منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 10 - 2024, 12:41 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,632

الملك الشريف الجنس هو الأزلي الأبدي




المولود ملك اليهود


«قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعًا راكبًا على أتان... والجموع الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين أوصنا لابن داود» (مت21: 5-9)
يقول الحكيم «طوبى لك أيتها الأرض إذا كان ملكك ابن شرفاء ورؤساؤك يأكلون في الوقت للقوة لا للسُكْر» (جا10: 17). نعم يا لغبطة الرعية التي يكون من نصيبها ملك شريف الجنس (حيث الحسب والنسب)، ملك تقي (حيث القداسة والأمانة)، ملك رجل لا ولد (حيث القوة والحكمة). نقول إن الرعية، التي يملك عليها ملك كهذا، لها أن تهتف مع الحكيم «طوبى لكِ أيتها الأرض!».
لكن ما هو الحال حين يكون الملك الشريف الجنس هو الأزلي الأبدي، وحين يكون التقي هوالفريد العجيب السماوي، وحين يكون الرجل هو القادر على كل شيء، لا ابن الشرفاء بل ابن الله.
ما أوفر الحظ وما أكبر الفرح لشعب يكون شخص الرب يسوع ملكه. على أن المشغولية وغرض الروح القدس، لا أن نتأمل في حظ وسعادة رعاياه، بل في أن نتأمله في عظمته ورفعته وكمال سلوكه كما يقدِّمه لنا إنجيل متى؛ أي باعتباره الملك.
ففي الأصحاح الأول: سلسلة نسب الملك
ونأخذ منها اسمه - له كل المجد - إذ يخبرنا الكتاب المقدس «فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم» (ع21).
سمعنا، وما أكثر ما سمعناه عن ملوك، لم تخلِّص شعوبها، بل بالأسف خلّصت عليها؛ فمنهم مَنْ في عناده ضحى بالملايين من شعبه، ومنهم في كبريائه وغروره أباد المئات وربما الآلاف، ملوك من أجل أن تعيش كان شعارها ”فليمُت الجميع“. لكننا أمام ملك فريد اسمه «يسوع»؛ وما معنى هذا الاسم الكريم؟ ”يخلِّص“. وممَ يخلِّص؟ «يخلِّص شعبه من خطاياهم»!
ربما سمعنا عن بعض الملوك أو الرؤساء خلّصوا من حروب وويلات ودمار، لكن قَطّ لم تسمع آذاننا عن ملك يخلّص شعبه من خطاياهم. وحين نعلم أن هذا الملك لكي يخلّص بذل نفسه وسفك دمه. كم تخشع قلوبنا من داخلنا ساجدة له، وكم نهتف من أعماقنا مع الرسول قائلين «لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا» (كو1: 14).
يقول الكتاب المقدس أيضًا: «هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا» (ع23). أن يجد شعب ملكًا أمينًا يخاف الله ويتقيه، فيعلِّم الشعب شريعة الرب (2أخ17: 7-9)، هذا من نعمة الله وإحسانه لهذا الشعب. لكن مع عمانوئيل، ليس الموضوع ملك يخاف الله، بل إن هذا الملك إنسان تمامًا وهو الله تمامًا. فحين يجلسون في حضرته، يكونون في حضرة الله، وحين يسمعونه يسمعون الله، وحين يروه إنما يرون الله نفسه!
الأصحاح الثاني: ميلاد الملك
مكان الميلاد ومدينة السكن.
يذكر الوحي المقدس «وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا، لست الصغرى بين رؤساء يهوذا؛ لأنه منك يخرج مدبِّر يرعى شعبي» (مت2: 6). نسمع كثيرًا عن تباهي الملوك بمسقط رؤوسهم، فكلما كانت مدينة الميلاد عظيمة زادت عظمة الملك. لكن إن كان هذا مع ملوك الأرض، فماذا عن ملك المجد، الذي يخلص شعبه من خطاياهم؟ وأي مِن الولايات العظيمة سيختار لكي تتشرف بميلاد شخصه الكريم والعظيم؟ العجب، وكل العجب، أنه اختار أبسط المدن وأصغرها «بيت لحم». ويقول عنه موضع آخر: «قمّطته وأضجعته في المذود، إذ لم يكن لهما موضع في المنزل» (لو2: 6،7). ملك الدهور لم يولد في ولاية عظيمة ولا مدينة كبيرة؛ لكن في مذود للبهائم، في فندق ليس له فيه مكان، هو مسقط رأس هذا الملك الجليل. أي اتضاع عجيب فائق منك يا سيدنا، وأي افتقار أتيت فيه يا ملكنا! «تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه افتقر وهو الغني لكي تستغنوا أنتم بفقره» (2كو8: 9).
