المتأغرقين وبين الملوك السلوقيين، هدأت الأرض، فقد منح الملوك لليهود مزيدًا من الحريات، كما أخضع سمعان الأمم المجاورة من الوثنيين أعداء اليهود التقليديين والذين كانوا قد ثاروا من جديد عقب موت يهوذا المكابى، ولقد كانت سياسة سمعان تجاههم أكثر تشددًا من اخوته. وساس سمعان الشعب بالحكمة وسلك هو ذاته بالفضيلة، ساعيًا في تطوير شئون أمته والعناية بالبلاد والنهوض بها. ديمتريوس الثاني يقع أسيرًا 1وفى السنة المئة والثانية والسبعين، جمع ديمتريوس الملك جيوشه وسار إلى ميديا يطلب نجدة لمحاربة تريفون. 2وبلغ أرساكيس، ملك فارس وميديا، أن ديمتريوس قد دخل أراضيه، فأرسل بعض قواده ليقبض عليه حيا. 3فذهب وكسر جيش ديمتريوس وقبض عليه وأتى به أرساكيس، فوضعه في السجن. كانت ميديا وفارس تابعة أولًا للسلوقيين، ولكن أرساكيس انتزعها منهم ليضمّها إلى " الإمبراطورية البرثية" كما ضم إليها البلاد الواقعة بين الهند والفرات، فلّما أراد ديمتريوس محاولة استرداد العرش من تريفون لجأ إلى ميديا وفارس للحصول على مرتزقة من الجنود من بين أتباعه هناك، ويقال أيضا أن بعض من أتباعه أولئك أرسلوا يستنجدون به من ظلم أرساكيس، ويرى بعض الكتاب أنه بينما خرج ديمتريوس الثانى من سلوكية: خرج أنطيوخس الصغير من سوريا وتقابل الاثنان في المعركة، حيث انتصر ديمتريوس واستحوذ على المملكة في العام الأول، وفي العام التالي كون جيشًا وسار لملاقاة أرساكيس. انظر خريطة رقم (15). وأيا كان الدافع فإن أرساكيس أساءه دخول ديمتريوس إلى أراضيه دون إذن، فأرسل إليه قوة عسكرية بقيادة أحد قواده، وقد تغلب ديمتريوس في بادىء الأمر على هذه القوة ولكنه ما لبث أن وقع أسيرًا، حيث عامله أتباع أرساكيس في البداية بخشونة، فطافوا به البلاد في مواكب النصر إذلالًا له وتحذيرًا للرعايا من الخيانة. ثم ُأرسل إلى الملك في هركانيا فأحسن معاملته كملك وزوّجه من ابنته "رودوكون" شريطة ألاّ يغادر البلاد إلى سوريا، فأقام أسيرًا في هركانيا (جنوب بحر قزوين). حدث ذلك خلال الفترة من يونيو 141 حتى سبتمبر 140 ق.م(1) وقد بقى مأسورًا من سنة 138 إلى 129 ق.م. حين أعاده " فراتس" ابن ارساكيس ليحكم سوريا من جديد عدة سنوات قبل موته سنة 125 ق.م. وحتى ذلك الوقت كان الاقليم لتابع لديمتريوس يقع في غرب الإمبراطورية السلوقية محتشدًا بالقرب من الساحل للبحر المتوسط بما فيها كيليكية وشرائط من سلوكية الساحلية عبر صور(2)، بينما سيطر تريفون على أراضى سورية الداخلية متضمنة أنطاكية وأباميا، وكان له بالتأكيد ممر يصل إلى اليهودية وبطلمايس على الساحل، راجع (12: 40 - 13: 24). وقد رأى بعض اليهود أن سقوط ديمتريوس ملك أشور وبابل، في يد أرساكيس ملك ميديا، يشير إلى التحرر الكامل لإسرائيل، تبعا لنبؤات اشعياء النبي (10: 24 - 27 وص 13 و 14) وإرميا النبي (ص50 و 51). ولكن سمعان المكابى لم يتسرّع في اعتبار ذلك تحقيقًا لتلك النبوت، بل ظلّ متيقظًا إذ كانت الحرب مستمرة. وعند خروج ديمتريوس كان يغامِر بلا شك بترك الفرصة لتريفون للاستيلاء على اراضيه هو، وأن كان يأمل في عون أتباعه وكذلك في الجيوش التي لدى " كليوباترا ثيا" زوجته، وكذلك موالاة سمعان له، كما كان تريفون في الواقع قد أصبح ضعيفًا في ذلك الوقت. ولما سمعت كليوباترا زوجته أنه قد تزوج ابنة أرساكيس، تزوجت هي أنطيوخس السابع أخيه لتعينه على استعادة العرش، إذ كان أولادها حتى ذلك الوقت صغارًا لا يمكنهم القيام بذلك. أرساكيس Arsaces:اسم فارسى معناه "بطل" وهو لقب الملوك البرثيين نسبة إلى أرساكيس الأول مؤسس الإمبراطورية البرثية سنة 250 ق.م. والذي كان قد عصى على أنطيوخس ثيؤس وقتل الوالي السورى منشئا مملكة فارسية مستقلة، أما أرساكيس المذكور هنا فهو أرساكيس السادس والذي في عهده أصبحت مملكة فارس تهدد المملكة السلوقية، إذ قام بضم كل من بكتيريا وميديا وأرمينيا وعيلام وبابل، بل أصبحت إمبراطوريته منافسًا خطيرًا لروما نفسها، أما العلم الشخصي ل أرساكيس السادس هذا فهو "ميتريداتس الأول ملك البرثيين" (171 - 138 ق.م.) جاء الاسم أرساكيس في العبرية " أرشكّا ": وهو اللقب البابلي المناظر للإسم اليوناني " أرساكيس"(1)، وهو لقب عام يطلق على ملوك منطقة بابلوفارس في هذه الفترة كلقب فرعون للملوك المصريين. وتشير رسالة الرومانيين له في (1 مكا 15: 22) لإعلان تحالفهم مع اليهود على الاعتراف بمملكته من ناحية، وتحذيره من معاداة اليهود من ناحية أخرى. مآثر سمعان المكابى 4فهدأت أرض يهوذا كل أيام سمعان وسعى إلى خير أمته، فطاب لهم سلطانه ومجده كل الأيام. 5وفضلا عن ذلك المجد كله إتخذ يافا مرسى وفتح مجازا لجزر البحر. 6ووسع أراضى أمته وقبض بيده على البلاد 7وجمع أسرى كثيرين. استولى على جازر وبيت صور والقلعة وأخرج منها النجاسات ولم يكن من يقاومه.8كان الناس يفلحون أرضهم بسلام والأرض تعطى غلاتها وأشجار الحقول ثمارها. 9وكان الشيوخ يجلسون في الساحات يتحدثون جميعا عن الازدهار والشبان يتسربلون بالبهاء وبحلل الحرب.10أمد المدن بالميرة وعززها بالتحصينات. فذاع ذكر مجده إلى أقاصى الأرض. 11احل السلم في أرضه وسر إسرائيل سرورًا عظيما. 12جلس كل واحد تحت كرمته وتينته ولم يكن من يفزعهم.13لم يبق في الأرض من يحاربهم وقد سحق الملوك في تلك الأيام. 14كان نصرة لكل وضيع في شعبه وغار على الشريعة. واستأصل كل أثيم وشرير. 15عظم الأقداس وأكثر من الآنية المقدسة. لم يستمر الهدوء المشار إليه هنا طوال مدة حكم سمعان، بل ما لبث بعد أربعة سنوات أن عادت المتاعب من جديد لُتفضى إلى حرب (15: 39) ولكن البلاد بشكل عام كانت قد أصبحت أكثر استقرارا من ذي قبل، قارن (ملوك أول 5: 5) إذ سعى سمعان إلى تطهير البلاد من بقايا الأغرقة، ثم تطوير مرافق البلاد ونشر الأمن بين ربوعها، وبدا كحاكم عادل محب لرعيته محبوب منها، فقد كان في اتخاذه "يافا" مرسى له، الأثر الكبير في التحكّم في مداخل اليهودية، وذلك من خلال (جازر وبيت صور ويافا) كما وفّر هذا الميناء في يافا منفذا ذا قيمة للبحر (مجازا "معبرا" لجزر البحر/ آية 5) فأنعش التجارة ووطّد العلاقات ما بين اليهودية والدول الأخرى، وهو ما يمثل ازدهارا تجاريًا بشكل خاص واقتصاديا بشكل عام، وربما كان في ذلك تفسير "للمظاهر البحرية" التي كنت تزين قبر العائلة المكابية في مودين (أي نقوش السفن) وبدءا من ذلك الوقت ستتحكم صور وصيدا الفينيقية في الممر إلى البحر (حزقيال 27: 3) كما صار سكن اليهود في يافا تحقيقًا للنبؤة الواردة في (حزقيال 28: 25، صفنيا 2: 5 - 7). وقد أضاف سمعان إلى بلاده بعض المقاطعات والتي وهبها له السلوقيون، أو وافقوا على ضم اليهود لها، وقد كان في ذلك تحقيق لوعد الرب لشعبه متى حفظوا ما أوصاهم به: " فإني أطرد الأمم من قدامك وأوسع تخومك ولا يشتهى أحد أرضك. حين تصعد لتظهر أمام الرب إلهك ثلاث مرات في السنة" (خروج 34: 24). ويلاحظ أنه مع استقرار الأمور في البلاد وازدهارها، انتظمت الخدمة في الهيكل واتخذت الليتورجية مكانتها، حيث يؤكد ذلك في (آية 15) إذ أن تعظيم الأقداس المشار إليه هو التأكيد على احترام وتقدير الجانب الليتورجي، هذا من جهة الجانب الاحتفالي، وأما من جهة تقدير هذه الأقداس فقد ظهر في الهدايا والأواني التي ُأغدقت على الموضع. كما يعدّ استيلاء سمعان على جازر وبيت صور والقلعة (12: 32 و 13: 11 و 14: 34) وهي الحصون السلوقية الثلاثة، تأكيدًا (لحرية إسرائيل) إذ كان الوجود السلوقى فيها يمثل سلبًا للحرية والاستقلال، كما كان وجود الأصنام فيها يشكّل تدنيسًا للبلاد. وينتقل الثناء على سمعان بعد ذلك (آية 8) إلى التأكيد على الاستقرار الداخلي للبلاد، فقد كان " نتاج الأرض وثمار الأشجار" علامة سلام وفرح ورضى من الرب بل زرع لسلام الكرم يعطى ثمره والأرض تعطى غلتها والسموات تعطى نداها. وأملّك بقية هذا الشعب هذه كلها" (لاويين 26: 4 و حزقيال 34:27 وزكريا 8: 12). كما يجيء في هذا الإطار تعبير (جلس كل واحد تحت كرمته وتينته/ الآية 12) وهو تعبير شائع في أزمنة العهد القديم. يعكس حالة الرخاء والرفاهية التي يرفل فيها الشعب " بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون من يُرعب لأن فم رب الجنود تكلّم" (ميخا 4: 4) وأيضا "في ذلك اليوم يقول رب الجنود: ينادى كل إنسان قريبه تحت الكرمة وتحت التينة" (زكريا 3: 10). وأما عن "جلوس الشيوخ" فهو يعكس حالة الراحة والاستجمام، مثلما يعكس ازدهار الفن في بلد ما: استقرارها ورفاهيتها، كما كان تواجد الشيوخ في الساحات ومداخل المدن والقرى، عبارة عن مجالس للاستشارة والاستفتاء. بينما يظهر الشبان والفتيان والأطفال في مشاهد المرح مطمئنين "هكذا قال رب الجنود سيجلس بعد الشيوخ والشيخات في أسواق أورشليم. كل إنسان منهم عصاه بيده من كثرة الأيام وتمتلئ أسواق المدينة من الصبيان والبنات لاعبين في أسواقها" (زكريا 8: 4، 5) وكذلك (إشعياء 52: 1)(1). وفي (الآية 11) نجد لأنفسنا (نحن القراء الآن) استراحة ولو قصيرة، بعد أن ُارهقنا كثيرًا ونحن نتابع - لاهثين- أخبار الحملات العسكرية وانباء الدمار والقتل والأسر وقصص الخيانة المؤلمة، والتحولات السريعة التي غيرت خريطة المنطقة كثيرًا خلال فترات وجيزة، وبعد أن اشمئزت نفوسنا من أنهار الدماء وتناثر الجثث وقعقعة السلاح وطرقات المجانق المرعبة... الآن يحل السلام وتصفو السماء وتهدأ الأرض. راجع (إشعياء 27: 5 - 26 و مزمور 37: 11). وعن انسحاق الملوك وخمود الحروب، ربما كان في ذلك إشارة إلى (مزمور 8: 3 و 46: 10 و إشعياء 14: 4) فالملوك هم حكام الإمبراطوريات الأجنبية التي كان اليهود رعايا لها، راجع أيضا (1 مكا 8: 4). كما حقق سمعان من جهة أخرى نبوءة (إشعياء 11: 4) وكذلك حقق ما حققه سليمان (مزمور 72: 4) من حيث الاهتمام بالبؤساء والدفاع عنهم. وربما كان القصد من تعبير "غار للشريعة" (آية 14) هو سعى إلى الرب أو طلب الرب، وذلك تجنبا لذكر اسم الله صراحة كما مر بنا، راجع (أخبار الأيام الثاني 19: 3 و 22: 9 و30: 19). وفي النهاية تشبه عطايا سمعان للهيكل: عطايا سليمان للهيكل الأول (راجع: ملوك أول 6،7). وفي النهاية توجد إشارة هامة إلى حسم موضوع الحزب الهيللينى في أورشليم، ففي (الآية 14) إشارة إلى الغيرة على الشريعة واستئصال الأشرار، ثم الانتصار بالتالي للشريعة والطقوس ومحو آثار الأغرقة والتي كان أنطيوخس إبيفانس قبل خمسة عشر عامًا من ذلك التاريخ. وهكذا بدأت تبعث روح تقوية في البلاد من جديد تعلى معها كلمة الشريعة. راجع (13: 3 و 14: 29 و 2 مكا 13: 10، 14). تأكيد التحالف مع أسبرطة وروما من جديد 16وبلغ خبر وفاة يوناتان إلى روما وإسبرطة، فأسفوا أسفًا شديدًا. 17وبلغهم أن سمعان أخاه قد تقلد الكهنوت الأعظم مكانه وأن البلاد وما بها من المدن قد صارت تحت سلطانه، 18فكتبوا إليه في ألواح من نحاس، يجددون معه ما كانوا قد عقدوه مع يهوذا ويوناتان أخويه من المصادقة والتحالف. 19فقرئت الألواح أمام الجماعة في أورشليم 20وهذه صورة الكتب التي بعث بها الإسبرطيون. "من حكام الإسبرطيين ومن مدينتهم إلى سمعان عظيم الكهنة وإلى الشيوخ والكهنة وسائر شعب يهوذا إخوتنا سلام. 21لقد أخبرنا الرسل الذين أنفذتموهم إلى شعبنا بما أنتم عليه من المجد والكرامة، فسررنا بقدومهم. 22ودونّا ما قالوه في قرارات الشعب على الوجه التالي: قدم علينا نومانيوس بن أنطيوخس وأنتيباتير بن ياسون، رسولا اليهود، ليجددا ما بيننا من الصداقة. 23فحسن لدى الشعب أن يستقبل الرجلين بإكرام ويضع صورة كلامهما في سجلات الشعب العامة، لتكون تذكارا عند شعب الإسبرطيين. وقد كتبت نسخة منها إلى سمعان عظيم الكهنة".24وبعد ذلك، أرسل سمعان نومانيوس إلى روما، ومعه ترس كبير من الذهب قيمته ألف منا، ليقر التحالف بينه وبينهم. تأتى أخبار هذا التحالف في هذا المكان من الأصحاح، كإضافة إلى أمجاد سمعان والبواعث التي تحمل شعبه على تكريمه بالطريقة اللائقة كما سيجىء (في الآية 25) إذ أنه بعد وصول صورة وثيقة التحالف من أسبرطة إلى اليهود، قُرّت أعين اليهود بها متساءلين عما عساهم يفعلون مكافأة لقائدهم. وكانت الاتصالات الدبلوماسية قد استمرت لمدة عام، في رحلات مكوكية بدأ السفراء منذ أيام يوناتان، وواصلها سمعان أخيه وأكملها هركانوس بن سمعان (كما سيجيء) ولربما كان تأسَف الرومانيين والأسبرطيين بسبب فقدانهم يوناتان كصديق مخلص وحليف واعد، وربما أيضا بسبب مقتله غدرا، وسواء أكان سمعان هو الذي التمس تجديد المعاهدة في ذلك الوقت، أم بادر حكام تلك البلاد بها، فقد كانت الاتصالات مستمرة لم تتوقف. ولكننا نلاحظ أن حلقة من حلقات هذا النشاط الدبلوماسى جاءت عقب موت يوناتان المكابى، إذا سعى سمعان لتأكيد تحالف روما واسبرطة معه، على غرار ما فعل يوحنا هركانوس نفسه بعد موت سمعان أبيه غيلة، وقد رحل رسل سمعان إلى روما على متن أول سفينة بعد نهاية عواصف الشتاء. وهناك عدة ملاحظات بخصوص الوثائق في هذا التحالف، فلم يرد هنا نص الرسالة التي أرسلها سمعان، مثلما حدث في المرة الأولى مع يوناتان (12: 5) مما يعنى أن السفيران " نومانيوس وانتيباتر" كانا هناك في واحدة من "الرحلات المكوكية" الكثيرة التي تمت خلال العام الدبلوماسى، فمن المرجح أن سمعان لم يرسل لهم رسالة ولكن السفارة كانت سفارة يوناتان، ولم يكن من المنطقى أن يراسلوا سمعان قبل أن يعرفوا بموت يوناتان، الأمر الذي ربما قام به مسافر يهودي عادي وليس سفير رسمي من قبل سمعان، مما جعلهم يتأسفون على موته ويبدأون عندئذ في مخاطبة سمعان. ويقول الاسبرطيون في رسالتهم إلى اليهود، أنهم دونوا ما قالوه (أي السفراء)، وُوضعت هذه الوثيقة التي دونوها في دار الوثائق الاسبرطية (قرارات الشعب/آية 22) و(سجلات الشعب العامة/آية 23) وأرسل نسخة منها لليهود. وهكذا تسلم سمعان المكابى وثيقتين الأولى: ما دونه الأسبرطيون عندهم عن أحوال اليهود والثانية: إقرار التحالف بين الشعبين. أمّا عن إرسال سمعان إلى روما هدية بمناسبة اقرار التحالف، فقد ُيظن أن موضع الخبر هنا جاء متأخرا إذا كان يجب أن يذكر قبل أخبار الاسبرطيين، ولكنه يلاحظ في (الآية 16) أن الرسولان مرّا بالبلدين في ذات الرحلة، ولكن ُذكرت أسبرطة أولًا نظرًا لوجود وثيقة تحالف أوردت أولًا. ترس الذهب Golden shield: ترس توربينى الشكل يصنع من الذهب ويعطى كهدايا (مثل السعفة والتاج)، لاسيما للمعابد أما عندما يُقدّم للملوك والحكام فإنه يكون في شكل الترس الحربى المعروف، والذي يستخدم كواقى ضد السهام، وفي هذه الحالة لم يكن يستخدم في الحروب وانما يحفظ بين الهدايا في القصور وأن كان كل من سليمان ورحبعام قد امتلكا تروسًا حربية من الذهب. وعندما استولى شيشق ملك مصر على تروس رحبعام الذهبية صنع الأخير غيرها من النحاس لنفسه. وكان الترس ينقش عليه اسمى الواهب والمقدم له ومناسبة ذلك. وعندما أرسل تريفون ترس ذهب إلى روما، أملًا في أن يقرّوه في الملك، كتب الرومانيون على الترس أنه هدية!! أي أنه لا يعنى موافقتهم على سلبه للعرش. وكان وزن الترس الذي قدمه اليهود هنا إلى الرومان ألف منا (ألف رطل) أي ما يوازى نصف طن من الذهب. أما رد الرومان فقد جاء بعد ذلك وتجد نصه في (15: 16 - 24). تكريم سمعان 25فلما سمع الشعب ذلك قال: "بماذا نكافيء سمعان وبنيه؟ 26فلقد ثبت هو وإخوته وبيت أبيه، ورد عن إسرائيل أعداءه بالقتال، وأعاد إليه حريته". فكتبوا في ألواح من نحاس جعلوها على أنصاب في جبل صهيون. 27وهذه صورة الكتابة: "في اليوم الثامن عشر من شهر أيلول، في السنة المئة والثانية والسبعين" وهي السنة الثالثة لسمعان عظيم الكهنة السامى في حصرمئيل، 28فى مجمع عظيم من الكهنة والشعب ورؤساء الأمة وشيوخ اليلاد، ثبت عندنا هذا: 29"وقد وقعت حروب كثيرة في البلاد، فألقى سمعان بن متتيا من بنى ياريب وإخوته بأنفسهم في المخاطر، وقاوموا أعداء أمتهم، صيانة لأقداسهم والشريعة، وأولوا أمتهم مجدا كبيرا. 30وجمع يوناتان شمل أمته وتقلد فيهم الكهنوت الأعظم، ثم انضم إلى قومه. 31فهمّ أعداء اليهود بالغارة على أرضهم ليدمروا بلادهم ويلقوا أيديهم على أقداسهم. 32حينئذ نهض سمعان وقاتل عن أمته، وأنفق كثيرا من أمواله، وسلح رجال البأس من أمته ودفع لهم الرواتب. 33وحصن مدن اليهودية وبيت صور التي عند حدود اليهودية، حيث كانت أسلحة الأعداء من قبل، وجعل هناك حرسا من رجال اليهود. 34وحصن يافا التي على البحر وجازر التي عند حدود أشدود، حيث كان الأعداء مقيمين من قبل، وأسكن هناك يهودا، وجعل فيهما كل ما يلزم لمعيشتهم. 35فلما رأى الشعب وفاء سمعان والمجد الذي شرع في إنشائه لأمته، أقاموه قائدا لهم وعظيم كهنة، لما صنعه من ذلك كله، ولأجل عدله والوفاء الذي حفظه لأمته وسعيه إلى رفع شأن شعبه بجميع الوجوه. 36وفى أيامه تم النجاح عن يده بإجلاء الأمم عن البلاد وطرد الذين في مدينة داود بأورشليم، وكانوا قد بنوا لأنفسهم قلعة يخرجون منها وينسجون ما حول الأقداس ويمسون الطهارة مسا بالغا. 37وأسكن فيها جنودا من اليهود وحصنها لصيانة البلاد والمدينة ورفع أسوار أورشليم. 38وأقره الملك ديمتريوس في الكهنوت الأعظم، 39وجعله من أصدقائه وعظمه جدا، 40فقد بلغ الملك أن الرومانيين يسمون اليهود اصدقاء وحلفاء لهم وإخوة، وقد استقبلوا رسل سمعان بإكرام، 41وأن اليهود وكهنتهم قد حسن لديهم أن يكون سمعان قائدا، وعظيم كهنة للأبد، إلى أن يقوم نبي أمين، 42ويكون قائدا لهم ويهتم بالأقداس ويقيم منهم أناسا على الأعمال والبلاد والأسلحة والحصون 43(ويهتم بالأقداس)، وأن يطيعه الجميع وتكتب باسمه جميع الصكوك في البلاد، ويلبس الأرجوان والذهب. 44ولا يحل لأحد من الشعب والكهنة أن ينقض شيئًا من ذلك، أو يخالف شيئًا مما يأمر به، أو يعقد اجتماعًا بدون علمه في البلاد، أو يلبس الأرجوان وعروة الذهب. 45ومن فعل خلاف ذلك ونقض شيئًا منه فهو يستوجب العقاب. 46وقد رضى الشعب كله بأن يولى سمعان حق العمل بكل هذا الكلام. 47وقبل سمعان ورضى أن يكون عظيم كهنة وقائدا ورئيسا لأمة اليهود وللكهنة. ويكون على رأس الجميع. 48ورسموا أن تدون هذه الكتابة في ألواح من نحاس توضع في رواق الأقداس في موضع منظور، 49وتوضع صورها في الخزانة حتى تبقى في تصرف سمعان وبنيه". كان سمعان هو آخر الاخوة المكابيين الخمسة، وآخر الجيل الأول بالتالي من الحشمونيين، وبالتالي فإن تكريم سمعان هو في الواقع تكريم للعائلة المكابية، التي أخذت على عاتقها تحرير البلاد وتطهيرها وإعادة الكرامة للأمة بعد كل ما لحقها من الخزي والعار والدمار، حيث بدأ هذا الجهاد من أيام أنطيوخس إبيفانس الذي أساء إلى الأمة ممارسًا شتى وسائل القمع. وقد كتب الشعب في وثيقة التكريم ما يشبه العرض المختصر لمسيرة كفاح المكابيين، وذلك على ألواح من نحاس (إما منقوشة بالحفر وإمّا بارزة من خلال قوالب صُبت فيها من النحاس، وقد صنع منها عدة نسخ لُتوضع في أماكن متفرقة من جبل صهيون. جبل الهيكل) وحدث ذلك في الثالث عشر من شهر أيلول/سبتمبر سنة 140ق.م.(والذى يوافق 18 أيلول من عام 172 سلوقية) ومازال اليهود هنا مستمرون في التأريخ بسنة تولّى سمعان قيادة الأمة (السنة الثالثة لسمعان). حصرمئيل Asaramel:وفي العبرية "سرمال" أو " سر - عم - إيل " وتعني "رئيس شعب الله تماما"، وبالآرامية: " سر - يسرائيل" أي "رئيس إسرائيل" وبينما يظن البعض أنها تعني "قائد شعب الله" كلقب مُنح لسمعان، فإن البعض الآخر رأى أنه إذا كان: "حصر" هو "رواق" أو "فِناء" في حين أن "مائيل" تعني "شعب الله" فإن المقصود سيكون "فِناء شعب الله" أو "الفناء الخارجي للهيكل" وهو الذي قيل عنه (رواق القدس/ آية 48) حيث المكان المفتوح الذي وضع فيها نصب تكريم سمعان، وكان الحائط المتوسط بالتالي هو ذاك الحائط الذي أمر ألكيمس رئيس الكهنة بهدمه بإيعاذ من بكيديس القائد السلوقى، والذي يعد (أي الحائط) الحدّ الفاصل مع رواق الأمم (9: 54) ولكن آخرين يشيرون إلى أن حصرئيل أو سرمال تعني "تملك الله على شعبه" فيكون المعنى في الآية (27) هو السنه الثالثة لعودة الحكم لله (الانتصار للشريعة أو الحكم الثيؤقراطى). وكان الاحتفال شعبيًا مهيبًا على المستويين المدني والديني، ليس فقط لأن سمعان هو رئيس الكهنة، وإنما لأن اليهود كانوا في ذلك الوقت دولة شبه ثيؤقراطية، لا يمكن الفصل بين الدين والكهنوت فيها عن السياسة والدبلوماسية والجيش. هذا وقد شمل هذا التجمع العظيم مواطنين عاديين قوميين، قادة محليين، شيوخ اليهودية خارج أورشليم، كهنة، راجع في ذلك (حزقيال 19: 1 - 9 و 24: 1 - 9 و ملوك أول 20: 7، 8 و عزرا 10: 9 - 14 و نحميا 9: 1) قارن مع (نحميا 10: 1 - 29). الوثيقة: شملت الوثيقة تكريم الحشمونيين بوجه عام (آيات 29 - 31) ثم سمعان بوجه خاص (الآيات 33 - 35) ثم مديحهم لسمعان (آية 35) وتعليل ذلك بخدماته الأخرى (آية 36، 37) وإشارة إلى تثبيت ديمتريوس الثاني الملك السلوقى له في كهنوته ومنصبه (آية 38). فلقد قام الحشمونيون بالفعل بدور تاريخى لا يمكن إغفاله، فلقد غيروا وجه التاريخ اليهودي وأثروه، وبينما يجيء يهوذا المكابى في شجاعته وبسالته كمحارب في التاريخ بعد داود النبي، فإن المكابيين قد حققوا أكثر مما حققه داود إذا وضعنا في الاعتبار الظروف القاسية التي مرت بها البلاد في عصر المكابيين، وقد استمرت هذه الروح الثورية المتقدة بالروح الدينية، في نسل متتيا حتى هركانوس وابنه، وحتى هيرودس الكبير نفسه والذي كان خليط ما بين يهودي وأدومى كانت ما تزال باقية فيه بعض من سمات الحشمونيين. هذا وتشير (الآية 29) من جهة الشريعة والأقداس إلى الاخطار التي تعرض لها الهيكل والشريعة، لاسيما من قبل تعضيد ديمتريوس الأول:ل "ألكيمس" رئيس الكهنة الممقوت، وكذلك من جهة أعداء اليهود الوثنيين، ولكن الاخوة المكابيين قاموا بجهود جبارة في سبيل الانتصار للشريعة واكرام وقد تميّز المكابيون على كافة المستويات: العسكري والسياسي والدبلوماسى والديني والتقوى، حيث لم تقف الاتجاهات الدينية عند مستوى التعصب والقبلية، وانما تخطتها إلى السلوك التقوى، والذى وصل إلى ذروته إلى حد الاستشهاد من أجل الوصية، حتى أن الكنيسة اعتبرت الشهداء المكابيين شهداء مسيحيين قبل المسيحية! وإليهم أشار معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين (عبرانيين 11). وعنهم تكلم العديد من القديسين مثل يوحنا ذهبي الفم وغريغوريوس أسقف نيصص وغيرهم. وتعيد لهم الكنيسة القبطية في الحادى عشر من شهر بشنس، بينما تعيد لهم الكنيسة اليونانية في أغسطس من كل عام. سمعان يواصل المسيرة: ولم يكن سمعان أقل جرأة من أبيه واخوته، رغم ميله إلى السياسة والبناء الداخلي أكثر من العمليات العسكرية، إلاّ أن جميع القادة المكابيين كانوا يجدون أنفسهم في ساحة القتال أكثر مما يجدونها في ثياب الأرجوان وعروش السلطة، وقد حلّ الجيش النظامى الدائم في أيامه محلّ التجنيد العام (التعبئة العامة) والذي يحدث كلما تعرضت البلاد لخطر خارجي، ويفسر لنا ذلك كيف أنفق سمعان من أمواله (آية 32) حيث كان مصدر ثراءه: الغنائم التي حصل عليها من الحروب التي خاضها، وُيعرف نفس الشيء عن أغسطس قيصر، وكانت اسهامات الملوك في ذلك الوقت من مالهم الخاص هذا مبعث رضى وفرح عند الرعايا، وهكذا خصّص سمعان قسمًا كبيرًا من أمواله للجيوش، وهو تطّور استراتيجى في حد ذاته جعله أيضا يؤمّن حدود دولته ويجعل منها حصونًا لصدّ الأعداء، بعد أن كانت حصونًا يحتلها الأعداء، ويضايقون البلاد من خلال حامياتهم العسكرية فيها. وفي تعيين اليهود لسمعان قائدًا ورئيسًا للكهنة، ينتقل الكهنوت بهدوء وقوة إلى العائلة المكابية، ويعنى ذلك توريث الكهنوت للعائلة، راجع (مزمور 32: 13 و صموئيل الثاني 7: 12، 13) كما أن امتيازات الشعب لسمعان وورثته ستكون نهائية (11: 36) وكذلك تشريعاته الآتية سيصبح لها قوة القانون (آيات 41، 44)، فهو أول من تقلد هذا المنصب بإرادة الشعب أجمع، ولم يقف عند حد تعيين الحكام السلوقيين له، ولربما كان هتافهم بمبايعته عقب أسر يوناتان، جاء وليد اللحظة والحاجة، أمّا هنا فهم يقرّرون ذلك عن طيب خاطر، بعد أن أكد لهم - عمليا - أنه جدير بهذه الثقة. وتعود وثيقة التكريم لتنسب إلى سمعان المآثر التي من أجلها كان لزامًا على الأمة تقليده هذه الكرامة، ولعل أعظم المآثر له في نظرهم هي نهاية الاحتلال السلوقى والوجود السلوقى في أورشليم من خلال قلعة (عكرة) هناك. أمّا النجاسات التي رفعها سمعان من تلك القلعة (آية 26) فهي تدنيسجنودها الموضع بارتكابهم أعمالًا مشينة وكذلك النجاسة الناتجة عن جثث قتلاهم من اليهود هناك، وأما عن الأعداء الذين تخلص منهم سمعان: فهم ديمتريوس الأول ثم ديمتريوس الثاني ثم تريفون ثم أنطيوخس الخامس وليس المقصود هنا بالطبع أنه قتلهم، بل سعى في انقاذ بلاده من شرورهم، وبالتالي فالانتصارات المشار إليها هنا (آية 31، 36) هي التي تمت بداية من الأصحاح التاسع. ومع أن الكثير من اليهود الأتقياء لم يروا في سمعان عهد تحقيق النبوة الواردة في (زكريا 9: 8) إلاّ أن جميع اليهود كانوا متفقين على أن سمعان قد مجّد إسرائيل بنزع عار الاحتلال السلوقى المتمثل في قلعة "عكرة" وكذلك مجدها بتحصين أورشليم (7: 13 و 13: 49 - 52). ديمتريوس وسمعان: كان ديمتريوس قد أقر سمعان بالفعل في رئاسة الكهنوت (13: 36 - 40) ومنحه هو وبلاده العديد من المزايا، ولعّل المقصود في الآية (40) هو كل من الرومانيين والإسبرطيين معا، كما يلاحظ ذلك في (الآية 16 وما بعدها) ويتساءل البعض إن كان ديمتريوس قد سمع بالتطورات في اليهودية في عهد سمعان، وهو مأسور في برثية، فإنه لم يكن لديه أية صلاحيات ليقيم رئيس كهنة أو منح أية امتيازات، ولكن الامتيازات التي منحها ديمتريوس لسمعان هي المذكورة في (الآيات 38 - 40) وأما الامتيازات التالية لذلك فلربما سمع بها وهو في الأسر، حيث بقى هناك حتى سنة 129 ق.م. ومن ثم فلم يكن بإمكانه القيام بأية تحركات إزاء ذلك. قيام النبي: مازال المكابيين حتى ذلك الحين، ينتظرون النبي الأمين، والذي سيأخذ على عاتقه سؤال الله والسماع منه لتبليغ الأمة، في حين يقوم الكهنوت برفع التقدمات والذبائح والصلوات والاعترافات لله، وبهذا تكمل الدائرة، فيأخذ النبى من الله إلى الشعب ثم يقوم الكاهن بالأخذ من الشعب إلى الله، والنبى الذي ينتظرونه هنا هو أيضًا الذي يجب أن يسألونه فيما يتعلق بالحجارة التى تدنست بذبائح أنطيوخس إبيفانس الوثنية، فعند تطهير الهيكل هدم مذبح المحرقة، ووضعت حجارته في مكان خاص حتى يأتي النبي ويشير بما يجب أن يتم بخصوصها. ولكن الحديث عن قيام نبي هنا، فيه إشارة إلى تسوية بين جماعة الحشمونيين والأحزاب اليهودية الأخرى، والتي كانت تتوقع ظهورًا معجزيًا ثانيًا لسلالة داود، بحسب نبؤات الأنبياء، وربما نبوءة دانيال " ابن الإنسان" وفي تلك الأيام وما قبلها كان مؤسس السلالة الملكية الإسرائيلية يجب أن يكون معيّنًا (ممسوحًا) من نبي حقيقي، مثلما حدث مع داود، في حين أنه لم يكن في زمن سمعان نبي حقيقي معروف ما يزال على قيد الحياة. العجيب أن يوحنا هركانوس لاحقًا قد زعم أنه نبي حقيقي!(1). ولكن الانتظار سوف يستمر إلى أن يأتي السيد المسيح وهو النبي والكاهن معًا، هو الذبيح وهو الذبيحة، وهو الله، ولكنه سينهى الكهنوت الللاوي بكامله وإلى عنده تتوقف النبوة ليحل محلها التعليم.(1) وأما عن تكرار تعبير "يهتم بالأقداس" في كل من الآيتين (42، 43) فيجب ملاحظة أن المقصود في الأول هو "الخدمة الكهنوتية" بينما يُقصد في الثانية "صيانة الأقداس" وتأتى في ترجمة الفولجاتا عبارة يهتم بالأقداس: يتولى الأقداس، وفي الترجمة الحديثة للأسفار والتي نشرها دار الكتاب المقدس في القاهرة تأتى: "صيانة الأقداس".(3) يلاحظ في وثيقة التكريم هذه، الإشارة أكثر من مرة إلى الكهنة، ففي (الآية 28) يرد "في مجمع عظيم من الكهنة" وفي (الآية 44) يرد "لا يحلّ لأحد من الشعب والكهنة أن ينقض شيئًا من ذلك" أمّا (آية 47) فقد ورد فيها: رضي سمعان أن يكون رئيسًا لأمة اليهود و"الكهنة" ويكون على رأس الجميع. كما يلاحظ ذلك أيضًا في المكاتبات التي صدرت عن قادة اليهود مع الأمم الأخرى. ويشير ذلك إلى أن انتقال الكهنوت من عائلة أونيا إلى عائلة الحشمونيين، ولم يكن سهلًا، ولربما بقى الكثير من الكهنة أتباع أونيا ممتعضين من تحول الكهنوت عن بيت أونيا، مستمرين في ولائهم له، ولذلك فإن القرار التكريمى هنا يؤكد حسم هذه القضية، وانما بشكل غير مباشر بل يهددّ بالعقوبة لكل من يناوىء ذلك (آية 45). وأخيرا تشير النسخة التي ُوضعت في الخزانة إلى أن الأخيرة كانت مستودعًا لجميع الوثائق الداخلية والخارجية، والتي عليها اعتمد كاتب السفر، كما كانت مستودعًا لجميع كنوز الهيكل وهداياه وأمواله وكانت خزينة الهيكل هي المرجع الأساسي فيما يختص بالأسفار التاريخية في الكتاب المقدس مثل سفرى صموئيل وسفرى الملوك وأخبار الأيام وغيرها راجع (2 مكا 3: 6). كما تم عمل نسخ من ألواح النحاس هذه لتثبت على أنصاب (أعمدة/ شواهد) في أكثر من موضع على جبل صهيون كلوحات تذكارية. (1)يرى البعض أن ديمتريوس فام برحلته هذه إلى الشرق في فصل الربيع، لأنه موسم خروج خروج الملوك لحملاتهم الدعائية، راجع 2 صم 11: 1). (2)كان ديمتريوس الأول قد استعاد مادي للمملكة السلوقية سنة 161 سلوقية حين سحق المتمرد "تيماركوس"، وكان الفارسيون يجتاحون مادي ولهذا كان ديمتريوس الثاني يصدهم، وكان هناك ولاء للبعض تجاه المملكة السلوقية مستجيرين من وحشية الفارسيين، حيث حث المقدونيين واليونان هناك ديمتريوس الثاني على قتال أرساكيس. (1)kugler340 (1)وعن الرخاء ووفرة المؤن والميرة، راجع (حزقيال 36: 33 - 35، ملوك ثان 11: 5 - 12). (1) راجع الفقرة الأخيرة في الأصحاح السابق. (1)كلمة أو اصطلاح نبوة في أسفار العهد الجديد يعني التعليم. (3)ظن بعض الشراح أن التكرار في الآيتين 42، 43 هو خطأ من النساخ. إلاّ أنه اعتقاد في غير محله. |