أما عن مدينة السكن فيقول البشير متى: «وأتى وسكن في مدينة يُقال لها ناصرة، لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيُدعى ناصريًا» (ع23). كم تعدَّدَت القصور والقلاع والحصون بتعدّد الملوك والرؤساء؛ فملك اليوم لا يرضَى بالسكن في قصر ملك الأمس، وما أن يأتي أحدهم إلى المُلك حتى يبني ويشيّد أكبر وأعظم من كل ما شيّده أسلافه، وذلك ليسكن فيه قليلاً من سنين عمره. لكن ماذا عن سيد الأرض كلها حين أتى؟ لقد أتى وسكن في مدينة يُقال لها ناصرة. ولعلنا نقدر أن نستنتج من التعبير: ”يُقال لها“ أنها مدينة غير معروفة، مجهولة تمامًا، ليس لها ذِكر ولا موضع على خريطة الممالك. حتى أن نثنائيل حين قال له فيلبس «وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء: يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة» (يو1: 45)، صرخ قائلاً له: «أ من الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح؟» (لو1: 46). لقد استكثر نثنائيل على الناصرة أن تُخرج شيئًا صالحًا. لكن ملك المجد لم يرفض أن يتربى في الناصرة! كم ترفّع الملوك على رعاياهم، وكم كانت المسافة كبيرة بينهم وبين أفقرهم وأذلهم، لكن حبيبنا وملكنا ربنا يسوع المسيح سُرَّ بأن يكون وسط أذل الغنم، وأفقر الطبقات، وأحقر كل القرى.
إن شخصه العظيم الجليل غيَّر خريطة العالم ومعالم الأرض، فأشهر وأعظم المدن في كل العالم أصبحت بيت لحم؛ كيف لا والمدبِّر قد خرج منها؟! وأشهر بقعة في كل المسكونة أصبحت الناصرة؛ وكيف لا وملك المجد قد تربّى فيها؟!
آه، ليتنا نطيل المكوث عند قدميه، ونتطلّع إلى سلوكه، ونتعلم معنى الاتضاع منه، لنعيشه.
الأصحاح الثالث: السفير ومعمودية الملك
يقول الكتاب لنا «حينئذ جاء يسوع إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه، ولكن يوحنا منعه قائلاً: ”أنا محتاج أن أعتمد منك، وأنت تأتي إليّ!!“. فأجاب يسوع وقال له: ”اسمح الآن، لأنه يليق بنا أن نكمِّل كلَّ بِرّ“» (مت3: 13-15). شهد يوحنا قبل ذلك بقليل عن الرب قائلاً: «ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحمل حذائه» (مت3: 11)، هذا هو شعور يوحنا نحو ربنا المعبود. فما كان يخطر على باله أن يأتي إليه السيد لكي يعتمد منه، فلاعجب أن يوحنا منعه قائلاً: «أنا محتاج أن اعتمد منك، وأنت تأتي إليَّ؟!».
لكن ما يأخذ بأوتار قلوبنا هو جواب السيد على عبده يوحنا. فهل قال له: ”أنت لا تفهم شيئًا“، أو ”أنا الملك، وأنت دورك فقط أن تعمِّد“، أو ”ليس هذا شأنك“؟ لا، لم يقُل أي من هذه، بل ما أحلى ما قال: «اسمح الآن». هل سمعنا عن ذوقٍ رفيعٍ مثل هذا في التخاطب بين الرؤساء والمرؤوسين؟! على العكس، فأفضل وأعظم الملوك قالوا ما يعفّ اللسان عن ذكره حين تكلموا مع من هم أقل منهم شأنًا. لكن أمام الملك العجيب والفريد نخشع ساجدين قائلين له: ما أعظمك! إن الذوق الذي في كل المسكونة لو تجمَّع وأصبح إنسانًا، لتعلَّم الذوق الرفيع والرقي الأصيل من هذا الشخص الكريم.