||||
31 - 03 - 2014, 06:09 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام -
مكابيين أول 15 - تفسير سفر المكابيين الأول أنطيوخوس السابع يتخذ دوره في الأحداثيعود الصراع من جديد بين الحكام السلوقيين، فقد دارت الدائرة على تريفون ليقترب من نهايته، بينما يبدأ خليفته أنطيوخس السابع في مضايقة اليهود، بعد أن سعى إلى التحالف معهم في البداية. وهكذا لم يستمر الهدوء الكامل في اليهودية سوى بضع سنوات. أنطيوخس يراسل سمعان 1وبعث أنطيوخس بن ديمتريوس الملك بكتاب من جزر البحر إلى سمعان الكاهن، رئيس أمة اليهود، وإلى الشعب كله، 2وهذه فحواه: "من أنطيوخس الملك إلى سمعان عظيم الكهنة، رئيس الأمة، والى شعب اليهود سلام. 3لما كان قوم من ذوى الفساد قد تسلطوا على مملكة آبائنا، وأنى أريد أن أطالب بالمملكة حتى أعيدها إلى ما كانت عليه من قبل، وأنى حشدت جيوشا كثيرة وجهزت أسطولا للحرب، 4وأنى عازم على النزول في البلاد لأنتقم من الذين دمروا بلادنا وخربوا مدنا كثيرة في مملكتى، 5فإنى أقر لك كل إعفاء منحك الملوك إياه من قبلي وكل ما أعفوك منه من التقادم. 6وقد أذنت لك أن تضرب نقودا خاصة تكون متداولة في بلادك. 7وأن تكون أورشليم والأقداس حرة، وأن يبق لك كل ما صنعته من الأسلحة وبنيته من الحصون التي تشغلها، 8وأن تعفى من كل ضريبة ملكية كانت فيما سلف أو تكون فيما يأتي على طول الزمان. 9وإذا فزنا بمملكتنا، عظمناك أنت وأمتك والهيكل تعظيما كبيرا، حتى يتلألأ مجدكم في الأرض كلها". أنطيوخس السابع يورجيتيس (39 - 129 ق.م.): ويلقّب بالسيديتى نسبة إلى مدينة "سيدن" في بمفيلية حيث عاش هناك أولًا (1)، وهو ما يفسر لنا كيف ارسل لسمعان (من جزر البحر/آية 1) ويقصد بتعبير جزر البحر في الكتاب المقدس العبري: جزر وسواحل بحر إيجا وسواحل البحر المتوسط. انظر خريطة رقم (15). وأنطيوخس هذا هو الأخ الأصغر لديمتريوس الثاني. وعندما بلغ "كليوبطرة ثيا" زوجة ديمتريوس الثاني أن الأخير قد تزوج من رودوكون (روديجين) ابنة ميترادتس ملك برثية، راسلت هي أنطيوخس تعرض عليه الزواج منها وأن تعينه على استرداد عرش أبيه وأخيه ديمتريوس، وكانت هي في ذلك الوقت حبيسة في مدينة (سليوس) مع أطفاله الصغار والذين لم يكونوا قادرين بعد على القيام بمهمة استرداد العرش وحكم البلاد، وفي حين أن أنطيوخس هذا كان ما يزال في العشرين من عمره في ذلك الوقت، إلا أنه كان شجاعًا طموحًا قوى الشخصية(2). وعند ذلك قام أنطيوخس بدوره بمراسله سمعان المكابى ليحصل على تأييده، واستطاع استردد العرش بسهولة سنة 138ق.م. إذ كان تريفون قد انغمس في اللذة واللهو فمقته شعبه وجنوده، غير أن أنطيوخس ما أن شعر ببوادر النصر حتى نقض ما أبرمه من اتفاقات مع اليهود ودخل في حرب معهم هُزم فيها أولًا، ثمّ أعاد الكرّة في أيام هركانوس بن سمعان فاضطر إلى مهادنته مقابل جزية يدفعها. وتعاونا معًا على استرداد بعض مما كان للسلوقيين في المملكة البرثية، حيث استطاع بالفعل استرداد بابل، وهنا أطلق البارثيين سراح ديمتريوس أملًا في عودته إلى العرش وصرف نظر أخيه الصغير عنهم، ولكنه قتل في معركة له مع البارثيين سنة 128 ق.م. غير أن "فرآت" ملكهم أرسل جثته في تابوت من الفضة اكرامًا له ليدفن في إنطاكية. وقد انتزع أنطيوخس هذا لقب "الملك"، إذ سقط أخيه أسيرًا في يد الفارسيين تاركا العرش في إنطاكية مهزوزا، في وقت كان فيه تريفون يرتع في لهوه. وكانت تلك الظروف أكثر تردّيًا من تلك التي أعقبت مقتل سلوقس الرابع، فالتحديات التي كانت تواجه انطيوخس السابع كانت أكبر من تلك التي واجهها أنطيوخس الرابع (خليفة سلوقس)، فتريفون ما يزال يسيطر على قسم كبير ومعه جيشه، وعليه أن يعرض امتيازات أكثر لليهود ليضمن تحالفهم، وهو يحتاج أيضًا إلى جيش كبير. كانت رسالة أنطيوخس الأولى إلى سمعان واليهود، رسالة تودّدية، بادر هو بها للتحالف مع اليهود في الوقت الذي كان يسعى فيه جاهدًا حتى يفوز بعرش أجداده، وقد أقر في رسالته بجميع ما كان اليهود قد حصلوا عليه من امتيازات، ويعلّل حربه ضد تريفون بالفساد الذي سببه الأخير في البلاد، وقد كان محقًا في ذلك إذا كانت المملكة السلوقية كثيرًا في عهد تريفون بسبب حكمه الجائر من ناحية، وميله إلى الترف واللهو من ناحية أخرى، وهكذا آلت البلاد إلى حالة من التردى والاحتقان، وفيما كان تريفون يسلك على هذا النحو متشبهًا بمن سبقوه مثل ديمتريوس الأول ثم ديمتريوس الثاني والاسكندر بالاس، كان في الحقيقة غافلًا عن الخطر الذي يمكن أن ينجم عن كليوبطرة والتي عاشت بمأمن من بطشه. ويمنح أنطيوخس لسمعان امتيازًا جديدًا وهو سك عملة خاصة باليهود، حيث كانت ما تزال العملات السلوقية هي المتداولة حتى ذلك الوقت، بل ويَعده بمزيد من الكرامة والهبات متى تحقق له مراده بإزاحة تريفون من على عرش سوريا. وهكذا سعى أنطيوخس إلى تأمين جانب اليهودية لئلا يسرع تريفون بالتحالف معهم ضده مما قد يحول دون نجاح مسعاه، ومن ناحية أخرى فلعله يحتاج إلى معونة عسكرية يهودية، إذ كان قد أصبح لهم بالفعل جيشًا قويًا يمكن الاعتماد عليه، ولكنه ولكن من أين استطاع أنطيوخس تجهيز الجيوش والاسطول؟ ربما جاء قسم من الجيش من المرتزقة، بينما سعى المستثمرين للوقوف إلى جانبه أملًا في مشاركته بعد ذلك في ثروة الإمبراطورية السلوقية، فهل نجح في استقطاب المرتزقة والبحارة المتمرسون في مدينة سيدن والتي اتخذها مقرًا له؟ وبذلك يبدو كقرصان ينطلق بعمله من قاعدة سيئة السمعة؟ وبينما اتخذ في حملته دور المنتقم من ظلم تريفون، فإن اليهود رحبوا بتلك القوة التي تعاقب تريفون الذي اغتال يوناتان، فانضموا إليه ولكنه وما أن فرّ تريفون قدامه حتى تبخرت جميع تلك الوعود. أورشليم والأقداس حرة (آية 7): يقصد ب "حرّة " هنا معاني مثل (ذاتية/ ذات حكومة محلية/ ذات شرائع خاصة بها/ معفاه من الضرائب/ مقدسة/ لها الحق في أن تكون ملجأً). ويأتي ذلك في إطار تثبيت انعامات الملوك السابقين والاضافة عليها والوعد بالمزيد متى آل إليه الحكم، ولكنه لم يفعل!! تطورت وسائل البيع والشراء من استبدال المنتجات بالحبوب والحيوانات وغيرها، إلى استنباط العملة كوسيلة فعالة في هذا الإطار وذلك في أنحاء المملكة الواحدة، مع وجود بعض العملات العالمية مثل تلك التي كانت في "سيدن" في بمفيلية. أمّا كلمة عملة في العبرية فتأتى "ساكار" وهي كلمة تعني "أجرة" راجع (إشعياء 40: 10). ويرجّح أن تكون العملات الأولى قد تم سكها قبل عام 700 ق.م. بقليل في "ليديا" حين سُكّ عليها رأس أسد، وهي العملة التي أطلق عليها اليونانيين اسم: (الدينار المديني) وكان مصنوعًا من الالكتروم، في تلك الفترة استخدم اليونانيون عملات فضية غير منتظمة الشكل والسمك، كما أصدر الليديون ثم "البرجيون" العملات الفضية على ذلك النحو، وكانت تشبه تلك التي استخدمها اليهود بعد ذلك، وفى القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد تداولت عملة بدأت من عهد داريوس تسمى "دارِك" يظهر فيها الملك مرتكزًا على ركبة واحدة ممسكًا بقوس ورمح، ولعلها من أولى العملات التي تداولها اليهود. وعندما عاد اليهود من السبي حملوا معهم كميات كبيرة من العملات التي كانت هناك (عزرا 2: 68) وبعد ذلك بوقت قصير استخدم اليهود عملات جديدة مثل "الشاقل" و"الطالن" راجع (عزرا 8: 27 و نحميا 7: 70 - 72). وفي بعض المخازن الاثرية بجوار البحر الميت وجدت الكثير من العملات اليونانية والتي كانت قد أصبحت وحدة قياسية بسبب وزنها الثابث من الفضة النقية، وفي أواخر عهد "برجيا" (350 - 332 ق.م.) سُكّت عملات صغيرة في اليهودية لها تصميم مشابه لتلك المستخدمة في أثينا، وذلك بتصريح من السلطات البرجية، حيث كان اليهود في ذلك الوقت يتمتعون ببعض الحريات، وقد كان ممكنًا أن يصدروا عملات اكبر وذات رسوم قومية، إذ كانت حريتهم اكبر، وقد تم العثور على إحدى العملات - ربما في غزة - نقشت عليها نقوش أرامية يحتمل أن تكون قد سكت في اليهودية بمعرفة حاكم برجيا هناك، حيث يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، إذ تشير مواصفاتها إلى وجود دار لسك العملات في اليهودية، ورسم على وجهها زهرة السوسن (والتى وجدت بكثرة في تلك الحقبة) كما كتب عليها لفظة (يهود). وقد وردت كثيرًا في التلمود أخبار تلك العملات. وكان فيلبس (أبو الاسكندر الأكبر) قد أصدر عملة فضية، يظهر على أحد وجهيها صوره الإله أبوللو بينما على الوجه الآخر صورة فارس أو جواد، ولم يشأ أن يضع صورته خوفًا من الآلهة لئلا تسلبه عرشه، أما الاسكندر فقد وضع صور الأساطير اليونانية، ومن بعده ظهرت صورته على العملات، والتي كانت بمقدار" تترا دراخمة". أمّا في الحقبة التالية للإسكندر (البطالمة والسلوقيون) فقد أصدر بطليموس فلادلفوس عملة تحمل صورة الإلهة أثينا إلهة الحكمة وذلك لرغبته في انشاء مكتبة ومركزًا علميًا والمكتبة الشهيرة في الاسكندرية، أما السلوقيون فقد قاموا بسك عملة ظهر فيها الاله هركليس، كما قام سلوقس الأول أيضًا بسك عملة تحمل صورته وفي رأسه قرن (رمز القوة) وقد استخدمت اليهودية العملة المصرية عندما كانت تابعة للبطالمة، وفي عام 198 ق.م. انتزع أنطيوخس الثاالث أورشليم من يد البطالمة، وبالتالي تأثرت العملة اليهودية بالاحتلال السلوقى. وما أن حصل اليهود على الاستقلال بعد يهوذا المكابى حتى جاء التفكير في سك عمله يهودية خالصة، ولكنه ورغم الامتياز الذي منحه أنطيوخس السابع هنا لسمعان بسك عمله يهودية، إلاّ أن هذا الامتياز لم يوضع موضع التنفيذ في ذلك الوقت، وفي سماح أنطيوخس لسمعان هنا بسك العملات، كان يقصد العملات البرونزية فقط (ربما لأنها محلية) وذلك لأنه جعل أورشايم فقط حرة وليس اليهودية كلها، ولكنه على الأرجح لم يتمكن من سك تلك العملة إذ سحب أنطيوخس هذا الامتياز منه بسرعة، بل ربما واجه سمعان أيضا اعتراضات بعض اليهود المتشددين والذين ذكرّوه بأن الشريعة تمنعهم من ضرب عملات لأنفسهم (خروج 20: 4 و تثنية 5: 8) بل أن كثير من الملوك سلالة الحشمونيين قد تشككوا في مسألة العملة بسبب ما ورد في (حجى 2: 8): " لي الفضة ولي الذهب يقول الرب". ويرى البعض أن العملات اليهودية التى عثر عليها (وترجع إلى الحقبة التالية) وتحمل نقوشًا عبرية، ترجع إلى عهد هركانوس (135 - 105 ق.م.) حيث يحتمل أن يكون قد سكها إعلانًا للاستقلال التام بعد موت أنطيوخس السابع هذا سنه 129ق.م.، وكانت تلك العملات قد نقش عليها عبارة "يوحنا رئيس الكهنة وجماعة اليهود" حيث تشير العبارة إلى أن هركانوس هو رئيس كهنة أولًا ثم ملكًا، كما حملت بعض العملات اسم "يهوذا" وهو الاسم العبري لأرسطوبولس بن هركانوس، وظن بعض العلماء أن يوحنا - المذكور في بعض هذه العملات - هو الاسكندر جنايوس، والذي كان اسمه اليهودي هو "يوحنان" ثم "يهوذا" والذي يقصد به ابنه أرسطوبولس الثاني والذى كان اسمه اليهودي "يهوذا". وأشار بعض العلماء إلى أن النقوش الموجودة في العملة التي تم سكها في (خزينة بيت صاحور) تقول "رأس جماعة اليهود" من المحتمل ألاّ تكون قد استخدمت قبل عام 47 ق.م.، أي أن العملات اليهودية لم تسكّ أيام هركانوس أيضا.!! على أنه من المؤكد أنه قد تم سك عملات يهودية في أيام الاسكندر جنايوس (103 - 76 ق.م.) لأن اثنتين منها وجدتا في (يافا وجدعون) وقد ظهرت في عهده عملة عليها وعائين قرنِي الشكل وشجرة رمان، وعملة أخرى كتب عليها لقب "ملك" بنقوش عبرية ويونانية والبعض الآخر نُقش عليه (يوحنان رئيس الكهنة وجماعة اليهود). وقد تنوّعت أشكال وأحجام العملات اليهودية، ما بين كبير وسميك إلى صغير وأقل سمكًا (فى زمن الاضطرابات) وقد سكت كميات كبيرة من العملات الصغيرة والتي صارت متداولة إلى أيام السيد المسيح مثل الفلس (مرقس 12: 41 - 44) وكانت مصنوعة من البرونز والنحاس، رسم عليها "الشمس الساطعة" إشارة إلى شمس البر "ملاخى 4: 2" "ومرساة السفينة" إشارة إلى صدق مواعيد الله. وعندما استقل انتيغونوس الحشمونى بالحكم بمساعدة البرثيين في أوائل الثلاثينيات ق.م. قام باصدار عملة خاصة به، كتب على أحد وجهيها "متياس رئيس الكهنة وجماعة اليهود" حيث أن متياس هو اسمه العبري، وأما الوجه الآخر فقد كتب عليه "أنتيغونوس الملك" وذلك باللغة اليونانية، وكان أنتيغونوس هو أول من نقش المنارة ذات الفروع السبعة على العملات. أنطيوخس السابع يطارد تريفون 10وفى السنة المئة والرابعة والسبعين، خرج أنطيوخس إلى أرض آبائه، فاجتمع إليه جميع الجيوش، حتى لم يبق مع تريفون إلا نفر يسير. 11فتعقبه أنطيوخس الملك، فمضى هاربا إلى دورا التي على البحر، 12لعلمه بأن الشرور قد تراكمت عليه وأن الجيوش قد خذلته. 13فعسكر أنطيوخس عند دورا، ومعه مئة وعشرون ألفا من رجال الحرب وثمانية آلاف فارس. 14وطوق المدينة وتقدم الأسطول من جانب البحر، فضايق الخناق على المدينة برا وبحرا ولم يدع أحدا يدخل أو يخرج. حدث ذلك في العام 139/138 ق.م.(1) يؤكد ذلك أن أقدم عملات اكتشفت لأنطيوخس هذا كملك ترجع إلى عام 138 ق.م. وكانت كليوبطرة زوجة أخيه هناك وكافة الشعب والجيوش قد ضاقت به ذرعًا، وقد منع تريفون أنطيوخس في البداية من الوصول إلى سلوقية بسبب استيلاء الأول على المدن الساحلية، كما أن كليوباترا لم تتعاطف معه في البداية، إلا أنها ما لبثت أن تعاطفت معه متخلية عن تريفون، ومن ثم فقد قام أنطيوخس بمطاردته. وما أن وصل أنطيوخس إلى سلوقية حتى هرب جميع جنود تريفون إلى أنطيوخس: " السلوقى الشرعي المطالب بحقه". وقد حذا حذوهم الكثير من جيوش البلاد التي كانت تمقت تريفون. وهو ما يفسر لنا العدد الكبير لجيوشه (آية 13). مدينة بيروت (لبنان): ويرد في التاريخ أنه من فرط يأس (تريفون) قام بإحراق مدينة "بيروت" وذلك قبل التجائه إلى "دورا". وقد اهتم الكثير من العلماء بتحقيق مدينة بيروت هذه التي أحرقها، حيث خلص أكثرهم إلى أنها بيروت الحالية، وأن موقعها في العهد السلوقى هو موقعها ذاته في العصر الروماني، وفي الحفريات التي قام بها دكتور "روفيه" الفرنسي، فيما وراء الغدير، عثر على آثار فينيقية قديمة ومسكوكات ُكتب عليها ما يشير إلى أن المدينة كانت هناك وأنها كانت تسمّى "لاذقية كنعان" كما عثر هناك على مدافن فينيقية وأواني خزفية عليها أحرف فينيقية، وما برح مجتهدًا في التنقيب لفترة طويلة. هذا وكان اسم "لاذقية كنعان" خاصًا بذلك المكان المعروف الآن ب"العواميد" بالقرب من الطنطورة (2). وبيروت وان لم تكن مدونة بالاسم في الكتاب المقدس، إلا أنها معروفة في التاريخ القديم، فقد حكمها في فترة ما: حاكم مصري، وفيها ُعقدت محكمة من خمسين قاضيًا لنظر شكوى هيردوس الكبير ضدّ ابنيه، حيث أدانتهما وحكمت عليهما بالاعدام، كما قضى تيطس القائد الروماني عيد ميلاده هناك محتفلًا بتدمير أورشليم!. وتدعى أحيانا "بيروث". دورا Dor: مرفأ هام على ساحل البحر المتوسط في جنوب الكرمل، وكان ملك دورا واحدًا من الملوك الكنعانيين الذين تصدّوا ليشوع عند مياه ميدوم، ولكنه هُزم وأعطيت أرضه لبسط منسى، وذلك في القرن الثالث عشر قبل الميلاد (يشوع 11: 2 و 12: 23 و 17: 1 - 13). وكانت المدينة وقتها تشمل مرتفعات دور وعين دور (أخبار الأيام الأول 7: 29) وفي القرن العاشر كانت في حوزة الإسرائيليين حيث كانت العاصمة الإقليمية لكونها مرفأً مزدهرًا (ملوك أول 4: 11). وبعد ذلك أنتقلت إلى الحكم الأشورى ثم الفارسى ثم السلوقى، وأخيرًا إلى الرومان وذلك في عهد الاسكندر جنايوس ثم أصبحت ولاية رومانية سنة 63 ق.م. (راجع التعليق على 13: 2). ويقال أنها هي الطنطورة على مسافة 16 كم شمال قيصرية بقرب عكا، وقد قام بالكشف عنها اثنان من العلماء أحدهما بريطانى سنة 1920م، والآخر اسرائيلي سنة 1980م. وتسمىّ الآن "خربة البرج". إلى هناك هرب تريفون ولعله أراد الافلات بعد ذلك من خلالها بسفينة، فعندما اشتد الحصار عليه برًا وبحرًا من خلال أنطيوخس، ولم يكن معه سوى نفر قليل من مناصريه، استطاع الافلات فعلًا بسفينة إلى أرطوسياس كما سيجيء (في الآية 37). إعلان التحالف مع روما وقدم نومانيوس والذين معه من روما ومعهم كتب إلى الملوك والبلاد15، كتب فيها ما يلى: 16"من لوقيوس، قنصل الرومانيين، إلى بطليمس الملك سلام. 17لقدأتانا رسل اليهود أصدقائنا وأنصارنا يجددون قديم المصادقة والتحالف، مرسلين من قبل سمعان عظيم الكهنة وشعب اليهود، 18ومعهم ترس من ذهب قيمته ألف منا. 19فلذلك رأينا أن نكتب إلى الملوك والبلاد أن لا يسعوا للإساءة إليهم ولا يشنوا عليهم حربا ولا على مدنهم وبلادهم ولا يناصروا من يحاربهم. 20وحسن لدينا أن نقبل منهم الترس. 21فإن فر إليكم من بلادهم بعض من رجال الفساد، فأسلموهم إلى سمعان عظيم الكهنة، ليعاقبهم كما تقضى شريعتهم". 22وكتب بمثل ذلك إلى ديمتريوس الملك وأتالس وأرياراطيس وأرساكيس، 23وإلى جميع البلاد، إلى لمساكس وإسبرطة وديلس ومندس وسيكيون وكارية وسامس وبمفيلية وليقية وأليكرنس ورودس وفسيليس وكوس وسيدن وأرادس وجرتينة وقنيدس وقبرس وقبرين. 24وكتبوا بنسخة تلك الكتب إلى سمعان عظيم الكهنة. الآن تصل البعثة الدبلوماسية اليهودية عائدة من روما، تحمل معها الأخبار المطمئنة بنجاح التحالف، وقد دارت مناقشات كثيرة حول هذه الرحلة الدبلوماسية، إذ ذكر يوسيفوس رحلة مشابهة حدثت في أيام هركانوس الثاني فقد أرسل هذا رسلًا إلى روما لعقد التحالف (63 - 40 ق.م.) مما جعل البعض يظن ان هذا الجزء من تاريخ يوسيفوس مقتبس ليضاف إلى هذا الموضع من السفر (1)، ولكن العالم مومسن Mommosn يرى أن الرسالتين ليسا متشابهتين، بل ويرى العالم تورى Torry أن يوسيفوس هو الذي اقتبس هذا الجزء من السفر ليضعه بطريق الخطأ في تاريخ هركانوس الثاني(2)، لقد كانت مثل هذه الرحلات الدبلوماسية معروفة وكذلك هذا النوع من الهدايا (التروس). أما الترس المذكور هنا: فهو يساوى في وزنه خمسة عشر ألف أوقية، أو أربعمائة وخمسين كيلو جرام، وهو بالتالي يمثل كمية كبيرة من الذهب بالنسبة لأمة صغيرة مكافحة مثل اليهود. وفى عام 134ق.م. أرسل هركانوس هدية مماثلة، ومما لاشك فيه أن هذه الهدايا قد أتت بثمرها. القنصل الروماني: يفيد التاريخ العام بوجود شخص يدعى " لوقيوس كالبورينوس بيسوLucius Calpurainus Piso " باليونانية " Leukioj upatoj" وكان أحد القناصلة معPopilius Leanas، وعملكوزير روماني في سنة 139 ق.م. (3) وهو المقصود هنا في السفر، بينما يذكر يوسيفوس شخصا آخر هو لوقيوس فاليريوس Lucius Valeriusقنصل روما (رئيس المجلس الحاكم) كما يذكر يوسيفوس شخصان آخران رافقا نومانيوس: هما الاسكندر بن ياسون والاسكندر بن دوسيتيوس. وكان من الأمور الشائعة في ذلك الوقت وجود سجل دائم في الدولة للاتصالات الدبلوماسية الهامة، وارسال نسخة من سجلات الأعمال إلى الطرف الآخر الذي أرسل السفارة، وقد أرسلت عدة نسخ إلى عدة جهات كما سيجىء، مع اعطاء كل بلد قائمة بأسماء أولئك الذين ارسلت لهم الصيغة ذاتها. وكانت ترسل مثل هذه الرسائل من الحاكم بالأصالة عن مجلس الشيوخ. أما عن لوقيوس نفسه، فقد كتب الاسم أصلًا بالكامل "لوقيوس كاسيلياس ميتلاس"، ولكن اليونان واليهود اعتادوا على ذكر الاسم الأول فقط، كما كان المؤرخون اليونانيون يشيرون إلى الرومان بالاسم الأول فقط (Prcenomen). هذا وقد جاءت صيغة المعاهدة سخية واعدة، ولكن اليهود لم يستفدوا أبدًا من هذا التحالف كما هو واضح من السفر والتاريخ بعد ذلك، بل تعرض اليهود لأبلغ اساءة من الرومان كما سيجىء، وأماّ الملوك الذين أرسلوا إليهم فهم: بطليمس: وهو بطليموس الثامن يورجيتيس الثاني (145 - 116 ق.م.) وكان يدعى (فيسكون) أي (المحب للمآكل) لأنه كان بدينًا بشكل مبالغ فيه، وكان الشعب يمقته جدًا لغرقه في الملذات، وعندما أرسلت روما مندوبين عنها للوقوف على أحوال مصر عن كثب، عادوا ليؤكدوا أن مصر خليقة بأن تكون دولة هامة نظرًا لموقعها الاستراتيجى وخصوبة أراضيها، وكان هذا الوفد برئاسة "سيبيون إميليان Seepion Emelien " قاهر قرطاجنة. وقد سعى بطليموس هذا في اضطهاد اليهود في الاسكندرية، مما سرّ الشعب هناك والذي كان يمقتهم(1). وكان اليهود قد نالوا حظوة لدى البطالمة والذين شجعوا هجرتهم إلى مصر (كما سبق الشرح في مقدمة السفرين) فترجموا لهم التوراه فيما عرف بالترجمة السبعينية، وبنوا لهم هيكلا في مصر ثم منحوهم امتيازات عديدة إلى حد أن اثنان منهم كانا يقودان الجيش في البلاد، مما جعل كثير من الشعب يستاء من استفحال أمرهم في مصر، بحيث يجب تقليص عددهم وسلطانهم، ومن ثم قام بطليموس هذا باضطهادهم، ومن هنا يرسل إليه الرومانيون نسخة من الوثيقة ذاكرين إياه بالاسم حتى يكف عن الاساءة إليهم، بل ويتوجب عليه تسليم الخائنين من اليهود إلى سمعان رئيس الكهنة في أورشليم، ويبدو أن بعض المعارضين كانوا يفرون إلى مصر متخذين منها قاعدة لنشاطهم المضاد لأمتهم. أماّ معارضى سمعان في ذلك الوقت فقد تمثلوا في فريقين، أحدهما: المرتدين الذين اعتنقوا الهيلينية، وثانيهما اليهود الغيورين، وبينما كان الأخيرين يسببون تنغيصًا لسمعان، فإن المرتدين اليهود كانوا قد غادروا البلاد (2: 44،11، 65، 66) قارن مع (10: 14 و 13: 50) وكان من الممكن أن يتآمروا ضد الدولة، في حين كان للغيورين اتباع كثيرين في مصر من مناصري أونيا الكاهن، وربما كان من بين (الاتقياء) الغيورين أيضًا جماعة قمران، والتي هاجرت إلى دمشق متآمرين ضد سمعان حيث اعتبروه " الرجل الملعون"(1) أتالس Attalus: (159 - 138 ق.م.) هو أتالس فيلادلفيوس الثاني ملك برغامس، وإليه تنسب مدينة أتالية التي كانت ميناءا في مقاطعة بمفيلية جنوب آسيا الصغرى، وكان بينهم تسكن جالية يهودية. أرياراطيس Ariarathes:هو أرياراطيس الخامس (162 - 131 ق.م.) ملك كبادوكية، تعلّم في روما وتثقف بعلومها فصار من حلفائها، فلماّ رفض الزواج من شقيقة ديمتريوس سوتير، أعلن الأخير الحرب عليه، وأقصاه من مملكته فهرب إلى روما سنة 158ق.م. فسعوا له ليعود من جديد يشترك في حكم كبادوكية إلى أن انفرد بالحكم من جديد. أرساكيس: هو ميتريداتس الأول ملك فارس (171 - 138 ق.م.) وقد ذكر سابقًا في (14: 2). ثم كتب الرومان إلى تسعة عشر دولة أو دويلة صغيرة مستقلة، وكانت روما في ذلك الوقت قوة لها قدرها ويُخشى جانبها، ولعله يُذكر هنا أسماء البلاد دون الإشارة إلى أسماء حكامها، نظرًا للتغيرات السياسية السريعة وطول المسافات فيما بينها من ناحية، وبينها وبين روما من ناحية أخرى، مما يجعل من الصعب متابعة الأسماء بسرعة، ولذلك فإن اسم ديمتريوس المذكور هنا، كان مأسورا في برثية في ذلك الوقت، ولم يكن خبر أسره قد بلغ روما بعد، بل وصل إليهم الرسل اليهود وهو ما يزال على عرشه في سوريا. لمساكس SampSakes: مدينة على ساحل البحر الأسود شرق "سينوب" في تركيا الحديثة وربما كانت في ذلك الوقت أحد موانىء "أميسوس" في ولاية بنطس، واسمها الحديث هو "سامسون". انظر خريطة رقم (15). هذا وقد ظهر الاسم في صور مختلفة في عدة مخطوطات، مثل: "سامسانى Samsani" و"سامسامى Samsame" وقد عرفت المدينة قديمًا باسم أميسوس Amisos " بينما تحمل بعض العملات اليونانية للمدينة اسم "ساميسو Samisou". ومع أنها كانت تابعة في ذلك الوقت لولاية بنطس إلاّ أنها لم تكن خاضعة لها. اسبرطة Sparts: مدينة يونانية قديمة في الجزء الجنوبي من شبه جزيرة " البيلوبونيز" راجع (12: 1). وكانت في ذلك الوقت تأوى ياسون رئيس الكهنة المطرود والممقوت من اليهود. انظر خريطة رقم (15). ديُلس Delos: وهى صغرى مجموعة جزر "سيكلاوس" اليونانية، والتي تقع في الجزء الجنوبي من بحر إيجا، بين شبه جزيرة البيلوبونيز والدوديكانيز، يبلغ طولها خمسة كيلومترات. وهناك أسطورة اغريقية قديمة تقول أن الجزر طافت إلى أن أوقفها الإله "بوسيدون" في موقعها الحالي، وأن هناك ولد أبوللو وأرطاميس، ولذلك فقد كان للجزيرة هيبة في نظر محبى أبوللو وأرطاميس اللذين كانوا يحضرون من أماكن كثيرة، وقد اكتشف بعض العلماء الفرنسيين في سنة 1873 ق.م. آثارا لمعبد أبوللو وارطاميس وديوناسيوس. وكان ل ديلس شهرة واسعة في العصر الفارسى واليوناني والروماني، حيث كانت هي عاصمة تلك الجزر التى حولها، حظيت بالاستقلال خلال العصر المقدونى (322 - 166 ق.م.). وكانت ميناءًا حرًا تسكنه جاليات متعددة الأصل. أمّا في العصر الروماني فقد أصبحت أهم موانىء الحماية في بحر إيجا، ومركزا تجاريًا هامًا وسوقا للرقيق، وأمّا فى عصر المكابيين فقد سكنتها جالية يهودية، ُأعفي كل رجالها من الخدمة العسكرية وتشهد المخطوطات على الوجود اليهودي هناك وذلك من خلال أطلال الأبنية والتي كانت في الغالب مجامع يهودية. حيث كانت هدفًا للهجرة اليهودية. وتسمى الجزيرة الآن " نيكرا ديلى". انظر خريطة رقم (15). ومن العجيب أن نجد " ديُلس" ُمدرجة في القائمة بينما غابت "أثينا"! وكذلك وجود الميناء الحر بها وليس في أثينا!، بل سنجد أكثر من ذلك حيث سعت أثينا إلى طلب ودّ يوحنا هركانوس فيما بعد!. مندس Myndos: مدينة على ساحل كاريه بآسيا الصغرى، وتمثل الحد الجنوبي الغربي لآسيا الصغرى، في ذلك الوقت كانت مستقلة وكانت لها أهمية خاصة إذ كانت ملجئا لكثير من اليهود، حيث كونوا جالية كبيرة هناك، وتسمى الآن "جموشالى" نسبة إلى مناجم الفضة الموجودة هناك، والتي استمدّت شهرتها منها. انظر خريطة رقم (15). سيكيون Sicyon: كلمة يونانية معناها "مدينة الخيار أو القثاء" وهي مدينة يونانية قديمة على شاطئ خليج كورنثوس، تبعد مسافة 32 كم شمال غرب كورنثوس، وكانت مستقلة في ذلك الوقت، أصبحت مركزا رومانيًا قويًا خلال العصر الهيلينى، حيث حظت بعطف الرومان، فقد أقيم فيها "الأكروبوليس" على أرض مستوية، والذي كان مركزًا للألعاب والفنون، وكان ملتقى للخطابة والشعراء خلال القرنين الثاني والأول قبل الميلاد. وبعد ذلك أصبحت أكثر أهمية من كورنثوس نفسها بعد دمار الأخيرة في سنة 146 ق.