وماذا عن كلمة «لأنه يليق بنا»؟! هل السامي والجليل يوضع جنبًا إلى جنب مع أحد عبيده، حتى لو كان سفيره؟ كم تشجَّع يوحنا بهذه الكلمة «يليق بنا». وكأني أسمع يوحنا يردد في قلبه: ”أنا لا أستحق أن أحمل حذاءك وأنت تقول لي: اسمح الآن! أنا أرضي وأنت السماوي تقول لي: يليق بنا“!
آه ليتنا نقترب إليه أكثر بقلوبنا، وبالذوق الصالح منه تصطبغ حياتنا.
الأصحاح الرابع: انتصار الملك
يقول البشير: «ثم أُصعد يسوع إلى البرية ليُجرَّب من إبليس، فبعدما صام أربعين نهارًا وأربعين ليلة جاع أخيرًا، فتقدَّم إليه المجرِّب وقال له: إن كنت ابن الله فقُل أن تصير هذه الحجارة خبزًا» (مت4 : 4). ما مِن إنسان عاش على الأرض، وجرَّبه الشيطان، إلا وخرَّ صريعًا أمام تجارب إبليس وسقط. فمنذ البدء، لم يستطع آدم وحواء الصمود أمام كلمات الشيطان الخادعة الكاذبة، مع أنه كانت لهما كل الإمكانيات والمشجعات لكي يُثبِّتا ولائهما للرب الإله: فالمكان جنة مِن صنع الله، وهما على صورة الله، والنفخة نسمة من الرب الإله، والثمار كل ما هو شهي وجيد للنظر، والسلطان ما أعلاه على كل الخليقة، والمعين نظيره مصنوع بيد الله. لكن بالرغم من كل هذا، أمام ثمرة من ثمار شجرة معرفة الخير والشر، سقط الإنسان الأول وهوى من أعلى القمة إلى حضيض القاع.
لكن ماذا عن الإنسان الثاني، الذي كان الحال معه مختلفًا تمامًا: فليس في جنة ولكن في البرية، وليس حوله أشجار وثمار ولكنه بعد أن صام أربعين نهارًا وأربعين ليلة، يقول الكتاب «جاع أخيرًا».
إن غريزة الجوع من أصعب الغرائز وأشدها في الإنسان، فما أكثر ما طوَّح الجوع بعيدًا بالقديسين وأسقطهم: فبسبب ثمرة واحدة ضاع الجنس البشري وهلك (تك3). وأبو المؤمنين، إبراهيم، بسبب الجوع لم يرجع إلى بيت إيل بل انحدر إلى مصر، وهناك فقد أغلى وأعز مَن على قلبه؛ زوجته سارة (تك12: 10). وإسحاق أيضًا، في شيخوخته، من أجل الأكل أراد أن يعطي البركة لعيسو على عكس فكر وقول الرب لزوجته (تك27: 1-4). وشعب الرب، بعد أن أخرجهم الرب من مصر، تذمّروا على موسى وهارون، وتمنّوا الموت عندما تذكروا قدور اللحم فيها (خر16: 2،3). وأول مشاجرة في كنيسة الله في العهد الجديد بين اليونانيين والعبرانيين كانت بسبب الأكل والموائد (أع6: 1،2).
لكن ماذا عن الإنسان الثاني، حين امتُحن وهو صائم أربعين يومًا؛ كيف تصرّف حين عرض عليه الشيطان أن يصنع معجزة، وما أسهلها بالنسبة له، ليحوِّل الحجر إلى خبز ويأكل! ما أروع ما أجاب به «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله»! إن كل إنسان يأكل حينما يشعر بالجوع، لكن الإنسان الكامل العجيب لا يأكل إلا إذا كانت هذه مشيئة السماء. ما أعظم صفاته! ما أجمل طاعته!
آه، ليت نفوسنا تتعلم من شخصه الكريم كيف تطيع السماء حتى في أحلك الأوقات وأشدها. بل ليتنا نتعلم أن نقول لأنفسنا ”لا“ حين لا تقول السماء لنا ”نعم“.
يذكر البشير أيضًا «وكان يسوع يطوف الجليل يعلِّم في مجامعهم، ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب» (مت4: 23). إن أصحاب المراكز العالية، على قدر عظمة مركزهم بهذا القدر يصعب التقابل معهم، حتى أنك ربما تنتظر الأسابيع أو الشهور ليتحدد لك موعد للالتقاء بأحدهم. لكن ماذا عن صاحب المركز الرفيع، الأكبر والأعظم، الأول والآخر، البداية والنهاية؟ «كان يطوف كل الجليل يعلّم في مجامعهم»، ما أروع سلوكه! فمع أن قداسته جعلته منفصلاً عن شرّ الأشرار، لكن نعمته ومحبته جعلتاه قريبًا من كل المساكين والخطاة!