م. انظر خريطة رقم (15). كاريةCaria1) مقاطعة قديمة في الطرف الجنوبي من آسيا الصغرى، تمتد على شمال ليديا وتطل على بحر ايجا من الغرب، وشرق فريجية وجنوب ليكية، قامت على سواحلها مجموعة من المدن الاغريقية القديمة، خضعت في البداية للفرس منذ سنة 546 ق.م. ومن أشهر حكامها "سولوس" والذي كان قبره من عجائب الدنيا. وبعد ذلك خضعت للسيادة الهيلينية حتى استولى عليها الرومان من أنطيوخس الكبير سنة 189 ق.م. حيث أهدوها إلى رودس، ثم عادوا فأخذوها سنة 168ق.م. وظلت كاريه مدينة مستقلة حتى عام 139 ق.م. ومنذ عام 129 ق.م. أصبحت مقاطعة رومانية استقر بها يهود كثيرين. انظر خريطة رقم (15). سامس Samos: كلمة يونانية معناها "جبل أو عال" وهي جزيرة يونانية جنوب شرق بحر إيجا، وجنوب غرب أفسس، شمال غرب ميلتس، وتعد كبرى جزر "سبورادس" الجنوبية، وأقرب الُجزر اليونانية إلى السواحل التركية، يفصل بينها وبين شاطئ اليونان مضيق ميكال. وتبلغ مساحتها 476 كم2 وعاصمتها "ساموس" وكبرى مدنها "فانى". وكنت مسرحًا لهزيمة الفرس على يد الرومانيين سنة 479 ق.م. كان لها مركزا بحريًا متميزًا. انظر خريطة رقم (15). وصلت سامس إلى قمة رخائها في القرن السادس على يد بوليكرات الذي نصّب نفسه حاكمًا لجزر بحر إيجا في سنة 84 ق.م. وقد انضمت إلى ولاية آسيا ثم صارت ولاية حرة سنة 17 ق.م. بقرار من أغسطس قيصر. ويعبد سكان الجزيرة إلهة تسمى "جونو" أو "هيرا" ويحوى معبدها أجمل التماثيل اليونانية، كما كان لها شهرة كبيرة في صناعة الفخار إليها وصل بولس الرسول في رحلته الثالثة (أعمال 20: 15). بمفيلية Pamphylia: مقاطعة في آسيا الصغرى بين البحر المتوسط جنوبا وجزر بسيدية شمالًا، تحدها ليكية من الغرب وكيليكية وثراكية في الشرق، وكان لها ساحل طوله 140 كم، يخترقها نهران جعلا أرضها شديدة الخصوبة حيث اشتهرت بالفاكهة والمحاصيل، وكانت مركزًا للصناعات الصيدلانية (الطبية). أطلق عليها سكانها قديمًا "مكان كل الناس" وكانت لهم لهجة جدلية في الحديث تؤكد اختلاطهم الشديد باليونانيين، وقد جعلها الرومان ولاية مستقلة في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد كما اعتبروها حرّة خلال تسوياتهم للنزاع بين أومنيس الثاني ملك برغامس وأنطيوخس الثالث. وبعد ذلك انضمت إلى غلاطية، وفي سنة 43 م. جعلها كلوديوس قيصر ولاية مع جارتها الغربية ليكية. انظر خريطة رقم (15). ليقية Lycia: يعود الاسم إلى عدة لفظات، مثل " ليكونية" و" ليديا" و" لولاهى" و" لونيا"، وفي بعض السجلات المصرية أشير إليها ب"لوكيّة" و"لوكا". وهي اقليم يقع في الجزء الغربي من الساحل الجنوبي لآسيا الصغرى جنوب بسيدية وفريحية وكاريا، وشمال بمفيلية، وهي أرض جبلية وعرة بينها مساحة خصبة تكونت من نهر " لميروس"، وبها عدة جبال شاهقة أعلاها جبل "مسيكيتوس" بارتفاع 3086 مترًا، وبين هذه الجبال طريق مباشر بين ليكية وبمفيلية، ولبعض أنهارها موانىء أشهرها "تلميسوس". وبحسب تقرير المؤرخ "أرتميدوروس" فقد كان بها 23 مدينة، بينما يقول "بلينى" أنها سبعين مدينة، سكنها أولًا الحثيين، ثم استولى عليها كورش ومن بعده الإسكندر الأكبر. انظر خريطة رقم (15). ظلت ليقية حرة حتى عام 118 ق.م. حين وهبها الرومان إلى جزيرة رودس. وخلال عصر المكابيين استعادت استقلالها، وفي سنة 43 جعلها الرومان ولاية مستقلة، وفي عهد فاسبسيان ضُمّت إلى بمفيلية سنة 74 م. ثم استردت استقلالها في القرن الرابع. وفي رحلة معلمنا بولس رست السفينة عند ميناء جزيرة "ميرا" الليكية والتي صارت أسقفية بعد ذلك ومنها القديس نيقولاوس الذي استشهد في عصر دقلديانوس، وهو المعرف الآن في هولندا ب"سانت كلوز" أو بابا نويل الأطفال. أليكرنس Halicarnac, Hallicarnassus: وهى أكبر وأقوى مدينة في اقليم كاريه بآسيا الصغرى، تقع على شاطئ الخليج على مسافة 90 كم جنوب أفسس، ازدهرت فيها الفاكهة، ولما آلت إلى الفرس سُمح لملوكها أن يظلوا في الحكم، وكان أشهر حكامها هو "موسولوس" والذي مات عام 353 ق.م. وتعد مقبرته من عجائب الدنيا إذ يصل ارتفاعها إلى 43 مترًا، بينما يصل محيطها 125 مترا، وهي محاطة بـ36 عمودا ومغطاه بغطاء هرمى. أما مساحة المدينة فقد امتدت على طول الشاطئ، وبالقرب منها معابد "مارس" وإلى يمينها معابد " فينوس" وعلى يسارها قصر "موسولوس". دمرها الإسكندر سنة 334 ق.م. بعد حصار طويل. ويظن البعض أنها مسقط رأس هيرودتس المؤرخ المعروف، وكذلك ديوناسيوس المؤرخ. ُأسست اليكرنس أولًا ليسكن فيها المغتربون من غزة، وقد صدر مرسوم روماني في القرن الأول قبل الميلاد يمنح اليهود الساكنين فيها حرية العبادة. مكانها الآن بلدة تسمى "بود روم". انظر خريطة رقم (15). رودس Rhodos: اسم يوناني معناه " شجرة الورد" وهي الجزيرة الرئيسية في مجموعة الدوديكانيز في بحر إيجا، بين كريت وآسيا الصغرى من الجنوب الغربي. وبعد الحرب الفارسية أصبح لها أهمية سياسية كبيرة في سنة 208 ق.م. أقيم فيها ميناء ضخم للتجارة بين مصر وسوريا، وقبرس ودول بحر إيجا مما جلب لها الكثير من الازدهار، وأسطول ضخم يحميها من الغزاة والقراصنة. كان فيها مركز عبادة "هيليوس Helios" إله الشمس عند الاغريق، في عاصمتها كان يوجد تمثال ضخم من البرونز ل"لوكوس رودس" يبلغ طوله 32 مترا، وقد استغرق بناؤه 12 عامًا، وقد أنشيء بمناسبة الانتصار على ديمتريوس الذى حاول غزوها سنة 304 ق.م. وقد بنى لاله الشمس وكان يعد من عجائب الدنيا، ولكن زلزالًا ضخمًا حطّمه سنة 226ق.م. انظر خريطة رقم (15). وفى سنة 167ق.م. قرر الرومان جعل رودس ميناءا حرًا، غير أنهم عادوا فخربوها عقابًا لها على مشاركتها في الحرب المقدونية الثالثة. وفي سنة 43 ق.م. نُهبت جميع كنوزها على يد كاسيوس الروماني، وفي القرن الأول قبل الميلاد عُرفت كمدينة ملجأ ومركز ثقافى. فسيليس Phaselis: ربما اشتقت من الكلمة اليونانية " فاسيليس" ومعناها "ملك". وهي مدينة في الطرف الشمالي لساحل ليكية على خليج بمفيلية، لها ثلاثة موانى شهيرة، وكانت في الأصل مستعمرة بناها اليونانيين الساكنين في رودس في أوائل القرن السابع قبل الميلاد، وفيها أقام بعض المصريين، وقد اسهمت في التجارة بين مصر واليونان. قام الاسكندر بفتحها، ثم حكمها البطالمة (من 309 إلى 197 ق.م.) حين أنتزعها أنطيوخس الكبير ومنذ ذلك الحين صارت ولاية مستقلة حتى سنة 78 ق.م. حين استولى عليها سرفيليوس الأول ودمرها بدعوى أنها أصبحت مركزًا لمنظمات القراصنة الكيليكية، وبالرغم من أنه قد أعيد بناؤها إلا أنها لم تعد بنفس الأهمية. وفي العصر البيزنطى صارت فسيليس إيبارشية ذات أسقف،، وذلك قبل أن تندثر. ومكانها الآن قرية "نكروفا". انظر خريطة رقم (15). كوس Cos, Kos:إحدى جزر الدوديكانيز على شاطئ كاريه بآسيا الصغرى، بين كنيدس وهليكارتاسوس، وبين ميليتس ورودس، وهي جزيرة طويلة مقسمة إلى ثلاث اقسام، أحدهم جيرى والأوسط خصب والثاني شبه جزيرة متعرجة، ويعمل جبل " أورميديون" في وسط البحر هنك كمنار للسفن في البحر. في القرن الخامس قبل الميلاد تعرضت للتدمير في الحرب البيلوبونيزية (431 - 404ق.م.) وعندما صارت عضوا في الاتحاد الاثينى تفوقت على أثينا. استولى عليها الاسكندر ومن بعده تأرجحت في خضوعها ما بين مصر ومقدونية وسوريا، وقد جعل منها البطالمة مركزًا ثقافيًا كبيرًا، ثم أصبحت مسكنًا للمشاهير، مثل الشاعر "فيليراس". وبداية من القرن الثانى قبل الميلاد أصبحت تحت الحكم الروماني، وجعلها كلوديوس قيصر حرّة بل وأعفاها من الضرائب سنة 53 ق.م. وذلك اكرامًا لطبيبه الخاص "زيوفون" وهو من سكانها. انظر خريطة رقم (15). تعدّ كوس من أجمل بقاع الدنيا قديمًا ومركزًا طبيًا، حيث أنشيء فيها أول معهد طبى، كما كانت مركزا لعبادة الإله "اسكلابيوس" إله الشفاء عند اليونان، بسبب المناخ الصحى وعيون الماء الكبريتية والحديدية التي استخدمها أبقراط أبو الطب (460 - 377) في علاج مرضاه. وفي الحفريات التي تمت بين عامى 1898- 1907م تم العثور على معبد ذلك الإله والذى كان ُمقامًا على ثلاث مصاطب في بستان من شجر السرور، وفي سنة 1933م، اجتاح الجزيرة زلزال ضخم، مما شجع المستعمرين الإيطاليين على عمل حفريات فيها، حيث اكتشفوا المعبد وحمامات رومانية وشوارع. في كوس كرز معلمنا بولس (أع 21: 1) وقد صارت مقاطعة يونانية سنة 1948م وتسمى اليوم "ستنخيو". سيدن Side: آخر مقاطعات بمفيلية الخمس من الشرق، تقع شرق "أتاليا" وكانت الجالية اليهودية فيها من أقدم الجاليات وأبرزها، تكلم اليهود فيها لغات مختلفة أثناء الحكم المقدونى، في العصر السلوقى كانت نقودها مخرومة من الوسط واعتبرت عملة عالمية، وكانت محصنة في مواجهة القراصنة الثراكيين والكيليكيين والذين أغراهم غنى وغنائم سيدن خلال العصر الهيلينى. اهتمت بها روما نظرا لمكانتها ولما لها من مصالح هناك. تعرضت سيدن لدمار كامل، لاسيما المسرح الذي فيها والذي كان يتسع لألفى متفرج، والذي كان يعكس أهميتها قديمًا. انظر خريطة رقم (15). أرادس Aradus: اسم يوناني لجزيرة فينيقية على الساحل السورى مقابل طرطوس وأعلى طرابلس، على مسافة 23 كم شمال "حماه" ويرجح أن تكون هي "أرفاد" الوارد ذكرها في (ملوك ثان 18: 34 و 19: 13 و إشعياء 10: 9 و إرميا 49: 23) وقد تكون هي " تل أرفاد" الحالية. خريطة (15). جرتينة Gortyna: مدينة تقع على ساحل نهر اللوتس جنوب وسط "كريت" على مسافة عدة أميال من البحر، ومن موانيها "ميتالون" و"ليبينا" ويقول أفلاطون أن الذين أسسوها جاءوا أصلًا من "جُرتين" في أركاديا، وقد تحالفت جرتينة مع روما سنة 197 ق.م. ضد فيلبس الخامس، وسرعان ما أصبحت أهم مدينة في الجزيرة. وقد كشفت الحفريات الحديثة التي قام بها الإيطاليين سنة 1884م عن قانون جرتينة الذي يرجع الى منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، وهو خاص بالحقوق العالمية. وقد سكن في الجزيرة في عصر المكابيين جالية يهودية بحسب شهادة يوسيفوس وفيلو. خريطة (15). قنيدس Cnidus:واحدة من جزر الدوديكانيز في بحر إيجا، تفصل بين جزيرتى كوس ورودس، على الساحل الجنوبي الغربي لآسيا الصغرى، وكانت احدى المستعمرات اليونانية على طرف كاريه، استولى عليها القائد اليوناني "دوريانوس" في القرن السادس قبل الميلاد. اشتهرت كمركز تجارى هام، وعملت كحلقة وصل بين مصر وروما، وكان لها مرفأين واسطول كبير، كما كانت قنيدس مركزا لعبادة "افروديت" وفي عصر المكابيين كانت مدينة حرة تتمتع بشهرة واسعة، وقد ذكرت في (أعمال 27: 7) إذ مرّ بها القديس بولس. وقد عثر فيها على تمثال الإلهة "ديميتر" حيث نقل إلى المتحف البريطانى. انظر خريطة رقم (15). قبرس Cyprus: هناك علاقة بين أسمها واسم (النحاس) في اللغة اللاتينية Cyprium والذي اشتهرت به قديمًا وسميت كتيم (1مكا 1: 1) للدلالة على بلاد اليونان، كما أشار إليها يوسيفوس، وهي جزيرة كبيرة على شكل مثلث في شرق البحر المتوسط على مسافة 96 كم إلى الغرب من سواحل سورية، ومسافة 64 كم إلى الجنوب من تركيا، وقد اكتسبت شهرة على مر التاريخ. قيرين (القيروان) وهي كلمة مشتقة من كلمة " قير" والتي تعني " سور": وهي أحد أهم المدن الخمس الغربية في ليبيا، كانت تقع على هضبة ترتفع حوالي 2000 قدم فوق سطح البحر، وتبعد عنه عشرة أميال، وتحيط بها من الجنوب سلسلة جبال. وهي في الأصل مستعمرة يونانية أسسها "باتوس" سنة 630 ق.م. ازدهرت سياسيًا واقتصاديًا بسبب موقعها التجارى المتميز، وقد خرج منها مجموعة من مشاهير الرجال، مثل: "كاليماخوس الشاعر"، و"كارنيوس" مؤسس الاكاديمية الجديدة وأثينا و"أراتوشينى" عالم الرياضيات، وكذلك الكاتب المسيحي "سينزيوس". تحالف مع المدينة "أمازيس الثاني" فرعون مصر، وقعت في يد الأسكندر سنة 324 ق.م. ثم ضمّها بطليموس الثالث إلى مصر سنة 231 ق.م. وفي سنة 96 ق.م. أصبحت ولاية رومانية. انظر خريطة رقم (15). وإليها هاجر الكثير من اليهود حيث نقل بطليموس لاجوس بعض منهم إلى هناك، ويذكر يوسيفوس أن عددهم ازداد هناك، ومن الُملفت أن تأتى كل من قبرس والقيروان ضمن القائمة، وذلك لخضوعهما في ذلك الوقت لبطليموس ملك مصر، ولعل ذلك هو السبب في ظن البعض أن الأسماء كتبت خطأ مثل القيروان بدلًا من سميرنا، ولكن اللبس سيزول إذا علمنا أن روما حاولت اضعاف المملكة البطلمية بالعمل على فصل كل من القيروان وقبرس عن مصر. وإلى القيروان ينتمي سمعان الذي سخّره الرومان لحمل صليب السيد المسيح (متى 27: 22 و مرقس 15: 21 و لوقا 23: 26) ومنهم من حضر يوم الخمسين (أعمال 2: 10) ومنهم من حاوروا استفانوس (أعمال 6: 9) ومنهم من تشتت - بعد موت اسطفانوس - إلى أنطاكية، ومنهم من صار معلمًا ونبيًا هو لوكيوس القيرواني (أعمال 13: 1) وقد تخربت في القرن السابع الميلادى. وإلى القيروان أيضًا ينتمي " ياسون القيرينى" الذى كتب الخمسة كتب عن المكابيين والذي جاء سفر المكابيين الثاني كملخّص لهم(1) أنطيوخس يحاصر دورا وينقض عهده مع سمعان 25وعسكر أنطيوخس الملك عند دورا في الضاحية، ولم يزل يضيق عليها ويصنع المجانيق. وطوق تريفون لئلا يدخل أحد ويخرج. 26فأرسل إليه سمعان ألفى رجل منتخبين نجدة له، وفضة وذهبا وعتادا كثيرا. 27فأبى أنطبوخس أن يقبلها ونقض كل ما كان عاهده به من قبل وانقلب عليه. 28وأرسل إليه أتينوبيوس، أحد أصدقائه ليفاوضه قائلًا: "إنكم مستولون على يافا وجازر والقلعة التي في أورشليم، وهي من مدن مملكتى. 29وقد أتلفتم أراضيها وضربتم البلاد ضربة شديدة، وتسلطتم على أماكن كثيرة في مملكتى. 30فأسلموا الآن المدن التي استوليتم عليها وادوا ضرائب الأماكن التي تسلطتم عليها في خارج حدود اليهودية. 31وإلا فأدوا عنها خمس مئة قنطار فضة، وعن الإتلاف الذي أتلفتموه وعن ضرائب المدن خمس مئة قنطار أخرى، وإلا أتيناكم محاربين". 32فجاء أتينوبيوس، صديق الملك، إلى أورشليم، وشاهد مجد سمعان وخزانة آنيته من الفضة والذهب، وأبهة عظيمة، فبهت وأخبره بكلام الملك. 33فأجاب سمعان وقال له: "لم نأخذ أرضا غريبة ولم نستول على شيء لغريب، ولكنه ميراث آبائنا الذي كان أعداؤنا قد استولوا عليه حينًا من الزمن. 34فلما سنحت لنا الفرصة، استرددنا ميراث آبائنا. 35فأما يافا وجازر اللتان نطالب بهما، فإنهما كانتا تنزلان بالشعب مصيبة كبيرة وتتلفان بلادنا. غير أننا نؤدى عنهما مئة قنطار". فلم يجبه اتينوبيوس بكلمة. 36ورجع إلى الملك غاضبا، وأخبره بهذا الكلام وبمجد سمعان وكل ما شاهده، فغضب الملك غضبا شديدًا. عاد أنطيوخس ليتخذ موقعًا جديدًا في حصاره "دورا" وذلك بهدف احكام السيطرة عليها، لاسيما وقد تأكد من نصره على تريفون المحاصر داخل المدينة، في ذلك الوقت كان كل ما يشغل تريفون هو سعيه إلى النجاة بنفسه بعد أن أفاق من غفلته على حجم الخطر الذي يتهددّه، وفي إطار التحالف الذي بادر به أنطيوخس من قبل مع سمعان، اتخذ الأخير دور الحليف النبيل المخلص، فأرسل يؤيده بالمال والهدايا والجنود. ولكن أنطيوخس والذي كان قد أيقن أنه تخلّص من تريفون، استخفّ بسمعان وهداياه ونقض العهد الذي بينهما في عجرفة وكبرياء، بل زاد على ذلك بأن طالب بالضرائب السابقة وبأخرى أضافية أيضا، والتخلي عن المدن الثلاث والتي أُضيفت إلى اليهودية رسميا من قبل ملوك سوريا (ويلاحظ هنا اعتبار قلعة أكرا في أورشليم: مدينة (وقد كانت من الاتساع والقوة بما يجعلها جديرة بذلك/ 1: 33). ويبدو لنا من سياق النص أن بعض من السكان الوثنيين في تلك المدن قد احتجّوا لدى أنطيوخس من اضطهاد اليهود لهم إبّان تلك المدة التي كان فيها سمعان قائدا للسهل السأحلى، وهو المركز الذي اسنده أنطيوخس إلى قندباوس ليحلّ محل سمعان. أتينوبيوس Athenobius: هو أحد أصدقاء ومشيرى أنطيوخس السابع السديتى هذا، وقد أخفق أتينوبيوس في مهمته، بل يغلب الظن أنه أوغر صدر أنطيوخس ضد سمعان وجماعة اليهود، حقا يقول الكتاب: " كبرد الثلج في يوم الحصاد الرسول الأمين لمرسليه لانه يرد نفس سادته " (الأمثال 25: 13) " الرسول الشرير يقع في الشر والسفير الأمين شفاء" (أمثال 13: 17). فقد أراد سمعان أن يحتفي بهذا المندوب، منتهجًا ذات المسلك الذي سلكه من قبل ملوك إسرائيل ويهوذا، عندما كان يُطلعون دبلوماسيي الممالك الأخرى - مثل أشور وبابل وفارس ومصر وغيرهم - على مجدهم وكنوزهم بفخر، ناسبين المجد لأنفسهم، مما يحدو بالأعداء إلى الطمع في غنائم البلاد وكنوزها، وقد حدث ذلك عندما أطلع رؤساء اليهود مندوبو نبوخذ نصر على كنوز الهيكل أن جاءت كلمة الرب إليهم بأنها ستنقل جميعها إلى بابل (أخبار الأيام الثاني 36: 18). وهكذا سال لعاب أتينوبيوس أمام كنوز سمعان ومجده. أما سمعان فقد كان محقًا في المبررات التي ساقها إلى أنطيوخس من خلال مندوبه، كيف أن اليهود قد استولوا على تلك المدن اضطرارا، بسبب مضايقات سكانها الوثنيين، وكيف أيدهم الملوك السابقين في احتلالها، كما أن تلك المدن هي في الأصل ميراث لليهود استولوا عليها عند امتلاكهم أرض الموعد، وانما الآن يستردّونها فقط، ولكن أنطيوخس يطلب هنا تعويضا ماليًا لا يتناسب مطلقًا مع حجم الاحتجاج!، وقد كان يهمه كثيرًا استردادها لاسيما "يافا" والتي تعد هامة واستراتيجية باعتبارها مرفأً حيويًا. وكان القانون اليوناني العام يعترف بحق استعاده الميراث السابق الذي سقط في يد الآخرين، وقد أيد الملوك السلوقيون ذلك بالاضافة إلى حق التملك بالغزو، ومن جهة اليهود فقد ارتكزت مطالبهم على الوعود الإلهية لأسلافهم وعلى الغزو السابق. وبخصوص: يافا وجازر لم يحتج سمعان بأنها تقع في حدود أرض الموعد، أو أنها كانت تخص سليمان في يوم من الأيام (أخبار الأيام الثاني 2: 15 و يشوع 21: 21 و ملوك أول 9: 15 - 17) وذلك لعدم قبول السلوقيين لهذه البراهين ولذلك فقد اعتمدوا على غزوهم السابق لها في حروب عادلة للانتقام وهو ما يقرّه القانون اليوناني. وقد اختار سمعان أن يدفع جزية عن جازر ويافا، دون أن يسلمها من جديد للسلوقيين، فتصبح حجر عثرة من جديد، في حين اعتبر أمر القلعة منتهيًا، ولعله من المدهش في هذه المرحلة أن سمعان كان غير ميال إلى الحرب، في حين أن له جيش قوى، إذ كانت البلاد قد اتجهت - كما قلنا - للتنمية الداخلية والتطوير غير ميالة إلى سفك الدماء، إلاّ أن أنطيوخس اضطرهم من جديد إلى خوض الحرب. لقد سلك أتينوبيوس بحماقة إذ ثار ونقل ثورته إلى الملك والذي هاج بدوره. قندباوس يعيث فسادًا في اليهودية 37وركب تريفون سفينة وفر إلى أرطوسياس. 38ففوض الملك قيادة الساحل إلى قندباوس، وجعل تحت يده جنودا من المشاة وفرسانا. 39وأمره أن يعسكر أمام اليهودية، وأوعز إليه أن يعيد بناء قدرون ويحصن أبوابها ويقاتل الشعب. أما الملك فقد تعقب تريفون. 40فبلغ قندباوس إلى يمنيا، وجعل يستفز الشعب ويجتاح اليهودية ويسبى الشعب ويقتل. 41وأعاد بناء قدرون وجعل فيها فرسانا وجنودا ليخرجوا وينتشروا في طرق اليهودية، كما أمره الملك. استطاع تريفون التسلّل من بين اسطول أنطيوخس ومن خلال بطليمايس ليهرب إلى أرطوسياس. أرطوسياس Orthosias: اسم يوناني معناه "شريف" أو "مستقيم": مدينة فينيقية تقع على مسافة 18 كم شمال طرابلس جنوب نهر ألوطارس، ومسافة 43 كم جنوب "أنترادس" على الساحل الفينيقى بالقرب من أرتوزى، وفي الحفريات الحديثة التي تمت هناك ُعثر فيها على 33 قطعة نقدية، منها أربعة دراهم منقوش عليها اسم " تريفون" مما يؤكد اقامته هناك لفترة. ومكانها الآن بالقرب من "نهر البريد". وهذه آخر أخبار ترد في السفر عن تريفون، ولكننا نعرف من التاريخ أنه غادر أرطوسياس بعد ذلك بسبب مطاردة أنطيوخس له، حيث هرب إلى "أفاميا" وهي قاعدته الأساسية حيث أسر وُاعدم هناك، وأمّا المؤرخ استرابون فيؤكد أن اليأس أصابه فأقدم على الانتحار. أما أنطيوخس فقد فوض أمر اخضاع اليهود إلى " قندباوس Kendebaeus " وهو واحد من قواده، ويضيف يوسيفوس أنه كان من بين "أصدقاء الملك" ولكن ذلك كان طبيعيًا كنتيجة لتعيينه قائدا أعلى للسهل السأحلى، وهو المركز الذي شغله سمعان سابقًا (11: 59). وقد زوده بقسم من الجيش، فقام قندباوس باحتلال "يمنيا" والتي اعتبرها تابعة لهم، كما جعل من قدرون قاعدة عسكرية له، والتي تسمّى الآن "قطرا" على مسافة ستة كيلومترات جنوب يمنيا إلى الشرق. قدرون Kadron: اسم عبري معناه "قطرون" أو "أسود" أو "ظلام". وهناك فرق بين "وادى قدرون" و"حصن قدرون" على مسافة عشرة كيلومترات شمال غرب أورشليم (16: 4) ومسافة ثمانية كيلومترات من يمنيا (يبنة) بالقرب من مودين، وبين يافا شمالًا وأشدود جنوبًا. كان "حصن قدرون" موقعًا استراتيجيًا يتحكّم في عدة طرق إلى اليهودية. وإلى هذا الحصن هرب قندباوس مع جنوده (16: 9،10) وربما يكون الآن هو "حديروت" راجع (يشوع 15: 26،41 و أخبار الأيام الثاني 28: 18) على مسافة خمسة كيلومترات جنوب غرب عقرون. ويلاحظ في (الآية 41) أن قندباوس قد اتّخذ عدة إجراءات من شأنها استفزاز اليهود. (1)تحمل عملات أنطيوخس هذا لقبه الديني "يورجيتيس"، هذا وقد لقبه كل من يوسيفوس ويوسابيوس ب"سوتير". (2)تزوج أبوه ديمتريوس الأول سنة 162 ق.م. (1)حيث كان العام 174 سلوقية يوازى الفترة: من 12/10/139 إلى 4/10/138 ق.م. (2) تاريخ سورية/ المطران إلياس الدبس. يبدو أن عائلتى الاسكندر بالاس وتريفون كانت لهم علاقات خاصة بأهل دورا وبطلمايس وغيرها من المدن. (1)يوسيفوس: (الآثار 14: 8 / 5). (2) Apocrypha and Psuedpigrapha, R.H. Charles, 1913, P. 65 (3)يرد أن اسم القنصل في السفر في بعض المصادر هو: (لوقيوس سيسليوس ميتلوس قلفوس). انظر: حاشية الترجمة اليسوعية الحديثة (1)موسوعة مصر القديمة/ سليم حسن/ ج 16. بطليموس الثامن / ص 395. (1)انظر كتاب: مدخل إلى سفري المكابيين - جماعة قمران. (1)وجدت في بعض المخطوطات تحت اسم "كاريس" بدل "كاريه" ولكنها صيغة للأخيرة أى”he,karis" بمعنى ”Karia " حيث شاع في اليونانية استخدام نهاية صفة التأنيث ب (is)مع أداة التعريف كمرادف للإسم الاقليمى المنتهى ب (ia)راجع: Jonathan, I Macc, P. 499. (1)راجع كتاب مدخل إلى سفري المكابيين/ الكاتب. |
||||
31 - 03 - 2014, 06:13 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام -
مكابيين أول 16 - تفسير سفر المكابيين الأول الحلقة الأخيرة من الكفاح المجيد للمكابيينظلت الروح المكابية الوثابة ممتدة حتى هركانوس بن سمعان، ولكنه ومن بعد موته أخذ نجم الحشمونيين في الأفول وتحول الصراع بين المكابيين والسلوقيين، إلى المكابيين فيما بينهم، حتى لجأ فريق منهم إلى استعداء سوريا والعرب وروما على الفريق الآخر.. وجرت أحداث يؤسف لها كثيرًا إلى أن ظهرت على الساحة: العائلة الأدومية بدءا من انتيباتر (أبو هيرودس الكبير) ونهاية بدمار الهيكل سنة 70 م. على يد الرومان، أما نهاية العائلة الحشمونية فقد كانت على يد هيرودس. يهوذا وسمعان يهزمان قندباوس 1فصعد يوحنا من جازر وأخبر سمعان أباه بما صنع قندباوس. 2فدعا سمعان أبنيه الأكبرين، يهوذا ويوحنا، وقال لهما: " لم نزل أنا وإخوتي وبيت أبى نحارب حروب إسرائيل منذ صغرنا إلى هذا اليوم، وقد نجح عن يدنا خلاص إسرائيل مرارا كثيرة. 3والآن فقد شخت، وأنتما برحمة الله قد بلغتما أشدكما. فحلا محلى ومحل أخى واخرجا وقاتلا عن أمتكما، وليكن عون السماء معكما". 4وانتخب من البلاد عشرين ألفا من رجال الحرب وفرسانا، فزحفوا على قندباوس وباتوا في مودين. 5ثم بكروا في الغد وذهبوا إلى السهل، فإذا تلقاءهم جيش عظيم من المشاة والفرسان، وكان بين الفريقين واد، 6فعسكر يوحنا بإزائهم هو ورجاله، ورأى الرجال خائفين من عبور الوادى، فعبر هو أولًا. فلما رآه الرجال عبروا وراءه. 7ففرق الشعب إلى فرقتين، وجعل الفرسان في وسط المشاة، لأن فرسان العدو كانوا كثيرين جدًا. 8ثم نفخوا في الأبواق، فانكسر قندباوس وجيشه، وسقط منهم قتلى كثيرون، وفر الباقون إلى الحصن. 9حينئذ ُجرح يهوذا، أخو يوحنا، وتعقبهم يوحنا حتى بلغ قندباوس إلى قدرون التي أعاد بناءها. 10ففر الأعداء إلى البروج التي في أرض أشدود، فأحرقها يوحنا بالنار. فسقط منهم ألفا رجل، ثم رجع إلى أرض يهوذا بسلام. كان سمعان المكابى في ذلك الوقت قد بلغ الستين من عمره أو تجاوزها، ومن ثم أسند قيادة الجيش إلى ابنيه واللذان كانا قد بلغا أشدهما وأصبحا قادرين على حمل السلاح والمسئولية بذات الروح المكابية. حيث تبدأ المسئولية في التحوّل إلى الجيل الثالث من المكابيين بعد متتيا الأب ثم أولاده الخمسة. كان يوحنا مقيمًا في جازر بعد أن طهّرها سمعان أبوه - كما مّر- ثم قام يوحنا بالصعود إلى أورشليم ليبلغ ابيه تحركات قندباوس واستفزازاته، ولم يكن الأخير قد بدأ بعد في مهاجمة اليهودية، وكان يهوذا يكبر يوحنا سنًا، ولكنه جرح في أول معركة مع السلوقيين، وهو الذي ُاسر بعد ذلك وُقتل كما سيجىء، ولكن يوحنا المسمّى هركانوس كان قد ُعين قائدًا قبل ذلك للجيوش المكابية (13: 53) وقد خلف أباه سنة 134 ق.م. وصية سمعان لبنيه: تشبه هذه الوصية إلى حد كبير وصية متتيا لأولاده (2: 49،62 و 12: 15 و 13: 3) وكان سمعان محقًا في قوله بأنه لم يبخل هو واخوته على قضية الأمة بدمائهم، وقد اتصفوا جميعًا بالشجاعة وروح الانتماء والايجابية. ففي حين اكتفى بعض من الشعب بالمراقبة، لاذ البعض الآخر بالاستياء من زحف التأغرق، وآخرون انتهجوا سبيل الانتقاد والفتوى، بينما فرّ آخرون أو باعوا القضية تمامًا باعتناقهم الهيللينية. ولكن المكابيين بنى حشمناي حملوا على عاتقهم هذه المسئولية الخطيرة ضاربين أفضل الأمثلة في هذا الاطار، حيث صار تاريخهم وجهادهم ميراثًا للتاريخ اليهودي. ولقد كلّل الله سعيهم وتعبهم بالنجاح والنصرة، حتى لقد حظوا بإعجاب السلوقيين أعداءهم وكذلك الرومان وغيرهم. أما قول سمعان "حِلاّ محلى ومحلّ أخى" (آية 3) فيعنى على الأرجح اعتبار يوحنا ويهوذا نظيره هو واخوته، في نفس روح تحمّل المسئولية، وبالجملة ليكن الجيل الثالث للمكابيين مشابهًا للجيل الثاني السابق له(1). وتفيد (الآية 4) أن يوحنا قام بعملية تعبئة عامة للجنود، ولعلها المرة الأولى التي نقرأ فيها عن استخدام المكابيين للفرسان والخيول، ولا يُعرف كيف استطاع سمعان إقناع الفرق اليهودية المعارضة باستخدام الخيول والفرسان في المعارك، والذين رأوا أن الشريعة تمنعه (تثنية 17: 16 و اشعياء 2: 7 و 30: 16 و هو شع 1: 7 و 14: 4 و ميخا 5: 9 و زكريا 9: 10) ولكن سمعان اعتمد على نصوص أخرى في ذلك مثل زكريا 14: 20 و ارميا 7: 24، 25 و 22: 3، 4). وقد اختار القائدان أيضًا عدم انتظار قندباوس حتى يهاجمهم، بل ذهبا إليه مثلما سلك أعمامهم من قبل، وقد بلغ الجيش إلى مودين حيث حطّ رجاله هناك ليستأنفوا المسير في الصباح حتى السهل الذي بين مودين وقدرون، فوجدوا جيش السلوقيين في الجهة المقابلة لا يفصل بينهما سوى وادى ماء، ولما أمر جنوده بالعبور خافوا من الماء فقام وعبر الوادى بشجاعة فاقتدوا به، ولعل الوادى المشار إليه هنا هو "وادى قطر" والذي يمرّ من قدام " قطرا" شمالًا بمسافة كيلو متر واحد، ويقع بين مودين وأشدود. وقد قسمّ يوحنا الجيش والفرسان إلى قسمين، جعل أحدهما معه بينما ترك الآخر مع أخيه، بينما يقول يوسيفوس أن سمعان أبيهما قاد بنفسه القسم الأول بينما ترك الآخر مع ابنيه، وهي خطة حربية عُرفت في القديم على نطاق واسع، وهى فعالة لاسيما من جهة التصدىّ لعدد اكبر من الفرسان. وفي الخطط الحربية القديمة في العصر الهيلينى، كان الفرسان يوضعون في جناحي القوات حتى يمكنهم تطويق المشاه والضغط عليهم وكسرهم، ويلاحظ أن التكتيكات الحربية غير العادية في (6: 35 - 38) قد تبعت هذا النمط أيضا، أما في الحروب الرومانية فقد كانت كل كتيبة عبارة عن وحدة مختلطة، وهكذا فإن سمعان لم يحشد مشاته في كتيبة مفردة، ولكنه في أسلوب مشابه للرومان كما ساعدته تضاريس الأرض في حماية قواته أكثر، وبعد هزيمة كندباوس كان من السهل على فرسان كل فرقة مطاردة الفلول. والتي هربت إلى الأبراج في القرى المحيطة بأشدود، وقد وجدت هذه الأبراج مصوّرة على خريطة بالموزاييك للأراضى المقدسة موجودة في "ميدبا" في عبر الأردن. هذا وقد حقق " الشبلين الجديدين" من العائلة المكابية نصرًا سهلًا وكبيرًا، وبينما تخلف يهوذا بسبب الجرح الذي أصابه، فإن يوحنا هركانوس طارد فلول السلوقيين حتى ألجأهم مع قائدهم إلى الحصن الذي كان قد جعله قاعدة عسكرية لهم في قدرون وكذلك إلى البروج التي هناك، وعند ذلك قام يوحنا باضرام النار فيها، فأضاف إلى القتلى من أعدائه ألفى جندي. ولكن علينا الانتباه أن سمعان كان هو المحرك الرئيسى لتلك المعركة وليس ابنيه بمفردهما. بينما انفرد يوحنا هركانوس بالقيادة والتنسيق بعد اصابة يهوذا - وهو الابن البكر لسمعان - ثم تأكد ذلك (أي المسئولية الكاملة) بموت أبيه كما سيأتي، كما أن يوحنا هو الذي تقلّد منصبًا مسئولًا (13: 35). بطليموس بن أبوبس يقتل سمعان غدرًا 11وكان بطليمس بن أبوبس قد أقيم قائدًا في بقعة أريحا، وكان عنده من الفضة والذهب شيء كثير، 12لأنه كان صهر عظيم الكهنة 13فتشامخ في قلبه وسعى أن يستولي على البلاد وقد نوى الغدر بسمعان وبنيه حتى يهلكهم. 