هل رأينا ملك يطوف على قدميه المدينة تلو الأخرى: يتفقد الرعية ويعلّم الشعب، يشفي كل مرض ويبرئ كل سقام، يسدّد الاحتياج، ويملأ الأعواز؟!
كم نحتاج أن نتعلم من سلوكه: فحين يرسلنا بالنعمة، ويقبل أن يستخدمنا، لا يكون هذا مدعاة للتعالي أو التباهي، ولا للشعور بأنه أصبح لنا مكانة خاصة، فنعمل بيننا وبين الآخرين مسافة، بل على العكس ليكن هذا النموذج أمام عيوننا، فيكون الاتضاع أوفر، ولتكن التضحية من أجل الآخرين أكبر، وليكن شعارنا أنه مهما عملنا من البر فنحن عبيد بطالون.
الأصحاح من الخامس إلى السابع: خطاب الملك (مبادئ مملكة الملك)
«سمعتم أنه قيل: لا تقتل... وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم، ومن قال لأخيه: رقًا، يكون مستوجب المجمع، ومن قال: يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم» (مت5: 21-24).
من قديم الأيام وأنظمة العالم تقوم على المبدإ المشهور ”فرِّق تَسُد“، لكن في مملكة سيدنا الكريم هو يسود على الجميع بالحب لا بالفرقة. فبين رعية الملك العظيم لا مجال للخصام ولا للجدال أو حتى الغضب، فالجميع إخوة، والحب الإلهي هو الجو السائد.
«وسمعتم أنه قيل للقدماء: لا تحنث، بل أوفِ للرَّب أقسامك. وأما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا البتة ... بل ليكن كلامكم: نعم نعم، لا لا؛ وما زاد على ذلك فهو من الشرير» (مت5: 33-37). ما أكثر الأقسام والحلف في العالم، والكذب والخداع هما من أهم مبادئها. أما مملكة الرب يسوع، فليس فيها سوى ”لا“ و”نعم“، وما زاد على ذلك فهو من الشرير.
«سمعتم أنه قيل: عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدِّك الأيمن فحوِّل له الآخر أيضًا» (مت5: 38-42). تعدّدت وسائل الانتقام، وكثرت مقاومة الشر بين الناس. لكن في مملكة فادينا الكريم لا يوجد فيها شيء من الضغينة أو الانتقام، بل كل ما فيها صفح وتسامح وغفران.
الأصحاح الثامن والتاسع: سلطان الملك أو معجزات الملك
أرسل قديمًا ملك آرام مكتوبًا لملك إسرائيل قائلاً له: «فالآن عند وصول هذا الكتاب إليك، هوذا قد أرسلت إليك نعمان عبدي، فاشفِه من برصه»؛ فما كان من ملك إسرائيل، بعد أن قرأ الرسالة، سوى أنه مزّق ثيابه، وقال «هل أنا الله لكي أميت وأحيي، حتى أن هذا يرسل إلىّ أن أشفي رجلاً من برصه؟» (2مل5: 6،7). هذا عن واحد من ملوك الأرض، وموقفه إزاء أحد البُرَّص. أما نحن فإننا أمام ملك عجيب، سلطانه سلطان عظيم. فالبرص يهرب من أمامه، والشلل يختفي من كلامه، والحمى تخرج من لمسته، والريح والبحر جميعًا تطيعانه! على أن بيت القصيد هو ما أظهره هذا المجيد والعجيب، وهو يباشر سلطانه العظيم: فمع الأبرص أظهر الحنان، ومع قائد المئة أظهر حب العطاء، ومع حماة بطرس أظهر أحشاء الرأفات، ومع الرياح والبحر أظهر السلطان، ومع نازفة الدم أظهر الحنان الأبوي. فما أعجب هذا!
عند الناس: على قدر ما يوجد السلطان بهذا القدر يختفي الحنان! فهذه التركيبة العجيبة والمزيج الفريد من السلطان والفضائل الإلهية لن تجدها إلا في شخصه الكريم، وفي من يعيشون بالقرب منه متأملين ناظرين.
الأصحاح الحادي عشر: مكافأة سفير الملك.