14وكان سمعان يجول في مدن البلاد، يهتم بشؤونها. فنزل إلى أريحا هو ومتتيا ويهوذا ابناه في السنة المئة والسابعة والسبعين، في شهر شباط. 15فاستقبلهم ابن أبوبس في حصين كان قد بناه يقال له دوق، وهو يضمر لهم الغدر. وأقام لهم مأدبة عظيمة وأخفى هناك رجالا. 16فلما سكر سمعان وبنوه، قام بطليمس ومن معه وأخذوا سلاحهم ووثبوا على سمعان في قاعة المأدبة، وقتلوه هو وابنيه وبعضا من خدامه. 17وخان هكذا خيانة شنيعة وكافأ الخير بالشر. كانت نهاية آخر الأخوة الخمسة المكابيين مفجعة، وخاتمة حزينة للقصة النبيلة لجهاد وجهود المكابيين من أجل بلادهم وكانت نذير لشبح الصراعات والخيانات والدسائس بين نسل المكابيين أنفسهم، فبينما ُقتل الاخوة الأربعة على أيدي السلوقيين مات سمعان بيد صهره.! بطليموس بن أبوبس: يرى العالم بيفنوت Bevenot أنه أدومى الأصل، وهو صهر سمعان رئيس الكهنة والقائد العام للبلاد وهو - أي سمعان - الذى أقام بطليموس هذا قائدًا لاقليم أريحا. وربما يرجع اسمه اليوناني إلى عادة بعض اليهود في ذلك الوقت في اتخاذ أسماء هيلينية، أما عن الاسم " أبوبس" فإنه يرد في النسخة السريانية "حبيب Habub " ويظهر الإسم أيضًا في المخطوطات القديمة في "بالميرا" بسوريا، وقد ظن البعض أنه اسم عربي ولكنه من المستبعد أن يزوج سمعان - رئيس الكهنة والحشمونى الشهير- ابنته لشخص ينحدر من أصل غير يهودي (سواء أدومى أو عربي). ويعلل السفر غنى بطليموس وثراءه بكونه صهرًا لسمعان، وأياّ كان المقصود من ذلك فإنه إلى سمعان يرجع الفضل في مكانة وغنى بطليموس، ولكن الأخير سلك بالغدر والخيانة ساعيًا لأن تؤول إليه قيادة البلاد ورئاسة الكهنوت، وقد استعان في ذلك بالسلوقيين غير أن ذلك لم يتم له كما سنرى. ففى جولة سمعان التفقدية لبلاده مرّ بأريحا فنزل ضيفًا على صهره ومعه ابنيه يهوذا ومتتيا، وذلك في يناير/ فبراير من عام 134 ق.م. (وهي السنة التي تولى فيها هركانوس قيادة البلاد). جدير بالذكر أن كلمة " مأدبة" في مصدرها العبري واليوناني تحوى ضمنيًا تناول المسكر. حصن دوق: Dok, Strong:وهو قلعة بناها بطليموس على رأس جبل الأربعين المطل على أريحا، ويسمّى أيضا (عين دوق) ويسميه يوسيفوس "داجون" (1) وُيرى من شمال أريحا على مسافة ثلاثة كيلومترات شمال غرب أريحا. وبذلك يكون موقع الحصن أعلى قمة جبل التجربة (متى 4)، والذي سمى "جبل الذوق" من قبل العرب، كما يرد بنفس الاسم في "بستان القديسين" البيزنطى، والذي يتحدث عن "دير دوقا" على جانب الجبل وينبوع قرب الجبل ولا يزال يدعى "عين دوق". ومع أن بطليموس قد سلك بالغدر مع سمعان، إلاّ أنه يؤسف كثيرًا مع ذلك، لكون سمعان قد أسلم ذاته للخمر على هذا النحو الذي قضى نحبه بسببه، حتى وأن مات غيلة في النهاية: فليمت بغير داء الخمر!!. هذا وقد قُتل سمعان وبعض من حاشيته، في حين ُاسر كل من زوجته وولديه، في وجود هركانوس بعيدًا والذي كان (أي بعده) من شأن افساد خطة ابن أبوبس في الاستيلاء على البلاد كما سنرى. وتشبه واقعة موت سمعان هنا، الطريقة التي مات بها "إيلة بن بعشا" حين كان متكئًا في بيت أرصا، إذ دخل عليه عبده زمرى، فقتله وهو يشرب ويسكر (ملوك أول 16: 9،10) وبينما كان موت ايلة عقابًا من الله واتمامًا للنبؤه في (ملوك أول 16: 3،4) فإن سمعان لم يمت عقابًا ولا انتقامًا بل يعد أحد رجال إسرائيل العظماء المخلصين. ويرى بعض العلماء أن المناسبة التي نزل فيها سمعان وبنيه ضيوفًا على ابن أبوبس، هي رأس الشهر في فبراير 134 ق.م. وهكذا حكم سمعان كقائد لليهود ورئيسًا للكهنة ثمانى سنوات، وبقدر ما كانت هذه المدة من أفضل السنوات التي عاشتها اليهودية بعد عدة عقود من الصراع والحروب فانه من المُحزن أن تنتهي بهذه المأساة وهذه الخيانة البشعة. 18ثم كتب بطليمس بذلك وأرسل إلى الملك أن يوجه إليه جيشا لنجدته، فيسلم إليه البلاد والمدن. 19ووجه قوما آخرين إلى جازر لإهلاك يوحنا، وأرسل كتبا إلى رؤساء الألوف أن يأتوه حتى يعطيهم فضة وذهبا وهدايا. 20وأرسل آخرين ليستولوا على أورشليم وجبل الهيكل. 21فسبق واحد وأخبر يوحنا في جازر بهلاك أبيه وأخويه، وأن بطليمس قد بعث من يقتله. 22فلما سمع ذلك بهت كثيرا وقبض على الرجال الذين أتوا ليقتلوه وقتلهم، لعلمه أنهم يريدون إهلاكه. من ثم بدأ بطليموس في اتخاذ عدة اجراءات وخطوات في سبيل اتمام بغيته، ولكن يوحنا الذي ُأبلغ بالأمر أفسد عليه خططه، فقد قتل الرجال الذين أرسلوا لقتله في مقر اقامته بجارز، ولقد روّعه خبر مقتل أبيه وأسر أمه واخوته، ويقول يوسيفوس أن يوحنا لجأ إلى أورشليم فرحب به أهلها، بينما ردّوا الرجال الذين أرسلهم بطليموس - لاحتلال أورشليم وجبل الهيكل - على أعقابهم. ويورد يوسيفوس في تاريخه مزيدًا من التفاصيل عن تلك الأيام، فيقول أن يوحنا هركانوس لجأ أولًا إلى غزة، فلماّ تعقبه بطليموس إلى هناك دافع عنه أهلها مقاتلين بطليموس والذي هرب إلى "داجون" وأقام بها ومعه أخوى هركانوس وأمهم، وعند ذلك عاد هركانوس إلى أورشليم، حيث تقلد الرئاسة مكان سمعان أبيه، فاجتمعت إليه الجيوش من جديد، ومن ثم سار ليقاتل بطليموس فحاصره في الحصن ولماّ هم بدكّ أسواره، أصعد بطليموس الأسرى الثلاثة على السور يعذبهم قدام يوحنا، غير أن أمه شجعته على المضي قدمًا في عمله معلنة أن بطليموس سيقتلهم في النهاية لا محالة، ولكن بطليموس هدده إن هو هدم السور فلسوف يلقى بهم من فوق السور، وكان عيد المظال قد حلّ وكان لزاما على يوحنّا التواجد في أورشليم، كما خشى أن يكون سببا في هلاك أمه وأخويه، ومن ثمّ علّق الحصار(1). وكان هناك بعض من اليهود الذين يظنون أنه يتوجب عليهم الخضوع لأنطيوخس السابع لأن نير السلوقيين لم يرتفع عنهم بعد بأمر الرب، في حين كان أغلب اليهود يؤيدون سياسة سمعان في التحرر من السلوقيين وضرائبهم، ومن أجل هؤلاء طلب بطليموس القوات السلوقية لاتمام غرضه. وللقضاء على يوحنا هركانوس الوريث الحيّ لسمعان، وإلى جانب طلب العون من الخارج فقد أغرى الجنود والقادة بالمال والهدايا. أما انطيوخس فقد كان يحقد على سمعان لكونه قتل بعض من قواده ولكونه لم يلب له مطالبه (15: 30، 31) فما أن سمع بموته حتى جاء إلى أورشليم في جيش جرار وذلك في سنة 134ق.م. وهي السنة الأولى لولاية هركانوس، فلما شرع في أعمال التدمير أوقف الجنود اليهود تقدّمه، فعاد ليعسكر من جديد في مكان آخر، فطلب هركانوس من أنطيوخس رفع الحرب إلى ما بعد عيد المظال فوافق بل أهدى عطايا جزيلة للهيكل مثل ثور مغشى قرنيه بالذهب وذهبًا وفضًا وأطيابًا ثمينة، وبالتالي جرى بينهما صلح فدخل إلى أورشليم حيث أكرمه أهلها كثيرًا، وقد دفع له هركانوس 300 بدرة من الذهب. ويذكر يوسيفوس أن هركانوس قد عثر على كنز يرجع إلى عصر داود أو العصر الذى يليه، فأخذ نصفه ليدفع منه الجزية المشار إليها، ثم أعاد الكنز سرًا إلى موضعه. 23وبقية أخبار يوحنا وحروبه والمآثر التي قام بها والأسوار التي بناها وسائر أعماله مكتوبة في كتاب أيام كهنوته الأعظم، منذ أن تقلد الكهنوت الأعظم بعد أبيه. ينتهي السفر هنا بالطريقة ذاتها التي تنتهي بها اخبار ملوك يهوذا وإسرائيل في الأسفار التاريخية مثل (ملوك الثاني 20:20) وقد سجلت لنا كتابات يوسيفوس بعض من أخباره وكذلك أخبار بعض من سلالته، وأمدتنا كتابات الربيين اليهود في القرن الأول للميلاد كذلك ببعض أخبارهم. هذا وقد اشترك هركانوس مع أنطيوخس في محاربة البرثيين، ونجح أولًا، ولكنه عاد ليواصل الحرب من جديد ولم يكن هركانوس معه، إذ كان السبت ثم العنصرة: واشتدّ القتال فهُزم أنطيوحس وقتل هناك في برثية. وعند ذلك قوى موقف يوحنا هركانوس، فعاد إلى بلاده، وفي طريقه هاجم "حلب" وفرض عليها الجزية، ومرّ بالسامرة فحاصرها وضيق عليها مما اضطر أهلها إلى أكل الجيف، ثم حلّ به الصوم الكبير (لعله يوم الكفارة) فترك ابنيه انتيجونوس وأرسطوبولس، ولما حاول أنطيوخس نجدة السامرين هزماه، ثم جاء لثيرا (ليطرا) ابن كليوباترا المصرية وكان قد عصى أمه فوّلت اثنين من اليهود على الجيش فحارباه وهزماه ومن ثم فر من مصر وحاول انجاد السامرة فهزماه أيضا ابنى هركانوس فهرب إلى " قبرس". وبعد ذلك اقتحما السامرة ودمراها وهدما الهيكل الذي هناك على جبل جرزيم وقتلا كهنته. وهو الهيكل الذي كان سنبلط قد بناه بإذن من الاسكندر الأكبر ليجعل فيه منسى زوج ابنته رئيس كهنة له، بعد أن طرده الكهنة في أورشليم لكونه تزوج سامرية ورفض التخلي عنها، وقد بناه سنبلط قبل تاريخ تدميره بمئتى سنة في مكان يسمّى "طور تربل". ثم قام هركانوس وبنيه بتدمير أدوم وفرض على الأدوميين الجزية، ثم ألزمهم بالختان، والانضمام إلى جماعة اليهود فوافقوا، وكذلك فعل مع بقية الأمم التي حول اليهودية. ثم عاد ليجدد العلاقات الدبلوماسية مع روما منتهجًا نفس سياسة أعمامه المكابيين: يهوذا ويوناثان وسمعان، فوافقوا وأرسلوا إليه رسالة تحالف يورد يوسيفوس نصّها في تاريخه، ويرد فيها قبول الرومان للتحالف، ويأمرون أتباعهم برد ما استولى عليه أنطيوخس من مدن كانت قد آلت لهم، ولكن أهم ما ورد في وثيقة التحالف تلك هو تسميتهم لهركانوس بلقب "ملك" وهو أول يهودي يحظى بهذا اللقب بعد العودة من السبى، حيث كان السابقين مجرد قادة، وهكذا اجتمع فيه رئاسة الكهنوت والمملكة. وقد عاشت البلاد في سلام في أيامه أغلب الأوقات، ومنذ أيام هركانوس بدأ نجم المكابيين في الأُفول. أرسطوبولس (105 - 104 ق.م.) وهو السادس من ولاة بنى حشمناى (المكابيين) والثاني بين الملوك "حيث كان متتيا هو الأول ويهوذا ابنه الثاني ويوناثان الثالث وسمعان الرابع وهركانوس إبنه هو الخامس" وعندما حانت ساعة الوفاة أوصى هركانوس بالعرش لأمه، بينما أوصى برئاسة الكهنوت لابنه أرسطوبولس، ولكنه ما أن مات حتى نقض أرسطوبولس الوصية فقام بالقبض على أمه واخوته ووضعهم في الحبس لينفرد بالسلطتين، وقد ماتت أمه جوعًا! وقتل أخويه ولم يبق إلاّ على شقيقه أنتيجونوس غير أنه قتله في ثورة من ثورات غضبه، ذلك أنه أرسل ليخضع بعض البلاد التي عصت عليه فانتصر عليها، وعند عودته مضى أولًا إلى الهيكل ليقدم الشكر ولكن بعض من مبغضيه أوعزوا إلى أرسطوبولس بأنه يدبر مع بعض أعوانه لخلعه وما فعلوا ذلك إلا لغيرتهم منه بعد أن دخل الهيكل في كامل ثيابه العسكرية وكان بهيًا عظيمًا، ومن بين الذين رأوه في الهيكل أحد الشيوخ والذي صرّح قائلًا: أن هذا الشاب سيُقتل اليوم عند "برج سطرون، مع أن سطرون هي مدينة ذات برج مشهور في الساحل. وقد أرسل أرسطوبولس لأخيه أن يحضر إليه بغير الثياب العسكرية ليطمئن أنه لا يفكر عليه بالشر، ولكن زوجته والتي كانت تُبغض انتيغونوس أوصت الرسل بغير ذلك فجاء في ملابسه العسكرية وإذا بالجنود يقتلونه قدام قصر أخيه كوصيته بقتل كل من يحضر في ثيابه العسكرية. وسَفك دم انتيغونوس عند برج يسمى سطرون بجوار المنزل يشبه ذلك الذي في الساحل كقول الشيخ. ولما وقف أرسطوبولس على جلية الأمر حزن وزاد عليه المرض وكان يقذف دمًا من فمه، ولما أرسل عيّنة من الدم مع أحد الخدم يحملها إلى الطبيب تعثر في الطريق فسقط الدم الذي معه موضع دم أنتيغونوس، فلما سمع أرسطوبولس تعجب من عدل الله كيف ُسفك دم السافك مع دم المسفوك.! ومات أرسطوبولس بعد أن ملك سنة واحدة، وملك الاسكندر بن هركانوس. الاسكندر جنايوس (103 - 76 ق.م.) ابن هركانوس وهو السابع من القادة الحشمونيين والثالث في الملوك، فبعد أن مات أرسطوبولس قامت أرملته بتقديم آخر أبناء هركانوس "أونياس اسكندر". ولما بلغ هذا أن أهل عكا وغزة عصوا عليه بعد موت الملك، فقام بحصار عكا فاستنجد أهلها ب" ليطرا أو ليثرا" ابن كليوباترا (الذي سبق الاشارة إليه)، حيث جاء في ثلاثين ألف جندي فانصرف عنها الاسكندر، ولكنهم عادوا ورفضوا أن يفتحوا للقائد المصري مؤثرين الاسكندر عليه، فعظم عليه الأمر، وأرسل إلى حاكم صيدا ليتحالف معه ضد الأسكندر فأسرع الأخير وفعل نفس الشيء وقام بفتح صيدا، ثم خانه إذ تحالف مع كليوباترا امه للقبض عليه بتحالف جيشه مع جيشها، فلما علم "ليطرا" بذلك بادر باجتياح الجليل حيث قتل وأسر العديدين، ولما خرج إليه الاسكندر هزمه ليطرا، حيث كان الإسكندر معتدا بذاته، فلما سعت إليه أمه هرب إلى قبرس فعادت ثانية إلى مصر، وفي السنة الثالثة لملكه قام بفتح غزة وانتقم من أهلها لتعاطفهم مع ليطرا وأحرق معبدهم وقتل كهنتهم. وحدث أن استعان بعض من رعيته بأنطيوخس فجاء وهزمه ولكن الاسكندر عاد فهزمه وقتله. انضم الاسكندر إلى فرقة الصدوقيين، وفي احتفالات عيد المظال قذفه أحد أفراد الشعب (وهو فريسي) باحدى ثمرات " الأثرج" عن طريق الخطأ(1) فأثاره أصحابه الصدوقيين فهاج ورفض الاعتذار الذي قدمه الفريسيين، وقتل منهم ستة آلاف في الهيكل في ذلك اليوم، ومن ثم اشتعلت نيران الحرب بين فريقي الفريسيين والصدوقيين، والتي راح ضحيتها خمسون ألفًا قتلهم الملك من الفريسيين، مما جعل الأيام الأخيرة من ملكه كئيبة حزينة، وقبيل موته أوصى زوجته خيرًا بالفريسيين. حارب الاسكندر حتى آخر حياته رغم أصابته بحمى رباعية ومات وهو يحاصر "رجبة". وقبل موته أوصى لها بالملك ولابنه هركانوس برئاسة الكهنوت، فلما مات اخفت الأم موته عن الجنود والناس، وحملته إلى القصر واستدعت الفريسيين واستعطفتهم وطيبت خاطرهم، فرضوا وأكرموا دفنه ومن ثم ساندوها لتعتلى عرش البلاد. وقد ملك الاسكندر 27 سنة. الاسكندرة الملكة (76 - 67 ق.م.) انحازت كوصية ابنها إلى الفريسيين، فردّت من كان هاربًا أو مطرودًا من قبل، وقد عينت ابنها هركانوس رئيسًا للكهنة في حين جعلت ابنها الآخر أرسطوبولس قائدًا للجيوش، وقد احتفظت بأبناء رؤساء المدن رهائن عندها، شأنها في ذلك شأن الملوك الذين سبقوها، لضمان ولاءهم لها. وقد استطاع الفريسيين الحصول على تصريح منها بالانتقام من الصدوقيين، ولكن الصدوقيين اشتكوا لديها من ذلك، وطلبوا أن يغادروا البلاد فأذنت لهم فخرج خيرة الرجال من البلاد، ولا شك أنها كانت مخطئة في ذلك. وقد ماتت الاسكندرة بعد أن دام حكمها تسع سنوات في سيرة حسنة ووقار وحكمة. أرسطوبولس بن الاسكندر (67/63 - 49) I وهو القائد الثامن بين المكابيين والرابع بين الملوك اليهود. كان رئيسًا للكهنة وتعاطف مع الصدوقيين، وقد اقتتل مع أخيه على الملك، فقبل أخيه هركانوس الكهنوت بينما انفرد هو بالسلطة، ويقول يوسيفوس أن أرسطوبولس رأى المرض وقد تملك من أمه فمضى إلى الصدوقيين الذين خرجوا قبلًا من البلاد ليناصروه، فلما سمعت هي بذلك أرسلت فقبضت على زوجته وابنيه، وقام بمقاتلة أخيه فانهزم هركانوس وتراجع إلى أورشليم، وتدخل جماعة الكهنة بين الأخوين فتصالحا واستقامت الأمور فيما تلا ذلك. ولكن شخصًا ظهر على الساحة لعب دورًا خطيرًا في سير الأحداث، وهو أنتيباتر الأدومى والذي كان صديقًا لهركانوس، وراح يبث بذور الشقاق بين الأخوين لغرض سىء في نفسه، فقد أوعز إلى هركانوس بالالتجاء إلى "الحارس" ملك العرب فتحالف معه وحاربا أرسطوبولس فهزموه وحاصروه في أورشليم، ولكنه لجأ إلى الرومان فعاونوه في طرد العرب، وكان كل من هركانوس وأرسطوبولس قد أرسلا إلى الرومان ليناصروهم الواحد ضد الآخر، ولكن روما قبلت التحالف مع أرسطوبولس بسبب هدية ثمينة أرسلها إليهم، ولكن انتيباتر بادر ووعدهم بهدية أكبر يقدمها هركانوس، ولما دعت روما الفريقين للاجتماع في دمشق، هناك طلب أنتيباتر من روما الانتقام لليهود من مظالم أرسطوبولس! كما قام أنتيباتر بإثارة المدن الخضعة لأرسطوبولس ضده، عند ذلك هرب الأخير وتحصّن في أورشليم، وفي تلك السنة وصل القائد الروماني " بومبى" إلى أورشليم، هناك تقابل معه وطلب منه تسليمه كنوز الهيكل فوافق، ولكن الكهنة القائمون على الهيكل رفضوا ذلك فقام بأسره مع اثنين من أولاده بينما هرب الابن الثالث. أنتيباتر الأدومى يقول عنه يوسيفوس أنه ينتمي إلى بعض الذين عادوا من السبى، بينما رأى البعض الآخر أنه كان من عبيد الكهنة المكابيين ولم يكن يهوديًا في الأساس بل وثنيًا، وكان ذكيًا شجاعًا خبيثًا محتالًا يدل مظهره على اللطف والغنى الفاحش، وكان الاسكندر بن هركانوس هو الذي جعله واليًا على منطقة أدوم، وتزوج من أدومية أنجبت له ثلاثة بنين وبنت واحدة (حزائيل/ هيرودس/ فيروراس/ يوسف/ أسلوميث). فلما مات الاسكندر وملكت أمه مكانه عزلت انتيباتر من منصبه، فأقام في القدس وتقرب إلى هركانوس مما أوغر صدر أرسطوبولس ضده. ولما رأى ضعف هركانوس بعد ذلك، رغم أنه أصبح حاكم البلاد - أصبح انتيباتر وأولاده هم الحكام الفعليون هناك، ولما شكاه الشعب إلى هركانوس استحضره ليبكته ولكنه بُهر به وتغاضى عن ضعفائه. وفي النهاية مات أنتيباتر مسمومًا. نهاية حكم الحشمونيين: عندما رفض أتباع أرسطوبولس تسليم "بومبى" كنوز الهيكل، حاصر أورشليم ثلاثة أشهر قبل أن يفتحها، ولم ينهب الهيكل بل ثبت هركانوس في رئاسة الكهنوت بينما أخذ أرسطوبولس أسيرا إلى روما ومعه ابناه: الاسكندر وأنتيجونوس، وفي الطريق هرب الاسكندر وحاول استرداد الملك ولكن القائد الروماني هناك ويدعى "جابنيوس" هزمه، وبعد قليل هرب أرسطوبولس هو الآخر وحاول استرداد ملكه ولكنه فشل أيضًا وأسر من جديد إلى روما، حيث مات مسمومًا في وقت لاحق سنة 49 ق.م. في حين أعدم بومبى الاسكندر في أنطاكية. وبالتالي فلم يتبق من القادة المكابيين سوى أنتيجونوس وهركانوس عمه، وعاد الأدوميون ليبذروا الشقاق، حيث انحاز هيرودس بن أنتيباتر إلى جانب هركانوس ضد أنتيجونوس، ولكن الأخير استعان بالبرثيين واقتحم اليهودية مضطرا هيرودس إلى مغادرة البلاد، فلما استولى على أورشليم سنة 40 ق.م. أرسل عمه هركانوس أسيرًا، وفي الطريق أمر هيرودس بقطع أذن هركانوس وكان الغرض من ذلك منعه من مباشرة عمله كرئيس للكهنة، حيث تنتهي بذلك سلالة الملوك الكهنة. هذا ويعد هركانوس أفضل من ملك من المكابيين حيث اتّسم بدماثه الخلق وطول الأناة وحسن السيرة، وقد َملَكَ لمدة أربعين عامًا ومات بعد أن بلغ ثمانين عامًا. أما هيرودس فقد استعان بالرومان على غزو اليهودية في وحشية وشراسة، وتملك منها سنة 37 ق.م. مما اضطر انتيجونوس إلى الاستسلام، ولكن هيردوس أوعز إلى أنطونيوس القائد الروماني باعدامه، فقتله في أنطاكية لينتهي بموته عصر المكابيين. " يبلع الموت إلى الأبد ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه وينزع عار شعبه عن كل الأرض لأن الرب قد تكلم" (إشعياء 25: 8). شجرة المكابيين: المكابيين والحشمونيين 166 -100 ق.م. (أسماء الحكام مكتوبة بالأسود الثقيل) متتيا (توفى 166 ق.م.)
|
||||
31 - 03 - 2014, 06:15 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شرح الكتاب المقدس - الأنبا مكاريوس الأسقف العام -
مقدمة في سفر المكابيين الأول " Macccbees 1 "
الاختصار: 1مك 1 Macc. ** محور السفر: + ترقب مجيء المسيح. + الغلبة بالإيمان. + الجهاد. ** مكان السفر بين الأسفار: يوضع هذا السفر بعد سفر ملاخي. ** مفتاح السفر: فانه ليس الظفر في الحرب بكثرة الجنود وإنما القوة من السماء 3: 19. ** المكابيون: + المكابيون هم كهنة من العشيرة الحشمونية من أبناء يهوياديت (1 أي 24: 7)، أول من أخد هذا اللقب هو يهوذا بن متاثيا وهو يهوذا الملقب "بالمكب" ومعناه المطرقة، ومن ثم اتخذ الاسم "مكابيين"، ثم أطلق بعد ذلك علي كل العشيرة بل وعلي كل من قاوم الحكام السلوقيين. ** الكاتب وتاريخ الكتابة: + كتب هذا السفر أحد يهود فلسطين بأسلوب بسيط وفيه بعض الإشارات التي تدل على وقوف الكاتب تمامًا على الحوادث والأماكن التي تمت فيها، ومن الواضح إنه كان مشبعا بالروح الوطنية وأنه من المحافظين الأمناء على الناموس؛ إلا إنه لم يصطبغ بصبغة التعصب الفريسي، وكثيرًا ما يظهر إخلاصه لرئاسة الكهنوت اليهودي، وموقفه أمام شريعة السبت موقف تسامح يختلف عن موقف الفريسي كل الاختلاف، فيرجح أن الكاتب هو أحد الصدوقيين. + ثبت عند المتقدمين والمتأخرين أن السفر الأول كتب باللغة العبرانية وقال أوريجانوس إنه كان مفتتحا بهذا العنوان "عصا العصاة على الرب أو قضيب رؤساء أبناء الله " وذكر إيرونيموس (جيروم) الذي كان أكثر معرفة بكتب اليهود لأنه عاشرهم زمنا في بلاد فلسطين إنه رأى أصله العبراني، ولكن الأصل مفقود الآن فلم يبق إلا الترجمات عنه كاليونانية واللاتينية وغيرها و يرجح إنه كتب بين سنة 105، 90 ق.م. كما يستشف في (1مكا 24:16). ** سماته: + لم يتوقف تاريخ الشعب اليهودي بعد انتهاء الحكم الفارسي بل تابع مجراه تحت سيطرة اليونانيين في ظل السلالات المنبثقة من فتوحات الإسكندر، ففي البدء كان تحت حكم البطالمة في مصر، ثم انتقل إلى حكم السلوقيين المالكين في سوريا. وهذا السفر يروى تاريخ فترة من الزمن تمتد إلى أربعين سنة من جلوس انطيوخس أبيفانيوس على العرش (انطيوخس الرابع السلوقي) (175 ق.م) وقام باضطهاد اليهود ليلزمهم بعبادة الأوثان، فقد طلب الملك من متاثيا الكاهن أن يقدم ذبيحة للوثن حتى يقتدي الكل به؛ فرفض، ولما ضعف رجل يهودي وتقدم نحو المذبح قام متاثيا بقتله هو ونائب الملك وانطلق إلى الجبال ومعه كثيرون.. أرسل الملك يحاربهم يوم السبت فقتل نحو ألف منهم دون مقاومة، لكنهم أدركوا الأمر وقاموا بالهجوم وهدم المذابح الوثنية الخ.. ولما مات متاثيا تولي القيادة ابنه الثالث (يهوذا المكابي) وكان شجاعا وحكيما فأحبه الشعب، وقد غلب يهوذا في مواقع كثيرة وطهر أورشليم من الوثنية وبنى مذبحًا جديدًا وعيدوا ثمانية أيام وفي السنة الثالثة وفي نفس اليوم الذي تدنس فيه الهيكل رسم "عيد تجديد الهيكل" سنة 165 ق.م. ثم مات انطيوخس سنة 164 ق.م. بعد هزيمة جيوشه وتمزق جسمه بقوة الله (2 مك 9: 11، 12). (اقرأ بموقع الأنبا تكلا نص السفر كاملًا). وفي سنة 161 ق.م. بعد أن غلب يهوذا نيكانور السلوقي قتل يهوذا وخلعه يوناثان أخوه.. هذا الأخير آسره قائد الجيش السوري تريفون وقتله عام 142 ق.م. فتولي أخوه شمعون الزعامة وكان قويا لكنه اغتيل بيد صهره بطولمايس سنة 135 ق.م. فخلعه ابنه يوحنا هركانوس (135 - 105 ق.م.)..الخ + يعتبر المصدر التاريخي الوحيد الذي بين أيدينا يتكلم عن جهاد اليهود في سبيل الاستقلال الديني والسياسي خلال تلك السنوات. + لهذا السفر قيمته التاريخية الجلية، وله أيضًا لذته الشيقة في القراءة وخاصة في أزمان الاضطهاد والأزمات الحادة لأنه ينفث في قارئه روح الولاء والإخلاص حتى الموت. + يستعمل كلمة السماء عوضا عن اسم الله الذي يغفل ذكره في هذا السفر، وفيه الكثير مما يدل على الرجاء بالمسيا المنتظر. ** محتويات السفر: أولا: اضطهاد اليهود: + غلب الإسكندر الأكبر "المقدوني" داريوس ملك الفرس والماديين وقامت المملكة اليونانية وخضع لها ملوك كثيرين ومن بعد موته انقسمت المملكة إلى 4 ممالك وظهر انطيوخس أبيفانيوس الذي حارب ملك مصر (بطليموس) وعاد إلى أورشليم بجيش ثقيل ودخل إلى المقدس متعجرفا وأمر بعبادة الوثن وعدم الختان، فادت محاولة هذا الملك لمحو دين اليهود وقوميتهم إلى التمرد الوطني بزعامة المكابيين (ص1:1- 10). + الثورة والجهاد (ص11:1- 64): غار متاثيا الكاهن إذ رأي الهيكل ذليلا واشتهي الموت عن الحياة فاخذ يجمع كل من له غيرة علي شريعة الرب وعهده. + قدم متاثيا أمثلة لرجال الله الغيوريين. - إبراهيم كان أمينا في تجربته (حُسِبَ لهُ بِرَّا). - يوسف حفظ الوصية (سيد مصر). - كالب أمينا في شهادته (نال الميراث). - إيليا الغيور (صعد إلى السماء). - دانيال (خلص من الجب). + بداية الجهاد الذي قامت به أسرة المكابيين (ص1:2- 70). ثانيا: يهوذا المكابي (ص3 - 9): + وصف لتطورات هذا الجهاد إلى موت يهوذا، وبزعامة يهوذا تمكن اليهود من الظفر بحريتهم الدينية (ص1:3- 22:9). + ظهور يهوذا بن متاثيا وانتصاراته (ص 3، 4). + صار شبيها بالأسد في أعماله (3: 4). + لا تخافوا كثرتهم ولا تخشوا بطشهم. (4: 8). + هجومه ضد الأمم الثائرة عليهم (ص 5). + إذ كان انطيوخس يحارب في فارس لينهب مالهم سمع عن هزيمة ليسياس في اليهودية فمرض من الحزن وأوصى صديقة كوصي على ابنه وفي نفس الوقت عاد ليسياس وأقام نفسه وصيا (ص 6). + قتل ديمتريوس السلوقي الروماني ليسياس والملك الصغير، كما حارب أورشليم لكن يهوذا غلب قائدة (ص 7). + معاهدة صداقة بين المكابيين وروما (ص 8). + ديمتريوس يرسل حملة ثانية ضد يهوذا ويغلب فيقوم ناثان عوض أخيه يهوذا (ص9). ثالثا:أهم الأحداث بعد يهوذا (ص 10 - 16): + استعد إسكندر بن انطيوخس (الملك المقتول) لقاتله ديمتريوس قاتل أبيه ومحاولة كل منهما استمالة يوناثان ص 10. + يوناثان يجدد أسوار أورشليم ويحارب الإسكندر الذي قتل ديمتريوس، ويقوم ابن ديمتريوس بمحاربة يوناثان فينهزم أمامه فيكافئه الإسكندر. + الإسكندر يطلب صداقة بطليموس ملك مصر ويتزوج أبنته. + انتصارات بطليموس ووصوله إلى سوريا، وقتله إسكندر وتزويج ابنته لديمتريوس عوض إسكندر (ص 11). + تكوين صداقة بين يوناثان وديمتريوس.. الأول أنقذ الثاني وأعاد إليه العرش من الثائرين ضده. + احتيال تريفون صديق الإسكندر واسترداد الملك لابن الإسكندر، وتودد تريفون ليوناثان وشمعون أخيه. + تجديد الصداقة بين يوناثان وروما، وخدعة تريفون ليوناثان. (ص 12). + شمعون يقود الجيش بعد اغتيال أخيه يوناثان، ... وتريفون يقتل ابن الإسكندر،.. تودد شمعون لديمتريوس ومصالحته..تطهير شمعون جميع الحصون من الوثنية واستتاب الأمن في اليهودية وزيادة الخيرات (ص 13). + ديمتريوس يحارب مادي فينهزم ويسقط أسيرًا (ص 14). + انطيوخس يحكم عوضا عن ديمتريوس ويتودد لشمعون ،.. مهاجمة انطيوخس لتريفون وهروب الأخير (ص 15). + خدعة قائد أريحا لشمعون وابنيه وقتله لهم.. عرف يوحنا بن شمعون باغتيال والده وأخويه فقاد الجيش عوض أبيه،.. حروب يوحنا وأعماله وبناء الأسوار وصيرورته رئيس كهنة عوض أبيه (ص 16). ## الأعياد والمحافل المقدسة: فرح دائم في الرب: + أعياد أسبوعية: يوم السبت: - راحة في الرب (لا 23: 1 - 3). + أعياد شهرية: رأس الشهر (الهلال الجديد): - حياة التجديد في الرب. + كل 7 سنين: السنة السبتية: - إبراء للرب. + كل 50 سنة: سنة اليوبيل: - حرية كاملة بالروح القدس. + أعياد سنوية: 1- الفصح 14 نيسان: موت المسيح خر 12: 13، لا 23: 5. 2- الفطير 15 - 21 نيسان: قداسة الحياة المخلّصة لا 23: 6 -8، 1كو 5: 8. 3- الباكورة 16 نيسان: المسيح بكر الخليقة الجديدة لا 23:9 -14. 4- البنطقستي (عيد الأسابيع أو الخمسين) 6 سيوان : الروح القدس قائد الكنيسة لا 23: 15 - 21، أع 2: 1- 4. 5- الأبواق أو لهتاف 1، 2 تشري (بداية السنة المدنية): المسيح الملك لا 23: 23 - 25. 6- الكفارة 10 تشري: الفداء بالصليب لا 23: 26 - 32، لا 16. 7- المظال 15 - 22 تشري: غرباء نترقب السماء 23: 39 - 43، زك 14: 16. 8- التجديد أو تدشين الهيكل أو الأنوار 25 كسلو- 1 طيبيت: تجديد الهيكل بعد نصرة يهوذا المكابي مكابيين أول 4: 59. 9- الفوريم 14 - 15 آذار: الخلاص في أيام أستير أس 5: 14، 9: 18 - 32. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|