إن الإقصاء عن المراكز والعزل من المناصب شائع بين الناس، ومهما كانت الخدمة ودرجة التضحية، فعند أول خطإ أو تقصير تتم الإطاحة بالشخص فورًا. أما ربنا الغالي وملكنا المُنعم، فهو لا يضحي بواحد من خدامه ولا أي من رعاياه، مهما كان الضعف، ومهما وصل به الفشل.
خدم يوحنا المعمدان خدمة جليلة، وشهد لليهود شهادة جليلة عن الرب. كم هو عظيم يوحنا المعمدان، ذاك الذي لم ينحنِ مرة واحدة في حياته. لكنه حينما دخل السجن، بسبب شهادته، عثر وسقط في الشك. وأرسل اثنين إلى الرب يقول: «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟» (مت11: 2،3).
ماذا فعل الملك الكريم تجاه عبده المسكين؟ لقد وجد الرب من المناسب أن يكافئ عبده على خدمته وشهادته عنه، فها هو السيد يتكلم أمام الجموع عن يوحنا بأروع العبارات وأجمل الكلمات. ولعلنا نتساءل: كيف يكافأ الواحد وهو ساقط وفاشل؟ إن العالم لا يكافئ أحدهم إلا حين يثبت نجاحه ويحقق الانتصار وراء الانتصار؛ ويعزل من المنصب عند أول فشل أو سقوط أو إخفاق. نعم هذه عين الحقيقة في ممالك العالم، أما مع ملكنا السامي فالموضوع يختلف تمامًا؛ ففشل يوحنا وسقوطه لم يُنسِ الرب الخدمة الجليلة والشهادة العظيمة التي أدّاها يوحنا قبل ذلك. وصدق أحدهم حين قال ”لقد كَفَّ يوحنا عن الشهادة للرب، فبدأ الرب نفسه الشهادة عن يوحنا“.
قال الرب عن يوحنا: «ماذا خرجتم لتنظروا، أ نبيًا؟ نعم أقول لكم، وأفضل من نبي» (مت11: 9). لقد سألوا يوحنا، في يوم شهادته عن الرب، «ألنبي أنت؟ فأجاب: لا» (يو1: 21). فكأن الرب يقول عنه: لا أنسى له أنه أخفى نفسه لكي يظهرني، والآن أنا أقول عنه إنه أفضل من نبي.
قال الرب عن يوحنا: «فإن هذا هو الذي كتب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي» (مت11: 1). قال يوحنا في شهادته عن الرب، ثلاث مرات، هذا التعبير «هذا هو» (يو1: 30،33،34)؛ وكأن الرب يقول للجموع عنه: لا أنسى أنه شهد عني قائلاً «هذا هو» ثلاث مرات، والآن أنا أقول عنه أيضًا ”هذا هو“.
قال الرب عن يوحنا «الحق الحق أقول لكم: لم يقُم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان» (مت11: 11). قال يوحنا لليهود عن الرب «في وسطكم قائم»، وكأن الرب يقول عنه للشعب: أنا لا أنسى أنه قال عني إنني قائم، والآن أنا أقول عنه أيضًا «لم يقم بين المولودين».
تبارك اسم إلهنا وسيدنا وملكنا وحبيب قلوبنا، الذي لا يضحي بالعاثر والفاشل والساقط. إنه ملك عظيم جليل وفاضل كريم ورحيم. ليس مثله نظير.
وعن هذا الملك العظيم نقرأ في خاتمة الإنجيل أنه ذهب ليموت عن رعيته. أبدًا لم يحدث أن ملك مات لأجل شعبه. لكنه إذ رأى أنه ليس هناك وسيلة بها ينقذ رعاياه من الهلاك سوى موته بالصلب، ذهب ومات من أجلهم مرفوعًا على الصليب.
عزيزي القارئ:
ما أعظم شخصه! وما أمجد صفاته! ما أروع اتضاعه! ما أكرم حبه! ليس سواه يستحق أن يملك على قلوبنا وحياتنا. ليتنا نزداد له تقديرًا وإعجابًا وإجلالاً. وكرعيته لا نكفّ عن التطلع والنظر إليه، والتأمل الدائم في سلوك شخصه، فينطبع جماله وكماله الأدبي فينا؛ إلى أن نلتقي به قريبًا؛ ذاك الذي له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الرب، الذي هو «الشريف الجنس»
ملكي صادق | رمز للمسيح الأزلي الأبدي
إن الخطية الأصلية - الدنس الأصلي
الملك الشريف الجنس
السيد المسيح أعلن أنه الأزلى الأبدى


الساعة الآن 04:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024